كلماته

* الإمامة وواسطة الفيض

عن أمير المؤمنين ×: قد طلع طالع ولمع لامع, ولاح‏ لائح واعتدل مائل, واستبدل الله بقوم قوما وبيوم يوما, وانتظرنا الغير انتظار المجدب المطر, وإنما الأئمة قوام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده, ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه, ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه, إن الله تعالى خصكم بالإسلام واستخلصكم له, وذلك لأنه اسم سلامة وجماع‏ كرامة, اصطفى الله تعالى منهجه وبين حججه, من ظاهر علم وباطن حكم, لا تفنى غرائبه‏ ولا تنقضي عجائبه, فيه مرابيع النعم‏ ومصابيح الظلم, لا تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه, ولا تكشف الظلمات إلا بمصابيحه, قد أحمى حماه‏ وأرعى مرعاه, فيه شفاء المشتفي‏ المستشفي وكفاية المكتفي. 

 

عن أمير المؤمنين × في وصف الجدير بالخلافة, قال: أيها الناس, إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم‏ بأمر الله فيه, فإن شغب‏ شاغب استعتب‏ فإن أبى قوتل, ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس ما فما إلى ذلك سبيل, ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها, ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار, ألا وإني أقاتل رجلين رجلا ادعى ما ليس له وآخر منع الذي عليه, أوصيكم عباد الله بتقوى الله, فإنها خير ما تواصى العباد به وخير عواقب الأمور عند الله, وقد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة, ولا يحمل هذا العلم إلا أهل البصر والصبر والعلم بمواقع‏ بمواضع الحق, فامضوا لما تؤمرون به وقفوا عند ما تنهون عنه, ولا تعجلوا في أمر حتى تتبينوا, فإن لنا مع كل أمر تنكرونه غيرا.  

 

عن أمير المؤمنين ×: لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة, إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا, لئلا تبطل حجج الله وبيناته.  

 

عن أمير المؤمنين ×: أيتها النفوس المختلفة, والقلوب المتشتتة الشاهدة أبدانهم والغائبة عنهم عقولهم, أظأركم‏ على الحق وأنتم تنفرون عنه‏ نفور المعزى من وعوعة الأسد, هيهات أن أطلع بكم سرار العدل أو أقيم اعوجاج الحق, اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان, ولا التماس شي‏ء من فضول الحطام, ولكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك, فيأمن المظلومون من عبادك, وتقام المعطلة من حدودك, اللهم إني أول من أناب وسمع وأجاب, لم يسبقني إلا رسول الله | بالصلاة, وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء, والمغانم والأحكام, وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته,‏ ولا الجاهل فيضلهم بجهله, ولا الجافي فيقطعهم بجفائه, ولا الحائف‏ للدول‏ فيتخذ قوما دون قوم, ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع,‏ ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة.  

 

من كلام لأمير المؤمنين × في الخوارج لما سمع قولهم لا حكم إلا لله, قال ×: كلمة حق يراد بها باطل, نعم إنه لا حكم إلا لله, ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله, وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن, ويستمتع فيها الكافر, ويبلغ الله فيها الأجل, ويجمع به الفي‏ء, ويقاتل به العدو, وتأمن به السبل, ويؤخذ به للضعيف من القوي, حتى يستريح بر, ويستراح من فاجر.  

 

عن أمير المؤمنين ×: من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه, وحق رسوله |, وأهل بيته ×, مات شهيدا.  

 

عن أمير المؤمنين ×: من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ, فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره, وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه, ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم.  

 

عن أمير المؤمنين × في وصف آل محمد ×: هم عيش العلم, وموت الجهل, يخبركم حلمهم عن علمهم,‏ وظاهرهم عن باطنهم, وصمتهم عن حكم,‏ منطقهم لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه, وهم دعائم الإسلام, وولائج‏ الاعتصام, بهم عاد الحق إلى نصابه,‏ وانزاح الباطل‏ عن مقامه,‏ وانقطع لسانه عن منبته,‏ عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية, لا عقل سماع ورواية, فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل‏. 

 

عن أمير المؤمنين × في وصف آل محمد ×: هم موضع سره ولجأ أمره‏, وعيبة علمه‏ وموئل‏ حكمه, وكهوف كتبه وجبال دينه, بهم أقام انحناء ظهره, وأذهب ارتعاد فرائصه.  

 

عن أمير المؤمنين ×: لا يقاس بآل محمد | من هذه الأمة أحد, ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا, هم أساس الدين وعماد اليقين, إليهم يفي‏ء الغالي‏ وبهم يلحق التالي, ولهم خصائص حق الولاية, وفيهم الوصية والوراثة الآن إذ رجع الحق إلى أهله ونقل إلى منتقله.  

 

عن أمير المؤمنين ×: أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا, أن رفعنا الله ووضعهم, وأعطانا وحرمهم, وأدخلنا وأخرجهم, بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى, إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم, لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم.  

 

عن أمير المؤمنين × في فضائل أهل البيت ×: وناظر قلب‏ اللبيب به يبصر أمده, ويعرف غوره,‏ ونجده‏ داع دعا وراع رعى, فاستجيبوا للداعي واتبعوا الراعي, قد خاضوا بحار الفتن وأخذوا بالبدع دون السنن, وأرز المؤمنون ونطق الضالون المكذبون, نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب, ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها, فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا.  

 

عن أمير المؤمنين × في فضائل أهل البيت ×: فيهم كرائم‏ القرآن وهم كنوز الرحمن, إن نطقوا صدقوا وإن صمتوا لم يسبقوا, فليصدق رائد أهله وليحضر عقله, وليكن من أبناء الآخرة فإنه منها قدم وإليها ينقلب, فالناظر بالقلب العامل بالبصر يكون مبتدأ عمله أن يعلم أعمله عليه أم له, فإن كان له مضى فيه وإن كان عليه وقف عنه, فإن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق, فلا يزيده بعده عن الطريق الواضح إلا بعدا من حاجته, والعامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح فلينظر ناظر أسائر هو أم راجع, واعلم أن لكل ظاهر باطنا على مثاله, فما طاب ظاهره طاب باطنه, وما خبث ظاهره خبث باطنه, وقد قال الرسول الصادق |: إن الله يحب العبد ويبغض عمله, ويحب العمل ويبغض بدنه, واعلم أن لكل عمل نباتا, وكل نبات لا غنى به عن الماء, والمياه مختلفة فما طاب سقيه طاب غرسه, وحلت ثمرته, وما خبث سقيه خبث غرسه وأمرت ثمرته.  

 

عن أمير المؤمنين ×: نحن النمرقة الوسطى,‏ بها يلحق التالي وإليها يرجع الغالي.  

 

عن أمير المؤمنين ×: ألا إن مثل آل محمد |, كمثل نجوم السماء إذا خوى نجم‏ طلع نجم, فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع, وأراكم ما كنتم تأملون.  

 

عن أمير المؤمنين ×: بنا اهتديتم في الظلماء, وتسنمتم‏ ذروة العلياء, وبنا أفجرتم عن السرار.  

 

عن أمير المؤمنين × في كلام في عن عترة النبي |: فأين تذهبون وأنى تؤفكون‏, والأعلام‏ قائمة والآيات واضحة, والمنار منصوبة, فأين يتاه بكم,‏ وكيف تعمهون‏ وبينكم عترة نبيكم |, وهم أزمة الحق وأعلام الدين, وألسنة الصدق, فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردوهم ورود الهيم العطاش,‏ أيها الناس, خذوها عن خاتم النبيين | إنه يموت من مات منا وليس بميت, ويبلى من بلي منا وليس ببال, فلا تقولوا بما لا تعرفون فإن أكثر الحق فيما تنكرون, واعذروا من لا حجة لكم عليه وهو أنا ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر, وأترك فيكم الثقل الأصغر, قد ركزت فيكم راية الإيمان ووقفتكم على حدود الحلال والحرام, وألبستكم العافية من عدلي, وفرشتكم‏ المعروف من قولي وفعلي, وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسي, فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر, ولا تتغلغل إليه الفكر.  

 

عن أمير المؤمنين ×: انظروا أهل بيت نبيكم | فالزموا سمتهم,‏ واتبعوا أثرهم, فلن يخرجوكم من هدى ولن يعيدوكم في ردى, فإن لبدوا فالبدوا, وإن نهضوا فانهضوا, ولا تسبقوهم فتضلوا, ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا.  

 

عن أمير المؤمنين ×: الحمد لله الناشر في الخلق فضله, والباسط فيهم بالجود يده, نحمده في جميع أموره ونستعينه على رعاية حقوقه, ونشهد أن لا إله غيره, وأن محمدا عبده ورسوله, أرسله بأمره صادعا وبذكره‏ ناطقا, فأدى أمينا ومضى رشيدا, وخلف فينا راية الحق من تقدمها مرق‏, ومن تخلف عنها زهق‏, ومن لزمها لحق, دليلها مكيث الكلام‏ بطي‏ء القيام‏ سريع إذا قام, فإذا أنتم ألنتم له رقابكم, وأشرتم إليه بأصابعكم, جاءه الموت فذهب به, فلبثتم بعده ما شاء الله, حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضم نشركم‏, فلا تطمعوا في غير مقبل,‏ ولا تيأسوا من مدبر, فإن المدبر عسى أن تزل به إحدى قائمتيه وتثبت الأخرى فترجعا حتى تثبتا جميعا, ألا إن مثل آل محمد | كمثل نجوم السماء, إذا خوى نجم‏ طلع نجم, فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع, وأراكم ما كنتم تأملون‏. 

 

عن أمير المؤمنين ×: نحن شجرة النبوة, ومحط الرسالة, ومختلف الملائكة, ومعادن العلم, وينابيع الحكم ناصرنا, ومحبنا ينتظر الرحمة, وعدونا ومبغضنا ينتظر السطوة.  

 

عن أمير المؤمنين ×: وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر.  

 

عن أمير المؤمنين ×: واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي‏ تركه, ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه, ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه,  فالتمسوا ذلك من عند أهله, فإنهم عيش العلم وموت الجهل, هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم, وصمتهم عن منطقهم, وظاهرهم عن باطنهم, لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه, فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق.  

 

عن أمير المؤمنين × قال: ألا إن أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغاراً وأعلم الناس كباراً, ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا, وبحكم الله حكمنا, ومن قول صادق سمعنا, فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا, وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا, معنا راية الحق, من تبعها لحق ومن تأخر عنها غرق, ألا وبنا يدرك كل مؤمن, وبنا يخلع ربقة الذل من أعناقكم, وبنا فتح الله لا بكم, وبنا يختم الله لا بكم.  

 

عن أمير المؤمنين × أنه قال: وأما ما كان من الخطاب بالانفراد مرة, وبالجمع مرة, من صفة الباري جل ذكره, فإن الله تبارك وتعالى اسمه, على ما وصف به نفسه بالانفراد والوحدانية, هو: النور الأزلي القديم الذي ليس كمثله شيء, لا يتغير, ويحكم ما يشاء ويختار, ولا معقب لحكمه, ولا راد لقضائه, ولا ما خلق زاد في ملكه وعزه ولا نقص منه ما لم يخلقه, وانما أراد بالخلق إظهار قدرته, وابداء سلطانه, وتبيين براهين حكمته, فخلق ما شاء كما شاء, وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من أمنائه, وكان فعلهم فعله, وأمرهم أمره, كما قال: {ومن يطع الرسول فقد أطاع الله} وجعل السماء والأرض وعاء لمن يشاء من خلقه, ليميز الخبيث من الطيب, مع سابق علمه بالفريقين من أهلها, وليجعل ذلك مثالاً لأوليائه وأمنائه, وعرَّف الخليقة فضل منزلة أوليائه, وفرض عليهم من طاعتهم مثل الذي فرضه منه لنفسه, وألزمهم الحجة بأن خاطبهم خطاباً يدل على انفراده وتوحده وبأن له أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله, فهم الـ{عباد المكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} هو الذي {أيدهم بروح منه} وعرَّف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول} وهم النعيم الذي يُسئل العباد عنه, لأن الله تبارك وتعالى أنعم بهم على من اتبعهم من أوليائهم. قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: هم رسول الله, ومن حل محله من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه ورسوله, وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه, وهم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وقال فيهم: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال السائل: ما ذاك الأمر؟ قال علي ×: الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم, من خلق, ورزق, وأجل, وعمل, وعمر, وحياة وموت, وعلم غيب السماوات والأرض, والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه, وهم وجه الله الذي قال: {فأينما تولوا فثم وجه الله} هم بقية الله يعني المهدي يأتي عند انقضاء هذه النظرة, فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً, ومن آياته: الغيبة والإكتتام, عند عموم الطغيان, وحلول الانتنقام, ولو كان هذا الأمر الذي عرفتك بأنه للنبي دون غيره, لكان الخطاب يدل على فعل ماض, غير دائم ولا مستقبل, ولقال: نزلت الملائكة وفرق كل أمر حكيم ولم يقل: {تنزل الملائكة} و{يفرق كل أمر حكيم}. وقد زاد جل ذكره في التبيان, وإثبات الحجة, بقوله في أصفيائه وأوليائه ×: {أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله} تعريفاً للخليقة قربهم, ألا ترى أنك تقول: فلان إلى جنب فلان, إذا أردت أن تصف قربه منه, وإنما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره, وغير أنبيائه وحججه في أرضه, لعلمه بما يُحدثه في كتابه المبدلون, من: إسقاط أسماء حججه منه, وتلبيسهم ذلك على الأمة ليعينوهم على باطلهم, فأثبت به الرموز, وأعمى قلوبهم وأبصارهم, لما عليهم في تركها وترك غيرها, من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه, وجعل أهل الكتاب المقيمين به, والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها, أي: يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت, وجعل أعدائها, أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم, فأبي الله الا أن يتم نوره, ولو علم المنافقون لعنهم الله: ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها, لأسقطوها مع ما أسقطوا منه, ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بايجاب الحجة على خلقه, كما قال الله تعالى, {فلله الحجة البالغة} أغشى أبصارهم, وجعل على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك, فتركوه بحاله, وحجبوا عن تأكيد الملتبس بإبطاله, فالسعداء ينهون عليه, والأشقياء يعمون عنه {ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور}. 

 

عن طارق بن شهاب, عن أمير المؤمنين × أنه قال: يا طارق, الامام كلمة الله وحجة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه فهو وليه في سماواته وأرضه، أخذ له بذلك العهد على جميع عباده، فمن تقدم عليه كفر بالله من فوق عرشه، فهو يفعل ما يشاء وإذا شاء الله شاء, ويُكتب على عضده {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً} فهو الصدق والعدل ويُنصب له عمود من نور من الارض إلى السماء يرى فيه أعمال العباد، ويلبس الهيبة وعلم الضمير، ويطلع على الغيب، ويرى ما بين المشرق والمغرب فلا يخفى عليه شيء من عالم الملك والملكوت، ويعطى منطق الطير عند ولايته. فهذا الذي يختاره الله لوحيه ويرتضيه لغيبه ويؤيده بكلمته ويلقنه حكمته ويجعل قلبه مكان مشيته وينادى له بالسلطنة ويذعن له بالامرة ويحكم له بالطاعة وذلك لأن الامامة ميراث الانبياء ومنزلة الاصفياء وخلافة الله وخلافة رسل الله فهي عصمة وولاية وسلطنة وهداية، وإنه تمام الدين ورجح الموازين. الإمام دليل للقاصدين ومنار للمهتدين وسبيل السالكين وشمس مشرقة في قلوب العارفين، ولايته سبب للنجاة وطاعته مفترضة في الحياة وعدة بعد الممات، وعز المؤمنين وشفاعة المذنبين ونجاة المحبين وفوز التابعين، لأنها رأس الاسلام وكمال الايمان ومعرفة الحدود والاحكام وتبيين الحلال من الحرام، فهي مَرتبة لا ينالها إلا من اختاره الله وقدمه وولاه وحكمه, فالولاية هي حفظ الثغور وتدبير الامور وتعديد الايام والشهور. 

الامام الماء العذب على الظمأ، والدال على الهدى، الامام المطهر من الذنوب، المطلع على الغيوب، الامام هو الشمس الطالعة على العباد بالانوار فلا تناله الايدي والابصار وإليه الاشارة بقوله تعالى {فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين} والمؤمنون علي وعترته، فالعزة للنبي وللعترة، والنبي والعترة لا يفترقان في العزة إلى آخر الدهر. فهم رأس دائرة الايمان وقطب الوجود وسماء الجود وشرف الموجود وضوء شمس الشرف ونور قمره وأصل العز والمجد ومبدؤه ومعناه ومبناه، فالامام هو السراج الوهاج والسبيل والمنهاج والماء الثجاج والبحر العجاج والبدر المشرق والغدير المغدق والمنهج الواضح المسالك، والدليل إذا عمت المهالك والسحاب الهاطل والغيث الهامل والبدر الكامل والدليل الفاضل والسماء الظليلة والنعمة الجليلة والبحر الذي لا ينزف والشرف الذي لا يوصف والعين الغزيرة والروضة المطيرة والزهر الاريج والبدر البهيج والنير اللائح والطيب الفائح والعمل الصالح والمتجر الرابح والمنهج الواضح والطبيب الرفيق والاب الشفيق مفزع العباد في الدواهي والحاكم والآمر والناهي، مهيمن الله على الخلائق، وأمينه على الحقائق حجة الله على عباده ومحجته في أرضه وبلاده، مطهر من الذنوب مبرأ من العيوب مطلع على الغيوب، ظاهره أمر لا يملك، وباطنه غيب لا يدرك، واحد دهره وخليفة الله في نهيه وأمره لا يوجد له مثيل ولا يقوم له بديل, فمن ذا ينال معرفتنا أو يعرف درجتنا أو يشهد كرامتنا أو يدرك منزلتنا! حارت الالباب والعقول وتاهت الافهام فيما أقول وتصاغرت العظماء وتقاصرت العلماء وكلَّت الشعراء وخرست البلغاء ولكنَتِ الخطباء وعجزت الفصحاء وتواضعت الارض والسماء عن وصف شأن الاولياء, وهل يُعرف أو يُوصف أو يُعلم أو يُفهم أو يُدرك أو يُملك من هو شعاع جلال الكبرياء وشرف الارض والسماء؟! جلَّ مقام آل محمد | عن وصف الواصفين ونعت الناعتين وأن يقاس بهم أحد من العالمين، كيف وهم الكلمة العلياء، والتسمية البيضاء، والآية الكبرى التي أعرض عنها من أدبر وتولى، وحجاب الله الاعظم الاعلى, فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول من هذا؟ ومن ذا عرف أو وصف من وصفت؟ 

ظنوا أن ذلك في غير آل محمد، كذبوا وزلت أقدامهم، اتخذوا العجل رباً، والشياطين حزباً، كل ذلك بغضة لبيت الصفوة ودار العصمة وحسداً لمعدن الرسالة والحكمة، وزين لهم الشيطان أعمالهم، فتباً لهم وسحقاً، كيف اختاروا إماماً جاهلاً عابداً للاصنام، جباناً يوم الزحام ؟! والإمام يجب أن يكون عالماً لا يجهل، وشجاعاً لا ينكل، لا يعلو عليه حسب ولا يدانيه نسب، فهو في الذروة من قريش، والشرف من هاشم، والبقية من ابراهيم والنهج من النبع الكريم، والنفس من الرسول، والرضى من الله، والقول عن الله, فهو شرف الاشراف والفرع من عبد مناف، عالم بالسياسة، قائم بالرياسة، مفترض الطاعة إلى يوم الساعة، أودع الله قلبه سرَّه، وأطلق به لسانه فهو معصوم موفق ليس بجبان ولا جاهل، فتركوه يا طارق واتبعوا أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. والامام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي وأمر الهي وروح قدسي ومقام عليّ ونور جلي وسر خفي، فهو ملك الذات، إلهي الصفات، زائد الحسنات، عالم بالمغيبات خصاً من رب العالمين، ونصاً من الصادق الامين, وهذا كله لآل محمد لا يشاركهم فيه مشارك, لأنهم معدن التنزيل ومعنى التأويل وخاصة الرب الجليل ومهبط الامين جبرئيل، صفوة الله وسره وكلمته، شجرة النبوة ومعدن الصفوة عين المقالة، ومنتهى الدلالة، ومحكم الرسالة، ونور الجلالة جنب الله ووديعته، وموضع كلمة الله ومفتاح حكمته، ومصابيح رحمة الله وينابيع نعمته السبيل إلى الله والسلسبيل والقسطاس المستقيم والمنهاج القويم والذكر الحكيم والوجه الكريم والنور القديم، أهل التشريف والتقويم والتقديم والتعظيم والتفضيل خلفاء النبي الكريم وأبناء الرؤف الرحيم وأمناء العلي العظيم، {ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم} السنام الاعظم والطريق الاقوم، من عرفهم وأخذ عنهم فهو منهم، وإليه الاشارة بقوله {فمن تبعني فإنه مني} خلقهم الله من نور عظمته وولاهم أمر مملكته فهم سر الله المخزون وأوليآؤه المقربون وأمره بين الكاف والنون إلى الله يدعون وعنه يقولون وبأمره يعملون. علم الانبياء في علمهم وسر الاوصياء في سرهم وعز الاولياء في عزهم كالقطرة في البحر والذرة في القفر، والسماوات والارض عند الامام كيده من راحته يعرف ظاهرها من باطنها ويعلم برها من فاجرها ورطبها ويابسها، لان الله علَّم نبيه علم ما كان وما يكون وورث ذلك السر المصون الاوصياء المنتجبون، ومن أنكر ذلك فهو شقي ملعون يلعنه الله ويلعنه اللاعنون, وكيف يفرض الله على عباده طاعة من يحجب عنه ملكوت السماوات والارض؟! وإن الكلمة من آل محمد تنصرف إلى سبعين وجهاً، وكل ما في الذكر الحكيم والكتاب الكريم والكلام القديم من آية تذكر فيها العين والوجه واليد والجنب فالمراد منها الولي لأنه جنب الله ووجه الله، يعني حق الله وعلم الله وعين الله ويد الله فهم الجنب العلي والوجه الرضي والمنهل الروي والصراط السوي والوسيلة إلى الله والوصلة إلى عفوه ورضاه. سر الواحد والاحد، فلا يقاس بهم من الخلق أحد، فهم خاصة الله وخالصته وسر الديان وكلمته، وباب الايمان وكعبته وحجة الله ومحجته وأعلام الهدى ورايته وفضل الله ورحمته، وعين اليقين وحقيقته، وصراط الحق وعصمته، ومبدء الوجود وغايته، وقدرة الرب ومشيته، وأم الكتاب وخاتمته، وفصل الخطاب ودلالته، وخزنة الوحي وحفظته، وآية الذكر وتراجمته، ومعدن التنزيل ونهايته فهم الكواكب العلوية, والانوار العلوية المشرقة من شمس العصمة الفاطمية، في سماء العظمة المحمدية والاغصان النبوية النابتة في دوحة الاحمدية والاسرار الالهية المودعة في الهياكل البشرية، والذرية الزكية، والعترة الهاشمية الهادية المهدية أولئك هم خير البرية. فهم الائمة الطاهرون والعترة المعصومون والذرية الأكرمون والخلفاء الراشدون والكبراء الصديقون والأوصياء المنتجبون والاسباط المرضيون والهداة المهديون والغر الميامين من آل طه وياسين، وحجج الله على الاولين والاخرين, اسمهم مكتوب على الاحجار وعلى أوراق الاشجار وعلى أجنحة الاطيار وعلى أبواب الجنة والنار وعلى العرش والافلاك وعلى أجنحة الاملاك وعلى حجب الجلال وسرادقات العزّ والجمال، وباسمهم تسبح الاطيار، وتستغفر لشيعتهم الحيتان في لجج البحار، وإنَّ الله لم يخلق أحداً إلا وأخذ عليه الاقرار بالوحدانية والولاية للذرية الزكية والبراءة من أعدائهم وإنَّ العرش لم يستقر حتى كُتِبَ عليه بالنور: لا إله إلا الله محمَّدٌ رسول الله عليٌّ وليُّ الله.  

 

عن أمير المؤمنين ×: أنا حجة الله على خلقه من أهل سماواته وأرضه, وما في السماء من ملك يخطو قدما عن قدم إلا بإذني.  

 

عن أمير المؤمنين × أنه خطب على منبر الكوفة وقال: والله إني لديان الناس يوم الدين وقسيم الجنة والنار, لا يدخلها الداخل إلا على أحد قسمي, وإني الفاروق الاكبر, وإن جميع الرسل والملائكة والأرواح خلقوا لخلقنا, لقد أعطيت التسع التي لم يسبقني إليها أحد, علمت فصل الخطاب, وبصرت سبيل الكتاب, وأزجل إلى السبحات وعلمت علم المنايا والبلايا والقضايا, وبي كمال الدين, وأنا النعمة التي أنعمها الله على خلقه, كل ذلك مَنٌّ من الله به علي, ومنَّا الرقيب على خلق الله, ونحن قسم الله وحجته بين العباد إذ يقول الله: {اتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيباً}, فنحن أهل بيت عصمنا الله من أن نكون فتانين أو كذابين أو ساحرين أو زيافين, فمن كان فيه شيء من هذه الخصال فليس منا ولا نحن منه, إنا أهل بيت طهرنا الله من كل نجس, نحن الصادقون إذا نطقنا, والعالمون إذا سُئلنا, أعطانا الله عشر خصال لم تكن لأحد قبلنا ولا تكون لأحد بعدنا: الحلم والعلم واللب والنبوة والشجاعة والصبر والعفاف والطهارة, فنحن كلمة التقوى وسبيل الهدى والمثل الأعلى والحجة العظمى والعروة الوثقى والحق الذي أقر الله به {فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون}. 

 

عن زرارة, عن أبي جعفر × قال: قال أمير المؤمنين ×: خُلقت الأرض لسبعة, بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم: سلمان الفارسي, والمقداد, وأبو ذر, وعمار, وحذيفة. وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × يقول: وأنا إمامهم, وهم الذين صلوا على فاطمة ÷.  

 

عن سليم بن قيس‏ قال:‏ صعد أمير المؤمنين × المنبر, فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس, أنا الذي فقأت‏ عين الفتنة, ولم يكن ليجترئ عليها غيري, وايم الله لو لم أكن فيكم لما قوتل أهل الجمل ولا أهل صفين‏ ولا أهل النهروان, وايم الله‏ لو لا أن تتكلموا وتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله على لسان نبيه |, لمن قاتلهم مستبصرا في ضلالتهم عارفا بالهدى الذي نحن عليه, ثم قال ×: سلوني عما شئتم‏ قبل أن تفقدوني, فو الله إني بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض, أنا يعسوب المؤمنين أول السابقين, وإمام المتقين, وخاتم الوصيين, ووارث النبيين, وخليفة رب العالمين, أنا ديان الناس يوم القيامة, وقسيم الله بين أهل الجنة والنار, وأنا الصديق الأكبر والفاروق الذي أفرق بين‏ الحق والباطل, وإن عندي علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب, وما من آية نزلت‏ إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت, أيها الناس, إنه وشيك أن تفقدوني‏ إني مفارقكم, وإني ميت أو مقتول‏ ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها يعني لحيته من دم رأسه, والذي فلق الحب وبرأ النسمة لا تسألوني من فئة تبلغ ثلاثمائة فما فوقها فيما بينكم وبين قيام الساعة, إلا أنبأتكم بسائقها وقائدها وناعقها, وبخراب العرصات متى تخرب, ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة, فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين, أخبرنا عن البلايا فقال ×: إذا سأل سائل فليعقل, وإذا سئل مسئول فليلبث,‏ إن من ورائكم أمورا ملتجة مجلجلة وبلاء مكلحا مبلحا, والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو قد فقدتموني, ونزلت عزائم الأمور وحقائق البلاء, لقد أطرق كثير من السائلين واشتغل‏ كثير من المسئولين, وذلك إذا ظهرت حربكم ونصلت عن ناب‏ وقامت عن ساق, وصارت الدنيا بلاء عليكم, حتى يفتح الله لبقية الأبرار, فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين, حدثنا عن الفتن, فقال ×: إن الفتن إذا أقبلت شبهت‏, وإذا أدبرت أسفرت, وإن‏ الفتن‏ لها موج كموج البحر, وإعصار كإعصار الريح, تصيب بلدا وتخطئ الآخر, فانظروا أقواما كانوا أصحاب الرايات يوم بدر فانصروهم تنصروا وتوجروا وتعذروا, ألا إن أخوف الفتن عليكم من بعدي فتنة بني أمية, إنها فتنة عمياء صماء مطبقة مظلمة, عمت فتنتها وخصت بليتها, أصاب البلاء من أبصر فيها, وأخطأ البلاء من عمي عنها, أهل باطلها ظاهرون على أهل حقها, يملئون الأرض بدعا وظلما وجورا, وأول من يضع جبروتها ويكسر عمودها وينزع أوتادها الله رب العالمين وقاصم الجبارين, ألا إنكم ستجدون بني أمية أرباب سوء بعدي كالناب‏ الضروس تعض بفيها, وتخبط بيديها, وتضرب‏ برجليها, وتمنع درها, وايم الله لا تزال فتنتهم حتى لا تكون نصرة أحدكم لنفسه إلا كنصرة العبد السوء لسيده‏, إذا غاب سبه وإذا حضر أطاعه,‏ وايم الله لو شردوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله لشر يوم لهم‏, فقال الرجل: فهل من جماعة يا أمير المؤمنين بعد ذلك؟ قال ×: إنها ستكونون جماعة شتى, عطاؤكم وحجكم وأسفاركم واحد, والقلوب مختلفة, قال: قال واحد: كيف تختلف القلوب؟ قال ×:‏ هكذا وشبك بين أصابعه, ثم قال‏: يقتل هذا هذا, وهذا هذا, هرجا هرجا, ويبقى طغام جاهلية ليس فيها منار هدى, ولا علم يرى,‏ نحن أهل البيت منها بمنجاة, ولسنا فيها بدعاة, قال: فما أصنع في ذلك الزمان يا أمير المؤمنين؟ قال ×: انظروا أهل بيت نبيكم, فإن لبدوا فالبدوا, وإن استنصروكم فانصروهم, تنصروا وتعذروا, فإنهم لن يخرجوكم من هدى ولن يدعوكم إلى ردى‏, ولا تسبقوهم بالتقدم فيصرعكم‏ البلاء, وتشمت بكم الأعداء, قال: فما يكون بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال ×: يفرج الله البلاء برجل من بيتي كانفراج الأديم من بيته, ثم يرفعون إلى من‏ يسومهم خسفا, ويسقيهم بكأس مصبرة, ولا يعطيهم ولا يقبل منهم إلا السيف هرجا هرجا, يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر, حتى تود قريش بالدنيا وما فيها أن يروني مقام واحد فأعطيهم, وآخذ منهم بعض ما قد منعوني, وأقبل منهم بعض ما يرد عليهم, حتى يقولوا: ما هذا من قريش, لو كان هذا من قريش ومن ولد فاطمة ÷ لرحمنا, يغريه الله ببني أمية فيجعلهم تحت قدميه, ويطحنهم طحن الرحى {ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله‏ تبديلا}  أما بعد, فإنه لا بد من رحى تطحن ضلالة, فإذا طحنت قامت على قطبها, ألا وإن لطحنها روقا, وإن روقها حدها, وعلى الله فلها ألا وإني وأبرار عترتي وأطائب أرومتي, أحلم الناس صغارا وأعلمهم كبارا, معنا راية الحق والهدى من سبقها مرق, ومن خذلها محق, ومن لزمها لحق‏, إنا أهل بيت من علم الله علمنا, ومن حكم الله الصادق‏ قيلنا, ومن قول الصادق سمعنا, فإن تتبعونا تهتدوا ببصائرنا, وإن تتولوا عنا يعذبكم الله بأيدينا أو بما شاء, نحن أفق الإسلام بنا يلحق المبطئ, وإلينا يرجع التائب,‏ والله لو لا أن تستعجلوا ويتأخر الحق لنبأتكم بما يكون في شباب العرب والموالي, فلا تسألوا أهل بيت محمد العلم قبل إبانه, ولا تسألوهم المال على العسر فتبخلوهم فإنه ليس منهم البخل, وكونوا أحلاس البيوت ولا تكونوا عجلا بذرا كونوا من أهل الحق تعرفوا به وتتعارفوا عليه, فإن الله خلق الخلق بقدرته وجعل بينهم الفضائل بعلمه, وجعل منهم عبادا اختارهم لنفسه ليحتج بهم على خلقه, فجعل علامة من أكرم منهم طاعته وعلامة من أهان منهم معصيته, وجعل ثواب أهل طاعته النضرة في وجهه في دار الأمن, والخلد الذي لا يورع أهله, وجعل عقوبة أهل معصيته نارا تأجج لغضبه, وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون‏, يا أيها الناس, إنا أهل بيت بنا ميز الله الكذب, وبنا يفرج الله الزمان‏ الكلب,‏ وبنا ينزع الله ربق الذل من أعناقكم‏, وبنا يفتح الله وبنا يختم الله, فاعتبروا بنا وبعدونا, وبهدانا وبهداهم, وبسيرتنا وسيرتهم, وميتتنا وميتتهم, يموتون بالدال‏ بالداء والقرح والدبيلة, ونموت بالبطن‏ والقتل والشهادة, ثم التفت × إلى بنيه فقال: يا بني, ليبر صغاركم كباركم, وليرحم كباركم صغاركم, ولا تكونوا أمثال السفهاء الجفاة الجهال الذين لا يعطون في الله اليقين, كبيض بيض في داح, ألا ويح للفراخ فراخ آل محمد من خليفة, يستخلف جبار عتريف مترف, يقتل خلفي وخلف الخلف بعدي, أما والله, لقد علمت تبليغ الرسالات وتنجيز العدات, وتمام الكلمات وفتحت لي الأسباب, وعلمت الأنساب‏ وأجري لي السحاب, ونظرت في الملكوت فلم يعزب عني شي‏ء فات, ولم يفتني ما سبقني, ولم يشركني أحد فيما أشهدني ربي‏ يوم يقوم الأشهاد, وبي يتم الله موعده, ويكمل كلماته, وأنا النعمة التي أنعمها الله على خلقه, وأنا الإسلام الذي ارتضاه لنفسه, كل ذلك من من الله به علي, وأذل به منكبي, وليس إمام إلا وهو عارف بأهل ولايته, وذلك قول الله عز وجل: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} ثم نزل صلى الله عليه وآله الطاهرين الأخيار وسلم تسليما كثيرا.  

 

عن أمير المؤمنين ×: بنا يفتح الله وبنا يختم الله, وبنا يمحو ما يشاء وبنا يثبت, وبنا يدفع الله الزمان الكلب, وبنا ينزل الغيث, فلا يغرنكم بالله الغرور, ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عز وجل,  ولو قد قام قائمنا × لأنزلت السماء قطرها, ولأخرجت الأرض نباتها, ولذهبت الشحناء من قلوب العباد, واصطلحت السباع والبهائم, حتى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلا على النبات, وعلى رأسها زبيلها لا يهيجها سبع ولا تخافه.  

 

عن أمير المؤمنين×: إن الله تبارك وتعالى أحد واحد تفرد في وحدانيته, ثم تكلم بكلمة فصارت نورا, ثم خلق بذلك النور محمدا | وخلقني وذريتي, ثم تكلم بكلمة فصارت روحا, فأسكنه الله في ذلك النور, وأسكنه في أبداننا, فنحن روح الله وكلماته, وبنا احتجب عن خلقه, فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس ولا قمر, ولا ليل ولا نهار, ولا عين تطرف نعبده ونقدسه ونمجده ونسبحه, قبل أن يخلق الخلق.  

 

عن محمد بن صدقة أنه قال سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما يا أبا عبد الله ما معرفة الإمام أمير المؤمنين × بالنورانية؟ قال يا جندب فامضِ بنا حتى نسأله عن ذلك, قال فأتيناه فلم نجده قال فانتظرناه حتى جاء قال صلوات الله عليه: ما جاء بكما؟ قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية قال صلوات الله عليه مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه, لستما بمقصِّرَين لعمري إن ذلك الواجب على كل مؤمن ومؤمنة، ثم قال صلوات الله عليه: يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال × إنه لا يستكمل أحدٌ الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفا مستبصرا ومن قصَّر عن معرفة ذلك فهو شاكٌّ ومرتاب. يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال ×: معرفتي بالنورانية معرفة الله عزَّ وجلّ ومعرفة الله عزَّ وجلّ معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى عنه {وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} يقول ما أمروا إلا بنبوة محمد | وهو دين الحنيفية المحمدية السمحة وقوله {يقيمون الصلاة} فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة وإقامة ولايتي صعبٌ مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فالملك إذا لم يكن مقربا لم يحتمله والنبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله والمؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله، قلت يا أمير المؤمنين من المؤمن وما نهايته وما حده حتى أعرفه؟ قال ×: يا أبا عبد الله قلت لبيك يا أخا رسول الله قال المؤمن الممتحن هو الذي لا يرِدُ من أمرنا إليه شي‏ء إلا شرح صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتب، إعلم يا أبا ذر أنا عبد الله عز وجل وخليفته على عباده لا تجعلونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته فإن الله عز وجل قد أعطانا أكبر وأعظم مما يصفه وأصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون. قال سلمان قلتُ يا أخا رسول الله ومن أقام الصلاة أقام ولايتك؟ قال: نعم يا سلمان تصديقُ ذلك قوله تعالى في الكتاب العزيز {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} فالصبر رسول الله | والصلاة إقامة ولايتي فمنها قال الله تعالى {وإنها لكبيرة} ولم يقل وإنهما لكبيرة لأن الولاية كبيرة حملها إلا على الخاشعين والخاشعون هم الشيعة المستبصرون، وذلك لأنَّ أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبية يقرون لمحمد | ليس بينهم خلاف وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلا القليل وهم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال: {إنها لكبيرة إلا على الخاشعين} وقال الله تعالى في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوة محمد | وفي ولايتي فقال عز وجل {وبئر معطلة وقصر مشيد} فالقصر محمد, والبئر المعطلة ولايتي, عطلوها وجحدوها ومن لم يقرّ بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد | إلا أنهما مقرونان, وذلك أن النبي | نبي مرسل وهو إمام الخلق وعلي من بعده إمام الخلق ووصي محمد | كما قال له النبي | أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي, وأولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم كما قال الله تعالى: {وذلك دين القيمة} وسأبين ذلك بعون الله وتوفيقه. يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال كنت أنا ومحمد نورا واحدا من نور الله عز وجل فأمر الله تبارك وتعالى ذلك النور أن يشق فقال للنصف كن محمدا وقال للنصف كن عليا فمنها قال رسول الله | علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا علي وقد وجه أبا بكر ببراءة إلى مكة فنزل جبرئيل × فقال يا محمد قال لبيك قال إن الله يأمرك أن تؤديها أنت أو رجل عنك فوجهني في استرداد أبي بكر فرددتُه فوَجَد في نفسه وقال يا رسول الله أنزل فيَّ القرآن؟ قال لا ولكن لا يؤدي إلا أنا أو علي، يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أخا رسول الله قال ×: من لا يصلح لحمل صحيفة يؤديها عن رسول الله | كيف يصلح للإمامة؟! يا سلمان ويا جندب فأنا ورسول الله | كنا نورا واحدا صار رسول الله | محمد المصطفى وصرت أنا وصيه المرتضى, وصار محمد الناطق وصرت أنا الصامت, وإنه لا بد في كل عصر من الأعصار أن يكون فيه ناطق وصامت, يا سلمان صار محمد المنذر وصرت أنا الهادي وذلك قوله عز وجل {إنما أنت منذر ولكل أمة هاد} فرسول الله | المنذر وأنا الهادي، {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال سواء منكم من أسرَّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقِّبات من بين يديه ومن خلفه يحفطونه من أمر الله} قال فضرب × بيده على أخرى وقال: صار محمد صاحب الجمع وصرت أنا صاحب النشر, وصار محمد صاحب الجنة وصرت أنا صاحب النار أقول لها خذي هذا وذري هذا, وصار محمد | صاحب الرجفة وصرت أنا صاحب الهدة, وأنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله عز وجل علم ما فيه. نعم يا سلمان ويا جندب, وصار محمد {يس والقرآن الحكيم} وصار محمد {ن والقلم} وصار محمد {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وصار محمد صاحب الدلالات وصرت أنا صاحب المعجزات والآيات, وصار محمد خاتم النبيين وصرت أنا خاتم الوصيين وأنا الصراط المستقيم وأنا النبأ العظيم {الذي هم فيه مختلفون} ولا أحد اختلف إلا في ولايتي. وصار محمد صاحب الدعوة وصرت أنا صاحب السيف وصار محمد نبيا مرسلا وصرت أنا صاحب أمر النبي | قال الله عزَّ وجلّ {يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده} وهو روح الله لا يعطيه ولا يلقي هذا الروح إلا على ملك مقرب أو نبي مرسل أو وصي منتجب, فمن أعطاه الله هذا الروح فقد أبانه من الناس وفوض إليه القدرة وأحيا الموتى وعلم بما كان وما يكون وسار من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق في لحظة عين وعلم ما في الضمائر والقلوب وعلم ما في السماوات والأرض, يا سلمان ويا جندب وصار محمد الذكر الذي قال الله عز وجل عنه {قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله}، إني أعطيت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب واستودعت علم القرآن وما هو كائن إلى يوم القيامة ومحمد | أقام الحجة حجة للناس وصرت أنا حجة الله عز وجل, جعل الله لي ما لم يجعل لأحد من الأولين والآخرين لا لنبي مرسل ولا لملك مقرب. يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال ×: أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربي وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربي وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربي وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النار بإذن ربي وأنا الذي أجريت أنهارها وفجرت عيونها وغرست أشجارها بإذن ربي وأنا عذاب يوم الظلة وأنا المنادي من مكان قريب قد سمعه الثقلان الجن والإنس وفهمه قوم إني لأسمع كل قوم الجبارين والمنافقين بلغاتهم وأنا الخضر عالم موسى وأنا معلم سليمان بن داود وأنا ذو القرنين وأنا قدرة الله عز وجل. يا سلمان ويا جندب أنا محمد ومحمد أنا وأنا من محمد ومحمد مني قال الله تعالى: {مرج البحر يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان}. يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين قال: إنَّ ميتنا لم يمت وغائبنا لم يغب وإن قتلانا لن يقتلوا، يا سلمان ويا جندب قالا لبيك صلوات الله عليك قال × أنا أمير كل مؤمن ومؤمنة ممن مضى وممن بقي وأيدت بروح العظمة وإنما أنا عبد من عبيد الله لا تسمونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا ولا معشار العشر لأنا آيات الله ودلائله وحجج الله وخلفاؤه وأمناؤه وأئمته ووجه الله وعين الله ولسان الله بنا يعذب الله عباده وبنا يثيب ومن بين خلقه طهرنا واختارنا واصطفانا ولو قال قائل لِمَ؟! وكيف؟! وفيم؟! لكفر وأشرك لأنه لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون. يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال ×: من آمن بما قلت وصدق بما بينت وفسرت وشرحت وأوضحت ونورت وبرهنت فهو مؤمن ممتحن امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وهو عارف مستبصر قد انتهى وبلغ وكمُل ومن شك وعَند وجحد ووقف وتحير وارتاب فهو مقصر وناصب. يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال ×: أنا أحيي وأميت بإذن ربي وأنا أنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي وأنا عالم بضمائر قلوبكم والأئمة من أولادي × يعلمون ويفعلون هذا إذا أحبوا وأرادوا لأنا كلنا واحد أولنا محمد وآخرنا محمد وأوسطنا محمد وكلنا محمد فلا تفرقوا بيننا, ونحن إذا شئنا شاء الله وإذا كرهنا كره الله الويل كل الويل لمن أنكر فضلنا وخصوصيتنا وما أعطانا الله ربنا لأن من أنكر شيئا مما أعطانا الله فقد أنكر قدرة الله عز وجل ومشيته فينا. يا سلمان ويا جندب قالا لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك قال ×: لقد أعطانا الله ربنا ما هو أجل وأعظم وأعلى وأكبر من هذا كله قلنا يا أمير المؤمنين ما الذي أعطاكم ما هو أعظم وأجل من هذا كله؟! قال: قد أعطانا ربنا عز وجل عِلمنا للاسم الأعظم الذي لو شئنا خرقت السماوات والأرض والجنة والنار ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ونغرب ونشرق وننتهي به إلى العرش فنجلس عليه بين يدي الله عز وجل ويطيعنا كل شي‏ء حتى السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والجنة والنار أعطانا الله ذلك كله بالاسم الأعظم الذي علمنا وخصنا به ومع هذا كله نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق ونعمل هذه الأشياء بأمر ربنا ونحن عباد الله المكرمون الذين {لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} وجعلنا معصومين مطهرين وفضلنا على كثير من عباده المؤمنين فنحن نقول: {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله} {وحقت كلمة العذاب على الكافرين} أعني الجاحدين بكل ما أعطانا الله من الفضل والإحسان. يا سلمان ويا جندب فهذا معرفتي بالنورانية فتمسك بها راشدا فإنه لا يبلغ أحد من شيعتنا حدَّ الاستبصار حتى يعرفني بالنورانية فإذا عرفني بها كان مستبصرا بالغا كاملا قد خاض بحرا من العلم وارتقى درجة من الفضل واطلع على سرٍّ من سرِّ الله ومكنون خزائنه.  

 

 

* عن صاحب الأمر (ع)

عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع) وهو على المنبر: يخرج رجل‏ من ولدي في آخر الزمان أبيض مشرب بالحمرة مبدح البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان: شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبي (ص)، له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمد، فاذا هز رأسه أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رءوس العباد ولا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله قوة أربعين رجلا، ولا يبقى ميت من المؤمنين إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم (ع).

---------------

كمال الدين ج2 ص653, بحار الانوار ج51 ص34, اعلام الورى ص465, الخرائج والجرائح ج3 ص1149, دلائل الامامة ص243, العدد القوية ص64, منتخب الأنوار ص27, الوافي ج 2 ص 465, إثبات الهداة ج 5 ص 351, حلية الأبرار ج 5 ص 250

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع) في وصف صاحب الزمان (ع): هو رجل أجلى الجبين, أقنى الأنف, ضخم البطن, أزيل الفخذين, لفخذه اليمنى شامة, أفلج الثنايا, يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا.

---------------

الغيبة النعماني ص214, بحار الانوار ج51 ص39

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن سليمان بن بلال قال: حدثنا جعفر بن محمد (ع), عن أبيه (ع), عن جده عن الحسين بن علي (ع) قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (ع) فقال له: يا أمير المؤمنين, نبئنا بمهديكم هذا؟ فقال (ع): إذا درج الدارجون, وقلَّ المؤمنين, وذهب المجلبون, فهناك هناك, فقال: يا أمير المؤمنين, ممن الرجل؟ فقال (ع): من بني هاشم, من ذروة طود العرب وبحر مغيضها إذا وردت, ومخفر أهلها إذا أتيت, ومعدن صفوتها إذا اكتدرت, لا يجبن إذا المنايا هكعت, ولا يخور إذا المنون اكتنعت, ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت, مشمر, مغلولب, ظفر, ضرغامة, حصد, مخدش, ذكر, سيف من سيوف الله, رأس, قثم, نشؤ رأسه في باذخ السؤدد, وعارز مجده في أكرم المحتد, فلا يصرفنك عن بيعته صارف عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص, إن قال فشر قائل, وإن سكت فذو دعاير ثم رجع إلى صفة المهدي (ع) فقال: أوسعكم كهفاً, وأكثركم علماً, وأوصلكم رحماً, اللهم فاجعل بعثه خروجاً من الغمة, واجمع به شمل الامة, فإن خار الله لك فاعزم ولا تنثنِ عنه إن وفقت له, ولا تجوزن عنه إن هُديت إليه, هاه! وأومأ بيده إلى صدره شوقاً إلى رؤيته.

---------------

الغيبة للنعماني ص 212, بحار الأنوار ج 51 ص 115

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

عن أمير المؤمنين (ع) في قوله {ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه} قال: الأمة المعدودة أصحاب القائم (ع) الثلاثمائة والبضعة عشر.

---------------

تفسير القمي ج 1 ص323, البرهان ج 3 ص 82, بحار الأنوار ج 51 ص 44, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 342, تفسير كنز الدقائق ج 6 ص 132, تفسير الصافي ج 2 ص 433 بإختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع) في قوله تعالى: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} قال: هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم, ويذل عدوهم.

---------------

الغيبة للطوسي ص 184, منخب الأنوار ص 17, تفسير الصافي ج 4 ص 80, إثبات الهداة ج 5 ص 122, بحار الأنوار ج 51 ص 54, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 110, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 32

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع) لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها, وتلا عقيب ذلك {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}

----------------

 نهج البلاغة ص 506, بحار الأنوار ج 24 ص 167, التفسير الصافي ج 4 ص 80, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 109, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 32

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (ع): لما التقى أمير المؤمنين (ع) وأهل البصرة نشر الراية - راية رسول الله (ص) - فزلزلت أقدامهم فما اصفَرَّت الشمس حتى قالوا: آمِنَّا يا ابن أبي طالب! فعند ذلك قال: لا تقتلوا الأسرى ولا تجهزوا الجرحى، ولا تَتْبَعوا مُولِّياً، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن, ولما كان يوم صفين سألوه نشر الراية فأبى عليهم فتحملوا عليه بالحسن والحسين (ع) وعمار بن ياسر رضي الله عنه فقال للحسن: يا بني إن للقوم مدة يبلغونها، وإن هذه راية لا ينشرها بعدي إلا القائم صلوات الله عليه.

---------------

الغيبة للنعماني ص 307, حلية الأبرار ج 5 ص 331, بحار الأنوار ج 32 ص 210

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع) إنه قال: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم (ع) بالحق, المظهر للدين, والباسط للعدل, قال الحسين (ع): فقلت له: يا أمير المؤمنين, وإن ذلك لكائن؟ فقال (ع): إي والذي بعث محمداً (ص) بالنبوة, واصطفاه على جميع البرية, ولكن بعد غيبة وحيرة, فلا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين, الذين أخذ الله عز وجل ميثاقهم بولايتنا, و{كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه}.

--------------

كمال الدين ج 1 ص 304, إعلام الورى ص 426, كشف الغمة ج 2 ص 521, نوادر الأخبار ص 223, إثبات الهداة ج 5 ص 79, بحار الأنوار ج 51 ص 110

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن الأصبغ بن نباتة, عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: كونوا كالنحل في الطير, ليس شيء من الطير إلا وهو يستضعفها, ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك, خالطوا الناس بألسنتكم وأبدانكم, وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم، فوالذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض, وحتى يمسي بعضكم بعضاً كذابين, وحتى لا يبقى منكم - أو قال: من شيعتي- إلا كالكحل في العين, والملح في الطعام, وسأضرب لكم مثلاً: وهو مثل رجل كان له طعام فنقاه وطيبه, ثم أدخله بيتاً وتركه فيه ما شاء الله, ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس، فأخرجه ونقاه وطيبه, ثم أعاده إلى البيت فتركه ما شاء الله, ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابته طائفة من السوس فأخرجه ونقاه وطيبه وأعاده, ولم يزل كذلك حتى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر لا يضره السوس شيئاً, وكذلك أنتم تميزون حتى لا يبقى منكم إلا عصابة لا تضرها الفتنة شيئاً.

---------------

فضائل أمير المؤمنين (ع) ص 127, الغيبة للنعماني ص 25, بحار الأنوار ج 52 ص 115, رياض الأبرار ج 3 ص 127

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: ويحاً للطالقان, فإن لله عز وجل بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة, ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته, وهم أيضاً أنصار المهدي (ع) في آخر الزمان.

-------------

كشف الغمة ج 2 ص 478, حلية الأبرار ج 5 ص 470, بحار الأنوار ج 51 ص 87

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع): يبعث الله رجلاً في آخر الزمان – الى ان قال - يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها لا يبقى كافر إلا آمن ولا طالح إلا صلح.

----------

الإحتجاج ج 2 ص 291, إثبات الهداة ج 5 ص 145, بحار الأنوار ج 44 ص 21, رياض الأبرار ج 3 ص 178

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن حبة العرني، قال: خرج أمير المؤمنين (ع) الى الحيرة فقال: لتصلن هذه بهذه, وأومأ بيده إلى الكوفة والحيرة حتى يباع الذراع فيما بينهما بدينارين‏ وليبنين بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم (ع) لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم، وليصلين فيه اثنا عشر إماما عدلا. قلت: يا أمير المؤمنين ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ؟ قال: يبنى له أربع مساجد مسجد الكوفة أصغرها وهذا، ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب وهذا الجانب، وأومأ بيده نحو نهر البصريين والغريين.

--------------

التهذيب ج 3 ص 253, الوافي ج 14 ص 1453, حلية الأبرار ج 5 ص 340, ملاذ الأخيار ج 5 ص 478, رياض الأبرار ج 3 ص 257, بحار الأنوار ج 52 ص 374

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

* دعائم الإيمان والكفر

عن أمير المؤمنين (ع): إن الله ابتدأ الأمور فاصطفى لنفسه منها ما شاء, واستخلص منها ما أحب, فكان‏ مما أحب أنه ارتضى الإيمان فاشتقه من اسمه فنحله من أحب من خلقه, ثم بينه فسهل شرائعه لمن ورده, وأعز أركانه على من جانبه, وجعله عزا لمن والاه, وأمنا لمن دخله, وهدى لمن ائتم به, وزينة لمن تحلى به, ودينا لمن انتحله, وعصمة لمن اعتصم به, وحبلا لمن استمسك به, وبرهانا لمن تكلم به, وشرفا لمن عرفه, وحكمة لمن نطق به, ونورا لمن استضاء به, وحجة لمن خاصم به, وفلجا لمن حاج به, وعلما لمن وعى, وحديثا لمن روى, وحكما لمن قضى, وحلما لمن حدث, ولبا لمن تدبر, وفهما لمن تفكر, ويقينا لمن عقل, وبصيرة لمن عزم, وآية لمن توسم, وعبرة لمن اتعظ, ونجاة لمن آمن به, ومودة من الله لمن صلح, وزلفى لمن ارتقب, وثقة لمن توكل, وراحة لمن فوض, وصبغة لمن أحسن, وخيرا لمن سارع, وجنة لمن صبر, ولباسا لمن اتقى, وتطهيرا لمن رشد, وأمنة لمن أسلم, وروحا للصادقين, فالإيمان أصل الحق,‏ وأصل الحق سبيله الهدى وصفته الحسنى ومأثرته المجد, فهو أبلج المنهاج مشرق المنار, مضي‏ء المصابيح رفيع الغاية يسير المضمار, جامع الحلبة متنافس السبقة, قديم العدة كريم الفرسان الصالحات مناره, والعفة مصابيحه, والموت غايته, والدنيا مضماره, والقيامة حلبته, والجنة سبقته, والنار نقمته, والتقوى عدته والمحسنون فرسانه, فبالإيمان يستدل على الصالحات, وبالصالحات يعمر الفقه, وبالفقه يرهب الموت, وبالموت تختم الدنيا, وبالدنيا تحذو الآخرة, وبالقيامة تزلف الجنة, والجنة حسرة أهل النار, والنار موعظة التقوى, والتقوى سنخ الإحسان, والتقوى غاية لا يهلك من تبعها ولا يندم من يعمل بها, لأن بالتقوى فاز الفائزون وبالمعصية خسر الخاسرون, فليزدجر أولو النهى وليتذكر أهل التقوى, فالإيمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد, فالصبر على أربع شعب: على الشوق والشفق والزهد والترقب, فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات, ومن أشفق من النار رجع عن الحرمات, ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات, ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات, واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة وتأول الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين, فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة, ومن تأول الحكمة عرف العبرة, ومن عرف العبرة عرف السنة, ومن عرف السنة فكأنما عاش في الأولين, والعدل على أربع شعب: على غائص الفهم وغمرة العلم وزهرة الحكم وروضة الحلم, فمن فهم فسر جميع العلم, ومن عرف الحكم لم يضل, ومن حلم لم يفرط أمره, وعاش به في الناس حميدا, والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق عند المواطن وشنآن الفاسقين, فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن, ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الكافرين, ومن صدق في المواطن قضى ما عليه, ومن شنأ الفاسقين غضب لله, ومن غضب لله غضب الله له, فذلك الإيمان ودعائمه وشعبه, والكفر على أربع دعائم: على الفسق والغلو والشك والشبهة, فالفسق من ذلك على أربع شعب: الجفاء والعمى والغفلة والعتو, فمن جفا حقر المؤمن ومقت الفقهاء وأصر على الحنث, ومن عمي نسي الذكر فبذا خلقه وبارز خالقه وألح عليه الشيطان, ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا, وغرته الأماني وأخذته الحسرة إذا انقضى الأمر وانكشف عنه الغطاء, وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب, ومن عتا عن أمر الله شك, ومن شك تعالى الله عليه, ثم أذله بسلطانه وصغره بجلاله, كما فرط في حياته واغتر بربه الكريم, والغلو على أربع شعب: على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق, فمن تعمق لم ينته إلى الحق ولم يزده إلا غرقا في الغمرات, لا تنحسر عنه فتنة إلا غشيته أخرى, فهو يهوي في أمر مريج, ومن نازع وخاصم وقع بينهم الفشل وبلي أمرهم من طول‏ اللجاج, ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة, وسكر سكر الضلال, ومن شاق اعورت عليه طرقه واعترض عليه أمره, وضاق مخرجه وحري أن ينزع من دينه من اتبع غير سبيل المؤمنين, والشك على أربع شعب: على المرية والهول والتردد والاستسلام, فبأي آلاء ربك يتمارى الممترون, ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه, ومن تردد في دينه سبقه الأولون وأدركه الآخرون, ووطئته سنابك الشياطين, ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما, ومن نجا من ذلك فبفضل اليقين, والشبهة على أربع شعب: على الإعجاب بالزينة, وتسويل النفس, وتأول العوج, ولبس الحق بالباطل, وذلك أن الزينة تصدف عن البينة, وتسويل النفس تقحم إلى الشهوة, والعوج يميل بصاحبه ميلا عظيما, واللبس ظلمات بعضها فوق بعض, فذلك الكفر ودعائمه وشعبه, والنفاق على أربع دعائم: على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع, والهوى من ذلك على أربع شعب: على البغي والعدوان والشهوة والعصيان, فمن بغى كثرت غوائله, وتخلى عنه ونصر عليه, ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه, ولم يسلم قلبه ومن لم يعذل نفسه عن الشهوات خاض في الحسرات وسبح فيها, ومن عصى ضل عمدا بلا عذر ولا حجة, وأما شعب الهوينا, فالهيبة والغرة والمماطلة والأمل, وذلك أن الهيبة ترد عن الحق والاغترار بالعاجل تفريط الأجل, والمماطلة مورط في العمى, ولو لا الأمل علم الإنسان حساب ما هو فيه, ولو علم حساب ما هو فيه, مات خفاتا من الهول والوجل, وأما شعب الحفيظة, فالكبر والفخر والحمية والعصبية, فمن استكبر أدبر, ومن فخر فجر, ومن حمي أصر, ومن أخذته العصبية جار, فبئس الأمر بين إدبار وفجور وإصرار, وشعب الطمع الفرح والمرح واللجاجة والتكبر, فالفرح مكروه عند الله, والمرح خيلاء, واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حمل الآثام, والتكبر لهو ولعب وشغل, واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير, فذلك النفاق ودعائمه وشعبه, والله قاهر فوق عباده تعالى ذكره, واستوت به مرته, واشتدت قوته وفاضت بركته, واستضاءت حكمته وفلجت حجته, وخلص دينه وحقت كلمته, وسبقت حسناته وصفت نسبته, وأقسطت موازينه وبلغت رسالاته, وحضرت حفظته, ثم جعل السيئة ذنبا, والذنب فتنة, والفتنة دنسا, وجعل الحسنى غنما, والعتبى توبة, والتوبة طهورا, فمن تاب اهتدى, ومن افتتن غوى ما لم يتب إلى الله ويعترف بذنبه ويصدق بالحسنى, ولا يهلك على الله إلا هالك, فالله الله ما أوسع ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم, وما أنكر ما لديه من الأنكال والجحيم والعزة والقدرة والبطش الشديد, فمن ظفر بطاعة الله اختار كرامته, ومن لم يزل في معصية الله ذاق وبيل نقمته, هنالك عقبى الدار.

-------------

تحف العقول ص 162, بحار الأنوار ج 65 ص 382

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

* خطبته × عن ابتداء خلق العالم ومبعث رسول الله |

عن أمير المؤمنين (ع): الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور ميدان أرضه:

أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده، ومن قال فيم فقد ضمنه، ومن قال علا م فقد أخلى منه: كائن لا عن حدث موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده

أنشأ الخلق إنشاء وابتدأه ابتداء، بلا روية أجالها ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها ولا همامة نفس اضطرب فيها، أحال الأشياء لأوقاتها ولأم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها وألزمها أشباحها، عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها وانتهائها عارفا بقرائنها وأحنائها: ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشق الأرجاء وسكائك الهواء، فأجرى فيها ماء متلاطما تياره، متراكما زخاره حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة فأمرها برده، وسلطها على شده وقرنها إلى حده، الهواء من تحتها فتيق والماء من فوقها دفيق، ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها، وأدام مربها وأعصف مجراها، وأبعد منشأها فأمرها بتصفيق الماء الزخار، وإثارة موج البحار فمخضته مخض السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء، ترد أوله إلى آخره وساجيه إلى مائره حتى عب عبابه، ورمى بالزبد ركامه، فرفعه في هواء منفتق وجو منفهق، فسوى منه سبع سموات، جعل سفلاهن موجا مكفوفا، وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها ولا دسار ينظمها ثم زينها بزينة الكواكب وضياء الثواقب، وأجرى فيها سراجا مستطيرا وقمرا منيرا، في فلك دائر وسقف سائر ورقيم مائر.

ثم فتق ما بين السموات العلا، فملأهن أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون، لا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان، ومنهم أمناء على وحيه وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره، ومنهم الحفظة لعباده والسدنة لأبواب جنانه، ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم، ناكسة دونه أبصارهم متلفعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة، وأستار القدرة، لا يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين، ولا يحدونه بالأماكن ولا يشيرون إليه بالنظائر.

ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها، وعذبها وسبخها، تربة سنها بالماء حتى خلصت، ولاطها بالبلة حتى لزبت، فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول وأعضاء، وفصول أجمدها حتى استمسكت، وأصلدها حتى صلصلت لوقت معدود وأمد معلوم، ثم نفخ فيها من روحه، فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها، وفكر يتصرف بها وجوارح يختدمها، وأدوات يقلبها ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل، والأذواق والمشام والألوان والأجناس، معجونا بطينة الألوان المختلفة، والأشباه المؤتلفة والأضداد المتعادية، والأخلاط المتباينة من الحر والبرد، والبلة والجمود، واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم، وعهد وصيته إليهم في الإذعان بالسجود له، والخنوع لتكرمته، فقال سبحانه {اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس}، اعترته الحمية، وغلبت عليه الشقوة، وتعزز بخلقة النار واستوهن خلق الصلصال، فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما للبلية وإنجازا للعدة، فقال {فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم} ثم أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها، عيشه وآمن فيها محلته وحذره إبليس وعداوته، فاغتره عدوه نفاسة عليه بدار المقام، ومرافقة الأبرار، فباع اليقين بشكه والعزيمة بوهنه، واستبدل بالجذل وجلا وبالاغترار ندما، ثم بسط الله سبحانه له في توبته، ولقاه كلمة رحمته ووعده المرد إلى جنته، وأهبطه إلى دار البلية وتناسل الذرية.

واصطفى سبحانه من ولده أنبياء، أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم، فجهلوا حقه واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم آيات المقدرة، من سقف فوقهم مرفوع ومهاد تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم وآجال تفنيهم وأوصاب تهرمهم، وأحداث تتابع عليهم، ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل، أو كتاب منزل أو حجة لازمة أو محجة قائمة، رسل لا تقصر بهم قلة عددهم، ولا كثرة المكذبين لهم، من سابق سمي له من بعده أو غابر عرفه من قبله على ذلك نسلت القرون ومضت الدهور، وسلفت الآباء وخلفت الأبناء

مبعث النبي إلى أن بعث الله سبحانه محمدا، رسول الله (ص) لإنجاز عدته وإتمام نبوته، مأخوذا على النبيين ميثاقه، مشهورة سماته كريما ميلاده، وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة، وأهواء منتشرة وطرائق متشتتة، بين مشبه لله بخلقه أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، فهداهم به من الضلالة وأنقذهم بمكانه من الجهالة، ثم اختار سبحانه لمحمد (ص) لقاءه، ورضي له ما عنده وأكرمه عن دار الدنيا، ورغب به عن مقام البلوى، فقبضه إليه كريما، (ص) وخلف فيكم ما خلفت الأنبياء في أممها، إذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح ولا علم قائم،

كتاب ربكم فيكم مبينا حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه وخاصه وعامه، وعبره وأمثاله ومرسله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه مفسرا مجمله ومبينا غوامضه، بين مأخوذ ميثاق علمه وموسع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكتاب فرضه، ومعلوم في السنة نسخه، وواجب في السنة أخذه، ومرخص في الكتاب تركه، وبين واجب بوقته وزائل في مستقبله، ومباين بين محارمه من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبول في أدناه موسع في أقصاه.

وفرض عليكم حج بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، يردونه ورود الأنعام ويألهون إليه ولوه الحمام، وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته، واختار من خلقه سماعا أجابوا إليه دعوته، وصدقوا كلمته ووقفوا مواقف أنبيائه، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عنده موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علما، وللعائذين حرما فرض حقه وأوجب حجه، وكتب عليكم وفادته، فقال سبحانه {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.

------------

نهج البلاغة ص 39, بحار الأنوار ج 74 ص 300

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* خطبة المتقين

عن أبي جعفر (ع) قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين (ع) يقال له همام, وكان عابدا, فقال له: يا أمير المؤمنين, صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم, فتثاقل أمير المؤمنين (ع) عن جوابه ثم قال له: ويحك يا همام اتق الله وأحسن, فـ{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} فقال همام: يا أمير المؤمنين, أسألك بالذي أكرمك بما خصك به وحباك وفضلك بما آتاك وأعطاك لما وصفتهم لي, فقام أمير المؤمنين (ع) قائما على قدميه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله ثم قال: أما بعد فإن الله عز وجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا لمعصيتهم, لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم, وقسم بينهم معايشهم ووضعهم في الدنيا مواضعهم, وإنما أهبط الله آدم وحواء (ع) من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه وأمرهما فعصياه, فالمتقون فيها هم أهل الفضائل منطقهم الصواب, وملبسهم الاقتصاد, ومشيهم التواضع, خشعوا لله عز وجل بالطاعة فتهبوا فهم, غاضون أبصارهم عما حرم الله عليهم, واقفين أسماعهم على العلم, نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت منهم في الرخاء, رضا منهم عن الله بالقضاء, ولو لا الآجال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب, عظم الخالق في أنفسهم ووضع ما دونه في أعينهم, فهم والجنة كمن رآها فهم فيها متكئون, وهم والنار كمن رآها فهم فيها معذبون, قلوبهم محزونة, وشرورهم مأمونة, وأجسادهم نحيفة, وحوائجهم خفيفة, وأنفسهم عفيفة, ومئونتهم من الدنيا عظيمة, صبروا أياما قصارا أعقبتهم راحة طويلة, تجارة مربحة يسرها لهم رب كريم, أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها, أما الليل فصافون أقدامهم, تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا, يحزنون به أنفسهم ويستترون به ويهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم, ووجع كلوم جراحهم, وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم ووجلت منها قلوبهم, فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت أنفسهم إليها شوقا وظنوا أنها نصب أعينهم, جاثين على أوساطهم يمجدون جبارا عظيما, مفترشين جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم, تجري دموعهم على خدودهم, يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم, أما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء, قد براهم الخوف فهم أمثال القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض, أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم إذا فكروا في عظمة الله وشدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة, فزع ذلك قلوبهم فطاشت حلومهم وذهلت عقولهم,  فإذا استقاموا بادروا إلى الله عز وجل بالأعمال الزكية لا يرضون لله بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل, فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون, إن زكي أحدهم خاف ما يقولون ويستغفر الله مما لا يعلمون وقال: أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم مني بنفسي, اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون, فإنك علام الغيوب وساتر العيوب. ومن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين, وحزما في لين, وإيمانا في يقين, وحرصا على العلم, وفهما في فقه, وعلما في حلم, وكسبا في رفق, وشفقة في نفقة, وقصدا في غنى, وخشوعا في عبادة, وتجملا في فاقة, وصبرا في شدة, ورحمة للمجهود, وإعطاء في حق, ورفقا في كسب, وطلبا للحلال, ونشاطا في الهدى, وتحرجا عن الطمع, وبرا في استقامة, وإغماضا عند شهوة, لا يغره ثناء من جهله, ولا يدع إحصاء ما علمه, مستبطئا لنفسه في العمل, يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل, يمسي وهمه الشكر, ويصبح وشغله‏ الذكر, يبيت حذرا ويصبح فرحا, حذرا لما حذر من الغفلة فرحا لما أصاب من الفضل والرحمة, إن استصعبت عليه نفسه لم يعطها سؤلها فيما فيه مضرته, ففرحه فيما يخلد ويدوم, وقرة عينه فيما لا يزول, ورغبته فيما يبقى, وزهادته فيما يفنى, يمزج العلم بالحلم, ويمزج الحلم بالعقل, تراه بعيدا كسله دائما نشاطه, قريبا أمله قليلا زلله, متوقعا أجله, خاشعا قلبه, ذاكرا ربه, خائفا ذنبه, قانعة نفسه, متغيبا جهله, سهلا أمره, حريزا لدينه, ميتة شهوته, كاظما غيظه, صافيا خلقه, آمنا منه جاره, ضعيفا كبره, متينا صبره, كثيرا ذكره, محكما أمره, لا يحدث بما يؤتمن عليه الأصدقاء, ولا يكتم شهادته الأعداء, ولا يعمل شيئا من الحق رئاء ولا يتركه حياء, الخير منه مأمول, والشر منه مأمون, إن كان من الغافلين كتب من الذاكرين, وإن كان من الذاكرين لم يكتب من الغافلين, يعفو عمن ظلمه, ويعطي من حرمه, ويصل من قطعه, ولا يعزب حلمه, ولا يعجل فيما يريبه, ويصفح عما قد تبين له, بعيدا جهله, لينا قوله, غائبا مكره, قريبا معروفه, صادقا قوله, حسنا فعله, مقبلا خيره, مدبرا شره, فهو في الزلازل وقور, وفي المكاره صبور, وفي الرخاء شكور, ولا يحيف على من يبغض, ولا يأثم فيمن يحب, ولا يدعي ما ليس له, ولا يجحد حقا عليه, يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه, لا يضيع ما استحفظ, ولا يتنابز بالألقاب, لا يبغي على أحد, ولا يهم بالحسد, ولا يضر بالجار, ولا يشمت بالمصائب, سريع للصواب, مؤد للأمانات, بطي‏ء عن المنكرات, يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, لا يدخل في الأمور بجهل, ولا يخرج عن الحق بعجز, إن صمت لم يغمه الصمت, وإن نطق لم يقل خطأ, وإن ضحك لم يعد صوته سمعه, قانعا بالذي قدر له, لا يجمح به الغيظ, ولا يغلبه الهوى, ولا يقهره الشح,‏ ولا يطمع فيما ليس له, يخالط الناس ليعلم, ويصمت ليسلم, ويسأل ليفهم, ويبحث ليعلم, لا ينصت للخير ليفخر به, ولا يتكلم به ليتجبر على من سواه, إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له, نفسه منه في عناء والناس منه في راحة, أتعب نفسه لآخرته وأراح الناس من نفسه, بُعدَ من تباعد عنه بغض ونزاهة, ودنو من دنا منه لين ورحمة, فليس تباعده بكبر ولا عظمة, ولا دنوه لخديعة ولا خلابة, بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير, فهو إمام لمن خلفه من أهل البر, قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها, فقال أمير المؤمنين (ع): أما والله لقد كنت أخافها عليه وأمر به فجهز وصلى عليه, وقال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها, فقال قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟ فقال: ويلك, إن لكل أجلا لن يعدوه وسببا لا يجاوزه, فمهلا لا تعد, فإنه إنما نفث هذا القول على لسانك الشيطان.

-------------

الأمالي للصدوق ص 570, كتاب سليم ج 2 ص 849, صفات الشيعة ص 18, بحار الأنوار ج 64 ص 341. نحوه: نهج البلاغة ص 303, الكافي ج 2 ص 226, كنز الفوائد ج 1 ص 88, تحف العقول ص 159, روضة الواعظين ج 2 ص 438, أعلام الدين ص 138, مكارم الأخلاق ص 475, التمحيص 70, الوافي ج 4 ص 153

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* خطبة الوسيلة

عن أمير المؤمنين (ع): الحمد لله الذي أعدم الأوهام أن تنال إلاّ وجوده, وحجب العقول أن تخال ذاته, لامتناعها من الشبه والتشاكل, بل هو الذي لا يتفاوت ذاته, ولا يتبعّض بتجزئة العدد في كماله, فارق الأشياء لا باختلاف الأماكن, ويكون فيها لا على الممازجة, وعلمها لا بأداة, لا يكون العلم إلاّ بها, وليس بينه وبين معلومه علم غيره كان عالماً لمعلومه, إن قيل: كان فعلى تأويل أزلية الوجود, وإن قيل: لم يزل فعلى تأويل نفي العدم, فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه فاتخذ إلهاً غيره علواً كبيراً, نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه, وأوجب قبوله على نفسه, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله, شهادتان ترفعان القول وتضعان العمل, خف ميزان ترفعان منه, وثقل ميزان توضعان فيه, وبهما الفوز بالجنّة والنجاة من النار, والجواز على الصراط, وبالشهادة تدخلون الجنّة, وبالصلاة تنالون الرحمة, فأكثروا من الصلاة على نبيكم {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} أيها الناس, إنّه لا شرف أعلى من الإسلام, ولا كرم أعز من التقوى, ولا معقل أحرز من الورع, ولا شفيع أنجح من التوبة, ولا لباس أجل من العافية, ولا وقاية أمنع من السلامة, ولا مال أذهب بالفاقة من الرضى والقنوع, ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة, والرغبة مفتاح التعب, والاحتكار مطية النصب, والحسد آفة الدين, والحرص داع إلى التقحم في الذنوب, وهو داع إلى الحرمان, والبغي سائق إلى الحين, والشره جامع لمساوي العيوب, رب طمع خائب, وأمل كاذب, ورجاء يؤدي إلى الحرمان, وتجارة تؤول إلى الخسران, ألا ومن تورط في الأمور غير ناظر في العواقب, فقد تعرّض لمفضحات النوائب, وبئست القلادة الدين للمؤمن, أيها الناس, إنّه لا كنز أنفع من العلم, ولا عز أنفع من الحلم, ولا حسب أبلغ من الأدب, ولا نصب أوجع من الغضب, ولا جمال أحسن من العقل, ولا قرين شر من الجهل, ولا سوأة أسوء من الكذب, ولا حافظ أحفظ من الصمت, ولا غائب أقرب من الموت,  أيها الناس, إنّه من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره, ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره, ومن سل سيف البغي قتل به, ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها, ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته, ومن نسى زلته استعظم زلل غيره, ومن أعجب برأيه ضل, ومن استغنى بعقله زل, ومن تكبّر على الناس ذل, ومن سفه على الناس شتم, ومن خالط العلماء وقر, ومن خالط الأنذال حقر, ومن حمل ما لا يطيق عجز, أيها الناس, إنّه لا مال هو أعود من العقل, ولا فقر هو أشد من الجهل, ولا واعظ هو أبلغ من النصح, ولا عقل كالتدبير, ولا عبادة كالتفكر, ولا مظاهرة أوثق من المشاورة, ولا وحدة أوحش من العجب, ولا ورع كالكف, ولا حلم كالصبر والصمت,  أيها الناس, إنّ في الإنسان عشر خصال يظهرها لسانه: شاهد يخبر عن الضمير, وحاكم يفصل بين الخطاب, وناطق يرد به الجواب, وشافع تدرك به الحاجة, وواصف تعرف به الأشياء, وأمير يأمر بالحسن, وواعظ ينهى عن القبيح, ومعز تسكن به الأحزان, وحامد تجلى به الضغائن, ومونق يلهي الأسماع, أيها الناس, إنّه لا خير في الصمت عن الحكم, كما أنّه لا خير في القول بالجهل, اعلموا أيها الناس, إنّه من لم يملك لسانه يندم, ومن لا يتعلّم يجهل, ومن لا يتحلم لا يحلم, ومن لا يرتدع لا يعقل, ومن لا يعقل يهن, ومن يهن لا يوقر, ومن يتق ينج, ومن يكسب مالاً من غير حقّه يصرفه في غير أجره, ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم, ومن لم يعط قاعداً منع قائماً, ومن يطلب العز بغير حق يذل, ومن عاند الحق لزمه الوهن, ومن تفقّه وقر, ومن تكبّر حقر, ومن لا يحسن لا يحمد, أيها الناس, إنّ المنية قبل الدنية, والتجلد قبل التبلد, والحساب قبل العقاب, والقبر خير من الفقر, وعمى البصر خير من كثير من النظر, والدهر يومان: يوم لك ويوم عليك, فاصبر فبكليهما تمتحن, أيها الناس, أعجب ما في الإنسان قلبه, وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها, فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع, وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص, وإن ملكه اليأس قتله الأسف, وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ, وإن اسعد بالرضى نسي التحفظ, وإن ناله الخوف شغله الحزن, وإن اتسع بالأمن استلبته الغرة, وإن جددت له نعمة أخذته العزة, وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى, وإن عضته فاقة شغله البلاء, وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع, وإن أجهده الجزع قعد به الضعف, وإن افرط في الشبع كظته البطنة, فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد, أيها الناس, من قل ذل, ومن جاد ساد, ومن كثر ماله رأس, ومن كثر حلمه نبل, ومن فكر في ذات الله تزندق, ومن أكثر من شئ عرف به, ومن كثر مزاحه استخف به, ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته, فسد حسب من ليس له أدب, إنّ أفضل الفعال صيانة العرض بالمال, ليس من جالس الجاهل بذي معقول, من جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال, لن ينجو من الموت غني بماله, ولا فقير لإقلاله, أيها الناس, إنّ للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط, فطنة الفهم للمواعظ ممّا يدعو النفس إلى الحذر من الخطأ, وللنفوس خواطر للهوى, والعقول تزجر وتنهى, وفي التجارب علم مستأنف, والاعتبار يقود إلى الرشاد, وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه من غيرك, عليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه, لقد خاطر من استغنى برأيه, والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم, ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقف الخطاء, ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول, ومن حصر شهوته فقد صان قدره, ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته, وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال, والايام توضح لك السرائر الكامنة, وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة, ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة, وأشرف الغنى ترك المنى, والصبر جنّة من الفاقة, والحرص علامة الفقر, والبخل جلباب المسكنة, والمودة قرابة مستفادة, ووصول معدم خير من جاف مكثر, والموعظة كهف لمن وعاها, ومن أطلق طرفه كثر أسفه, ومن ضاق خلقه مله أهله, ومن نال استطال قل ما تصدقك الأمنية, التواضع يكسوك المهابة, وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق, من كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه, تحر القصد من القول, فإنّه من تحرى القصد خفت عليه المؤن, في خلاف النفس رشدها, من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد, ألا وإنّ مع كل جرعة شرقا, وفي كل أكلة غصصا, لا تنال نعمة إلاّ بزوال أخرى, لكل ذي رمق قوت, ولكل حبة آكل, وأنت قوت الموت, اعلموا أيها الناس, إنّه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها, والليل والنهار يتسارعان في هدم الأعمار, أيها الناس, كفر النعمة لؤم, وصحبة الجاهل شوم, من الكرم لين الكلام, إياك والخديعة فإنّها من خلق اللئام, ليس كل طالب يصيب, ولا كل غائب يؤوب, لا ترغب فيمن زهد فيك, رب بعيد هو أقرب من قريب, سل عن الرفيق قبل الطريق, وعن الجار قبل الدار, استر عورة أخيك لما تعلمه فيك, اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك, من غضب على من لا يقدر أن يضره طال حزنه وعذب نفسه, من خاف ربّه كف ظلمه, ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة, إنّ من الفساد إضاعة الزاد, ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غداً, وما تناكرتم إلاّ لما فيكم من المعاصي والذنوب, ما أقرب الراحة من التعب, والبؤس من التغيير, ما شر بشر بعده الجنة, وما خير بخير بعده النار, وكل نعيم دون الجنّة محقور, وكل بلاء دون النار عافية, عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر, تصفية العمل أشد من العمل, تخليص النية عن الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد, هيهات لولا التقى كنت أدهى العرب, (1) عليكم بتقوى الله في الغيب والشهادة, وكلمة الحق في الرضى والغضب, والقصد في الغنى والفقر, وبالعدل على العدو والصديق, وبالعمل في النشاط والكسل, والرضى عن الله في الشدّة والرخاء, ومن كثر كلامه كثر خطاؤه, ومن كثر خطاؤه قل حياؤه, ومن قل حياؤه قل ورعه, ومن قل ورعه مات قلبه, ومن مات قلبه دخل النار, ومن تفكّر اعتبر, ومن اعتبر اعتزل, ومن اعتزل سلم, ومن ترك الشهوات كان حراً, ومن ترك الحسد كانت له المحبّة عند الناس, عز المؤمن غناه عن الناس, القناعة مال لا ينفد, ومن أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا اليسير, ومن علم أنّ كلامه من عمله, قل كلامه إلاّ فيما ينفعه, العجب ممّن يخاف العقاب فلا يكف, ويرجو الثواب ولا يتوب, ويعمل الفكرة تورث نوراً, والغفلة ظلمة, والجهالة ضلالة, والسعيد من وعظ بغيره, والأدب خير ميراث, حسن الخلق خير قرين, ليس مع قطيعة الرحم نماء, ولا مع الفجور غنى, العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلاّ بذكر الله, وواحد في ترك مجالسة السفهاء, رأس العلم الرفق, وآفته الخرق, ومن كنوز الإيمان الصبر على المصائب, والعفاف زينة الفقر, والشكر زينة الغنى, كثرة الزيارة تورث الملالة, والطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم, إعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله, لا تؤيس مذنباً, فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير, وكم من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره, صائر إلى النار بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد, طوبى لمن أخلص لله عمله وعلمه, وحبه وبغضه, وأخذه وتركه وكلامه وصمته, وفعله وقوله, لا يكون المسلم مسلماً حتّى يكون ورعاً, ولن يكون ورعاً حتّى يكون زاهداً, ولن يكون زاهداً حتّى يكون حازماً, ولن يكون حازماً حتّى يكون عاقلاً, وما العاقل إلاّ من عقل عن الله, وعمل للدار الآخرة, وصلى الله على محمّد النبي وعلى أهل بيته الطاهرين. (2)

--------------

(1) إلى هنا في الكافي والوافي 

(2) تحف العقول ص 92, بحار الأنوار ج 74 ص 280, الكافي ج 8 ص 18, الوافي ج 26 ص 17

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

* وصفه للمقصرين

عن أمير المؤمنين (ع): لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل, ويرجو التوبة بطول الأمل, يقول في الدنيا قول الزاهدين ويعمل فيها عمل الراغبين, إن أعطي منها لم يشبع, وإن منع لم يقنع, يعجز عن شكر ما أوتي, ويبتغي الزيادة فيما بقي, ينهى الناس ولا ينتهي, ويأمر الناس ما لا يأتي, يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم, ويبغض المسيئين وهو منهم, ويكره الموت لكثرة سيئاته, ولا يدعها في حياته, يقول كم أعمل فأتعنى ألا أجلس فأتمنى, فهو يتمنى المغفرة ويدأب في المعصية, وقد عمر ما يتذكر فيه من تذكر, يقول فيما ذهب لو كنت عملت ونصبت لكان خيرا لي, ويضيعه غير مكترث لاهيا إن سقم, ندم على التفريط في العمل وإن صح, أمن مغترا يؤخر العمل, تعجبه نفسه ما عوفي, ويقنط إذا ابتلي تغلبه نفسه على ما يظن, ولا يغلبها على ما يستيقن, لا يقنع من الرزق بما قسم له, ولا يثق منه بما قد ضمن له, ولا يعمل من العمل بما فرض عليه, فهو من نفسه في شك إن استغنى بطر وفتن, وإن افتقر قنط ووهن, فهو من الذنب والنعمة موفر ويبتغي الزيادة ولا يشكر, ويتكلف من الناس ما لا يعنيه, ويصنع من نفسه ما هو أكثر, إن عرضت له شهوة واقعها باتكال على التوبة, وهو لا يدري كيف يكون ذلك, لا تغنيه رغبته ولا تمنعه رهبته, ثم يبالغ في المسألة حين يسأل, ويقصر في العمل فهو بالقول مدل ومن العمل مقل, يرجو نفع عمل ما لم يعمله, ويأمن عقاب جرم قد عمله يبادر من الدنيا إلى ما يفنى, ويدع جاهلا ما يبقى, وهو يخشى الموت ولا يخاف الفوت, يستكثر من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه, ويستكثر من طاعته ما يحتقر من غيره, يخاف على غيره بأدنى من ذنبه, ويرجو لنفسه بأدنى من عمله, فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن, يؤدي الأمانة ما عوفي وأرضي والخيانة إذا سخط وابتلي, إذا عوفي ظن أنه قد تاب, وإن ابتلي ظن أنه قد عوقب, يؤخر الصوم ويعجل النوم, لا يبيت قائما ولا يصبح صائما, يصبح وهمته الصبح ولم يسهر, ويمسي وهمته العشاء وهو مفطر, يتعوذ بالله ممن هو دونه, ولا يتعوذ ممن هو فوقه, ينصب الناس لنفسه ولا ينصب نفسه لربه, النوم مع الأغنياء أحب إليه من الركوع مع الضعفاء, يغضب من اليسير ويعصي في الكثير, يعزف لنفسه على غيره ولا يعزف عليها لغيره, فهو يحب أن يطاع ولا يعصى, ويستوفي ولا يوفي, يرشد غيره ويغوي نفسه, ويخشى الخلق في غير ربه, ولا يخشى ربه في خلقه, يعرف ما أنكر وينكر ما عرف, ولا يحمد ربه على نعمه, ولا يشكره على مزيد, ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن منكر, فهو دهره في لبس إن مرض أخلص وتاب, وإن عوفي قسا وعاد, فهو أبدا عليه ولا له لا يدري عمله إلى ما يؤديه إليه حتى متى وإلى متى, اللهم اجعلنا منك على حذر احفظ وع انصرف إذا شئت.

--------------

تحف العقول ص 157, بحار الأنوار ج 74 ص 410

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

* كلامه في الزهد

عن أمير المؤمنين (ع): إني أحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة, حفت بالشهوات وتحببت بالعاجلة, وعمرت بالآمال وتزينت بالغرور, لا تدوم حبرتها ولا تؤمن فجعتها, غرارة ضرارة زائلة نافدة أكالة غوالة, لا تعدو إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها, والرضا بها أن تكون كما قال الله سبحانه: {كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شي‏ء مقتدرا} مع أن امرأ لم يكن منها في حبرة إلا أعقبته عبرة, ولم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرائها ظهرا, ولم تطله فيها ديمة رخاء إلا هتفت عليه مزنة بلاء, إذا هي أصبحت منتصرة أن تمسي له منكرة, وإن جانب منها اعذوذب لامرئ واحلولى أمر عليه جانب منها, فأوبى وإن لبس امرؤ منها في جناح أمن, إلا أصبح في أخوف خوف غرارة غرور ما فيها فانية, فان من عليها لا خير في شي‏ء من زادها إلا التقوى, من أقل منها استكثر مما يؤمنه, ومن استكثر منها لم يدم له وزال عما قليل عنه, كم من واثق بها قد فجعته, وذي طمأنينة إليها قد صرعته, وذي حذر قد خدعته, وكم ذي أبهة فيها قد صيرته حقيرا, وذي نخوة قد ردته جائعا فقيرا, وكم ذي تاج قد أكبته لليدين والفم سلطانها ذل, وعيشها رنق وعذبها أجاج, وحلوها صبر, حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم, ومنيعها بعرض اهتضام, وملكها مسلوب وعزيزها مغلوب, وأمنها منكوب وجارها محروب, ومن وراء ذلك سكرات الموت وزفراته, وهول المطلع والوقوف بين يدي الحاكم العدل {ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى} ألستم في مساكن من كان أطول منكم أعمارا, وأبين آثارا وأعد منكم عديدا, وأكثف منكم جنودا وأشد منكم عنودا, تعبدوا للدنيا أي تعبد وآثروها أي إيثار, ثم ظعنوا عنها بالصغار, أفهذه تؤثرون أم على هذه تحرصون أم إليها تطمئنون, يقول الله: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} فبئست الدار لمن لم يتهيبها, ولم يكن فيها على وجل, واعلموا وأنتم تعلمون أنكم تاركوها, لا بد وإنما هي كما نعت الله: {لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد} فاتعظوا فيها بالذين كانوا يبنون بكل ريع آية يعبثون, ويتخذون مصانع لعلهم يخلدون, وبالذين قالوا من أشد منا قوة واتعظوا بمن رأيتم من إخوانكم, كيف حملوا إلى قبورهم ولا يدعون ركبانا, وأنزلوا ولا يدعون ضيفانا, وجعل لهم من الضريح أكنان, ومن التراب أكفان ومن الرفات جيران, فهم جيرة لا يجيبون داعيا, ولا يمنعون ضيما لا يزورون‏, ولا يزارون حلماء قد بارت أضغانهم جهلاء قد ذهبت أحقادهم, لا تخشى فجعتهم ولا يرجى دفعهم وهم كمن لم يكن, وكما قال الله سبحانه: {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين} استبدلوا بظهر الأرض بطنا, وبالسعة ضيقا وبالأهل غربة, وبالنور ظلمة جاءوها كما فارقوها حفاة عراة, قد ظعنوا منها بأعمالهم إلى الحياة الدائمة وإلى خلود أبد, يقول الله تبارك وتعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين}.

---------------

نهج البلاغة ص 164, تحف العقول ص 180, بحار الأنوار ج 70 ص 96

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

* بعض مواعظه

عن أمير المؤمنين (ع): من كنوز الجنة البر, وإخفاء العمل, والصبر على الرزايا, وكتمان المصائب.

--------------

التمحيص ص 66, تحف العقول ص 200, بحار الأنوار ج 75 ص 36

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): حسن الخلق خير قرين, (1) وعنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه. (2)

---------------

(1) إلى هنا في صحيفة الإمام الرضا (ع) وعيون أخبار الرضا (ع) ووسائل الشيعة

(2) تحف العقول ص 200, بحار الأنوار ج 75 ص 37, صحيفة الإمام الرضا (ع) ص 67, عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 38, وسائل الشيعة ح 12 ص 153

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): الزاهد في الدنيا من لم يغلب الحرام صبره ولم يشغل الحلال شكره.

---------------

تحف العقول ص 200, بحار الأنوار ج 75 ص 37

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع) في ذم الدنيا: أولها عناء وآخرها فناء, في حلالها حساب وفي حرامها عقاب, من صح فيها أمن ومن مرض فيها ندم, من استغنى فيها فتن ومن افتقر فيها حزن, من ساعاها فاتته ومن قعد عنها أتته, ومن نظر إليها أعمته ومن نظر بها بصرته.

---------------

تحف العقول ص 201, بحار الأنوار ج 75 ص 37

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يعصيك يوما ما, وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما.

--------------

تحف العقول ص 201, بحار الأنوار ج 75 ص 37

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): لا غنى مثل العقل, ولا فقر أشد من الجهل.

--------------

تحف العقول ص 201, بحار الأنوار ج 75 ص 37

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): قيمة كل امرئ ما يحسن.

---------------

الفقيه ج 4 ص 389, تحف العقول ص 201, كنز الفوائد ج 1 ص 318, مناقب آل أبي طالب (ع) ج 2 ص 48, كشف اليقين ص 182, أعلام الدين ص 84, الوافي ج 26 ص 238, بحار الأنوار ج 75 ص 37, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 381, مستدرك الوسائل ج 11 ص 175

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): قرنت الهيبة بالخيبة, والحياء بالحرمان, (1) والحكمة ضالة المؤمن فليطلبها ولو في أيدي أهل الشر. (2)

---------------

(1) من هنا في نهج البلاغة ووسائل الشيعة وهداية الأمة 

(2) تحف العقول ص 201, بحار الأنوار ج 75 ص 38, نهج البلاغة ص 471, وسائل الشيعة ج 1 ص 5, هداية الأمة ج 5 ص 564

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): لو أن حملة العلم حملوه بحقه لأحبهم الله وملائكته وأهل طاعته من خلقه, ولكنهم حملوه لطلب الدنيا فمقتهم الله وهانوا على الناس.

--------------

تحف العقول ص 201, كنز الفوائد ج 2 ص 109, نزهة الناظر ص 64, غرر الأخبار ص 44, أعلام الدين ص 82, بحار الأنوار ج 75 ص 38, بعضه: عيون الحكم ص 416, غرر الحكم ص 567

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): أفضل العبادة الصبر والصمت وانتظار الفرج.

---------------

تحف العقول ص 201, الإرشاد للمفيد ج 1 ص 302, كشف اليقين ص 183, بحار الأنوار ج 75 ص 38

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): إن للنكبات غايات لا بد أن تنتهي إليها, فإذا حكم على أحدكم بها فليطأطئ لها ويصبر حتى تجوز, فإن إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها.

--------------

التمحيص ص 64, تحف العقول ص 201, بحار الأنوار ج 75 ص 38, مستدرك الوسائل ج 2 ص 424

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع) للأشتر: يا مالك, احفظ عني هذا الكلام وعه, يا مالك, بخس مروته من ضعف يقينه, وأزرى بنفسه من استشعر الطمع, ورضي بالذل من كشف عن ضره, وهانت عليه نفسه من أطلع على سره, وأهلكها من أمر عليه لسانه, الشره جزار الخطر, من أهوى إلى متفاوت خذلته الرغبة, البخل عار والجبن منقصة, والورع جنة والشكر ثروة, والصبر شجاعة والمقل غريب في بلده, والفقر يخرس الفطن عن حجته, ونعم القرين الرضا الأدب حلل جدد, ومرتبة الرجل عقله وصدره خزانة سره, والتثبت حزم والفكر مرآة صافية, والحلم سجية فاضلة, والصدقة دواء منجح, وأعمال القوم في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم, والاعتبار منذر صالح والبشاشة فخ المودة.

--------------

تحف العقول ص 201, بحار الأنوار ج 75 ص 38

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد, فمن لا صبر له لا إيمان له.

--------------

التمحيص ص 64, تحف العقول ص 202, بحار الأنوار ج 75 ص 39, مستدرك الوسائل ج 2 ص 424

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: كان أمير المؤمنين (ع) إذا صعد المنبر، قال: ينبغي‏ للمسلم‏ أن‏ يجتنب‏ مواخاة ثلاثة: الماجن‏، والأحمق، والكذاب. فأما الماجن، فيزين لك فعله، ويحب أن تكون‏ مثله، ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، ومقارنته‏ جفاء وقسوة، ومدخله ومخرجه عليك عار. وأما الأحمق، فإنه لا يشير عليك بخير، ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتك فضرك، فموته خير من حياته، وسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه. وأما الكذاب، فإنه لا يهنئك‏ معه عيش، ينقل حديثك‏، وينقل إليك الحديث، كلما أفنى أحدوثة مطها بأخرى‏ حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدق، ويغري‏ بين الناس بالعداوة، فينبت‏ السخائم في الصدور، فاتقوا الله، وانظروا لأنفسكم‏.

----------

الكافي ج 2 ص 376, تحف العقول ص 205, الوافي ج 5 ص 577, بحار الأنوار ج 71 ص 205

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): لا عليك أن تصحب ذا العقل‏ وإن لم تحمد كرمه، ولكن انتفع بعقله، واحترس من سيء أخلاقه، ولا تدعن صحبة الكريم وإن لم تنتفع بعقله، ولكن انتفع بكرمه بعقلك، وافرر كل الفرار من اللئيم الأحمق.

-----------

الكافي ج 2 ص 638, تحف العقول ص 206, الوافي ج 5 ص 571, وسائل الشيعة ج 12 ص 19, بحار الأنوار ج 71 ص 187

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): أنتم في مهل من ورائه أجل ومعكم أمل يعترض دون العمل, فاغتنموا المهل وبادروا الأجل, وكذبوا الأمل وتزودوا من العمل, هل من خلاص, أو مناص أو فرار, أو مجاز أو معاذ أو ملاذ أو لا, {فأنى تؤفكون}.

--------------

‏تحف العقول ص 202, نزهة الناظر ص 49, بحار الأنوار ج 75 ص 39

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): أوصيكم بتقوى الله فإنها غبطة للطالب الراجي, وثقة للهارب اللاجي, استشعروا التقوى شعارا باطنا, واذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة, وتسلكوا به طرق النجاة, وانظروا إلى الدنيا نظر الزاهد المفارق, فإنها تزيل الثاوي الساكن, وتفجع المترف الآمن لا يرجى منها ما ولى فأدبر, ولا يدرى ما هو آت منها, فيستنظر وصل الرخاء منها بالبلاء والبقاء منها إلى الفناء سرورها مشوب بالحزن, والبقاء منها إلى الضعف والوهن.

-------------

‏تحف العقول ص 202, مجموعة ورام ج 2 ص 39, بحار الأنوار ج 75 ص 39

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): إن الخيلاء من التجبر, والتجبر من النخوة, والنخوة من التكبر, وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل, إن المسلم أخ المسلم فلا تخاذلوا ولا تنابزوا, فإن شرائع الدين واحدة وسبله قاصدة, فمن أخذ بها لحق ومن فارقها محق, ومن تركها مرق, ليس المسلم بالكذوب إذا نطق, ولا بالمخلف إذا وعد, ولا بالخائن إذا اؤتمن.

--------------

‏تحف العقول ص 203, مجموعة ورام ج 2 ص 178, بحار الأنوار ج 75 ص 39

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): العقل خليل المؤمن والحلم وزيره, والرفق والده واللين أخوه, ولا بد للعاقل من ثلاث: أن ينظر في شأنه ويحفظ لسانه ويعرف زمانه, ألا وإن من البلاء الفاقة, وأشد من الفاقة مرض البدن, وأشد من مرض البدن مرض القلب, ألا وإن من النعم سعة المال, وأفضل من سعة المال صحة البدن, وأفضل من صحة البدن تقوى القلب.

--------------

‏تحف العقول ص 203, بحار الأنوار ج 75 ص 40

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): إن للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربه, وساعة يحاسب فيها نفسه, وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل, وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاشه, وخطوة لمعاده, أو لذة في غير محرم.

--------------

تحف العقول ص 203, بحار الأنوار ج 75 ص 40

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): كم من مستدرج بالإحسان إليه, وكم من مغرور بالستر عليه, وكم من مفتون بحسن القول فيه, وما ابتلى الله عبدا بمثل الإملاء له, قال الله عز وجل: {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}.

--------------

تحف العقول ص 203, بحار الأنوار ج 75 ص 40

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم, يكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن بشرك, ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك.

-------------

الكافي ج 2 ص 149, تحف العقول ص 204, معاني الأخبار ص 267, مشكاة الأنوار ص 126, مجموعة ورام ج 2 196, الوافي ج 4 ص 416, وسائل الشيعة ج 9 ص 448, بحار الأنوار ج 75 ص 40

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): لا تغضبوا ولا تغضبوا, أفشوا السلام وأطيبوا الكلام.

--------------

الكافي ج 2 ص 645, تحف العقول ص 204, مشكاة الأنوار ص 197, الوافي ج 5 ص 597, وسائل الشيعة ج 12 ص 59, البرهان ج 2 ص 141, بحار الأنوار ج 75 ص 41تفسير نور الثقلين ج 3 ص 20, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 138, مستدرك الوسائل ج 8 ص 361

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): الكريم يلين إذا استعطف, واللئيم يقسو إذا ألطف.

---------------

تحف العقول ص 204, كنز الفوائد ج 2 ص 182, مجموعة ورام ج 2 ص 253, بحار الأنوار ج 75 ص 41

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه من لم يرخص الناس في معاصي الله, ولم يقنطهم من رحمة الله ولم يؤمنهم من مكر الله, ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه, ولا خير في عبادة ليس فيها تفقه, ولا خير في علم ليس فيه تفكر, ولا خير في قراءة ليس فيها تدبر.

---------------

الكافي ج 1 ص 36, تحف العقول ص 204, منية المريد ص 162, الوافي ج 1 ص 162, بحار الأنوار ج 75 ص 41

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): إن الله إذا جمع الناس نادى فيهم مناد: أيها الناس, إن أقربكم اليوم من الله أشدكم منه خوفا, وإن أحبكم إلى الله أحسنكم له عملا, وإن أفضلكم عنده منصبا أعملكم فيما عنده رغبة, وإن أكرمكم عليه أتقاكم.

---------------

تحف العقول ص 204, بحار الأنوار ج 75 ص 41

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): عجبت لأقوام يحتمون الطعام مخافة الأذى, كيف لا يحتمون الذنوب مخافة النار, وعجبت ممن يشتري المماليك بماله, كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه فيملكهم, ثم قال (ع): إن الخير والشر لا يعرفان إلا بالناس, فإذا أردت أن تعرف الخير فاعمل الخير تعرف أهله, وإذا أردت أن تعرف الشر فاعمل الشر تعرف أهله.

--------------

تحف العقول ص 204, بحار الأنوار ج 75 ص 41

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): إنما أخشى عليكم اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى, أما طول الأمل فينسي الآخرة, وأما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق.

--------------

تحف العقول ص 204, الأمالي للمفيد ص 92, الأمالي للطوسي ص 117, كشف الغمة ج 1 ص 383, بحار الأنوار ج 75 ص 41, مستدرك الوسائل ج 2 ص 106

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك.

---------

الفقيه ج 4 ص 390, نهج البلاغة ص 403, تحف العقول ص 205, خصائص الأئمة (ع) ص 117, نزهة الناظر ص 59, عيون الحكم ص 524, كشف المحجة ص 232, أعلام الدين ص 287, الوافي ج 26 ص 238, بحار الأنوار ج 75 ص 42

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): لا تصرم أخاك على ارتياب ولا تقطعه دون استعتاب.

--------

الفقيه ج 4 ص 391, تحف العقول ص 205, عيون الحكم ص 528, غرر الحكم ص 749, الوافي ج 26 ص 239, وسائل الشيعة ج 12 ص 217, بحار الأنوار ج 75 ص 42

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): الصبر ثلاثة: الصبر على المصيبة, والصبر على الطاعة, والصبر عن المعصية.

----------

تحف العقول ص 206, التمحيص ص 64, بحار الأنوار ج 68 ص 95, مستدرك الوسائل ج 11 ص 259

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه أبدا, قيل: وما هن؟ قال: العجلة, واللجاجة, والعجب, والتواني.

----------

تحف العقول ص 206, بحار الأنوار ج 75 ص 43

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): يا أيها الناس, إن لله في كل نعمة حقا, فمن أداه زاده, ومن قصر عنه خاطر بزوال النعمة وتعجل العقوبة, فليراكم الله من النعمة وجلين كما يراكم من الذنوب فرقين.

------------

تحف العقول ص 206, بحار الأنوار ج 75 ص 43. نحوه: نزهة الناظر ص 69, مجموعة ورام ج 2 ص 221, إرشاد القلوب ص 151

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): من ضيق عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك حسن نظر من الله له فقد ضيع مأمولا, ومن وسع عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك استدراج من الله فقد أمن مخوفا.

----------

تحف العقول ص 206, بحار الأنوار ج 75 ص 43

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): يا أيها الناس, سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية, فإن أجل‏ النعم العافية, وخير ما دام في القلب اليقين, والمغبون من غبن دينه, والمغبوط من حسن يقينه.

-------------

تحف العقول ص 206, المحاسن ج 1 ص 248, بحار الأنوار ج 75 ص 44, مستدرك الوسائل ج 11 ص 194, التمحيص ص 61 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

-------------

الكافي ج 2 ص 58, التمحيص ص 62, تحف العقول ص 207, مشكاة الأنوار ص 38, مجموعة ورام ج 2 ص 184, الوافي ج 4 ص 270, وسائل الشيعة ج 15 ص 201, الفصول المهمة ج 2 ص 215, بحار الأنوار ج 67 ص 154, مستدرك الوسائل ج 11 ص 197

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): ما ابتلي المؤمن بشي‏ء هو أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها, قيل: وما هن؟ قال: المواساة في ذات يده, والإنصاف من نفسه, وذكر الله كثيرا, أما إني لا أقول لكم: سبحان الله والحمد لله, ولكن ذكر الله عند ما أحل له, وذكر الله عند ما حرم عليه.

-----------

تحف العقول ص 207, التمحيص ص 67, بحار الأنوار ج 75 ص 44, مستدرك الوسائل ج 11 ص 189

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

عن أمير المؤمنين (ع): من رضي من الدنيا بما يجزيه كان أيسر ما فيها يكفيه, ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شي‏ء يكفيه.

-------------

الكافي ج 2 ص 140, الفقيه ج 4 ص 418, تحف العقول ص 207, مكارم الأخلاق ص 99, مشكاة الأنوار ص 131, الوافي ج 4 ص 409, وسائل الشيعة ج 21 ص 532, بحار الأنوار ج 70 ص 178

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): المنية لا الدنية, والتجلد لا التبلد, والدهر يومان: فيوم لك ويوم عليك, فإذا كان لك فلا تبطر, وإذا كان عليك فلا تحزن, فبكليهما ستختبر.

-----------

تحف العقول ص 207, بحار الأنوار ج 75 ص 44

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): أركان الكفر أربعة: الرغبة, والرهبة, والسخط, والغضب.

----------

تحف العقول ص 207, الجعفريات ص 232, بحار الأنوار ج 75 ص 45, مستدرك الوسائل ج 11 ص 369. عن رسول الله (ص): الكافي ج 2 ص 289, الأمالي للصدوق ص 419, الوافي ج 4 ص 229, وسائل الشيعة ج 15 ص 339

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): الصبر مفتاح الدرك, والنجح عقبى من صبر, ولكل طالب حاجة وقت يحركه القدر.

---------

تحف العقول ص 207, بحار الأنوار ج 75 ص 45

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): اللسان معيار: أطاشه الجهل, وأرجحه العقل.

---------

تحف العقول ص 207, بحار الأنوار ج 75 ص 45

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): من طلب شفا غيظ بغير حق أذاقه الله هوانا بحق, إن الله عدو ما كره.

---------

تحف العقول ص 207, بحار الأنوار ج 75 ص 45

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): حق الله في العسر: الرضا والصبر, وحقه في اليسر: الحمد والشكر.

---------

تحف العقول ص 208, بحار الأنوار ج 75 ص 45

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع): ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا، والموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لب فرحا.

---------

الكافي ج 2 ص 451, تحف العقول ص 208, مجموعة ورام ج 2 ص 160, الوافي ج 5 ص 1095, وسائل الشيعة ج 15 ص 309, بحار الأنوار ج 75 ص 45

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية