عن عبد الله بن عباس قال: قدم يهوديان أخوان من رؤساء اليهود إلى المدينة, فقالا: يا قوم, إن نبيا حدثنا عنه أنه قد ظهر بتهامة نبي يسفه أحلام اليهود ويطعن في دينهم, ونحن نخاف أن يزيلنا عما كان عليه آباؤنا, فأيكم هذا النبي, فإن يكن الذي بشر به داود آمنا به واتبعناه, وإن لم يكن يورد الكلام على ائتلافه, ويقول الشعر ويقهرنا بلسانه جاهدناه بأنفسنا وأموالنا فأيكم هذا النبي؟ فقال المهاجرون والأنصار: إن نبينا محمدا (ص) قد قبض, فقالا: الحمد لله, فأيكم وصيه فما بعث الله عز وجل نبيا إلى قوم إلا وله وصي يؤدي عنه من بعده, ويحكي عنه ما أمره ربه؟ فأومأ المهاجرون والأنصار إلى أبي بكر فقالوا: هذا وصيه, فقالا لأبي بكر: إنا نلقي عليك من المسائل ما يلقى على الأوصياء, ونسألك عما تسأل الأوصياء عنه, فقال لهما أبو بكر: ألقيا ما شئتما أخبركما بجوابه إن شاء الله تعالى, فقال أحدهما: ما أنا وأنت عند الله عز وجل, وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة, وما قبر سار بصاحبه, ومن أين تطلع الشمس وفي أين تغرب, وأين طلعت الشمس ثم لم تطلع فيه بعد ذلك, وأين تكون الجنة وأين تكون النار, وربك يحمل أو يحمل, وأين يكون وجه ربك, وما اثنان شاهدان واثنان غائبان واثنان متباغضان, وما الواحد وما الاثنان وما الثلاثة وما الأربعة وما الخمسة وما الستة وما السبعة وما الثمانية وما التسعة وما العشرة, وما الأحد عشر وما الاثنا عشر, وما العشرون وما الثلاثون, وما الأربعون وما الخمسون, وما الستون وما السبعون, وما الثمانون وما التسعون وما المائة, قال: فبقي أبو بكر لا يرد جوابا, وتخوفنا أن يرتد القوم عن الإسلام, فأتيت منزل علي بن أبي طالب (ع) فقلت له: يا علي, إن رؤساء اليهود قد قدموا المدينة, وألقوا على أبي بكر مسائل فبقي أبو بكر لا يرد جوابا, فتبسم علي (ع) ضاحكا, ثم قال: هو اليوم الذي وعدني رسول الله (ص) به, فأقبل يمشي أمامي وما أخطأت مشيته من مشيته رسول الله (ص) شيئا, حتى قعد في الموضع الذي كان يقعد فيه رسول الله (ص) ثم التفت إلى اليهوديين فقال (ع): يا يهوديان, ادنوا مني وألقيا علي ما ألقيتماه على الشيخ, فقال اليهوديان: ومن أنت؟ فقال (ع) لهما: أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب أخو النبي (ص), وزوج ابنته فاطمة (ع) وأبو الحسن والحسين (ع) ووصيه في حالاته كلها, وصاحب كل منقبة وعز وموضع سر النبي (ص), فقال له أحد اليهوديين: ما أنا وأنت عند الله؟ قال (ع): أنا مؤمن منذ عرفت نفسي, وأنت كافر منذ عرفت نفسك, فما أدري ما يحدث الله فيك يا يهودي بعد ذلك, فقال اليهودي: فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟ قال (ع): ذاك يونس (ع) في بطن الحوت, قال له: فما قبر سار بصاحبه؟ قال (ع): يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر, قال له: فالشمس من أين تطلع؟ قال (ع): من قرني الشيطان, قال: فأين تغرب؟ قال (ع): في عين حامئة, قال لي حبيبي رسول الله (ص): لا تصلي في إقبالها ولا في إدبارها, حتى تصير مقدار رمح أو رمحين, قال: فأين طلعت الشمس ثم لم تطلع في ذلك الموضع؟ قال (ع): في البحر حين فلقه الله لقوم موسى (ع), قال له: فربك يحمل أو يحمل؟ قال (ع): إن ربي عز وجل يحمل كل شيء بقدرته ولا يحمله شيء, قال: فكيف قوله عز وجل {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}؟ قال (ع): يا يهودي, ألم تعلم أن {لله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى} فكل شيء على الثرى, والثرى على القدرة, والقدرة به تحمل كل شيء, قال: فأين تكون الجنة وأين تكون النار؟ قال (ع): أما الجنة ففي السماء وأما النار ففي الأرض, قال: فأين يكون وجه ربك؟ فقال علي بن أبي طالب (ع) لي: يا ابن عباس, ائتني بنار وحطب فأتيته بنار وحطب, فأضرمها ثم قال (ع): يا يهودي, أين يكون وجه هذه النار؟ قال: لا أقف لها على وجه, قال (ع): فإن ربي عز وجل عن هذا المثل وله المشرق والمغرب, {فأينما تولوا فثم وجه الله} فقال له: ما اثنان شاهدان؟ قال (ع): السماوات والأرض لا يغيبان ساعة, قال: فما اثنان غائبان؟ قال (ع): الموت والحياة لا يوقف عليهما, قال: فما اثنان متباغضان؟ قال (ع): الليل والنهار, قال: فما الواحد؟ قال (ع): الله عز وجل, قال: فما الاثنان؟ قال (ع): آدم وحواء, قال: فما الثلاثة؟ قال (ع): كذبت النصارى على الله عز وجل قالوا ثالث ثلاثة, والله لم يتخذ صاحبة ولا ولدا, قال: فما الأربعة؟ قال (ع): القرآن والزبور والتوراة والإنجيل, قال: فما الخمسة؟ قال (ع): خمس صلوات مفترضات, قال: فما الستة؟ قال (ع): {خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام} قال: فما السبعة؟ قال (ع): سبعة أبواب النار متطابقات, قال: فما الثمانية؟ قال (ع): ثمانية أبواب الجنة, قال: فما التسعة؟ قال (ع): {تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} قال: فما العشرة؟ قال (ع): عشرة أيام العشر, قال: فما الأحد عشر؟ قال (ع): قول يوسف لأبيه: {يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} قال: فما الاثنا عشر؟ قال (ع): شهور السنة, قال: فما العشرون؟ قال (ع): بيع يوسف بعشرين درهما, قال: فما الثلاثون؟ قال (ع): ثلاثون يوما شهر رمضان صيامه فرض واجب على كل مؤمن, إلا من كان مريضا أو على سفر, قال: فما الأربعون؟ قال (ع): كان ميقات موسى (ع) ثلاثون ليلة فأتمها الله عز وجل بعشر, {فتم ميقات ربه أربعين ليلة} قال: فما الخمسون؟ قال (ع): لبث نوح (ع) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما, قال: فما الستون؟ قال (ع): قول الله عز وجل في كفارة الظهار: {فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين, قال: فما السبعون؟ قال (ع): اختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقات ربه عز وجل, قال: فما الثمانون؟ قال (ع): قرية بالجزيرة يقال لها: ثمانون, منها قعد نوح (ع) في السفينة واستوت على الجودي وأغرق الله القوم, قال: فما التسعون؟ قال (ع): الفلك المشحون, اتخذ نوح (ع) فيه تسعين بيتا للبهائم, قال: فما المائة؟ قال (ع): كان أجل داود (ع) ستين سنة, فوهب له آدم (ع) أربعين سنة من عمره, فلما حضرت آدم الوفاة جحد فجحدت ذريته, فقال له: يا شاب, صف لي محمدا كأني أنظر إليه حتى أؤمن به الساعة, فبكى أمير المؤمنين (ع) ثم قال: يا يهودي هيجت أحزاني, كان حبيبي رسول الله (ص) صلت الجبين مقرون الحاجبين, أدعج العينين سهل الخدين, أقنى الأنف دقيق المسربة, كث اللحية براق الثنايا, كأن عنقه إبريق فضة, كان له شعيرات من لبته إلى سرته ملفوفة كأنها قضيب كافور, لم يكن في بدنه شعيرات غيرها, لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر, كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره, وكان إذا مشى كأنه ينقلع من صخر أو ينحدر من صبب, كان مدور الكعبين لطيف القدمين دقيق الخصر, عمامته السحاب وسيفه ذو الفقار, وبغلته دلدل وحماره اليعفور وناقته العضباء وفرسه لزاز, وقضيبه الممشوق كان عليه الصلاة والسلام, أشفق الناس على الناس, وأرأف الناس بالناس, كان بين كتفيه خاتم النبوة مكتوب على الخاتم سطران أما أول سطر: فلا إله إلا الله, وأما الثاني: فمحمد رسول الله (ص), هذه صفته يا يهودي, فقال اليهوديان: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (ص) وأنك وصي محمد (ص) حقا, فأسلما وحسن إسلامهما, ولزما أمير المؤمنين (ع) فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان, فخرجا معه إلى البصرة فقتل أحدهما في وقعة الجمل, وبقي الآخر حتى خرج معه إلى صفين فقتل بصفين.
------------------
الخصال ج 2 ص 595, بحار الأنوار ج 10 ص 1
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
احتجاج امير المؤمنين (ع) على رجلين يهود من خيبر:
عن جعفر بن يحيى عن أبيه رفعه إلى بعض الصادقين من آل محمد (ص) قال: جاء رجلان من يهود خيبر, ومعهما التوراة منشورة يريدان النبي (ص) فوجداه قد قبض, فأتيا أبا بكر فقالا: إنا قد جئنا نريد النبي (ص) لنسأله عن مسألة فوجدناه قد قبض, فقال: وما مسألتكما؟ قالا: أخبرنا عن الواحد والاثنين والثلاثة, والأربعة والخمسة والستة, والسبعة والثمانية والتسعة, والعشرة والعشرين والثلاثين, والأربعين والخمسين والستين, والسبعين والثمانين والتسعين والمائة, فقال لهما أبو بكر: ما عندي في هذا شيء, ائتيا علي بن أبي طالب (ع) قال: فأتياه فقصا عليه القصة من أولها ومعهما التوراة منشورة, فقال لهما أمير المؤمنين (ع): إن أنا أخبرتكما بما تجدانه عندكما تسلمان, قالا: نعم, قال (ع): أما الواحد فهو الله وحده لا شريك له, وأما الاثنان فهو قول الله عز وجل: {لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد}, وأما الثلاثة والأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية: فهن قول الله عز وجل في كتابه في أصحاب الكهف: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم}, وأما التسعة فهو قول الله عز وجل في كتابه: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون}, وأما العشرة فقول الله عز وجل: {تلك عشرة كاملة}, وأما العشرون فقول الله عز وجل في كتابه: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}, وأما الثلاثون والأربعون فقول الله عز وجل في كتابه: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة}, وأما الخمسون فقول الله عز وجل: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}, وأما الستون فقول الله عز وجل في كتابه: {فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا}, وأما السبعون فقول الله عز وجل في كتابه: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا}, وأما الثمانون فقول الله عز وجل في كتابه: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة}, وأما التسعون فقول الله عز وجل في كتابه: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة}, وأما المائة فقول الله عز وجل في كتابه: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} قال: فأسلم اليهوديان على يدي أمير المؤمنين (ع).
-------------------
الخصال ج2 ص599, بحار الانوار ج10 ص6
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
احتجاج امير المؤمنين (ع) على قوم من اليهود في زمن عمر
عن طاوس قال: أتى قوم من اليهود عمر بن الخطاب وهو يومئذ وال على الناس, فقالوا له: أنت والي هذا الأمر بعد نبيكم (ص)؟ وقد أتيناك نسألك عن أشياء إن أنت أخبرتنا بها آمنا وصدقنا واتبعناك, فقال عمر: سلوا عما بدا لكم, قالوا: أخبرنا عن أقفال السماوات السبع ومفاتيحها, وأخبرنا عن قبر سار بصاحبه, وأخبرنا عمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الإنس, وأخبرنا عن موضع طلعت فيه الشمس, ولم تعد إليه وأخبرنا عن خمسة لم يخلقوا في الأرحام, وعن واحد واثنين, وثلاثة وأربعة, وخمسة وستة, وسبعة وعن ثمانية, وتسعة وعشرة, وحادي عشر وثاني عشر, قال: فأطرق عمر ساعة, ثم فتح عينيه ثم قال: سألتم عمر بن الخطاب عما ليس له به علم, ولكن ابن عم رسول الله (ص) يخبركم بما سألتموني عنه, فأرسل إليه فدعاه, فلما أتاه قال له: يا أبا الحسن, إن معشر اليهود سألوني عن أشياء لم أجبهم فيها بشيء, وقد ضمنوا لي إن أخبرتهم أن يؤمنوا بالنبي (ص), فقال لهم علي (ع): يا معشر اليهود, اعرضوا علي مسائلكم, فقالوا له مثل ما قالوا لعمر, فقال لهم علي (ع): أتريدون أن تسألوا عن شيء سوى هذا؟ قالوا: لا يا أبا شبر وشبير, فقال لهم علي (ع): أما أقفال السماوات فالشرك بالله, ومفاتيحها قول: لا إله إلا الله, وأما القبر الذي سار بصاحبه فالحوت سار بيونس في بطنه البحار السبعة, وأما الذي أنذر قومه ليس من الجن ولا من الإنس, فتلك نملة سليمان بن داود (ع), وأما الموضع الذي طلعت فيه الشمس فلم تعد إليه فذاك البحر الذي أنجى الله عز وجل فيه موسى (ع) وغرق فيه فرعون وأصحابه, وأما الخمسة الذين لم يخلقوا في الأرحام فآدم وحواء وعصا موسى وناقة صالح وكبش إبراهيم (ع), وأما الواحد فالله الواحد لا شريك له, وأما الاثنان فآدم وحواء, وأما الثلاثة فجبرئيل وميكائيل وإسرافيل, وأما الأربعة فالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان, وأما الخمس فخمس صلوات مفروضات على النبي (ص), وأما الستة فقول الله عز وجل: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام}, وأما السبعة فقول الله عز وجل: {وبنينا فوقكم سبعا شدادا}, وأما الثمانية فقول الله عز وجل: {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}, وأما التسعة فالآيات المنزلات على موسى بن عمران (ع), وأما العشرة فقول الله عز وجل: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر}, وأما الحادي عشر فقول يوسف لأبيه (ع): {إني رأيت أحد عشر كوكبا}, وأما الاثنا عشر فقول الله عز وجل لموسى (ع): {اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا}, قال: فأقبل اليهود يقولون: نشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله, وأنك ابن عم رسول الله (ص), ثم أقبلوا على عمر, فقالوا: نشهد أن هذا أخو رسول الله (ص), وأنه أحق بهذا المقام منك, وأسلم من كان معهم وحسن إسلامهم.
-----------------
الخصال ج2 ص456, بحار الانوار ج10 ص7
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: لما هلك أبو بكر واستخلف عمر, رجع عمر إلى المسجد فقعد فدخل عليه رجل, فقال: يا أمير المؤمنين, إني رجل من اليهود وأنا علامتهم, وقد أردت أن أسألك عن مسائل إن أجبتني فيها أسلمت, قال: ما هي؟ قال: ثلاث وثلاث وواحدة, فإن شئت سألتك, وإن كان في القوم أحد أعلم منك أرشدني إليه, قال: عليك بذلك الشاب, يعني: علي بن أبي طالب (ع), فأتى عليا (ع) فسأله, فقال (ع) له: لم قلت ثلاثا وثلاثا وواحدة, ألا قلت سبعا؟ قال: إني إذا لجاهل؟ إن لم تجبني في الثلاث اكتفيت, قال (ع): فإن أجبتك تسلم؟ قال: نعم, قال (ع): سل, قال: أسألك عن أول حجر وضع على وجه الأرض, وأول عين نبعت, وأول شجرة نبتت, قال (ع): يا يهودي, أنتم تقولون: إن أول حجر وضع على وجه الأرض الحجر الذي في البيت المقدس, وكذبتم هو الحجر الذي نزل به آدم (ع) من الجنة, قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى, قال (ع): وأنتم تقولون: إن أول عين نبعت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس, وكذبتم, هي عين الحياة التي غسل فيها يوشع بن نون السمكة, وهي العين التي شرب منها الخضر وليس يشرب منها أحد إلا حي, قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى, قال (ع): وأنتم تقولون: إن أول شجرة نبتت على وجه الأرض الزيتون, وكذبتم, هي العجوة التي نزل بها آدم (ع) من الجنة معه, قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى (ع), قال: والثلاث الأخرى كم لهذه الأمة من إمام هدى لا يضرهم من خذلهم, قال (ع): اثنا عشر إماما, قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى, قال: فأين يسكن نبيكم من الجنة؟ قال (ع): في أعلاها درجة وأشرفها مكانا في جنات عدن, قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى, ثم قال: فمن ينزل معه في منزله؟ قال (ع): اثنا عشر إماما, قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى (ع), ثم قال: السابعة فأسلم, كم يعيش وصيه بعده؟ قال (ع): ثلاثين سنة, قال: ثم مه يموت أو يقتل؟ قال (ع): يقتل يضرب على قرنه وتخضب لحيته, قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى (ع).
-----------------
الخصال ج 2 ص 476, عيون اخبار الرضا ج 1 ص 52, كمال الدين ج 1 ص 300, الاحتجاج ج 1 ص 226, الإنصاف في النص ص 293, بحار الانوار ج 10 ص 9
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن عبد الرحمن بن أسود عن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) قال: كان لرسول الله (ص) صديقان يهوديان, قد آمنا بموسى رسول الله (ع), وأتيا محمدا رسول الله (ص) وسمعا منه, وقد كانا قرءا التوراة وصحف إبراهيم (ع), وعلما علم الكتب الأولى, فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله (ص), أقبلا يسألان عن صاحب الأمر بعده, وقالا: إنه لم يمت نبي قط إلا وله خليفة يقوم بالأمر في أمته من بعده قريب القرابة إليه من أهل بيته, عظيم الخطر جليل الشأن, فقال أحدهما لصاحبه: هل تعرف صاحب الأمر من بعد هذا النبي؟ قال الآخر: لا أعلمه إلا بالصفة التي أجدها في التوراة, هو الأصلع المصفر فإنه كان أقرب القوم من رسول الله (ص), فلما دخلا المدينة وسألا عن الخليفة أرشدا إلى أبي بكر, فلما نظرا إليه قالا: ليس هذا صاحبنا, ثم قالا له: ما قرابتك من رسول الله (ص)؟ قال: إني رجل من عشيرته, وهو زوج ابنتي عائشة, قالا: هل غير هذا؟ قال: لا, قالا: ليست هذه بقرابة, فأخبرنا أين ربك؟ قال: فوق سبع سماوات, قال: هل غير هذا؟ قال: لا, قالا: دلنا على من هو أعلم منك, فإنك أنت لست بالرجل الذي نجد في التوراة أنه وصي هذا النبي وخليفته, قال: فتغيظ من قولهما وهم بهما, ثم أرشدهما إلى عمر, وذلك أنه عرف من عمر أنهما إن استقبلاه بشيء بطش بهما, فلما أتياه قالا: ما قرابتك من هذا النبي (ص)؟ قال: أنا من عشيرته, وهو زوج ابنتي حفصة, قالا: هل غير هذا؟ قالا: ليست هذه بقرابة وليست هذه الصفة التي نجدها في التوراة, ثم قالا له: فأين ربك؟ قال: فوق سبع سماوات, قالا: هل غير هذا؟ قال: لا, قالا: دلنا على من هو أعلم منك, فأرشدهما إلى علي (ع), فلما جاءه فنظرا إليه قال أحدهما لصاحبه: إنه الرجل الذي صفته في التوراة أنه وصي هذا النبي (ص) وخليفته, وزوج ابنته وأبو السبطين (ع), والقائم بالحق من بعده, ثم قالا لعلي (ع): أيها الرجل, ما قرابتك من رسول الله (ص)؟ قال: هو أخي وأنا وارثه ووصيه وأول من آمن به, وأنا زوج ابنته, قالا: هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة, وهذه الصفة التي نجدها في التوراة, فأين ربك عز وجل؟ قال لهما علي (ع): إن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبيكما موسى (ع), وإن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبينا محمد (ص) قالا: أنبئنا بالذي كان على عهد نبينا موسى (ع), قال علي (ع): أقبل أربعة أملاك: ملك من المشرق, وملك من المغرب, وملك من السماء, وملك من الأرض, فقال صاحب المشرق لصاحب المغرب: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي, وقال صاحب المغرب لصاحب المشرق: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي, وقال النازل من السماء للخارج من الأرض: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي, وقال الخارج من الأرض للنازل من السماء: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي, فهذا ما كان على عهد نبيكما موسى (ع), وأما ما كان عهد نبينا (ص), فذلك قوله في محكم كتابه: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا} الآية, قال اليهوديان: فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله!؟ فو الذي أنزل التوراة على موسى (ع) إنك لأنت الخليفة حقا نجد صفتك في كتبنا, ونقرؤه في كنائسنا, (1) وإنك لأنت أحق بهذا الأمر وأولى به ممن قد غلبك عليه, فقال علي (ع): قدما وأخرا وحسابهما على الله عز وجل, يوقفان ويسألان. (2)
---------------
(1) إلى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق
(2) التوحيد ص 180, إثبات الهداة ج 3 ص 82, بحار الأنوار ج 10 ص 18, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 81, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 203
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: شهدنا الصلاة على أبي بكر, ثم اجتمعنا إلى عمر بن الخطاب فبايعناه, وأقمنا أياما نختلف إلى المسجد إليه حتى سموه أمير المؤمنين, فبينا نحن جلوس عنده يوما إذ جاء يهودي من يهود المدينة, وهو يزعم أنه من ولد هارون أخي موسى (ع), حتى وقف على عمر فقال له اليهودي: يا أمير المؤمنين, أيكم أعلم بعلم نبيكم وكتاب ربكم, حتى أسأله عما أريد؟ فأشار عمر إلى علي بن أبي طالب (ع) فقال له اليهودي: أكذلك أنت يا علي (ع)؟ قال (ع): نعم, سل عما تريد, قال: إني أسألك عن ثلاث وعن ثلاث وواحدة, فقال له علي (ع): لم لا تقول إني أسألك عن سبع؟ قال له اليهودي: أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهن سألتك عن الثلاث الأخرى, فإن أصبت سألتك عن الواحدة, وإن أخطأت في الثلاث الأولى لم أسألك عن شيء, فقال له علي (ع): وما يدريك إذا سألتني فأجبتك أصبت أم أخطأت؟ فضرب بيده إلى كمه فاستخرج كتابا عتيقا, فقال: هذا ورثته عن آبائي وأجدادي, إملاء موسى بن عمران وخط هارون, وفيه هذه الخصال التي أريد أن أسألك عنها, فقال علي (ع): إن عليك إن أجبتك فيهن بالصواب أن تسلم, فقال اليهودي: والله إن أجبتني فيهن بالصواب لأسلمن الساعة على يديك, قال له علي (ع): سل, قال: أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الأرض, وأخبرني عن أول شجرة نبتت على وجه الأرض, وأخبرني عن أول عين نبعت على وجه الأرض, فقال علي (ع): يا يهودي, أما أول حجر وضع على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها صخر بيت المقدس, وكذبوا ولكنه الحجر الأسود نزل به آدم (ع) من الجنة فوضعه في ركن البيت, والناس يتمسحون به ويقبلونه ويجددون العهد والميثاق فيما بينهم وبين الله عز وجل, قال اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت, قال له علي (ع): وأما أول شجرة نبتت على وجه الأرض, فإن اليهود يزعمون أنها الزيتون, وكذبوا ولكنها النخلة من العجوة نزل بها آدم (ع) معه من الجنة, فأصل النخل كله من العجوة, قال له اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت, قال له علي (ع): وأما أول عين نبعت على وجه الأرض, فإن اليهود يزعمون أنها العين التي نبعت تحت صخرة بيت المقدس, وكذبوا ولكنها عين الحياة التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة, فلما أصابها ماء العين عاشت وسربت, فاتبعها موسى وصاحبه فلقيا الخضر (ع), قال له اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت, قال له علي (ع): سل قال: أخبرني عن هذه الأمة كم لها بعد نبيها من إمام عادل, وأخبرني عن منزل محمد (ص), أين هو من الجنة, ومن يسكن معه في منزله؟ قال له علي (ع): يا يهودي, يكون لهذه الأمة بعد نبيها اثنا عشر إماما عدلا, لا يضرهم خلاف من خالف عليهم, قال له اليهودي: أشهد لقد صدقت, قال له علي (ع): وأما منزل محمد (ص) من الجنة في جنة عدن وهي وسط الجنان, وأقربها إلى عرش الرحمن جل جلاله, قال له: أشهد بالله لقد صدقت, قال له علي (ع): والذين يسكنون معه في الجنة هؤلاء الاثنا عشر إماما, قال له اليهودي: أشهد بالله لقد صدقت, قال له علي (ع): سل, قال: أخبرني عن وصي محمد (ص) من أهله, كم يعيش من بعده, وهل يموت موتا أو يقتل قتلا؟ فقال له علي (ع): يا يهودي, يعيش بعده ثلاثين سنة, ويخضب منه هذه من هذا, وأشار إلى رأسه, قال: فوثب إليه اليهودي فقال: أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله (ص), وأنك وصي رسول الله (ص).
---------------
كمال الدين ج 1 ص 294, بحار الانوار ج 10 ص 20. نحوه: الغيبة للنعماني ص 97, ارشاد القلوب 2 ص 319, الإنصاف في النص ص 122
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي أيوب المؤدب عن أبيه, وكان مؤدبا لبعض ولد جعفر بن محمد (ع) قال: لما توفي رسول الله (ص), دخل المدينة رجل من ولد داود على دين اليهودية, فرأى السكك خالية, فقال لبعض أهل المدينة: ما حالكم؟ فقيل له: توفي رسول الله (ص), فقال الداودي: أما إنه توفي اليوم الذي هو في كتابنا, ثم قال: فأين الناس؟ فقيل له: في المسجد, فأتى المسجد فإذا أبو بكر وعمر, وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح, والناس قد غص المسجد بهم, فقال: أوسعوا حتى أدخل, وأرشدوني إلى الذي خلفه نبيكم (ص), فأرشدوه إلى أبي بكر, فقال له: إنني من ولد داود على دين اليهودية, وقد جئت لأسأل عن أربعة أحرف, فإن خبرت بها أسلمت, فقالوا له: انتظر قليلا, وأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) من بعض أبواب المسجد, فقالوا له: عليك بالفتى, فقام إليه فلما دنا منه قال له: أنت علي بن أبي طالب؟ فقال له علي (ع): أنت فلان بن داود؟ قال: نعم, فأخذ على يده وجاء به إلى أبي بكر, فقال له اليهودي: إني سألت هؤلاء عن أربعة أحرف فأرشدوني إليك لأسألك, قال (ع): اسأل, قال: ما أول حرف كلم الله تعالى به نبيكم (ص), لما أسري به ورجع من عند ربه, وخبرني عن الملك الذي زحم نبيكم (ص) ولم يسلم عليه, وخبرني عن الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار, وكلموا نبيكم عن منبر نبيكم أي موضع هي من الجنة؟ قال علي (ع): أول ما كلم الله به نبينا (ص) قول الله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} قال: ليس هذا أردت, قال (ع): فقول رسول الله (ص): {والمؤمنون كل آمن بالله} قال: ليس هذا أردت, قال (ع): اترك الأمر مستورا, قال: لتخبرني أو لست أنت هو, قال (ع): أما إذ أبيت فإن رسول الله (ص) لما رجع من عند ربه, والحجب ترفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل (ع), ناداه ملك: يا أحمد, قال: لبيك, قال: إن الله تعالى يقرأ عليك السلام, ويقول لك: اقرأ على السيد الولي, فقال الملك: علي بن أبي طالب (ع), قال اليهودي: صدقت والله, إني لأجد ذلك في كتاب أبي, فقال علي (ع): وأما الملك الذي زحم رسول الله (ص), فملك الموت جاء من عند جبار من أهل الدنيا, قد تكلم بكلام عظيم, فغضب الله فزحم رسول الله (ص) ولم يعرفه, فقال جبرئيل (ع): يا ملك الموت, هذا رسول الله أحمد حبيب الله (ص), فرجع إليه فلصق به واعتذر, وقال: يا رسول الله, إني أتيت ملكا جبارا قد تكلم بكلام عظيم, فغضبت لله ولم أعرفك فعذره, وأما الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار, فإن رسول الله (ص) مر بمالك ولم يضحك قط, فقال جبرئيل (ع): يا مالك, هذا نبي الرحمة فتبسم في وجهه, فقال رسول الله (ص): مرة يكشف طبقا من النار, فكشف طبقا فإذا قابيل ونمرود وفرعون وهامان, فقالوا: يا محمد, اسأل ربك أن يردنا إلى دار الدنيا حتى نعمل صالحا, فغضب جبرئيل (ع), وقال بريشة من ريش جناحه فرد عليهم طبق النار, وأما منبر رسول الله (ص), فإن مسكن رسول الله (ص) جنة عدن هي جنة خلقها الله تعالى بيده, ومعه فيها اثنا عشر وصيا وفوقه قبة, يقال لها: الرضوان, وفوق الرضوان منزل, يقال لها: الوسيلة, وليس في الجنة منزل يشبهه هو منبر رسول الله (ص), قال اليهودي: صدقت والله, إنه لفي كتاب أبي داود يتوارثونه واحد بعد واحد حتى صار إلي, وأنا أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله, وأنه الذي بشر به موسى (ع), وأشهد أنك عالم هذه الأمة ووصي رسول الله (ص), قال: فعلمه أمير المؤمنين شرائع الدين.
------------------
الفضائل لإبن عقدة ص 46, غيبة النعماني ص99, الإنصاف في النص ص 42, بحار الانوار ج10 ص23
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية