عن خالد بن الوليد أنه قال: رأيت علياً (ع) يسرد حلقات درعه بيده ويصلحها, فقلت: هذا كان لداود (ع)! فقال: يا خالد بنا ألان الحديد لداود, فكيف لنا.
---------
مناقب آشوب ج 2 ص 325, الصراط المستقيم ج 2 ص 325, إثبات الهداة ج 3 ص 542, مدينة المعاجز ج 1 ص 524، بحار الأنوار ج 41 ص 266
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سعيد بن جبير قال: استقبل أمير المؤمنين (ع) دهقان من دهاقين الفرس, فقال له بعد التهنية: يا أمير المؤمنين, تناحست النجوم الطالعات, وتناحست السعود بالنحوس, وإذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء, ويومك هذا يوم صعب, قد اتصلت فيه كوكبان, وانقدح من برجك النيران, وليس لك الحرب بمكان, فقال أمير المؤمنين (ع): ويحك يا دهقان المنبئ بآثار, والمحذر من الأقدار, ما قصة صاحب الميزان, وقصة صاحب السرطان, وكم المطالع من الأسد والساعات في المحركات, وكم بين السراري والذراري؟ قال: سأنظر وأومى بيده إلى كمه, واخرج منه اصطرلاباً ينظر فيه, فتبسم علي (ع) وقال: أتدري ما حدث البارحة؟ وقع بيت بالصين, وانفرج برج ماجين, وسقط سور سرنديب, وانهزم بطرق الروم بأرمينية, وفقد ديان اليهود بابلة, وهاج النمل بوادي النمل, وهلك ملك افريقية, أكنت عالماً بهذا؟ قال: لا يا أمير المؤمنين!!
فقال: البارحة سعد سبعون ألف عالم, وولد في كل عالم سبعون ألفاً, والليلة يموت مثلهم, وهذا منهم وأومى بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي لعنه الله وكان جاسوساً للخوارج في عسكر أمير المؤمنين (ع) فظن الملعون: أنه يقول: خذوه, فأخذ بنفسه فمات, فخر الدهقان ساجداً, فقال له أمير المؤمنين (ع): ألم أروك من عين التوفيق؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين, فقال أمير المؤمنين (ع): أنا وأصحابي لا شرقيون ولا غربيون, نحن ناشئة القطب وأعلام الفلك, أما قولك انقدح من برجك النيران, فكان الواجب عليك أن تحكم لي به لا عليّ, أما نوره وضياؤه فعندي, وأما حريقه ولهبه فذاهب عني, وهذه مسألة عميقة احسبها إن كنت حاسباً.
---------------
الاحتجاج ج 1 ص 239, تسلية المجلس ج 1 ص 316, بحار الأنوار ج 40 ص 166تفسير نور الثقلين ج 4 ص 407, تفسير كنز الدقائق ج 11 ص 140
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن السيدة الزهراء (ع) أنها قالت: أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر, ففزع الناس إلى أبي بكر وعمر, فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي (ع), فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي (ع), فخرج إليهم علي (ع) غير مكترث لما هم فيه, فمضى واتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة, فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة, فقال لهم علي (ع): كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا: وكيف لا يهولنا؟ ولم نر مثلها قط, قالت (ع): فحرك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده ثم قال: ما لك اسكني! فسكنت, فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم, قال لهم: فإنكم قد عجبتم من صنعتي؟ قالوا: نعم, قال: أنا الرجل الذي قال الله {إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها} فأنا الإنسان الذي يقول لها: ما لك؟ {يومئذ تحدث أخبارها} إياي تحدث.
-----------
علل الشرائع ج 2 ص 556, دلائل الإمامة ص 66, تأويل الآيات ص 806, تفسير الصافي ج 5 ص 357, إثبات الهداة ج 3 ص 458, البرهان ج 5 ص 727, مدينة المعاجز ج 2 ص 99, بحار الأنوار ج 41 ص 254, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 648, العوالم ج 11 ص 872
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر بن عبد الله الانصاري, وعبد الله بن العباس قالا: كنا جلوساً عند أبي بكر في ولايته وقد أضحى النهار، وإذا بخالد ابن الوليد المخزومي قد وافى في جيش قام غباره وكثر صهيل أهل خيله وإذا بقطب رحى ملوي في عنقه قد فتل فتلاً!! فأقبل حتى نزل عن جواده ودخل المسجد، ووقف بين يدي أبي بكر، فرمقه الناس بأعينهم فهالهم منظره! ثم قال: أعدل يابن أبي قحافة حيث جعلك الناس في هذا الموضع الذي ليس له أنت بأهل؟! وما ارتفعتَ إلى هذا المكان إلا كما يرتفع الطافي من السمك على الماء، وإنما يطفو ويعلو حين لا حراك به، ما لك وسياسة الجيوش وتقديم العساكر، وأنت بحيث أنت، من لين الحسب، ومنقوص النسب، وضعف القوى، وقلة التحصيل، لا تحمي ذماراً، ولا تضرم ناراً، فلا جزى الله أخا ثقيف وولد صهاك خيراً, إني رجعت منكفئاً من الطائف إلى جدة في طلب المرتدين، فرأيت علي بن أبي طالب (ع) ومعه عتاة من الدين حماليق شزرات أعينهم من حسدك بدرت حنقاً عليك، وقرحت آماقهم لمكانك, منهم ابن ياسر، والمقداد، وابن جنادة أخو غفار، وابن العوام، وغلامان أعرف أحدهما بوجهه، وغلام أسمر لعله من ولد عقيل أخيه, فتبين لي المنكر في وجوههم، والحسد في احمرار أعينهم، وقد توشح علي بدرع رسول الله (ص)، ولبس رداءه السحاب، ولقد أسرج له دابته العقاب، وقد نزل علي على عين ماء اسمها روية, فلما رآني اشمأز وبربر، وأطرق موحشاً يقبض على لحيته, فبادرته بالسلام استكفاء واتقاء ووحشة، فاستغنمت سعة المناخ وسهولة المنزلة، فنزلت ومن معي بحيث نزلوا اتقاء عن مراوغته, فبدأني ابن ياسر بقبيح لفظه ومحض عداوته، فقرعني هزواً بما تقدمت به إليّ بسوء رأيك, فالتفت إليّ الاصلع الرأس، وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الاسد