ولد الإمام الحسن × بالمدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان وذلك في عام الثالث بعد الهجرة على المشهور.
عاش مع رسول الله صلى الله عليه وآله سبع سنين, وبعده مع أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثين عاما, وكانت مدة إمامته تسع سنين.
أمه: الصديقة الكبرى, سيدة نساء العالمين, الشهيدة المظلومة, الراضية المرضية, حضرة السيدة فاطمة الزهراء سلام الله وصلواته عليها.
كنيته: أبو محمد, وأبو القاسم.
ألقابه: المجتبى, السيد, والسبط, والأمير, والحجة, والبر, والتقي, والأثير, والزكي, والسبط الأول, والزاهد.
أولاده: عبد الله وعمر والقاسم أمهم أم ولد, والحسين الأثرم والحسن أمهما خولة بنت منظور الفزارية, وعقيل والحسن أمهما أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية, وزيد وعمر من الثقفية وعبد الرحمن من أم ولد وطلحة وأبو بكر أمهما أم إسحاق بنت طلحة التميمي, وأحمد وإسماعيل والحسن الأصغر ابنته أم الحسن فقط عند عبد الله ويقال وأم الحسين وكانتا من أم بشير الخزاعية, وفاطمة من أم إسحاق بنت طلحة, وأم عبد الله وأم سلمة ورقية لأمهات أولاد.
وقتل مع الحسين × من أولاده عبد الله والقاسم وأبو بكر.
والمعقبون من أولاده اثنان: زيد بن الحسن والحسن بن الحسن.
وقد سماه الله تعالى بالحسن كما روي عن الإمام علي بن الحسين (ع) قال: لما ولدت السيدة فاطمة (ع) الإمام الحسن (ع)، قالت لعلي (ع): سمه، فقال الإمام (ع): ما كنت لأسبق باسمه رسول الله (ص). فلما جاء النبي(ص) قال لعلي (ع): هل سميته؟ فقال: ما كنت لأسبقك باسمه, فقال(ص): ما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرائيل أنه قد ولد لمحمد (ص) ابن فاهبط وأقرئه السلام وهنئه، وقل له: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون، فهبط جبرائيل(ع) فهنأه من الله عز وجل، ثم قال: إن الله عز وجل يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون, قال: وما كان اسمه؟ قال: شبر، قال: لساني عربي، قال: سمه الحسن، فسماه الحسن. فلما ولد الحسين (ع) أوحى الله عز وجل إلى جبرئيل (ع) أنه قد ولد لمحمد (ص) ابن فاهبط إليه فهنئه وقل له إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى, فسمه باسم ابن هارون, قال: فهبط جبرئيل (ع) فهنأه من الله تبارك وتعالى, ثم قال: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى, فسمه باسم ابن هارون, قال: وما اسمه؟ قال: شبير, قال: لساني عربي, قال: سمه الحسين, فسماه الحسين.
(الأمالي للصدوق ص 134)
واشتهر عليه السلام بكثرة الكرم, وقد ورد في ذلك قصص كثيرة, منها ما روي عن أبي جعفر المدائني في حديث طويل: خرج الحسن والحسين (ع) وعبد الله بن جعفر حجاجا, ففاتتهم أثقالهم فجاعوا وعطشوا, فرأوا في بعض الشعوب خباء رثا وعجوزا, فاستسقوها فقالت: اطلبوا هذه الشويهة, ففعلوا واستطعموها, فقالت: ليس إلا هي, فليقم أحدكم فليذبحها حتى أصنع لكم طعاما, فذبحها أحدهم ثم شوت لهم من لحمها وأكلوا وقيلوا عندها, فلما نهضوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه, فإذا انصرفنا وعدنا فالممي بنا فإنا صانعون لك خيرا, ثم رحلوا, فلما جاء زوجها وعرف الحال أوجعها ضربا, ثم مضت الأيام فأضرت بها الحال فرحلت حتى اجتازت بالمدينة, فبصر بها الحسن (ع) فأمر لها بألف شاة, وأعطاها ألف دينار, وبعث معها رسولا إلى الحسين (ع) فأعطاها مثل ذلك, ثم بعثها إلى عبد الله بن جعفر فأعطاها مثل ذلك.
(مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 16)
وقد شارك عليه السلام في جميع حروب أبيه عليه السلام, وكان هو عليه السلام الذي قتل الجمل في معركة الجمل برمحه, فعلي يديه كانت الانتصار في هذه المعركة.
وبعد شهادة أبيه عليه السلام بويع بالخلافة الظاهرية وكانت مدة إمامته تسع سنين.
وبعد البيعة كثر الخذلان في جيشه وحتى قد خانه قائد جيشه وهو عبيد الله بن العباس لعنه الله, وهو ابن عم أبيه عليه السلام, وبسبب خذلان جيشه وقد طعن بفخذه الشريفة, وقد ذكر ذلك الشيخ المفيد فقال, أراد الإمام الحسن (ع) أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في الطاعة له، ليتميز بذلك أولياؤه من أعدائه، ويكون على بصيرة في لقاء معاوية وأهل الشام، فأمر أن ينادي في الناس بالصلاة جامعة، فاجتمعوا فصعد المنبر فخطبهم فقال: الحمد لله بكل ما حمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق وائتمنه على الوحي (ص). أما بعد: فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت - بحمد الله عنه - وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ولا مريدا له بسوء ولا غائلة، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي، غفر الله لي ولكم وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا. قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا: ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظنه والله يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه، فقالوا: كفر والله الرجل، ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه، حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه عن عاتقه، فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداء. ثم دعا بفرسه فركبه، وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته ومنعوا منه من أراده، فقال: ادعوا إلي ربيعة وهمدان فدعوا له فأطافوا به ودفعوا الناس عنه. وسار ومعه شوب من الناس، فلما مر في مظلم ساباط بدر إليه رجل من بني أسد يقال له: الجراح بن سنان، فأخذ بلجام بغلته وبيده مغول وقال: الله أكبر، أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل، ثم طعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم، فاعتنقه الحسن (ع) وخرا جميعا إلى الأرض، فوثب إليه رجل من شيعة الحسن (ع) يقال له: عبد الله بن خطل الطائي، فانتزع المغول من يده وخضخض به جوفه، وأكب عليه آخر يقال له: ظبيان بن عمارة، فقطع أنفه، فهلك من ذلك. وأخذ آخر كان معه فقتل. وحمل الحسن (ع) على سرير إلى المدائن.
(الإرشاد ج 2 ص 11)
وبعد ما جرى عليه اجبر على الصلح مع معاوية من أجل حفظ الشيعة وبقاء الإسلام, وقد ورد عن أبي جعفر (ع) قال: جاء رجل من أصحاب الحسن (ع) يقال له: سفيان بن ليلى, وهو على راحلة له, فدخل على الحسن وهو محتب في فناء داره, فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين, فقال له الحسن (ع): انزل ولا تعجل, فنزل فعقل راحلته في الدار, وأقبل يمشي حتى انتهى إليه, قال: فقال له الحسن (ع): ما قلت؟ قال: قلت: السلام عليك يا مذل المؤمنين, قال (ع): وما علمك بذلك؟ قال: عمدت إلى أمر الأمة, فخلعته من عنقك وقلدته هذا الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله, قال: فقال له الحسن (ع): سأخبرك لم فعلت ذلك, قال (ع): سمعت أبي (ع) يقول: قال رسول الله (ص): لن تذهب الأيام والليالي حتى يلي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم, رحب الصدر, يأكل ولا يشبع, وهو معاوية, فلذلك فعلت. ما جاء بك؟ قال: حبك, قال: الله قال: الله, فقال الحسن (ع): والله لا يحبنا عبد أبدا, ولو كان أسيرا في الديلم إلا نفعه حبنا, وإن حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم كما يساقط الريح الورق من الشجر.
(الاختصاص ص 82)
وأبضا عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (ع) قال: والله للذي صنعه الحسن ابن علي (ع) كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس والله لقد نزلت هذه الآية {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} إنما هي طاعة الامام, وطلبوا القتال, {فلما كتب عليهم القتال} مع الحسين (ع) {قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب} {نجب دعوتك ونتبع الرسل} أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (ع).
(الكافي ج 8 ص 330)
شهادته: استشهد عليه السلام في السابع من صفر في عام خمسين بعد الهجرة, وقال الشيخ المفيد: لما استقر الصلح بين الحسن (ع) ومعاوية, خرج الحسن (ع) إلى المدينة, فأقام بها كاظما غيظه, لازما منزله, منتظرا لأمر ربه عز وجل, إلى أن تم لمعاوية عشر سنين من إمارته, وعزم على البيعة لابنه يزيد, فدس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس, وكانت زوجة الحسن (ع) من حملها على سمه, وضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد, فأرسل إليها مائة ألف درهم, فسقته جعدة السم, فبقي أربعين يوما مريضا, ومضى لسبيله في شهر صفر خمسين من الهجرة, وله يومئذ ثماني وأربعون سنة, وكانت خلافته عشر سنين, وتولى أخوه ووصيه الحسين (ع) غسله, وتكفينه, ودفنه عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها بالبقيع.
(الإرشاد ج 2 ص 15)
وروي أن الصادق (ع) قال: لما حضرت الحسن بن علي (ع) الوفاة بكى بكاء شديدا, وقال (ع): إني أقدم على أمر عظيم, وهول لم أقدم على مثله قط, ثم أوصى أن يدفنوه بالبقيع, فقال (ع): يا أخي, احملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله (ص) لأجدد به عهدي, ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد, فادفني فستعلم يا ابن أم أن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله (ص) فيجلبون في منعكم, وبالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم, فلما غسله وكفنه الحسين (ع), وحمله على سريره وتوجه إلى قبر جده رسول الله (ص) ليجدد به عهدا, أتى مروان بن الحكم ومن معه من بني أمية, فقال: أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي (ص), لا يكون ذلك أبدا, ولحقت عائشة على بغل وهي تقول: ما لي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب, فقال ابن عباس لمروان بن الحكم: لا نريد دفن صاحبنا, فإنه كان أعلم بحرمة قبر رسول الله (ص) من أن يطرق عليه هجما كما طرق ذلك غيره, ودخل بيته بغير إذنه, انصرف, فنحن ندفنه بالبقيع, كما وصى ثم قال لعائشة: واسوأتاه يوما على بغل, ويوما على جمل, وفي رواية: يوما تجملت, ويوما تبغلت, وإن عشت تفيلت, فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال:
يا بنت أبي بكر لا كان ولا كنت ... لك التسع من الثمن وبالكل تملكت
تجملت تبغلت وإن عشت تفيلت
(الخرائج والجرائح ج 1 ص 242)