* إلى الشيخ المفيد
للأخ السديد, والولي الرشيد, الشيخ المفيد, أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله اعزازه, من مستودع العهد المأخوذ على العباد {بسم الله الرحمن الرحيم} أما بعد,
سلام عليك أيها الولي المخلص في الدين, المخصوص فينا باليقين, فإنَّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو, ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين, ونُعلمك أدام الله توفيقك لنصرة الحق, وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق أنه قد أُذن لنا في تشريفك بالمكاتبة, وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك, أعزهم الله بطاعته, وكفاهم المهم برعايته لهم وحراسته, فقف أيدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما أذكره, واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله.
نحن وإن كنا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين, حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين, فإنَّا نحيط علماً بأنبائكم, ولا يعزب عنا شيء من أخباركم, ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً, ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، إنَّا غير مهملين لمراعاتكم, ولا ناسين لذكركم, ولولا ذلك لنزل بكم اللاواء أو اصطلمكم الأعداء, فاتقوا الله جل جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم, يهلك فيها من حُم أجله, ويحمى عنها من أدرك أمله, وهي أمارة لازوف حركتنا ومباثتكم بأمرنا ونهينا, والله متم نوره ولو كره المشركون, اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية, يحششها عصب أموية, يهول بها فرقة مهدية, أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن, وسلك في الطعن منها السبل المرضية, إذا حل جمادى الاولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه, واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه، ستظهر لكم من السماء آية جلية, ومن الارض مثلها بالسوية, ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق, ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الاسلام مراق, تضيق بسوء فعالهم على أهله الارزاق, ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الاشرار, ثم يستر بهلاكه المتقون الأخيار, ويتفق لمريدي الحج من الافاق ما يؤملونه منه على توفير عليه منهم واتفاق, ولنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم, والوفاق شأن يظهر على نظام واتساق، فليعمل كل امرء منكم بما يقرب به من بمحبتنا, ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا, فإن أمرنا بغتة فجأة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة، والله يلهمكم الرشد, ويلطف لكم في التوفيق برحمته.
نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام: هذا كتابنا إليك أيها الاخ الولي، والمخلص في ودنا الصفي، والناصر لنا الوفي، حرسك الله بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به ولا تظهر على خطنا الذي سطرناه بما له ضمناه أحداً, وأد ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوص جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
---------------
الاحتجاج ج 2 ص 495, نوادر الأخبار ص 241, بحار الأنوار ج 53 ص 174
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
{بسم الله الرحمن الرحيم} سلام الله عليك أيها الناصر للحق, الداعي إليه بكلمة الصدق, فإنا نحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو, إلهنا وإله آبائنا الأولين, ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين, وعلى أهل بيته الطاهرين.
وبعد, فقد كنا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه, وحرسك به من كيد أعدائه, وشفعنا ذلك الآن من مستقر لنا ينصب في شمراخ، من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأنا إليه السباريت من الايمان، ويوشك أن يكون هبوطنا إلى صحصح من غير بعد من الدهر ولا تطاول من الزمان, ويأتيك نبأ منا بما يتجدد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالاعمال، والله موفقك لذلك برحمته، فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام أن تقابل لذلك فتنة تسبل نفوس قوم حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين، يبتهج لذمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون، وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظم من رجس منافق مذمم، مستحل للدم المحرم، يعمد بكيده أهل الايمان, ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان، لاننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الارض والسماء، فليطمئن بذلك من أوليائنا القلوب، وليثقوا بالكفاية منه، وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب.
ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين, أيدك الله بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين وأخرج مما عليه إلى مستحقيه، كان آمناً من الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المظلة, ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته، فإنه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته, ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم, لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا, ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا, فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه, ولا نؤثره منهم, والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل, وصلاته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم.
وكتب في غرة شوال من سنة اثني عشر وأربعمائة, نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله على صاحبها: هذا كتابنا إليك أيها الولي الملهم للحق العلي, بإملائنا وخط ثقتنا, فاخفه عن كل احد, واطوه واجعل له نسخة يطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا شملهم الله ببركتنا إن شاء الله, الحمد لله والصلاة على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.
----------------
الاحتجاج ج 2 ص 498, بحار الأنوار ج 53 ص 176
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* رسالته إلى إسحاق بن يعقوب
عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه: أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي, فوردت في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (ع): أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا, فاعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح (ع), أما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف (ع), أما الفقاع فشربه حرام ولا بأس بالشلماب, وأما أموالكم فلا نقبلها إلا لتطهروا فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع, فما آتاني الله خير مما آتاكم, وأما ظهور الفرج فإنه إلى الله تعالى ذكره وكذب الوقاتون, وأما قول من زعم: أن الحسين (ع) لم يقتل فكفر وتكذيب وضلال, وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم, وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن أبيه من قبل فإنه ثقتي وكتابه كتابي, وأما محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي فسيصلح الله له قلبه ويزيل عنه شكه, وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب وطهر وثمن المغنية حرام, وأما محمد بن شاذان بن نعيم فهو رجل من شيعتنا أهل البيت, وأما أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع فملعون وأصحابه ملعونون, فلا تجالس أهل مقالتهم فإني منهم بريء وآبائي (ع) منهم براء, وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأكله فإنما يأكل النيران, وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث, وأما ندامة قوم قد شكوا في دين الله عز وجل على ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال ولا حاجة في صلة الشاكين, وأما علة ما وقع من الغيبة, فإن الله عز وجل يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} إنه لم يكن لأحد من آبائي (ع) إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه, وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي, وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب, وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء, فأغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم, وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم, والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى.
--------------
كمال الدين ج 2 ص 483, الغيبة للطوسي ص 290, إعلام الورى ص 452, الاحتجاج ج 2 ص 469, كشف الغمة ج 2 ص 531, منتخب الأنوار ص 122, نوادر الأخبار ص 240, بحار الأنوار ج 53 ص 180
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* رسالة إلى جماعة من الشيعة عندما شكوا فيه (ع)
عن علي بن إبراهيم الرازي قال: حدثني الشيخ الموثوق به بمدينة السلام قال: تشاجر ابن أبي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في الخلف, فذكر ابن أبي غانم أن أبا محمد (ع) مضى ولا خلف له, ثم إنهم كتبوا في ذلك كتاباً وأنفذوه إلى الناحية, وأعلموه بما تشاجروا فيه, فورد جواب كتابهم بخطه عليه وعلى آبائه السلام:
{بسم الله الرحمن الرحيم} عافانا الله وإياكم من الضلالة والفتن, ووهب لنا ولكم روح اليقين, وأجارنا وإياكم من سوء المنقلب, أنه أنهي إلي ارتياب جماعة منكم في الدين, وما دخلهم من الشك والحيرة في ولاة أمورهم, فغمنا ذلك لكم لا لنا, وساءنا فيكم لا فينا, لأن الله معنا ولا فاقة بنا إلى غيره, والحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنا, ونحن صنائع ربنا, والخلق بعد صنائعنا.