أو كقعقعة الرعد فقال لي بغضب منه: أو كنت فاعلاً يا أبا سليمان؟! فقلت له: إي والله، لو أقام على رأيه لضربت الذي فيه عيناك, فأغضبه قولي إذ صدقته، وأخرجه إليّ طبعه الذي أعرفه به عند الغضب، فقال: يا بن اللخناء! مثلك من يقدر على مثلي أن يجسر؟! أو يدير اسمي في لهواته التي لا عهد لها بكلمة حكمة؟! ويلك إني لست من قتلاك ولا من قتلى صاحبك، وإني لأعرَف بمنيتي منك بنفسك, ثم ضرب بيده إلى ترقوتي فنكسني عن فرسي، وجعل يسوقني، فدعا إلى رحى للحارث بن كلدة الثقفي، فعمد إلى القطب الغليظ فمد عنقي بكلتا يديه وأداره في عنقي، ينفتل له كالعلك المستخن, وأصحابي هؤلاء وقوف، ما اغنوا عني سطوته، ولا كفوا عني شرته، فلا جزاهم الله عني خيراً، فإنهم لما نظروا إليه كأنهم نظروا إلى ملك موتهم! فوالذي رفع السماء بلا أعماد، لقد اجتمع على فك هذا القطب مائة رجل أو يزيدون من أشد العرب فما قدروا على فكه، فدلني عجز الناس عن فتحه أنه سحر منه أو قوة ملك قد ركبت فيه, ففكه الآن عني إن كنت فاكه، وخذ لي بحقي إن كنت آخذاً، وإلا لحقت بدار عزي ومستقر مكرمتي، قد ألبسني ابن أبي طالب من العار ما صرت به ضحكة لاهل الديار! فالتفت أبو بكر إلى عمر وقال: ما ترى إلى ما يخرج من هذا الرجل؟! كأن ولايتي ثقل على كاهله، وشجاً في صدره, فالتفت إليه عمر فقال: فيه دعابة لا تدعه حتى تورده فلا تصدره، وجهل وحسد قد استحكما في خلده، فجريا منه مجرى الدماء لا يدعانه حتى يهينا منزلة، ويورطاه ورطة الهلكة. ثم قال أبو بكر لمن بحضرته: ادعوا إلي قيس بن سعد بن عبادة الانصاري، فليس لفك هذا القطب غيره, قال: وكان قيس سياف النبي، وكان رجلاً طويلاً، طوله ثمانية عشر شبراً في عرض خمسة أشبار، وكان أشد الناس في زمانه بعد أمير المؤمنين (ع), فحضر قيس فقال له: يا قيس! إنك من شدة البدن بحيث أنت، ففك هذا القطب من عنق أخيك خالد، فقال قيس: ولم لا يفكه خالد عن عنقه؟! قال: لا يقدر عليه، قال: فما لا يقدر عيله أبو سليمان وهو نجم عسكركم، وسيفكم على أعدائكم كيف أقدر عليه أنا؟ قال عمر: دعنا من هزئك وهزلك وخذ فيما حضرت، فقال: أحضرت لمسألة تسألونها طوعاً أو كرهاً تجبروني عليه؟ فقال له: إن كان طوعاً وإلا فكرها، قال قيس: يا بن صهاك! خذل الله من يكرهه مثلك، إن بطنك لعظيمة وإن كرشك لكبيرة، فلو فعلت أنت ذلك ما كان منك عجب، قال: فخجل عمر من قيس بن سعد، وجعل ينكث أسنانه بأنامله, فقال أبو بكر: وما بذلك منه، اقصد لما سألت، فقال قيس: والله لو أقدر على ذلك لما فعلت، فدونكم وحدادي المدينة، فإنهم أقدر على ذلك مني, فأتوا بجماعة من الحدادين، فقالوا: لا ينفتح حتى نحميه بالنار, فالتفت أبو بكر إلى قيس مغضباً فقال: والله ما بك من ضعف عن فكه، ولكنك لا تفعل فعلاً يعيب عليك فيه إمامك وحبيبك أبو الحسن (ع) وساق الحديث بينهما إلى أن يقول قيس بن سعد: وأما قولك أن علياً إمامي، ما أنكر إمامته ولا أعدل عن ولايته، وكيف أنقض وقد أعطيت الله عهداً بإمامته وولايته، يسألني عنه؟! فأنا إن ألقى الله بنقض بيعتك أحب إليّ أن أنقض عهده وعهد رسوله وعهد وصيه وخليله، وما أنت إلا أمير قومك، إن شاؤوا تركوك وإن شاؤوا عزلوك, فتب إلى الله مما إجترمته، وتنصل إليه مما ارتكبته، وسلم الامر إلى من هو أولى منك بنفسك، فقد ركبت عظيماً بولايتك دونه، وجلوسك في موضعه، وتسميتك باسمه، وكأنك بالقليل من دنياك وقد انقشع عنك كما ينقشع السحاب، وتعلم أي الفريقين شر مكاناً وأضعف جنداً, وأما تعييرك إياي فإنه مولاي، هو والله مولاي ومولاك ومولى المؤمنين أجمعين، آه..! آه..! أنى لي بثبات قدم، أو تمكن وطئ حتى ألفظك لفظ المنجنيق الحجرة، ولعل ذلك يكون قريباً، ونكتفي بالعيان عن الخبر, ثم قام ونفض ثوبه ومضى، وندم أبو بكر عما أسرع إليه من القول إلى قيس، وجعل خالد يدور في المدينة والقطب في عنقه أياماً, ثم أتى آت إلى أبي بكر فقال له: قد وافى علي بن أبي طالب الساعة من سفره، وقد عرق جبينه، واحمر وجهه، فأنفذ إليه أبو بكر الاقرع بن سراقة الباهلي والاشوس بن الاشجع الثقفي يسألانه المضي إلى أبي بكر في مسجد رسول الله (ص), فأتياه فقالا: يا أبا الحسن! إن أبا بكر يدعوك لأمر قد أحزنه، وهو يسألك أن تصير إليه في مسجد رسول الله (ص)، فلم يجبهما، فقالا: يا أبا الحسن! ما ترد علينا فيما جئناك له؟ فقال (ع): بئس والله الأدب أدبكم، أليس يجب على القادم أن لا يصير إلى الناس في أجلبتهم إلا بعد دخوله في منزله، فإن لكم حاجة فاطلعوني عليها في منزلي حتى أقضيها إن كانت ممكنة إن شاء الله تعالى, فصارا إلى أبي بكر فاعلماه بذلك، فقال أبو بكر: قوموا بنا إليه، ومضى الجمع بأسرهم إلى منزله، فوجدوا الحسين (ع) على الباب يقلب سيفاً ليبتاعه، قال له أبو بكر: يا أبا عبد الله, إن رأيت أن تستأذن لنا على أبيك، فقال (ع): نعم, ثم استأذن للجماعة فدخلوا ومعهم خالد بن الوليد، فبدأ به الجمع بالسلام، فرد عليهم السلام مثل ذلك، فلما نظر إلى خالد قال: نعمت صباحاً يا أبا سليمان! نعم القلادة قلادتك! فقال: والله يا علي, لا نجوت مني إن ساعدني الأجل! فقال له علي (ع): أف لك يا بن دميمة! إنك والذي فلق الحبة وبرأ النسمة عندي لأهون، وما روحك في يدي لو أشاء إلا كذبابة وقعت على إدام حار فطفقت منه، فاغن عن نفسك غنائها، ودعنا بحالنا حكماء، وإلا لألحقنك بمن أنت أحق بالقتل منه، ودع عنك يا أبا سليمان ما مضى، وخذ فيما بقي، والله لا تجرعت من الجرار المختمة إلا علقمها، والله لقد رأيت منيتي ومنيتك