معجزاته وكراماته

شُعاعٌ من نور خير الولاة وقاضي الحاجات نور الله في الظُّلُمات

حضرة الإمام العالِم موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام

 

 

  

* محمد بن جرير الطبري في نوادر المعجزات, حدثنا علي بن إبراهيم المصري، عن صراد بن الارمور، يرفعه إلى المفضل بن عمر قال: كنت بين يدي مولاي موسى بن جعفر عليه السلام وكان الوقت شتاءاً شديد البرد، وعلى مولاي عليه السلام جبة حرير صيني سوداء، وعلى رأسه عمامة خز صفراء وبين يديه رجل يقال له مهران بن صدقة، كان كاتبه وعليه طاق قميص، وهو يرتعد بين يديه من شدة البرد, فقال له المولى عليه السلام: ما استوفيت واجبك؟ فقال: بلى, فقال: أفلا أعددت لمثل هذا اليوم ما يدفع عن نفسك البرد؟! فقال: يا مولاي ما علمت أن يأتي الزمهرير عاجلاً!

فقال عليه السلام: أما إنك يا مهران لشاك في مولاك موسى؟ فقال: إنما أنا شاك فيك لأنه ما ظهر في الائمة أسود مثلك أو غيرك! فقال عليه السلام: ويلك! لا تخاف من سطوات رب العالمين ونقمته! ويلك سأُزيل الشك عن قلبك إن شاء الله, فاستدعى البواب فقال: لا تدعه يدخل إليَّ بعد هذا اليوم إلا أن آذن له بذلك, فخرج من بين يديه وهو يقول: واسوءة منقلباه! وخرج إلى الجبانة فإذا السحب قد انقطعت، والغيوم قد انقشعت وكان يتردد متفكراً، فإذا هو بقصر قد حفت به النخيل والاشجار والرياحين، وإذا بابه مفتوح، فدنا من الباب ودخل القصر, فإذا به ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين، وإذا مولاي عليه السلام على سرير من ذهب ونور وجهه يبهر نور الشمس، وحواليه خدم ووصائف فلما رآه تحير! فقال له: يا مهران مولاك أسود أم أبيض؟! فخر مهران ساجداً, فقال عليه السلام: لولا ما سبق لك عندنا من الخدمة، لأنزلنا بك النقمة, قال: فألهمني الله أن أقرأ: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}[1] ثم غاب عني القصر ومن فيه، وعدت إلى موضعي وأنا مذعور وإذا أنا بمولاي، هو على بغلة، فقال لها: قولي له, فقالت لي البغلة بلسان فصيح: ما كان مولاك؟ أسود أم أبيض؟ فخررت ساجداً! فقال: إرفع رأسك فقد عفوت عنك, فإن قولك من قلة معرفتك, ثم قال لي: انظر الساعة, فرأيته كالقمر المنير ليلة تمامه! ثم قال: أنا ذلك الأسود، وأنا ذلك الأبيض، ثم هوى من البغلة وقال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسول}[2].[3]

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن محمد بن عيسى, عن بعض أصحابنا, عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: إن الله عز وجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أو هم, فوقيتهم والله بنفسي.[4]

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة,حدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري، قال: حدثني أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن أبي عقيلة، عن أحمد التبان، قال: كنت نائماً على فراشي، فما أحسست إلا ورجل قد رفسني برجله، فقال لي: يا هذا ينام شيعة آل محمد؟ فقمت فزعاً، فلما رآني فزعاً ضمني إلى صدره، فالتفت فإذا إنا بأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فقال: يا أحمد، توضأ للصلاة، فتوضأت، وأخذني بيدي، فأخرجني من باب داري، وكان باب الدار مغلقاً، ما أدري من أين أخرجني! فإذا أنا بناقة معقلة له، فحل عقالها وأردفني خلفه، وسار بي غير بعيد، فأنزلني موضعاً فصلى بي أربعاً وعشرين ركعة, ثم قال: يا أحمد، تدري في أي موضع أنت؟ قلت: الله ورسوله ووليه وابن رسوله أعلم, قال: هذا قبر جدي الحسين بن علي عليه السلام, ثم سار غير بعيد حتى أتى الكوفة، وإن الكلاب والحرس لقيام، ما من كلب ولا حارس يبصر شيئاً، فأدخلني المسجد، وإني لأعرفه وأنكره، فصلى بي سبع عشرة ركعة، ثم قال: يا أحمد، تدري أين أنت؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، قال: هذا مسجد الكوفة، وهذه الطست, ثم سار غير بعيد وأنزلني، فصلى بي أربعاً وعشرين ركعة، ثم قال: يا أحمد، أتدري أين أنت؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم, قال: هذا قبر جدي علي بن أبي طالب عليه السلام, ثم سار بي غير بعيد، فأنزلني، فقال لي: أين أنت؟ قلت: الله، ورسوله، وابن رسوله أعلم، قال: هذا الخليل إبراهيم, ثم سار بي غير بعيد، فأدخلني مكة، وإني لأعرف البيت وبئر زمزم وبيت الشراب، فقال لي: يا أحمد، أتدري أين أنت؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم, قال: هذه مكة، وهذا البيت، وهذه زمزم، وهذا بيت الشراب، ثم سار بي غير بعيد، فأدخلني مسجد النبي صلى الله عليه وآله وقبره، فصلى بي أربعاً وعشرين ركعة، ثم قال لي: أتدري أين أنت؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم, قال: هذا مسجد جدي رسول الله وقبره, ثم سار بي غير بعيد، فأتى بي الشعب، شعب أبي جبير، فقال: يا أحمد، تريد أريك من دلالات الإمام؟ قلت: نعم, قال: يا ليل أدبر, فأدبر الليل عنا, ثم قال: يا نهار أقبل, فأقبل النهار إلينا بالنور العظيم وبالشمس حتى رجعت بيضاء نقية، فصلينا الزوال، ثم قال: يا نهار أدبر، يا ليل أقبل, فأقبل علينا الليل حتى صلينا المغرب، قال: يا أحمد، أرأيت؟ قلت: حسبي هذا يا بن رسول الله, فسار حتى أتى بي جبلاً محيطاً بالدنيا، ما الدنيا عنده إلا مثل سُكُرُّجة[5]، فقال: أتدري أين أنت؟ قلت الله ورسوله وابن رسوله أعلم! قال: هذا جبل محيط بالدنيا, وإذا أنا بقوم عليهم ثياب بيض، فقال: يا أحمد، هؤلاء قوم موسى، فسلم عليهم, فسلمت عليهم فردوا علينا السلام, قلت: يا بن رسول الله قد نعست, قال: تريد أن تنام على فراشك؟ قلت: نعم، فركض برجله ركضة، ثم قال: نم، فإذا أنا في منزلي نائم، وتوضأت وصليت الغداة في منزلي.[6]

 

* إبن شهر آشوب في المناقب, عن كتاب الانوار قال العامري: إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر عليه السلام جارية خصيفة لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن فقال: قل له: {بل أنتم بهديتكم تفرحون}[7] لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها قال: فاستطار هارون غضباً! وقال: إرجع إليه وقل له: ليس برضاك حبسناك ولا برضاك خدمناك واترك الجارية عنده وانصرف، قال: فمضى ورجع، ثم قام هارون عن مجلسه وأنفذ الخادم إليه ليتفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول: قدوس سبحانك سبحانك! فقال هارون: سحرها والله موسى بن جعفر بسحره، عليّ بها، فأتي بها وهي ترتعد شاخصة نحو السماء بصرها فقال: ما شأنك؟! قالت: شأني الشأن البديع, إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلي ليله ونهاره، فلما انصرف من صلاته بوجهه وهو يسبح الله ويقدسه، قلت: يا سيدي هل لك حاجة أعطيكها؟ قال: وما حاجتي إليك! قلت: إني أدخلت عليك لحوائجك، قال: فما بال هؤلاء؟! قالت: فالتفت فإذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري ولا أولها من آخرها فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج وعليها وصفاء ووصايف لم أر مثل وجوهم حسناً ولا مثل لباسهم لباساً عليهم الحرير الأخضر والأكاليل والدر والياقوت وفي أيديهم الاباريق والمناديل ومن كل الطعام فخررت ساجدة! حتى أقامني هذا الخادم فرأيت نفسي حيث كنت, قال فقال هارون: يا خبيثة لعلك سجدت فنمت فرأيت هذا في منامك، قالت: لا والله يا سيدي إلا قبل سجودي رأيت فسجدت من أجل ذلك، فقال الرشيد: اقبض هذه الخبيثة إليك فلا يسمع هذا منها أحد فأقبلت في الصلاة فإذا قيل لها في ذلك، قالت هكذا رأيت العبد الصالح، فسئلت عن قولها قالت: إني لما عاينت من الأمر نادتني الجواري يا فلانة إبعدي عن العبد الصالح حتى ندخل عليه فنحن له دونك، فما زالت كذلك حتى ماتت وذلك قبل موت موسى بأيام يسيرة.[8]

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة,حدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع قال: قال الاعمش: رأيت موسى بن جعفر عليه السلام وقد أتى شجرة مقطوعة موضوعة فمسها بيده فأورقت، ثم اجتنى منها ثمراً وأطعمني.[9]

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة,حدثنا سفيان قال: حدثنا وكيع, عن إبراهيم بن الاسود, قال: رأيت موسى بن جعفر عليه السلام صعد إلى السماء ونزل ومعه حربة من نور فقال: أتخوفونني بهذا؟! - يعني الرشيد - لو شئت لطعنته بهذه الحربة, فأُبلغ ذلك الرشيد فأغمي ثلاثاً وأطلقه.[10]

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثني الحسين بن محمد بن عامر, عن معلى بن محمد بن عبد الله, عن بشير عن عثمان بن مروان, عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام فأطلتُ الجلوس عنده, فقال: أتحب أن ترى أبا عبد الله عليه السلام فقلت: وددت والله! فقال: قم وادخل ذلك البيت, فدخلت البيت فإذا هو أبو عبد الله صلوات الله عليه قاعد.[11]

 

* الحافظ رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين, روى المسيب أن الرشيد لما أراد قتل موسىبن جعفر عليه السلام أرسل إلى عماله في الأطراف فقال: التمسوا إلى قوم ما لا يعرفون الله أستعين بهم في مهم لي, فأرسلوا إليه قوماً يقال لهم العبدة, فلما قدموا عليه وكانوا خمسين رجلاً أنزلهم في بيت من بيوت داره قريب المطبخ, ثم حمل إليهم المال والثياب والجواهر والأشربة والخدم, ثم استدعاهم وقال: من ربكم؟ فقالوا: ما نعرف رباً وما سمعنا بهذه الكلمة, فخلع عليهم, ثم قال للترجمان: قل لهم إن لي عدواً في هذه الحجرة فادلوا إليه فقطعوه, فدخلوا بأسلحتهم على أبي موسى عليه السلام والرشيد ينظر ماذا يفعلون, فلما رأوه رموا أسلحتهم وخروا له سجداً فجعل موسى يمر يده على رؤوسهم وهم يبكون, وهو يخاطبهم بألسنتهم, فلما رأى الرشيد ذلك غشي عليه وصاح بالترجمان أخرجهم, فأخرجهم يمشون القهقري إجلالاً لموسى عليه السلام, ثم ركبوا خيولهم وأخذوا الأموال ومضوا.[12]

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة, حدثنا علقمة بن شريك بن أسلم, عن موسى بن هامان, قال: رأيت موسى بن جعفر عليه السلام في حبس الرشيد وتنزل عليه مائدة من السماء, ويُطعم أهل السجن كلهم ثم يصعد بها من غير أن ينقص منها شيء.[13]

 

* محمد بن جرير الطبري في نوادر المعجزات,حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قال إبراهيم بن سعد: أُدخل إلى موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه سباع لتأكله، فجعلت تلوذ به وتبصبص له وتدعوا له بالامامة، وتعوذ به من شر الرشيد, فأبلغ ذلك الرشيد، فأطلق عنه، وقال: أخاف أن تقع الفتن. [14]

 

* الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام, حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعاً, عن أحمد بن محمد بن عيسى, عن الحسن بن علي بن يقطين, عن أخيه الحسين, عن أبيه علي بن يقطين قال: استدعى الرشيد رجلاً يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه ويقطعه ويخجله في المسجد فانتدب رجل معزم[15] فلما أُحضرت المائدة عمل ناموساً على الخبز فكان كلما رام أبو الحسن عليه السلام تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه واستفز من هارون الفرح والضحك لذلك فلم يلبث أبو الحسن عليه السلام أن رفع رأسه إلى أسد مصوّر على بعض الستور فقال له: يا أسد خذ عدو الله! قال: فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المعزم!! فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشياً عليهم فطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه فلما أفاقوا ذلك قال هارون لأبي الحسن عليه السلام: سألتك بحقي عليك لما سألت الصورة أن ترد الرجل فقال: إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل فكان ذلك أعمَل الأشياء في إفاته[16] نفسه.[17]

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعاً، عن محمد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر قال: كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام وأتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان ومعه راهبة، فاستأذن لهما الفضل بن سوار، فقال له: إذا كان غداً فأت بهما عند بئر أم خير، قال: فوافينا من الغد فوجدنا القوم قد وافوا فأمر بخصفة بواري، ثم جلس وجلسوا فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة، كل ذلك يجيبها، وسألها أبو إبراهيم عليه السلام عن أشياء، لم يكن عندها فيه شيء، ثم أسلمت ثم أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في كل ما يسأله، فقال الراهب: قد كنت قوياً على ديني وما خلفت أحداً من النصارى في الارض يبلغ مبلغي في العلم ولقد سمعت برجل في الهند، إذا شاء حج إلى بيت المقدس في يوم وليلة، ثم رجع إلى منزله بأرض الهند فسألت عنه بأي أرض هو؟ فقيل لي: إنه بسبذان وسألت الذي أخبرني فقال: هو عَلِمَ الاسم الذي ظفر به آصف صاحب سليمان لما أتى بعرش سبأ وهو الذي ذكره الله لكم في كتابكم ولنا معشر الاديان في كتبنا، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: فكم لله من اسم لا يرد؟ فقال الراهب: الاسماء كثيرة فأما المحتوم منها الذي لا يُرد سائله فسبعة، فقال له أبو الحسن عليه السلام: فأخبرني عما تحفظ منها، قال الراهب لا والله الذي أنزل التوراة على موسى وجعل عيسى عبرة للعالمين وفتنة لشكر أولي الالباب وجعل محمداً بركة ورحمة وجعل علياً عليه السلام عبرة وبصيرة وجعل الاوصياء من نسله ونسل محمد ما أدري! ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: عد إلى حديث الهندي، فقال له الراهب: سمعت بهذه الاسماء ولا أدري ما بطانتها ولا شرائحها ولا أدري ما هي ولا كيف هي ولا بِدُعائها، فانطلقت حتى قدمت سبذان الهند، فسألت عن الرجل، فقيل لي: إنه بنى ديراً في جبل فصار لا يخرج ولا يُرى إلا في كل سنة مرتين وزعمت الهند أن الله فجر له عيناً في ديره, وزعمت الهند أنه يُزرع له من غير زرع يلقيه ويُحرث له من غير حرث يعمله، فانتهيت إلى بابه فأقمت ثلاثاً، لا أدق الباب ولا أعالج الباب، فلما كان اليوم الرابع فتح الله الباب وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها، يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن فدفعت الباب فانفتح فتبعتها ودخلت، فوجدت الرجل قائماً ينظر إلى السماء فيبكي! وينظر إلى الارض فيبكي! وينظر إلى الجبال فيبكي! فقلت: سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا، فقال لي: والله ما أنا إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك! فقلت له: أُخبرت أن عندك اسماً من أسماء الله تبلغ به في كل يوم وليلة بيت المَقدس وترجع إلى بيتك، فقال لي: وهل تعرف بيت المَقدس؟ قلت: لا أعرف إلا بيت المَقدس الذي بالشام؟ قال: ليس بيت المَقدس ولكنه البيت المُقدَّس, وهو بيت آل محمد صلى الله عليه وآله، فقلت له: أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المَقدس، فقال لي: تلك محاريب الأنبياء، وإنما كان يقال لها: حظيرة المحاريب، حتى جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وقرب البلاء من أهل الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الاسماء وهو قول الله تبارك وتعالى, البطن لآل محمد والظهر مثل: {إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان} فقلت له: إني قد ضربت إليك من بلد بعيد، تعرضت إليك بحاراً وغموماً وهموماً وخوفاً وأصبحت وأمسيت مُؤيَساً إلا أكون ظفرت بحاجتي، فقال لي: ما أرى أمك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم, ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بامك إلا وقد اغتسل وجاءها على طهر, ولا أزعم إلا أنه قد كان درس السفر الرابع من سحره ذلك، فخُتم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق حتى تنزل مدينة محمد صلى الله عليه وآله التي يقال لها طيبة وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب، ثم اعمد إلى موضع منها يقال له: البقيع، ثم سل عن دار يقال لها دار مروان، فانزلها وأقم ثلاثاً ثم سل عن الشيخ الاسود الذي يكون على بابها يعمل البواري وهي في بلادهم، اسمها الخصف، فالطف بالشيخ وقل له: بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الاربع، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني وسله أين ناديه وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه أو يصفه لك، فتعرفه بالصفة وسأصفه لك، قلت: فإذا لقيته فأصنع ماذا؟ قال: سله عما كان وعما هو كائن وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: قد نصحك صاحبك الذي لقيت، فقال الراهب ما اسمه جُعلت فداك؟ قال: هو متمم بن فيروز وهو من أبناء الفرس وهو ممن آمن بالله وحده لا شريك له وعبده بالاخلاص والايقان وفر من قومه لما خافهم، فوهب له ربه حكماً وهداه لسبيل الرشاد وجعله من المتقين وعرف بينه وبين عباده المخلصين وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجاً ويعتمر في رأس كل شهر مرة ويجييء من موضعه من الهند إلى مكة، فضلاً من الله وعوناً وكذلك يجزي الله الشاكرين.

ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة، كل ذلك يجيبه فيها وسأل الراهب عن أشياء، لم يكن عند الراهب فيها شيء، فأخبره بها، ثم إن الراهب قال: أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فَتَبَيَّنَ في الارض منها أربعة وبقي في الهواء منها أربعة، على من نزلت تلك الاربعة التي في الهواء ومن يفسرها؟ قال: ذاك قائمنا، يُنزله الله عليه فيفسره وينزل عليه ما لم ينزل على الصديقين والرسل والمهتدين، ثم قال الراهب: فأخبرني عن الاثنين من تلك الاربعة الأحرف التي في الارض ما هي؟ قال: أخبرك بالاربعة كلها، أما أولهن فلا إله إلا الله وحده لا شريك له باقياً، والثانية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله مخلصاً، والثالثة نحن أهل البيت، والرابعة شيعتنا منا ونحن من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله من الله بسبب، فقال له الراهب، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن ما جاء به من عند الله حق وأنكم صفوة الله من خلقه وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون ولهم عاقبة الله رب العالمين، فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبة خز وقميص قوهي[18] وطيلسان وخف وقلنسوة، فأعطاه إياها وصلى الظهر وقال له: اختتن، فقال: قد اختتنت في سابعي[19].[20]

 

* الحافظ رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين, روى صفوان الجمال بن مهران قال: أمرني سيدي أبو عبد الله عليه السلام يوماً أن أقدم ناقته على باب الدار، فجئت بها، قال: فخرج أبو الحسن موسى مسرعاً وهو ابن ست سنين[21] فاستوى على ظهر الناقة وأثارها وغاب عن بصري، قال فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، وما أقول لمولاي إذا خرج يريد ناقته؟! قال: فلما مضى من النهار ساعة إذا الناقة قد انقضت كأنها شهاب وهي ترفض عرقاً، فنزل عنها ودخل الدار فخرج الخادم وقال: أعد الناقة مكانها وأجب مولاك، قال: ففعلت ما أمرني ودخلت عليه، فقال: يا صفوان إنما أمرتك إحضار الناقة ليركبها مولاك أبو الحسن، فقلت في نفسك كذا وكذا فهل علمت يا صفوان إلى أين بلغ عليها في هذه الساعة؟ إنه بلغ ما بلغه ذو القرنين وجاوزه أضعافاً مضاعفة وأبلغ كل مؤمن ومؤمنة سلامي.[22]

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد، عن محمد بن فلان الواقفي قال: كان لي ابن عم يقال له: الحسن بن عبد الله كان زاهداً وكان من أعبد أهل زمانه وكان يتقيه السلطان لجده في الدين واجتهاده وربما استقبل السلطان بكلام صعب يعظه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر وكان السلطان يحتمله لصلاحه، ولم تزل هذه حالته حتى كان يوم من الايام إذ دخل عليه أبو الحسن موسى عليه السلام وهو في المسجد فرآه فأومأ إليه فأتاه فقال له: يا أبا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني إلا أنه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة، قال: جُعلت فداك وما المعرفة؟ قال: اذهب فتفقه واطلب الحديث، قال: عمن؟ قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض علي الحديث، قال: فذهب فكتب ثم جاءه فقرأه عليه فأسقطه كله ثم قال له: اذهب فاعرف المعرفة, وكان الرجل معنياً[23] بدينه فلم يزل يترصد أبا الحسن عليه السلام حتى خرج إلى ضيعة له، فلقيه في الطريق فقال له: جُعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله فدلني على المعرفة؟ قال: فأخبره بأمير المؤمنين عليه السلام وما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بأمر الرجلين فقبل منه، ثم قال له: فمن كان بعد أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: الحسن عليه السلام, ثم الحسين عليه السلام, حتى انتهى إلى نفسه ثم سكت، قال: فقال له: جُعلت فداك فمن هو اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: بلى جُعلت فداك؟ قال: أنا هو، قال: فشيء أستدل به؟ قال: اذهب إلى تلك الشجرة وأشار بيده إلى أم غيلان[24] فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر: أقبلي، قال: فأتيتها فرأيتها والله تخد الارض خداً حتى وقفت بين يديه! ثم أشار إليها فرجعت! قال: فأقر به ثم لزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك.[25]

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, خالد السمان في خبر أنه دعا الرشيد رجلاً يقال له علي بن صالح الطالقاني وقال له أنت الذي تقول: أن السحاب حملتك من بلد الصين إلى طالقان؟ فقال: نعم، قال: فحدثنا كيف كان؟ قال: كسر مركبي في لجج البحر فبقيت ثلاثة أيام على لوح تضربني الامواج فألقتني الامواج إلى البر فإذا أنا بأنهار وأشجار فنمت تحت ظل شجرة فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتاً هائلاً فانتبهت فزعاً مذعوراً فإذا أنا بدابتين يقتتلان على هيئة الفرس لا أحسن أن أصفهما فلما بصرا بي دخلتا في البحر, فبينما أنا كذلك إذا رأيت طائراً عظيم الخلق فوقع قريباً مني بقرب كهف في جبل فقمت مستتراً بالشجر حتى دنوت منه لأتأمله فلما رآني طار وجعلت أقفو أثره فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحاً وتهليلاً وتكبيراً وتلاوة قرآن فدنوت من الكهف فناداني مناد من الكهف ادخل يا علي بن صالح الطالقاني رحمك الله، فدخلت وسلمت فإذا رجل فخم, ضخم, غليظ الكراديس[26], عظيم الجثة, أنزع, أعين, فرد علي السلام وقال: يا علي بن صالح الطالقاني أنت من معدن الكنوز, لقد أقمت ممتحنا بالجوع والعطش والخوف لولا أن الله رحمك في هذا اليوم فأنحاك وسقاك شراباً طيباً, ولقد علمت الساعة التي ركبت فيها, وكم أقمت في البحر, وحين كسر بك المركب, وكم لبثت تضربك الامواج, وما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختياراً للموت لعظيم ما نزل بك, والساعة التي نجوت فيها, ورؤيتك لما رأيت من الصورتين الحسنتين, واتباعك للطائر الذي رأيته واقعاً, فلما رآك صعد طائراً إلى السماء, فهلم فاقعد رحمك الله، فلما سمعت كلامه قلت: سألتك بالله من أعلمك بحالي؟! فقال: عالم الغيب والشهادة والذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين، ثم قال: أنت جائع، فتكلم بكلام تململت به شفتاه فإذا بمائدة عليها منديل فكشفه وقال: هلم إلى ما رزقك الله فكل، فأكلت طعاماً ما رأيت أطيب منه! ثم سقاني ماءاً ما رأيت ألذ منه ولا أعذب! ثم صلى ركعتين ثم قال: يا علي أتحب الرجوع إلى بلدك؟ فقلت: ومن لي بذلك؟ فقال: كرامة لاوليائنا أن نفعل بهم ذلك، ثم دعا بدعوات ورفع يده إلى السماء وقال: الساعة الساعة، فإذا سحاب قد أظلت باب الكهف قطعاً قطعاً وكلما وافت سحابة قالت: سلام عليك يا ولي الله وحجته فيقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أيتها السحابة السامعة المطيعة، ثم يقول لها: أين تريدين؟ فتقول: أرض كذا، فيقول: لرحمة أو سخط؟ فتقول لرحمة أو سخط وتمضي، حتى جاءت سحابة حسنة مضيئة فقالت: السلام عليك يا ولي الله وحجته، قال: وعليك السلام أيتها السحابة السامعة المطيعة أين تريدين؟ فقالت: أرض طالقان، فقال: لرحمة أو سخط؟ فقالت: لرحمة. فقال لها: احملي ما حملت مودعاً في الله، فقالت: سمعاً وطاعة، قال لها: فاستقري بإذن الله على وجه الارض فاستقرت، فأخذ بعض عضدي فأجلسني عليها، فعند ذلك قلت له: سألتك بالله العظيم وبحق محمد خاتم النبيين وعلي سيد الوصيين والائمة الطاهرين من أنت؟ فقد أعطيت والله أمراً عظيماً! فقال: ويحك يا علي بن صالح إن الله لا يخلي أرضه من حجة طرفة عين، إما بطن وإما ظاهر، أنا حجة الله الظاهرة وحجته الباطنة، أنا حجة الله يوم الوقت المعلوم، وأنا المؤدي الناطق عن الرسول، أنا في وقتي هذا موسى بن جعفر, فذكرت إمامته وإمامة آبائه، وأَمر السحاب بالطيران فطارت، والله ما وجدت ألماً ولا فزعت فما كان بأسرع من طرفة العين حتى ألقتني بالطالقان في شارعي الذي فيه أهلي وعقاري سالماً في عافية، فقتله الرشيد وقال: لا يسمع بهذا أحد.[27]

 

* الشيخ الكليني في الكافي,أحمد بن مهران وعلي بن إبراهيم جميعاً, عن محمد بن علي, عن الحسن بن راشد, عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: كنت عند أبي الحسن موسى عليه السلام إذ أتاه رجل نصراني ونحن معه بالعريض فقال له النصراني: أتيتك من بلد بعيد وسفر شاق وسألت ربي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني إلى خير الاديان وإلى خير العباد وأعلمهم وأتاني آت في النوم فوصف لي رجلاً بعليا دمشق, فانطلقت حتى أتيته فكلمته, فقال: أنا أعلم أهل ديني وغيري أعلم مني, فقلت: أرشدني إلى من هو أعلم منك فإني لا أستعظم السفر ولا تبعد علي الشقة ولقد قرأت الانجيل كلها ومزامير داود وقرأت أربعة أسفار من التوراة وقرأت ظاهر القرآن حتى استوعبته كله, فقال لي العالم: إن كنت تريد علم النصرانية فأنا أعلم العرب والعجم بها وإن كنت تريد علم اليهود فباطي بن شرحبيل السامري أعلم الناس بها اليوم, وإن كنت تريد علم الاسلام وعلم التوراة وعلم الانجيل وعلم الزبور وكتاب هود وكل ما أُنزل على نبي من الانبياء في دهرك ودهر غيرك وما أُنزل من السماء من خبر فعَلِمَه أحد أو لم يعلم به أحد, فيه تبيان كل شيء وشفاء للعالمين وروح لمن استروح إليه وبصيرة لمن أراد الله به خيراً وأَنِس إلى الحق فأُرشدك إليه, فأته ولو مشياً على رجليك, فإن لم تقدر فحبواً على ركبتيك, فإن لم تقدر فزحفاً على إستك[28], فإن لم تقدر فعلى وجهك, فقلت: لا بل أنا أقدر على المسير في البدن والمال, قال: فانطلق من فورك حتى تأتي يثرب, فقلت: لا أعرف يثرب, قال: فانطلق حتى تأتي مدينة النبي صلى الله عليه وآله الذي بُعث في العرب وهو النبي العربي الهاشمي فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجار وهو عند باب مسجدها وأظهر بزة النصرانية وحليتها فإن واليها يتشدد عليهم والخليفة أشد, ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول وهو ببقيع الزبير, ثم تسأل عن موسى بن جعفر وأين منزله وأين هو؟ مسافر أم حاضر فإن كان مسافراً فالحقه فإن سفره أقرب مما ضربت إليه ثم أعلمه أن مطران عليا الغوطة, غوطة دمشق, هو الذي أرشدني إليك وهو يقرئك السلام كثيراً ويقول لك: إني لأكثر مناجات ربي أن يجعل إسلامي على يديك.

فقص هذه القصة وهو قائم معتمد على عصاه, ثم قال: إن أذنت لي يا سيدي كَفَّرت[29] لك وجلست فقال: آذن لك أن تجلس ولا آذن لك أن تُكَفِّر, فجلس ثم ألقى عنه برنسه ثم قال: جُعلت فداك تأذن لي في الكلام؟ قال: نعم ما جئت إلا له, فقال له النصراني: أردد على صحابي السلام أو ما ترد السلام, فقال أبو الحسن عليه السلام: على صاحبك أن هداه الله فأما التسليم فذاك إذا صار في ديننا, فقال النصراني: إني أسألك أصلحك الله, قال: سل, قال: أخبرني عن كتاب الله تعالى الذي أُنزل على محمد ونطق به, ثم وصفه بما وصفه به, فقال: {حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم}[30] ما تفسيرها في الباطن؟ فقال: أما {حم} فهو محمد صلى الله عليه وآله وهو في كتاب هود الذي أُنزل عليه وهو منقوص الحروف وأما {الكتاب المبين} فهو أمير المؤمنين علي عليه السلام وأما الليلة ففاطمة وأما قوله: {فيها يفرق كل أمر حكيم} يقول: يخرج منها خير كثير فرجل حكيم ورجل حكيم فقال الرجل: صف لي الأول والآخر من هؤلاء الرجال, فقال: إن الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله وإنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم, إن لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا وقديماً ما فعلتم, قال له النصراني: إني لا أستر عنك ما علمت ولا أُكذبك وأنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول وكَذِبه, والله لقد أعطاك الله من فضله, وقَسَمَ عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون ولا يستره الساترون ولا يكذّب فيه من كَذَّب, فقَولي لك في ذلك الحق كما ذكرت, فهو كما ذكرت، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: أعجلك أيضاً خبراً لا يعرفه إلا قليل ممن قرأ الكتب، أخبرني ما إسم أم مريم, وأي يوم نفخت فيه مريم, ولكم من ساعة من النهار، وأي يوم وضعت مريم فيه عيسى عليه السلام ولكم من ساعة من النهار؟ فقال النصراني: لا أدري، فقال أبو إبراهيم عليه السلام: أما أم مريم فاسمها مرثا وهي وهيبة بالعربية, وأما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال وهو اليوم الذي هبط فيه الروح الامين وليس للمسلمين عيد كان أولى منه، عظمه الله تبارك وتعالى وعظمه محمد صلى الله عليه وآله فأمر أن يجعله عيداً فهو يوم الجمعة, وأما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلاثاء، لاربع ساعات ونصف من النهار, والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى عليه السلام هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات وعليه شجر النخل والكرم وليس يساوي بالفرات شيء للكروم والنخيل، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها ونادى قيدوس ولده وأشياعه فأعانوه وأخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم، فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه، فهل فهمته؟ قال: نعم وقرأته اليوم الا حدث، قال: إذن لا تقوم من مجلسك حتى يهديك الله، قال النصراني: ما كان اسم أمي بالسريانية وبالعربية؟ فقال: كان اسم أمك بالسريانية عنقالية, وعنقورة كان اسم جدتك لأبيك وأما اسم أمك بالعربية فهو مية, وأما اسم أبيك فعبد المسيح وهو عبد الله بالعربية وليس للمسيح عبد، قال: صدقت وبررت، فما كان اسم جدي؟ قال: كان اسم جدك جبرئيل وهو عبد الرحمن سميته في مجلسي هذا, قال: أما إنه كان مسلماً؟! قال أبو إبراهيم عليه السلام: نعم وقتل شهيداً، دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة[31], والاجناد من أهل الشام، قال: فما كان اسمي قبل كنيتي؟ قال: كان اسمك عبد الصليب، قال: فما تسميني؟ قال اسميك عبد الله، قال: فإني آمنت بالله العظيم وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فرداً صمداً، ليس كما تصفه النصارى وليس كما تصفه اليهود ولا جنس من أجناس الشرك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق فأبان به لاهله, وعمي المبطلون, وأنه كان رسول الله إلى الناس كافة إلى الاحمر والاسود كل فيه مشترك, فأبصر من أبصر, واهتدى من اهتدى, وعمي المبطلون وضل عنهم ما كانوا يدعون، وأشهد أن وليه نطق بحكمته وأن من كان قبله من الانبياء نطقوا بالحكمة البالغة, وتوازوا على الطاعة لله, وفارقوا الباطل وأهله والرجس وأهله, وهجروا سبيل الضلالة, ونصرهم الله بالطاعة له, وعصمهم من المعصية، فهم لله أولياء وللدين أنصار، يحثون على الخير ويأمرون به، آمنت بالصغير منهم والكبير ومن ذكرت منهم ومن لم أذكر وآمنت بالله تبارك وتعالى رب العالمين، ثم قطع زناره وقطع صليباً كان في عنقه من ذهب، ثم قال: مرني حتى أضع صدقتي حيث تأمرني فقال: ههنا أخ لك كان على مثل دينك وهو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة وهو في نعمة كنعمتك فتواسيا وتجاورا ولست أدع أن أرود عليكما حقكما في الاسلام فقال: والله أصلحك الله إني لغني ولقد تركت ثلاثمائة طروق بين فرس وفرسة وتركت ألف بعير، فحقك فيها أوفر من حقي، فقال له: أنت مولى الله ورسوله وأنت في حد نسبك على حالك، فحسن إسلامه وتزوج امرأة من بني فهر وأصدقها أبو إبراهيم عليه السلام خمسين ديناراً من صدقة علي بن أبي طالب عليه السلام وأخدمه وبوأه وأقام حتى أُخرج أبو إبراهيم عليه السلام، فمات بعد مخرجه بثمان وعشرين ليلة.[32]

 

* ابن حمزة الطوسي في الثاقب في المناقب, عن عثمان بن سعيد، عن أبي علي بن راشد قال: اجتمعت العصابة بنيسابور في أيام أبي عبد الله عليه السلام فتذاكروا ما هم فيه من الانتظار للفرج، وقالوا: نحن نحمل في كل سنةإلى مولانا ما يجب علينا، وقد كثرت الكاذبة، ومن يدعي هذا الامر، فينبغي لنا أن نختار رجلاً ثقة نبعثه إلى الامام، ليتعرف لنا الامر, فاختاروا رجلاً يعرف بأبي جعفر محمد بن إبراهيم النيسابوري ودفعوا إليه ما وجب عليهم في السنة من مال وثياب، وكانت الدنانير ثلاثين ألف دينار، والدراهم خمسين ألف درهم، والثياب ألفي شقة، وأثواب مقاربات ومرتفعات, وجاءت عجوز من عجائز الشيعة الفاضلات اسمها شطيطة ومعها درهم صحيح، فيه درهم ودانقان[33]، وشقة من غزلها خام تساوي أربعة دراهم وقالت ما يستحق علي في مالي غير هذا، فادفعه إلى مولاي، فقال: يا امرأة أستحي من أبي عبد الله عليه السلام أن أحمل إليه درهماً وشقة بطانة! فقالت: ألا تفعل! إن الله لا يستحي من الحق، هذا الذي يستحق، فاحمل يا فلان فلئن ألقى الله عز وجل وما له قِبَلي حق قل أم كثر، أحب إلي من أن ألقاه وفي رقبتي لجعفر بن محمد حق, قال: فعوجت الدرهم، وطرحته في كيس، فيه أربعمائة درهم لرجل يعرف بخلف بن موسى اللؤلوئي، وطرحت الشقة في رزمة فيها ثلاثون ثوباً لأخوين بلخيين يعرفان بابني نوح بن إسماعيل، وجاءت الشيعة بالجزء الذي فيه المسائل، وكان سبعين ورقة، وكل مسألة تحتها بياض، وقد أخذوا كل ورقتين فحزموها بحزائم ثلاثة، وختموا على كل حزام بخاتم، وقالوا: تحمل هذا الجزء معك، وتمضي إلى الامام، فتدفع الجزء إليه، وتبيته عنده ليلة، وعد عليه وخذه منه، فإن وجدت الخاتم بحاله لم يكسر ولم يتشعب فاكسر منها ختمه وانظر الجواب، فإن أجاب ولم يكسر الخواتيم فهو الامام، فادفعه إليه وإلا فرد أموالنا علينا.

قال أبو جعفر: فسرت حتى وصلت إلى الكوفة، وبدأت بزيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ووجدت على باب المسجد شيخاً مسناً قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وقد تشنج وجهه، متزراً ببرد، متشحاً بآخر، وحوله جماعة يسألونه عن الحلال والحرام، وهو يفتيهم على مذهب أمير المؤمنين عليه السلام، فسألت من حضر عنده، فقالوا: أبو حمزة الثمالي. فسلمت عليه، وجلست إليه، فسألني عن أمري، فعرفته الحال، ففرح بي وجذبني إليه، وقبل بين عيني وقال: لو تجدب الدنيا ما وصل إلى هؤلاء[34] حقوقهم، وإنك ستصل بحرمتهم إلى جوارهم, فسررت بكلامه، وكان ذلك أول فائدة لقيتها بالعراق، وجلست معهم أتحدث إذ فتح عينيه، ونظر إلى البرية، وقال: هل ترون ما أرى؟ فقلنا: وأي شيء رأيت؟ قال: أرى شخصاً على ناقة, فنظرنا إلى الموضع فرأينا رجلاً على جمل، فأقبل، فأناخ البعير، وسلم علينا وجلس، فسأله الشيخ وقال: من أين أقبلت؟ قال: من يثرب, قال: ما وراءك؟ قال: مات جعفر بن محمد عليه السلام فانقطع ظهري نصفين، وقلت لنفسي: إلى أين أمضي؟! فقال له أبو حمزة: إلى من أوصى؟ قال: إلى ثلاثة، أولهم أبو جعفر المنصور، وإلى ابنه عبد الله، وإلى ابنه موسى, فضحك أبو حمزة والتفت إلي وقال: لا تغتم فقد عرفت الامام! فقلت: وكيف أيها الشيخ؟! فقال: أما وصيته إلى أبي جعفر المنصور فستر على الامام، وأما وصيته إلى ابنه الاكبر والاصغر فقد بيّن عن عوار الاكبر، ونص على الاصغر, فقلت: وما فقه ذلك؟ فقال: قول النبي صلى الله عليه وآله: الامامة في أكبر ولدك يا علي، ما لم يكن ذا عاهة[35], فلما رأيناه قد أوصى إلى الاكبر والاصغر، علمنا أنه قد بين عن عوار كبيره، ونص على صغيره، فسِر إلى موسى، فإنه صاحب الامر.

قال أبو جعفر: فودعت أمير المؤمنين، وودعت أبا حمزة، وسرت إلى المدينة، وجعلت رحلي في بعض الخانات، وقصدت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وزرته، وصليت، ثم خرجت وسألت أهل المدينة: إلى من أوصى جعفر بن محمد؟ فقالوا: إلى ابنه الافطح عبد الله فقلت: هل يفتي؟ قالوا: نعم, فقصدته وجئت إلى باب داره، فوجدت عليها من الغلمان ما لم يوجد على باب دار أمير البلد، فأنكرت، ثم قلت: الامام لا يقال له لم وكيف، فاستأذنت، فدخل الغلام، وخرج وقال: من أين أنت؟ فأنكرت وقلت: والله ما هذا بصاحبي, ثم قلت: لعله من التقية، فقلت: قل: فلان الخراساني، فدخل وأذن لي، فدخلت، فإذا به جالس في الدست على منصة عظيمة، وبين يديه غلمان قيام، فقلت في نفسي: ذا أعظم، الامام يقعد في الدست؟! ثم قلت: هذا أيضا من الفضول الذي لا يحتاج إليه، يفعل الامام ما يشاء، فسلمت عليه، فأدناني وصافحني، وأجلسني بالقرب منه، وسألني فاحفى، ثم قال: في أي شيء جئت؟ قلت: في مسائل أسأل عنها، وأريد الحج, فقال لي: إسأل عما تريد, فقلت: كم في المائتين من الزكاة؟ قال: خمسة دراهم, قلت: كم في المائة؟ قال: درهمان ونصف, فقلت: حسن يا مولاي، أعيذك بالله، ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟ قال: يكفيه من رأس الجوزاء ثلاثة, فقلت: الرجل لا يحسن شيئاً! فقمت وقلت: أنا أعود إلى سيدنا غداً, فقال: إن كان لك حاجة فإنا لا نقصر, فانصرفت من عنده، وجئت إلى ضريح النبي صلى الله عليه وآله فانكببت على قبره، وشكوت خيبة سفري, وقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إلى من أمضي في هذه المسائل التي معي؟ إلى اليهود، أم إلى النصارى، أم إلى المجوس، أم إلى فقهاء النواصب! إلى أين يا رسول الله! فما زلت أبكي وأستغيث به، فإذا أنا بإنسان يحركني، فرفعت رأسي من فوق القبر، فرأيت عبداً أسود عليه قميص خلق[36]، وعلى رأسه عمامة خلق فقال لي: يا أبا جعفر النيسابوري، يقول لك مولاك موسى بن جعفر عليه السلام: لا إلى اليهود، ولا إلى النصارى، ولا إلى المجوس، ولا إلى أعدائنا من النواصب، إلي، فأنا حجة الله، قد أجبتك عما في الجزو وبجميع ما تحتاج إليه منذ أمس، فجئني به، وبدرهم شطيطة الذي فيه درهم ودانقان، الذي في كيس أربعمائة درهم اللؤلوئي، وشقتها التي في رزمة الاخوين البلخيين, قال: فطار عقلي! وجئت إلى رحلي، ففتحت وأخذت الجزو والكيس والرزمة، فجئت إليه فوجدته في دار خراب، وبابه مهجور ما عليه أحد، وإذا بذلك الغلام قائم على الباب، فلما رآني دخل بين يدي، ودخلت معه، فإذا بسيدنا عليه السلام جالس على الحصير، وتحته شاذكونة[37] يمانية، فلما رآني ضحك وقال: لا تقنط، ولِمَ تفزع؟! لا إلى اليهود، ولا إلى النصارى والمجوس، أنا حجة الله ووليه، ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد الكوفة جري أمري؟! قال: فأزاد ذلك في بصيرتي، وتحققت أمره, ثم قال لي: هات الكيس, فدفعته إليه، فحله وأدخل يده فيه، وأخرج منه درهم شطيطة، وقال لي: هذا درهمها؟ فقلت: نعم. فأخذ الرزمة وحلها وأخرج منها شقة قطن مقصورة، طولها خمسة وعشرون ذراعاً وقال لي: إقرأ عليها السلام كثيراً، وقل لها: قد جعلت شقتك في أكفاني، وبعثت إليكِ بهذه من أكفاننا، من قطن قريتنا صريا، قرية فاطمة صلوات الله وسلامه عليها، وبذر قطن، كانت تزرعه بيدها الشريفة لاكفان ولدها، وغزل أختي حكيمة بنت أبي عبد الله عليه السلام وقصارة[38] يده لكفنه فاجعليها في كفنك, ثم قال: يا معتب جئني بكيس نفقة مؤناتنا فجاء به، فطرح درهماً فيه، وأخرج منه أربعين درهماً وقال: إقرأها مني السلام وقل لها: ستعيشين تسع عشرة ليلة من دخول أبي جعفر، ووصول هذا الكفن وهذه الدراهم، فانفقي منها ستة عشر درهماً، واجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك، وما يلزم عليكِ، وأنا أتولى الصلاة عليكِ، فإذا رأيتني فاكتم، فإن ذلك أبقى لنفسك, وافكك هذه الخواتيم وانظر هل أجبناك أم لا؟ قبل أن تجيء بدراهمهم كما أوصوك، فإنك رسول, فتأملت الخواتيم فوجدتها صحاحاً، ففككت من وسطها واحداً فوجدت تحتها: ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال: نذرت لله عز وجل لأعتقن كل مملوك كان في ملكي قديماً وكان له جماعة من المماليك؟ تحته الجواب من موسى بن جعفر عليه السلام: من كان في ملكه قبل ستة أشهر، والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: {حتى عاد كالعرجون القديم}[39] وكان بين العرجون القديم والعرجون الجديد في النخلة ستة أشهر, وفككت الآخر فوجدت فيه: ما يقول العالم عليه السلام في رجل قال: والله أتصدق بمال كثير، بما يتصدق؟ تحته الجواب بخطه عليه السلام: إن كان الذي حلف بهذا اليمين من أرباب الدنانير تصدق بأربعة وثمانين ديناراً، وإن كان من أرباب الدراهم تصدق بأربعة وثمانين درهماً، وإن كان من أرباب الغنم فيتصدق بأربعة وثمانين غنماً، وإن كان من أرباب البعير فباربعة وثمانين بعيراً، والدليل على ذلك قوله تعالى: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين}[40] فعددت مواطن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل نزول الآية فكانت أربعة وثمانين موطناً. وكسرت الآخرى فوجدت تحته: ما يقول العالم عليه السلام في رجل نبش قبراً وقطع رأس الميت وأخذ كفنه؟ الجواب تحته بخطه عليه السلام: تقطع يده لأخذ الكفن من وراء الحرز، ويؤخذ منه مائة دينار لقطع رأس الميت، لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه من قبل نفخ الروح فيه، فجعلنا في النطفة عشرين ديناراً، وفي العلقة عشرين ديناراً، وفي المضغة عشرين ديناراً, وفي اللحم عشرين ديناراً، وفي تمام الخلق عشرين ديناراً، فلو نفخ فيه الروح لالزمناه ألف دينار، على أن لا يأخذ ورثة الميت منها شيئاً، بل يتصدق بها عنه، أو يحج، أو يغزى بها، لانها أصابته في جسمه بعد الموت.

قال أبو جعفر فمضيت من فوري إلى الخان وحملت المال والمتاع إليه، وأقمت معه وحج في تلك السنة فخرجت في جملته[41] معادلاً[42] له في عماريته[43] في ذهابي يوماً وفي عمارية أبيه يوماً, ورجعت إلى خراسان فاستقبلني الناس، وشطيطة من جملتهم، فسلموا عليّ، فأقبلت عليها من بينهم وأخبرتها بحضرتهم بما جرى، ودفعت إليها الشقة والدراهم، وكادت تنشق مرارتها من الفرح، ولم يدخل إلى المدينة من الشيعة إلا حاسد أو متأسف على منزلتها, ودفعت الجزء إليهم، ففتحوا الخواتيم، فوجدوا الجوابات تحت مسائلهم.

وأقامت شطيطة تسعه عشر يوماً، وماتت رحمها الله، فتزاحمت الشيعة على الصلاة عليها، فرأيت أبا الحسن عليه السلام على نجيب، فنزل عنه وأخذ بخطامه، ووقف يصل عليها مع القوم، وحضر نزولها إلى قبرها ونثر في قبرها من تراب قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فلما فرغ من أمرها ركب البعير وألوى برأسه نحو البرية، وقال: عَرِّف أصحابك واقرأهم عني السلام، وقل لهم: إنني ومن جرى مجراي من أهل البيت لا بد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم وأحسنوا الاعمال لتعينونا على خلاصكم، وفك رقابكم من النار, قال أبو جعفر: فلما ولى عليه السلام عرفت الجماعة، فرأوه وقد بعد والنجيب يجري به، فكادت أنفسهم تسيل حزناً إذ لم يتمكنوا من النظر إليه.[44]

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, روي أن الرشيد أمر حميد بن مهران الحاجب بالاستخفاف به عليه السلام فقال له: إن القوم قد افتتنوا بك بلا حجة فأريد أن يأكلني هذان الاسدان المصوران على هذا المسند, فأشار عليه السلام إليهما وقال: خذا عدو الله! فأخذاه وأكلاه ثم قالا: وما الأمر أنأخذ الرشيد؟ قال: لا عودا إلى مكانكما.[45]

 

* السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز, السيد المرتضى في عيون المعجزات عن محمد ابن علي الصوفي, قال: استأذن إبراهيم الجمال رضي الله عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير[46] فحَجبه, فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر عليه السلام فحجبه, فرآه ثاني يومه, فقال علي بن يقطين: يا سيدي ما ذنبي؟! فقال: حجبتُك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمال, وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمال, فقلت: يا سيدي ومولاي, من لي بإبراهيم الجمال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟ فقال: إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك, واركب نجيباً هناك مسرجاً, قال: فوافى البقيع, وركب النجيب, ولم يلبث أن أناخه على بباب إبراهيم الجمال بالكوفة, فقرع الباب وقال: أنا علي بن يقطين, فقال إبراهيم الجمال مِن داخل الدار: وما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي؟ فقال علي بن يقطين: يا هذا, إن أمري عظيم, وآلى عليه الاذن له, فلما دخل قال: يا إبراهيم, إن المولى عليه السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي, فقال: يغفر الله لك, فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمال أن يطأ خده, فامتنع إبراهيم من ذلك, فآلى عليه ثانياً ففعل, فلم يزل إبراهيم يطأ خده وعلي بن يقطين يقول: اللهم اشهد! ثم انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر عليه السلام بالمدينة, فأَذن له ودخل عليه, فقَبله.[47]

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة, حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن علي ابن الزبير البلخي ببلخ قال: حدثنا حسام بن حاتم الأصم قال: حدثني أبي قال: قال لي شقيق يعني ابن إبراهيم البلخي: خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام في سنة تسع وأربعين ومائة, فنزلنا القادسية, قال شقيق: فنظرت إلى الناس في زيهم بالقباب والعماريات والخيم والمضارب, وكل إنسان منهم قد تزيا على قدره, فقلت: اللهم إنهم قد خرجوا إليك فلا تردهم خائبين، فبينما أنا قائم, وزمام راحلتي بيدي وأنا أطلب موضعاً أنزل فيه منفرداً عن الناس, إذ نظرت إلى فتى حدث السن, حسن الوجه, شديد السمرة, عليه سيماء العبادة وشواهدها, وبين عينيه سجادة كأنها كوكب دري, وعليه من فوق ثوبه شملة من صوف, وفي رجله نعل عربي, وهو منفرد في عزلة من الناس, فقلت في نفسي: هذا الفتى من هؤلاء الصوفية المتوكلة, يريد أن يكون كلَّا على الناس في هذا الطريق, والله لأمضين إليه, ولأوبخنه.

قال: فدنوت منه, فلما رآني مقبلاً نحوه قال لي: يا شقيق {إجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا}[48] وقرأ الآية, ثم تركني ومضى, فقلت في نفسي: قد تكلم هذا الفتى على سري, ونطق بما في نفسي, وسماني بإسمي, وما فعل هذا إلا وهو ولي الله, ألحقه وأسأله أن يجعلني في حلّ, فأسرعت وراءه, فلم ألحقه, وغاب عن عيني, فلم أره، وارتحلنا حتى نزلنا واقصة, فنزلت ناحية من الحاج, ونظرت فإذا صاحبي قائم يصلي على كثيب رمل, وهو راكع وساجد, وأعضاؤه تضطرب, ودموعه تجري من خشية الله عز وجل, فقلت: هذا صاحبي, لأمضين إليه, ثم لأسألنه أن يجعلني في حلّ, فأقبلت نحوه, فلما نظر إليَّ مقبلاً قال لي: يا شقيق {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}[49] ثم غاب عن عيني فلم أره, فقلت: هذا رجل من الأبدال, وقد تكلم على سري مرتين, ولو لم يكن عند الله فاضلاً ما تكلم على سري، ورحل الحاج وأنا معهم, حتى نزلنا بزبالة, فإذا أنا بالفتى قائم على البئر, وبيده ركوة يستقي بها ماء, فانقطعت الركوة في البئر, فقلت: صاحبي والله, فرأيته قد رمق السماء بطرفه, وهو يقول:

أنت ربي إذا ظمأت إلى الماء * وقوتي إذا أردت الطعاما

إلهي وسيدي مالي سواها, فلا تعدمنيها.

قال شقيق: فوالله, لقد رأيت البئر وقد فاض ماؤها حتى جرى على وجه الأرض, فمد يده, فتناول الركوة, فملاها ماء, ثم توضأ, فأسبغ الوضوء, وصلى ركعات, ثم مال إلى كثيب رمل أبيض, فجعل يقبض بيده من الرمل ويطرحه في الركوة, ثم يحركها ويشرب, فقلت في نفسي: أتراه قد حول الرمل سويقاً[50]؟! فدنوت منه فقلت له: أطعمني رحمك الله, من فضل ما أنعم الله به عليك، فنظر وقال لي: يا شقيق, لم تزل نعمة الله علينا أهل البيت سابغة, وأياديه لدينا جميلة, فأحسن ظنك بربك, فإنه لا يضيع من أحسن به ظناً، فأخذت الركوة من يده وشربت, فإذا سويق وسكر, فوالله ما شربت شيئاً قط ألذ منه, ولا أطيب رائحة, فشبعت ورويت, وأقمت أياماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً, فدفعت إليه الركوة، ثم غاب عن عيني, فلم أره حتى دخلت مكة وقضيت حجي, فإذا أنا بالفتى في هدأة من الليل, وقد زهرت النجوم, وهو إلى جانب قبة الشراب راكعاً ساجداً, لا يريد مع الله سواه, فجعلت أرعاه وأنظر إليه, وهو يصلي بخشوع وأنين وبكاء, ويرتل القرآن ترتيلاً, فكلما مرت آية فيها وعد ووعيد رددها على نفسه, ودموعه تجري على خده, حتى إذا دنا الفجر جلس في مصلاه يسبح ربه ويقدسه, ثم قام فصلى الغداة, وطاف بالبيت اسبوعاً, وخرج من باب المسجد, فخرجت, فرأيت له حاشية وموال, وإذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت, وإذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم, ويسلمون عليه, فقلت لبعض الناس, أحسبه من مواليه: من هذا الفتى؟ فقال لي: هذا أبو إبراهيم, عالم آل محمد، قلت: ومن أبو إبراهيم؟ قال: موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فقلت: لقد عجبت أن توجد هذه الشواهد إلا في هذه الذرية.[51]

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح,علي بن أبي حمزة قال: أخذ بيدي موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه يوماً، فخرجنا من المدينة إلى الصحراء فإذا نحن برجل مغربي على الطريق يبكي وبين يديه حمار ميت، ورحله مطروح, فقال له موسى عليه السلام: ما شأنك؟ قال: كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري ها هنا وبقيت وحدي، ومضى أصحابي وقد بقيت متحيراً ليس لي شيء أحمل عليه، فقال موسى عليه السلام: لعله لم يمت قال: أما ترحمني حتى تلهو بي قال: إن لي رقية جيدة، قال الرجل: ليس يكفيني ما أنا فيه حتى تستهزأ بي! فدنا موسى عليه السلام من الحمار ودعا بشيء لم أسمعه، وأخذ قضيباً كان مطروحاً فنخسه به وصاح عليه، فوثب الحمار صحيحاً سليماً! فقال: يا مغربي ترى ها هنا شيئاً من الاستهزاء, إلحق بأصحابك، ومضينا وتركناه، قال علي بن أبي حمزة: فكنت واقفا يوماً على بئر زمزم بمكة، فإذا المغربي هناك فلما رآني عدا[52] إليّ وقبل يدي فرحاً مسروراً، فقلت له: ما حال حمارك؟ فقال: هو والله سليم صحيح وما أدري من أين ذلك الرجل الذي مَنَّ الله به عليّ فأحيا لي حماري بعد موته؟ فقلت له: قد بلغت حاجتك فلا تسأل عما لا تبلغ معرفته.[53]

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, عن علي بن أبي حمزة البطائني, قال: خرج موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه في بعض الايام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها, فصحبته أنا وكان راكباً بغلة, وأنا على حمار فلما صرنا في بعض الطريق, اعترضنا أسد فأحجمت خوفاً, وأقدم أبو الحسن عليه السلام غير مكترث به, فرأيت الاسد يتذلل لأيي الحسن عليه السلام ويهمهم, فوقف له أبو الحسن كالمصغي إلى همهمته, ووضع الاسد يده على كفل بغلته, وخفت من ذلك خوفاً شديداً، ثم تنحى الاسد إلى جانب الطريق, وحول أبو الحسن وجهه إلى القبلة, وجعل يدعو, ثم حرك شفتيه بما لم أفهمه, ثم أومأ إلى الاسد بيده أن امض, فهمهم الاسد همهمة طويلة, وأبو الحسن عليه السلام يقول: آمين, آمين, وانصرف الاسد حتى غاب عن أعيننا ومضى أبو الحسن عليه السلام لوجهه واتبعته، فلما بعدنا عن الموضع لحقته, فقلت: جعلت فداك ما شأن هذا الاسد؟ فلقد خفته والله عليك, وعجبت من شأنه معك، قال: إنه خرج إليَّ يشكو عسر الولادة على لبوته, وسألني أن أسأل الله ليفرج عنها, ففعلت ذلك, وألقي في روعي أنها ولدت له ذكراً, فخبرته بذلك، فقال لي: امض في حفظ الله, فلا سلط الله عليك ولا على ذريتك, ولا على أحد من شيعتك شيئاً من السباع، فقلت: آمين.[54]

 

* الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام, حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني محمد بن الحسن المدني, عن أبي عبد الله بن الفضل, عن أبيه الفضل قال: كنت أحجب الرشيد فأقبل عليَّ يوماً غضباناً وبيده سيف يقلبه فقال لي: يا فضل, بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله لئن لم تأتني بابن عمي الآن لأخذن الذي فيه عيناك! فقلت: بمن أجيئك؟ فقال: بهذا الحجازييئك؟ فقال: بهذا الحجازىا المدنى فقلت: وأي الحجازي؟ قال: موسى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام, قال: الفضل فخفت من الله عز وجل أن أجيء به إليه ثم فكرت في النقمة فقلت له: أفعل, فقال: اتيني بسوطين وهسارين وجلادين, قال: فأتيته بذلك ومضيت الى منزل أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام, فأتيت إلى خربة فيها كوخ من جرائفيها كوخ من جراينقمة فقلت له: اد النخل فإذا أنا بغلام أسود فقلت له: استاذن لي على مولاك يرحمك الله, فقال لي: لج فليس له حاجب ولا بواب, فولجت إليه فإذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين[55] أنفه من كثرة سجوده! فقلت له: السلام عليك يابن رسول الله أجب الرشيد, فقال: ما للرشيد وما لي؟ أما تشغله نقمته عني؟ ثم وثب مسرعاً وهو يقول: لولا أني سمعت في خبر عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أن طاعة السلطان للتقية واجبة إذاً ما جئت, فقلت له: استعد للعقوبه يا أبا إبراهيم رحمك الله, فقال عليه السلام: أليس معي من يملك الدنيا والآمن يملك الدنيا والا لي؟ ا1)خرة؟! ولن يقدر اليوم على سوء بي إن شاء الله تعالى.

قال: فضل بن الربيع فرأيته وقد أدار يده عليه السلام يلوح بها على رأسه عليه السلام ثلاث مرات, فدخلت على الرشيد فإذا هو كأنه امرأة ثكلى, قائم حيران, فلما رأني قال لي: يا فضل فقلت: لبيك, فقال جئتني بابن عمي؟ قلت: نعم, قال: لا تكون أزعجته؟ فقلت: لا, قال: لا تكون أعلمته أني عليه غضبان فإني قد هيجت على نفسي ما لم أرده, إئذن له بالدخول فأذنت له فلما رآه وثب إليه قائماً وعانقه وقال له: مرحباً بابن عمي وأخي ووارث نعمتي ثم أجلسه على فخذيه فقال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟ فقال: سعة مملكتك وحبك للدنيا, فقال: إيتوني بحقة الغالية, فأُتي بها فغلفه بيده ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير, فقال موسى بن جعفر عليه السلام: والله لولا أني أرى أن أزوج بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله أبداً ما قبلتها ثم تولى عليه وهو يقول: الحمد لله رب العالمين.

فقال الفضل: يا أمير المؤمنين أردت أن تعاقبه فخلعت عليه وأكرمته؟! فقال لي: يا فضل إنك لما مضيت لتجيئني رأيت أقواماً قد أحدقوا بداري بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار يقولون: إن أذى ابن رسول الله خسفنا به وإن أحسن إليه انصرفنا عنه وتركناه.

فتبعته عليه السلام فقلت له: ما الذي قلت حتى كفيت أمر الرشيد؟ فقال: دعاء جدي علي بن أبي طالب عليه السلام كان إذا دعا به ما برز إلى عسكر إلا هزمه, ولا الى فارس إلا قهره, وهو دعاء كفاية البلاء قلت: وما هو؟ قال قلت: بك أساور وبك أحاول وبك أجاور وبك أصول وبك أنتصر وبك أموت وبك أحيا أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم إنك خلقتني ورزقتني وسترتني عن العباد بلطف ما خولتني وأغنيتني, إذا هويت رددتني, وإذا عثرت قومتني, وإذا مرضت شفيتني, وإذا دعوت أجبتني, يا سيدى إرض عني فقد أرضيتني.[56]


المصادر تحقيق مركز سيد الشهداء عليه السلام للبحوث الاسلامية

[1] سورة المائدة, الآية 54.

[2] سورة الجن, الآية 26, 27.

[3] نوادر المعجزات ص154.

[4] الكافي ج1 ص260، مدينة المعاجز ج6 ص379. 

[5] سكرجة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأُدم وهي فارسية.

[6] دلائل الإمامة ص343, نوادر المعجزات ص160, مدينة المعاجز ج6 ص276, ينابيع المعاجز ص173 بعضه.

[7] سورة النمل, الآية 36.

[8] مناقب آشوب ج3 ص415, عنه البحار ج48 ص238, مدينة المعاجز ج6 ص423, الأنوار البهية ص192 مختصراً.

[9] دلائل الإمامة ص321, نوادر المعجزات ص164, مدينة المعاجز ج6 ص199.

[10] دلائل الإمامة ص322، نوادر المعجزات ص163، مدينة المعاجز ج6 ص201. 

[11] بصائر الدرجات ص296، عنه البحار ج6 ص248/ ج27 ص304.

[12] مشارق أنوار اليقين ص146، عنه مدينة المعاجز ج6 ص382، الهداية الكبرى ص275 ضمن حديث طويل.

[13] دلائل الإمامة ص321، مدينة المعاجز ج6 ص200، نوادر المعجزات ص164.

[14] نوادر المعجزات ص165, دلائل الإمامة ص321, مدينة المعاجز ج6 ص200.

[15] معزم: رجل صاحب عزيمة ورقي وشراسة.

[16] وفي بعض النسخ: إفاقة.

[17] عيون أخبار الرضا × ج2 ص90، أمالي الصدوق ص212، عنهما البحار ج48 ص41، الحدائق الناضرة ج18 ص180 عن العيون، مناقب ابن شهر آشوب ج3 ص417، الثاقب في المناقب ص432، مدينة المعاجز ج6 ص314، روضة الواعظين ص215.

[18] القوهي: ضرب من الثياب نسبة إلى قوهستان.

[19] أي اليوم السابع من ولادتي.

[20] الكافي ج1 ص481, عنه البحار ج48 ص92, مدينة المعاجز ج1 ص481, تفسير الثقلين ج4 ص90 بعضه.

[21] وزاد في الهداية الكبرى: مشتملاً ببردته اليمانية وذوائبه تضرب على كتفيه.

[22] مشارق أنوار اليقين ص145، عنه البحار ج48 ص99، مدينة المعاجز ج6 ص381, الهداية الكبرى ص270.

[23] معيناً: أي ذا عناية واهتمام بدينه.

[24] الطلح شجر أم غيلان ووصفه بهذه الصفة: شجرة طويلة لها ظل يستظل بها الناس والإبل، وورقها قليل ولها أغصان طوال عظام، ولها شوك كثير من سلاء النخل، ولها ساق عظيمة لا تلتقي عليه يدا الرجل، تنبت في الجبل.

[25] الكافي ج1 ص352, الخرائج والجرائح ج2 ص650, بصائر الدرجات ص274, عنه البحار ج48 ص52, الإرشاد ج2 ص223, إعلام الورى ج2 ص18, مناقب آشوب ج3 ص407, الثاقب في المناقب ص454, مدينة المعاجز ج6 ص295, كشف الغمة ج3 ص15.

[26] الكردوس: كل عظم تام ضخم.

[27] مناقب آشوب ج3 ص418, عنه البحار ج48 ص39, مدينة المعاجز ج6 ص427.

[28] الإست: العَجُز.

[29] التكفير: أن يخضع الإنسان لغيره.

[30] سورة الدخان, الآية 1, 2, 3, 4.

[31] قتل فلان غيلة: أي خدعة.

[32] الكافي ج1 ص479، عنه البحار ج48 ص87، مدينة المعاجز ج6 ص300، وأما تأويل الآيات الظاهرة ج2 ص573، تفسير نور الثقلين ج4 ص623، التفسير الصافي ج4 ص404, فقد أوردوا من الحديث تفسير الآيات فقط.

[33] الدانق: سدس الدينار والدرهم.

[34] ولعل المقصود بهؤلاء آل محمد صلى الله عليه وآله.

[35] قال العلامة المجلسي &: لو لم يكن الكبير ذا عاهة لأفرده في الوصية فلما أشرك معه الصغير أعلم أنه غير صالح للإمامة.

[36] قميص خلق: بَلِي

[37] الشاذكونة: معرب شادكونة أي عباءة أو جبة, فراش أو متكأ.

[38] القصارة: فضل الشيء.

[39] سورة يس, الآية 39.

[40] سورة التوبة, الآية 25.

[41] الجملة: الجماعة.

[42] معادلاً له: أي راكباً معه.

[43] العمارية: هودج يجلس فيه.

[44] الثاقب في المناقب ص439, عنه مدينة المعاجز ج6 ص411, الخرائج والجرائح ج1 ص328 نحوه, عنه البحار ج47 ص251, مناقب آشوب ج3 ص409 نحوه, عنه البحار ج48 ص73, مستدرك الوسائل ج2 ص216 مختصراً, الصراط المستقيم ج2 ص191 نحوه مختصراً. 

[45] مناقب آشوب ج3 ص417, عنه مدينة المعاجز ج6 ص425.

[46] علي بن يقطين: من خواص أصحاب الإمام الكاظم × وكان وزير هارون لعنه الله, وتوفي في سجن هارون ببغداد بعد سجنه بأربع سنين, وقال في حقه الإمام الكاظم ×: ضمنت لعلي ابن يقطين الجنة وألا تمسه النار, وفي حديث آخر: من سره أن يرى رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلينظر إلى هذا المُقبل, فقال له رجل من القوم, هو إذن من أهل الجنة؟ فقال له أبو الحسن ×: أمَّا أنا فأشهد أنه من أهل الجنة, وفي حديث آخر: قال اسماعيل بن موسى رأيت العبد الصالح × على الصفا يقول: إلهي في أعلى عليين اغفر لعلي بن يقطين.

[47] مدينة المعاجز ج6 ص343, عيون المعجزات ص90, الثاقب في المناقب ص458, البحار ج48 ص85.

[48] سورة الحجرات, الآية 12.

[49] سورة طه, الآية 82.

[50] السويق: دقيق يُتخذ من الحنطة والشعير.

[51] دلائل الإمامة ص317، نوادر المعجزات ص157، مدينة المعاجز ج6 ص194، كشف الغمة ج3 ص4، عنه البحار ج48 ص80.

[52] عدا: أقبل.

[53] الخرائج والجرائح ج1 ص314, عنه البحار ج48 ص71, كشف الغمة ج3 ص41, مدينة المعاجز ج6 ص389, الصراط المستقيم ج2 ص190 مختصراً.

[54] الخرائج والجرائح ج2 ص649، مناقب ابن شهر آشوب ج3 ص416، الإرشاد ج2 ص229، عنهم جميعاً البحار ج48 ص57، مدينة المعاجز ج6 ص313 عن الإرشاد، الثاقب في المناقب ص455، كشف الغمة ج3 ص19، روضة الواعظين ص214.

[55] عرنين الأنف: تحت مجمع الحاجبين وهو أول الأنف.

[56] عيون أخبار الرضا × ج2 ص74, عنه البحار ج48 ص215/ ج92 ص212, مدينة المعاجز ج6 ص319.