يا هؤلاء! ما لكم في الريب تترددون, وفي الحيرة تنعكسون؟ أوما سمعتم الله عز وجل يقول: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}؟! أوما علمتم ما جاءت به الآثار مما يكون ويحدث في أئمتكم عن الماضين والباقين منهم (ع)؟! أوما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها, وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم (ع) إلى أن ظهر الماضي (ع), كلما غاب علم بدا علم, وإذا أفل نجم طلع نجم؟! فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله تعالى أبطل دينه, وقطع السبب بينه وبين خلقه, كلا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعة, ويظهر أمر الله سبحانه وهم كارهون، وإن الماضي (ع) مضى سعيداً فقيداً على منهاج آبائه (ع) حذو النعل بالنعل, وفينا وصيته وعلمه, ومن هو خلفه ومن هو يسد مسده, لا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم, ولا يدعيه دوننا إلا جاحد كافر, ولولا أن أمر الله تعالى لا يُغلب, وسره لا يُظهر ولا يُعلن, لظهر لكم من حقنا ما تبين منه عقولكم, ويزيل شكوككم, لكنه ما شاء الله كان, ولكل أجل كتاب، فاتقوا الله وسلموا لنا, وردوا الامر إلينا, فعلينا الاصدار كما كان منا الايراد, ولا تحاولوا كشف ما غطي عنكم ولا تميلوا عن اليمين, وتعدلوا إلى الشمال, واجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة, فقد نصحت لكم, والله شاهد عليَّ وعليكم, ولولا ما عندنا من محبة صلاحكم ورحمتكم, والاشفاق عليكم, لكنا عن مخاطبتكم في شغل فيما قد امتحنا به من منازعة الظالم العتل الضال المتتابع في غيه, المضاد لربه, الداعي ما ليس له, الجاحد حق من افترض الله طاعته, الظالم الغاصب، وفي ابنة رسول الله (ص) لي أسوة حسنة, وسيردي الجاهل رداءة عمله, وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار, عصمنا الله وإياكم من المهالك والاسواء, والآفات والعاهات كلها برحمته, فإنه ولي ذلك والقادر على ما يشاء, وكان لنا ولكم ولياً وحافظاً, والسلام على جميع الأوصياء والأولياء والمؤمنين ورحمة الله وبركاته, وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً.
--------------
الغيبة للطوسي ص 285, الاحتجاج ج 2 ص 466, منتخب الأنوار ص 118, نوادر الأخبار ص 239, بحار الأنوار ج 53 ص 178
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* الحق معنا وفينا
من رسالة لصاحب الزمان (ع): وأنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء, ومن الضلالة بعد الهدى, ومن موبقات الأعمال ومرديات الفتن, فإنه عز وجل يقول: {الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} كيف يتساقطون في الفتنة ويترددون في الحيرة ويأخذون يمينا وشمالا, فارقوا دينهم أم ارتابوا أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة, أو علموا ذلك فتناسوا ما يعلمون, إن الأرض لا تخلو من حجة إما ظاهرا وإما مغمورا, أو لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم (ص) واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عز وجل إلى الماضي يعني: الحسن بن علي (ع), فقام مقام آبائه (ع) يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم, كانوا نورا ساطعا وشهابا لامعا وقمرا زاهرا, ثم اختار الله عز وجل له ما عنده, فمضى على منهاج آبائه (ع) حذو النعل بالنعل على عهد عهده ووصية أوصى بها إلى وصي ستره الله عز وجل بأمره إلى غاية وأخفى مكانه, بمشيئته للقضاء السابق والقدر النافذ وفينا موضعه, ولنا فضله ولو قد أذن الله عز وجل فيما قد منعه عنه, وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه لأراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية, وأبين دلالة وأوضح علامة, ولأبان عن نفسه وقام بحجته, ولكن أقدار الله عز وجل لا تغالب وإرادته لا ترد وتوفيقه لا يسبق, فليدعوا عنهم اتباع الهوى وليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه, ولا يبحثوا عما ستر عنهم فيأثموا, ولا يكشفوا ستر الله عز وجل فيندموا, وليعلموا أن الحق معنا وفينا لا يقول ذلك سوانا إلا كذاب مفتر, ولا يدعيه غيرنا إلا ضال غوي, فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير, ويقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله.
---------------
كمال الدين ج 2 ص 510, منتخب الأنوار ص 128, بهجة الناظر ص 150, بحار الأنوار ج 53 ص 190
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* {القرى التي باركنا فيها}
عن محمد بن صالح الهمداني قال: كتبت إلى صاحب الزمان #: إن أهل بيتي يؤذونني ويقرعونني بالحديث الذي روي عن آبائك عليهم السلام أنهم قالوا: قوامنا وخدامنا شرار خلق الله. فكتب ×: ويحكم, أما تقرؤون ما قال عز وجل: {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة}, ونحن والله القرى التي بارك الله فيها، وأنتم القرى الظاهرة.
------------
الإمامة والتبصرة ص 140, كمال الدين ج 2 ص 483, الغيبة للطوسي ص 345, إعلام الورى ص 453, منتخب الأنوار المضيئة ص 137, وسائل الشيعة ج 27 ص 151, البرهان ج 4 ص 514, اللوامع النورانية ص 529, بحار الأنوار ج 51 ص 343, رياض الأبرار ج 3 ص81, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 332, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 493, خاتمة المستدرك ج 4 ص 139, تفسير الصافي ج 4 ص 217 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* الأخذ برواياتهم
عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي قال: وجدت بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي, وإملاء أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه, على ظهر كتاب فيه جوابات ومسائل أنفذت من قم يسأل عنها, هل هي جوابات الفقيه (ع) أو جوابات محمد بن علي الشلمغاني, لأنه حكي عنه أنه قال هذه المسائل, أنا أجبت عنها فكتب إليهم على ظهر كتابهم: {بسم الله الرحمن الرحيم} قد وقفنا على هذه الرقعة, وما تضمنته فجميعه جوابنا [عن المسائل] ولا مدخل للمخذول الضال المضل المعروف: بالعزاقري لعنه الله في حرف منه, وقد كانت أشياء خرجت إليكم على يدي أحمد بن هلال وغيره من نظرائه, وكان من ارتدادهم عن الإسلام, مثل ما كان من هذا عليهم لعنة الله وغضبه، فاستثبت قديما في ذلك, فخرج الجواب: ألا من استثبت فإنه لا ضرر في خروج ما خرج على أيديهم, وإن ذلك صحيح.
وروي قديما عن بعض العلماء عليهم السلام والصلاة والرحمة, أنه سئل عن مثل هذا بعينه في بعض من غضب الله عليه, وقال (ع): العلم علمنا ولا شيء عليكم من كفر من كفر, فما صح لكم مما خرج على يده برواية غيره له من الثقات رحمهم الله, فاحمدوا الله واقبلوه وما شككتم فيه, أو لم يخرج إليكم في ذلك إلا على يده فردوه إلينا لنصححه أو نبطله, والله تقدست أسماؤه وجل ثناؤه ولي توفيقكم, وحسبنا في أمورنا كلها ونعم الوكيل.