وروحي وروحك، فروحي في الجنة وروحك في النار, قال: وحجز الجميع بينهما وسألوه قطع الكلام, فقال أبو بكر لعلي (ع): إنا ما جئناك لما تناقض منه أبا سليمان، وإنما حضرنا لغيره، وأنت لم تزل يا أبا الحسن مقيماً على خلافي والاجتراء على أصحابي، وقد تركناك فاتركنا، ولا تردنا فيرد عليك منا ما يوحشك ويزيدك تنويماً إلى تنويمك, فقال علي (ع): لقد أوحشني الله منك ومن جمعك، وآنس بي كل مستوحش، واما ابن الوليد الخاسر، فإني أقص عليك نبأه، انه لما رأى تكاثف جنوده وكثرة جمعه زها في نفسه، فأراد الوضع مني في موضع رفع ومحل ذي جمع، ليصول بذلك عند أهل الجمع، فوضعت عنه عند ما خطر بباله، وهم بي وهو عارف بي حق معرفته، وما كان الله ليرضى بفعله, فقال له أبو بكر: فنضيف هذا إلى تقاعدك عن نصرة الاسلام، وقلة رغبتك في الجهاد، فبهذا أمرك الله ورسوله، أم عن نفسك تفعل هذا؟! فقال علي (ع): يا أبا بكر! وعلى مثلي يتفقه الجاهلون؟ إن رسول الله (ص) أمركم ببيعتي، وفرض عليكم طاعتي، وجعلني فيكم كبيت الله الحرام يُؤتى ولا يأتي، فقال: يا علي, ستغدر بك أمتي من بعدي كما غدرت الامم بعد مضي الانبياء بأوصيائها إلا قليل، وسيكون لك ولهم بعدي هنّاة وهنّاة، فاصبر، أنت كبيت الله: من دخله كان آمناً ومن رغب عنه كان كافراً، قال الله عز وجل: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً} وإني وأنت سواء إلا النبوة، فإني خاتم النبيين وأنت خاتم الوصيين، وأعلمني عن ربي سبحانه بأني لست أسل سيفاً إلا في ثلاثة مواطن بعد وفاته، فقال: تقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين، ولم يقرب أوان ذلك بعد، فقلت: فما أفعل يا رسول الله بمن ينكث بيعتي منهم ويجحد حقي؟ قال (ص): فاصبر حتى تلقاني، وتستسلم لمحنتك حتى تلقى ناصراً عليهم, فقلت: أفتخاف علي منهم أن يقتلونني؟ فقال (ص): تالله لا أخاف عليك منهم قتلاً ولا جراحاً، وإني عارف بمنيتك وسببها، وقد اعلمني ربي، ولكني خشيت أن تفنيهم بسيفك فيبطل الدين، وهو حديث، فيرتد القوم عن التوحيد, ولولا أن ذلك كذلك، وقد سبق ما هو كائن، لكان لي فيما أنت فيه شأن من الشأن، ولرويت أسيافاً، وقد ظمئت إلى شرب الدماء، وعند قراءتك صحيفتك تعرف نبأ ما احتملت من وزري، ونعم الخصم محمد والحكم الله, فقال أبو بكر: يا أبا الحسن! إنا لم نرد هذا كله، ونحن نأمرك أن تفتح لنا الآن عن عنق خالد هذه الحديدة، فقد آلمه بثقله وأثر في حلقه بحمله، وقد شفيت غليل صدرك منه, فقال علي (ع): لو أردت أن أشفي غليل صدري لكان السيف أشفى للداء وأقرب للفناء، ولو قتلته والله ما قدته برجل ممن قتلهم يوم فتح مكة وفي كرته هذه، وما يخالجني الشك في أن خالداً ما احتوى قلبه من الايمان على قدر جناح بعوضة، وأما الحديد الذي في عنقه فلعلي لا أقدر على فكه، فيفكه خالد عن نفسه أو فكوه أنتم عنه، فأنتم أولى به إن كان ما تدعونه صحيحاً, فقام إليه بريدة الاسلمي وعامر بن الاشجع فقالا: يا أبا الحسن! والله لا يفكه عن عنقه إلا من حمل باب خيبر بفرد يد، ودحا به وراء ظهره، وحمله وجعله جسراً تعبر الناس عليه وهو فوق زنده، وقام إليه عمار بن ياسر فخاطبه أيضا فيمن خاطبه، فلم يجب أحداً، إلى أن قال له أبو بكر: سألتك بالله وبحق أخيك المصطفى رسول الله (ص) إلا ما رحمت خالداً وفككته من عنقه, فلما سأله بذلك استحيا، وكان (ع) كثير الحياء، فجذب خالداً إليه، وجعل يخذف من الطوق قطعة قطعة ويفتلها في يده، فانفتل كالشمع! ثم ضرب بالاولى رأس خالد، ثم الثانية، فقال: آه يا أمير المؤمنين! فقال أمير المؤمنين (ع): قلتها على كره منك، ولو لم تقلها لأخرجت الثالثة من أسفلك، ولم يزل يقطع الحديد جميعه إلى أن أزاله عن عنقه, وجعل الجماعة يكبرون ويهللون ويتعجبون من القوة التي أعطاها الله سبحانه أمير المؤمنين (ع)، وانصرفت شاكرين.
---------------
إرشاد القلوب ج 2 ص 378, بحار الأنوار ج 39 ص 161
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري, قال: رأيت السيد محمداً (ص) وقد قال لأمير المؤمنين (ع) ذات ليلة: إذا كان غداً اقصد إلى جبال البقيع وقف على نشز من الأرض، فإذا بزغت الشمس فسلم عليها، فإن الله تعالى قد أمرها أن تجيبك بما فيك, فلما كان من الغد خرج أمير المؤمنين (ع) ومعه أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار، حتى وافى البقيع ووقف على نشز من الأرض, فلما أطلعت الشمس قرنيها قال (ع): السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له, فسمعوا دوياً من السماء وجواب قائل يقول: وعليك السلام يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، يا من هو بكل شيء عليم, فلما سمع أبو بكر وعمر والمهاجرون والأنصار كلام الشمس صعقوا, ثم أفاقوا بعد ساعات وقد انصرف أمير المؤمنين (ع) عن المكان, فوافوا رسول الله (ص) مع الجماعة وقالوا: أنت تقول إن علياً بشر مثلنا وقد خاطبته الشمس بما خاطب به الباري نفسه؟! فقال النبي (ص): وما سمعتموه منها؟ فقالوا: سمعناها تقول: السلام عليك يا أول! قال: صدقت، هو أول من آمن بي, فقالوا: سمعناها تقول: يا آخر! قال: صدقت، هو آخر الناس عهداً بي، يغسلني ويكفنني ويدخلني قبري, فقالوا: سمعناها تقول: يا ظاهر! قال: صدقت، ظهر علمي كله له, قالوا: سمعناها تقول: يا باطن! قال: صدقت، بطن سري كله, قالوا: سمعناها تقول: يا من هو بكل شيء عليم! قال: صدقت، هو العالم بالحلال والحرام والفرائض والسنن وما شاكل ذلك, فقاموا كلهم وقالوا: لقد أوقعنا محمد في طخياء وخرجوا من باب المسجد.
----------------
كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 933, الفضائل لإبن شاذان ص 69, مدينة المعاجز ج 1 ص 218
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن عبد الله بن العباس أنه قال: عقمت النساء أن يأتين بمثل علي بن أبي طالب (ع), فوالله ما سمعت وما رأيت رئيساً يوازن به, والله لقد رأيته بصفين وعلى رأسه عمامة بيضاء, وكأن عينيه سراج سليط, أو عينا أرقم, وهو يقف على شرذمة من أصحابه يحثهم على القتال, إلى أن انتهى إليّ وأنا في كنف من الناس, وقد خرج خيل لمعاوية المعروفة بالكتيبة الشهباء, عشرون ألف دارع على عشرين ألف أشهب متسربلين بالحديد متراصين كأنهم صفيحة واحدة ما يرى منهم إلا الحدق تحت المغافر, فاقشعر أهل العراق لما عاينوا ذلك! فلما رأى أمير المؤمنين (ع) هذه الحالة منهم قال: ما لكم يا أهل العراق! ما هي إلا جثث مائلة, فيها قلوب طائرة, ورجل جراد دفت بها ريح عاصف, وشداة الشيطان ألجمتهم والضلالة, وصرخ بهم ناعق البدعة ففتنهم, ما هم إلا جنود البغاة, وقحقحة المكاثرة, لو مستهم سيوف أهل الحق تهافتوا تهافت الفراش في النار, ولرأيتموهم كالجراد في يوم الريح العاصف, ألا فاستشعروا الخشية, وتجلببوا السكينة, وادرعوا اللامة, وقلقلوا الاسياف في الاغماد قبل السل, وانظروا الخزر, وأطعنوا الشزر, وتنافحوا بالظبا, وصلوا السيوف بالخطى, والرماح بالنبل, وعاودوا أنفسكم الكر, واستحيوا من الفر فإنه عار باق في الاعقاب, عند ذوي الاحساب, وفي الفرار النار يوم الحساب, وطيبوا عن أنفسكم نفساً, واطووا عن حياتكم كشحاً, وامشوا إلى الموت قدماً, وعليكم بهذا السواد الاعظم, والرواق المطنب, واضربوا ثبجه فإن الشيطان راقد في كسره, نافج حضنيه, مفترش ذراعيه, قد قدم للوثبة يداً, وأخر للنكوص عقباً, فاصدموا له صدماً حتى ينجلي الباطل من الحق, وأنتم الأعلون, فاثبتوا في المواكب, وعضوا على النواجذ, فإنه أنبى للسيوف عن الهام, فاضربوا بالصوارم وشدوا, فها أنا شاد محمل على الكتيبة, وحملهم حتى خالطهم, فلما دارهم دور الرحا المسرعة, وثار العجاج فما كنت أرى إلا رؤوساً بادرة, وأبداناً طافحة, وأيدي طائحة, وقد أقبل أمير المؤمنين (ع) وسيفه يقطر دماً وهو يقول: {قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون}.
وروي: أن من نجا منهم رجعوا إلى عند معاوية فلامهم على الفرار بعد أن أظهر التحسر والحزن على ما حل بتلك الكتيبة, فقال كل واحد منهم: كيف كنت رأيت علياً وقد حمل عليّ, وكلما التفتُ ورائي وجدته يقفو أثري! فتعجب معاوية وقال لهم: ويلكم إن علياً لواحد, كيف كان وراء جماعة متفرقين؟!
----------------
عيون المعجزات ص 48, مدينة المعاجز ج 1 ص 427
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن رميلة: أن علياً (ع) مر برجل يخيط وهو يغني, فقال له: يا شاب لو قرأت القرآن لكان خيراً لك! فقال: إني لا أحسنه, ولوددت أني أُحسن منه شيئاً, فقال (ع): أُدن مني, فدنا منه فتكلم في أذنه بشيء خفي, فصور الله القرآن كله في قلبه, يحفظه كله.
--------------
الخرائج والجرائح ج 1 ص 174, مدينة المعاجز ج 2 ص 18, بحار الأنوار ج 43 ص 17
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن عمار ابن ياسر ذو الفضل والمآثر قال: كنت بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع), وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من صفر, وإذا بزعقة قد ملأت المسامع, وكان علي (ع) على دكة القضاء, فقال: يا عمار, ائت بذي الفقار وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا من بالمكي فجئت به, فانتضاه من غمده, وتركه وقال (ع): يا عمار, هذا يوم أكشف فيه لاهل الكوفة جميعاً الغمة, ليزداد المؤمن وفاقاً, والمخالف نفاقاً, يا عمار ائت بمن على الباب, قال عمار: فخرجت وإذا بالباب امرأة في قبة على جمل وهي تصيح: يا غياث المستغيثين, ويا غاية الطالبين, ويا كنز الراغبين, ويا ذا القوة المتين, ويا مطعم اليتيم, ويا رازق العديم, ويا محيي كل عظم رميم, ويا قديماً سبق قدمه كل قديم, يا عون من لا عون له, ويا طود من لا طود له, وكنز من لا كنز له, إليك توجهت, وإليك توسلت, بيض وجهي, وفرج عني كربي, قال: وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة, قوم لها, وقوم عليها, فقلت: أجيبوا أمير المؤمنين (ع), فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا المسجد, فوقعت المرأة بين يدي أمير المؤمنين (ع) وقالت: يا علي, إياك قصدت, فاكشف ما بي من غمة, إنك ولي ذلك, والقادر عليه, فقال أمير المؤمنين (ع): يا عمار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين (ع), قال عمار: فناديت, فاجتمع الناس حتى صار القدم عليه أقدام كثيرة, ثم قام أمير المؤمنين (ع) وقال: سلوا عما بدا لكم يا أهل الشام, فنهض من بينهم شيخ أشيب عليه بردة أتحمية, وحلة عدنية, وعلى رأسه عمامة خز سوية, فقال: السلام عليك يا كنز الضعفاء, ويا ملجأ اللهفاء, يا مولاي, هذه الجارية ابنتي وما قربتها ببعل قط, وهي عاتق حامل, وقد فضحتني في عشيرتي, وأنا معروف بالشدة والنجدة والبأس والسطوة والشجاعة والبراعة, والنزاهة والقناعة, أنا قلمس بن غفريس وليث عسوس, ووجهه على الاعداء عبوس, لا تخمد لي نار, ولا يضام لي جار, عزير عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي, أنا من أقوام بيت آباؤهم بيت مجد في السماء السابعة فينا كل عبوس لا يرعوي, وكل حجاج عن الحرب لا ينتهي, وقد بقيت يا علي حائر في أمري, فاكشف هذه الغمة فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها, فقال أمير المؤمنين (ع): ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك؟ قالت: أما قوله إني عاتق فقد صدق فيما يقول, وأما قوله إني حامل, فوالله ما أعلم من نفسي خيانة قط, يا أمير المؤمنين وأنت أعلم به مني وتعلم أني ما كذبت فيما قلت, ففرج عني غمي يا عالم السر وأخفى, فصعد أمير المؤمنين (ع) المنبر وقال: الله أكبر {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً} فقال (ع): عليَّ بداية الكوفة, فجاءت امرأة يقال لها: لبنا, وكانت قابلة نساء أهل الكوفة, فقال: اضربي بينك وبين الناس حجاباً, وانظري هذه الجارية أعاتق حامل, ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين (ع) وقالت: نعم يا أمير المؤمنين, عاتق حامل, فقال: يا أهل الكوفة أين الائمة الذين ادعوا منزلتي؟ أين من يدعي في نفسه أن له مقام الحق فيكشف هذه الغمة؟ فقال عمرو بن حريث كالمستهزئ: ما لها غيرك يا بن أبي طالب, واليوم تثبت لنا إمامتك, فقال أمير المؤمنين (ع) لأبي الجارية: يا أبا الغضب, ألستم من أعمال دمشق؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين قال: من قرية يقال لها: إسعاد طريق بانياس الجولة؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين, فقال: هل فيكم من يقدر على قطعة من الثلج؟ فقال أبو الغضب: الثلج في بلادنا كثير, قال أمير المؤمنين (ع): بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخاً, قال: نعم يا أمير المؤمنين, قال عمار رضي الله عنه: فمد (ع) يده وهو على منبر الكوفة, وردها وفيها قطعة من الثلج تقطر ماء, ثم قال لداية الكوفة: ضعي هذا الثلج مما يلي فرج هذه الجارية, سترمي علقة وزنها خمس وخمسون درهما ودانقان, قال: فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت الثلج على الموضع منها, فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال (ع), وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين, فقال أهل الكوفة: استسق لنا يا أمير المؤمنين, فأشار بيده قِبَل السماء فدمدم الجو وأسجم وحمل مزناً, وسال الغيث وأقبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه, فقال: وزنتها؟ فقالت: نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت, فقال (ع): {وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} ثم قال (ع): يا أبا الغضب, خذ ابنتك فوالله ما زنت, ولكن دخلت الموضع, فدخلت فيها هذه العلقة وهي بنت عشر سنين, فربت في بطنها إلى وقتنا هذا, فنهض أبوها وهو يقول: أشهد أنك تعلم ما في الارحام وما في الضمائر.
-------------
عيون المعجزات ص 21, نوادر المعجزات ص 102, الفضائل لإبن شاذان ص 155, الروضة في الفضائل ص 182, مدينة المعاجز ج 2 ص 53, بحار الأنوار ج 40 ص 277
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أمير المؤمنين (ع) أنه كان ذات يوم على منبر البصرة إذ قال أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني, سلوني عن طرق السموات فإني أعرف بها من طرق الارض فقام إليه رجل من وسط القوم وقال: أين جبرئيل في هذه الساعة؟ فرمق بطرفه إلى السماء ثم رمق بطرفه إلى المشرق ثم رمق بطرفه إلى المغرب فلم يجد موطناً فالتفت إليه وقال يا ذا الشيخ أنت جبرئيل! قال فصفق طائراً من بين الناس فضج عند ذلك الحاضرون وقالوا نشهد أنك خليفة رسول الله حقاً.
--------
الفضائل لابن شاذان ص 98، الروضة في الفضائل ص 33, مدينة المعاجز ج 1 ص 112, بحار الأنوار ج 39 ص 108
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الثمالي, عن رميلة وكان ممن صحب علياً (ع) قال: وصار إليه نفر من أصحابه فقالوا: إن وصي موسى كان يريهم الدلائل والعلامات والبراهين والمعجزات, وكان وصي عيسى يريهم كذلك, فلو أريتنا شيئا تطمئن إليه وبه قلوبنا؟ قال (ع): إنكم لا تحتملون علم العالم, ولا تقوون على براهينه وآياته, وألحوا عليه, فخرج بهم نحو أبيات الهجريين حتى أشرف بهم على السبخة, فدعا خفياً, ثم قال (ع): اكشفي غطاءك, فإذا بجنات وأنهار في جانب, وإذا بسعير ونيران من جانب, فقال جماعة: سحر! سحر! وثبت آخرون على التصديق ولم ينكروا مثلهم, وقالوا: لقد قال النبي (ص): القبر روضة من رياض الجنة, أو حفرة من حفر النار.
---------------
الخرائج والجرائح ج 1 ص 172, بحار الأنوار ج 41 ص 248
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي جعفر, عن آبائه (ع) أن الحسين بن علي (ع) قال: كنا قعوداً ذات يوم عند أمير المؤمنين (ع) وهناك شجرة رمان يابسة, إذ دخل عليه نفر من مبغضيه, وعنده قوم من محبيه فسلموا, فأمرهم بالجلوس, فقال علي (ع): إني أريكم اليوم آية تكون فيكم كمثل المائدة في بني إسرائيل, إذ يقول الله: {إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحدا من العالمين} ثم قال: انظروا إلى الشجرة وكانت يابسة, وإذا هي قد جرى الماء في عودها, ثم اخضرت وأورقت وعقدت وتدلى حملها على رؤوسنا, ثم التفت إلينا فقال (ع) للقوم الذين هم محبوه: مدوا أيديكم وتناولوا وكلوا, فقلنا: {بسم الله الرحمن الرحيم} وتناولنا وأكلنا رمانا لم نأكل قط شيئاً أعذب منه وأطيب, ثم قال (ع) للنفر الذين هم مبغضوه: مدوا أيديكم وتناولوا, فمدوا أيديهم فارتفعت وكلما مد رجل منهم يده إلى رمانة ارتفعت, فلم يتناولوا شيئاً, فقالوا: يا أمير المؤمنين, ما بال أخواننا مدوا أيديهم وتناولوا, وأكلوا, ومددنا أيدينا فلم ننل؟! فقال (ع): وكذلك الجنة لا ينالها إلا أولياؤنا ومحبونا, ولا يبعد منها إلا أعداؤنا ومبغوضنا, فلما خرجوا قالوا: هذا من سحر علي بن أبي طالب قليل! قال سلمان: ماذا تقولون: {أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون}.
---------------
الخرائج والجرائح ج 1 ص 219, بحار الأنوار ج 41 ص 249
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن سلمان قال: كنا جلوساً عند النبي (ص) إذ أقبل علي بن أبي طالب (ع), فناوله النبي (ص) حصاة, فما استقرت الحصاة في كف علي (ع) حتى نطقت, وهي تقول: لا إله إلا الله, محمد رسول الله, رضيت بالله رباً, وبمحمد نبياً, وبعلي بن أبي طالب ولياً, (1) ثم قال النبي (ص): من أصبح منكم راضياً بالله وبولاية علي بن أبي طالب, فقد أمن خوف الله وعقابه. (2)
---------------
(1) إلى هنا في إثبات الهداة
(2) الأمالي للطوسي ص 283, مدينة المعاجز ج 1 ص 418, بحار الأنوار ج 17 ص 372, إثبات الهداة ج 3 ص 105
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن عبد الله بن خالد بن سعيد بن العاص, قال: كنت مع أمير المؤمنين (ع) وقد خرج من الكوفة إذ عبر بالصعيد التي يقال لها النخلة على فرسخين من الكوفة, فخرج منها خمسون رجلاً من اليهود وقالوا: أنت علي بن أبي طالب الإمام؟ فقال (ع): أنا ذا, فقالوا: لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم ستة من الأنبياء وهو ذا نطلب الصخرة فلا نجدها, فإن كنت إماماً أوجدنا الصخرة, فقال علي (ع): اتبعوني, قال عبد الله بن خالد: فسار القوم خلف أمير المؤمنين إلى أن استبطن فيهم البر, وإذا بجبل من رمل عظيم, فقال (ع): أيتها الريح, إنسفي الرمل عن الصخرة بحق اسم الله الأعظم, فما كان إلا ساعة حتى نسفت الرمل وظهرت الصخرة, فقال علي (ع) هذه صخرتكم, فقالوا: عليها اسم ستة من الأنبياء على ما سمعنا وقرأنا في كتبنا, ولسنا نرى عليها الاسماء؟! فقال (ع): الأسماء التي عليها فهي في وجهها الذي على الأرض فاقلبوها, فاعصوصب عليها ألف رجل حضروا في هذا المكان فما قدروا على قلبها, فقال علي (ع): تنحوا عنها, فمد يده إليها فقلبها, فوجدوا عليها اسم ستة من الأنبياء أصحاب الشرائع: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص), فقال النفر اليهود: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنك أمير المؤمنين وسيد الوصيين وحجة الله في أرضه, من عرفك سعد, ونجى ومن خالفك, ضل وغوى وإلى الحميم هوى, جلت مناقبك عن التحديد, وكثرت آثار نعتك عن التعديد.
--------------
نوادر المعجزات ص 125, الفضائل لإبن شاذان ص 73, الروضة في الفضائل ص 196, اليقين ص 252, الدر النظيم ص 296, بحار الأنوار ج 41 ص 257
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن فضيل الرسان, عن أبي جعفر (ع): إن جماعة قالوا لعلي (ع): يا أمير المؤمنين, لو أريتنا ما نطمئن إليه مما أنهى إليك رسول الله (ص)؟ قال: لو رأيتم عجيبة من عجائبي لكفرتم وقلتم ساحر كذاب وكاهن, وهو من أحسن قولكم, قالوا: ما منا أحد إلا وهو يعلم أنك ورثت رسول الله (ص) وصار إليك علمه, قال (ع): علم العالم شديد, ولا يحتمله إلا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان, وأيده بروح منه, ثم قال: أما إذا أبيتم إلا أن أُريكم بعض عجائبي, وما آتاني الله من العلم فاتبعوا أثري إذا صليت العشاء الآخرة, فلما صلاها أخذ طريقه إلى ظهر الكوفة, فاتبعه سبعون رجلاً كانوا في أنفسهم خيار الناس من شيعته, فقال لهم علي (ع): إني لست أريكم شيئاً حتى آخذ عليكم عهد الله وميثاقه أن لا تكفروني ولا ترموني بمعضلة, فوالله ما أريكم إلا ما علمني رسول الله (ص), فأخذ عليهم العهد والميثاق أشد ما أخذ الله على رسله من عهد وميثاق, ثم قال (ع): حولوا وجوهكم عني حتى أدعو بما أريد, فسمعوه جميعاً يدعو بدعوات لا يعرفونها, ثم قال (ع): حولوها, فحولوها, فإذا جنات وأنهار وقصور من جانب, والسعير تتلظى من جانب, حتى أنهم ما شكوا أنهما الجنة والنار, فقال: أحسنهم قولاً, إن هذا لسحر عظيم! ورجعوا كفاراً إلا رجلين, فلما رجع مع الرجلين قال (ع) لهما: قد سمعتما مقالتهم, وأخذي العهود والمواثيق عليهم, ورجوعهم يكفرونني, أما والله إنها لحجتي عليهم غداً عند الله, فإن الله ليعلم أني لست بساحر ولا كاهن, ولا يعرف هذا لي, ولا لآبائي, ولكنه علم الله, وعلم رسوله أنهاه إلى رسوله وأنهاه إليّ رسوله, وأنهيته إليكم, فإذا رددتم عليّ, رددتم على الله, حتى إذا صار إلى مسجد الكوفة دعا بدعوات يسمعان, فإذا حصى المسجد در وياقوت, فقال (ع) لهما: ما الذي تريان؟ فقالا: هذا در وياقوت, فقال (ع): صدقتما, لو أقسمت على ربي فيما هو أعظم من هذا لأبر قسمي, فرجع أحدهما كافراً, وأما الآخر فثبت, فقال (ع): إن أخذت شيئاً ندمت, وإن تركت ندمت, فلم يدعه حرصه حتى أخذ درة فصرها في كمه, حتى إذا أصبح نظر إليها فإذا هي درة بيضاء لم ينظر الناس إلى مثلها قط, فقال: يا أمير المؤمنين, إني أخذت من ذلك الدر واحدة, وهي معي, قال (ع): وما دعاك إلى ذلك؟ قال: أحببت أن أعلم أحق هو أم باطل, قال (ع): إنك إن رددتها إلى موضعها الذي أخذتها منه, عوضك الله منها الجنة, وإن أنت لم تردها عوضك الله منها النار, فقام الرجل فردها إلى موضعها الذي أخذها منه, فحولها الله حصاة كما كانت, فبعضهم قال: كان هذا ميثم التمار, وبعضهم قال: كان عمرو بن الحمق الخزاعي.
---------------
الهداية الكبرى ص 129, الخرائج والجرائح ج 2 ص 862, مختصر البصائر ص 321, إثبات الهداة ج 3 ص 493, مدينة المعاجز ج 1 ص 508
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) لما توجه إلى صفين, لحق أصحابه عطش شديد ونفد ما كان معهم من الماء, فأخذوا يميناً وشمالاً يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثراً, فعدل بهم أمير المؤمنين (ع) عن الجادة, وسار قليلاً فلاح لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه, حتى إذا صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم فنادوه فاطلع, فقال له أمير المؤمنين (ع): هل قرب قائمك هذا ماء يتغوث به هؤلاء القوم؟ فقال: هيهات, بيني وبين الماء أكثر من فرسخين, وما بالقرب مني شيء من الماء, ولولا أنني أوتي بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشاً, فقال أمير المؤمنين (ع): أسمعتم ما قال الراهب؟ قالوا: نعم, أفتأمرنا بالمسير إلى حيث أومأ إليه لعلنا ندرك الماء وبنا قوة؟ فقال أمير المؤمنين (ع): لا حاجة بكم إلى ذلك, ولوى عنق بغلته نحو القبلة, وأشار لهم إلى مكان يقرب من الدير, فقال (ع): اكشفوا الارض في هذا المكان فعدل جماعة منهم إلى الموضع فكشفوه بالمساحي, فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع, فقالوا: يا أمير المؤمنين, هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي, فقال لهم: إن هذه الصخرة على الماء فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء, فاجتهدوا في قلبها, فاجتمع القوم وراموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً واستصعبت عليهم, فلما رآهم (ع) قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم, لوى (ع) رجله عن سرجه حتى صار على الارض, ثم حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها, ثم قلعها بيده ودحا بها اذرعاً كثيرة, فلما زالت عن مكانها ظهر لهم بياض الماء, فتبادروا إليه فشربوا منه, فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه, فقال (ع) لهم: تزودوا وارتووا, ففعلوا ذلك, ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانت, وأمر أن يعفى أثرها بالتراب, والراهب ينظر من فوق ديره, فلما استوفى علم ما جرى نادى: يا معشر الناس, أنزلوني أنزلوني, فاحتالوا في إنزاله فوقف بين يدي أمير المؤمنين (ع) فقال له: يا هذا أنت نبي مرسل؟ قال (ع): لا, قال: فملك مقرب؟ قال (ع): لا, قال: فمن أنت؟ قال (ع): أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين (ص), قال: ابسط يدك أسلم لله تبارك وتعالى على يدك, فبسط أمير المؤمنين (ع) يده وقال له: اشهد الشهادتين, فقال: أشهد أن لا إله الا الله, وأشهد أن محمداً رسول الله, وأشهد أنك وصي رسول الله وأحق الناس بالأمر من بعده, فأخذ أمير المؤمنين (ع) عليه شرائط الاسلام, ثم قال له: ما الذي دعاك الآن إلى الإسلام بعد طول مقامك في هذا الدير على الخلاف؟ فقال: أخبرك يا أمير المؤمنين, إن هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها, وقد مضى عالم قبلي لم يدركوا ذلك, وقد رزقنيه الله عز وجل, وإنا نجد في كتاب من كتبنا وناثر عن علمائنا, أن في هذا الصقع عيناً عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي, وانه لا بد من ولي لله يدعو إلى الحق آيته معرفة مكان هذه الصخرة وقدرته على قلعها, وإني لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره وبلغت الأمنية منه, فأنا اليوم مسلم على يدك ومؤمن بحقك ومولاك, فلما سمع ذلك أمير المؤمنين (ع) بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع, ثم قال: الحمد لله الذي لم أكن عنده منسياً, الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكوراً, ثم دعا الناس فقال (ع) لهم: اسمعوا ما يقول أخوكم هذا المسلم, فسمعوا مقالته، وكثر حمدهم لله وشكرهم على النعمة, التي أنعم الله بها عليهم في معرفتهم بحق أمير المؤمنين (ع), ثم سار (ع) والراهب بين يديه في جملة أصحابه حتى لقي أهل الشام, فكان الراهب من جملة من استشهد معه, فتولى (ع) الصلاة عليه ودفنه وأكثر من الاستغفار له, وكان إذا ذكره يقول: ذاك مولاي.
---------------
الإرشاد للمفيد ج 1 ص 334, مجموعة ورام ص 273, مدينة المعاجز ج 1 ص 485, بحار الأنوار ج 41 ص 260
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن جابر الانصاري قال: افتقدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ولم أره بالمدينة أياماً، فغلبني الشوق، فجئت فأتيت أم سلمة المخزومية، فوقفت بالباب، فخرجت وهي تقول: من بالباب؟ فقلت: أنا جابر بن عبد الله، فقالت: ما حاجتك يا أخا الانصاري؟ فقلت: إني فقدت سيدي أمير المؤمنين (ع) لم أره بالمدينة مذ أيام، فغلبني الشوق إليه، أتيتك لأسألك ما فعل أمير المؤمنين (ع)، فقالت: يا جابر أمير المؤمنين في السفر، فقلت: في أي سفر؟ فقالت: يا جابر علي في برحات منذ ثلاث، فقلت: في أي برحات؟! فأجافت الباب دوني، فقالت: يا جابر, ظننتك أعلم مما أنت! صر إلى مسجد النبي (ص) فإنك سترى علياً، فأتيت المسجد فإذا أنا بساجد من نور وسحاب من نور ولا أرى علياً، فقلت: يا عجباً غرتني أم سلمة، فتلبثت قليلاً إذ تطامن السحاب وانشقت ونزل منها أمير المؤمنين (ع) وفي كفه سيف يقطر دماً! فقام إليه الساجد فضمه إليه وقبَّل بين عينيه وقال: الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي نصرك على أعدائك وفتح على يدك، لك إلي حاجة؟ قال: حاجتي إليك أن تقرأ ملائكة السماوات مني السلام وتبشرهم بالنصر، ثم ركب السحاب فطار، فقمت إليه وقلت: يا أمير المؤمنين, لم أرك بالمدينة أياماً فغلبني الشوق إليك فأتيت أم سلمة المخزومية لأسألها عنك فوقفت بالباب فخرجت تقول: من بالباب؟ فقلت: أنا جابر، فقالت: ما حاجتك يا أخا الانصار؟ فقلت: إني فقدت أمير المؤمنين (ع) ولم أره بالمدينة، فأتيتك لأسألك ما فعل أمير المؤمنين (ع)، فقالت: يا جابر اذهب إلى المسجد ستراه, فأتيت المسجد فإذا أنا بساجد من نور وسحاب من نور ولا أراك، فلبثت قليلاً إذ تطامن السحاب وانشقت ونزلتَ وفي يدك سيف يقطر دماً فأين كنت يا أمير المؤمنين؟ قال (ع): يا جابر, كنت في برحات منذ ثلاث، فقلت: وايش صنعت في برحات؟ فقال لي: يا جابر, ما أغفلك! أما علمت أن ولايتي عرضت على أهل السماوات ومن فيها وأهل الارضين ومن فيها، فأبت طائفة من الجن ولايتي, فبعثني حبيبي محمد (ص) بهذا السيف، فلما وردت الجن افترقت الجن ثلاث فرق: فرقة طارت بالهواء فاحتجبت مني، وفرقة آمنت بي وهي الفرقة التي نزل فيها الآية من {قل أوحي}, وفرقة جحدتني حقي فجادلتها بهذا السيف, سيف حبيبي محمد (ص) حتى قتلتها عن آخرها، فقلت: الحمد لله يا أمير المؤمنين، فمن كان الساجد؟ قال (ع): أكرم الملائكة على الله صاحب الحجب, وكَّله الله تعالى بي إذا كان أيام الجمعة يأتيني بأخبار السماوات والسلام من الملائكة، ويأخذ السلام من ملائكة السماوات إلي.
--------------
تفسير الفرات ص 509, بحار الأنوار بحار الأنوار ج 39 ص 147
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن ابن عباس قال: لما قتل علي بن أبي طالب (ع) عمرو بن عبد ود, دخل على النبي (ص) وسيفه يقطر دماً, فلما رآه النبي (ص) كبر, فكبر المسلمون, فقال النبي (ص): اللهم أعط علياً فضيلة لم تعطها أحداً قبله, ولا تعطيها أحداً بعده, فهبط جبرئيل ومعه أترجة من الجنة, فقال له: إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول لك حيّ بهذه علي بن أبي طالب, فدفعها إليه فانفلقت في يده فلقتين, فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة: تحية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب.
----------------
غرر الأخبار ص 53, تأويل الآيات ص 445, مدينة المعاجز ج 1 ص 381
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أنس: أن رسول الله (ص) أخذ كفاً من الحصى فسبحن في يده, ثم صبهن في يد علي (ع) فسبحن في يده, حتى سمعنا التسبيح في أيديهما، ثم صبهن في أيدينا فما سبحت في أيدينا.
--------------
الخرائج والجرائح ج 1 ص 47, بحار الأنوار ج 17 ص 377
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
روي: أن جماعة من أصحاب رسول الله (ص) أتوه وقالوا: يا رسول الله عليك السلام, إن الله اتخذ ابراهيم (ع) خليلاً, وكلم موسى تكليماً, وكان عيسى (ع) يحيي الموتى فما صنع ربك بك؟ فقال النبي (ص): إن الله سبحانه وتعالى إن كان اتخذ ابراهيم خليلاً فقد اتخذني حبيباً, وإن كان كلم موسى من وراء حجاب فقد رأيت جلال ربي وكلمني مشافهة أي بغير واسطة, وإن كان عيسى يحيي الموتى باذن الله تعالى فإن شئتم أحييت لكم موتاكم باذنه تعالى, فقالوا: قد شئنا, فأرسل معهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بعد أن ردّاه بردائه, وكان اسم الرداء المستجاب وأخذ منطقته فشده بها وسطه, ثم أمرهم ان يسيروا مع علي (ع) إلى مقابر, فلما أتوا المقابر سلّم (ع) على أهل القبور ودعا وتكلم بكلام لا يفقهوه, فاضطربت الارض وارتجت وقام الموتى, وقالوا بأجمعهم: على رسول الله السلام, ثم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع), وداخلهم رعب شديد فقالوا: حسبك يا أبا الحسن أقلنا أقالك الله, فأمسك عن استمرار كلام ودعاء فرجعوا إلى رسول الله (ص) وقالوا: يا رسول الله, أقلنا أقالك الله, فقال (ص) لهم: إنما رددتم على الله لا أقالكم الله يوم القيامة.
----------------
الفضائل لإبن شاذان ص 66, مدينة المعاجز ج 1 ص 239
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن حبابة الوالبية قالت: رأيت أمير المؤمنين (ع) في شرطة الخميس ومعه دِرَّة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجِرِّي والمارماهي والزِّمار, ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف, فقال: يا أمير المؤمنين, وما جند بني مروان؟ قال: فقال (ع) له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا, فلم أر ناطقاً أحسن نطقاً منه، ثم اتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت له: يا أمير المؤمنين, ما دلالة الامامة يرحمك الله, قالت: فقال (ع): ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة, فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة إذا ادعى مدع الامامة، فقدر أن يطبع كما رأيت, فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والامام لا يعزب عنه شيء يريده، قالت: ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين (ع) فجئت إلى الحسن (ع) وهو في مجلس أمير المؤمنين والناس يسألونه فقال (ع): يا حبابة الوالبية, فقلت: نعم يا مولاي, فقال: هاتي ما معك, قال: فأعطيته, فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين (ع)، قالت: ثم أتيت الحسين (ع) وهو في مسجد رسول الله (ص) فقَرَّب ورَحَّب، ثم: قال (ع) لي: إن في الدلالة دليلاً على ما تريدين، أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثم أتيت علي بن الحسين (ع) وقد بلغ بي الكبر إلى أن أُرعِشت, وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة, فرأيته راكعاً وساجداً ومشغولاً بالعبادة فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إليّ شبابي، قال: فقلت: يا سيدي, كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال (ع): أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم قال (ع) لي: هاتي ما معك, فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر (ع) فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبد الله (ع) فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى (ع) فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا (ع) فطبع لي فيها, وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر (1) على ما ذكر محمد بن هشام. (2)
---------------
(1) إلى هنا في منتخب الأنوار
(2) الكافي ج 1 ص 346, كمال الدين ج 2 ص 536, الثاقب في المناقب ص 140, الوافي ج 2 ص 143, مدينة المعاجز ج 1 ص 514, بحار الأنوار ج 25 ص 175, منتخب الأنوار ص 92
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن جابر الانصاري قال: صلى بنا أمير المؤمنين (ع) صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال: معاشر الناس, أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان! فقالوا في ذلك: فلبس عمامة رسول الله (ص) ودراعته وأخذ قضيبه وسيفه وركب على العضباء, وقال لقنبر: عد عشراً، قال: ففعلت, فإذا نحن على باب سلمان, قال زاذان: فلما أدرك سلمان الوفاة فقلت له: من المغسل لك؟ قال: من غسل رسول الله (ص) فقلت: إنك في المدائن وهو بالمدينة، فقال: يا زاذان, إذا شددت لحيتي تسمع الوجبة، فلما شددت لحيته سمعت الوجبة وأدركت الباب فإذا أنا بأمير المؤمنين (ع) فقال: يا زاذان, قضى أبو عبد الله سلمان؟ قلت: نعم يا سيدي، فدخل وكشف الرداء عن وجهه فتبسم سلمان إلى أمير المؤمنين (ع), فقال (ع) له: مرحباً يا أبا عبد الله, إذا لقيت رسول الله (ص) فقل له: ما مر على أخيك من قومك، ثم أخذ في تجهيزه, فلما صلى عليه كنا نسمع من أمير المؤمنين تكبيراً شديداً, وكنت رأيت معه رجلين فقال: أحدهما جعفر أخي والآخر الخضر (ع) ومع كل واحد منهما سبعون صفاً من الملائكة في كل صف ألف ألف ملك.
--------------
مناقب آل أبي طالب (ع) ج 2 ص 301, مدينة المعاجز ج 2 ص 418, بحار الأنوار ج 22 ص 372
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية