في النورانية

ولد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب × في جوف الكعبة المشرفة في الثالث عشر من شهر رجب – على أشهر الأقوال – ثلاثين سنة بعد عام الفيل.

والده: أبو طالب ×

أمه: السيدة فاطمة بنت أسد ÷.

كنيته ×: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو تراب.

من ألقابه ×: أمير المؤمنين، إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، يعسوب الدين، سيد الأوصياء، سيد المسلمين, أسد الله الغالب، المرتضى.

زوجاته ×: السيدة فاطمة الزهراء ÷ ولم يتزوج غيرها في حياتها, امامة بنت أبي العاص, فاطمة بنت حزام أم البنين، أسماء بنت عميس، خولة بنت جعفر، أم حبيب بنت ربيعة, ليلى بنت مسعود, أم سعيد بنت عروة, محياة بنت امرئ القيس.

أولاده ×: الإمام الحسن، الإمام الحسين، زينب الكبرى، زينب الصغرى (أم كلثوم)، المحسن السقط، العباس، جعفر، عبد الله، عثمان، عمر الأطرف، محمد الحنفية.

نقض خاتمه: الله الملك، الملك لله الواحد القهار.

 

ومن صفاته أن معاوية قال لضرار بن ضمرة: صف لنا عليا فقال: كان والله صواما بالنهار، قواما بالليل، يحب من اللباس أخشنه، ومن الطعام أجشبه‏، وكان يجلس فينا، ويبتدى‏ء إذا سكتنا، ويجيب إذا سألنا، يقسم بالسوية، ويعدل في الرعية، لا يخاف‏ الضعيف من جوره، ولا يطمع القوي في ميله، والله لقد رأيته ليلة من الليالي وقد أسبل‏ الظلام سدوله، وغارت نجومه، وهو يتململ في المحراب تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين, ولقد رأيته مسبلا للدموع، قابضا على لحيته، يخاطب دنياه فيقول: يا دنيا أبي تشوقت ولي تعرضت؟ لا حان حينك، فقد بتلتك‏ بتالا لا رجعة لي فيك، فعيشك قصير، وخطرك‏ يسير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق‏.

(مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 103)

 

وكان من كثرة عبادته ما روي عن أبي عبد الله (ع) قال: إن استطعت أن تصلي في شهر رمضان وغيره، في اليوم والليلة ألف ركعة فافعل، فإن عليا (ع) كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة.

(التهذيب ج 3 ص 61)

 

وكان من كرمه الشديد ما روي سأل أعرابي أمير المؤمنين (ع) شيئا فأمر بألف، فقال الوكيل: من ذهب أو فضة؟ فقال: كلاهما عندي حجران، فأعط الأعرابي أنفعهما إليه‏.

(مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 118)

 

وفضائله وعدله وعلمه قد ملأت الأفاق والكتب, ولا يمكن حصرها.

 

كان × أول من أسلام لما بعث رسول الله |, وأول من أجابه | حين أمره الله تعالى بانذار عشيرته الأقربين, فعند ذلك أعلن رسول الله | للناس أن الإمام علي × هو أخوه ووارثه ووزيره، وخليفته.

وبقي طول المرحلة المكية مع رسول الله | ويدافع عنه من كيد وأذى المشركين لعنهم الله تعالى.

ولما أراد رسول الله | أن يهاجر إلى المدينة بات الإمام علي × على فراشه لكي يحميه من كيد المشركين, فهكذا يهاجر من غير أن يدري به أحدا, وأيضا لما دخل المشركون على البيت الذي كانوا يضنوا فيه رسول الله | وجدوا الإمام علي ×, وهذا الموقف من المواقف المهمة جدا في هجرة رسول الله |, ولولا هذا الموقف لما تمت الهجرة.

وبعد ذلك أخذ الفاطميات – ومنهن السيدة فاطنة الزهراء ÷ - وهاجر معهن اما المشركين جميعا إلى المدينة, وكان في الطريق يدافع عنهن ويحارب المشركين اللعناء.

 

وأيضا في المرحلة المدنية ما كان يبتعد عن الرسول | أبدا, ولما أراد أن يأخي بين المهاجرين والأنصار, أخي بينه وبين الإمام علي ×.

وبعد ذلك لما أراد رسول الله | أن يزوجه ابنته سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء ÷, ورفض أن يزوجها من أبي بكر أو من عمر أو من عثمان, وما قبل أن يزوجها إلا من الإمام علي ‘.

 

وفي جميع المعارك كانت البطولة له ×, ففي بدر كان هو من قتل الوليد بن عتبة وشيبة, وأيضا قتل هو نصف قتلى بدر, أي هو قتل 35 وسائر المسلمين قتلوا جميعا 35, فكان المجموع 70.

وفي أحد فر الناس جميعا إلا هو, وكان هو وحده من يقاتل ويدافع عن رسول الله | جون سائر المسلمين, وقد عاتب بعضهم على الفرار, في هذه المعركة نادى جبرائيل: "لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي" – وروي أن ذلك أيضا في معركة بدر – وعند انتهاء المعركة هجم وحده على المشركين وكان هذا سبب تراجعهم وفشلهم في قتل رسول الله |.

ويم الأحزاب لما قطع الخندق عمرو بن عبد ود خاف جميع الناس ولم يبارزه أحد, إلا هو برز للقتال, وعند ذلك قال رسول الله |: "برز الإيمان كله للشرك كله" فقتله وانقذ المسلمين من شر المشركين.

وهكذا في جميع المعارك كان هو الكرار وغيره فرار, وكان أكثر من يقتل من المشركين وأشد الناس دفاعا عن رسول الله |.

ولما ذهب رسول الله | إلى غزة تبوك أخلفه في القوم قائلا: "المدينة لا تصلح إلا بي أو بك, فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي وقومي, أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى, إلا أنه لا نبي بعدي."

 

ولما رجع رسول الله | مع السلمين من حجة الوداع جمع الناس كلهم وأمر أن الحاضر أن يخبر الغائب, وقال بعد خطبة طويلة: "ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله" فأعلن للناس جميعا أن الولي هو الإمام علي × لا أحد غيره.

 

وهكذا بقي ملازما لرسول الله | طول حياته إلى أن استشهد مسموما, فقبضت روحه | ورأسه في حجر أمير المؤمنين ×, وكان هو من كفنه وغسله ودفنه والناس في السقيفة ينقلبون على ما أمرهم به رسول الله |.

 

بعد شهادة رسول الله | انقلبت الأمة عليه × وخالفوا ما وصاهم به النبي |, وأول فعل قاموا به أنهم هاجموا على دار أمير المؤمنين والسيدة الزهراء ‘ وأحرقوه وقتلوا ابنة رسول الله ÷ واسقطوا المحسن ×.

وبعد ذلك سالم أمير المؤمنين × لكي يحافظ على مصلحة الإسلام والمسلمين, وهكذا بقي يعلم الناس وينشر العقائد الحقة في زمن الحكام الثلاثة قبله, ويدير بعض الأمور بشكل مخفي.

فلما قتل عثمان أصر الناس على مبايعة أمير المؤمنين ×, ولكن نكث البيعة طلحة والزبير, وذهبا إلى عائشة وتحركوا جميعا للبصرة وجهزا الجيش لقتال الإمام ×, وهكذا التقى بهم وحاربهم بعد أن لبى دعوته أهل الكوفة, ولما قضيت المعركة وانتصر أمير المؤمنين × ذهب إلى الكوفة وجعلها عاصمة دولته.

وأيضا معاوية في الشام لم يبايع أمير المؤمنين × ولم يتنازل عن منصبه رغم أن الإمام عزله, وهكذا جهز جيشه وذهب إلى قتال الإمام, فالتقى الجيشان في صفين وصار قتال عظيم جدا بينهم دامت لوقت طويل.

وما انتهت المعركة إلا بخدعة من عمرة بن العاص وخدعة التحكيم.

وبعد هذه المعركة انشق عن المسلمين الخوارج فذهب إليهم أمير المؤمنين × ووعظهم وأمرهم بالرجوع ولكنهم رفضوا ذلك فقاتلهم بمعركة شديدة.

 

وهكذا مرت الإيام والليالي إلى أن أتى ابن ملجم لعنه الله وصمم على قتل أمير المؤمنين ×, فوقف خلفه أثناء صلاة الفجر في يوم التاسع عشر من شهر رمضان وضربه على هاتمه الشريفة بسيف مسموم, فجرى السم في بدنه الشريف إلى أن استشهد في يوم الحادي عشر من شهر رمضان في عام 40 هـ ودفن في النجف ظهر الكوفة وعمره الشريف 63 عام.