شهادته و دفنه صلوات الله عليه :
في تاريخ المفيد في ليلة إحدى و عشرين من رمضان سنة أربعين من الهجرة وفاة أمير المؤمنين ع و قيل يوم الإثنين لتسع عشرة من رمضان إحدى و أربعين دفن بالغري و عمره ثلاث و ستون سنة كان مقامه مع رسول الله ص بعد البعثة ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة مشاركا له في محنه كلها محتملا عنه أثقاله و عشر سنين بعد الهجرة بالمدينة يكافح عنه المشركين و يجاهد دونه الكافرين و يقيه بنفسه فمضى ص و لأمير المؤمنين ثلاث و ثلاثون سنة و كانت إمامته ع ثلاثون سنة منها أربع و عشرون سنة ممنوع من التصرف للتقية و المداراة و منها خمس سنين و أشهر ممتحنا بجهاد المنافقين و قيل مدة ولايته أربع سنين و تسعة أشهر و قيل عمره أربع و ستون سنة و أربعة شهور و عشرون يوما و قيل قتل ع في شهر رمضان لتسع مضين منه و قيل لتسع بقين منه ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة
في(الأمالي للشيخ الطوسي) بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين ع قال لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع كان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط و أما ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة و هو ساجد على رأسه على الضربة التي كانت فخرج الحسن و الحسين ع و أخذا ابن ملجم و أوثقاه و احتمل أمير المؤمنين ع فأدخل داره فقعدت لبابة عند رأسه و جلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر إليهما فقال الرفيق الأعلى خير مستقرا و أحسن مقيلا ضربة بضربة أو العفو إن كان ذلك ثم عرق ثم أفاق فقال رأيت رسول الله ص يأمرني بالرواح إليه عشاء ثلاث مرات
في (الإرشاد) كانت إمامة أمير المؤمنين ع بعد النبي ص ثلاثين سنة منها أربع و عشرون سنة و أشهر ممنوعا من التصرف في أحكامها مستعملا للتقية و المداراة و منها خمس سنين و ستة أشهر ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين و القاسطين و المارقين و مضطهدا بفتن الضالين كما كان رسول الله ص ثلاث عشرة سنة من نبوته ممنوعا من أحكامها خائفا و محبوسا و هاربا و مطرودا لا يتمكن من جهاد الكافرين و لا يستطيع دفعا عن المؤمنين ثم هاجر و أقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للمشركين ممتحنا بالمنافقين إلى أن قبضه الله إليه و أسكنه جنات النعيم و كان وفاة أمير المؤمنين ع قبل الفجر ليلة الجمعة ليلة إحدى و عشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف قتله ابن ملجم المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة و قد خرج ع يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان و قد كان ارتصده من أول الليل لذلك فلما مر به في المسجد و هو مستخف بأمره مماكر بإظهار النوم في جملة النيام قام إليه فضربه على أم رأسه بالسيف و كان مسموما فمكث يوم تسعة عشر و ليلة عشرين و يومها و ليلة إحدى و عشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل ثم قضى نحبه ع شهيدا و لقي ربه تعالى مظلوما و قد كان يعلم ذلك قبل أوانه و يخبر به الناس قبل زمانه و تولى غسله و تكفينه و دفنه ابناه الحسن و الحسين ع بأمره و حملاه إلى الغري من نجف الكوفة فدفناه هناك و عفيا موضع قبره بوصية كانت منه إليهما في ذلك لما كان يعلمه ع من دولة بني أمية من بعده و اعتقادهم في عداوته و ما ينتهون إليه من سوء النيات فيه من قبح الفعال و المقال بما تمكنوا من ذلك فلم يزل قبره ع مخفيا حتى دل عليه الصادق جعفر بن محمد ع في الدولة العباسية و زاره عند وروده إلى أبي جعفر و هو بالحيرة فعرفته الشيعة و استأنفوا إذ ذاك زيارته صلى الله عليه و على ذريته الطاهرين و كانت سنه يوم وفاته ثلاثا و ستين سنة على يدي عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله و قد عاونه وردان بن مجالد من تيم الرباب و شبيب بن بجرة و الأشعث بن قيس و قطام بنت الأخضر فضربه سيفا على رأسه مسموما فبقي يومين إلى نحو الثلث من الليل
في (فرحة الغري) ذكر الفقيه محمد بن معد الموسوي قال رأيت في بعض الكتب الحديثية القديمة ما صورته حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد العزيز بن عامر بن الدهان قال حدثنا علي بن عبد الله الأنباري قال حدثني محمد بن أحمد بن عيسى ابن أخي الحسن بن يحيى قال حدثني محمد بن الحسن الجعفري قال وجدت في كتاب أبي و حدثتني أمي عن أمها أن جعفر بن محمد حدثها أن أمير المؤمنين ع أمر ابنه الحسن ع أن يحفر له أربع قبور في أربع مواضع في المسجد و في الرحبة و في الغري و في دار جعدة بن هبيرة و إنما أراد بهذا أن لا يعلم أحد من أعدائه موضع قبره
في (فرحة الغري) عمي علي بن طاوس عن محمد بن عبد الله بن زهرة عن محمد بن الحسن العلوي عن القطب الراوندي عن ذي الفقار بن معبد عن المفيد محمد بن النعمان قال رواه عباد بن يعقوب الرواجني قال حدثنا حسان بن علي القسري قال حدثنا مولى لعلي بن أبي طالب ع قال لما حضرت أمير المؤمنين ع الوفاة قال للحسن و الحسين ع إذا أنا مت فاحملاني على سرير ثم أخرجاني و احملا مؤخر السرير فإنكما تكفيان مقدمه ثم ائتيا بي الغريين فإنكما ستريان صخرة بيضاء فاحتفرا فيها فإنكما ستجدان فيها ساجة فادفناني فيها قال فلما مات أخرجناه و جعلنا نحمل مؤخر السرير و نكفي مقدمه و جعلنا نسمع دويا و حفيفا حتى أتينا الغريين فإذا صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها ما ادخر نوح ع لعلي بن أبي طالب ع فدفناه فيها و انصرفنا و نحن مسرورون بإكرام الله تعالى لأمير المؤمنين ع فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه فأخبرناهم بما جرى و بإكرام الله تعالى أمير المؤمنين ع فقالوا نحب أن نعاين من أمره ما عاينتم فقلنا لهم إن الموضع قد عفي أثره بوصية منه ع فمضوا و عادوا إلينا فقالوا إنهم احتفروا فلم يروا شيئا
في (فرحة الغري) محمد بن أحمد بن داود عن سلامة عن محمد بن جعفر المؤدب محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن زيد عن علي بن أسباط عن أحمد بن حباب قال نظر أمير المؤمنين ع إلى ظهر الكوفة فقال ما أحسن منظرك و أطيب ريحك قعرك اللهم اجعل قبري بها
قتل ابن ملجم لعنه الله
كان أمير المؤمنين عليهالسلام لما ضربه ابن ملجم أوصى به فيما رواه الحاكم في المستدرك فقال أحسنوا إليه فإن أعش فهضم أو قصاص و إن أمت فعاجلوه فإني مخاصمه عند ربي عز و جل )و في رواية( للحاكم لما جاءوا بابن ملجم إلى علي عليهالسلام قال اصنعوا به ما صنع رسول الله صلىاللهعليهوآله برجل جعل له على أن يقتله فأمر أن يقتل و يحرق بالنار.
قال الطبري و لما قبض أمير المؤمنين عليهالسلام بعث الحسن إلى ابن ملجم فأحضره فقال للحسن هل لك في خصلة أني أعطيت الله عهدا أن لا أعاهد عهدا إلا وفيت به و أني عاهدت الله عند الحطيم أن أقتل عليا و معاوية أو أموت دونهما فإن شئت خليت بيني و بينه فلك علي عهد الله أن لم أقتله و بقيت أن آتيك حتى أضع يدي في يدك فقال له الحسن لا و الله حتى تعاين النار ثم قدمه فقتله و أخذه الناس فأدرجوه في بوارى و أحرقوه بالنار.