الإمام علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
أبو الحسن، ويقال له(عليه السلام) أيضاً: أبو الحسن الثالث؛ تمييزاً له عن الإمام علي الرضا(عليه السلام) فإنّه أبو الحسن الثاني... .
الهادي، المتوكّل، الفتّاح، النقي، المرتضى، النجيب، العالم... وأشهرها الهادي.
15 ذو الحجّة 212ﻫ، وقيل: 2 رجب 212ﻫ، المدينة المنوّرة، قرية صريا، تبعد ثلاث أميال عن المدينة المنوّرة.
أُمّه السيّدة سُمانة المغربية، وهي جارية، وزوجته السيّدة سَوسَن، وهي أيضاً جارية.
عمره 42 سنة، وإمامته 33 سنة.
المعتصم، الواثق، المتوكّل.
أجمع أرباب التاريخ والسير على أنّ الإمام(عليه السلام) كان علماً لا يجارى من بين أعلام عصره، وقد ذكر الشيخ الطوسي في كتابه (رجال الطوسي) مائة وخمسة وثمانين تلميذاً وراوياً، تتلمذوا عنده ورووا عنه.
وكان مرجع أهل العلم والفقه والشريعة، وحفلت كتب الرواية والحديث والمناظرة والفقه والتفسير وأمثالها بما أُثر عنه، واستلهم من علومه ومعارفه.
قال محمّد بن الحسن الأشتر العلوي: «كنت مع أبي على باب المتوكّل في جمع من الناس ما بين طالبي إلى عبّاسي وجعفري، فتحالفوا لا نترجّل لهذا الغلام، فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا ـ يعنون أبا الحسن(عليه السلام) ـ فما هو إلّا أن أقبل وبصروا حتّى ترجّل له الناس كلّهم، فقال لهم أبو هاشم: أليس زعمتم أنّكم لا تترجّلون له؟ فقالوا له: والله ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجّلنا»(1).
من خصائص الأئمّة(عليهم السلام) ارتباطهم المنقطع النظير بالله تعالى وبعالم الغيب، وذلك هو مقام العصمة والإمامة، ولهم ـ كالأنبياء ـ معاجز وكرامات، توثق ارتباطهم بالله تعالى، كونهم أئمّة معصومين، وللإمام الهادي(عليه السلام) أيضاً معاجز وكرامات سجّلتها كتب التاريخ، منها:
1ـ تتوّج بالإمامة العامّة في الثامنة من عمره الشريف(عليه السلام)، وهذا منصب يعجز عنه الكبار فضلاً عن الصغار، إلّا بتأييد من الله تعالى.
2ـ قدم خيران الأسباطي إلى المدينة المنوّرة، وجاء إلى الإمام الهادي(عليه السلام)، فسأله(عليه السلام) عن أخبار الواثق، فقال له خيران: خلّفته منذ عشرة أيام بخير وعافية، فقال له الإمام(عليه السلام): «لابدّ أن تجري مقادير الله وأحكامه، يا خيران، لقد مات الواثق وجاء المتوكّل بمكانه».
فقال خيران: متى جُعلت فداك؟ فقال: «بعد خروجك بستّة أيّام»، وبالفعل لم يمض سوى عدّة أيّام حتّى جاء مبعوث المتوكّل وشرح الأحداث، فكانت كما نقلها الإمام الهادي(عليه السلام)(2).
3ـ أمر المتوكّل بإحضار ثلاثة سباع، فجيء بها إلى صحن قصره، ثمّ دعا الإمام الهادي(عليه السلام)، فلمّا دخل أغلق باب القصر، فدارت السباع حول الإمام(عليه السلام) وخضعت له، وهو يمسحها بكمّه.
ثمّ خرج فأتبعه المتوكّل بجائزة عظيمة، فقيل للمتوكّل: إنّ ابن عمّك ـ أي الإمام(عليه السلام) ـ يفعل بالسباع ما رأيت، فافعل بها ما فعل ابن عمّك، قال: أنتم تريدون قتلي، ثمّ أمرهم ألاّ يتكلّموا بذلك(3).
لقد دوهم بيت الإمام(عليه السلام) ليلاً من قبل شراذم السلطة في مدينة سامراء، وتمّ تفتيشه فلم يجدوا فيه شيئاً يحسبونه وثيقة إدانة له، بل وجدوا الإمام(عليه السلام) جالساً على الحصى والرمل، وهو متّجه صوب القبلة إلى الله جلّ وعزّ، وكان يتلو آياتاً من القرآن الكريم، فحملوه على حالته هذه إلى المتوكّل العبّاسي ـ وهو أطغى سلاطين عصرهم ـ وأدخلوه عليه بحالته تلك، وكان الطاغية المتوكّل في مجلس شراب ولهو، وكان بيده كأس الخمر، فناوله إلى الإمام(عليه السلام)، فامتنع(عليه السلام) منه وقال: «والله ما يخامر لحمي ودمي قطّ، فاعفني»، فأعفاه فقال: أنشدني شعراً، فقال(عليه السلام): «أنا قليل الرواية للشعر»، فقال المتوكّل: لابدّ، فأنشده الإمام(عليه السلام):
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم ** غلبُ الرجال فما أغنتهم القلل
واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم ** وأُسكنوا حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم ** أين الأساور والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعّمة ** من دونها تُضربُ الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم ** تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا ** فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا
فبكى المتوكّل حتّى بُلّ لحيته، كما بكى الحاضرون، ثمّ ردّه إلى منزله مكرّماً(4).
3 رجب 254ﻫ، سامراء، العراق.
قُتل(عليه السلام) مسموماً في زمن الخليفة العبّاسي المتوكّل.
1ـ قال(عليه السلام): «من جمع لك ودّه ورأيه، فاجمع له طاعتك»(5).
2ـ قال(عليه السلام): «من هانت عليه نفسه فلا تأمن شرّه»(6).
3ـ قال(عليه السلام): «الدنيا سوق، ربح فيها قوم وخسر فيها آخرون»(7).
4ـ قال(عليه السلام): «من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه»(8).
5ـ قال(عليه السلام): «الهزل فكاهة السفهاء، وصناعة الجهّال»(9).
ــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مناقب آل أبي طالب 3/511.
2ـ اُنظر: الكافي 1/498.
3ـ اُنظر: ينابيع المودّة 3/129.
4ـ بحار الأنوار 50/212.
5ـ تحف العقول: 483.
6ـ المصدر السابق.
7ـ المصدر السابق.
8ـ بحار الأنوار 69/316.
9ـ المصدر السابق 75/369.