-------------
الغيبة للطوسي ص 373, بحار الأنوار ج 53 ص 150
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* زيارة آل يس
عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج التوقيع من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل: {بسم الله الرحمن الرحيم}, لا لأمره تعقلون حكمة بالغة فما تغن النذر, عن قوم لا يؤمنون السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا, فقولوا كما قال الله تعالى:
سَلامٌ عَلى آلِ يس، السَّلامُ عَلَيكَ يا داعِيَ اللهِ وَرَبَّانِيَّ آياتِهِ, السَّلامُ عَلَيكَ يا بابَ اللهِ وَديانَ دِينِهِ, السَّلامُ عَلَيكَ يا خَلِيفَةَ اللهِ وَناصِرَ حَقِّهِ, السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَدَلِيلَ إرادَتِهِ, السَّلامُ عَلَيكَ يا تالِيَ كِتابِ اللهِ وَتَرجُمانَهُ، السَّلامُ عَلَيكَ في آناءِ لَيلِكَ وَأطرافِ نَهارِكَ, السَّلامُ عَلَيكَ يا بَقِيَّةَ اللهِ في أرضِهِ, السَّلامُ عَلَيكَ يا مِيثاقَ اللهِ الَّذي أخَذَهُ وَوَكَّدَهُ, السَّلامُ عَلَيكَ يا وَعدَ اللهِ الَّذي ضَمِنَهُ، السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها العَلَمُ المَنصُوبُ وَالعِلمُ المَصبُوبُ وَالغَوثُ وَالرَّحمَةُ الواسِعَةُ وَعداً غَيرَ مَكذُوبٍ، السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تَقُومُ, السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تَقعُد, السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تَقرَأُ وَتُبَيِّنُ, السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تُصَلِّيَ وَتَقنُتُ, السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تَركَعُ وَتَسجُدُ, السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ, السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تَحمَدُ وَتَستَغفِرُ, السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تُصبِحُ وَتُمسي, السَّلامُ عَلَيكَ في اللَيلِ إذا يَغشى وَالنَّهارِ إذا تَجَلّى، السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها الإمام المَأمُونُ, السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها المُقَدَّمُ المَأمُولُ, السَّلامُ عَلَيكَ بِجَوامِعِ السَّلامِ. أُشهِدُكَ يا مَولايَ أنّي أشهَدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ, لا حَبِيبَ إلاّ هُوَ وَأهلُهُ، وَأُشهِدُكَ يا مَولايَ أنَّ عَلياً أمِيرَ المُؤمِنِينَ حُجَّتُهُ, وَالحَسَنَ حُجَّتُهُ, وَالحُسَينَ حُجَّتُهُ, وَعَلِيَّ بنَ الحُسَينِ حُجَّتُهُ, وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ, وَجَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ, وَمُوسى بنَ جَعفَرٍ حُجَّتُهُ, وَعَلِيَّ بنَ مُوسى حُجَّتُهُ, وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ, وَعَلِيِّ بنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ, وَالحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَأشهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللهِ, أنتُم الأوَّلُ وَالآخِرُ، وَأنَّ رَجعَتَكُم حَقُّ لا رَيبَ فِيها يَومَ لا يَنفَعُ نَفساً إيمانُها لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أو كَسَبَت في إيمانِها خَيراً، وَأنَّ المَوتَ حَقُّ وَأنَّ ناكِراً وَنَكِيراً حَقُّ, وَأشهَدُ أنَّ النَّشرَ حَقُّ وَالبَعثَ حَقُّ, وَأنَّ الصِّراطَ حَقُّ وَالمِرصادَ حَقُّ, وَالمِيزانَ حَقُّ وَالحَشرَ حَقُّ وَالحِسابَ حَقُّ, وَالجَنَّةَ حَقُّ وَالنَّارَ حَقُّ, وَالوَعدَ وَالوَعِيدَ بِهِما حَقُّ, يا مَولايَ شَقِيَ مَن خالَفَكَ وَسَعِدَ مَن أطاعَكَ، فَاشهَد عَلى ما أشهَدتُكَ عَلَيهِ وَأنا وَلِيُّ لَكَ بَرِيءٌ مِن عَدُوِّكَ، فَالحَقُّ ما رَضَيتُمُوهُ وَالباطِلُ ما أسخَطتُمُوهُ, وَالمَعرُوفُ ما أمَرتُم بِهِ, وَالمُنكَرُ ما نَهَيتُم عَنهُ, فَنَفسي مُؤمِنَةٌ بِاللهِ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأمِيرِ المُؤمِنِينَ وَبِكُم يا مَولايَ, أوَّلِكُم وَآخِرِكُم وَنُصرَتي مُعَدَّةٌ لَكُم, وَمَوَدَّتي خالِصَةٌ لَكُم, آمِينَ آمِينَ.
الدعاء عقيب هذا القول:
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم}, اللهُمَّ إنّي أسألُكَ أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحمَتِكَ وَكَلِمَةِ نُورِكَ, وَأن تَملأَ قَلبي نُورَ اليَقِينِ, وَصَدري نُورَ الإيمانِ, وَفِكري نُورَ النِّياتِ, وَعَزمي نُورَ العِلمِ, وَقُوَّتي نُورَ العَمَلِ, وَلِساني نُورَ الصِّدقِ, وَدِيني نُورَ البَصائِرِ مِن عِندِكَ, وَبَصَري نُورَ الضِّياءِ, وَسَمعي نُورَ الحِكمَةِ, وَمَوَدَّتي نُورَ المُوالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ (ع)، حَتّى ألقاكَ وَقَد وَفَيتُ بِعَهدِكَ وَمِيثاقِكَ, فَتُغَشِّيَني رَحمَتُكَ يا وَلِيُّ يا حَمِيدُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ حُجَتِّكَ في أرضِكَ وَخَلِيفَتِكَ في بِلادِكَ, وَالدَّاعي إلى سَبِيلِكَ وَالقائِمِ بِقِسطِكَ, وَالثَّائِرِ بِأمرِكَ وَلِيِّ المُؤمِنِينَ وَبَوارِ الكافِرِينَ, وَمُجَلّي الظُّلمَةِ وَمُنِيرِ الحَقِّ, وَالنَّاطِقِ بِالحِكمَةِ وَالصِّدقِ وَكَلِمَتِكَ التَّامَّةِ في أرضِكَ, المُرتَقِبِ الخائِفِ وَالوَلِيِّ النَّاصِحِ، سَفِينَةِ النَّجاةِ وَعَلَمِ الهُدى وَنُورِ أبصارِ الوَرى, وَخَيرِ مَن تَقَمَّصَ وَارتَدى, وَمُجَلّي العَمى الَّذي يَملأُ الأرضَ عَدلاً وَقِسطاً كَما مُلِئَت ظُلماً وَجَوراً إنَّكَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَابنِ أوليائِكَ, الَّذِينَ فَرَضتَ طاعَتَهُم وَأوجَبتَ حَقَّهُم, وَأذهَبتَ عَنهُم الرِّجسَ وَطَهَّرتَهُم تَطهِيراً، اللهُمَّ انصُرهُ وَانتَصِر بِهِ لِدِينِكَ, وَانصُر بِهِ أولياءَكَ وَأولياءَهُ وَشِيعَتَهُ وَأنصارَهُ وَاجعَلنا مِنهُم، اللهُمَّ أعِذهُ مِن شَرِّ كُلِّ باغٍ وَطاغٍ وَمِن شَرِّ جَمِيعِ خَلقِكَ, وَاحفَظهُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ وَعَن يَمِينِهِ وَعَن شِمالِهِ, وَاحرُسهُ وَامنَعهُ مِن أن يُوصَلَ إلَيهِ بِسُوءٍ، وَاحفَظ فِيهِ رَسُولَكَ وَآلَ رَسُولِكَ, وَأظهِر بِهِ العَدلَ وَأيِّدهُ بِالنَّصرِ, وَانصُر ناصِرِيهِ وَاخذُل خاذِلِيهِ وَاقصِم قاصِميهِ, وَاقصِم بِهِ جَبابِرَةَ الكُفرِ, وَاقتُل بِهِ الكُفَّارَ وَالمُنافِقِينَ وَجَمِيعَ المُلحِدِينَ حَيثُ كانُوا مِن مَشارِقِ الأرضِ وَمَغارِبِها بَرِّها وَبَحرِها، وَاملأ بِهِ الأرضَ عَدلاً وَأظهِر بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ (ص), وَاجعَلني اللهُمَّ مِن أنصارِهِ وَأعوانِهِ وَأتباعِهِ وَشِيعَتِهِ، وَأرِني في آلِ مُحَمَّدٍ (ع) ما يأمُلُونَ, وَفي عَدُوِّهِم ما يَحذَرُونَ، إلهَ الحَقِّ آمِينَ يا ذا الجَلالِ وَالإكرامِ يا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ.
--------------
الاحتجاج ج 2 ص 492, بحار الأنوار ج 53 ص 171
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* بداية الغيبة الكبرى
عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري قدس الله روحه, فحضرته قبل وفاته بأيام, فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته: {بسم الله الرحمن الرحيم} يا علي بن محمد السمري, أعظم الله أجر إخوانك فيك, فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام, فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك, فقد وقعت الغيبة الثانية, فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل, وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا, وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده, فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه, (1) فقيل له: من وصيك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه, ومضى رضي الله عنه, فهذا آخر كلام سمع منه. (2)
---------------
(1) إلى هنا في الخرائج والجرائح
(2) كمال الدين ج 2 ص 516, الغيبة للنعماني ص 395, تاج المواليد ص 112, إعلام الورى ج 2 ص 260, الاحتجاج ج 2 ص 478, كشف الغمة ج 2 ص 530, مجموعة نفيسة ص 112, نوادر الأخبار ص 233, إثبات الهداة ج 5 ص 321, مدينة المعاجز ج 8 ص 8, بحار الأنوار ج 51 ص 360, رياض الأبرار ج 3 ص 84, الخرائج والجرائح ج 3 ص 1128
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* الصلاة ترغم أنف الشيطان
من جواب صاحب الزمان (ع) لمسائل محمد بن سعيد العمري: وأما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها, فلئن كان كما يقول الناس: إن الشمس تطلع بين قرني شيطان, وتغرب بين قرني شيطان, فما أرغم أنف الشيطان بشيء أفضل من الصلاة فصلها, وأرغم أنف الشيطان.
--------------
الكافي ج 3 ص 180, الفقيه ج 1 ص 498, تهذيب الأحكام ج 2 ص 175, الغيبة للطوسي ص 296, الاحتجاج ج 2 ص 479, الوافي ج 7 ص 347, وسائل الشيعة ج 4 ص 236, بحار الأنوار ج 80 ص 146
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* التوجه للصلاة
من رسالة محمد بن عبد الله الحميري لصاحب الزمان (ع), يسأله عن التوجه للصلاة أن يقول: على ملة إبراهيم ودين محمد (ص), فإن بعض أصحابنا ذكر أنه إذا قال على دين محمد (ص) فقد أبدع, لأنا لم نجده في شيء من كتب الصلاة خلا حديثا في كتاب القاسم بن محمد عن جده الحسن بن راشد, أن الصادق (ع) قال للحسن: كيف تتوجه؟ فقال: أقول لبيك وسعديك, فقال له الصادق (ع): ليس عن هذا أسألك, كيف تقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما؟ قال الحسن: أقول, فقال الصادق (ع): إذا قلت ذلك فقل على ملة إبراهيم ودين محمد (ص) ومنهاج علي بن أبي طالب (ع) والائتمام بآل محمد (ص) حنيفا مسلما, وما أنا من المشركين.
فأجاب (ع): التوجه كله ليس بفريضة, والسنة المؤكدة فيه التي هي كالإجماع الذي لا خلاف فيه: "وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ والْأَرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ودِينِ مُحَمَّدٍ (ص) وهُدَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع), وما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ, إِنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيايَ ومَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ, لا شَرِيكَ لَهُ وبِذلِكَ أُمِرْتُ وأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ, اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ, بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم" ثم اقرأ الحمد. (1)
قال الفقيه الذي لا يشك في علمه: إن الدين لمحمد (ص) والهداية لعلي أمير المؤمنين (ع), لأنها له (ص) وفي عقبه باقية إلى يوم القيامة, فمن كان كذلك فهو من المهتدين, ومن شك فلا دين له, ونعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى. (2)
----------------
(1) إلى هنا في وسائل الشيعة
(2) الاحتجاج ج 2 ص 486, بحار الأنوار ج 53 ص 159, وسائل الشيعة ج 6 ص 25
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* سورتا القدر والتوحيد في الصلاة
من مسائل محمد بن عبد الله الحميري لصاحب الزمان (ع):
وروي في ثواب القرآن في الفرائض وغيرها, أن العالم (ع) قال: عجبا لمن لم يقرأ في صلاته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} كيف تقبل صلاته, وروي: ما زكت صلاة لم يقرأ فيها ب{قل هو الله أحد} وروي: أن من قرأ في فرائضه الهمزة أعطي من الدنيا, فهل يجوز أن يقرأ الهمزة ويدع هذه السور التي ذكرناها مع ما قد؟ روي: أنه لا تقبل صلاة ولا تزكو إلا بهما.
التوقيع: الثواب في السور على ما قد روي, وإذا ترك سورة مما فيها الثواب وقرأ {قل هو الله أحد} و{إنا أنزلناه} لفضلهما أعطي ثواب ما قرأ وثواب السورة التي ترك, ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين, وتكون صلاته تامة, ولكن يكون قد ترك الفضل.
--------------
الغيبة للطوسي ص 377, الاحتجاج ج 2 ص 482, وسائل الشيعة ج 6 ص 79, بحار الأنوار ج 82 ص 31
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* سجدة الشكر
عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان (ع) أنه كتب إليه يسأله عن سجدة الشكر بعد الفريضة, فإن بعض أصحابنا ذكر أنها بدعة, فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة؟ وإن جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة؟ فأجاب (ع): سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها, ولم يقل إن هذه السجدة بدعة إلا من أراد أن يحدث في دين الله بدعة, فأما الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب والاختلاف في أنها بعد الثلاث أو بعد الأربع, فإن فضل الدعاء والتسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعد النوافل, كفضل الفرائض على النوافل, والسجدة دعاء وتسبيح فالأفضل أن يكون بعد الفرض, وإن جعلت بعد النوافل أيضا جاز.
--------------
الاحتجاج ج 2 ص 486, وسائل الشيعة ج 6 ص 490, هداية الأمة ج 3 ص 192, بحار الأنوار ج 83 ص 194
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* التربة الحسينة
من رسالة محمد بن عبد الله الحميري لصاحب الزمان (ع), يسأله فيها: هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر (1) وهل فيه فضل؟ فأجاب (ع): يسبح الرجل به فما من شيء من السبح أفضل منه, ومن فضله أن الرجل ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له التسبيح, (2) وسأل عن السجدة على لوح من طين القبر, وهل فيه فضل؟ فأجاب يجوز ذلك وفيه الفضل. (3)
-----------
(1) طين قبر الإمام الحسين (ع)
(2) إلى هنا في هداية الأمة
(3) الاحتجاج ج 2 ص 489, وسائل الشيعة ج 6 ص 456, بحار الأنوار ج 53 ص 165, هداية الأمة ج 3 ص 189
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري قال: كتبت إلى الفقيه (ع) أسأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره, هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب (ع) وقرأت التوقيع ومنه نسخت: يوضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إن شاء الله.
--------------
تهذيب الأحكام ج 6 ص 76, الاحتجاج ج 2 ص 489, الوافي ج 14 ص 1531, وسائل الشيعة ج 3 ص 29, هداية الأمة ج 1 ص 273, بحار الأنوار ج 53 ص 165
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* هل أهل الجنة يتوالدون
من رسالة محمد بن عبد الله الحميري لصاجب الزمان (ع) يسأله فيها, عن أهل الجنة يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟ فأجاب (ع): إن الجنة لا حمل فيها للنساء ولا ولادة ولا طمث ولا نفاس ولا شقاء بالطفولية, وفيها ما تشتهي {الأنفس وتلذ الأعين}, كما قال سبحانه: فإذا اشتهى المؤمن ولدا خلقه الله بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد, كما خلق آدم عبرة.
---------------
الاحتجاج ج 2 ص 488, تفسير الصافي ج 4 ص 399, بحار الأنوار ج 53 ص 163, رياض الأبرار ج 3 ص 270, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 613, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 98
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* متى وداع شهر رمضان؟
من مسائل محمد بن عبد الله الحميري لصاحب الزمان (ع):
وعن وداع شهر رمضان متى يكون فقد اختلف فيه أصحابنا, فبعضهم يقول: يقرأ في آخر ليلة منه, وبعضهم يقول: هو في آخر يوم منه إذا رأى هلال شوال.
التوقيع: العمل في شهر رمضان في لياليه والوداع يقع في آخر ليلة منه, فإن خاف أن ينقص جعله في ليلتين.
-------------
الغيبة للطوسي ص 377, الاحتجاج ج 2 ص 483, إقبال الأعمال ج 1 ص 421, وسائل الشيعة ج 10 ص 364, هداية الأمة ج 4 ص 250, بحار الأنوار ج 53 ص 153, رياض الأبرار ج 3 ص 269
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* بعض أخبار الغيب في رسائله
عن أبي عبد الله بن سورة القمي, يقول: سمعت سرورا وكان رجلا عابدا مجتهدا, لقيته بالأهواز غير أني نسيت نسبه, يقول: كنت أخرس لا أتكلم, فحملني أبي وعمي في صباي، وسني إذ ذاك ثلاثة عشر أو أربعة عشر إلى الشيخ أبي القاسم بن روح رضي الله عنه, فسألاه أن يسأل الحضرة أن يفتح الله لساني, فذكر الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح أنكم أمرتم بالخروج إلى الحائر, قال سرور: فخرجنا أنا وأبي وعمي إلى الحائر فاغتسلنا وزرنا, قال: فصاح بي أبي وعمي: يا سرور, فقلت بلسان فصيح: لبيك, فقال لي: ويحك, تكلمت!؟ فقلت: نعم. قال أبو عبد الله بن سورة: وكان سرور هذا رجلا ليس بجهوري الصوت.
