حدثنا محمد بن محمد، قال حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال حدثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر، قال حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال حدثنا العباس بن بكار، قال حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال الغلابي و حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال حدثنا محمد بن صالح ابن النطاح و محمد بن الصلت الواسطي، قالا حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. قال و حدثنا أبو عيسى عبيد الله بن الفضل الطائي، قال حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب )عليهم السلام(، قال حدثني محمد بن سلام الكوفي، قال حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال حدثنا محمد بن صالح، و محمد بن الصلت، قالا حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال دخل الحسين بن علي )عليهما السلام( على أخيه الحسن بن علي )عليهما السلام( في مرضه الذي توفي فيه، فقال له كيف تجدك يا أخي قال أجدني في أول يوم من أيام الآخرة و آخر يوم من أيام الدنيا، و اعلم أني لا أسبق أجلي، و أني وارد على أبي و جدي )عليهما السلام(، على كره مني لفراقك و فراق إخوتك و فراق الأحبة، و أستغفر الله من مقالتي هذه و أتوب إليه، بل على محبة مني للقاء رسول الله (صلى الله عليه و آله) و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب )عليه السلام( و لقاء فاطمة و حمزة و جعفر )عليهم السلام(، و في الله )عز و جل( خلف من كل هالك، و عزاء من كل مصيبة، و درك من كل ما فات. رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطست، و لقد عرفت من دهاني، و من أين أتيت، فما أنت صانع به يا أخي فقال الحسين )عليه السلام( أقتله و الله. قال فلا أخبرك به أبدا حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و لكن اكتب هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، و لا ولي له من الذل، و أنه خلق كل شيء فقدره تقديرا، و أنه أولى من عبد و أحق من حمد، من أطاعه رشد، و من عصاه غوى، و من تاب إليه اهتدى. فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي و ولدي و أهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، و تقبل من محسنهم، و تكون لهم خلفا و والدا، و أن تدفنني مع جدي رسول الله (صلى الله عليه و آله) فإني أحق به و ببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه و لا كتاب جاءهم من بعده، قال الله )تعالى( فيما أنزله على نبيه (صلى الله عليه و آله) في كتابه »يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ« فو الله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، و لا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته، و نحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله )عز و جل( منك، و الرحم الماسة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن لا تهريق في محجمة من دم حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنختصم إليه، و نخبره بما كان من الناس إلينا بعده. ثم قبض )عليه السلام(. قال ابن عباس فدعاني الحسين )عليه السلام( و عبد الله بن جعفر و علي بن عبد الله بن العباس فقال اغسلوا ابن عمكم، فغسلناه و حنطناه و ألبسناه أكفانه، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد، و إن الحسين )عليه السلام( أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم و آل أبي سفيان و من حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، و قالوا أ يدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان و يدفن الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الله لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السيوف بيننا و تنقصف الرماح و ينفد النبل. فقال الحسين )عليه السلام( أما و الله الذي حرم مكة للحسن بن علي بن فاطمة أحق برسول الله و بيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، و هو و الله أحق به من حمال الخطايا، مسير أبي ذر )رحمه الله(، الفاعل بعمار ما فعل، و بعبد الله ما صنع، الحامي الحمى، المؤوي لطريد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، لكنكم صرتم بعده الأمراء، و بايعكم على ذلك الأعداء و أبناء الأعداء. قال فحملناه، فأتينا به قبر أمه فاطمة )عليها السلام( فدفناه إلى جنبها )رضي الله عنه و أرضاه(. قال ابن عباس و كنت أول من انصرف فسمعت اللغط و خفت أن يعجل الحسين )عليه السلام( على من قد أقبل، و رأيت شخصا علمت الشر فيه، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم و تأمرهم بالقتال، فلما رأتني قالت إلي إلي يا ابن عباس، لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى و لا أحب. فقلت وا سوأتاه يوم على بغل، و يوم على جمل، تريدين أن تطفئي نور الله، و تقاتلي أولياء الله، و تحولي بين رسول الله (صلى الله عليه و آله) و بين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي فقد كفى الله )تعالى( المئونة، و دفن الحسن إلى جنب أمه، فلم يزدد من الله )تعالى( إلا قربا، و ما ازددتم منه و الله إلا بعدا، يا سوأتاه انصرفي فقد رأيت ما سرك. قال فقطبت في وجهي، و نادت بأعلى صوتها أ ما نسيتم الجمل يا ابن عباس، إنكم لذوو أحقاد. فقلت أما و الله ما نسيه أهل السماء، فكيف ينساه أهل الأرض فانصرفت و هي تقول
فألقت عصاها فاستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر.[1]
[1] الامالي للطوسي ص158، عنه البحار ج44 ص151، بشارة المصطفى ص271، المناقب ج4 ص43 باختصار.