* أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد الخزاعي قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال حدثنا محمد بن زكريا الغلاني قال حدثنا عتبة بن الضحاك عن هشام بن محمد عن أبيه قال لما قتل أمير المؤمنين ع رقي الحسن بن علي ع فأراد الكلام فخنقته العبرة فقد ]فقعد[ ساعة ثم قام فقال الحمد لله الذي كان في أوليته وحدانيا و في أزليته متعظما بالإلهية متكبرا بكبريائه و جبروته خلق جميع ما خلق على غير مثال كان سبق مما خلق ربنا اللطيف بلطف ربوبيته و يعلم خيره فتق و بأحكام قدرته خلق جميع ما خلق و لا زوال لملكه و لا انقطاع لمدته فوق كل شيء علا و من كل شيء دنا فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى و هو بالمنظر الأعلى احتجب بنوره و سما في علوه و استتر عن خلقه و بعث إليهم شهيدا عليهم و أبعث فيهم النبيين مبشرين و منذرين ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة و ليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروه و الحمد لله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت و عند الله نحتسب عزاءنا في خير الآباء رسول الله ص و عند الله نحتسب عزاءنا في أمير المؤمنين و قد أصبت به الشرق و الغرب و الله ما خلف درهما و لا دينارا إلا الأربعمائة درهم أراد أن يبتاع لأهله خادما و لقد حدثني جدي رسول الله ص أن الأمر يملكه اثنا عشر إماما من أهل بيته و صفوته ما منا إلا مقتول أو مسموم ثم نزل عن منبره و دعا بابن ملجم لعنه الله فأتي به فقال يا ابن رسول الله استبقني ركن لك و أكفيك أمر عدوك بالشام فعلاه الحسن ع بسيفه فاستقبل السيف بيده فقطع خنصره ثم ضربه ضربة على يافوخه فقتله لعنه الله .[1]
* حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال أخبرني الحارث بن أبي أسامة قراءة عن المدائني عن عوانة بن الحكم و عبد الله بن العباس بن سهل الساعدي و أبي بكر الخراساني مولى بني هاشم عن الحارث بن حصيرة عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه و غيره أن الناس أتوا الحسن بن علي بعد وفاة علي ع ليبايعوه فقال الحمد لله على ما قضى من أمر و خص من فضل و عم من أمر و جلل من عافية حمدا يتمم به علينا نعمه و نستوجب به رضوانه إن الدنيا دار بلاء و فتنة و كل ما فيها إلى زوال و قد نبأنا الله عنها كيما نعتبر فقدم إلينا بالوعيد كي لا يكون لنا حجة بعد الإنذار فازهدوا فيما يفنى و ارغبوا فيما يبقى و خافوا الله في السر و العلانية إن عليا ع في المحيا و الممات و المبعث عاش بقدر و مات بأجل و إني أبايعكم على أن تسالموا من سالمت و تحاربوا من حاربت فبايعوه على ذلك.[2]
* روي أن أمير المؤمنين ع قال للحسن ع قم فاخطب لأسمع كلامك فقام و قال الحمد لله الذي من تكلم سمع كلامه و من سكت علم ما في نفسه و من عاش فعليه رزقه و من مات فإليه معاده و صلى الله على محمد و آله الطاهرين و سلم أما بعد فإن القبور محلتنا و القيامة موعدنا و الله عارضنا و إن عليا باب مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً و من خرج منه كان كافرا فقام إليه ع فالتزمه و قال بأبي أنت و أمي ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ .[3]
* حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رضي الله عنه)، قال أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة و سألته، قال حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر و أمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية، فقال أيها الناس، هذا الحسن بن علي و ابن فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا، و قد أتانا ليبايع طوعا. ثم قال قم يا حسن، فقام الحسن (عليه السلام) فخطب فقال الحمد لله المستحمد بالآلاء، و تتابع النعماء، و صارف الشدائد و البلاء، عند الفهماء و غير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله و كبريائه، و علوه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين، من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الراءين، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته، و وجوده و وحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، اصطفاه و انتجبه و ارتضاه، و بعثه داعيا إلى الحق، و سراجا منيرا، و للعباد مما يخافون نذيرا، و لما يأملون بشيرا، فنصح للأمة، و صدع بالرسالة، و أبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت و أحشر، و بها في الآجلة أقرب و أحبر. و أقول معشر الخلائق فاسمعوا، و لكم أفئدة و أسماع فعوا إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام، و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا، و الرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق و دينه أبدا، و طهرنا من كل أفن و غية، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الأمور و أفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله) للنبوة، و اختاره للرسالة، و أنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله (عز و جل) فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله (تعالى(، و لرسوله (صلى الله عليه و آله( و أول من آمن و صدق الله و رسوله، و قد قال الله (تعالى) في كتابه المنزل على نبيه المرسل »أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ« فرسول الله الذي على بينة من ربه، و أبي الذي يتلوه، و هو شاهد منه. و قد قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله) حين أمره أن يسير إلى مكة و الموسم ببراءة سر بها يا علي، فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني، و أنت هو يا علي فعلي من رسول الله، و رسول الله منه، و قال له نبي الله (صلى الله عليه و آله) حين قضى بينه و بين أخيه جعفر بن أبي طالب (عليهما السلام) و مولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة أما أنت يا علي فمني و أنا منك، و أنت ولي كل مؤمن بعدي. فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه و آله( سابقا و وقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه و آله( في كل موطن يقدمه، و لكل شديدة يرسله ثقة منه و طمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله و رسوله (صلى الله عليه و آله(، و إنه أقرب المقربين من الله و رسوله، و قد قال الله (عز و جل( »وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ« و كان أبي سابق السابقين إلى الله (عز و جل( و إلى رسوله (صلى الله عليه و آله( و أقرب الأقربين، فقد قال الله (تعالى( »لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً«. فأبي كان أولهم إسلاما و إيمانا، و أولهم إلى الله و رسوله هجرة و لحوقا و أولهم على وجده و وسعه نفقة، قال (سبحانه( »وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ« فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إياهم الإيمان بنبيه (صلى الله عليه و آله(، و ذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، و قد قال الله (تعالى( »وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ« فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله (عز و جل( فضل السابقين على المتخلفين و المتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين، و قد قال الله (عز و جل( »أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ«. ]فكان أبي المؤمن بالله و اليوم الآخر[ و المجاهد في سبيل الله حقا، و فيه نزلت هذه الآية. و كان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه و آله( عمه حمزة و جعفر ابن عمه، فقتلا شهيدين (رضي الله عنهما( في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله(، فجعل الله (تعالى( حمزة سيد الشهداء من بينهم، و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، و ذلك لمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه و آله(، و منزلتهما و قرابتهما منه (صلى الله عليه و آله(، و صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله( على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه. و كذلك جعل الله (تعالى( لنساء النبي (صلى الله عليه و آله( للمحسنة منهن أجرين، و للمسيئة منهن وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول الله (صلى الله عليه و آله(، و جعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلا مسجد خليله إبراهيم (عليه السلام( بمكة، و ذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه و آله( من ربه. و فرض الله (عز و جل( الصلاة على نبيه (صلى الله عليه و آله( على كافة المؤمنين، فقالوا يا رسول الله، كيف الصلاة عليك فقال قولوا اللهم صل على محمد و آل محمد فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله( فريضة واجبة. و أحل الله (تعالى( خمس الغنيمة لرسوله (صلى الله عليه و آله(، و أوجبها له في كتابه، و أوجب لنا من ذلك ما أوجب له، و حرم عليه الصدقة و حرمها علينا معه، فأدخلنا فله الحمد فيما أدخل فيه نبيه (صلى الله عليه و آله( و أخرجنا و نزهنا مما أخرجه منه و نزهه عنه، كرامة أكرمنا الله (عز و جل( بها، و فضيلة فضلنا بها على سائر العباد، فقال الله (تعالى( لمحمد (صلى الله عليه و آله( حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه »فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ« فأخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله( من الأنفس معه أبي، و من البنين إياي و أخي، و من النساء أمي فاطمة من الناس جميعا، فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه، و نحن منه و هو منا. و قد قال الله (تعالى( »إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً« فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه و آله( أنا و أخي و أمي و أبي، فجللنا و نفسه في كساء لأم سلمة خيبري، و ذلك في حجرتها و في يومها، فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي، و هؤلاء أهلي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا. فقالت أم سلمة (رضي الله عنها( أدخل معهم يا رسول الله فقال لها (صلى الله عليه و آله( يرحمك الله، أنت على خير و إلى خير، و ما أرضاني عنك و لكنها خاصة لي و لهم. ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه و آله( بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه، يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا. و أمر رسول الله (صلى الله عليه و آله( بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال إني لم أسد أبوابكم و أفتح باب علي من تلقاء نفسي، و لكني أتبع ما يوحى إلي، و إن الله أمر بسدها و فتح بابه فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله( و يولد فيه الأولاد غير رسول الله و أبي علي بن أبي طالب (عليهما السلام( تكرمة من الله (تعالى( لنا، و فضلا اختصنا به على جميع الناس. و هذا باب أبي قرين باب رسول الله (صلى الله عليه و آله( في مسجده، و منزلنا بين منازل رسول الله (صلى الله عليه و آله(، و ذلك أن الله أمر نبيه (صلى الله عليه و آله( أن يبني مسجده، فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه و أزواجه و عاشرها و هو متوسطها لأبي فها هو لبسبيل مقيم، و البيت هو المسجد المطهر، و هو الذي قال الله (تعالى( »أَهْلَ الْبَيْتِ« فنحن أهل البيت، و نحن الذين أذهب الله عنا الرجس و طهرنا تطهيرا. أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله (عز و جل( و خصنا به من الفضل في كتابه و على لسان نبيه (صلى الله عليه و آله( لم أحصه، و أنا ابن النبي النذير البشير، السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، و أبي علي، ولي المؤمنين، و شبيه هارون، و إن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية، و ايم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله و على لسان رسول الله (صلى الله عليه و آله(، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه و آله(، فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و نزل على رقابنا، و حمل الناس على أكتافنا، و منعنا سهمنا في كتاب الله ]من الفيء[ و الغنائم، و منع أمنا فاطمة إرثها من أبيها. إنا لا نسمي أحدا، و لكن أقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول الله (عز و جل( و رسوله، لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها، و لما اختلف في هذه الأمة سيفان، و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، و ما طمعت فيها يا معاوية، و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، و ترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية و أصحابك من بعدك، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و آله( ما ولت أمة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا. و قد تركت بنو إسرائيل و كانوا أصحاب موسى (عليه السلام( هارون أخاه و خليفته و وزيره، و عكفوا على العجل و أطاعوا فيه سامريهم، و هم يعلمون أنه خليفة موسى، و قد سمعت هذه الأمة رسول الله (صلى الله عليه و آله( يقول ذلك لأبي (عليه السلام( إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي و قد رأوا رسول الله (صلى الله عليه و آله( حين نصبه لهم بغدير خم و سمعوه، و نادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، و قد خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله( حذارا من قومه إلى الغار لما أجمعوا أن يمكروا به، و هو يدعوهم لما لم يجد عليهم أعوانا، و لو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم. و قد كف أبي يده و ناشدهم و استغاث أصحابه فلم يغث و لم ينصر، و لو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، و قد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه و آله( في سعة. و قد خذلتني الأمة و بايعتك يا ابن حرب، و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، و قد جعل الله (عز و جل( هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه، كذلك أنا و أبي في سعة حين تركتنا الأمة و بايعت غيرنا، و لم نجد عليهم أعوانا، و إنما هي السنن و الأمثال تتبع بعضها بعضا. أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه و آله( و أبوه وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله( لم تجدوا غيري و غير أخي، فاتقوا الله و لا تضلوا بعد البيان، و كيف بكم و أنى ذلك منكم ألا و إني قد بايعت هذا و أشار بيده إلى معاوية »وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ«. أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، و إنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، و كل صواب نافع، و كل خطإ ضار لأهله، و قد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان و لم تضر داود، فأما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و الله للمؤمن أنفع، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله( لعمه أبي طالب و هو في الموت قل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة و لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله( يقول له إلا ما يكون منه على يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا أعني أبا طالب يقول الله (عز و جل( »وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً«. أيها الناس، اسمعوا و عوا، و اتقوا الله و راجعوا، و هيهات منكم الرجعة إلى الحق، و قد صارعكم النكوص، و خامركم الطغيان و الجحود »أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ« و السلام على من اتبع الهدى. قال فقال معاوية و الله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض، و هممت أن أبطش به، ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية. [4]
[1] كفاية الأثر ص160،عنه البحار ج43 ص363.
[2] توحيد للصدوق ص377.
[3] العدد القوية ص38، عنه البحار ج75 ص112/ج75 ص114، كشف الغمة ج1 ص572.
[4] أمالي الطوسي ص561، عنه البحار ج10 ص138، البحار ج69 ص151 عن البرهان.