---------------
الغيبة للطوسي ص 309, الخرائج والجرائح ج 3 ص 1122, إثبات الهداة ج 5 ص 318, مدينة المعاجز ج 8 ص 211, بحار الأنوار ج 51 ص 325
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن محمد بن يوسف الشاشي قال: خرج بي ناصور على مقعدتي, فأريته الأطباء وأنفقت عليه مالا, فقالوا: لا نعرف له دواء, فكتبت رقعة أسأل الدعاء, فوقع (ع) إلي: ألبسك الله العافية وجعلك معنا في الدنيا والآخرة, قال: فما أتت علي جمعة حتى عوفيت وصار مثل راحتي, فدعوت طبيبا من أصحابنا وأريته إياه, فقال: ما عرفنا لهذا دواء.
-------------
الكافي ج 1 ص 519, الإرشاد ج 2 ص 357, كشف الغمة ج 2 ص 451, الصراط المستقيم ج 2 ص 246, مجموعة ورام ص 342, الوافي ج 3 ص 870, إثبات الهداة ج 5 ص 287, مدينة المعاجز ج 8 ص 81, بحار الأنوار ج 51 ص 297
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي عبد الله بن صالح قال: كنت خرجت سنة من السنين ببغداد, فاستأذنت في الخروج فلم يؤذن (ع) لي, فأقمت اثنين وعشرين يوما, وقد خرجت القافلة إلى النهروان, فأذن في الخروج لي يوم الأربعاء, وقيل لي: اخرج فيه فخرجت, وأنا آيس من القافلة أن ألحقها, فوافيت النهروان والقافلة مقيمة فما كان, إلا أن أعلفت جمالي شيئا حتى رحلت القافلة فرحلت وقد دعا لي بالسلامة, فلم ألق سوءا والحمد لله.
---------------
الكافي ج 1 ص 519, الإرشاد ج 2 ص 357, المجموعة النفيسة ص 342, الوافي ج 3 ص 869, إثبات الهداة ج 5 ص 286, مدينة المعاجز ج 8 ص 80, بحار الأنوار ج 51 ص 297
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي القاسم بن أبي حليس أنه قال: واعتللت بسرمنرأى علة شديدة أشفقت منها, فأطليت [فظللت] مستعدا للموت, فبعث إلي بستوقة فيها بنفسجين وأمرت بأخذه, فما فرغت حتى أفقت من علتي والحمد لله رب العالمين. قال: ومات لي غريم فكتبت أستأذن في الخروج إلى ورثته بواسط, وقلت: أصير إليهم حدثان موته لعلي أصل إلى حقي, فلم يؤذن لي, ثم كتبت ثانية فلم يؤذن لي, فلما كان بعد سنتين كتب إلي ابتداء: صر إليهم, فخرجت إليهم فوصل إلي حقي. قال أبو القاسم: وأوصل أبو رميس عشرة دنانير إلى حاجز فنسيها حاجز أن يوصلها, فكتب إليه: تبعث بدنانير أبو رميس ابتداء.
-------------
كمال الدين ج 2 ص 493, إثبات الهداة ج 5 ص 302, بحار الأنوار ج 51 ص 331
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن سعد بن عبد الله قال: وكتب هارون بن موسى بن الفرات في أشياء, وخط بالقلم بغير مداد يسأل الدعاء لابني أخيه وكانا محبوسين, فورد عليه جواب كتابه وفيه دعاء للمحبوسين باسمهما.
قال: وكتب رجل من ربض حميد يسأل الدعاء في حمل له, فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الأربعة أشهر وستلد أنثى, فجاء كما قال (ع).
قال: وكتب محمد بن محمد البصري يسأل الدعاء في أن يكفى أمر بناته, وأن يرزق الحج ويرد عليه ماله, فورد عليه الجواب بما سأل, فحج من سنته ومات من بناته أربع وكان له ست, ورد عليه ماله.
قال: وكتب محمد بن يزداذ يسأل الدعاء لوالديه, فورد غفر الله لك ولوالديك ولأختك المتوفاة الملقبة كلكى, وكانت هذه امرأة صالحة متزوجة بجوار, وكتبت في إنفاذ خمسين دينارا لقوم مؤمنين, منها عشرة دنانير لابنة عم لي لم تكن من الإيمان على شيء, فجعلت اسمها آخر الرقعة, والفصول ألتمس بذلك الدلالة في ترك الدعاء, فخرج في فصول المؤمنين, تقبل الله منهم وأحسن إليهم وأثابك ولم يدع لابنة عمي بشيء, قال: وأنفذت أيضا دنانير لقوم مؤمنين, فأعطاني رجل يقال له محمد بن سعيد دنانير فأنفذتها باسم أبيه متعمدا, ولم يكن من دين الله على شيء, فخرج الوصول من عنوان اسمه محمد, قال: وحملت في هذه السنة التي ظهرت لي فيها هذه الدلالة ألف دينار, بعث بها أبو جعفر ومعي أبو الحسين محمد بن محمد بن خلف وإسحاق بن الجنيد, فحمل أبو الحسين الخرج إلى الدور واكترينا ثلاثة أحمرة, فلما بلغت القاطول لم نجد حميرا, فقلت لأبي الحسين: احمل الخرج الذي فيه المال, واخرج مع القافلة حتى أتخلف في طلب حمار لإسحاق بن الجنيد يركبه فإنه شيخ, فاكتريت له حمارا ولحقت بأبي الحسين في الحير حير سرمنرأى, وأنا أسامره وأقول له: احمد الله على ما أنت عليه, فقال: وددت أن هذا العمل دام لي فوافيت سرمنرأى وأوصلت ما معنا, فأخذه الوكيل بحضرتي ووضعه في منديل, وبعث به مع غلام أسود, فلما كان العصر جاءني برزيمة خفيفة, ولما أصبحنا خلا بي أبو القاسم وتقدم أبو الحسين وإسحاق, فقال أبو القاسم للغلام الذي حمل الرزيمة: جاءني بهذه الدراهم وقال لي: ادفعها إلى الرسول الذي حمل الرزيمة, فأخذتها منه, فلما خرجت من باب الدار قال لي أبو الحسين من قبل أن أنطق أو يعلم أن معي شيئا: لما كنت معك في الحير تمنيت أن يجئني [يجيئني] منه دراهم أتبرك بها, وكذلك عام أول حيث كنت معك بالعسكر فقلت له: خذها فقد آتاك الله والحمد لله رب العالمين.
قال: وكتب محمد بن كشمرد يسأل الدعاء أن يجعل ابنه أحمد من أم ولده في حل, فخرج والصقري أحل الله له ذلك, فأعلم (ع) أن كنيته أبو الصقر.
---------------
كمال الدين ج 2 ص 494, إثبات الهداة ج 5 ص 302
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن محمد بن هارون بن عمران الهمذاني قال: كان للناحية علي خمسمائة دينار فضقت بها ذرعا, ثم قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة وثلاثين دينارا, قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار, ولم أنطق بها, فكتب إلى محمد بن جعفر: اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه.
--------------
الكافي ج 1 ص 524, الإرشاد ج 2 ص 366, تقريب المعارف ص 437, إعلام الورى ص 449, الخرائج والجرائح ج 1 ص 472, كشف الغمة ج 2 ص 456, مجموعة النفيسة ص 345, الوافي ج 3 ص 879, إثبات الهداة ج 5 ص 291, مدينة المعاجز ج 8 ص 94, بحار الأنوار ج 51 ص 294
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن محمد بن علي بن شاذان النيسابوري قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما, فأنفت أن أبعث بخمسمائة تنقص عشرين درهما, فوزنت من عندي عشرين درهما, وبعثتها إلى الأسدي ولم أكتب ما لي فيها, فورد وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما.
---------------
الكافي ج 1 ص 523, المحاسن ج 1 ص 43, كمال الدين ج 2 ص 509, الإرشاد ج 2 ص 365, تقريب المعارف ص 436, الغيبة للطوسي ص 416, إعلام الورى ص 448, كشف الغمة ج 2 ص 456, منتخب الأنوار ص 116, مجموعة النفيسة ص 344, الوافي ج 3 ص 878, إثبات لهداة ج 5 ص 290, مدينة المعاجز ج 8 ص 91, بحار الأنوار ج 51 ص 339
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن محمد بن شاذان قال: أنفذت بعد ذلك مالا ولم أفسر لمن هو, فورد الجواب: وصل كذا وكذا منه لفلان كذا, ولفلان كذا, قال: وقال أبو العباس الكوفي: حمل رجل مالا ليوصله وأحب أن يقف على الدلالة, فوقع (ع) إن استرشدت أرشدت, وإن طلبت وجدت, يقول لك مولاك: احمل ما معك, قال الرجل: فأخرجت مما معي ستة دنانير بلا وزن, وحملت الباقي فخرج التوقيع: يا فلان, رد الستة دنانير التي أخرجتها بلا وزن ووزنها ستة دنانير, وخمسة دوانيق وحبة ونصف, قال الرجل: فوزنت الدنانير فإذا هي كما قال (ع).
--------------
كمال الدين ج 2 ص 509, الثاقب في المناقب ص 599, إثبات الهداة ج 5 ص 307, مدينة المعاجز ج 8 ص 176, بحار الأنوار ج 51 ص 339
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن القاسم بن العلاء: كتبت إلى صاحب الزمان (ع) ثلاثة كتب في حوائج لي، وأعلمته أنني رجل قد كبر سني، وأنه لا ولد لي، فأجابني عن الحوائج، ولم يجبني عن الولد بشيء, فكتبت إليه في الرابعة كتابا, (1) وسألته أن يدعو الله لي أن يرزقني ولدا، فأجابني (ع) وكتب بحوائجي، فكتب: اللهم ارزقه ولدا ذكرا، تقر به عينيه، واجعل هذا الحمل الذي له وارثا. فورد الكتاب وأنا لا أعلم أن لي حملا، فدخلت إلى جاريتي فسألتها عن ذلك، فأخبرتني أن علتها قد ارتفعت، فولدت غلاما.
--------------
(1) من هنا في إثبات الهداة
دلائل الإمامة ص 524, مدينة المعاجز ج 8 ص 106, إثبات الهداة ج 5 ص 329
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن سعد بن عبد الله قال: إن الحسن بن النضر وأبا صدام وجماعة تكلموا بعد مضي أبي محمد (ع) فيما في أيدي الوكلاء، وأرادوا الفحص، فجاء الحسن بن النضر إلى أبي الصدام، فقال: إني أريد الحج، فقال له أبو صدام: أخره هذه السنة، فقال له الحسن بن النضر: إني أفزع في المنام ولابد من الخروج، وأوصى إلى أحمد بن يعلى بن حماد، وأوصى للناحية بمال، وأمره أن لايخرج شيئا إلا من يده إلى يده (ع) بعد ظهوره. قال: فقال الحسن: لما وافيت بغداد اكتريت دارا فنزلتها، فجاءني بعض الوكلاء بثياب ودنانير، وخلفها عندي، فقلت له: ما هذا؟ قال: هو ما ترى، ثم جاءني آخر بمثلها، وآخر حتى كبسوا الدار، ثم جاءني أحمد بن إسحاق بجميع ما كان معه، فتعجبت، وبقيت متفكرا، فوردت علي رقعة الرجل (ع): إذا مضى من النهار كذا وكذا، فاحمل ما معك, فرحلت وحملت ما معي، وفي الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلا، فاجتزت عليه، وسلمني الله منه، فوافيت العسكر ونزلت، فوردت علي رقعة: أن احمل ما معك, فعبيته في صنان الحمالين, فلما بلغت الدهليز إذا فيه أسود قائم، فقال: أنت الحسن بن النضر؟ قلت: نعم، قال: ادخل، فدخلت الدار، ودخلت بيتا وفرغت صنان الحمالين، وإذا في زاوية البيت خبز كثير، فأعطى كل واحد من الحمالين رغيفين، وأخرجوا، وإذا بيت عليه ستر، فنوديت منه: يا حسن بن النضر، احمد الله على ما من به عليك، ولاتشكن, فود الشيطان أنك شككت, وأخرج إلي ثوبين، وقيل لي: خذهما, فستحتاج إليهما، فأخذتهما وخرجت, قال سعد: فانصرف الحسن بن النضر، ومات في شهر رمضان، وكفن في الثوبين.
--------------
الكافي ج 1 ص 517, الوافي ج 3 ص 866, إثبات الهداة ج 5 ص 285, مدينة المعاجز ج 8 ص 76, بحار الأنوار ج 51 ص 308
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أحمد الدينوري السراج المكنى: بأبي العباس, الملقب: بآستاره, قال: انصرفت من أردبيل إلى دينور أريد أن أحج, وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي (ع) بسنة أو سنتين, وكان الناس في حيرة فاستبشر أهل دينور بموافاتي, واجتمع الشيعة عندي, فقالوا: اجتمع عندنا ستة عشر ألف دينار من مال الموالي, ونحتاج أن نحملها معك وتسلمها بحيث يجب تسليمها, قال: فقلت: يا قوم, هذه حيرة ولا نعرف الباب في هذا الوقت, قال: فقالوا: إنما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك, فاعمل على أن لا تخرجه من يديك إلا بحجة, قال: فحمل إلي ذلك المال في صرر باسم رجل رجل, فحملت ذلك المال وخرجت فلما وافيت قرميسين كان أحمد بن الحسن بن الحسن مقيما بها, فصرت إليه مسلما فلما لقيني استبشر بي, ثم أعطاني ألف دينار في كيس وتخوت ثياب ألوان معكمة لم أعرف ما فيها, ثم قال لي: احمل هذا معك ولا تخرجه عن يدك إلا بحجة, قال: فقبضت المال والتخوت بما فيها من الثياب, فلما وردت بغداد لم يكن لي همة غير البحث عمن أشير إليه بالنيابة, فقيل لي: إن هاهنا رجلا يعرف بالباقطاني يدعي بالنيابة, وآخر يعرف بإسحاق الأحمر يدعي النيابة, وآخر يعرف بأبي جعفر العمري يدعي بالنيابة, قال: فبدأت بالباقطاني وصرت إليه فوجدته شيخا مهيبا له مروءة ظاهرة وفرس عربي, وغلمان كثير ويجتمع الناس عنده يتناظرون, قال: فدخلت إليه وسلمت عليه, فرحب وقرب وسر وبر, قال: فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس, قال: فسألني عن ديني, فعرفته أني رجل من أهل دينور وافيت ومعي شيء من المال أحتاج أن أسلمه, فقال لي: احمله, قال: فقلت: أريد حجة, قال: تعود إلي في غد, قال: فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجة, وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجة, قال: فصرت إلى إسحاق الأحمر فوجدته شابا نظيفا منزله أكبر من منزل الباقطاني, وفرسه ولباسه ومروءته أسرى, وغلمانه أكثر من غلمانه, ويجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمع عند الباقطاني, قال: فدخلت وسلمت فرحب وقرب, قال: فصبرت إلى أن خف الناس قال: فسألني عن حاجتي, فقلت له كما قلت للباقطاني, وعدت إليه ثلاثة أيام فلم يأت بحجة, قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا عليه مبطنة بيضاء, قاعد على لبد في بيت صغير ليس له غلمان ولا من المروءة والفرس ما وجدت لغيره, قال: فسلمت فرد الجواب وأدناني وبسط مني, ثم سألني عن حالي, فعرفته أني وافيت من الجبل وحملت مالا, قال: فقال: إن أحببت أن يصل هذا الشيء إلى من يجب أن يصل إليه, تخرج إلى سرمنرأى وتسأل دار ابن الرضا, وعن فلان بن فلان الوكيل, وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها, فإنك تجد هناك ما تريد, قال: فخرجت من عنده ومضيت نحو سرمنرأى, وصرت إلى دار ابن الرضا وسألت عن الوكيل, فذكر البواب: أنه مشتغل في الدار وأنه يخرج آنفا, فقعدت على الباب أنتظر خروجه, فخرج بعد ساعة فقمت وسلمت عليه, وأخذ بيدي إلى بيت كان له, وسألني عن حالي وما وردت له, فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل, وأحتاج أن أسلمه بحجة, قال: فقال: نعم, ثم قدم إلي طعاما, وقال لي: تغد بهذا واسترح فإنك تعبت, فإن بيننا وبين صلاة الأولى ساعة, فإني أحمل إليك ما تريد, قال: فأكلت ونمت, فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت, وذهبت إلى المشرعة فاغتسلت ونضرت [و] انصرفت إلى بيت الرجل, وسكنت إلى أن مضى من الليل ربعه, فجاءني بعد أن مضى من الليل ربعه ومعه درج فيه: {بسم الله الرحمن الرحيم} وافى أحمد بن محمد الدينوري, وحمل ستة عشر ألف دينار في كذا وكذا صرة فيها صرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا, إلى أن عدد الصرر كلها وصرة فلان بن فلان الذراع ستة عشر دينارا, قال: فوسوس إلي الشيطان فقلت: إن سيدي أعلم بهذا مني, فما زلت أقرأ ذكره صرة صرة, وذكر صاحبها حتى أتيت عليها عند آخرها, ثم ذكر قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادرائي أخي الصواف كيس فيه ألف دينار, وكذا وكذا تختا من الثياب منها ثوب فلان, وثوب لونه كذا, حتى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها وألوانها, قال: فحمدت الله وشكرته على ما من به علي من إزالة الشك عن قلبي, فأمر بتسليم جميع ما حملت إلى حيث يأمرني أبو جعفر العمري, قال: فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري, قال: وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيام, قال: فلما بصر بي أبو جعفر ره قال: لم لم تخرج؟ فقلت: يا سيدي, من سرمنرأى انصرفت, قال: فأنا أحدث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة إلى أبي جعفر العمري من مولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه, ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي, فيه ذكر المال والثياب, وأمر أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي, فلبس أبو جعفر العمري ثيابه وقال لي: احمل ما معك إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي, قال: فحملت المال والثياب إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان وسلمتها إليه, وخرجت إلى الحج فلما رجعت إلى دينور, اجتمع عندي الناس فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا صلوات الله عليه إلي, وقرأته على القوم, فلما سمع بذكر الصرة باسم الذراع سقط مغشيا عليه, وما زلنا نعلله حتى أفاق, فلما أفاق سجد شكرا لله عز وجل, وقال: الحمد لله الذي من علينا بالهداية, الآن علمت أن الأرض لا تخلو من حجة, هذه الصرة دفعها والله إلي هذا الذراع لم يقف على ذلك إلا الله عز وجل, قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك أبا الحسن المادرائي, وعرفته الخبر وقرأت عليه الدرج فقال: يا سبحان الله, ما شككت في شيء فلا تشك في أن الله عز وجل لا يخلي أرضه من حجته, اعلم أنه لما غزا إذكوتكين يزيد بن عبد الله بشهرزور وظفر ببلاده واحتوى على خزائنه, صار إلي رجل وذكر أن يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني, والسيف الفلاني في باب مولانا (ع) قال: فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى إذكوتكين أولا فأولا, وكنت أدافع بالفرس والسيف إلى أن لم يبق شيء غيرهما, وكنت أرجو أن أخلص ذلك لمولانا (ع), فلما اشتدت مطالبة إذكوتكين إياي ولم يمكني مدافعته, جعلت في السيف والفرس في نفسي ألف دينار, ووزنتها ودفعتها إلى الخازن, وقلت له: ارفع هذه الدنانير في أوثق مكان ولا تخرجن إلي في حال من الأحوال, ولو اشتدت الحاجة إليها, وسلمت الفرس والسيف, قال: فأنا قاعد في مجلسي بالذي أبرم الأمور وأوفي القصص وآمر وأنهى, إذ دخل أبو الحسن الأسدي وكان يتعاهدني الوقت بعد الوقت, وكنت أقضي حوائجه, فلما طال جلوسه وعلي بؤس كثير, قلت له: ما حاجتك؟ قال: أحتاج منك إلى خلوة, فأمرت الخازن أن يهيئ لنا مكانا من الخزانة, فدخلنا الخزانة فأخرج إلي رقعة صغيرة من مولانا (ع) فيها: يا أحمد بن الحسن, الألف دينار التي لنا عندك ثمن الفرس والسيف, سلمها إلى أبي الحسن الأسدي, قال: فخررت لله ساجدا شكرا لما من به علي, وعرفت أنه حجة الله حقا لأنه لم يكن وقف على هذا أحد غيري, فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أخرى سرورا بما من الله علي بهذا الأمر.
--------------
المحاسن ج 1 ص 38, دلائل الإمامة ص 519, فرج المهموم ص 239, مدينة المعاجز ج 8 ص 98, بحار الأنوار ج 51 ص 300
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* كان الله في حاجته
عن صاحب الأمر (ع): من كان في حاجة الله كان الله في حاجته.
---------
كمال الدين ج 2 ص 493, الخرائج 1 ص 443, إثبات الهداة ج 5 ص 302, بحار الأنوار ج 51 ص 331
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* لقاء سعد بن عبد الله به (ع)
عن سعد بن عبد الله القمي، قال: كنت امرأ لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها، كلفا باستظهار ما يصح من حقائقها، مغرما بحفظ مشتبهها ومستغلقها، شحيحا على ما أظفر به من معاضلها ومشكلاتها متعصبا لمذهب الامامية راغبا عن الأمن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي الى التباغض والتشاتم، معيبا للفرق ذوي الخلاف، كاشفا عن مثالب أئمتهم هتاكا لحجب قادتهم، إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة، وأطولهم مخاصمة، وأكثرهم جدلا، وأشنعهم سؤالا، وأثبتهم على الباطل قدما. فقال ذات يوم- وأنا اناظره- تبا لك يا سعد ولأصحابك معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما وتجحدون من رسول الله (ص) ولايتهما وإمامتهما، هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته، اما علمتم أن رسول الله (ص) ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلا علما منه بأن الخلافة له من بعده، وأنه هو المقلد لأمر التاويل والملقى إليه أزمة الامة، وعليه المعول في شعب الصدع ولم الشعث وسد الخلل، وإقامة الحدود، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك فكما اشفق على نبوته أشفق على خلافته، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة إلى مكان يستخفي فيه، ولما رأينا النبي (ص) متوجها إلى الانجحار ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله (ص) بأبي بكر إلى الغار للعلة التي شرحناها، وإنما أبات عليا (ع) على فراشه لما لم يكن ليكترث له ولم يحفل به ولاستثقاله ولعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها. قال سعد: فأوردت عليه أجوبة شتى فما زال يقصد كل واحد منها بالنقض والرد علي، ثم قال: يا سعد دونكها اخرى بمثلها تخطم آناف الروافض الستم تزعمون ان الصديق المبرى عن دنس الشكوك؛ والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسران النفاق واستدللتم بليلة العقبة أخبرني عن الصديق والفاروق اأسلما طوعا أو كرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الإلزام وحذرا من أني إن أقررت له بطوعيتهما بالإسلام احتج بأن بدءوا النفاق ونشؤه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة واظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد له قلبه نحو قول الله عز وجل: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} وان قلت: أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم يكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس. قال سعد: فصدرت عنه مزورا وقد انتفخت أحشائي من الغضب وتقطع كبدي من الكرب، وكنت قد اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسأل فيها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد (ع) فارتحلت خلفه، وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسرمنرأى فلحقته في بعض المناهل، فلما تصافحنا قال: بخير لحاقك بي؟ قلت: الشوق ثم العادة في الأسئلة قال: قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة فقد برح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمد (ع) واريد أن أسأله عن معاضل في التاويل ومشاكل من التنزيل، فدونكها الصحبة المباركة، فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه وهو إمامنا. فوردنا سر من رأى، فانتهينا منها إلى باب سيدنا (ع) فاستأذنا، فخرج علينا الآذن بالدخول عليه، وكان على عاتق أحمد بن اسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم، على كل صرة منها ختم صاحبها. قال سعد: فما شبهت وجه مولانا أبي محمد (ع) حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفي من لياليه أربعا بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء اهل البصرة، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا (ع) يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها كيلا يصده عن كتابة ما أراد، فسلمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس. فلما فرغ من كتبه البياض الذي كان بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه، فنظر الهادي (ع) إلى الغلام وقال له: يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك، فقال: يا مولاي ايجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها؟ فقال مولاي (ع): يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز بين الحلال والحرام منها، فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام: هذه لفلان ابن فلان من محلة كذا بقم، تشتمل على اثنين وستين دينارا فيها من ثمن حجرة باعها صاحبها وكانت إرثا له عن أبيه خمسة وأربعون دينارا، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير. فقال مولانا (ع): صدقت يا بني دل الرجل على الحرام منها. فقال (ع): فتش عن دينار رازي السكة تاريخه سنة كذا قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه وقراضة آملية وزنها ربع دينار، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الجملة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا وربع من، فاتت على ذلك مدة وفي انتهائها قيض لذلك الغزل سارقا فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بعد ذلك منا ونصف من غزلا أدق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوبا كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه، فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال، واستخرج الدنانير والقراضة بتلك العلامة. ثم أخرج صرة اخرى فقال الغلام (ع): هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم تشتمل خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها، قال: وكيف ذلك؟ قال: لأنها ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة، وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف وكال ما خص الاكار بكيل بخس، فقال مولانا (ع): صدقت يا بني. ثم قال: يا أحمد بن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها فلا حاجة لنا في شيء منها وائتنا بثوب العجوز. قال أحمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته. فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمد (ع) فقال: ما جاء بك يا سعد؟ فقلت: شوقني أحمد بن إسحاق إلى لقاء مولانا. قال: فالمسائل التي أردت أن تسأله عنها؟ قلت: على حالها يا مولاي. قال: فسل قرة عيني عنها- وأومأ إلى الغلام- فقال لي الغلام: سل عما بدا لك عنها، فقلت له: مولانا وابن مولانا إنا روينا عنكم أن رسول الله (ص) جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين (ع) حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة أنك قد أرهجت على الإسلام وأهله بفتنتك، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك، فإن كففت عني غربك وإلا طلقتك، ونساء رسول الله (ص) قد كان طلاقهن وفاته. قال: ما الطلاق؟ قلت: تخلية السبيل. قال: فإذا كان وفاة رسول الله (ص) قد خلى لهن السبيل فلم لا يحل لهن الأزواج؟ قلت: لأن الله تبارك وتعالى حرم الازواج عليهن. قال: وكيف وقد خلى الموت سبيلهن؟ قلت: فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله (ص) حكمه الى أمير المؤمنين (ع) قال: إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي (ص) فخصهن بشرف الامهات، فقال رسول الله (ص): يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن ما دمن لله على الطاعة، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين. قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته؟ قال: الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا، فإن المرأة إذا زنت واقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحد، وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرجم خزي ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه. قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله تعالى لنبيه موسى (ع): {فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى} فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة. قال: صلوات الله عليه: من قال ذلك فقد افترى على موسى (ع) واستجهله في نبوته لأنه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين إما أن تكون صلاة موسى (ع) فيهما جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة، إذ لم تكن مقدسة، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة، وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى (ع) أنه لم يعرف الحلال من الحرام، وما علم ما جاز فيه الصلاة وما لم يجز وهذا كفر. قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما، قال صلوات الله عليه: إن موسى (ع) ناجى ربه بالواد المقدس فقال: يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني فغسلت قلبي عما سواك، وكان شديد المحبة لأهله، فقال الله تعالى: {فاخلع نعليك} أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا. قلت: فأخبرني يا ابن رسول الله عن تاويل «كهيعص» قال: هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد (ص) وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين سرى عنه همه وانجلى كربه وإذا ذكر الحسين (ع) خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة فقال ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم (ع) تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين (ع) تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته فقال: {كهيعص} «فالكاف» اسم كربلاء «و الهاء» هلاك العترة «و الياء» يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين (ع) «و العين» عطشه «و الصاد» صبره. فلما سمع بذلك زكريا (ع) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته: إلهي أتفجع خير خلقك بولده؟ اتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه؟ إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي اتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟! ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، واجعله وارثا وصيا واجعل محله مني محل الحسين (ع)، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم أفجعني به كما تفجع محمدا (ص) حبيبك بولده، فرزقه الله يحيى (ع) وفجعه به وكان حمل يحيى (ع) ستة أشهر، وحمل الحسين (ع) كذلك وله قصة طويلة. قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم. قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز أن يقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلى قال: فهي العلة، أوردها لك ببرهان يثق به عقلك. ثم قال: اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل وأنزل عليهم الكتب وأيدهم بالوحي والعصمة أنهم اعلام الامم وأهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى (ع) هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن، قلت: لا. فقال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل سبعين رجلا ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز وجل: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} الى قوله: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} {فأخذتهم الصاعقة بظلمهم} فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عز وجل للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن الاختيار لا يجوز أن يفعل إلا من يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح. ثم قال مولانا (ع): يا سعد وحين ادعى خصمك أن رسول الله (ص) ما أخرج مع نفسه مختار هذه الامة الى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد امور التأويل والملقى إليه أزمة الامة وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذا لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره الى مكان يستخفي فيه وإنما أبات عليا (ع) على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إياه وعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها. فهلا نقضت عليه دعواه بقولك: اليس قال رسول الله (ص): الخلافة بعدي ثلاثون سنة فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم فكان لا يجد بدا من قوله لك: بلى، فكنت تقول حينئذ اليس كما علم رسول الله أن الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنها من بعد أبي بكر لعمر، ومن بعد عمر لعثمان، ومن بعد عثمان لعلي فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك: نعم، ثم كنت تقول له: فكان الواجب على رسول الله (ص) أن يخرجهم جميعا على الترتيب إلى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم. ولما قال: أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ لم لم تقل له: بل أسلما طمعا وذلك لأنهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال الى حال من قصة محمد (ص) ومن عواقب أمره، فكانت اليهود تذكر أن محمدا (ص) يسلط على العرب كما كان بختنصر سلط على بني إسرائيل ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصر ببني إسرائيل غير أنه كاذب في دعواه في أنه نبي. فأتيا محمدا رسول الله (ص) فساعداه على قول شهادة أن لا إله الا الله وبايعا طمعا في أن ينال كل واحد منهما من جهة ولاية بلد إذا استقامت اموره واستتبت أحواله فلما آيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع عدة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه فدفع الله عز وجل كيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا، كما أتى طلحة والزبير عليا (ع) فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد، فلما أيسا نكثا ببيعته، وخرجا عليه فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين. قال سعد: ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي (ع) للصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما، وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا فقلت: ما أبطأك وأبكاك؟ قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره، قلت: لا عليك فأخبره، فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسما وهو يصلي على محمد وأهل بيته، فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا (ع) يصلي عليه. قال سعد: فحمدنا الله جل ذكره على ذلك، وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا (ع) أياما فلا نرى الغلام بين يديه.
-----------
كمال الدين ج 2 ص 453, منتخب الأنوار ص 145, حلية الأبرار ج 5 ص 212, بحار الأنوار ج 52 ص 78, رياض الأبرار ج 3 ص 107
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية