أحداث عيد الغدير في القرآن والحديث

تعريف يوم الغدير

عن رسول الله |: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي, وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل فيه الدين وأتم على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا. [1]

 

عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله ×: كم للمسلمين من عيد؟ فقال ×: أربعة أعياد, قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة, فقال × لي: أعظمها وأشرفها, يوم الثامن عشر من ذي الحجة, وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله | أمير المؤمنين × ونصبه للناس علما, قال: قلت: ما يجب علينا في ذلك اليوم؟ قال ×: يجب عليكم صيامه شكرا لله وحمدا له, مع أنه أهل أن يشكر كل ساعة, وكذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يقام فيه الوصي يتخذونه عيدا, ومن صامه كان أفضل من عمل ستين سنة. [2]

 

عن أبي عبد الله × قال‏: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ قال: فقال لي: نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيه محمد | {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} قال: قلت: وأي يوم هو؟ قال: فقال لي: إن أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصية والإمامة من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيدا، وإنه اليوم الذي نصب فيه رسول الله | عليا × للناس علما، وانزل فيه ما انزل، وكمل فيه الدين، وتمت فيه النعمة على المؤمنين، قال: قلت: وأي يوم هو في السنة؟ قال: فقال لي: إن الأيام تتقدم وتتأخر، وربما كان يوم السبت والأحد والاثنين إلى آخر أيام السبعة، قال: قلت: فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم؟ قال: هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد له، وسرور لما من الله به عليكم من ولايتنا، وإني أحب لكم أن تصوموه. [3]


 

ملخص أحداث الغدير

عن أبي جعفر محمد بن علي ‘ أنه قال: حج رسول الله | من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبرائيل × فقال له: يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك: إني لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسولي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغها قومك: فريضة الحج وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة، ولن أخليها أبدا، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج، وتحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب، وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع. فنادى منادي رسول الله | في الناس ألا إن رسول الله | يريد الحج، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره، فخرج | وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله | من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على عدد أصحاب موسى السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله | البيعة لعلي × بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة. فلما وقف بالموقف أتاه جبرائيل × عن الله تعالى فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك ونفذ وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب × فأقمه للناس وجدد عهده وميثاقه وبيعته، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به، وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب ×، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي على خلقي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة لي على خلقي، ف{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} بوليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بعدي ووصي نبي والخليفة من بعده، حجتي البالغة على خلقي، مقرونة طاعته بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن أشرك ببيعته كان مشركا، ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمد عليا علما، وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم وبالذي واثقتهم عليه، فإني قابضك إلي ومستقدمك علي. فخشي رسول الله | قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي × من البغضاء وسأل جبرائيل × أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر جبرائيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرائيل في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرائيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله تعالى ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي × فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرائيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. [4]

 

عن زرارة بن أعين الشيباني قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد × قال‏: لما خرج رسول الله | إلى مكة في حجة الوداع فلما انصرف منها - وفي خبر آخر: وقد شيعه من مكة اثنا عشر ألف رجل من اليمن وخمسة ألف رجل من المدينة - جاءه جبرئيل × في الطريق فقال له: يا رسول الله إن الله تعالى يقرؤك السلام، وقرأ هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك} فقال له رسول الله |: يا جبرئيل إن الناس حديثو عهد بالاسلام فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرئيل × إلى مكانه ونزل عليه في يوم الثاني، وكان رسول الله | نازلا بغدير، فقال له: يا محمد {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فقال له: يا جبرئيل أخشى من أصحابي أن يخالفوني، فعرج جبرئيل × ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله | بموضع يقال له غدير خم وقال له: {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما سمع رسول الله | هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، وصعدها وأخرج معه عليا × وقام قائما وخطب خطبة بليغة وعظ فيها وزجر، ثم قال في آخر كلامه: يا أيها الناس ألست أولى بكم منكم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله ثم قال: قم يا علي، فقام علي × فأخذ بيده فرفعها حتى رئي بياض إبطيهما، ثم قال: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله، ثم نزل من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنين × وهنؤوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب، فقال له: يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ونزل جبرئيل × بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا}. [5]

 

عن الإمام العسكري ×: قال العالم موسى بن جعفر ×: إن رسول الله| لما أوقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × في يوم الغدير موقفه المشهور المعروف ثم قال: يا عباد الله انسبوني. فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ثم قال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال |: مولاكم أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فنظر إلى السماء، وقال: اللهم اشهد. يقول هو ذلك |، وهم يقولون ذلك - ثلاثا -. ثم قال: ألا فمن كنت مولاه وأولى به، فهذا علي مولاه وأولى به، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. ثم قال: قم يا أبا بكر، فبايع له بإمرة المؤمنين. فقام فبايع له بإمرة المؤمنين. ثم قال: قم يا عمر، فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع له بإمرة المؤمنين. ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة، ثم لرؤساء المهاجرين والأنصار، فبايعوا كلهم. فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ثم تفرقوا عن ذلك، وقد وكدت عليهم العهود والمواثيق. ثم إن قوما من متمرديهم وجبابرتهم تواطأوا بينهم: لئن كانت لمحمد |كائنة، ليدفعن هذا الامر عن علي ولا يتركونه له. فعرف الله تعالى ذلك من قبلهم وكانوا يأتون رسول الله | ويقولون: لقد أقمت علينا أحب خلق الله إلى الله وإليك وإلينا، كفيتنا به مؤنة الظلمة لنا والجائرين في سياستنا، وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك، ومن مواطأة بعضهم لبعض أنهم على العداوة مقيمون، ولدفع الامر عن مستحقه مؤثرون. فأخبر الله عز وجل محمدا عنهم، فقال: يا محمد {ومن الناس من يقول آمنا بالله} الذي أمرك بنصب علي إماما، وسائسا لامتك ومدبرا {وما هم بمؤمنين} بذلك، ولكنهم يتواطؤون على إهلاكك وإهلاكه، يوطنون أنفسهم على التمرد على علي × إن كانت بك كائنة. [6]


 

الغدير في القرآن

{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} المائدة: 67

 

 

عن أبي جعفر × قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي × وأنزل عليه {إنما وليكم‏ الله‏ ورسوله‏ والذين‏ آمنوا الذين‏ يقيمون‏ الصلاة ويؤتون‏ الزكاة} وفرض ولاية أولي الأمر, فلم يدروا ما هي, فأمر الله محمدا | أن يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج, فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله | وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه, فضاق صدره وراجع ربه عز وجل, فأوحى الله عز وجل إليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك‏ من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ فصدع بأمر الله تعالى ذكره, فقام بولاية علي × يوم غدير خم,‏ فنادى الصلاة جامعة, وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب. [7]

 

عن أبي الجارود، عن أبي جعفر × قال: فرض الله عز وجل على العباد خمسا، أخذوا أربعا وتركوا واحدا، قلت: أتسميهن لي جعلت فداك؟ فقال: الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون، فنزل جبرئيل × فقال: يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم، ثم نزلت الزكاة فقال: يا محمد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم، ثم نزل الصوم فكان رسول الله | إذا كان يوم عاشورا بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال، ثم نزل الحج فنزل جبرئيل × فقال: أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم. ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب × فقال عند ذلك رسول الله |: أمتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل، ويقول قائل - فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني - فأتتني عزيمة من الله عز وجل بتلة أوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني، فنزلت {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله، ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن ادعى فأجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب. قال أبو جعفر ×: كان والله علي × أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه. [8]

 

عن أبي عبد الله × في حديث طويل: فلما رجع رسول الله | من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل × فقال‏ {يا أيها الرسول‏ بلغ‏ ما أنزل‏ إليك‏ من‏ ربك‏ وإن‏ لم‏ تفعل‏ فما بلغت‏ رسالته‏ والله‏ يعصمك‏ من‏ الناس‏ إن‏ الله‏ لا يهدي‏ القوم‏ الكافرين}‏ فنادى الناس فاجتمعوا, وأمر بسمرات فقم شوكهن, ثم قال |: يا أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله, فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, ثلاث مرات, فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم, وقالوا: ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد | قط, وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه‏. [9]

 

عن الفضيل بن يسار, عن أبي جعفر ×‏ في قول الله تعالى‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}‏ قال: هي الولاية. [10]

 

عن أبي جعفر محمد بن علي ×, في حديث طويل بين رسول الله | وأمير المؤمنين ×, قال رسول الله |: ولقد أنزل الله فيك‏ {يا أيها الرسول‏ بلغ‏ ما أنزل‏ إليك‏ من‏ ربك}‏ يعني من ولايتك يا علي‏ {وإن‏ لم‏ تفعل‏ فما بلغت‏ رسالته‏} فلو لم أبلغ ما أمرت به لحبط عملي. [11]

 

عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت‏ هذه الآية في علي ×: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏}. [12]

 

عن سهل بن القاسم النوشجاني قال: قال رجل للرضا ×: يا ابن رسول الله إنه يروى عن عروة بن الزبير أنه قال: توفي رسول الله | وهو في تقية, فقال: أما بعد قول الله تعالى‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ فإنه أزال كل تقية بضمان الله عز وجل, وبين أمر الله تعالى, ولكن قريشا فعلت ما اشتهت بعده, وأما قبل نزول هذه الآية فلعله. [13]

 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله |‏: ليلة أسري بي إلى السماء السابعة سمعت نداء من تحت العرش أن عليا × آية الهدى, ووصي حبيبي فبلغ, فلما نزلت من السماء نسيت ذلك, فأنزل الله تعالى‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏} الآية. [14]

 

عن محمد الحلبي قال: قال لي أبو عبد الله × إنه من عرف دينه من كتاب الله عز وجل زالت الجبال قبل أن يزول, ومن دخل في أمر يجهل خرج منه بجهل, قلت: وما هو في كتاب الله؟ قال: قول الله عز وجل‏ {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقوله عز وجل‏ {من يطع الرسول فقد أطاع الله}‏ وقوله عز وجل‏ {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}‏ وقوله تبارك وتعالى‏{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏} وقوله جل جلاله‏ {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقوله عز وجل‏{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏} ومن ذلك قول رسول الله | لعلي ×: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأحب من أحبه, وأبغض من أبغضه. [15]

 

عن عبد الله بن عباس في حديث طويل عن المعراج: فتقدم رسول الله | ما شاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى: أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي, فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتكته, انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك, وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا, وأنك رسولي وأن عليا وزيرك. فهبط رسول الله | فكره أن يحدث الناس بشي‏ء كراهية أن يتهموه, لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية, حتى مضى لذلك ستة أيام, فأنزل الله تبارك وتعالى {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك}‏ فاحتمل رسول الله | ذلك حتى كان يوم الثامن, فأنزل الله تبارك وتعالى عليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ فقال رسول الله |: تهديد بعد وعيد, لأمضين أمر الله عز وجل, فأن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة, قال: وسلم جبرئيل على علي × بإمرة المؤمنين, فقال علي ×: يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحس الرؤية, فقال: يا علي هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني‏. [16]

 

عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر, عن أبيه, عن جده عليهم السلام في حديث طويل أن رسول الله | قال لأمير المؤمنين ×: ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى أن أفترض من حقك ما أفترضه من حقي, وإن حقك لمفروض على من آمن, ولولاك لم يعرف حزب الله, وبك يعرف عدو الله, ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشي‏ء, ولقد أنزل الله عز وجل إلي {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏} يعني في ولايتك يا علي‏ {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏} ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي, ومن لقي الله عز وجل بغير ولايتك‏ {فقد حبط عمله}‏ وعد ينجز لي, وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى, وإن الذي أقول لمن الله عز وجل أنزله فيك.[17]

 

عن أبي جعفر محمد بن علي ‘ أنه قال: حج رسول الله | من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبرائيل × فقال له: يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك: إني لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسولي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغها قومك: فريضة الحج وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة، ولن أخليها أبدا، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج، وتحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب، وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع. فنادى منادي رسول الله | في الناس ألا إن رسول الله | يريد الحج، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره، فخرج | وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله | من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على عدد أصحاب موسى السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله | البيعة لعلي × بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة. فلما وقف بالموقف أتاه جبرائيل × عن الله تعالى فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك ونفذ وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب × فأقمه للناس وجدد عهده وميثاقه وبيعته، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به، وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب ×، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي على خلقي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة لي على خلقي، ف{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} بوليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بعدي ووصي نبي والخليفة من بعده، حجتي البالغة على خلقي، مقرونة طاعته بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن أشرك ببيعته كان مشركا، ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمد عليا علما، وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم وبالذي واثقتهم عليه، فإني قابضك إلي ومستقدمك علي. فخشي رسول الله | قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي × من البغضاء وسأل جبرائيل × أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر جبرائيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرائيل في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرائيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله تعالى ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي × فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرائيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. [18]

 

عن زرارة بن أعين الشيباني قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد × قال‏: لما خرج رسول الله | إلى مكة في حجة الوداع فلما انصرف منها - وفي خبر آخر: وقد شيعه من مكة اثنا عشر ألف رجل من اليمن وخمسة ألف رجل من المدينة - جاءه جبرئيل × في الطريق فقال له: يا رسول الله إن الله تعالى يقرؤك السلام، وقرأ هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك} فقال له رسول الله |: يا جبرئيل إن الناس حديثو عهد بالاسلام فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرئيل × إلى مكانه ونزل عليه في يوم الثاني، وكان رسول الله | نازلا بغدير، فقال له: يا محمد {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فقال له: يا جبرئيل أخشى من أصحابي أن يخالفوني، فعرج جبرئيل × ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله | بموضع يقال له غدير خم وقال له: {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما سمع رسول الله | هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، وصعدها وأخرج معه عليا × وقام قائما وخطب خطبة بليغة وعظ فيها وزجر، ثم قال في آخر كلامه: يا أيها الناس ألست أولى بكم منكم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله ثم قال: قم يا علي، فقام علي × فأخذ بيده فرفعها حتى رئي بياض إبطيهما، ثم قال: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله، ثم نزل من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنين × وهنؤوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب، فقال له: يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ونزل جبرئيل × بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا}. [19]

 

عن الشعبي, عن الحسن بن علي × في حديث طويل: لما نزلت هذه الآية: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فقال بعض القوم: ما أنزل الله هذا انما يريد أن يرفع بضبع ابن عمه، قالوها حسدا وبغضا لأهل بيت النبي |: فأنزل الله تعالى: {أم يقولون أفترى على الله كذبا فان يشاء الله يختم على قلبك}، ولا تعتد هذه المقال ولا يشق عليك ما قالوا قبل من فان الله يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته انه عليم بذات الصدور. فشق ذلك على رسول الله | وحزن على ما قالوا وعلم أن القوم غير تاركين الحسد والبغضاء، فنزلت هذه الآية {قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} فلما نزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}. قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فان عليا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فوقع في قلوبهم ما وقع تكلموا فيما بينهم سرا حتى قال أحدهما لصاحبه: من يلي بعد النبي | ومن يلي بعدك هذا الأمر لا نجعلها في أهل البيت أبدا فنزل: {ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فان الله شديد العقاب} ثم نزلت: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} إلى قوله {وأولئك لهم عذاب عظيم}. فلما قبض النبي | مضوا على رأيهم في أهل بيت نبيهم وعلى ما تعاقدوا عليه في حياته ونبذوا آيات الله عز وجل ووصي رسوله وأهل بيته {وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون}.[20]

 

عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله تعالى نبيه محمدا | أن ينصب عليا × علما للناس ليخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله | أن يقولوا: حامى‏ ابن عمه, وأن تطغوا في ذلك عليه, فأوحى الله إليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏} فقام رسول الله | بولايته يوم غدير خم‏. [21]

 

عن أبي جعفر × قال:‏ لما نزل جبرئيل × على رسول الله | في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب × {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏} إلى آخر الآية، قال: فمكث النبي | ثلاثا حتى أتى الجحفة, فلم يأخذ بيده فرقا من الناس، فلما نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له: "مهيعة" فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فقال النبي |: من أولى بكم من أنفسكم؟ قال: فجهروا فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم الثانية، فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم الثالثة، فقالوا: الله ورسوله، فأخذ بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله، فإنه مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى, إلا أنه لا نبي بعدي‏. [22]

 

عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله × ابتداء منه:‏ العجب يا با حفص لما لقي علي بن أبي طالب ×، أنه كان له عشرة ألف شاهد لم يقدر على أخذ حقه، والرجل يأخذ حقه بشاهدين، إن رسول الله | خرج من المدينة حاجا ومعه خمسة آلاف، ورجع من مكة وقد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة، فلما انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية علي ×، وقد كانت نزلت ولايته بمنى وامتنع رسول الله | من القيام بها لمكان الناس، فقال: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} مما كرهت بمنى, فأمر رسول الله | فقمت السمرات‏ فقال رجل من الناس: أما والله ليأتينكم بداهية، فقلت لعمر: من الرجل؟ فقال الحبشي‏. [23]

 

عن زياد بن المنذر قال:‏ كنت عند أبي جعفر محمد بن علي × بالأبطح وهو يحدث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يا ابن رسول الله جعلت فداك إن الحسن البصري يحدثنا حديثا, يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل ولا يخبرنا من الرجل {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏} تفسيرها: أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس, فقال أبو جعفر ×: ما له لأقضي الله دينه يعني صلاته، أما أن لو شاء أن يخبر به أخبر به, أن جبرئيل × هبط على رسول الله | فقال له: إن ربك تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم، فدله على الصلاة واحتج بها عليه, فدل رسول الله | أمته عليها واحتج بها عليهم، ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من زكاتهم, على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم، فدله على الزكاة واحتج بها عليه, فدل رسول الله | أمته على الزكاة واحتج بها عليهم، ثم أتاه جبرئيل × فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من صيامهم على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم وزكاتهم، شهر رمضان بين شعبان وشوال، يؤتى فيه كذا ويجتنب فيه كذا, فدله على الصيام واحتج به عليه, فدل رسول الله | أمته على الصيام واحتج به عليهم، ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك في حجهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، فدله على الحج واحتج بها عليه, فدل عليه رسول الله | أمته على الحج واحتج به عليهم، ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من وليهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم، قال: فقال رسول الله |: رب أمتي حديثو عهد بجاهلية فأنزل الله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} تفسيرها: أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس، فقام رسول الله | فأخذ بيد علي بن أبي طالب × فرفعها فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه, وانصر من نصره، واخذل من‏ خذله, وأحب من أحبه, وأبغض من أبغضه. [24]

 

عن أبي الجارود, عن أبي جعفر × قال‏: لما أنزل الله على نبيه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} قال: فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمر, ثم دعاه الله فأجابه وأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسئول وأنتم مسئولون, فما أنتم قائلون قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين، فقال: اللهم اشهد, ثم قال: يا معشر المسلمين ليبلغ الشاهد الغائب, أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي × ألا إن ولاية علي × ولايتي, وولايتي ولاية ربي, ولا يدري عهدا عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه, ثم قال: هل سمعتم, ثلاث مرات يقولها فقال قائل: قد سمعنا يا رسول الله. [25]

 

عن جابر بن أرقم قال:‏ بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدثنا إذ أقبل رجل على فرسه عليه هيئة السفر فسلم علينا ثم وقف، فقال: أفيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم فما تريد؟ فقال الرجل: أتدري من أين جئت؟ قال: لا، قال: من فسطاط مصر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله |, فقال له زيد: وما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب ×، فقال: يا ابن أخ إن قبل غدير خم ما أحدثك به أن جبرئيل الروح الأمين × نزل على رسول الله | بولاية علي بن أبي طالب ×, فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم, فلم ندر ما نقول له، وبكى |, فقال له جبرئيل ×: ما لك يا محمد؟ أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش, إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادي وأهبط إلي جنودا من السماء فنصروني, فكيف يقروا لي لعلي × من بعدي. فانصرف عنه جبرئيل × ثم نزل عليه: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك} فلما نزلنا الجحفة راجعين وضربنا أخبيتنا نزل جبرئيل × بهذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت‏}. [26]

 

عن زيد بن أرقم قال: لما نزلت هذه الآية في ولاية علي بن أبي طالب ×‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ قال: فأخذ رسول الله | بيد علي بن أبي طالب × في يوم غدير خم, ثم رفعها وقال: اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله. [27]

 

عن عبد الله بن عطاء قال: كنت جالسا مع أبي جعفر × فرأيت ابنا لعبد الله بن سلام جالسا في ناحية, فقلت لأبي جعفر ×: زعموا أن أبا هذا الذي عنده علم الكتاب, قال: لا ذلك علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ×, قال: أوحى إلى رسول الله | قل للناس: من كنت مولاه فعلي مولاه, فما بلغ بذلك وخاف الناس, فأوحى إليه‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ فأخذ بيد علي بن أبي طالب‏ × يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. [28]

 

عن أبي جعفر ×‏ في قوله تعالى‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ إلى آخر الآية, فخرج رسول الله | حين أتته عزمة من الله في‏ يوم شديد الحر, فنودي في الناس فاجتمعوا, وأمر بشجرات فقم ما تحتهن من الشوك, ثم قال: يا أيها الناس من واليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله, فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, ثلاث مرات. [29]

 

عن ابن عباس‏ في قوله‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين‏} نزلت‏ في علي ×, أمر رسول الله | أن يبلغ فيه, فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه. [30]

 

عن نوف البكالي, عن علي بن أبي طالب × في حديث طويل: فلما أوحى الله إلى نبيه | أن ارفع ضبع ابن عمك قال: يا جبرئيل أخاف من تشتت قلوب القوم, فأوحى الله تعالى إليه‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ قال: فأمر النبي | بلالا أن ينادي بالصلاة جامعة, فاجتمع المهاجرون والأنصار, فصعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه, ثم قال: يا معشر قريش لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم, ثم قال: يا معشر العرب لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم, ثم قال: يا معشر الموالي لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم, ثم دعا بدواة قرطاس‏ فأمر فكتب فيه‏: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله, قال: شهدتم؟ قالوا: نعم, قال:‏ أفتعلمون أن الله مولاكم؟ قالوا: اللهم نعم, قال: فقبض على ضبع علي بن أبي طالب × فرفعه للناس حتى تبين بياض إبطيه, ثم قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, ثم قال‏: اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, فيه كلام, فأنزل الله تعالى‏ {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى‏} فأوحى إليه‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏}. [31]

 

عن حذيفة بن اليمان قال: كنت والله جالسا بين يدي رسول الله | وقد نزل بنا غدير خم وقد غص المجلس بالمهاجرين والأنصار, فقام رسول الله | على قدميه فقال: أيها الناس إن الله أمرني بأمر فقال:‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}‏ فقلت لصاحبي جبرئيل ×: يا خليلي إن قريشا قالوا لي كذا وكذا, فأتى الخبر من ربي فقال‏ {والله يعصمك من الناس}‏ ثم نادى علي بن أبي طالب × فأقامه عن يمينه, ثم قال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: اللهم بلى, قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه,‏ فقال رجل من عرض المسجد: يا رسول الله ما تأويل هذا؟ قال: من كنت نبيه فهذا علي‏ أميره, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, فقال حذيفة: فو الله لقد رأيت معاوية حتى قام يتمطى وخرج مغضبا واضعا يمينه على عبد الله بن قيس الأشعري ويساره على المغيرة بن شعبة, ثم قام يمشي متمطيا وهو يقول: لا نصدق محمدا في مقالته, ولا نقر لعلي × بولايته, فأنزل الله تعالى‏ على أثر كلامه‏ {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى‏} فهم به رسول الله | أن يرده فيقتله, فقال جبرئيل ×‏ {لا تحرك به لسانك لتعجل به}‏ فسكت النبي | عنه‏. [32]

 

عن ابن عباس: أمر الله تعالى نبيه | بإظهار ولاية علي ×، فقال: يا رب الناس حديث عهد بالجاهلية ومتى أفعل, قال الناس: فعل بابن عمه كذا وكذا، فلما قضى حجه، رجع حتى إذا كان بغدير خم، أنزل الله جل وعز: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فخرج رسول الله |، ومعه علي ×، فقال: يا أيها الناس، ألستم تزعمون أني مولى‏ كل مؤمن ومؤمنة؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأعن من أعانه، وأبغض من أبغضه، وأحب من أحبه. قال ابن عباس: فوجبت والله بيعته في أعناق الناس وأتم خطبته‏. [33]

 

عن أبي جعفر محمد بن علي × في حديث طويل: ثم افترض الله عز وجل الولاية، فقال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}. فقال المسلمون: هذا بعضنا أولياء بعض، فجاءه جبرائيل ×، فقال: يا محمد، علم الناس من ولايتهم كما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم وجهادهم. فقال رسول الله |: يا جبرائيل أمتى حديثة عهد بجاهلية، وأخاف عليهم أن يرتدوا فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي‏ {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. [34]

 

عن أبي عبد الله ×, عن أبيه, عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين: إن آخر ما أنزل الله عز وجل من الفرائض ولاية علي ×, فخاف رسول الله | إن بلغها الناس أن يكذبوه ويرتد أكثرهم حسدا له لما علمه في صدور كثير منهم له، فلما حج حجة الوداع‏ وخطب بالناس بعرفة، وقد اجتمعوا من كل افق لشهود الحج معه، علمهم في خطبته معالم دينهم وأوصاهم وقال في خطبته: أني خشيت ألا أراكم ولا تروني بعد يومي هذا في مقامي هذا, وقد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به بعدي لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتى, فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، حبل ممدود من السماء إليكم، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، وأجمل | ذكر الولاية في أهل بيته إذ علم أن ليس فيهم أحد ينازع فيها عليا ×, وأن الناس إن سلموها لهم سلمو بما هم لعلي ×، واتقى عليه وعليهم أن يقيمه هو بنفسه، فلما قضى حجه، وانصرف وصار الى غدير خم، أنزل الله عز وجل عليه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فقام بولاية علي × ونص عليه كما أمر الله تعالى فأنزل الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. [35]

 

عن الصادق × في حديث طويل: ولما قضى رسول الله | نسكه, وقفل إلى المدينة, وانتهى إلى الموضع المعروف: "بغدير خم" وليس بموضع للنزول لعدم الماء والمرعى, فنزل عليه جبرئيل × وأمره أن يقيم عليا × وينصبه إماما للناس, فقال: إن أمتي حديثو عهد بالجاهلية, فنزل عليه: أنها عزيمة لا رخصة فيها, ونزلت الآية {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏} فنزل رسول الله | بالمكان الذي ذكرنا ونزل المسلمون حوله‏. إلى أن قال: ثم نادى بأعلى صوته: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى, فقال لهم على النسق وقد أخذ بضبعي علي × فرفعهما فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله, إلى أن قال: ثم أمر عليا × أن يجلس في خيمة له, ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا فيهنئوه بالخلافة ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين, ففعل الناس ذلك فنزلت: {اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي‏}. [36]

 

عن حذيفة بن اليمان في حديث طويل: في اليوم الثالث أتاه جبرائيل × بآخر سورة الحجر فقال: اقرأ {فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين}‏ قال: ورحل رسول الله | وأغدق السير مسرعا على دخول المدينة لينصب عليا × علما للناس, فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرائيل × في آخر الليل فقرأ عليه‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين‏} وهم الذين هموا برسول الله |, فقال: أما تراني يا جبرائيل أغدق السير مجدا فيه لأدخل المدينة فأعرض ولاية علي × على الشاهد والغائب؟ فقال له: جبرائيل ×: الله يأمرك أن تفرض ولايته غدا إذا نزلت منزلك, فقال رسول الله |: نعم يا جبرائيل,‏ غدا أفعل ذلك إن شاء الله, وأمر رسول الله | بالرحيل من وقته وسار الناس معه حتى نزل بغدير خم, وصلى بالناس وأمرهم أن يجتمعوا إليه, ودعا عليا × ورفع رسول الله | يد علي × اليسرى بيده اليمنى ورفع صوته بالولاء لعلي × على الناس أجمعين, وفرض طاعته عليهم وأمرهم أن لا يختلفوا عليه بعده, وخبرهم أن ذلك عن الله عز وجل‏. [37]

 

عن أبي موسى المشرقاني‏ قال: كنت عنده‏ وحضره قوم من‏ الكوفيين فسألوه عن قول الله عز وجل‏ {لئن أشركت ليحبطن عملك‏} فقال: ليس حيث يذهبون, إن الله عز وجل حيث أوحى إلى نبيه | أن يقيم عليا × للناس علما, اندس إليه معاذ بن جبل فقال: أشرك في ولايته الأول والثاني حتى يسكن الناس إلى قولك ويصدقوك, فلما أنزل الله عز وجل‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} شكا رسول الله | إلى جبرئيل × فقال: إن الناس يكذبوني ولا يقبلون مني فأنزل الله عز وجل‏ {لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين‏}. [38]

 

عن المفضل بن عمر الجعفي، عن الإمام جعفر بن محمد الصادق × في حديث طويل: ما مضى رسول الله | إلا بعد إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب، وأنزل الله على نبيه | بكراع الغميم‏: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} لأن رسول الله | خاف الارتداد من المنافقين الذين كانوا يسرون عداوة علي ×، ويعلنون موالاته خوفا من القتل، فلما صار النبي | بغدير خم بعد انصرافه من حجة الوداع، انتصب للمهاجرين والأنصار قائما يخاطبهم، فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه: معاشر المهاجرين والأنصار، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله |: اللهم اشهد. ثلاثا. ثم قال: يا علي. فقال: لبيك يا رسول الله. فقال له: قم، فإن الله أمرني أن أبلغ فيك رسالاته، أنزل بها جبرئيل‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏}. فقام إليه علي ×، فأخذ رسول الله | بضبعه فشاله، حتى رأى الناس بياض إبطيهما، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله- فأول قائم قام من المهاجرين والأنصار عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. [39]

 

عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: لما انصرف رسول الله | من حجة الوداع نزل أرضا يقال لها: ضوجا، فنزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما نزلت عصمته من الناس، نادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إليه وقال |: من أولى منكم بأنفسكم؟ فضجوا بأجمعهم، وقالوا: الله ورسوله. فأخذ بيد علي بن أبي طالب ×، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فإنه مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وكانت آخر فريضة فرضها الله تعالى على امة محمد |، ثم أنزل الله تعالى على نبيه‏ {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. قال أبو جعفر ×: فقبلوا من رسول الله | كل ما أمرهم الله من الفرائض في الصلاة والصوم والزكاة والحج، وصدقوه على ذلك. قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر ×: متى كان ذلك؟ قال: لسبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشر، عند منصرفه من حجة الوداع، وكان بين ذلك وبين وفاة النبي | مائة يوم‏، وكان سمع رسول الله | بغدير خم اثنا عشر رجلا. [40]

 

عن ابن امرأة زيد بن أرقم وعن زيد بن أرقم: لما أقبل رسول الله | من حجة الوداع جاء حتى نزل بغدير خم بالجحفة بين مكة والمدينة, ثم أمر بالدوحات بضم ما تحتهن من شوك, ثم نودي بالصلاة جامعة, فخرجنا إلى رسول الله | في يوم شديد الحر, وإن منا يضع رداءه تحت قدميه من شدة الحر والرمضاء, ومنا من يضعه فوق رأسه, فصلى بنا | ثم التفت إلينا فقال: - الى ان قال - لأنه الله الذي لا يؤمن مكره, ولا يخاف جوره, أقر له على نفسي بالعبودية, وأشهد له بالربوبية, وأؤدي أن لا إله إلا هو, لأنه قد أعلمني أني إذا لم أبلغ ما أنزل إلي لما بلغت رسالته, وقد ضمن لي العصمة وهو الله الكافي الكريم, أوحى إلي‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} إلى آخر الآية. معاشر الناس وما قصرت فيما بلغت ولا قعدت عن تبليغ ما أنزله وأنا أبين لكم سبب هذه الآية, إن جبرئيل × هبط إلي مرارا ثلاثا فأمرني عن السلام رب السلام أن أقوم في هذا المشهد وأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب × أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي, الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي, ووليكم بعد الله ورسوله‏, نزل بذلك آية هي‏ {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏} وعلي بن أبي طالب × الذي أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله تعالى في كل حال. فسألت جبرئيل × أن يستعفي لي السلام من تبليغي ذلك إليكم, أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين ولأعذال الظالمين وأدغال الآثمين وحيلة المستشرين, الذين وصفهم الله تعالى في كتابه بأنهم‏ {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم‏} ويحسبونه‏ {هينا وهو عند الله عظيم} وكثرة أذاهم لي مرة بعد أخرى, حتى سموني أذنا وزعموا أني هو لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه وهواه وقبوله مني, حتى أنزل الله تعالى في ذلك لا إله إلا هو {الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم‏} إلى آخر الآية, ولو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لأسمينهم, وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت, وأن أدل عليهم لدللت, ولكني والله بسترهم قد تكرمت, وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل إلي‏ {بلغ ما أنزل إليك من ربك‏} إلى آخر الآية, واعلموا معاشر الناس ذلك وافهموه, واعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما, فرض طاعته على المهاجرين والأنصار, وعلى التابعين بإحسان, وعلى البادي والحاضر, وعلى العجمي والعربي, وعلى الحر والمملوك, والصغير والكبير, وعلى الأبيض والأسود, وعلى كل موجود ماض حكمه, وجاز قوله, ونافذ أمره, ملعون من خالفه, ومرحوم من صدقه, قد غفر الله لمن سمع وأطاع له. [41]

 

عن عبد الله بن العباس:‏ لما أمر الله نبيه | بأن يقوم بغدير خم فيقول في علي × ما قال, قال: أي رب إن قريشا حديثو عهد بالجاهلية ومتى أفعل هذا يقولوا فعل بابن عمه كذا كذا, فلما قضى حجه رجع إليه جبرائيل × فقال: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ فقام رسول الله | وأخذ بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه‏. [42]

 

عن زياد بن المنذر, عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال:‏ قوله عز وجل‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل‏} الآية, وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أنزل {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} في ولاية علي بن أبي طالب ×, أمر رسول الله | أن يقوم فينادي بذلك في ولاية علي بن أبي طالب ×, وكان الناس فيهم بعد ما فيهم, فضاق برسول الله | بذلك ذرعا, واشتد عليه أن يقوم بذلك كراهية فساد قلوبهم, فأنزل الله جل جلاله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك}‏ فلما نزلت هذه الآية قام رسول الله | وذلك بغدير خم, فقال: يا أيها الناس إن الله أمرني بالوصف, فقالوا: سمعنا وأطعنا, فقال: اللهم اشهد, ثم قال: إن الأمة لا تحل شيئا ولا تحرم شيئا, ألا كل مسكر حرام ألا ما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام, أسمعتم؟ قالوا: سمعنا وأطعنا, قال: أيها الناس من أولى الناس بكم؟ قالوا: الله ورسوله, قال: يا علي قم, فقام علي × فقال |: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, أسمعتم ؟ قالوا: سمعنا وأطعنا, قال |: فليبلغ الشاهد الغائب. [43]

 

عن أبي عبد الله جعفر الصادق ×:‏ لم يمض بعد كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب إلا أنزل الله‏ تبارك وتعالى على نبيه | بكراع الغميم‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ في علي‏ × {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ فذكر قيام رسول الله | بالولاية بغدير خم قال: ونزل جبرئيل × بقول الله عز وجل‏ {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} بعلي أمير المؤمنين × في هذا اليوم أكمل لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم, وأتم عليكم نعمته, ورضي لكم الإسلام دينا, فاسمعوا له وأطيعوا, تفوزوا وتغنموا. [44]

 

عن أبي جعفر أحمد بن المعافى‏ قال: حدثني علي بن موسى الرضا, عن أبيه, عن جده جعفر عليهم السلام قال: يوم غدير خم يوم شريف عظيم, أخذ الله الميثاق لأمير المؤمنين ×, أمر محمدا | أن ينصبه للناس علما, وشرح الحال وقال ما هذا لفظه: ثم هبط جبرئيل × فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته, ومن يقوم بأمرهم من بعدك, وأكد ذلك في كتابه فقال‏ {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}‏ فقال: أي رب ومن ولي أمرهم بعدي؟ فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين, ولم يعبد وثنا, ولا أقسم بزلم,‏ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين × وإمامهم وسيد المسلمين, وقائد الغر المحجلين, فهو الكلمة التي ألزمتها المتقين, والباب الذي أوتى منه,‏ من أطاعه أطاعني, ومن عصاه عصاني, فقال رسول الله | أي رب إني أخاف قريشا والناس على نفسي وعلي ×, فأنزل الله تبارك وتعالى وعيدا وتهديدا {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏. في علي‏ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ ثم ذكر صورة ما جرى بغدير خم من ولاية علي ×. [45]

 

عن عبد الله بن عباس‏ قال: أراد رسول الله | أن يبلغ بولاية علي × فأنزل الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك‏} الآية, فلما كان يوم غدير خم, فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألست أني أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه. [46]

 

قال ابن عباس ومحمد بن علي الباقر ×:‏ لما نزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} أخذ النبي | بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه. [47]

 

عن النبي |‏ أنه أقام أمير المؤمنين × بغدير خم بعد نزول هذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}‏ ثم أنزل الله: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فكان إكمال الدين بإقامة الإمام‏. [48]

 

عن ابن عباس:‏ {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏} يعني إن كتمت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ ما نزل على رسول الله | يوم غدير خم في علي بن أبي طالب ×. [49]

 

عن أبي عبد الله × قال:‏ لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين × للناس في قوله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏} في علي بغدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رءوسهم, فقال لهم إبليس: ما لكم؟ فقالوا: إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شي‏ء إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس: كلا إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني، فأنزل الله على رسوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه}‏ الآية. [50]

 

عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر × وسأله عن قوله عز وجل‏ {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين‏} قال: لما أمر الله نبيه |‏ أن ينصب أمير المؤمنين × للناس وهو قوله‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ في علي‏ {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}‏ أخذ رسول الله | بيد علي × بغدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, حثت الأبالسة التراب على رءوسها, فقال لهم إبليس الأكبر لعنه الله: ما لكم؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل اليوم عقدة لا يحلها شي‏ء إلى يوم القيامة, فقال لهم إبليس: كلا إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة, ولن يخلفوني فيها, فأنزل الله سبحانه هذه الآية {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين‏} يعني شيعة أمير المؤمنين‏ ×. [51]

 

عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: أولم يأمر الله عز وجل نبيه | بتبليغ ما عهده إليه في وصيه وإظهار إمامته وولايته بقوله‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ فبلغ رسول الله | ما قد سمع, وعلم أن الشياطين اجتمعوا إلى إبليس فقالوا له: ألم تكن أخبرتنا أن محمدا | إذا مضى نكثت أمته عهده ونقضت سنته, وأن الكتاب الذي جاء به يشهد بذلك, وهو قوله‏ {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم}‏ فكيف‏ يتم هذا وقد نصب لأمته علما وأقام لهم إماما؟ فقال لهم إبليس: لا تجزعوا من هذا فإن أمته ينقضون عهده, ويغدرون بوصيه من بعده, ويظلمون أهل بيته, ويهملون ذلك لغلبة حب الدنيا على قلوبهم, وتمكن الحمية والضغائن في نفوسهم, واستكبارهم وعزهم فأنزل الله تعالى‏ {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين‏}. [52]

 

عن محمد بن كعب القرظي قال: كان النبي | يتحارسه أصحابه, فأنزل الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏} قال: فترك الحرس حين أخبره الله تعالى أنه يعصمه من الناس لقوله‏ {والله يعصمك من الناس‏}. [53]

 

عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري، عن أبيه ‘: ثم أمره بإظهار ما أولاك لأمته، إعلاء لشأنك، وإعلانا لبرهانك، ودحضا للأباطيل، وقطعا للمعاذير، فلما أشفق من فتنة الفاسقين، واتقى فيك المنافقين، أوحى الله رب العالمين: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}» فوضع على نفسه أوزار المسير، ونهض في رمضاء الهجير، فخطب فأسمع، ونادى فأبلغ، ثم سألهم أجمع، فقال: هل بلغت؟ فقالوا: اللهم بلى، فقال: اللهم اشهد. [54]

 

عن أبي عبد الله جعفر بن محمد :‏ ...وإن رسول الله | لما انصرف من حجة الوداع وصار بغدير خم, أمر الله عز وجل جبرئيل × أن يهبط على النبي | وقت قيام الظهر من ذلك اليوم, وأمره أن يقوم بولاية أمير المؤمنين ×, وأن ينصبه علما للناس بعده, وأن يستخلفه في أمته, فهبط إليه وقال له: حبيبي محمد إن السلام يقرئك السلام ويقول لك: قم في هذا اليوم بولاية علي × ليكون علما لأمتك بعدك يرجعون إليه ويكون لهم كأنت, فقال النبي |: حبيبي جبرئيل إني أخاف تغير أصحابي لما قد وتروه وأن يبدوا ما يضمرون فيه, فعرج وما لبث أن هبط بأمر الله فقال له {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ فقام رسول الله | ذعرا مرعوبا خائفا من شدة الرمضاء, وقدماه تشويان, وأمر بأن ينظف الموضع ويقم ما تحت الدوح من الشوك وغيره ففعل ذلك, ثم نادى بالصلاة جامعة, فاجتمع المسلمون وفيمن اجتمع أبو بكر وعمر وعثمان وسائر المهاجرين والأنصار, ثم قام خطيبا وذكر بعده الولاية فألزمها للناس جميعا, فأعلمهم أمر الله بذلك, فقال قوم ما قالوا, وتناجوا بما أسروا... [55]

 

* بمصادر العامة:

عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول الله |‏ في حجته التي حج, فنزلنا بغدير خم, فنودي فينا الصلاة جامعة, وكسح لرسول الله | بين شجرتين, فصلى بنا الظهر, وأخذ بيد علي × وقال: ألست‏ {أولى بالمؤمنين من أنفسهم‏} قالوا: بلى يا رسول الله, قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى, قال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, قال: فلقيه عمر بن الخطاب فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب, أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. [56]

 

عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية {يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك} على رسول الله | يوم غدير خم في علي بن أبي طالب ×. [57]

 

عن زيد بن أرقم, عن رسول الله | في حديث طويل: لا إله إلا هو، وقد أعلمني أني إذا لم أبلغ ما أنزل إلي من ربي فما بلغت رسالته، وقد تضمن لي العصمة، وهو الله الكافي الكريم، أوحى إلي: بسم الله الرحمن الرحيم {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} إلى آخر الآية. معاشر الناس وما قصرت فيما بلغت، ولا قعدت عن تبليغ ما نزله، وأنا أبين لكم سبب نزول هذه الآية: إن جبرئيل هبط علي مرارا ثلاثا يأمرني عن السلام رب السلام أن أقوم في هذا المشهد وأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب × أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي، الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وهو وليكم من بعد الله ورسوله، وقد أنزل الله بذلك آية هي {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} وعلي ابن أبي طالب × الذي أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع، يريد الله تعالى في كل حال, فسألت جبرئيل × أن يستعفي لي السلام من تبليغ ذلك إليك, أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين، ولإعدال الآيمين وإدغال الآثمين، وحيلة المستسرين الذي وصفهم الله تعالى في كتابه بأنهم {قولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم}، وكثرة أذاهم لي مرة بعد مرة حتى سموني أذنا، وزعموا أني هو لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه وقبوله مني، حتى أنزل الله في ذلك لا إله إلا هو {الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم} إلى آخر الآية. ولو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لأسميتهم، وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت، وأن أدل عليهم لدللت، ولكني والله بسرهم قد تكرمت، وكل ذلك لا يرضي الله إلا أن أبلغ ما أنزل الله إلي {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} الآية. فاعلموا معاشر الناس ذلك وافهموه. واعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما، فرض طاعته على المهاجرين والأنصار، وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادي والحاضر، وعلى العجمي والعربي، وعلى الحر والمملوك والصغير والكبير، وعلى الأبيض والأسود، وعلى كل موحد ماض حكمه وجائز قوله ونافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من صدقه، قد غفر الله لمن سمع وأطاع له. [58]

 

قال جعفر بن محمد ×: معناه بلغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي بن أبي طالب ×, فلما نزلت هذه الآية أخذ النبي | بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. [59]

 

عن أبي هريرة, عن النبي | قال: لما أسري بي إلى السماء سمعت نداء من تحت العرش أن عليا راية × الهدى وحبيب من يؤمن بي‏ بلغ يا محمد، قال: فلما نزل النبي | أسر ذلك، فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏} في علي بن أبي طالب × {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏}. [60]

 

عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سمعت رسول الله | يقول يوم غدير خم وتلا هذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}‏ ثم رفع يديه حتى يرى بياض إبطيه‏ ثم قال: ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: اللهم اشهد. [61]

 

عن ابن عباس‏ في قوله عز وجل: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ الآية، قال: نزلت في علي ×، أمر رسول الله | أن يبلغ فيه، فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. [62]

 

عن زياد بن المنذر أنه قال: ‏ كنت عند أبي جعفر محمد بن علي × وهو يحدث الناس إذ قام إليه رجل من أهل البصرة يقال له: عثمان الأعشى كان يروي عن الحسن البصري فقال له: يا ابن رسول الله جعلني الله فداك, إن الحسن يخبرنا أن هذه الآية نزلت بسبب رجل, ولا يخبرنا من الرجل {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} فقال: لو أراد أن يخبر به لأخبر به، ولكنه يخاف، إن جبرئيل × هبط على النبي | فقال له: إن الله يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم. فدلهم عليها، ثم هبط فقال: إن الله يأمرك أن تدل أمتك على زكاتهم. فدلهم عليها، ثم هبط فقال: إن الله يأمرك أن تدل أمتك على صيامهم. فدلهم، ثم هبط فقال: إن الله يأمرك أن تدل أمتك على حجهم ففعل، ثم هبط فقال: إن الله يأمرك أن‏ تدل أمتك على وليهم على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم ليلزمهم الحجة في جميع ذلك. فقال رسول الله |: يا رب إن قومي قريبو عهد بالجاهلية وفيهم تنافس وفخر، وما منهم رجل إلا وقد وتره وليهم وإني أخاف, فأنزل الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏} يريد فما بلغتها تامة {والله يعصمك من الناس‏} فلما ضمن الله له‏ بالعصمة وخوفه‏, أخذ بيد علي بن أبي طالب × ثم قال: يا أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأحب من أحبه, وأبغض من أبغضه. قال زياد: فقال عثمان: ما انصرفت إلى بلدي بشي‏ء أحب إلي من هذا الحديث. [63]

 

عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله محمدا | أن ينصب عليا × للناس ليخبرهم بولايته, فتخوف رسول الله | أن يقولوا حابى ابن عمه, وأن يطعنوا في ذلك عليه‏, فأوحى الله إليه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏} الآية، فقام رسول الله | بولايته يوم غدير خم. [64]

 

عن عبد الله بن عباس, عن النبي |‏ وساق‏ حديث المعراج إلى أن قال: وإني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وإنك رسول الله وإن عليا وزيرك. قال ابن عباس: فهبط رسول الله | فكره أن يحدث الناس بشي‏ء منها, إذ كانوا حديثي‏ عهد بالجاهلية, حتى مضى من ذلك ستة أيام، فأنزل الله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك}‏ فاحتمل رسول الله | حتى كان يوم الثامن عشر، أنزل الله عليه‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ ثم إن رسول الله | أمر بلالا حتى يؤذن في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا خرج إلى غدير خم، فخرج رسول الله | والناس من الغد، فقال: يا أيها الناس إن الله أرسلني إليكم برسالة, وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني, حتى عاتبني ربي فيها بوعيد أنزله علي بعد وعيد، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب × فرفعها حتى رأى الناس بياض إبطيهما ثم قال: أيها الناس الله مولاي وأنا مولاكم, فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله. وأنزل الله: {اليوم أكملت لكم دينكم}‏. [65]

 

عن حذيفة بن اليمان قال: كنت والله جالسا بين يدي رسول الله | وقد نزل بنا غدير خم، وقد غص المجلس بالمهاجرين والأنصار، فقام رسول الله | على قدميه فقال: يا أيها الناس إن الله أمرني بأمر فقال: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ ثم نادى علي بن أبي طالب × فأقامه عن يمينه ثم‏ قال: يا أيها الناس ألم تعلموا أني أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: اللهم بلى. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. فقال حذيفة: فو الله لقد رأيت معاوية قام وتمطى وخرج مغضبا واضع يمينه على عبد الله بن قيس الأشعري ويساره على المغيرة بن شعبة, ثم قام يمشي متمطيا وهو يقول: لا نصدق محمدا على مقالته ولا نقر لعلي بولايته، فأنزل الله تعالى: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى، ثم ذهب إلى أهله يتمطى}‏ فهم به رسول الله | أن يرده فيقتله فقال: له جبرئيل ×: {لا تحرك به لسانك لتعجل به‏} فسكت عنه. [66]

 

عن أبي حمزة قال: {يا أيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك} نزلت في شأن الولاية. [67]

 

عن زيد بن علي ×، قال: لما جاء جبرئيل × بأمر الولاية، ضاق النبي | بذلك ذرعا، وقال: قومي حديثوا عهد بجاهلية، فنزلت. [68]

 

عن ابن عباس، قال: لما أمر الله رسوله | أن يقوم بعلي × فيقول له ما قال، فقال: يا رب إن قومي حديثوا عهد بجاهلية، ثم مضى بحجه، فلما أقبل راجعا نزل بغدير خم أنزل الله عليه: {يا أيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فأخذ بعضد علي ×، ثم خرج إلى الناس، فقال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وأعن من أعانه، واخذل من خذله، وانصر من نصره، وأحب من أحبه, وابغض من أبغضه، قال ابن عباس: فوجبت والله في رقاب القوم. [69]

 

 

{اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم} المائدة: 3

 

عن زرارة, عن أبي جعفر × قال: آخر فريضة أنزلها الله الولاية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فلم ينزل من الفرائض شي‏ء بعدها حتى قبض الله رسوله |. [70]

 

عن جعفر بن محمد الخزاعي, عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: لما نزل رسول الله | عرفات يوم الجمعة, أتاه جبرئيل × فقال له: يا محمد إن الله يقرئك السلام, ويقول لك قل لأمتك {اليوم أكملت لكم دينكم} بولاية علي بن أبي طالب × {وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} ولست أنزل عليكم بعد هذا، قد أنزلت عليكم الصلاة والزكاة والصوم والحج وهي الخامسة, ولست أقبل هذه الأربعة إلا بها. [71]

 

عن زرارة, والفضيل بن يسار, وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية قالوا جميعا: قال أبو جعفر ×: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، وكانت الولاية آخر الفرائض, فأنزل الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} قال أبو جعفر ×: يقول الله عز وجل: لا انزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرايض. [72]

 

عن القاسم بن مسلم, عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنا في أيام علي بن موسى الرضا ‘ بمرو, فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعة في بدء مقدمنا, فإذا رأى الناس أمر الإمامة وذكروا كثره اختلاف الناس فيها, فدخلت على سيدي ومولاي الرضا × فأعلمته ما خاض الناس فيه, فتبسم × ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم, ان الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه | حتى أكمل له الدين, وانزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ, بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا, فقال عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شئ} وانزل في حجه الوداع وفي آخر عمره | {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} وأمر الإمامة في تمام الدين, ولم يمض | حتى بين لامته معالم دينهم, وأوضح لهم سبيلهم, وتركهم على قصد الحق, وأقام لهم عليا × علما واماما, وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه, فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل, ومن رد كتاب الله فهو كافر, هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟ [73]

 

عن أبي الجارود، عن أبي جعفر × قال: سمعت أبا جعفر × يقول: فرض الله عز وجل على العباد خمسا، أخذوا أربعا وتركوا واحدا، قلت: أتسميهن لي جعلت فداك؟ فقال: الصلاة - وعد الفرائد الى ان قال - ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب × فقال عند ذلك رسول الله |: أمتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل، ويقول قائل - فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني - فأتتني عزيمة من الله عز وجل بتلة أوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني، فنزلت {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله، ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن ادعى فأجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب. قال أبو جعفر ×: كان والله علي × أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه. [74]

 

عن جابر بن يزيد, عن أبي جعفر ×, عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: نحن موالي رسول الله |, فخرج رسول الله | إلى حجة الوادع, ثم صار إلى غدير خم, فأمر فأصلح له شبه المنبر ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعا صوته قائلا في محفله: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه. فكانت على ولايتي ولاية الله, وعلى عداوتي عداوة الله, وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره. [75]

 

عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله | لما أسري به إلى السماء، انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له النور، وهو قول الله عز وجل: {خلق الظلمات والنور}، فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال: له جبرئيل ×: يا محمد، اعبر على بركة الله، فقد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه، ثم أخرج منه، فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقربا، له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان، كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر. فعبر رسول الله |، حتى انتهى إلى الحجب، والحجب خمسمائة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: تقدم يا محمد. فقال له: يا جبرئيل، ولم لا تكون معي؟ قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان. فتقدم رسول الله | ما شاء الله أن يتقدم، حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى: أنا المحمود، وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتلته, انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا وزيرك. فهبط رسول الله |، فكره أن يحدث الناس بشئ كراهية أن يتهموه، لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية، حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك وتعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك}، فاحتمل رسول الله | ذلك حتى كان يوم الثامن، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}، فقال رسول الله |: تهديد بعد وعيد، لأمضين أمر الله عز وجل، فإن يتهموني ويكذبوني، فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة. قال: وسلم جبرئيل على علي × بإمرة المؤمنين، فقال علي ×: يا رسول الله، أسمع الكلام ولا أحس الرؤية. فقال: يا علي، هذا جبرئيل، أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني. ثم أمر رسول الله | رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بإمرة المؤمنين، ثم قال: يا بلال، ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم، فلما كان من الغد خرج رسول الله | بجماعة أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة، وإني ضقت بها ذرعا مخافة ان تتهموني وتكذبوني حتى أنزل الله علي وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك وتعالى أسرى بي وأسمعني وقال: يا محمد، أنا المحمود، وأنت محمد، شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتلته، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي، وأن عليا × وزيرك. ثم أخذ | بيدي علي بن أبي طالب ×، فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما، ولم ير قبل ذلك، ثم قال: أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى مولاي، وأنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. [76] فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيع: نبرأ إلى الله من مقالة ليس بحتم، ولا نرضى أن يكون علي وزيره، هذه منه عصبية. فقال سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار بن ياسر: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا}، فكرر رسول الله | ذلك ثلاثا، ثم قال: إن كمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب بإرسالي إليكم، بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب ×. وصلى الله على محمد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل. [77]

 

عن الصادق × في حديث طويل: ولما قضى رسول الله | نسكه, وقفل إلى المدينة, وانتهى إلى الموضع المعروف: "بغدير خم" وليس بموضع للنزول لعدم الماء والمرعى, فنزل عليه جبرئيل × وأمره أن يقيم عليا × وينصبه إماما للناس, فقال: إن أمتي حديثو عهد بالجاهلية, فنزل عليه: أنها عزيمة لا رخصة فيها, ونزلت الآية {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏} فنزل رسول الله | بالمكان الذي ذكرنا ونزل المسلمون حوله‏. إلى أن قال: ثم نادى بأعلى صوته: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى, فقال لهم على النسق وقد أخذ بضبعي علي × فرفعهما فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله, إلى أن قال: ثم أمر عليا × أن يجلس في خيمة له, ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا فيهنئوه بالخلافة ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين, ففعل الناس ذلك فنزلت: {اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي‏}. [78]

 

عن أبي عبد الله, عن أبيه, عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين: إن آخر ما أنزل الله عز وجل من الفرائض ولاية علي ×, فخاف رسول الله | إن بلغها الناس أن يكذبوه ويرتد أكثرهم حسدا له لما علمه في صدور كثير منهم له، فلما حج حجة الوداع‏ وخطب بالناس بعرفة، وقد اجتمعوا من كل افق لشهود الحج معه، علمهم في خطبته معالم دينهم وأوصاهم وقال في خطبته: أني خشيت ألا أراكم ولا تروني بعد يومي هذا في مقامي هذا, وقد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به بعدي لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتى, فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، حبل ممدود من السماء إليكم، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، وأجمل | ذكر الولاية في أهل بيته إذ علم أن ليس فيهم أحد ينازع فيها عليا ×, وأن الناس إن سلموها لهم سلمو بما هم لعلي ×، واتقى عليه وعليهم أن يقيمه هو بنفسه، فلما قضى حجه، وانصرف وصار الى غدير خم، أنزل الله عز وجل عليه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فقام بولاية علي × ونص عليه كما أمر الله تعالى فأنزل الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. [79]

 

عن زرارة بن أعين الشيباني قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد × قال‏: لما خرج رسول الله | إلى مكة في حجة الوداع فلما انصرف منها - وفي خبر آخر: وقد شيعه من مكة اثنا عشر ألف رجل من اليمن وخمسة ألف رجل من المدينة - جاءه جبرئيل × في الطريق فقال له: يا رسول الله إن الله تعالى يقرؤك السلام، وقرأ هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك} فقال له رسول الله |: يا جبرئيل إن الناس حديثو عهد بالاسلام فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرئيل × إلى مكانه ونزل عليه في يوم الثاني، وكان رسول الله | نازلا بغدير، فقال له: يا محمد {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فقال له: يا جبرئيل أخشى من أصحابي أن يخالفوني، فعرج جبرئيل × ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله | بموضع يقال له غدير خم وقال له: {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما سمع رسول الله | هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، وصعدها وأخرج معه عليا × وقام قائما وخطب خطبة بليغة وعظ فيها وزجر، ثم قال في آخر كلامه: يا أيها الناس ألست أولى بكم منكم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله ثم قال: قم يا علي، فقام علي × فأخذ بيده فرفعها حتى رئي بياض إبطيهما، ثم قال: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله، ثم نزل من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنين × وهنؤوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب، فقال له: يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ونزل جبرئيل × بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا}. [80]

 

عن أمير المؤمنين × في احتجاج طوبل على المهاجرين والأنصار: فأمر الله عز وجل أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم. فنصبني للناس بغدير خم، ثم خطب وقال: أيها الناس، إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس تكذبني فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني. ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة، ثم خطب فقال: أيها الناس، أتعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: قم، يا علي. فقمت، فقال: من كنت مولاه فعلي هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام سلمان فقال: يا رسول الله، ولاء كما ذا؟ فقال: ولاء كولايتي، من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه. فأنزل الله تعالى ذكره: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. فكبر النبي | وقال: الله أكبر، تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي. فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله، هذه الآيات خاصة في علي؟ قال: بلى، فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة. قالا: يا رسول الله، بينهم لنا. قال: علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي حوضي. فقالوا كلهم: اللهم نعم، قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء. وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا. فقال علي ×: صدقتم، ليس كل الناس يستوون في الحفظ. [81] أنشد الله من حفظ ذلك من رسول الله | لما قام فأخبر به. فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وأبو ذر والمقداد وعمار فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول النبي | وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: يا أيها الناس، إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي، وأمركم فيه بولايته. وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم، فأوعدني لتبلغنها أو ليعذبني. أيها الناس، إن الله أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم، وبالزكاة والصوم والحج فبينتها لكم وفسرتها، وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا, خاصة ووضع يده على علي بن أبي طالب ×, ثم لابنيه بعده ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم، لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي حوضي. أيها الناس، قد بينت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم بعدي ووليكم وهاديكم، وهو أخي علي بن أبي طالب وهو فيكم بمنزلتي فيكم. فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله من علمه وحكمته فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم، فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم. ثم جلسوا. [82]

 

عن أبي سعيد الخدري‏: أن رسول الله | دعا الناس إلى علي × بغدير خم، وأمر بما كان تحت الشجرة من الشوك، فقم وذلك يوم الخميس، ثم دعا عليا × وأخذ بضبعيه ورفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. فقال رسول الله |: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي وبالولاية لعلي × من بعدي, ثم‏ قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

فقال حسان بن ثابت: ائذن لي يا رسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن، فقال |: قل على بركة الله، فقام حسان، فقال: يا معشر مشيخة قريش اسمعوا قولي بشهادة رسول الله |:

يناديهم يوم الغدير نبيهم ... بخم فأكرم بالرسول مناديا

يقول: فمن مولاكم و وليكم ... فقالوا: ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا و أنت ولينا ... ولا تجدن منا لك الدهر عاصيا

فقال له: قم يا علي فإنني ... رضيتك من بعدي إماما و هاديا. [83]

 

عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت مولاي جعفر بن محمد الصادق × عن قول الله عز وجل: {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين‏} فقال جعفر بن محمد ×: الحجة البالغة: التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله‏ كما يعلمها العالم بعلمه، لأن الله تعالى أكرم وأعدل من أن يعذب أحدا إلا بحجة. ثم تلا جعفر بن محمد ×: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}. ثم أنشأ جعفر بن محمد × محدثا يقول: ما مضى رسول الله | إلا بعد إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب، وأنزل الله على نبيه | بكراع الغميم‏: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} لأن رسول الله | خاف الارتداد من المنافقين الذين كانوا يسرون عداوة علي ×، ويعلنون موالاته خوفا من القتل، فلما صار النبي | بغدير خم بعد انصرافه من حجة الوداع، انتصب للمهاجرين والأنصار قائما يخاطبهم، فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه: معاشر المهاجرين والأنصار، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله |: اللهم اشهد. ثلاثا. ثم قال: يا علي. فقال: لبيك يا رسول الله. فقال له: قم، فإن الله أمرني أن أبلغ فيك رسالاته، أنزل بها جبرئيل‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏}. فقام إليه علي ×، فأخذ رسول الله | بضبعه فشاله، حتى رأى الناس بياض إبطيهما، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله- فأول قائم قام من المهاجرين والأنصار عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. فنزل جبرئيل × بقول الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فبعلي أمير المؤمنين × في هذا اليوم أكمل الله لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم، وأتم عليكم نعمته، ورضي لكم الإسلام دينا، فاسمعوا له وأطيعوا له تفوزوا. واعلموا أن مثل علي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن تقدمها مرق، ومثل علي فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله كان آمنا ونجا، ومن تخلف عنه هلك وغوى. فما مر على المنافقين يوم كان أشد عليهم منه‏. [84]

 

عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: لما انصرف رسول الله | من حجة الوداع نزل أرضا يقال لها: ضوجا، فنزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما نزلت عصمته من الناس، نادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إليه وقال |: من أولى منكم بأنفسكم؟ فضجوا بأجمعهم، وقالوا: الله ورسوله. فأخذ بيد علي بن أبي طالب ×، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فإنه مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وكانت آخر فريضة فرضها الله تعالى على امة محمد |، ثم أنزل الله تعالى على نبيه‏ {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. قال أبو جعفر ×: فقبلوا من رسول الله | كل ما أمرهم الله من الفرائض في الصلاة والصوم والزكاة والحج، وصدقوه على ذلك. قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر ×: متى كان ذلك؟ قال: لسبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشر، عند منصرفه من حجة الوداع، وكان بين ذلك وبين وفاة النبي | مائة يوم‏، وكان سمع رسول الله | بغدير خم اثنا عشر رجلا. [85]

 

عن أبي عبد الله جعفر الصادق ×: لم يمض بعد كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب إلا أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه | بكراع الغميم {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} - فذكر قيام رسول الله | بالولاية بغدير خم - قال: ونزل جبرئيل × بقول الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} بعلي أمير المؤمنين ×, في هذا اليوم أكمل لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم, وأتم عليكم نعمته, ورضي لكم الإسلام دينا, فاسمعوا له وأطيعوا تفوزوا وتغنموا. [86]

 

عن أبي عبد الله × {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} قال: بعلي بن أبي طالب ×. [87]

 

عن يقطين الجواليقي, عن جعفر, عن أبيه ‘ في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} قال: نزلت في علي بن أبي طالب × خاصة دون الناس. [88]

 

عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر × يقول: حين أنزل الله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} قال: فكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب ×. [89]

 

عن ابن عباس في تفسير الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم} بالنبي | {وأتممت عليكم نعمتي}‏ بعلي × {ورضيت لكم الإسلام دينا} بعرفات. [90]

 

في حديث المفاخرة بين الإمام الحسين × وأمير المؤمنين ×, قال أمير المؤمنين ×: انا نعمة الله تعالى التي أنعم الله بها على خلقه. انا الذي قال الله تبارك وتعالى في، وفى حقي: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} فمن أجنى كان مسلما مؤمنا كامل الدين. [91]

 

عن محمد بن مسلم, عن أبي جعفر × قال:‏ آخر فريضة أنزلها الله تعالى الولاية, ثم لم ينزل بعدها فريضة, ثم نزل {اليوم أكملت لكم دينكم} بكراع الغميم, فأقامها رسول الله | بالجحفة, فلم ينزل بعدها فريضة. [92]

 

عن الإمامين أبي جعفر وأبي عبد الله ‘: أنه إنما أنزل بعد أن نصب النبي | عليا × للأنام، يوم غدير خم منصرفه عن حجة الوداع، قالا: وهو آخر فريضة أنزلها الله تعالى، ثم لم ينزل بعدها فريضة. [93]

 

عن أمير المؤمنين ×، قال: سمعت رسول الله | يقول: بني الإسلام على خمس خصال: على الشهادتين والقرينتين, قيل له: أما الشهادتان فقد عرفناهما، فما القرينتان؟ قال: الصلاة والزكاة، فإنه لا يقبل أحدهما إلا بالأخرى، والصيام، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، وختم ذلك بالولاية، فأنزل الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. [94]

 

عن فضيل, عن أبي جعفر × قال: بني الإسلام على خمس: الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية, ولم يناد بشي‏ء ما نودي بالولاية يوم الغدير. [95]

 

عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري ان العالم كتب إليه يعنى الحسن بن علي ‘: ان الله تعالى بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه إليكم لا إله إلا هو ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم, وليمحص ما في قلوبكم, ولتتسابقوا إلى رحمته، ولتتفاضل منازلكم في جنته, ففوض عليكم الحج والعمرة وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية, وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرايض، ومفتاحا إلى سبيله، ولولا محمد | والأوصياء من ولده كنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرايض, وهل تدخل قرية إلا من بابها، فلما من الله عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم | قال الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} وفرض عليكم لأوليائه حقوقا, فأمركم بأدائها إليهم ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشربكم, ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة, وليعلم من يطيعه منكم بالغيب, وقال الله تبارك وتعالى {قل لا أسئلكم عليه اجرا إلا المودة في القربى} فاعلموا ان من يبخل فإنما يبخل على نفسه, ان الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه, لا إله إلا هو, فاعملوا من بعد ما شئتم {فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة, فينبئكم بما كنتم تعملون, والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين. [96]

 

عن معاوية بن عمار, عن الحسن بن عبد الله, عن أبيه, عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب × قال: جاء نفر من اليهود الى رسول الله | - الى ان قال - قال اليهودي: فأخبرني عن فضلكم أهل البيت. قال النبي |: لي فضل على النبيين، فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة، وأنا أخرت دعوتي لامتي لأشفع لهم يوم القيامة، وأما فضل أهل بيتي وذريتي على غيرهم كفضل الماء على كل شئ، وبه حياة كل شئ وحب أهل بيتي وذريتي استكمال الدين، وتلا رسول الله | هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} إلى آخر الآية. [97]

 

عن ابن عباس قال: بينما النبي | وعلي بن أبي طالب ×بمكة أيام الموسم إذا التفت النبي | إلى علي × وقال: هنيئا لك وطوبى لك يا أبا الحسن، إن الله قد أنزل علي آية محكمة غير متشابهة، ذكري وإياك فيها سواء، فقال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} بيوم عرفة ويوم جمعة، هذا جبرئيل × يخبرني عن الله تعالى أن الله يبعثك وشيعتك يوم القيامة ركبانا غير رجال على نجائب رحائلها من النور، فتناخ عند قبورهم، فيقال لهم: اركبوا يا أولياء الله، فيركبون صفا معتدلا أنت أمامهم إلى الجنة، حتى إذا صاروا إلى الفحص ثارت في وجوههم ريح يقال لها المثيرة، فتذري في وجوههم المسك الأذفر، فينادون بصوت لهم: نحن العلويون فيقال لهم: إن كنتم العلويون فأنتم الآمنون، ولاخوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون. [98]

 

عن عمارة بن زيد, عن الإمام الصادق, عن أبي ‘ في حديث طويل: إنا نحن نتوارث الكمال والتمام اللذين أنزلهما الله على نبيه | في قوله {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} والأرض لا تخلو ممن يكمل هذه الأمور التي يقصر غيرنا عنها. [99]

 

عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه, عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله |: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي, وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل فيه الدين وأتم على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا, ثم قال |: معاشر الناس علي مني وأنا من علي, خلق من طينتي وهو إمام الخلق بعدي, يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي، وهو أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين، وخير الوصيين، وزوج سيدة نساء العالمين ÷، وأبو الأئمة المهديين. [100] معاشر الناس من أحب عليا أحببته، ومن أبغض عليا أبغضته، ومن وصل عليا وصلته، ومن قطع عليا قطعته، ومن جفا عليا جفوته، ومن والى عليا واليته، ومن عادى عليا عاديته. معاشر الناس أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ولن تؤتي المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا. معاشر الناس والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ما نصبت عليا علما لأمتي في الأرض حتى نوه الله باسمه في سماواته وأوجب ولايته على جميع ملائكته. [101]

 

عن أبي عبد الله × قال‏: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ قال: فقال لي: نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيه محمد | {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} قال: قلت: وأي يوم هو؟ قال: فقال لي: إن أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصية والإمامة من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيدا، وإنه اليوم الذي نصب فيه رسول الله | عليا × للناس علما، وانزل فيه ما انزل، وكمل فيه الدين، وتمت فيه النعمة على المؤمنين، قال: قلت: وأي يوم هو في السنة؟ قال: فقال لي: إن الأيام تتقدم وتتأخر، وربما كان يوم السبت والأحد والاثنين إلى آخر أيام السبعة، قال: قلت: فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم؟ قال: هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد له، وسرور لما من الله به عليكم من ولايتنا، وإني أحب لكم أن تصوموه. [102]

 

عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا, وهو يوم غدير خم لما أخذ رسول الله | بيد علي بن أبي طالب × وقال: ألست {أولى بالمؤمنين}؟ قالوا: نعم يا رسول الله, قال: من كنت مولاه فعلي مولاه, فقال له عمر: بخ بخ يا ابن أبي طالب, أصبحت مولاي ومولى كل مسلم, فأنزل الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم}. [103]

 

عن أبي عبد الله × قال: سمعته يقول: قال أمير المؤمنين ×: والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي خلا محمدا |: لقد فتحت لي السبل, وعلمت الأنساب, وأجري لي السحاب, وعلمت المنايا, والبلايا, وفصل الخطاب, ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربي فما غاب عني ما كان قبلي ولا فاتني ما يكون من بعدي, وإن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم الإسلام, إذ يقول يوم الولاية لمحمد |: يا محمد أخبرهم أني اليوم أكملت لهم دينهم وأتممت عليهم نعمتي ورضيت لهم الإسلام دينا, وكل ذلك منا من الله من به علي فله الحمد. [104]

 

عن أبي عبد الله الصادق × في الدعاء بعد صلاة يوم الغدير: أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت, وأن محمدا عبدك ورسولك, وعليا أمير المؤمنين, وأن الإقرار بولايته تمام توحيدك والإخلاص بوحدانيتك وكمال دينك وتمام نعمتك وفضلك على جميع خلقك وبريتك, فإنك قلت وقولك الحق: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. [105]

 

 

* بمصادر العامة:

عن سليم بن قيس, عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: وأمر الله نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر له من الولاية كما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وحجهم فنصبني للناس بغدير خم فقال: أيها الناس إن الله - جل جلاله - أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس يكذبني فأوعدني ربى. ثم قال: أتعلمون أن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا بلى يا رسول الله. فقال آخذا بيدي: من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه فقام سلمان وقال: يا رسول الله ولاء على ماذا؟ قال: ولاؤه كولائي من كنت أولى به من نفسه فعلى أولى به من نفسه. فنزلت {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} فقال |: الله أكبر باكمال الدين وإتمام النعمة، ورضاء ربي برسالتي وولاية علي بعدي. قالوا: يا رسول الله هذه الآيات في علي خاصة قال: بلى فيه وفى أوصيائي إلى يوم القيامة. قالوا: بينهم لنا. قال: على أخي ووارثي ووصيي وولى كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم الحسين ثم التسعة من ولد الحسين، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا على الحوض. قال بعضهم: قد سمعنا ذلك وشهدنا. وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظ كله، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا. [106]

 

عن أبي سعيد الخدري: ان النبي | يوم دعا الناس إلى غدير خم، امر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم وذلك يوم الخميس، ثم دعا الناس إلى علي × فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطه، ثم لم يتفرقا حتى نزلت {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فقال رسول الله |: الله أكبر على اكمال الدين، واتمام النعمة، ورضى الرب برسالاتي، والولاية لعلي، ثم قال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فقال حسان بن ثابت: ائذن لي يا رسول الله ان أقول أبياتا، قال: قل ببركة الله تعالى، فقال حسان بن ثابت: يا معشر مشيخة قريش، اسمعوا شهادة رسول الله | ثم قال:

يناديهم يوم الغدير نبيهم . بخم وأسمع بالرسول مناديا

بأني مولاكم نعم ونبيكم . فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا ... ولا تجدن في الخلق للأمر عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني ... رضيتك من بعدي إماما وهاديا. [107]

 

عن أبي سعيد الخدري قال: لما نصب رسول الله | عليا × يوم غدير خم فنادى له بالولاية, هبط جبرئيل × عليه بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم}. [108]

 

عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم, لما أخذ رسول الله | بيد علي بن أبي طالب × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال له عمر بن الخطاب بخ بخ لك يا ابن أبي طالب. [109]

 

عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي | بيد علي × فقال: ألست ولي المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب, أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن, وأنزل الله {اليوم أكملت لكم دينكم}. [110]

 

عن أبي هريرة، قال: لما كان يوم غدير خم, وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة, قال النبي |: من كن مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله: {اليوم أكملت لكم دينكم}. [111]

 

عن ابن عباس قال: بينما نحن مع رسول الله | في الطواف إذ قال: أفيكم علي بن أبي طالب ×؟ قلنا: نعم يا رسول الله, فقربه النبي | فضرب على منكبه وقال: طوباك يا علي، أنزلت علي في وقتي هذا آية, ذكري وإياك فيها سواء {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} قال: {أكملت لكم دينكم} بالنبي {وأتممت عليكم نعمتي} بعلي × {ورضيت لكم الإسلام دينا} بالعرب. عن ابن عباس قال: بينما النبي | بمكة أيام الموسم إذ التفت إلى علي × فقال: هنيئا لك يا أبا الحسن, إن الله قد أنزل علي آية محكمة غير متشابهة، ذكري وإياك فيها سواء {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية. [112]

 

عن عبد الله بن عباس, عن النبي | وساق حديث المعراج إلى أن قال: وإني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وإنك رسول الله وإن عليا وزيرك. قال ابن عباس: فهبط رسول الله | فكره أن يحدث الناس بشي‏ء منها إذ كانوا حديثي عهد بالجاهلية, حتى مضى من ذلك ستة أيام، فأنزل الله تعالى {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} فاحتمل رسول الله | حتى كان يوم الثامن عشر، أنزل الله عليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} ثم إن رسول الله | أمر بلالا حتى يؤذن في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا خرج إلى غدير خم، فخرج رسول الله | والناس من الغد، فقال: يا أيها الناس إن الله أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني حتى عاتبني ربي فيها بوعيد أنزله علي بعد وعيد، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب × فرفعها حتى رأى الناس بياض إبطيهما, ثم قال: أيها الناس الله مولاي وأنا مولاكم, فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. وأنزل الله {اليوم أكملت لكم دينكم}. [113]

 

عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله | في سفر، فنزلنا بغدير خم ونودي فينا الصلاة الجامعة، وكسح لرسول الله | تحت شجرتين، وصلى الظهر، وأخذ بيد علي × فقال: ألستم تعلمون أني {أولى بالمؤمنين من أنفهسم}؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وقال فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. [114]

 

قال زيد بن أرقم نزلنا مع رسول الله | بواد يقال له وادي خم، فأمر بالصلاة فصلانها. قال: فخطبنا وظلل لرسول الله | بثوب على شجرة من الشمس، فقال: أو لستم تعلمون، أو لستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. [115]

 

عن أبي الطفيل قال: جمع الناس علي × في الرحبة ثم قال: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله | يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس فشهدوا حين أخذه بيده فقال: أيها الناس أتعلمون أني {أولى بالمؤمنين من أنفسهم}؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. [116]

 

عن أصبغ بن نباتة في حديث أنه قال لأبي هريرة: يا صاحب رسول الله انى أحلفك بالله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، وبحق حبيبه المصطفى | ألا أخبرتني أشهدت غدير خم؟ قال: بلى شهدته، قلت: فما سمعته يقول في علي ×؟ قال: سمعته يقول: من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله. [117]

 

عن أبي سعيد الخدري، أنها نزلت على رسول الله | يوم غدير خم, حين قال لعلي ×: من كنت مولاه، فعلي مولاه. [118]

 

 

{سأل سائل بعذاب واقع (1) للكافرين ليس له دافع (2) من الله ذي المعارج (3) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (4)} المعارج: 1 – 4

 

عن عبد الله بن عباس, عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: أنا الذي نزل على أعدائي {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع‏} بمعنى من أنكر ولايتي, وهو النعمان بن الحارث اليهودي لعنه الله تعالى‏. [119]

 

{سأل سائل بعذاب واقع} سئل أبو جعفر × عن معنى هذا، فقال: نار تخرج من المغرب وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم, فلا تدع دارا لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها, ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد | إلا أحرقتها، وذلك المهدي #. [120]

 

عن أبي عبد الله جعفر بن محمد × في قوله تعالى {سأل سائل بعذاب واقع‏} قال: تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية, يعني نارا, حتى ينتهي إلى الكناسة, كناسة بني أسد, حتى تمر بثقيف لا تدع وترا لآل محمد | إلا أحرقته, وذلك قبل خروج القائم #. [121]

 

عن علي بن حسان, عن عبد الرحمن بن كثير, عن أبي الحسن × في قوله: {سأل سائل بعذاب واقع‏} قال: سأل رجل عن الأوصياء وعن شأن ليلة القدر وما يلهمون فيها، فقال النبي |: سألت عن عذاب واقع, ثم كفر بأن ذلك لا يكون، فإذا وقع ف{ليس له دافع من الله ذي المعارج}‏ قال: {تعرج الملائكة والروح‏} في صبح ليلة القدر إليه من عند النبي | والوصي. [122]

 

عن أبي هريرة قال: طرحت الأقتاب لرسول الله | يوم غدير خم قال: فعلا عليها فحمد الله تعالى وأثنى عليه, ثم أخذ بعضد أمير المؤمنين علي‏ بن أبي طالب × فشالها ورفعها, ثم قال: اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, فقام إليه أعرابي من أوسط الناس فقال: يا رسول الله, دعوتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله, ونشهد أنك رسول الله فصدقنا, وأمرتنا بالصلاة فصلينا, وبالصيام فصمنا, وبالجهاد فجاهدنا, وبالزكاة فأدينا, قال‏: ولم يقنعك إلا أن أخذت بيد هذا الغلام على رءوس الأشهاد؟ فقلت: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه, فهذا عن الله أم عنك؟ قال |: هذا عن الله لا عني, قال: الله الذي لا إله إلا هو لهذا عن الله لا عنك؟ قال: الله الذي لا إله إلا هو لهذا عن الله لا عني, وأعاد ثالثا, فقام الأعرابي مسرعا إلى بعيره وهو يقول‏ {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}‏ واقع قال: فما استتم الأعرابي الكلمات حتى نزلت عليه نار من السماء فأحرقته, وأنزل الله في عقب ذلك‏ {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج}. [123]

 

عن ابن عباس قال: كنت مع رسول الله | إذ دخل علينا عمرو بن الحارث الفهري قال: يا أحمد, أمرتنا بالصلاة والزكاة, أفمنك كان‏ هذا أم من ربك يا محمد؟ قال: الفريضة من ربي, وأداء الرسالة مني حتى أقول ما أديت إليكم إلا ما أمرني ربي, قال: فأمرتنا بحب علي بن أبي طالب زعمت أنه منك كهارون من موسى, وشيعته على نوق غر محجلة يرفلون في عرصة القيامة, حتى يأتي الكوثر فيشرب ويسقي صح هذه الأمة, ويكون زمرة في عرصة القيامة, أبهذا الحب سبق من السماء أم كان منك يا محمد؟ قال |: بلى سبق من السماء, ثم كان مني, لقد خلقنا الله نورا تحت العرش, فقال عمرو بن الحارث: الآن علمت أنك ساحر كذاب يا محمد, ألستما من ولد آدم, قال: بلى, ولكن خلقنا الله‏ نورا تحت العرش قبل أن يخلق الله آدم باثني عشر ألف سنة, فلما أن خلق الله آدم ألقى النور في صلب آدم فأقبل ينتقل ذلك النور من صلب إلى صلب, حتى تفرقنا في صلب عبد الله بن عبد المطلب وأبي طالب ‘, فخلقنا ربي من ذلك النور, لكن لا نبي بعدي, قال: فوثب عمرو بن الحارث الفهري مع اثني عشر رجلا من الكفار وهم ينفضون أرديتهم فيقولون: اللهم إن كان محمد صادقا في مقالته فارم عمرا وأصحابه بشواظ من نار, قال: فرمي عمرو وأصحابه بصاعقة من السماء, فأنزل الله هذه الآية {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج}‏ فالسائل عمرو وأصحابه. [124]

 

عن حسين بن محمد قال: سألت سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل‏ {سأل سائل}‏ فيمن نزلت؟ فقال: يا ابن أخي, لقد سألتني عن شي‏ء ما سألني عنه أحد قبلك, لقد سألت جعفر بن محمد × عن مثل الذي قلت, فقال: أخبرني أبي, عن جدي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: لما كان يوم غدير خم قام رسول الله | خطيبا, فأوجز في خطبته, ثم دعا علي بن أبي طالب ×, فأخذ بضبعيه ثم رفع بيديه حتى رئي بياض إبطيه, وقال للناس: ألم أبلغكم الرسالة؟ ألم أنصح لكم؟ قالوا: اللهم نعم, قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, قال: ففشت هذه في الناس, فبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري, فرحل راحلته, ثم استوى عليها, ورسول الله | إذ ذاك بالأبطح, فأناخ ناقته ثم عقلها, ثم أتى النبي | فسلم, ثم قال: يا عبد الله, إنك دعوتنا إلى أن نقول: لا إله‏ إلا الله ففعلنا, ثم دعوتنا إلى أن نقول إنك رسول الله ففعلنا, وفي القلب ما فيه, ثم قلت لنا صلوا فصلينا, ثم قلت لنا صوموا فصمنا, ثم قلت لنا حجوا فحججنا, ثم قلت لنا: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, فهذا عنك أم عن الله؟ فقال له: بل عن الله, فقالها ثلاثا, فنهض وإنه لمغضب وإنه ليقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا {فأمطر علينا حجارة من السماء} تكون نقمة في أولنا وآية في آخرنا, وإن كان ما يقول محمد كذبا فأنزل به نقمتك, ثم أثار ناقته واستوى عليها, فرماه الله بحجر على رأسه فسقط ميتا, فأنزل الله تبارك وتعالى‏ {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج}‏. [125]

 

عن سعد بن أبي وقاص قال: صلى بنا النبي | صلاة الفجر يوم الجمعة ثم أقبل علينا بوجهه الكريم الحسن وأثنى على الله تبارك وتعالى فقال: أخرج يوم القيامة وعلي بن أبي طالب × أمامي وبيده لواء الحمد, وهو يومئذ من شقتين: شقة من السندس, وشقة من الإستبرق, فوثب إليه رجل أعرابي من أهل نجد من ولد جعفر بن كلاب بن ربيعة فقال: قد أرسلوني إليك لأسألك, فقال: قل يا أخا البادية, قال: ما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقد كثر الاختلاف فيه, فتبسم رسول الله | ضاحكا فقال: يا أعرابي, ولم كثر الاختلاف فيه؟ علي × مني كرأسي من بدني وزري من قميصي, فوثب الأعرابي مغضبا ثم قال: يا محمد, إني أشد من علي بطشا, فهل يستطيع علي أن يحمل لواء الحمد؟ فقال النبي |: مهلا يا أعرابي, فقد أعطي علي × يوم القيامة خصالا شتى: حسن يوسف, وزهد يحيى, وصبر أيوب, وطول آدم, وقوة جبرئيل (عليهم السلام), وبيده لواء الحمد, وكل الخلائق تحت اللواء, يحف به الأئمة والمؤذنون بتلاوة القرآن والأذان, وهم الذين لا يتبددون في قبورهم, فوثب الأعرابي مغضبا وقال: اللهم إن يكن ما قال محمد فيه حقا فأنزل علي حجرا, فأنزل الله فيه: {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج}‏. [126]

 

عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت مولاي جعفر بن محمد الصادق × عن قول الله عز وجل: {فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين}. فقال جعفر بن محمد ‘: لحجة البالغة التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه، لأن الله تعالى أكرم وأعدل من أن يعذب أحدا إلا بحجة. ثم قال جعفر بن محمد ‘: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} ثم أنشأ جعفر بن محمد ‘ محدثا، - وذكر حديثا طويلا - وقال ‘ فيه: أقبل النضر بن الحارث فسلم، فرد عليه النبي |، فقال: يا رسول الله، إذا كنت سيد ولد آدم وأخوك سيد العرب، وابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين، وابناك الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وعمك حمزة سيد الشهداء، وابن عمك ذا جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وعمك العباس جلدة بين عينيك وصنو أبيك، وبنو شيبة لهم السدانة، فما لسائر قومك من قريش وسائر العرب؟ فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنا بما تقول كان لنا ما لك، وعلينا ما عليك. فأطرق رسول الله طويلا، ثم رفع رأسه، ثم قال: ما أنا والله فعلت بهم هذا، بل الله فعل بهم، فما ذنبي؟ فولى النضر بن الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأنزل الله عليه مقالة النضر بن الحارث، وهو يقول: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}‏ ونزلت هذه: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}‏ إلى قوله تعالى: {وهم يستغفرون}‏. فبعث رسول الله | إلى النضر بن الحارث الفهري، وتلا عليه الآية، فقال: يا رسول الله، إني قد أسررت ذلك جميعه، أنا ومن لم تجعل له ما جعلته لك ولأهل بيتك من الشرف والفضل في الدنيا والآخرة، فقد أظهر الله ما أسررنا، أما أنا فأسألك أن تأذن لي فأخرج من المدينة، فإني لا أطيق المقام. فوعظه النبي | فقال: إن ربك كريم، فإن أنت صبرت وتصابرت لم يخلك من مواهبه، فارض وسلم، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره، ويخفف عمن يشاء، وله الأمر والخلق، مواهبه وعظيمة، وإحسانه واسع. فأبي النضر بن الحارث وسأله الإذن، فأذن له رسول الله |. فأقبل إلى بيته، وشد على راحلته راكبا متعصبا، وهو يقول: اللهم، إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم. فلما مر بظهر المدينة، وإذا بطير في مخلبه حجر فجدله، فأرسله إليه، فوقع على هامته، ثم دخل في دماغه، وخرت في بطنه حتى خرجت من دبره، ووقعت على ظهر راحلته وخرت حتى خرجت من بطنها فاضطربت الراحلة وسقطت وسقط النضر بن الحارث من عليها ميتين، فأنزل الله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين}‏ بعلي وفاطمة والحسن والحسين وآل محمد {ليس له دافع من الله ذي المعارج} فبعث رسول الله | عند ذلك إلى المنافقين الذين اجتمعوا ليلا مع النضر بن الحارث، فتلا عليهم الآية، وقال: اخرجوا إلى صاحبكم الفهري، حتى تنظروا إليه، فلما رأوه انتحبوا وبكوا، وقالوا: من أبغض عليا وأظهر بغضه قتله بسيفه، ومن خرج من المدينة بغضا لعلي أنزل الله ما ترى. [127]

 

عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه ‘ إنه قال في قول الله عز وجل: {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج} قال: نزلت والله بمكة للكافرين بولاية علي ×. [128]

 

عن رومي بن حماد المخارقي‏ قال: قلت لسفيان بن عيينة: أخبرني عن‏ {سأل سائل‏} فيمن أنزلت؟ قال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني‏ عنها أحد قبلك، سألت عنها جعفر بن محمد الصادق ‘ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد من قبلك, حدثني أبي، عن آبائه (عليهم السلام) قال: لما حج النبي | حجة الوداع، فنزل بغدير خم، ونادى في الناس فاجتمعوا فقال: يا أيها الناس ألم أبلغكم الرسالة؟ قالوا: اللهم بلى. قال: أفلم أنصح لكم؟ قالوا: اللهم بلى. قال: فأخذ بضبع علي × فرفعه حتى رؤي بياض إبطيهما، ثم‏ قال: أيها الناس, من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. قال: فشاع ذلك الخبر فبلغ الحارث بن النعمان الفهري، فأقبل يسير على ناقة له حتى نزل بالأبطح، فأناخ راحلته وشد عقالها، ثم أتى النبي | وهو في ملإ من أصحابه، فقال: يا رسول الله, والله الذي لا إله إلا هو، إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله فشهدنا، ثم أمرتنا أن نشهد أنك رسوله‏ فشهدنا، ثم أمرتنا أن نصلي خمسا فصلينا، ثم أمرتنا أن نصوم شهر رمضان فصمنا، ثم أمرتنا أن نزكي فزكينا، ثم أمرتنا أن نحج فحججنا، ثم لم ترض حتى نصبت ابن عمك علينا, فقلت من كنت مولاه فهذا علي مولاه. هذا عنك أو عن الله تعالى؟ قال النبي |: لا، بل عن الله. قال: فقام الحارث بن النعمان مغضبا وهو يقول: اللهم إن كان ما قال محمد حقا فأنزل بي‏ نقمة عاجلة. قال: ثم أتى الأبطح فحل عقال ناقته واستوى عليها فلما توسط الأبطح رماه الله بحجر، فوقع وسط دماغه وخرج من دبره، فخر ميتا فأنزل الله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع‏}. [129]

 

عن عمر بن أبي سليم العبسي, عن جعفر بن محمد الصادق, عن ابيه ‘ قال: لما نصب رسول الله | عليا × يوم غدير خم، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، وطار ذلك في البلاد، ثم قام على رسول الله | النعمان بن الحرث الفهري على قعود له، وقال: يا محمد، امرتنا عن الله عز وجل، ان نشهد ان لا إله الا الله وانك محمد رسول الله، فقبلنا ذلك منك، وامرتنا بالصلاة الخمس‏ فقبلناها منك‏، وامرتنا بالزكاة فقبلناها منك، وامرتنا بالحج فقبلناه منك، وامرتنا بالجهاد فقبلناه منك، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام وقلت: من كنت مولاه فهذا مولاه، هذا شي‏ء منك او من الله عز وجل؟ فقال |: بل بامر الله تعالى، ثم قال للنعمان: والله الذي لا إله الا هو ان هذا هو من عند الله عز وجل اسمه؛ فولى النعمان بن الحرث يريد راحلته وهو يقول: {اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب‏ أليم}، فما وصل إليها حتى امطره الله تعالى بحجر على رأسه فقتله، فانزل الله تعالى {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين} الآية. [130]

 

أسد بن إسماعيل، عن أبي عبد الله × أنه قال حين سئل عن اليوم الذي ذكر الله مقداره في القرآن فقال: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}: هي كرة رسول الله |، يكون ملكه في كرته خمسين ألف سنة، ويملك أمير المؤمنين × في كرته أربعا وأربعين ألف‏ سنة. [131]

 

 

* بمصادر العامة:

سئل سفيان بن عيينة عن قول الله سبحانه: {سأل سائل} فيمن نزلت؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني أحد قبلك. حدثني أبي, عن جعفر بن محمد, عن آبائه، فقال: لما كان رسول الله | بغدير خم، نادى بالناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي × فقال: {من كنت مولاه فعلي مولاه}. فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان القهري فأتى رسول الله | على ناقة له حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته وأناخها وعقلها، ثم أتى النبي | وهو في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهرا فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله تعالى؟ فقال: والذي لا إله إلا هو هذا من الله, فولى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله حقا {فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله سبحانه: {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع}. [132]

 

عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد, عن أبيه‏, عن علي‏ عليهم السلام قال: لما نصب رسول الله | عليا × يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, طار ذلك في البلاد، فقدم على رسول الله | النعمان بن الحرث الفهري فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج والصلاة والزكاة والصوم فقبلناها منك، ثم لم ترض حتى‏ نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فهذا مولاه، فهذا شي‏ء منك أو أمر من عند الله؟ قال: أمر من عند الله, قال: الله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله, قال: الله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله, قال: فولى النعمان وهو يقول: {اللهم‏ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}‏. فرماه الله بحجر على رأسه فقتله فأنزل الله تعالى‏ {سأل سائل}‏.[133]

 

عن حذيفة بن اليمان قال: لما قال: رسول الله | لعلي ×: من كنت مولاه فهذا مولاه، قام النعمان بن المنذر الفهري فقال: هذا شي‏ء قلته من عندك أو شي‏ء أمرك به ربك؟ قال: لا بل أمرني به ربي, فقال: اللهم أنزل علينا حجارة من السماء, فما بلغ رحله حتى جاءه حجر فأدماه فخر ميتا, فأنزل الله تعالى {سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع}. [134]

 

عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله | بعضد علي بن أبي طالب × يوم غدير خم, ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، فقام إليه أعرابي فقال: دعوتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله فصدقناك, وأمرتنا بالصلاة والصيام فصلينا وصمنا، وبالزكاة فأدينا فلم تقنعك إلا أن تفعل هذا, فهذا عن الله أم عنك؟ قال: عن الله لا عني, قال: الله الذي لا إله إلا هو لهذا عن الله لا عنك؟ قال: نعم, ثلاثا فقام الأعرابي مسرعا إلى بعيره وهو يقول: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك}‏ الآية، فما استتم الكلمات حتى نزلت نار من السماء فأحرقته, وأنزل الله في عقب ذلك‏ {سأل سائل}‏ إلى قوله {دافع}‏. [135]

 

 

{ولقد صدق عليهم إبليس ظنه‏} سبأ: 20

عن سلمان, عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: أخبرني رسول الله | أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله | إياي يوم‏ غدير خم بأمر الله, وأخبرهم‏ بأني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب, فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا: إن هذه الأمة أمة مرحومة معصومة فما لك ولا لنا عليهم سبيل, وقد أعلموا مفزعهم وإمامهم بعد نبيهم, فانطلق إبليس كئيبا حزينا, قال أمير المؤمنين ×: أخبرني رسول الله | بعد ذلك‏ وقال: يبايع الناس أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد تخاصمهم بحقنا وحجتنا, ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مشمر, يقول كذا وكذ,ا ثم يخرج فيجمع أصحابه‏ وشياطينه وأبالسته فيخرون‏ سجدا فيقولون: يا سيدنا يا كبيرنا, أنت الذي أخرجت آدم من الجنة, فيقول: أي أمة لن تضل بعد نبيها, كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سلطان ولا سبيل, فكيف رأيتموني صنعت بهم حين‏ تركوا ما أمرهم الله به من طاعته‏, وأمرهم به رسول الله. وذلك قوله تعالى‏ {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين}‏. [136]

 

عن جابر, عن أبي جعفر × قال: لما أخذ رسول الله | بيد علي × يوم الغدير, صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه, فقالوا: يا سيدهم ومولاهم,  ما ذا دهاك؟ فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه, فقال لهم: فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا, فقالوا: يا سيدهم, أنت كنت لآدم. فلما قال المنافقون: إنه ينطق عن الهوى, وقال أحدهما لصاحبه: أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون - يعنون رسول الله | - صرخ إبليس صرخة بطرب, فجمع أولياءه فقال: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل؟ قالوا: نعم, قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب, وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول. فلما قبض رسول الله | وأقام الناس غير علي × لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الوثبة وجمع خيله ورجله ثم قال لهم: اطربوا, لا يطاع الله حتى يقوم الإمام. وتلا أبو جعفر ×: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين}, قال أبو جعفر ×: كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله |, والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله |: إنه ينطق عن الهوى, فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه. [137]

 

عن ابن سنان, عن أبي عبد الله × قال: لما أمر الله نبيه | أن ينصب أمير المؤمنين × للناس في قوله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي بغدير خم, فقال |: من كنت مولاه فعلي مولاه, فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رءوسهم, فقال لهم إبليس: ما لكم؟ فقالوا: إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شي‏ء إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس: كلا إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني، فأنزل الله على رسوله | {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه‏} الآية. [138]

 

عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر × وسأله عن قوله عز وجل {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين} قال: لما أمر الله نبيه | أن ينصب أمير المؤمنين × للناس وهو قوله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي × {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} أخذ رسول الله | بيد علي × بغدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, حثت الأبالسة التراب على رءوسها فقال لهم إبليس الأكبر لعنه الله: ما لكم؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل اليوم عقدة لا يحلها شي‏ء إلى يوم القيامة, فقال لهم إبليس: كلا, إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة ولن يخلفوني فيها, فأنزل الله سبحانه هذه الآية {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين} يعني شيعة أمير المؤمنين. [139]

 

عن جعفر بن محمد الخزاعي, عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله × يذكر في حديث غدير خم أنه لما قال النبي | لعلي × ما قال، وأقامه للناس صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت، فقالوا: يا سيدنا ما هذه الصرخة؟ فقال: ويلكم يومكم كيوم عيسى، والله لأضلن فيه الخلق, قال: فنزل القرآن {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين} فقال: صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت فقالوا: يا سيدنا ما هذه الصرخة الأخرى؟ فقال: ويحكم حكى الله والله كلامي قرآنا وأنزل عليه {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين} ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال: وعزتك وجلالك لألحقن الفريق بالجميع، قال: فقال النبي | بسم الله الرحمن الرحيم {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} قال: صرخ إبليس صرخة، فرجعت إليه العفاريت فقالوا: يا سيدنا ما هذه الصرخة الثالثة؟ قال: والله من أصحاب علي, ولكن وعزتك وجلالك يا رب لأزينن لهم المعاصي حتى أبغضهم إليك. قال فقال أبو عبد الله ×: والذي بعث بالحق محمدا | للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللحم, والمؤمن أشد من الجبل, والجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت منه والمؤمن لا يستقل عن دينه. [140]

 

عن عطية العوفي, عن أبي جعفر × قال: إن رسول الله | لما أخذ بيد علي × بغدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, كان إبليس لعنه الله حاضرا بعفاريته فقالت له حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه: والله ما هكذا قلت لنا, لقد أخبرتنا أن هذا إذا مضى افترقت أصحابه, وهذا أمر مستقر كلما أراد أن يذهب واحد بدر آخر, فقال: افترقوا, فإن أصحابه قد وعدوني أن لا يقروا له بشي‏ء مما قال. وهو قوله عز وجل {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين}. [141]

 

عن عبد الصمد بن بشير، عن عطية عن أبي جعفر × إنه قال: لما كان يوم غدير خم، وقال النبي | في علي × ما قال، اجتمع جنود إبليس إليه، فقالوا: ما هذا الأمر الذي حدث, كنا نظن أن محمدا إذا مضى تفرق هؤلاء، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم: إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم. قال عطية: ثم قال لي أبو جعفر ×: أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟ قلت: لا. قال ×: هو قوله تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين}. [142]

 

 

آيات أخر

عن أبي عبد الله × في قوله: {وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين} قال: الولاية نزلت لأمير المؤمنين × يوم الغدير. [143]

 

عن أبي محمد قال: قلت لأبي جعفر ×: أخبرني عن الولاية, أنزل بها جبرئيل × من عند رب العالمين يوم الغدير؟ فقال: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين}‏ قال: هي الولاية لأمير المؤمنين ×. [144]

 

عن يعقوب بن يزيد, عن أبي عبد الله × قال: سألته عن قول الله عز وجل‏ {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى},‏ قال ×: بالولاية, قلت: وكيف ذاك؟ قال: إنه لما نصب النبي | أمير المؤمنين × للناس فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اغتابه رجل وقال: إن محمدا ليدعو كل يوم إلى أمر جديد, وقد بدا لأهل بيته يملكهم رقابنا, فأنزل الله عز وجل على نبيه | بذلك قرآنا فقال له:‏ {قل‏ إنما أعظكم بواحدة} فقد أديت إليكم ما افترض ربكم عليكم, قلت: فما معنى قوله عز وجل‏ {أن تقوموا لله مثنى وفرادى‏}؟ فقال ×: أما {مثنى}‏ يعني طاعة رسول الله | وطاعة أمير المؤمنين ×, وأما {فرادى}‏ يعني طاعة الإمام من ذريتهما من بعدهما, ولا والله يا يعقوب ما عنى غير ذلك. [145]

 

عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر × عن قول الله تبارك وتعالى‏ {قل إنما أعظكم بواحدة} قال ×: يعني الولاية, فقلت: وكيف ذلك؟ قال: أما إنه لما نصبه للناس فقال |: من كنت مولاه فعلي مولاه, ارتاب الناس وقالوا: إن محمدا ليدعونا في كل وقت إلى أمر جديد, وقد بدأنا بأهل بيته يملكهم رقابنا, فأنزل الله تعالى على نبيه |: يا محمد {قل إنما أعظكم بواحدة} فقد أديت إليكم ما افترض عليكم ربكم, أما {مثنى} فيعني طاعة رسول الله | وأمير المؤمنين ×, وأما قوله‏ {وفرادى}‏ فيعني طاعة الإمام من ذريتهما من بعدهما. [146]

 

عن جابر, عن أبي جعفر محمد بن علي ×, عن جابر بن عبد الله قال: لما نصب رسول الله | عليا × يوم غدير خم قال قوم: ما يألو برفع ضبع ابن عمه, فأنزل الله تعالى {أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم‏}. [147]

 

عن عمار بن سويد قال: سمعت أبا عبد الله × يقول في هذه الآية {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك} إلى قوله: {أو جاء معه ملك} قال: إن رسول الله | لما نزل غديرا قال لعلي ×: إني سألت ربي أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل، فقال رجلان من قريش: والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلينا فيما سأل محمد ربه، فهلا سأله ملكا يعضده على عدوه, أو كنزا يستعين به على فاقته، والله‏ ما دعاه إلى باطل إلا إجابة له, فأنزل الله عليه {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} إلى آخر الآية. قال: ودعا رسول الله عليه وآله السلام لأمير المؤمنين × في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول: اللهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين, والهيبة والعظمة في صدور المنافقين، فأنزل الله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا} بني أمية, فقال رمع: والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلي مما سأل محمد ربه، أفلا سأله ملكا يعضده, أو كنزا يستظهر به على فاقته، فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} إلى {أم يقولون افتراه} ولاية علي × {قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات} إلى {فإلم يستجيبوا لكم} في ولاية علي × {فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون} لعلي × ولايته {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها} يعني فلانا وفلانا {نوف إليهم أعمالهم فيها} {أفمن كان على بينة من ربه} رسول الله | {ويتلوه شاهد منه} أمير المؤمنين × {ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة} قال كان ولاية علي في كتاب موسى ‘ {أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه} في ولاية علي × {إنه الحق من ربك} إلى قوله: {ويقول الأشهاد} هم الأئمة (عليهم السلام) {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} إلى قوله {هل يستويان مثلا أفلا تذكرون}. [148]

 

علي بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ×، وعنده قوم من أهل الكوفة، فسألوه عن قول الله تعالى: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك، ولتكونن من الخاسرين}, فقال: لما قام رسول الله | بولاية علي × بغدير خم، قام إليه معاذ بن جبل فقال: يا رسول الله, لو أشركت معه أبا بكر وعمر حتى يسكن الناس لكان في ذلك ما يصلح أمرهم، فسكت رسول الله | فأنزل الله تعالى: {ولقد أوحي‏ إليك وإلى الذين من قبلك} الآية, ففي هذا نزلت، ولم يكن الله تعالى ليبعث رسولا يخاف عليه أن يشرك به، ورسول الله | أكرم على الله عز وجل من أن يقول له: لئن أشركت بي، وهو جاء بإبطال الشرك ورفض الأصنام وما عبد مع الله عز وجل غيره، وإنما عنى: الشركة بين الرجال في الولاية، ولم يكن ذلك تقدم لأحد قبله من النبيين. [149]

 

عن أبي عبد الله × قال: لما أوقف رسول الله | أمير المؤمنين × يوم الغدير افترق الناس ثلاث فرق: فقالت فرقة: ضل محمد, وفرقة قالت: غوى, وفرقة قالت: بهواه يقول في أهل بيته وابن عمه, فأنزل الله سبحانه {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}. [150]

 

 

بمصادر العامة

عن عبد الله بن عباس, عن النبي | وساق حديث المعراج إلى أن قال: وإني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وإنك رسول الله وإن عليا وزيرك. قال ابن عباس: فهبط رسول الله | فكره أن يحدث الناس بشي‏ء منها إذ كانوا حديثي عهد بالجاهلية, حتى مضى من ذلك ستة أيام، فأنزل الله تعالى {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} فاحتمل رسول الله | حتى كان يوم الثامن عشر، أنزل الله عليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} ثم إن رسول الله | أمر بلالا حتى يؤذن في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا خرج إلى غدير خم، فخرج رسول الله | والناس من الغد، فقال: يا أيها الناس إن الله أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني حتى عاتبني ربي فيها بوعيد أنزله علي بعد وعيد، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب × فرفعها حتى رأى الناس بياض إبطيهما, ثم قال: أيها الناس الله مولاي وأنا مولاكم, فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. وأنزل الله {اليوم أكملت لكم دينكم}. [151]

 

عن أخيه زيد بن أرقم قال: إن جبرئيل × الروح الأمين نزل على رسول الله | بولاية علي بن أبي طالب × عشية عرفة, فضاق بذلك رسول الله | مخافة تكذيب أهل الإفك والنفاق, فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم, فلم ندر ما نقول له، فبكى النبي‏ | فقال له جبرئيل ×: يا محمد, أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل, ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا لي بالرسالة, حتى أمرني بجهادهم وأهبط إلي جنودا من السماء فنصروني, فكيف يقرون لعلي من بعدي؟ فانصرف عنه جبرئيل فنزل عليه: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك}. [152]


 

خطبة رسول الله | الكاملة

عن أبي جعفر محمد بن علي ‘ أنه قال: حج رسول الله | من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبرائيل × فقال له: يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك: إني لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسولي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغها قومك: فريضة الحج وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة، ولن أخليها أبدا، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج، وتحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب، وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع. فنادى منادي رسول الله | في الناس ألا إن رسول الله | يريد الحج، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره، فخرج | وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله | من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على عدد أصحاب موسى السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله | البيعة لعلي × بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة. فلما وقف بالموقف أتاه جبرائيل × عن الله تعالى فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك ونفذ وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب × فأقمه للناس وجدد عهده وميثاقه وبيعته، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به، وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب ×، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي على خلقي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة لي على خلقي، ف{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} بوليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بعدي ووصي نبي والخليفة من بعده، حجتي البالغة على خلقي، مقرونة طاعته بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن أشرك ببيعته كان مشركا، ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمد عليا علما، وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم وبالذي واثقتهم عليه، فإني قابضك إلي ومستقدمك علي. فخشي رسول الله | قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي × من البغضاء وسأل جبرائيل × أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر جبرائيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرائيل في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرائيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله تعالى ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي × فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرائيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. وكان أوائلهم قريبا من الجحفة، فأمر بأن يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم من ذلك المكان ليقيم عليا للناس، ويبلغهم ما أنزل الله تعالى في علي ×، وأخبره أن الله عز وجل قد عصمه من الناس: فأمر رسول الله | عندما جائته العصمة مناديا ينادي في الصلاة جامعة ويرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر، وتنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرائيل عن الله عز وجل وفي الموضع سلمات فأمر رسول الله | أن يقم ما تحتهن وينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، فقام رسول الله | فوق تلك الأحجار فقال: الحمد لله الذي علا في توحده، ودنا في تفرده، وجل في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكل شئ علما وهو في مكانه وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، مجيدا لم يزل محمودا لا يزال، بارئ المسموكات وداحي المدحوات وجبار السماوات، قدوس سبوح رب الملائكة والروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على من أدناه، يلحظ كل عين والعيون لا تراه كريم حليم ذو أناة قد وسع كل شئ رحمته، ومن عليهم بنعمته، لا يعجل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما استحقوا من عذابه، قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيات، له الإحاطة بكل شئ والغلبة على كل شئ والقوة في كل شئ، والقدرة على كل شئ، لا مثله شئ وهو منشئ الشئ حين لا شئ، دائم قائم بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، جل عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، لا يلحق أحد وصفه من معاينة، ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية إلا بما دل عز وجل على نفسه. وأشهد بأنه الله الذي ملأ الدهر قدسه، والذي يغشي الأبد نوره، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك في تقدير، ولا تفاوت في تدبير، صور ما أبدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال، أنشأها فكانت وبرأها فباتت، فهو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الذي أحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، والأكرم الذي ترجع إليه الأمور. وأشهد أنه الذي تواضع كل شئ لقدرته، وخضع كل شئ لهيبته، مالك الأملاك، ومفلك الأفلاك، ومسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، ومهلك كل شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي ويميت فيحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويمنع ويؤتي، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل لا إله إلا هو العزيز الغفار. مستجيب الدعاء، ومجزل العطاء محصي الأنفاس ورب الجنة والناس، لا يشكل عليه شئ ولا يضجره صراخ المستصرخين ولا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين والموفق للمفلحين، ومولى العالمين، الذي استحق من كل خلق أن يشكره ويحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء، وأؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله، أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته، لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، أقر له على نفسي بالعبودية، وأشهد له بالربوبية، وأؤدي ما أوحي إلي حذرا من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته. لا إله إلا هو، لأنه قد أعلمني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة، وهو الله الكافي الكريم فأوحى لي بسم الله الرحمن الرحيم {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. معاشر الناس ما قصرت في تبليغ ما أنزله، وأنا مبين لكم سبب هذه الآية إن جبرائيل هبط إلي ثلاثا يأمرني عن السلام ربي - وهو السلام - أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب × أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي، الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وهو وليكم بعد الله ورسوله، وقد أنزل الله تبارك وتعالى علي بذلك آية من كتابه: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} وعلي بن أبي طالب × أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله عز وجل في كل حال، وسألت جبرائيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم, أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال الآثمين وختل المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم: {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم} وكثرة أذاهم لي غير مرة حتى سموني أذنا، وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه، حتى أنزل الله عز وجل في ذلك: {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن} على الذين يعزمون أنه أذن {خير لكم} الآية. ولو شئت أن أسمي بأسمائهم لسميت وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت وأن أدل عليهم لدللت، ولكني والله في أمورهم قد تكرمت، وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل لي ثم تلا |: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. فاعلموا معاشر الناس: أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما مفترضا طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادي والحاضر وعلى العجمي والعربي، والحر والمملوك، والصغير والكبير، وعلى الأبيض والأسود، وعلى كل موحد، ماض حكمه، جايز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، من صدقه فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له. معاشر الناس: إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر ربكم فإن الله عز وجل هو مولاكم وإلهكم، ثم من دونه رسولكم محمد وليكم القائم المخاطب لكم، ثم من بعدي علي وليكم وإمامكم بأمر الله ربكم، ثم الإمامة في ذريتي من ولدي إلى يوم تلقون الله عز وجل ورسوله، لا حلال إلا ما أحله الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، عرفني الحلال والحرام، وأنا أفضيت بما علمني ربي من كتابه وحلاله وحرامه إليه. معاشر الناس: ما من علم إلا وقد أحصاه الله في، وكل علم علمت فقد أحصيته في إمام مبين، وما من علم إلا علمته عليا وهو الإمام المبين. معاشر الناس: لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه، ولا تستنكفوا من ولايته، فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به، ويزهق الباطل وينهى عنه، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ثم إنه أول من آمن بالله ورسوله، والذي فدى رسول الله بنفسه، والذي كان مع رسول الله ولا أحد يعبد مع رسول الله من الرجال غيره. معاشر الناس: فضلوه فقد فضله الله، واقبلوه فقد نصبه الله. معاشر الناس: إنه إمام من الله، ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر له، حتما على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه، وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الأبد ودهر الدهور، فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا نارا وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين. أيها الناس: بي والله بشر الأولون من النبيين والمرسلين وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين، والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين، فمن شك في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الأولى، ومن شك في قولي فقد شك في الكل منه، والشاك في ذلك فله النار. معاشر الناس: حباني الله بهذه الفضيلة منا منه علي وإحسانا منه إلي، ولا إله إلا هو، له الحمد مني أبد الأبدين ودهر الداهرين على كل حال. معاشر الناس: فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأثنى، بنا أنزل الله الرزق وبقي الخلق، ملعون ملعون مغضوب مغضوب على من رد قولي هذا ولم يوافقه، ألا إن جبرائيل خبرني عن الله تعالى بذلك ويقول: من عادى عليا ولم يتوله فعليه لعنتي وغضبي فلتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله أن تخالفوه فتزل قدم بعد ثبوتها إن الله خبير بما تعملون. معاشر الناس: إنه جنب الله تعالى في كتابه: {يا حسرتي على ما فطرت في جنب الله}. معاشر الناس: تدبروا القرآن وافهموا آياته، وانظروا محكماته، ولا تتبعوا متشابهه، فوالله لن يبين لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا أخذ بيده ومعضده - وشائل بعضده - ومعلمكم أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهو علي بن أبي طالب أخي ووصيي، وموالاته من الله عز وجل أنزلها علي. معاشر الناس: إن عليا والطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر، والقرآن الثقل الأكبر، فكل واحد ينبئ عن صاحبه وموافق له لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، أمناء الله في خلقه وحكماؤه في أرضه. ألا وقد أديت، ألا وقد بلغت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت، ألا وإن الله عز وجل قال وأنا قلت عن الله عز وجل، ألا إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا، ولا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره. ثم ضرب بيده إلى عضده فرفعه، وكان منذ أول ما صعد رسول الله | شال عليا × حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله | ثم قال: معاشر الناس: هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على أمتي وعلى تفسير كتاب الله عز وجل والداعي إليه، والعامل بما يرضاه، والمحارب لأعدائه، والموالي على طاعته، والناهي عن معصيته، خليفة رسول الله وأمير المؤمنين والإمام الهادي، وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله، أقول: ما يبدل القول لدي بأمر ربي، أقول: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، والعن من أنكره واغضب على من جحد حقه، اللهم إنك أنت أنزلت علي في كتابك أن الإمامة لعلي وليك عند تبياني ذلك، ونصبي إياه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام دينا فقلت: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} اللهم إني أشهدك أني قد بلغت. معاشر الناس: إنما أكمل الله عز وجل دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله عز وجل فأولئك الذين حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. معاشر الناس: هذا علي أنصركم لي وأحقكم بي وأقربكم إلي وأعزكم علي، والله عز وجل وأنا عنه راضيان، وما نزلت آية رضا إلا فيه، وما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به ولا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه، ولا شهد الله بالجنة في {هل أتى على الإنسان} إلا له، ولا أنزلها في سواه، ولا مدح بها غيره. معاشر الناس: هو ناصر دين الله والمجادل عن رسول الله، وهو التقي النقي الهادي المهدي، نبيكم خير نبي ووصيكم خير وصي. معاشر الناس: ذرية كل نبي من صلبه وذريتي من صلب علي. معاشر الناس: إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم، فإن آدم أهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة وهو صفوة الله عز وجل، فكيف بكم وأنتم أنتم عباد الله, ما يبغض عليا إلا شقي ولا يتولى به إلا مؤمن تقي، ولا يؤمن به إلا مخلص، في علي والله نزلت سورة العصر {بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إن الإنسان لفي خسر} إلى آخرها. معاشر الناس: قد استشهدت الله وبلغتكم رسالتي وما على الرسول إلا البلاغ المبين. معاشر الناس: {اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. معاشر الناس: {آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها}. معاشر الناس: النور من الله عز وجل في، ثم مسلوك في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا، لأن الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين. معاشر الناس: أنذركم أني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أفإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين، ألا وإن عليا الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدي من صلبه. معاشر الناس: لا تمنوا على الله إسلامكم فيسخط عليكم فيصيبكم بعذاب من عنده إنه لبالمرصاد. معاشر الناس: سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس: إن الله وأنا بريئان منهم. معاشر الناس: إنهم وأنصارهم وأشياعهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار ولبئس مثوى المتكبرين ألا إنهم أصحاب الصحيفة, فلينظر أحدكم في صحيفته، قال: فذهب على الناس إلا شرذمة منهم أمر الصحيفة. معاشر الناس: إني أدعها أمانة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة، وقد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب وعلى كل أحد ممن شهد أو لم يشهد ولدا ولم يولد فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة، وسيجعلونها ملكا واغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين، وعندها سنفرغ لكم أيها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران. معاشر الناس: إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب. معاشر الناس: إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها، وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى وهذا علي إمامكم ووليكم، وهو مواعيد الله والله يصدق وعده. معاشر الناس: قد ضل قبلكم أكثر الأولين، والله قد أهلك الأولين وهو مهلك الآخرين. معاشر الناس: إن الله قد أمرني ونهاني، وقد أمرت عليا ونهيته، فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل، فاسمعوا لأمره تسلموا، وأطيعوا تهتدوا، وانتهوا لنهيه ترشدوا، وصيروا إلى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله. معاشر الناس: أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم الله باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون، ثم قرأ {الحمد لله رب العالمين} إلى آخرها وقال: في نزلت وفيهم نزلت ولهم عمت وإياهم خصت أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون: {ألا إن حزب الله هم الغالبون} ألا إن أعداء علي أهل الشقاق العادون، وإخوان الشياطين الذي يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ألا إن أولياؤهم هم المؤمنون الذين ذكرهم في كتابه فقال عز وجل: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} إلى آخر الآية، ألا أولياؤهم الذين وصفهم الله عز وجل فقال: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} ألا إن أولياؤهم الذين يدخلون الجنة آمنين، وتتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين، ألا إن أولياؤهم الذين قال الله عز وجل: {يدخلون الجنة بغير حساب} ألا إن أعداءهم يصلون سعيرا، ألا إن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور ولها زفير كلما دخلت أمة لعنت أختها، ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز وجل: {كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير} ألا إن أولياءهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير. معاشر الناس: شتان ما بين السعير والجنة، عدونا من ذمه الله ولعنه، وولينا من مدحه الله وأحبه. معاشر الناس: ألا وإني منذر وعلي هاد. معاشر الناس: إني نبي وعلي وصيي، ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدي × ألا إنه الظاهر على الدين، ألا إنه المنتقم من الظالمين، ألا إنه فاتح الحصون وهادمها، ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك، ألا إنه المدرك بكل ثأر لأولياء الله عز وجل، ألا إنه الناصر لدين الله، ألا إنه الغراف من بحر عميق، ألا إنه يسم كل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله، ألا إنه خيرة الله ومختاره، ألا إنه وارث كل علم والمحيط به، ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل والمنبه بأمر إيمانه، ألا إنه الرشيد السديد، ألا إنه المفوض إليه، ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه، ألا أنه الباقي حجة ولا حجة بعده ولا حق إلا معه، ولا نور إلا عنده، ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه، ألا وإنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سره وعلانيته. معاشر الناس: قد بينت لكم وأفهمتكم، وهذا علي يفهمكم بعدي، ألا وإن عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به، ثم مصافقته بعدي، ألا إني قد بايعت الله وعلي قد بايعني، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل: {ومن نكث فإنما ينكث على نفسه} الآية. معاشر الناس: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما}. معاشر الناس: فما ورده أهل بيت إلا استغنوا، ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا. معاشر الناس: ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك، فإذا انقضت حجته استونف عمله. معاشر الناس: الحجاج معانون ونفقاتهم مخلفة {والله لا يضيع أجر المحسنين}. معاشر الناس: حجوا البيت بكمال الدين والتفقه ولا تتفرقوا عن المشاهد إلا بتوبة وإقلاع. معاشر الناس: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمركم الله عز وجل، فإن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم ومبين لكم الذي نصبه الله عز وجل بعدي، ومن خلفه الله مني ومنه، يخبركم بما تسألون عنه، ويبين لكم ما لا تعلمون، ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن أحصيها وأعرفها فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز وجل في علي أمير المؤمنين والأئمة من بعده الذين هم مني ومنه أئمة قائمهم فيهم خاتمهم المهدي إلى يوم القيامة الذي يقضي بالحق. معاشر الناس: كل حلال دللتكم عليه وكل حرام نهيتكم عنه فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل، ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه ولا تغيروه، ألا وإني أجدد القول، ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، إن رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي وتبلغوه من لم يحضره وتأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله عز وجل ومني، ولا أمر بمعروف ولا نهي منكر إلا مع إمام معصوم. معاشر الناس: القرآن يعرفكم إن الأئمة من بعده ولده، وعرفتكم أنهم مني ومنه حيث يقول الله عز وجل: {وجعلها كلمة باقية في عقبه} وقلت: لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما. معاشر الناس: التقوى التقوى، احذروا الساعة كما قال الله عز وجل: {إن زلزلة الساعة شئ عظيم} اذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي رب العالمين والثواب والعقاب، فمن جاء بالحسنة أثيب ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب. معاشر الناس: إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة، أمرني الله عز وجل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي بإمرة المؤمنين، ومن جاء بعده من الأئمة مني ومنه على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي وأمر ولده من صلبه من الأئمة نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا، على ذلك نحيا ونموت ونبعث، لا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب، ولا نرجع عن عهد ولا ننقض الميثاق ونطيع الله ونطيعك وعليا أمير المؤمنين وولده الأئمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد الحسن والحسين، الذين قد عرفتكم مكانهما مني ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربي عز وجل، فقد أديت ذلك إليكم وأنهما سيدا شباب أهل الجنة، وأنهما الإمامان بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله، فقولوا: أطعنا الله بذلك وإياك وعليا والحسن والحسين والأئمة الذين ذكرت، عهدا وميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافحة أيدينا - من أدركهما بيده وأقر بهما بلسانه - لا نبتغي بذلك بدلا ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبدا أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا، وأنت علينا به شهيد، وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكة الله وجنوده وعبيده، والله أكبر من كل شهيد. معاشر الناس: ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس {فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها} ومن بايع فإنما يبايع الله {يد الله فوق أيديهم}. معاشر الناس: فاتقوا الله وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة كلمة باقية، يهلك الله من غدر، ويرحم من وفى {ومن نكث فإنما ينكث على نفسه} الآية. معاشر الناس: قولوا الذي قلت لكم، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا: {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} وقولوا: {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}. معاشر الناس: إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز وجل، وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه. معاشر الناس: من يطع الله ورسوله وعليا والأئمة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا عظيما. معاشر الناس: السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين، أولئك الفائزون في جنات النعيم. معاشر الناس: قولوا ما يرضي الله عنكم من القول، {فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فلن يضر الله شيئا} اللهم اغفر للمؤمنين واغضب على الكافرين والحمد لله رب العالمين. فناداه القوم: سمعنا وأطعنا على أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا وتداكوا على رسول الله | وعلى علي × وصافقوا بأيديهم، فكان أول من صافق رسول الله | الأول والثاني والثالث والرابع والخامس وباقي المهاجرين والأنصار، وباقي الناس على طبقاتهم وقدر منازلهم، إلى أن صليت العشاء والعتمة في وقت واحد، وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا ورسول الله | يقول، كلما بايع قوم: الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين، وصارت المصافقة سنة ورسما يستعملها من ليس له حق فيها. [153]

وروي عن الصادق × إنه لما فرغ رسول الله | من هذه الخطبة رئي في الناس رجل جميل بهي طيب الريح فقال: بالله ما رأينا كاليوم قط وما أشد ما يؤكد لابن عمه وإنه لعقد عقدا لا يحله إلا كافر بالله العظيم وبرسوله، ويل طويل لمن حل عقده. قال: فالتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته ثم التفت إلى النبي | وقال: أما سمعت ما قال هذا الرجل كذا وكذا؟ فقال رسول الله |: يا عمر أتدري من ذاك الرجل؟ قال: لا، قال: ذلك الروح الأمين جبرائيل فإياك أن تحله، فإنك إن فعلت فالله ورسوله وملائكته والمؤمنون منك براء. [154]


 

خبر حذيفة عما جرى مفصلا قبل وبعد يوم الغدير

لما استخلف عثمان بن‏ عفان آوى إليه عمه الحكم بن العاص, وولده مروان والحارث بن الحكم, ووجه عماله في الأمصار, وكان فيمن وجه عمر بن سفيان بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية إلى مشكان, والحارث بن الحكم إلى المدائن, فأقام فيها مدة يتعسف أهلها ويسي‏ء معاملتهم, فوفد منهم إلى عثمان وفد شكوا إليه وأعلموه بسوء ما يعاملهم به وأغلظوا عليه في القول, فولى حذيفة بن اليمان عليهم, وذلك في آخر أيامه, فلم ينصرف حذيفة بن اليمان من المدائن إلى أن قتل عثمان واستخلف علي بن أبي طالب ×, فأقام حذيفة عليها وكتب × إليه:‏ {بسم الله الرحمن الرحيم}‏ من عبد الله علي أمير المؤمنين × إلى حذيفة بن اليمان, سلام عليك, فإني وليتك ما كنت تليه لمن كان قبل من حرف المدائن, وقد جعلت إليك أعمال الخراج والرستاق وجباية أهل الذمة, فاجمع إليك ثقاتك ومن أحببت ممن ترضى دينه وأمانته, واستعن بهم على أعمالك فإن ذلك أعز لك ولوليك وأكبت لعدوك, وإني آمرك بتقوى الله وطاعته في السر والعلانية, فاحذر عقابه في المغيب والمشهد, وأتقدم إليك بالإحسان إلى المحسن, والشدة على المعاند وآمرك بالرفق في أمورك, واللين والعدل في رعيتك, فإنك مسؤول عن ذلك وإنصاف المظلوم والعفو عن الناس وحسن السيرة ما استطعت, فالله يجزي المحسنين, وآمرك أن تجبي خراج الأرضين على الحق والنصفة, ولا تتجاوز ما تقدمت به إليك, ولا تدع منه شيئا, ولا تبتدع فيه أمرا, ثم اقسمه بين أهله بالسوية والعدل, واخفض لرعيتك جناحك, وواس بينهم في مجلسك, وليكن القريب والبعيد عندك في الحق سواء, واحكم‏ بين الناس بالحق,‏ وأقم فيهم بالقسط, ولا تتبع الهوى‏ ولا تخف في الله لومة لائم, فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون,‏ وقد وجهت إليك كتابا لتقرأه على أهل مملكتك ليعلموا رأينا فيهم وفي جميع المسلمين, فأحضرهم واقرأ عليهم وخذ البيعة لنا على الصغير والكبير منهم إن شاء الله تعالى, فلما وصل عهد أمير المؤمنين × إلى حذيفة جمع الناس فصلى بهم, ثم أمر بالكتاب فقرئ عليهم, وهو: {بسم الله الرحمن الرحيم‏} من عبد الله علي أمير المؤمنين × إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين, سلام عليكم, فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو, وأسأله أن يصلي على محمد وآله, فأما بعد, فإن الله تعالى اختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله, وإحكاما لصنعه, وحسن تدبيره, ونظرا منه لعباده وخص منه من أحب من خلقه, فبعث إليهم محمدا × فعلمهم الكتاب والحكمة إكراما, وتفضلا لهذه الأمة وأدبهم لكي يهتدوا, وجمعهم لئلا يتفرقوا, وفقههم لئلا يجوروا, فلما قضى ما كان عليه من ذلك مضى إلى رحمة ربه حميدا محمودا, ثم إن بعض المسلمين أقاموا بعده رجلين رضوا بهديهما وسيرتهما قاما ما شاء الله, ثم توفاهما الله عز وجل, ثم ولوا بعدهما الثالث فأحدث أحداثا ووجدت الأمة عليه فعالا فاتفقوا عليه ثم نقموا منه فغيروا, ثم جاءوني كتتابع الخيل فبايعوني, فأنا أستهدي الله بهداه وأستعينه على التقوى, ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة نبيه, والقيام بحقه وإحياء سنته والنصح لكم بالمغيب والمشهد, وبالله نستعين على ذلك وهو حسبنا ونعم الوكيل,‏ وقد وليت أموركم حذيفة بن اليمان, وهو ممن أرتضي بهديه‏ وأرجو صلاحه, وقد أمرته بالإحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بجميعكم, أسأل الله لنا ولكم حسن الخيرة والإحسان ورحمته الواسعة في الدنيا والآخرة, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال:

 

ثم إن حذيفة صعد المنبر, فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله, ثم قال: الحمد لله الذي أحيا الحق وأمات الباطل, وجاء بالعدل وأدحض الجور وكبت الظالمين, أيها الناس,‏ إنما وليكم الله ورسوله‏ وأمير المؤمنين حقا حقا, وخير من نعلمه بعد نبينا محمد رسول الله ×, وأولى الناس بالناس وأحقهم بالأمر, وأقربهم إلى الصدق وأرشدهم إلى العدل, وأهداهم سبيلا وأدناهم إلى الله وسيلة, وأمسهم برسول الله × رحما, أنيبوا إلى طاعة أول الناس سلما وأكثرهم علما, وأقصدهم طريقا وأسبقهم إيمانا, وأحسنهم يقينا وأكثرهم معروفا, وأقدمهم جهادا وأعزهم مقاما, أخي رسول الله وابن عمه وأبي الحسن والحسين وزوج الزهراء البتول سيدة نساء العالمين, فقوموا أيها الناس فبايعوا على كتاب الله وسنة نبيه ×, فإن لله في ذلك رضى ولكم مقنع وصلاح والسلام, فقام الناس بأجمعهم فبايعوا أمير المؤمنين × أحسن بيعة وأجمعها, فلما استتمت البيعة قام إليه فتى من أبناء العجم وولاة الأنصار لمحمد بن عمارة بن التيهان أخو أبو [أخي أبي‏] الهيثم بن التيهان يقال له مسلم, متقلدا سيفا فناداه من أقصى الناس: أيها الأمير, إنا سمعناك تقول:‏ إنما وليكم الله ورسوله‏ وأمير المؤمنين حقا حقا, تعريضا بمن كان قبله من الخلفاء أنهم لم يكونوا أمراء المؤمنين حقا, فعرفنا ذلك أيها الأمير رحمك الله, ولا تكتمنا فإنك ممن شهد وعاين ونحن مقلدون ذلك أعناقهم, والله شاهد عليكم فيما تأتون به من النصيحة لأمتكم وصدق الخبر عن نبيكم ×, فقال حذيفة: أيها الرجل, أما إذا سألت وفحصت هكذا فاسمع وافهم ما أخبرك به, أما من تقدم من الخلفاء قبل علي بن أبي طالب × ممن تسمى أمير المؤمنين فإنهم تسموا بذلك فسماهم الناس بذلك, وأما علي بن أبي طالب × فإن جبرئيل × سماه بهذا الاسم عن الله تعالى, وشهد له رسول الله × عن سلام جبرئيل × له بإمرة المؤمنين, وكان أصحاب رسول الله × يدعونه في حياة رسول الله × بإمرة المؤمنين, قال الفتى: خبرنا كيف كان ذلك يرحمك الله؟ قال حذيفة: إن الناس كانوا يدخلون على رسول الله × قبل الحجاب إذا شاءوا فنهاهم رسول الله × أن يدخل أحد إليه وعنده دحية بن خليفة الكلبي, وكان رسول الله × يراسل قيصرا [قيصر] ملك الروم, وبني حنيفة وملوك بني غسان على يده, وكان جبرئيل × يهبط على صورته ولذلك نهى رسول الله × أن يدخل المسلمون عليه, إذا كان عنده دحية, قال حذيفة: وإني أقبلت يوما لبعض أموري إلى رسول الله × مهجرا رجاء أن ألقاه خاليا, فلما صرت بالباب فإذا أنا بالشملة قد سدلت على الباب فرفعتها وهممت بالدخول وكذلك كنا نصنع, فإذا أنا بدحية قاعد عند رسول الله × والنبي نائم ورأسه في حجر دحية, فلما رأيته انصرفت فلقيني علي بن أبي طالب × في بعض الطريق, فقال: يا ابن اليمان, من أين أقبلت؟ قلت: من عند رسول الله × قال: وماذا صنعت عنده؟ قلت: أردت الدخول عليه في كذا وكذا فذكرت الأمر الذي جئت له فلم يتهيأ لي ذلك, قال ×: ولم؟ قلت: كان عنده دحية الكلبي, وسألت عليا × معونتي على رسول الله × في ذلك, قال ×: فارجع معي فرجعت معه‏, فلما صرنا إلى باب بالدار جلست بالباب ورفع علي الشملة ودخله وسلم, فسمعت دحية يقول: وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته, ثم قال: اجلس فخذ رأس أخيك وابن عمك من حجري فأنت أولى الناس به, فجلس علي × وأخذ رأس رسول الله × فجعله في حجره, وخرج دحية من البيت, فقال علي ×: ادخل يا حذيفة, فدخلت وجلست, فما كان بأسرع أن انتبه رسول الله × فضحك في وجه علي × ثم قال: يا أبا الحسن, من حجر من أخذت رأسي؟ فقال ×: من حجر دحية الكلبي, فقال ×: ذلك جبرئيل ×, فما قلت له حين دخلت, وما قال لك؟ قال ×: دخلت فسلمت, فقال لي: وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته, فقال رسول الله ×: يا علي, سلمت عليك ملائكة الله وسكان سماواته بإمرة المؤمنين من قبل أن يسلم عليك أهل الأرض, يا علي, إن جبرئيل × فعل ذلك من أمر الله تعالى, وقد أوحي إلي عن ربي عز وجل من قبل دخولك أن أفرض ذلك على الناس, وأنا فاعل ذلك إن شاء الله تعالى, فلما كان من الغد بعثني رسول الله × إلى ناحية فدك في حاجة, فلبثت أياما فقدمت فوجدت الناس يتحدثون أن رسول الله × أمر الناس أن يسلموا على علي × بإمرة المؤمنين, وأن جبرئيل أتاه بذلك عن الله عز وجل, فقلت: صدق رسول الله ×, وأنا قد سمعت جبرئيل × يسلم على علي × بإمرة المؤمنين, وحدثتهم الحديث فسمعني عمر بن الخطاب وأنا أحدث الناس في المسجد, فقال لي: أنت رأيت جبرئيل وسمعته, اتق القول فقد قلت قولا عظيما, أو قد خولط بك, فقلت: نعم, أنا سمعت ذلك ورأيته فأرغم الله أنف من رغم, فقال: يا أبا عبد الله, لقد رأيت وسمعت عجبا, قال حذيفة: وسمعني بريدة بن الحصيب الأسلمي وأنا أحدث ببعض‏ ما رأيت وسمعت, فقال لي: والله يا ابن اليمان, لقد أمرهم رسول الله × بالسلام على علي بإمرة المؤمنين, قلت: يا بريدة, أكنت شاهدا ذلك اليوم؟ فقال: نعم, من أوله إلى آخره, فقلت له: حدثني به يرحمك الله تعالى, فإني كنت عن ذلك اليوم غائبا, فقال بريدة: كنت أنا وعمار أخي مع رسول الله × في نخيل بني النجار, فدخل علينا علي بن أبي طالب × فسلم فرد عليه السلام رسول الله × ورددنا, ثم قال × له: يا علي, اجلس هناك فجلس ودخل رجال فأمرهم رسول الله × بالسلام على علي بإمرة المؤمنين فسلموا وما كادوا, ثم دخل أبو بكر وعمر فسلما, فقال لهما رسول الله ×: سلما على علي × بإمرة المؤمنين, فقالا: إن الأمر من الله ورسوله؟ فقال ×: نعم, ثم دخل طلحة وسعد بن مالك فسلما, فقال لهما رسول الله ×: سلما على علي بإمرة المؤمنين, فقالا: أمر من الله ورسوله؟ فقال ×: نعم, قالا: سمعنا وأطعنا, ثم دخل سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري رضي الله عنهما فسلما فرد عليهما السلام, ثم قال ×: سلما على علي بإمرة المؤمنين, فسلما ولم يقولا شيئا, ثم دخل خزيمة بن ثابت وأبو الهيثم التيهان فسلما فرد عليهما السلام, ثم قال ×: سلما على علي بإمرة المؤمنين فسلما ولم يقولا شيئا, ثم دخل عمار والمقداد فسلما فرد عليهما السلام, وقال ×: سلما على علي بإمرة المؤمنين ففعلا ولم يقولا شيئا, ثم دخل عثمان وأبو عبيدة فسلما فرد عليهما السلام, ثم قال ×: سلما على علي بإمرة المؤمنين, قالا: عن الله ورسوله؟ قال ×: نعم, ثم دخل فلان وفلان وعد جماعة من المهاجرين والأنصار كل ذلك يقول رسول الله ×: سلموا على علي بإمرة المؤمنين, فبعض يسلم ولا يقول شيئا, وبعض يقول للنبي ×: أعن الله ورسوله؟ فيقول ×: نعم, حتى غص المجلس بأهله وامتلأت الحجرة وجلس بعض على الباب وفي الطريق, وكانوا يدخلون فيسلمون ويخرجون, ثم قال × لي ولأخي: قم يا بريدة أنت وأخوك فسلما على علي × بإمرة المؤمنين,‏ فقمنا وسلمنا ثم عدنا إلى مواضعنا, قال: ثم أقبل رسول الله × عليهم جميعا فقال: اسمعوا وعوا, إني أمرتكم أن تسلموا على علي بإمرة المؤمنين, وإن رجالا سألوني أذلك عن أمر الله وأمر رسوله, ما كان لمحمد أن يأتي أمرا من تلقاء نفسه بل بوحي ربه وأمره, أفرأيتم والذي نفسي بيده لئن أبيتم ونقضتموه لتكفرن, ولتفارقن ما بعثني به ربي,‏ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر, قال بريدة: فلما خرجنا سمعت بعض أولئك الذين أمروا بالسلام على علي بإمرة المؤمنين يقول لصاحبه, وقد التفت بهما طائفة من الجفاة البطاء عن الإسلام من قريش: أما رأيت ما صنع محمد × بابن عمه من علو المنزلة والمكان, ولو يستطيع والله لجعله نبيا من بعده, فقال له صاحبه: أمسك لا يكبرن عليك هذا الأمر, فلو أنا فقدنا محمدا لكان فعله هذا تحت أقدامنا, فقال حذيفة: ومضى بريدة إلى بعض طرق الشام ورجع وقد قبض رسول الله × وبايع الناس أبا بكر, فأقبل بريدة وقد دخل المسجد وأبو بكر على المنبر وعمر دونه بمرقاة فناداهما من ناحية المسجد: يا أبا بكر ويا عمر, قالا: وما لك يا بريدة, أجننت؟ فقال لهما: والله ما جننت, ولكن أين سلامكما بالأمس على علي × بإمرة المؤمنين؟ فقال له أبو بكر: يا بريدة, الأمر يحدث بعده الأمر, وإنك غبت وشهدنا والشاهد يرى ما لا يرى الغائب, فقال لهما: رأيتما ما لم يره الله ورسوله, ووفى لك صاحبك بقوله: لو فقدنا محمدا لكان قوله هذا تحت أقدامنا, ألا إن المدينة حرام علي أن أسكنها أبدا حتى أموت, فخرج بريدة بأهله وولده فنزل بين قومه بني أسلم, فكان يطلع في الوقت دون الوقت, فلما أفضى الأمر إلى أمير المؤمنين × سار إليه وكان معه حتى قدم العراق, فلما أصيب أمير المؤمنين × صار إلى خراسان, فنزلها ولبث هناك إلى أن مات برحمة الله تعالى, قال حذيفة: فهذا نبأ ما سألتني عنه, فقال الفتى: لا جزى الله الذين شهدوا رسول الله × وسمعوه يقول هذا القول في علي × خيرا, فقد خانوا الله ورسوله‏ ×, وأزالوا الأمر عن وصي رسول الله ×, وأقروه فيمن لم يره الله ولا رسوله, لذلك أهلا لا جرم والله لن يفلحوا بعدها أبدا, فنزل حذيفة من منبره فقال: يا أخا الأنصار, إن الأمر كان أعظم مما تظن, أنه عزب والله البصر وذهب اليقين وكثر المخالف وقل الناصر لأهل الحق, فقال له الفتى: فهلا انتضيتم أسيافكم ووضعتموها على رقابكم, وضربتم بها الزائلين عن الحق قدما قدما حتى تموتوا أو تدركوا الأمر الذي تحبونه من طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله ×؟ فقال له: أيها الفتى, إنه أخذ والله بأسماعنا وأبصارنا وكرهنا الموت وزينت عندنا الدنيا, وسبق علم الله بإمرة الظالمين ونحن نسأل الله التغمد لذنوبنا والعصمة, فيما بقي من آجلنا فإنه مالك رحيم, ثم انصرف حذيفة إلى منزله وتفرق الناس.

قال عبد الله بن سلمة: فبينا أنا ذات يوم عند حذيفة أعوده في مرضه الذي مات فيه, وقد كان يوم قدمت فيه من الكوفة من قبل قدوم علي × إلى العراق, فبينما أنا عنده إذ جاء الفتى الأنصاري فدخل على حذيفة فرحب به وأدناه وقربه من مجلسه, وخرج من كان عند حذيفة من عواده, وأقبل عليه الفتى فقال: يا أبا عبد الله, سمعتك يوما تحدث عن بريدة بن الحصيب الأسلمي أنه سمع بعض القوم الذين أمرهم رسول الله × أن يسلما على علي بإمرة المؤمنين, يقول لصاحبه: أما رأيت القوم اليوم‏ ما صنع محمد بابن عمه من التشريف وعلو المنزلة, حتى لو قدر أن يجعله نبيا لفعل, فأجابه صاحبه فقال: لا يكبرن عليك, فلو فقدنا محمدا لكان قوله تحت أقدامنا, وقد ظننت نداء بريدة لهما وهما على المنبر أنهما صاحبا القول, قال حذيفة: أجل القائل عمر والمجيب أبو بكر, فقال الفتى:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون,‏ هلك والله القوم وبطلت أعمالهم, قال حذيفة: ولم يزل القوم على ذلك الارتداد, وما يعلم الله منهم أكثر, قال الفتى: قد كنت أحب أن أتعرف هذا الأمر من فعلهم ولكني أجدك مريضا, وأنا أكره أن أملك بحديثي ومسألتي وقام لينصرف فقال حذيفة: لا, بل اجلس يا ابن أخي, وتلق مني حديثهم وإن كربني ذلك فلا أحسبني إلا مفارقكم, إني لا أحب أن تغتر بمنزلتهما في الناس, فهذا ما أقدر عليه من النصيحة لك ولأمير المؤمنين × من الطاعة له ولرسول الله × وذكر منزلته, فقال: يا أبا عبد الله, حدثني بما عندك من أمورهم لأكون على بصيرة من ذلك, فقال حذيفة: إذا والله لأخبرنك بخبر سمعته ورأيته, ولقد والله دلنا على ذلك من فعلهم على أنهم والله ما آمنوا بالله ولا برسوله × طرفة عين, وأخبرك أن الله تعالى أمر رسوله في سنة عشر من مهاجرته من مكة إلى المدينة, أن يحج هو ويحج الناس معه, فأوحى إليه بذلك‏ وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق,‏ فأمر رسول الله × المؤذنين فأذنوا في أهل السافل والعالية, ألا إن رسول الله × قد عزم على الحج في عامه هذا ليفهم الناس حجهم ويعلمهم مناسكهم, فيكون سنة لهم إلى آخر الدهر, قال: فلم يبق أحد ممن دخل في الإسلام إلا حج مع رسول الله × لسنة عشر ليشهدوا منافع لهم,‏ ويعلمهم حجهم ويعرفهم مناسكهم, وخرج رسول الله × بالناس وخرج بنسائه معه وهي حجة الوداع, فلما استتم حجهم وقضوا مناسكهم, وعرف الناس جميع ما يحتاجون إليه, وأعلمهم أنه قد أقام لهم ملة إبراهيم × وقد أزال عنهم جميع ما أحدثه المشركون بعده, ورد الحجر [الحج‏] إلى حالته الأولى ودخل مكة فأقام بها يوما واحدا, فهبط جبرئيل ع بأول سورة العنكبوت فقال: يا محمد, اقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون}‏ فقال‏ رسول الله ×: يا جبرئيل, وما هذه الفتنة؟ فقال: يا محمد, إن الله يقرئك السلام ويقول: إني ما أرسلت نبيا قبلك إلا أمرته عند انقضاء أجله أن يستخلف على أمته من بعده من يقوم مقامه, ويحيي لهم سنته وأحكامه, فالمطيعون لله فيما يأمرهم به رسول الله هم الصادقون, والمخالفون على أمره الكاذبون, وقد دنا يا محمد مصيرك إلى ربك وجنته, وهو يأمرك أن تنصب لأمتك من بعدك علي بن أبي طالب × وتعهد إليه فهو الخليفة القائم برعيتك, وأمتك إن أطاعوه وإن عصوه وسيفعلون ذلك وهي الفتنة التي تلوت الآي فيها, وإن الله عز وجل يأمرك أن تعلمه جميع ما علمك, وتستحفظه جميع ما حفظك واستودعك فإنه الأمين المؤتمن, يا محمد, إني اخترتك من عبادي نبيا, واخترته لك وصيا, قال: فدعا رسول الله × عليا ع يوما, فخلا به يوم ذلك وليلته, واستودعه العلم والحكمة التي آتاه إياها وعرفه ما قال جبرئيل ×, وكان ذلك في يوم عائشة بنت أبي بكر فقالت: يا رسول الله, لقد طالت استخلاؤك بعلي × منذ اليوم, قال: فأعرض عنها رسول الله × فقالت: لم تعرض عني يا رسول الله بأمر لعله يكون لي صلاحا؟ فقال ×: صدقت, وايم الله إنه لأمر صلاح لمن أسعده الله بقبوله والإيمان به, وقد أمرت بدعاء الناس جميعا إليه, وستعلمين ذلك إذا أنا قمت به في الناس, قالت: يا رسول الله, ولم لا تخبرني به الآن لأتقدم بالعمل به, والأخذ بما فيه الصلاح؟ قال ×: سأخبرك به فاحفظيه إلى أن أومر بالقيام به في الناس جميعا, فإنك إن حفظتيه حفظك الله في العاجلة والآجلة جميعا, وكانت لك الفضيلة بالسبقة والمسارعة إلى الإيمان بالله ورسوله, وإن أضعته وتركت رعاية ما ألقي إليك منه كفرت بربك, وحبط أجرك, وبرئت منك ذمة الله وذمة رسوله وكنت من الخاسرين, ولن يضر الله ذلك ولا رسوله, فضمنت له حفظه والإيمان به ورعايته, فقال ×: إن الله تعالى أخبرني أن عمري قد انقضى وأمرني أن أنصب عليا × للناس علما, وأجعله فيهم إماما وأستخلفه‏ كما استخلف الأنبياء من قبلي أوصياءهم, وإني صائر إلى أمر ربي وآخذ فيه بأمره, فليكن الأمر منك تحت سويداء قلبك إلى أن يأذن الله بالقيام به, فضمنت له ذلك وقد اطلع الله نبيه على ما يكون منها فيه ومن صاحبتها حفصة وأبويهما, فلم تلبث أن أخبرت حفصة وأخبرت كل واحدة منهما أباها, فاجتمعا وأرسلا إلى جماعة الطلقاء والمنافقين فخبراهم بالأمر, فأقبل بعضهم على بعض وقالوا: إن محمدا يريد أن يجعل هذا الأمر في أهل بيته كسنة كسرى وقيصر إلى آخر الدهر, ولا والله ما لكم في الحياة من حظ إن أفضى هذا الأمر إلى علي بن أبي طالب ×, وإن محمدا عاملكم على ظاهركم, وإن عليا يعاملكم على ما يجد في نفسه منكم, فأحسنوا النظر لأنفسكم في ذلك وقدموا رأيكم فيه, ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأجالوا الرأي, فاتفقوا على أن ينفروا بالنبي × ناقته على عقبة هرشى, وقد كانوا عملوا مثل ذلك في غزوة تبوك,‏ فصرف الله الشر عن نبيه ×, فاجتمعوا في أمر رسول الله × من القتل والاغتيال وإسقاء السم على غير وجه, وقد كان اجتمع أعداء رسول الله ×‏ من الطلقاء من قريش, والمنافقين من الأنصار, ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة وما حولها, فتعاقدوا وتحالفوا على أن ينفروا به ناقته, وكانوا أربعة عشر رجلا, وكان من عزم رسول الله × أن يقيم عليا × وينصبه للناس بالمدينة إذا قدم, فسار رسول الله × يومين وليلتين, فلما كان في اليوم الثالث أتاه جبرئيل × بآخر سورة الحجر, فقال: اقرأ, {فو ربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين}‏ قال ورحل رسول الله × وأغذ السير مسرعا على دخوله المدينة لينصب عليا × علما للناس, فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرئيل في آخر الليل فقرأ عليه:‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين}‏ وهم الذين هموا برسول الله ×, فقال رسول الله ×: أما تراني يا جبرئيل أغذ السير مجدا فيه لأدخل المدينة, فأفرض ولايته على الشاهد والغائب؟ فقال له جبرئيل: إن الله يأمرك أن تفرض ولايته غدا إذا نزلت منزلك, فقال رسول الله ×: نعم يا جبرئيل غدا أفعل إن شاء الله, وأمر رسول الله × بالرحيل من وقته وسار الناس معه حتى نزل بغدير خم, وصلى بالناس وأمرهم أن يجتمعوا إليه, ودعا عليا × ورفع رسول الله × يد علي اليسرى بيده اليمنى, ورفع صوته بالولاء لعلي × على الناس أجمعين, وفرض طاعته عليهم وأمرهم أن لا يتخلفوا عليه بعده, وخبرهم أن ذلك عن أمر الله عز وجل وقال × لهم: ألست‏ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟‏ قالوا: بلى يا رسول الله, قال ×: فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه, وانصر من نصره واخذل من خذله, ثم أمر الناس أن يبايعوه فبايعه الناس‏ جميعا, ولم يتكلم منهم أحد, وقد كان أبو بكر وعمر تقدما إلى الجحفة فبعث وردهما, ثم قال لهما النبي × متهجما: يا ابن أبي قحافة ويا عمر, بايعا عليا بالولاية من بعدي, فقالا: أمر من الله ومن رسوله؟ فقال ×: وهل يكون مثل هذا عن غير أمر الله؟! نعم, أمر من الله ومن رسوله, فقال: وبايعا ثم انصرفا, وسار رسول الله × باقي يومه وليلته, حتى إذا دنوا من عقبة هرشى تقدمه القوم فتواروا في ثنية العقبة, وقد حملوا معهم دبابا وطرحوا فيها الحصا, فقال حذيفة: فدعاني رسول الله × ودعا عمار بن ياسر, وأمره أن يسوقها وأنا أقودها, حتى إذا صرنا رأس العقبة ثار القوم من ورائنا, ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة, فذعرت وكادت أن تنفر برسول الله ×, فصاح بها النبي ×: أن اسكني وليس عليك بأس, فأنطقها الله تعالى بقول عربي مبين فصيح فقالت: والله يا رسول الله × لا أزلت يدا عن مستقر يد ولا رجلا عن موضع رجل وأنت على ظهري, فتقدم القوم إلى الناقة ليدفعوها فأقبلت أنا وعمار نضرب وجوههم بأسيافنا, وكانت ليلة مظلمة فزالوا عنا وأيسوا مما ظنوا وقدروا ودبروا, فقلت: يا رسول الله, من هؤلاء القوم الذين يريدون ما ترى؟ فقال ×: يا حذيفة, هؤلاء المنافقون في الدنيا والآخرة, فقلت: ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتوا برءوسهم؟ فقال ×: إن الله أمرني أن أعرض عنهم, فأكره أن تقول الناس إنه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلى دينه, فاستجابوا فقاتل بهم حتى إذا ظهر على عدوه أقبل عليهم فقتلهم, ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد, وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم‏ إلى عذاب غليظ, فقلت: ومن هؤلاء القوم المنافقون يا رسول الله, أمن المهاجرين أم من الأنصار؟ فسماهم لي رجلا رجلا حتى فرغ منهم, وقد كان فيهم أناس أنا كاره‏ أن يكونوا فيهم, فأمسكت عند ذلك فقال رسول الله ×: يا حذيفة, كأنك شاك في بعض من سميت لك؟ ارفع رأسك إليهم فرفعت طرفي إلى القوم وهم وقوف على الثنية, فبرقت برقة فأضاءت جميع ما حولنا وثبتت البرقة حتى خلتها شمسا طالعة, فنظرت والله إلى القوم فعرفتهم رجلا رجلا, فإذا هم كما قال رسول الله ×, وعدد القوم أربعة عشر رجلا, تسعة من قريش وخمسة من سائر الناس, فقال له الفتى: سمهم لنا يرحمك الله تعالى, قال حذيفة: هم والله, أبو بكر وعمر وعثمان, وطلحة وعبد الرحمن بن عوف, وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح, ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وهؤلاء من قريش, وأما الخمسة الأخر: فأبو موسى الأشعري,‏ والمغيرة بن شعبة الثقفي, وأوس بن الحدثان البصري,‏ وأبو هريرة, وأبو طلحة الأنصاري, قال حذيفة: ثم انحدرنا من العقبة وقد طلع الفجر فنزل رسول الله × فتوضأ وانتظر أصحابه حتى انحدروا من العقبة, واجتمعوا فرأيت القوم بأجمعهم وقد دخلوا مع الناس, وصلوا خلف رسول الله ×, فلما انصرف من صلاته التفت فنظر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة يتناجون, فأمر مناديا فنادى في الناس لا تجتمع ثلاثة نفر من الناس يتناجون فيما بينهم بسر وارتحل رسول الله × بالناس من منزل العقبة.

فلما نزل المنزل الآخر رأى سالم مولى حذيفة أبا بكر وعمر وأبا عبيدة يسار بعضهم بعضا, فوقف عليهم وقال: أليس قد أمر رسول الله × أن لا تجتمع ثلاثة نفر من الناس على سر واحد؟ والله لتخبروني فيما أنتم وإلا أتيت رسول الله × حتى أخبره بذلك منكم, فقال أبو بكر: يا سالم, عليك عهد الله وميثاقه لئن خبرناك بالذي نحن فيه وبما اجتمعنا له إن أحببت أن تدخل معنا فيه دخلت وكنت رجلا منا, وإن كرهت ذلك كتمته علينا, فقال سالم: لكم ذلك, وأعطاهم بذلك عهده وميثاقه وكان سالم شديد البغض والعداوة لعلي بن أبي طالب ×, وقد عرفوا ذلك منه, فقالوا له: إنا قد اجتمعنا على أن نتحالف ونتعاقد على أن لا نطيع محمدا × فيما فرض علينا من ولاية علي بن أبي طالب × بعده, فقال لهم سالم: عليكم عهد الله وميثاقه إن في هذا الأمر كنتم تخوضون وتتناجون؟ قالوا: أجل علينا عهد الله وميثاقه, إنا إنما كنا في هذا الأمر بعينه لا في شي‏ء سواه, قال سالم: وأنا والله أول من يعاقدكم على هذا الأمر ولا يخالفكم عليه, إنه والله ما طلعت الشمس على أهل بيت أبغض إلي من بني هاشم, ولا في بني هاشم أبغض إلي ولا أمقت من علي بن أبي طالب ×, فاصنعوا في‏ هذا الأمر ما بدا لكم فإني واحد منكم, فتعاقدوا من وقتهم على هذا الأمر ثم تفرقوا, فلما أراد رسول الله × المسير أتوه فقال × لهم: فيما كنتم‏ تتناجون‏ في‏ يومكم‏ هذا, وقد نهيتكم عن النجوى؟ فقالوا: يا رسول الله, ما التقينا غير وقتنا هذا, فنظر إليهم النبي × مليا, قال لهم:‏ أنتم أعلم أم الله, ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله, وما الله بغافل عما تعملون,‏ ثم سار حتى دخل المدينة واجتمع القوم جميعا, وكتبوا صحيفة بينهم على ذكر ما تعاهدوا عليه في هذا الأمر, وكان أول ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب ×, وأن الأمر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم معهم ليس بخارج منهم, وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلا هؤلاء أصحاب العقبة, وعشرون رجلا آخر, واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجراح وجعلوه أمينهم عليها, قال: فقال الفتى: يا أبا عبد الله يرحمك الله, هبنا نقول إن هؤلاء القوم رضوا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة لأنهم من مشيخة قريش, فما بالهم رضوا بسالم وهو ليس من قريش, ولا من المهاجرين ولا من الأنصار, وإنما هو عبد لامرأة من الأنصار؟ قال حذيفة: يا فتى, إن القوم أجمع تعاقدوا على إزالة هذا الأمر عن علي بن أبي طالب × حسدا منهم له وكراهة لأمره, واجتمع لهم مع ذلك ما كان في قلوب قريش من سفك الدماء, وكان خاصة رسول الله × وكانوا يطلبون الثأر الذي أوقعه رسول الله × بهم من علي × من بني هاشم, فإنما كان العقد على إزالة الأمر عن علي × من هؤلاء الأربعة عشر, وكانوا يرون أن سالما رجل منهم, فقال الفتى: فخبرني يرحمك الله, عما كتب جميعهم في الصحيفة لأعرفه, فقال حذيفة: حدثتني بذلك أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة أبي بكر: أن القوم اجتمعوا في منزل أبي بكر فتآمروا في ذلك, وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يدبرونه في ذلك, حتى اجتمع رأيهم على ذلك, فأمروا سعيد بن العاص الأموي‏ فكتب هو الصحيفة, باتفاق منهم وكانت نسخة الصحيفة: {بسم الله الرحمن الرحيم}‏ هذا ما اتفق عليه الملأ من أصحاب محمد رسول الله × من المهاجرين والأنصار, الذين مدحهم الله في كتابه على لسان نبيه ×, اتفقوا جميعا بعد أن أجهدوا في رأيهم وتشاوروا في أمرهم, وكتبوا هذه الصحيفة نظرا منهم إلى الإسلام وأهله, على غابر الأيام وباقي الدهور, ليقتدي بهم من يأتي من المسلمين من بعدهم, أما بعد, فإن الله بمنه وكرمه بعث محمدا × رسولا إلى الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لعباده فأدى من ذلك, وبلغ ما أمره الله به وأوجب علينا القيام بجميعه, حتى إذا أكمل الدين وفرض الفرائض وأحكم السنن, اختار الله له ما عنده فقبضه إليه مكرما محبورا من غير أن يستخلف أحدا من بعده, وجعل الاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم من وثقوا برأيه ونصحه لهم, وإن للمسلمين في رسول الله × أسوة حسنة, قال الله تعالى:‏ {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر} وإن رسول الله × لم يستخلف أحدا لئلا يجري ذلك في أهل بيت واحد, فيكون إرثا دون سائر المسلمين, ولئلا يكون دولة بين الأغنياء منهم, ولئلا يقول المستخلف إن هذا الأمر باق في عقبه من والد إلى ولد إلى يوم القيامة, والذي يجب على المسلمين عند مضي خليفة من الخلفاء, أن يجتمع ذوو الرأي والصلاح فيتشاوروا في أمورهم, فمن رأوه مستحقا لها ولوه أمورهم, وجعلوه القيم عليهم, فإنه لا يخفى على أهل كل زمان من يصلح منهم للخلافة, فإن ادعى مدع من الناس جميعا أن رسول الله × استخلف رجلا بعينه نصبه للناس ونص عليه باسمه ونسبه فقد أبطل في قوله, وأتى بخلاف ما يعرفه أصحاب رسول الله ×, وخالف على جماعة المسلمين, وإن ادعى مدع أن خلافة رسول الله × إرث, وأن رسول الله ×‏ يورث, فقد أحال في قوله لأن رسول الله × قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة, وإن ادعى مدع أن الخلافة لا تصلح إلا لرجل واحد من بين الناس وأنها مقصورة فيه ولا تنبغي لغيره لأنها تتلو النبوة فقد كذب, لأن النبي × قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم, وإن ادعى مدع أنه مستحق للخلافة والإمامة بقربه من رسول الله × ثم هي مقصورة عليه وعلى عقبه يرثها الولد منهم عن والده, ثم هي كذلك في كل عصر وزمان لا تصلح لغيرهم ولا ينبغي أن يكون لأحد سواهم إلى أن يرث الله‏ الأرض ومن عليها, فليس له ولا لولده وإن دنا من النبي نسبه لأن الله يقول وقوله القاضي على كل أحد: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}‏ وقال رسول الله ×: إن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم, وكلهم يد على من سواهم, فمن آمن بكتاب الله وأقر بسنة رسول الله × فقد استقام وأناب وأخذ بالصواب, ومن كره ذلك من فعالهم فقد خالف الحق والكتاب, وفارق جماعة المسلمين, فاقتلوه فإن في قتله صلاحا للأمة, وقد قال رسول الله ×: من جاء إلى أمتي وهم جميع ففرقهم فاقتلوه, واقتلوا الفرد كائنا من كان من الناس, فإن الاجتماع رحمة والفرقة عذاب, ولا تجتمع أمتي على الضلال أبدا, وإن المسلمين يد واحدة على من سواهم, وإنه لا يخرج من جماعة المسلمين إلا مفارق ومعاند لهم, ومظاهر عليهم أعداءهم فقد أباح الله ورسوله دمه, وأحل قتله, وكتب سعيد بن العاص باتفاق ممن أثبت اسمه وشهادته آخر هذه الصحيفة في المحرم سنة عشرة من الهجرة, والحمد لله رب العالمين‏ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم, ثم دفعت الصحيفة إلى أبي عبيدة بن الجراح, فوجه بها إلى مكة فلم تزل الصحيفة في الكعبة مدفونة إلى أوان عمر بن الخطاب, فاستخرجها من موضعها وهي الصحيفة التي تمنى أمير المؤمنين × لما توفي عمر فوقف به وهو مسجى بثوبه, قال: ما أحب إلي أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى‏, ثم انصرفوا وصلى رسول الله × بالناس صلاة الفجر, ثم جلس في مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس, فالتفت إلى أبي عبيدة بن الجراح فقال له: بخ بخ من مثلك وقد أصبحت أمين هذه الأمة, ثم تلا: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون}‏ لقد أشبه هؤلاء رجال في هذه الأمة {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا} ثم قال ×: لقد أصبح في هذه الأمة في يومي هذا قوم ضاهوهم في صحيفتهم التي كتبوها علينا في الجاهلية وعلقوها في الكعبة, وإن الله تعالى يمتعهم ليبتليهم ويبتلي من يأتي بعدهم تفرقة بين الخبيث والطيب, ولو لا أنه سبحانه أمرني بالإعراض عنهم للأمر الذي هو بالغه لقدمتهم فضربت أعناقهم, قال حذيفة: فو الله, لقد رأينا هؤلاء النفر عند قول رسول الله × هذه المقالة, وقد أخذتهم الرعدة فما يملك أحد منهم من نفسه شيئا, ولم يخف على أحد ممن حضر مجلس رسول الله × ذلك اليوم, أن رسول الله × إياهم عنى, بقوله: ولهم ضرب تلك الأمثال بما تلا من القرآن.

قال: ولما قدم رسول الله × من سفره ذلك نزل منزل أم سلمة زوجته, فأقام بها شهرا لا ينزل منزلا سواه من منازل أزواجه, كما كان يفعل قبل ذلك, قال: فشكت عائشة وحفصة ذلك إلى أبويهما, فقالا لهما: إنا لنعلم لم صنع ذلك, ولأي شي‏ء هو امضيا إليه فلاطفاه في الكلام, وخادعاه عن نفسه, فإنكما تجدانه حييا كريما, فلعلكما تسلان ما في قلبه وتستخرجان سخيمته, قال: فمضت عائشة وحدها إليه فأصابته في منزل أم سلمة وعنده علي بن أبي طالب ×, فقال لها النبي ×: ما جاء بك يا حميراء؟ قالت: يا رسول الله, أنكرت تخلفك عن منزلك هذه المرة, وأنا أعوذ بالله من سخطك يا رسول الله, فقال ×: لو كان الأمر كما تقولين لما أظهرت سرا أوصيتك بكتمانه, لقد هلكت وأهلكت أمة من الناس, قال: ثم أمر خادمة لأم سلمة فقال: اجمعي هؤلاء يعني نساءه, فجمعتهن في منزل أم سلمة فقال لهن: اسمعن ما أقول لكن, وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب × فقال لهن: هذا أخي ووصيي ووارثي, والقائم فيكن وفي الأمة من بعدي, فأطعنه فيما يأمركن به, ولا تعصينه فتهلكن بمعصيته, ثم قال ×: يا علي, أوصيك بهن فأمسكهن ما أطعن الله وأطعنك, وأنفق عليهن من مالك ومرهن بأمرك, وانههن عما يريبك, وخل سبيلهن إن عصينك, فقال علي ×: يا رسول الله, إنهن نساء وفيهن الوهن وضعف الرأي, فقال ×: ارفق بهن ما كان الرفق أمثل بهن, فمن عصاك منهن فطلقها طلاقا يبرأ الله ورسوله منها, قال: وكل نساء النبي قد صمتن فلم يقلن شيئا, فتكلمت عائشة فقالت: يا رسول الله, ما كنا لتأمرنا بشي‏ء فنخالفه بما سواه, فقال × لها: بلى يا حميراء, قد خالفت أمري أشد خلاف, وايم الله لتخالفن قولي هذا ولتعصنه بعدي, ولتخرجن من البيت الذي أخلفك فيه متبرجة قد حف بك فئام من الناس, فتخالفينه ظالمة له عاصية لربك, ولتنبحنك في طريقك كلاب الحوأب, ألا إن ذلك كائن, ثم قال ×: قمن فانصرفن إلى منازلكن, قال: فقمن فانصرفن.

قال: ثم إن رسول الله × جمع أولئك النفر ومن مالأهم على علي × وطابقهم على عداوته, ومن كان من الطلقاء والمنافقين, وكانوا زهاء أربعة آلاف رجل, فجعلهم تحت يدي أسامة بن زيد مولاه, وأمره عليهم وأمره بالخروج إلى ناحية من الشام, فقالوا: يا رسول الله, إنا قدمنا من سفرنا الذي كنا فيه معك,‏ ونحن نسألك أن تأذن لنا في المقام لنصلح من شأننا ما يصلحنا في سفرنا, قال: فأمرهم أن يكونوا في المدينة ريثما يحتاجون إليه, وأمر × أسامة بن زيد فعسكر بهم على أميال من المدينة، فأقام بمكانه الذي حد له رسول الله × منتظراً القوم أن يرافقوه إذا فرغوا من أمورهم وقضاء حوائجهم، وإنما أراد رسول الله × بما صنع من ذلك أن تخلو المدينة منهم, ولا يبقى بها أحد من المنافقين, قال: فهم على ذلك من شأنهم ورسول الله × دائب يحثهم ويأمرهم بالخروج والتعجيل إلى الوجه الذي ندبهم إليه، إذ مرض رسول الله × مرضه الذي توفي فيه، فلما رأوا ذلك تباطؤوا عما أمرهم رسول الله × من الخروج، فأمر قيس بن سعد بن عبادة وكان سياف رسول الله ×, والحباب بن المنذر في جماعة من الأنصار أن يرحلوا بهم إلى عسكرهم، فأخرجهم قيس بن سعد والحباب بن المنذر حتى ألحقاهم بمعسكرهم، وقالا لأسامة: إن رسول الله × لم يرخص لك في التخلف فسر من وقتك هذا، ليعلم رسول الله ذلك, فارتحل بهم أسامة وانصرف قيس بن سعد والحباب بن المنذر إلى رسول الله × فأعلماه برحلة القوم، فقال لهم: إن القوم غير سائرين من مكانهم! قال: فخلا أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بأسامة وجماعة من أصحابه فقالوا: إلى أين ننطلق ونخلي المدينة, ونحن أحوج ما كنا إليها وإلى المقام بها؟ قالوا: إن رسول الله × قد نزل به الموت، ووالله لئن خلينا المدينة ليحدثن بها أمور لا يمكن إصلاحها! ننظر ما يكون من أمر رسول الله × ثم المسير بين أيدينا! قال: فرجع القوم إلى المعسكر الأول فأقاموا به، فبعثوا رسولاً يتعرف لهم بالخبر من أمر رسول الله ×, فأتى الرسول عائشة فسألها عن ذلك سراً فقالت: إمض إلى أبي بكر وعمر ومن معهما فقل لهما: إن رسول الله × قد ثقل ولا يبرحن أحد منكم! وأنا أعلمكم بالخبر وقتاً بعد وقت! واشتدت علة رسول الله × فدعت عائشة صهيباً فقالت: إمض إلى أبي بكر وأعلمه أن محمداً × في حال لا ترجى، فهلموا إلينا أنت وعمر وأبو عبيدة ومن رأيتم أن يدخل معكم، وليكن دخولكم المدينة بالليل سراً! قال: فأتاهم بالخبر فأخذوا بيد صهيب فأدخلوه إلى أسامة بن زيد, فأخبروه الخبر وقالوا له: كيف ينبغي لنا أن نتخلف عن مشاهدة رسول الله ×؟ واستأذنوه للدخول فأذن لهم بالدخول، وأمرهم أن لا يعلم أحد بدخولهم، وقال: إن عوفي رسول الله × رجعتم إلى عسكركم، وإن حدث حادث الموت عرفونا ذلك لنكون في جماعة الناس، فدخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ليلاً المدينة ورسول الله × قد ثقل, قال: فأفاق بعض الإفاقة فقال ×: لقد طرق ليلتنا هذه المدينة شر عظيم! فقيل له: وما هو يا رسول الله؟ قال: فقال ×: إن الذين كانوا في جيش أسامة قد رجع منهم نفر يخالفون أمري، ألا إني إلى الله منهم برئ! ويحكم نفذوا جيش أسامة! فلم يزل يقول ذلك حتى قالها مرات كثيرة, قال: وكان بلال مؤذن رسول الله × يؤذن بالصلاة في كل وقت صلاة، فإن قدر رسول الله × على الخروج تحامل وخرج وصلى بالناس، وإن هو لم يقدر على الخروج, أمر علي بن أبي طالب × فصلى بالناس، وكان علي × والفضل بن العباس لا يزايلانه في مرضه ذلك, فلما أصبح رسول الله × من ليلته تلك التي قدم فيها القوم الذين كانوا تحت يدي أسامة، أذن بلال ثم أتاه يخبره كعادته, فوجده قد ثقل فمنع من الدخول إليه، فأمرت عائشة صهيباً أن يمضي إلى أبيها فيعلمه أن رسول الله قد ثقل، وليس يطيق النهوض إلى المسجد وعلي بن أبي طالب × قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس، فأخرج أنت إلى المسجد وصل بالناس, فإنها حالة تهيئك وحجة لك بعد اليوم, قال: ولم يشعر الناس وهم في المسجد ينتظرون رسول الله × أو علياً × يصلي بهم كعادته التي عرفوها في مرضه، إذ دخل أبو بكر المسجد وقال: إن رسول الله × قد ثقل, وقد أمرني أن أصلي بالناس! فقال له رجل من أصحاب رسول الله ×: وأنى لك ذلك وأنت في جيش أسامة! لا والله ما أعلم أحداً بعث إليك ولا أمرك بالصلاة! ثم نادى الناس بلالاً فقال: على رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول الله × في ذلك، ثم أسرع حتى أتى الباب فدقه دقاً شديداً، فسمعه رسول الله × فقال: ما هذا الدق العنيف, فانظروا ما هو؟ قال: فخرج الفضل بن العباس ففتح الباب فإذا بلال فقال: ما وراءك يا بلال؟ فقال: إن أبا بكر دخل المسجد وتقدم حتى وقف في مقام رسول الله ×، وزعم أن رسول الله أمره بذلك! فقال: أوليس أبو بكر مع أسامة في الجيش! هذا والله هو الشر العظيم الذي طرق البارحة المدينة! لقد أخبرنا رسول الله × بذلك! ودخل الفضل وأدخل بلالاً معه, فقال ×: ما وراءك يا بلال؟ فأخبر رسول الله × الخبر فقال ×: أقيموني أخرجوني إلى المسجد, والذي نفسي بيده قد نزلت بالإسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن! ثم خرج × معصوب الرأس يتهادى بين علي × والفضل بن عباس ورجلاه تجران في الأرض، حتى دخل المسجد وأبو بكر قائم في مقام رسول الله × وقد طاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الذين دخلوا، وأكثر الناس قد وقفوا عن الصلاة ينتظرون ما يأتي به بلال، فلما رأى الناس رسول الله × قد دخل المسجد وهو بتلك الحالة العظيمة من المرض أعظموا ذلك، وتقدم رسول الله × فجذب أبا بكر من ردائه فنحاه عن المحراب، وأقبل أبو بكر والنفر الذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله ×! وأقبل الناس فصلوا خلف رسول الله × وهو جالس وبلال يسمع الناس التكبير حتى قضى صلاته، ثم التفت فلم ير أبا بكر! فقال ×: أيها الناس, لا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يدي أسامة، وأمرتهم بالمسير إلى الوجه الذي وجهوا إليه، فخالفوا ذلك ورجعوا إلى المدينة ابتغاء الفتنة، ألا وإن الله قد أركسهم فيها! أعرجوا بي إلى المنبر, فقام وهو مربوط حتى قعد على أدنى مرقاة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس, إنني قد جاءني من أمر ربى ما الناس صائرون إليه، وإني قد تركتكم على المحجة الواضحة ليلها كنهارها، فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني إسرائيل! أيها الناس: لا أحلُّ لكم إلا ما أحله القرآن, ولا أحَرِّم عليكم إلا ما حرَّمه القرآن, وإني مخلِّف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي هما الخليفتان، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فأسألكم ماذا خلفتموني فيهما, وليذادن يومئذ رجال عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل، فيقول: أنا فلان وأنا فلان، فأقول أما الأسماء فقد عرفت ولكنكم ارتددتم من بعدي فسحقاً لكم سحقاً! ثم نزل عن المنبر وعاد إلى حجرته, ولم يظهر أبو بكر وأصحابه حتى قبض رسول الله ×! وكان من الأنصار وسعد من السقيفة ما كان فمنعوا أهل بيت نبيهم حقوقهم التي جعلها الله عز وجل لهم, وأما كتاب الله فمزقوه كل ممزق وفيما أخبرتك يا أخا الأنصار من خطب معتبر لمن أحب الله هدايته, فقال الفتى: سم لي القوم الآخرين الذين حضروا الصحيفة وشهدوا فيها, فقال حذيفة: أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل, وصفوان بن أمية بن خلف, وسعيد بن العاص, وخالد بن الوليد, وعياش بن أبي ربيعة, وبشير بن سعد, وسهيل بن عمرو, وحكيم بن حزام, وصهيب بن سنان, وأبو الأعور السلمي, ومطيع بن الأسود المدري, وجماعة من هؤلاء ممن سقط عني إحصاء عددهم, فقال الفتى: يا أبا عبد الله, ما هؤلاء في أصحاب رسول الله × حتى قد انقلب الناس أجمعون بسببهم؟ فقال حذيفة: إن هؤلاء رءوس القبائل وأشرافها, وما من رجل من هؤلاء إلا ومعه من الناس خلق عظيم يسمعون له ويطيعون, وأشربوا في قلوبهم من حب أبي بكر كما أشرب قلوب بني إسرائيل من حب العجل والسامري, حتى تركوا هارون واستضعفوه,‏ قال الفتى: فإني أقسم بالله حقا حقا, أني لا أزال لهم مبغضا وإلى الله منهم ومن أفعالهم متبرئا, ولا زلت لأمير المؤمنين × متواليا ولأعاديه معاديا, ولألحقن به وإني لأؤمل أن أرزق الشهادة معه وشيكا إن شاء الله تعالى. [155]

 

عن زيد بن الجهم الهلالي, عن أبي عبد الله × قال: سمعته يقول:‏ لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب × وكان من قول رسول الله ×: سلموا على علي بإمرة المؤمنين,‏ فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد, قول رسول الله × لهما: قوما فسلما عليه بإمرة المؤمنين,‏ فقالا: أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله ×: من الله ومن رسوله, فأنزل الله عز وجل: {ولا تنقضوا الأيمان‏ بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون‏} يعني به قول رسول الله × لهما, وقولهما: أمن الله أو من رسوله, {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم‏ أن تكون‏} أئمة هي أزكى من أئمتكم, قال: قلت: جعلت فداك, أئمة؟ قال ×: إي والله أئمة, قلت: فإنا نقرأ: {أربى}‏ فقال ×: ما أربى, وأومأ بيده فطرحها: {إنما يبلوكم الله به}‏ يعني بعلي ×,‏ {وليبينن لكم‏ يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسئلن}‏ يوم القيامة {عما كنتم تعملون ولا تتخذوا أيمانكم‏ دخلا بينكم‏ فتزل قدم‏ بعد ثبوتها} يعني بعد مقالة رسول الله × في علي ×, {وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله}‏ يعني به عليا ×,‏ {ولكم عذاب عظيم‏}.[156]

 

عن سلمان في حديث: وقال عمر لأبي بكر: أرسل إلى علي فليبايع, فإنا لسنا في شي‏ء حتى يبايع, ولو قد بايع أمناه, فأرسل إليه أبو بكر: أجب خليفة رسول الله ×, فأتاه الرسول فقال له ذلك, فقال له علي ×: سبحان الله, ما أسرع ما كذبتم على رسول الله ×, إنه ليعلم ويعلم ‏الذين حوله أن الله ورسوله لم يستخلفا غيري, وذهب الرسول فأخبره بما قال له, قال: اذهب, فقل له: أجب أمير المؤمنين أبا بكر, فأتاه فأخبره بما قال, فقال له علي ×: سبحان الله, ما والله طال العهد فينسى, فو الله إنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي, ولقد أمره رسول الله × وهو سابع سبعة, فسلموا علي بإمرة المؤمنين, فاستفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة, فقالا: أحق من الله ورسوله؟ فقال لهما رسول الله ×: نعم, حقا حقا من الله ورسوله إنه أمير المؤمنين, وسيد المسلمين, وصاحب لواء الغر المحجلين, يقعده الله عز وجل يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار, فانطلق الرسول فأخبره بما قال, قال: فسكتوا عنه يومهم ذلك. [157]

 

عن علي بن خرور قال: دخلت أنا والعلاء بن هلال الخفاف على أبي إسحاق السبيعي حين قدم من خراسان، فجرى الحديث فقلت: أبا إسحاق أحدثك بحديث حدثنيه أخوك أبو داود, عن عمران بن حصين الخزاعي, وبريدة بن حصيب الأسلمي؟ قال: نعم، فقلت: حدثني أبو داود أن بريدة أتى عمران بن حصين يدخل عليه في منزله حين بايع الناس أبا بكر، فقال: يا عمران ترى القوم نسوا ما سمعوا من رسول الله | في حائط بني فلان أهل بيت من الأنصار، فجعل لا يدخل عليه أحد من المسلمين فيسلم عليه إلا رد | ثم قال له: سلم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فلم يرد على رسول الله | يومئذ أحد من الناس إلا عمر، فإنه قال: من أمر الله أو من أمر رسول الله؟ قال رسول الله |: بل من الله ومن رسوله، قال عمران: بلى قد أذكر ذا، فقال بريدة: فانطلق بنا إلى أبي بكر فنسأله عن هذا الامر، فإن كان عنده عهد من رسول الله | عهده إليه بعد هذا الامر أو أمر أمر به فإنه لا يخبرنا عن رسول الله | بكذب ولا يكذب على رسول الله |، فانطلقنا فدخلنا على أبي بكر فذكرنا ذلك اليوم وقلنا له: فلم يدخل أحد من المسلمين فسلم على رسول الله | إلا قال له: سلم على أمير المؤمنين علي، وكنت أنت ممن سلم عليه بإمرة المؤمنين، فقال أبو بكر: قد أذكر ذلك، فقال له بريدة: لا ينبغي لاحد من المسلمين أن يتأمر على أمير المؤمنين علي × بعد أن سماه رسول الله | بأمير المؤمنين، فإن كان عندك عهد من رسول الله عهده إليك أو أمر أمرك به بعد هذا فأنت عندنا مصدق، فقال أبو بكر: لا والله ما عندي عهد من رسول الله | ولا أمر أمرني به، ولكن المسلمين رأوا رأيا فتابعتهم به على رأيهم! فقال له بريدة: والله ما ذلك لك ولا للمسلمين خلاف رسول الله | فقال أبو بكر: ارسل لكم إلى عمر، فجاءه فقال له أبو بكر: إن هذين سألاني عن أمر قد شهدته، وقص عليه كلامهما، فقال عمر: قد سمعت ذلك ولكن عندي المخرج من ذلك، فقال له بريدة، عندك؟ قال: عندي، قال: فما هو؟ قال: لا يجتمع النبوة والملك في أهل بيت واحد! قال: فاغتنمها بريدة - وكان رجلا مفهما جريا على الكلام - فقال: يا عمر إن الله عز وجل قد أبى ذلك عليك، أما سمعت الله في كتابه يقول: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما} فقد جمع الله لهم النبوة والملك قال: فغضب عمر حتى رأيت عينيه يوقدان، ثم قال: ما جئتما إلا لتفرقا جماعة هذه الأمة وتشتتا أمرها! فما زلنا نعرف منه الغضب حتى هلك. [158]

 

عن معاوية الدهني قال: دخل أبو بكر على علي × فقال له: إن رسول الله × ما تحدث إلينا في أمرك حديثا بعد يوم الولاية, وإني أشهد أنك مولاي مقر لك بذلك, وقد سلمت عليك على عهد رسول الله × بإمرة المؤمنين, وأخبرنا رسول الله × أنك وصيه ووارثه وخليفته في أهله ونسائه, ولم يحل بينك وبين ذلك, وصار ميراث رسول الله × إليك, وأمر نسائه ولم يخبرنا بأنك خليفته من بعده ولا جرم لك في ذلك فيما بيننا وبينك, ولا ذنب بيننا وبينك وبين الله. [159]

 

عن أبي ذر قال: أمرنا رسول الله × ونحن أربعون رجلا من العرب, وأربعون رجلا من العجم, فسلمنا على علي × بإمرة المؤمنين. [160]

 

عن بريدة قال: أمرنا النبي × أن نسلم على علي × بإمرة المؤمنين. [161]

 

علي بن إبراهيم في حديث طويل عن الغدير: فقام رسول الله × فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه, ثم قال: أيها الناس, هل تعلمون من وليكم؟ فقالوا: نعم الله ورسوله، ثم قال ×: ألستم تعلمون أني أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال ×: اللهم اشهد, فأعاد ذلك عليهم ثلاثا, كل ذلك يقول مثل قوله الأول, ويقول الناس كذلك, ويقول ×: اللهم اشهد، ثم أخذ بيد أمير المؤمنين × فرفعها حتى بدا للناس بياض إبطيهما, ثم قال ×: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه, وانصر من نصره واخذل من خذله, وأحب من أحبه, ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم اشهد عليهم وأنا من الشاهدين, فاستفهمه عمر فقام من بين أصحابه فقال: يا رسول الله, هذا من الله ومن رسوله؟ فقال رسول الله ×: نعم, من الله ورسوله, إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار، فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده: قد قال محمد في مسجد الخيف ما قال, وقال هاهنا ما قال, وإن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له, فاجتمعوا أربعة عشر نفرا وتآمروا على قتل رسول الله × وقعدوا في العقبة، وهي عقبة أرشى‏ بين الجحفة والأبواء، فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها, لينفروا ناقة رسول الله ×, فلما جن الليل تقدم رسول الله × في تلك الليلة العسكر, فأقبل ينعس على ناقته، فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل: يا محمد, إن فلانا وفلانا [وفلانا] قد قعدوا لك، فنظر رسول الله × فقال: من هذا خلفي؟ فقال حذيفة اليماني: أنا يا رسول الله حذيفة بن اليمان، قال ×: سمعت ما سمعت؟ قال: بلى, قال ×: فاكتم، ثم دنا رسول الله × منهم فناداهم بأسمائهم، فلما سمعوا نداء رسول الله × فروا ودخلوا في غمار الناس, وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها, ولحق الناس برسول الله × وطلبوهم, وانتهى رسول الله × إلى رواحلهم فعرفهم، فلما نزل قال ×: ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن مات محمد أو قتل, ألا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا، فجاءوا إلى رسول الله × فحلفوا أنهم لم يقولوا من ذلك شيئا, ولم يريدوه ولم يكتموا شيئا من رسول الله ×، فأنزل الله {يحلفون بالله ما قالوا} أن لا يردوا هذا الأمر في أهل بيت رسول الله × {ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا} من قتل رسول الله × {وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} فرجع رسول الله × إلى المدينة, وبقي بها المحرم‏ والنصف من صفر لا يشتكي شيئا, ثم ابتدأ به الوجع الذي توفي فيه رسول الله ×. [162]

 

عن أبان بن أبي عياش, عن سليم بن قيس, عن سلمان, عن علي × أنه قال لأبي بكر ومن بايعه في السقيفة: لقد وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي تعاقدتم عليها في الكعبة: إن قتل الله محمدا أو مات لتزون هذا الأمر عنا أهل البيت. فقال أبو بكر: فما علمك بذلك؟ ما أطلعناك عليها فقال ×: أنت يا زبير وأنت يا سلمان وأنت يا أبا ذر وأنت يا مقداد، أسألكم بالله وبالإسلام، أما سمعتم رسول الله | يقول ذلك وأنتم تسمعون: إن فلانا وفلانا - حتى عد هؤلاء الخمسة (وهم: أبو بكر, وعمر, وأبو عبيدة الجراح, وسالم مولى أبي حذيفة, ومعاذ بن جبل‏) - قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا فيه وتعاقدوا أيمانا على ما صنعوا إن قتلت أو مت؟ فقالوا: اللهم نعم، قد سمعنا رسول الله | يقول ذلك لك: إنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا، وكتبوا بينهم كتابا إن قتلت أو مت أن يتظاهروا عليك وأن يزووا عنك هذا يا علي. [163]

 

عن سليم بن قيس قال: شهدت أبا ذر بالربذة حين سيره عثمان وأوصى إلى علي × في أهله وماله‏, فقال له قائل: لو كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين عثمان, فقال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا, أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × سلمنا عليه بإمرة المؤمنين على عهد رسول الله × بأمر رسول الله × قال × لنا: سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي, وولي كل مؤمن بعدي بإمرة المؤمنين, فإنه زر الأرض الذي تسكن إليه, ولو قد فقدتموه‏ أنكرتم الأرض وأهلها, فرأيت عجل هذه الأمة وسامريها راجعا رسول الله × ثم قالا: حق من الله ورسوله؟ فغضب رسول الله × ثم قال: حق من الله ورسوله أمرني الله بذلك, فلما سلمنا عليه أقبلا على أصحابهما معاذ وسالم وأبي عبيدة, حين خرجا من بيت علي × من بعد ما سلمنا عليه, فقالا لهم: ما بال هذا الرجل ما زال يرفع خسيسة ابن عمه, وقال أحدهما: إنه ليحسن أمر ابن عمه, وقال الجميع: ما لنا عنده خير ما بقي علي, قال: فقلت: يا أبا ذر, هذا التسليم بعد حجة الوداع أو قبلها؟ فقال: أما التسليمة الأولى فقبل حجة الوداع, وأما التسليمة الأخرى فبعد حجة الوداع, قلت: فمعاقدة هؤلاء الخمسة متى كانت؟ قال: في حجة الوداع, قلت: أخبرني أصلحك الله عن الاثني عشر أصحاب العقبة المتلثمين, الذين أرادوا أن ينفروا برسول الله × الناقة, ومتى كان ذلك؟ قال: بغدير خم, مقبل رسول الله × من حجة الوداع, قلت: أصلحك, الله تعرفهم؟ قال: إي والله كلهم, قلت: من أين تعرفهم, وقد أسرهم رسول الله × إلى حذيفة؟ قال: عمار بن ياسر كان قائدا, وحذيفة كان سائقا, فأمر حذيفة بالكتمان, ولم يأمر بذلك عمارا, قلت: تسميهم لي؟ قال: خمسة أصحاب الصحيفة, وخمسة أصحاب الشورى, وعمرو بن العاص ومعاوية. [164]

 

عن أبي عبد الله ×‏ في قول الله عز وجل:‏ {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شي‏ء عليم}‏ قال ×: نزلت هذه الآية في فلان وفلان, وأبي عبيدة بن الجراح, وعبد الرحمن بن عوف, وسالم مولى أبي حذيفة, والمغيرة بن شعبة, حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا لئن مضى محمد × لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا, فأنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية, قال:[165] قلت: قوله عز وجل:‏ {أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم و نجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} قال ×: وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم, قال أبو عبد الله ×: لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب, إلا يوم قتل الحسين ×, وهكذا كان في سابق علم الله عز وجل الذي أعلمه رسول الله ×, أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين ×, وخرج الملك من بني هاشم‏, فقد كان ذلك كله. [166]

 

عن أبي جعفر × قال: كنت دخلت مع أبي الكعبة, فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين فقال ×: في هذا الموضع تعاقد القوم, إن مات رسول الله × أن لا يردوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته أبدا, قال: قلت: ومن كان؟ قال ×: الأول والثاني, وأبو عبيدة بن الجراح, وسالم بن الحبيبة. [167]

 

عن الباقر × في قوله: {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم} إذا عاينوا عند الموت ما أعد لهم من العذاب الأليم, وهم أصحاب الصحيفة الذين كتبوا على مخالفة علي × {وما هم بخارجين من النار}.[168]

 

عقد – رسول الله | - لأسامة بن زيد الإمرة, وأمره أن يقصد حيث قتل أبوه, وقال له: أوطئ الخيل أواخر الشام من أوائل الروم, وجعل في جيشه أعيان المهاجرين ووجوه الأنصار, وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة, وعسكر أسامة بالجرف, فاشتكى رسول الله × شكواه التي توفي فيها, وكان يقول في مرضه: نفذوا ج6يش أسامة, ويكرر ذلك, إنما فعل ذلك لئلا يبقى في المدينة عند وفاته من يختلف في الإمامة ويطمع في الإمارة ويستوسق الأمر لأهله. [169]

 

عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: وأما الثانية يا أخا اليهود, فإن رسول الله × أمرني في حياته على جميع أمته, وأخذ على جميع من حضره منهم البيعة والسمع والطاعة لأمري, وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب ذلك, فكنت المؤدي إليهم عن رسول الله × أمره, إذا حضرته والأمير على من حضرني منهم إذا فارقته, لا تختلج في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شي‏ء من الأمر في حياة النبي × ولا بعد وفاته, ثم أمر رسول الله × بتوجيه الجيش الذي وجهه مع أسامة بن زيد عند الذي أحدث الله به من المرض الذي توفاه فيه, فلم يدع النبي أحدا من أفناء العرب ولا من الأوس والخزرج وغيرهم من سائر الناس ممن يخاف على نقضه ومنازعته, ولا أحدا ممن يراني بعين البغضاء ممن قد وترته بقتل أبيه أو أخيه أو حميمه إلا وجهه في ذلك الجيش, ولا من المهاجرين والأنصار والمسلمين وغيرهم‏ والمؤلفة قلوبهم والمنافقين لتصفو قلوب من يبقى معي بحضرته, ولئلا يقول قائل شيئا مما أكرهه, ولا يدفعني دافع من الولاية والقيام بأمر رعيته من بعده, ثم كان آخر ما تكلم به في شي‏ء من أمر أمته أن يمضي جيش أسامة ولا يتخلف عنه أحد ممن أنهض معه, وتقدم في ذلك أشد التقدم, وأوعز فيه أبلغ الإيعاز, وأكد فيه أكثر التأكيد, فلم أشعر بعد أن قبض النبي × إلا برجال من بعث أسامة بن زيد وأهل عسكره قد تركوا مراكزهم وأخلوا مواضعهم, وخالفوا أمر رسول الله × فيما أنهضهم له وأمرهم به, وتقدم إليهم من ملازمة أميرهم والسير معه تحت لوائه, حتى ينفذ لوجهه الذي أنفذه إليه, فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره وأقبلوا يتبادرون على الخيل ركضا إلى حل عقدة عقدها الله عز وجل لي ولرسوله × في أعناقهم فحلوها, وعهد عاهدوا الله ورسوله فنكثوه, وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم واختصت به آراؤهم من غير مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب, أو مشاركة في رأي أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي, فعلوا ذلك وأنا برسول الله × مشغول وبتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود, فإنه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها, فكان هذا يا أخا اليهود أقرح ما ورد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية وفاجع المصيبة, وفقد من لا خلف منه إلا الله تبارك وتعالى, فصبرت عليها إذا أتت بعد أختها على تقاربها وسرعة اتصالها. [170]

 

فجاء بلال عند صلاة الصبح ورسول الله × مغمور بالمرض, فنادى: الصلاة رحمكم الله! فأوذن رسول الله × بندائه, فقال: يصلي بالناس بعضهم فإنني مشغول بنفسي. فقالت عائشة: مروا أبا بكر, وقالت حفصة: مروا عمر. فقال رسول الله × حين سمع كلامهما, ورأى حرص كل واحدة منهما على التنويه بأبيها وافتتانهما بذلك, ورسول الله × حي: اكففن فإنكن صويحبات يوسف, ثم قام × مبادرا خوفا من تقدم أحد الرجلين, وقد كان أمرهما بالخروج إلى أسامة ولم يكن عنده أنهما قد تخلفا. فلما سمع من عائشة وحفصة ما سمع علم أنهما متأخران عن أمره, فبدر لكف الفتنة وإزالة الشبهة, فقام × وأنه لا يستقل على الأرض من الضعف, فأخذ بيده علي بن أبي طالب × والفضل بن عباس فاعتمدهما ورجلاه تخطان الأرض من الضعف. [171]

 

فلما خرج إلى المسجد, وجد أبا بكر قد سبق إلى المحراب, فأومأ إليه بيده أن تأخر عنه, فتأخر أبو بكر وقام رسول الله × مقامه, فكبر وابتدأ الصلاة التي كان قد ابتدأ بها أبو بكر, ولم يبن على ما مضى من فعاله. فلما سلم انصرف إلى منزله واستدعى أبا بكر وعمر وجماعة ممن حضر المسجد من المسلمين, ثم قال: ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة؟! فقالوا: بلى يا رسول الله, قال: فلم تأخرتم عن أمري, فقال أبو بكر: إنني كنت خرجت ثم رجعت لأجدد بك عهدا, وقال عمر: يا رسول الله, لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب, فقال النبي ×: فانفذوا جيش أسامة, فانفذوا جيش أسامة - يكررها ثلاث مرات - ثم أغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسف, فمكث هنيهة مغمى عليه وبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده والنساء المسلمات ومن حضر من المسلمين. [172]

 

عن جعفر بن محمد الخزاعي, عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله × يقول:‏ لما قال النبي | ما قال في غدير خم، وصار بالأخبية[173] مر المقداد بجماعة منهم وهم يقولون: والله إن كنا وقيصر لكنا في الخز والوشي والديباج والنساجات وإنا معه في الأخشنين نأكل الخشن ونلبس الخشن حتى إذ أدنى موته وفنيت أيامه وحضر أجله أراد أن يوليها عليا من بعده أما والله ليعلمن, قال: فمضى المقداد وأخبر النبي | به، فقال: الصلاة جامعة، قال: فقالوا: قد رمانا المقداد فقوموا نحلفه عليه, قال: فجاءوا حتى جثوا بين يديه‏ فقالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله لا والذي بعثك بالحق والذي أكرمك بالنبوة ما قلنا ما بلغك، لا والذي اصطفاك على البشر, قال: فقال النبي |: بسم الله الرحمن الرحيم‏ {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا} بك يا محمد ليلة العقبة {وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله‏} كان أحدهم يبيع الرءوس وآخر يبيع الكراع ويفتل القرامل[174] فأغناهم الله برسوله، ثم جعلوا حدهم وحديدهم عليه. [175]

 

عن ابان بن تغلب قال: سمعت ابا عبد الله × يحدث عن ابى جعفر × قال‏: لما ان نصب رسول الله | عليا × يوم الغدير فقال: من كنت مولاه فعلى مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, واحب من احبه, وو ابغض من ابغضه, وانصر من نصره فقال ابو فلان وفلان كلمة خفية: ما نالوا ما رفع خسيسة ابن عمه لو يستطيع ان يجعله نبيا لفعل, وايم الله لئن هلك لنزيلنه عما يريد, قال: فسمعها شاب من الانصار فقال: اما والله لقد سمعت مقالتكما وايم الله لابلغن رسول الله | ما قلتما, فناشداه الله ان لا يفعل, فابى الا ان يبلغ رسول الله | ما قالا, فقالا له: اجهد جهدك, فاتى رسول | فاخبره بمقالتهما, فبعث اليهما رسول الله | فدعاهما فلما جاء آوراى الشاب عنده عرفا انه بلغه, فقال | لهما: ما حملكما على ما قلتما يا ابا فلان وفلان؟ فحلفا بالله الذى لا اله الا هو انهما ما قالا شيئا من ذلك, فاقبل رسول الله | على الانصارى فقال: يا اخا الانصار ما حملك ان تكذب على شيخي قريش؟ فود الأنصاري ان الارض خسفت به وانه لم يقل شيئا من ذلك, قال: فدعا الله ان ينزل عذره, قال: فاتاه جبرئيل × في ساعة لم يكن يأتيه فيها وانزل عليه‏ {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} فقال ابو عبد الله ×: والله لقد توليا وما تابا. [176]

 

عن جابر بن أرقم, عن أخو زيد بن أرقم‏, عن رسول الله | في حديث الغدير: ثم أخذ بيد علي ابن أبي طالب × فرفعه إليه، ثم قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, قالها ثلاثا, ثم قال: هل سمعتم؟ فقالوا: اللهم بلى, قال: فأقررتم؟ قالوا: اللهم نعم, ثم قال: اللهم اشهد وأنت يا جبرئيل فاشهد، ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا, وكان إلى جانب خبائي خباء نفر من قريش وهم ثلاثة، ومعي حذيفة بن اليمان فسمعنا أحد الثلاثة وهو: يقول: والله إن محمدا لأحمق إن كان يرى أن الأمر يستقيم لعلي من بعده، وقال آخرون: أتجعله أحمق ألم تعلم أنه مجنون قد كاد أن يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة, وقال الثالث: دعوه إن شاء أن يكون أحمق وإن شاء أن يكون مجنونا والله ما يكون ما يقول أبدا، فغضب حذيفة من مقالتهم فرفع جانب الخباء فأدخل رأسه إليهم وقال: فعلتموها ورسول الله | بين أظهركم، ووحي الله ينزل عليكم، والله لأخبرنه بكرة بمقالتكم، فقالوا له: يا با عبد الله وإنك لهاهنا وقد سمعت ما قلنا؟ اكتم علينا فإن لكل جوار أمانة، فقال لهم: ما هذا من جوار الأمانة ولا من مجالسها, ما نصحت الله ورسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث، فقالوا له: يا با عبد الله فاصنع ما شئت فو الله لنحلفن إنا لم نقل، وأنك قد كذبت علينا, أفتراه يصدقك ويكذبنا ونحن ثلاثة؟ فقال لهم: أما أنا فلا أبالي إذا أديت النصيحة إلى الله وإلى رسوله فقولوا ما شئتم أن تقولوا، ثم مضى حتى أتى رسول الله | وعلي × إلى جانبه محتب بحمائل سيفه فأخبره بمقالة القوم، فبعث إليهم رسول الله | فأتوه فقال لهم: ما ذا قلتم؟ فقالوا: والله ما قلنا شيئا, فإن كنت بلغت عنا شيئا فمكذوب علينا، فهبط جبرئيل × بهذه الآية: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا} وقال علي × عند ذلك: ليقولوا ما شاءوا والله إن قلبي بين أضلاعي، وإن سيفي لفي عنقي ولئن هموا لأهمن, فقال جبرئيل للنبي |: اصبر للأمر الذي هو كائن، فأخبر النبي | عليا × بما أخبره به جبرئيل، فقال: إذا أصبر للمقادير. [177]

 

عن زكريا بن محمد, عن محمد بن علي, عن جعفر بن محمد × قال:‏ لما أقام رسول الله | أمير المؤمنين × يوم غدير خم, كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين وهم: فلان وفلان, وعبد الرحمن بن عوف, وسعد بن أبي وقاص, وأبو عبيدة, وسالم مولى أبي حذيفة, والمغيرة بن شعبة, قال الثاني: أما ترون عينه كأنما عينا مجنون, - يعني النبي | - الساعة يقوم ويقول قال: لي ربي,- فلما قام قال: أيها الناس, من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله, قال: اللهم فاشهد, ثم قال: ألا من كنت مولاه فعلي مولاه, وسلموا عليه بإمرة المؤمنين, فنزل جبرئيل × وأعلم رسول الله | بمقالة القوم, فدعاهم وسألهم, فأنكروا وحلفوا, فأنزل الله‏ {يحلفون بالله ما قالوا}. [178]

 

عن جعفر بن محمد الخزاعي, عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله × يذكر في حديث غدير خم أنه لما قال النبي | لعلي × ما قال وأقامه للناس, صرخ إبليس صرخة فاجتمعت له العفاريت، فقالوا: يا سيدنا, ما هذه الصرخة؟ فقال: ويلكم يومكم كيوم عيسى، والله لأضلن فيه الخلق, قال: فنزل القرآن {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين} فقال: صرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت, فقالوا: يا سيدنا ما هذه الصرخة الأخرى؟ فقال: ويحكم حكى الله والله كلامي قرآنا, وأنزل عليه {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين} ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال: وعزتك وجلالك, لألحقن الفريق بالجميع، قال: فقال النبي |: بسم الله الرحمن الرحيم {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} قال: صرخ إبليس صرخة، فرجعت إليه العفاريت, فقالوا: يا سيدنا, ما هذه الصرخة الثالثة؟ قال: والله من أصحاب علي ×, ولكن وعزتك وجلالك يا رب لأزينن لهم المعاصي حتى أبغضهم إليك. قال: فقال أبو عبد الله ×: والذي بعث بالحق محمدا | للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزنابير على اللحم, والمؤمن أشد من الجبل, والجبل تدنو إليه بالفأس فتنحت منه والمؤمن لا يستقل عن دينه. [179]

 

 

 


 

احتجاجات الأئمة عليهم السلام بيوم الغدير

عن أمير المؤمنين × في احتجاج طويل على أبي بكر, قال ×: أنشدك بالله أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي | يوم الغدير أم أنت؟ قال: بل أنت. [180]

 

عن أمير المؤمنين × في احتجاج طويل على أبي بكر: يا أبا بكر، فهل تعلم أحدا أوثق من رسول الله |؟ وقد أخذ بيعتي عليك في أربعة مواطن، وعلى جماعة معك‏، فيهم عمر، وعثمان في يوم الدار، وفي بيعة الرضوان تحت الشجرة، ويوم جلوسه في بيت ام سلمة، وفي يوم الغدير بعد رجوعه من حجة الوداع، فقلتم بأجمعكم: سمعنا وأطعنا لله ولرسوله. فقال | لكم: الله ورسوله عليكم من الشاهدين. فقلتم بأجمعكم: الله ورسوله علينا من الشاهدين. فقال لكم: فليشهد بعضكم على بعض، وليبلغ شاهدكم غائبكم، ومن سمع منكم‏ من لم يسمع. فقلتم: نعم يا رسول الله. وقمتم بأجمعكم تهنئون رسول الله | وتهنئوني بكرامة الله لنا. فدنا عمر، وضرب على كتفي وقال بحضرتكم: بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي، ومولى المؤمنين. فقال له أبو بكر: لقد ذكرتني أمرا يا أبا الحسن لو يكون رسول الله | شاهدا فاسمعه منه. فقال أمير المؤمنين ×: الله ورسوله عليك من الشاهدين يا أبا بكر. [181]

 

عن أمير المؤمنين × في احتجاجه يوم الشورى, قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله |: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ليبلغ الشاهد الغائب ذلك," غيري؟ قالوا: لا. [182]

 

عن أمير المؤمنين × في احتجاج طوبل على المهاجرين والأنصار: فأمر الله عز وجل أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم. فنصبني للناس بغدير خم، ثم خطب وقال: أيها الناس، إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس تكذبني فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني. ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة، ثم خطب فقال: أيها الناس، أتعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: قم، يا علي. فقمت، فقال: من كنت مولاه فعلي هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام سلمان فقال: يا رسول الله، ولاء كما ذا؟ فقال: ولاء كولايتي، من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه. فأنزل الله تعالى ذكره: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. فكبر النبي | وقال: الله أكبر، تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي. فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله، هذه الآيات خاصة في علي؟ قال: بلى، فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة. قالا: يا رسول الله، بينهم لنا. قال: علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي حوضي. فقالوا كلهم: اللهم نعم، قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء. وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا. فقال علي ×: صدقتم، ليس كل الناس يستوون في الحفظ. [183] أنشد الله من حفظ ذلك من رسول الله | لما قام فأخبر به. فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وأبو ذر والمقداد وعمار فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول النبي | وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: يا أيها الناس، إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي، وأمركم فيه بولايته. وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم، فأوعدني لتبلغنها أو ليعذبني. أيها الناس، إن الله أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم، وبالزكاة والصوم والحج فبينتها لكم وفسرتها، وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا, خاصة ووضع يده على علي بن أبي طالب ×, ثم لابنيه بعده ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم، لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتى يردوا علي حوضي. أيها الناس، قد بينت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم بعدي ووليكم وهاديكم، وهو أخي علي بن أبي طالب وهو فيكم بمنزلتي فيكم. فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله من علمه وحكمته فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم، فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم. ثم جلسوا. [184]

 

عن أبي عبد الله × قال: سمعته يقول: قال أمير المؤمنين ×: والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي خلا محمدا |: لقد فتحت لي السبل, وعلمت الأنساب, وأجري لي السحاب, وعلمت المنايا, والبلايا, وفصل الخطاب, ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربي فما غاب عني ما كان قبلي ولا فاتني ما يكون من بعدي, وإن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم الإسلام, إذ يقول يوم الولاية لمحمد |: يا محمد أخبرهم أني اليوم أكملت لهم دينهم وأتممت عليهم نعمتي ورضيت لهم الإسلام دينا, وكل ذلك منا من الله من به علي فله الحمد. [185]

 

عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبي | جاز لبني هاشم على قريش، وجاز لي على بني هاشم، بقول النبي × يوم غدير خم: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، إلا أن تدعي قريش فضلها على العرب بغير النبي |. [186]

 

قال أمير المؤمنين × في حديث طويل: أتعلمون حيث نزلت {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}، وحيث نزلت {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}، وحيث نزلت {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة}، قال الناس: يا رسول الله، خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عز وجل أن يعلمهم ولاة أمرهم, وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم. فنصبني للناس بغدير خم. [187]

 

عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: أنا الذي أكمل الله تعالى به الدين يوم غدير خم وخيبر، انا الذي قال رسول الله | في: من كنت مولاه فعلى مولاه. [188]

 

عن محمود بن لبيد أنه سأل السيدة الزهراء ÷: يا سيدتي, إني سائلك عن مسألة تلجلج في صدري, قالت ÷: سل, قلت: هل نص رسول الله | قبل وفاته على علي بالامامة؟ قالت: واعجباه! أنسيتم يوم غدير خم؟! قلت: قد كان ذلك، ولكن أخبريني بما أسر اليك؟ قالت ÷: أشهد الله تعالى لقد سمعته يقول: علي خير من أخلفه فيكم، وهو الامام والخليفة بعدي، وسبطي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار، لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين، ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم الى يوم القيامة. [189]

 

عن السيدة الزهراء ÷ أنه قالت يوم الهجوم على الدار: لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم، تركتم رسول الله | جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم فيما بينكم، ولم تؤمرونا، ولم تروا لنا حقا، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم؛ والله، لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة. [190]

 

قالت سيدة النسوان فاطمة ÷ لما منعت فدك وخاطبت الأنصار فقالوا: يا بنت محمد, لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لأبي بكر ما عدلنا بعلي أحدا, فقالت ÷: وهل ترك أبي يوم غدير خم لأحد عذرا؟[191]

 

عن الإمام الحسن × في احتجاج طويل على معاوية, قال ×: أقسم بالله قسما تاليا, لو أن الناس سمعوا قول الله ورسوله لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها, ولما اختلف في هذه الأمة سيفان, ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة, وإذا ما طمعت يا معاوية فيها ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها, وزحزحت عن قواعدها, تنازعتها قريش بينها وترامتها كترامي الكرة, حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك, وقد قال رسول الله |: ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه, إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا, وقد تركت بنو إسرائيل وكانوا أصحاب موسى × هارون أخاه وخليفته ووزيره, وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم, وهم يعلمون أنه خليفة موسى ×, وقد سمعت هذه الأمة رسول الله | يقول ذلك لأبي ×: إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي, وقد رأوا رسول الله | حين نصبه لهم بغدير خم, وسمعوه ونادى له بالولاية, ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب‏.[192]

 

عن الإمام الحسين × في احتجاج طويل, قال: أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول الله | نصبه يوم غدير خم، فنادى له بالولاية وقال: ليبلغ الشاهد الغائب؟ قالوا: اللهم نعم. [193]

 

عن أبي الجارود، عن أبي جعفر × قال: فرض الله عز وجل على العباد خمسا، أخذوا أربعا وتركوا واحدا، قلت: أتسميهن لي جعلت فداك؟ فقال: الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون، فنزل جبرئيل × فقال: يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم، ثم نزلت الزكاة فقال: يا محمد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم، ثم نزل الصوم فكان رسول الله | إذا كان يوم عاشورا بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال، ثم نزل الحج فنزل جبرئيل × فقال: أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم. ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب × فقال عند ذلك رسول الله |: أمتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل، ويقول قائل - فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني - فأتتني عزيمة من الله عز وجل بتلة أوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني، فنزلت {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله، ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن ادعى فأجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب. قال أبو جعفر ×: كان والله علي × أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه. [194]

 

عن زياد بن المنذر, عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال:‏ قوله عز وجل‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل‏} الآية, وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أنزل {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} في ولاية علي بن أبي طالب ×, أمر رسول الله | أن يقوم فينادي بذلك في ولاية علي بن أبي طالب ×, وكان الناس فيهم بعد ما فيهم, فضاق برسول الله | بذلك ذرعا, واشتد عليه أن يقوم بذلك كراهية فساد قلوبهم, فأنزل الله جل جلاله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك}‏ فلما نزلت هذه الآية قام رسول الله | وذلك بغدير خم, فقال: يا أيها الناس إن الله أمرني بالوصف, فقالوا: سمعنا وأطعنا, فقال: اللهم اشهد, ثم قال: إن الأمة لا تحل شيئا ولا تحرم شيئا, ألا كل مسكر حرام ألا ما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام, أسمعتم؟ قالوا: سمعنا وأطعنا, قال: أيها الناس من أولى الناس بكم؟ قالوا: الله ورسوله, قال: يا علي قم, فقام علي × فقال |: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, أسمعتم ؟ قالوا: سمعنا وأطعنا, قال |: فليبلغ الشاهد الغائب. [195]

 

قال سلام: سمعت خيثمة يقول: سمعت أبا جعفر × يقول:‏ نزلت هذه الآية في علي ×, قال سلام: فحججت فلقيت أبا جعفر × وذكرت له قول خيثمة, فقال ×: صدق خيثمة, أنا حدثته بذلك, قال: قلت له: رحمك الله ادع الله لي, فدعا كما مر, وقال ×: عرف رسول الله | عليا × وأصحابه مرتين, الأولى قال: من‏ كنت‏ مولاه‏ فهذا علي مولاه, والأخرى: أخذ بيد أمير المؤمنين × وقال: يا أيها الناس هذا {صالح المؤمنين}‏. [196]

 

عن أحدهما قال: إن الله قضى الاختلاف على خلق وكان أمرا قد قضاه في علمه, كما قضى على الأمم من قبلكم وهي السنن والأمثال يجري على الناس, فجرت علينا كما جرت على الذين من قبلنا وقول الله حق, قال الله تبارك وتعالى لمحمد |:‏ {سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا} وقال:‏ {فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا} وقال:‏ {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين} وقال ×: لا تبديل لقول الله,‏ وقد قضى الله على موسى × وهو مع قومه يريهم الآيات والنذر, ثم مروا على قوم يعبدون أصناما {قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون}‏ فاستخلف موسى هارون فنصبوا {عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى}‏ وتركوا هارون فقال:‏ {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}‏ فضرب لكم أمثالهم وبين لكم كيف صنع بهم, وقال: إن نبي الله | لم يقبض حتى أعلم الناس أمر علي × فقال: من‏ كنت‏ مولاه‏ فعلي مولاه, وقال |: إنه مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي, وكان صاحب راية رسول الله | في المواطن كلها, وكان معه في المسجد يدخله على كل حال, وكان أول الناس إيمانا به, فلما قبض نبي الله | كان الذي كان, لما قد قضي من الاختلاف وعمد عمر فبايع أبا بكر ولم يدفن رسول الله | بعد, فلما رأى ذلك علي × ورأى الناس قد بايعوا أبا بكر خشي أن يفتتن الناس, ففرغ إلى كتاب الله وأخذ يجمعه في مصحف, فأرسل أبو بكر إليه أن تعال فبايع, فقال علي ×: لا أخرج حتى أجمع القرآن, فأرسل إليه مرة أخرى, فقال ×: لا أخرج حتى أفرغ, فأرسل إليه الثالثة عمر رجلا, يقال له قنفذ, فقامت فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليها تحول بينه وبين علي × فضربها, فانطلق قنفذ وليس معه علي ×, فخشي أن يجمع علي الناس فأمر بحطب فجعل حوالي بيته, ثم انطلق عمر بنار فأراد أن يحرق على علي بيته, وعلى فاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم, فلما رأى × ذلك, خرج فبايع كارها غير طائع. [197]

 

عن محمد الحلبي قال: قال لي أبو عبد الله × إنه من عرف دينه من كتاب الله عز وجل زالت الجبال قبل أن يزول, ومن دخل في أمر يجهل خرج منه بجهل, قلت: وما هو في كتاب الله؟ قال: قول الله عز وجل‏ {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقوله عز وجل‏ {من يطع الرسول فقد أطاع الله}‏ وقوله عز وجل‏ {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}‏ وقوله تبارك وتعالى‏{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏} وقوله جل جلاله‏ {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقوله عز وجل‏{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس‏} ومن ذلك قول رسول الله | لعلي ×: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأحب من أحبه, وأبغض من أبغضه. [198]

 

عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سألت مولاي جعفر بن محمد الصادق × عن قول الله عز وجل: {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين‏} فقال جعفر بن محمد ×: الحجة البالغة: التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله‏ كما يعلمها العالم بعلمه، لأن الله تعالى أكرم وأعدل من أن يعذب أحدا إلا بحجة. ثم تلا جعفر بن محمد ×: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}. ثم أنشأ جعفر بن محمد × محدثا يقول: ما مضى رسول الله | إلا بعد إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب، وأنزل الله على نبيه | بكراع الغميم‏: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} لأن رسول الله | خاف الارتداد من المنافقين الذين كانوا يسرون عداوة علي ×، ويعلنون موالاته خوفا من القتل، فلما صار النبي | بغدير خم بعد انصرافه من حجة الوداع، انتصب للمهاجرين والأنصار قائما يخاطبهم، فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه: معاشر المهاجرين والأنصار، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله |: اللهم اشهد. ثلاثا. ثم قال: يا علي. فقال: لبيك يا رسول الله. فقال له: قم، فإن الله أمرني أن أبلغ فيك رسالاته، أنزل بها جبرئيل‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته‏}. فقام إليه علي ×، فأخذ رسول الله | بضبعه فشاله، حتى رأى الناس بياض إبطيهما، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله- فأول قائم قام من المهاجرين والأنصار عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. فنزل جبرئيل × بقول الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فبعلي أمير المؤمنين × في هذا اليوم أكمل الله لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم، وأتم عليكم نعمته، ورضي لكم الإسلام دينا، فاسمعوا له وأطيعوا له تفوزوا. واعلموا أن مثل علي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومن تقدمها مرق، ومثل علي فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله كان آمنا ونجا، ومن تخلف عنه هلك وغوى. فما مر على المنافقين يوم كان أشد عليهم منه‏. [199]

 

عن أبي جعفر أحمد بن المعافى‏ قال: حدثني علي بن موسى الرضا, عن أبيه, عن جده جعفر عليهم السلام قال: يوم غدير خم يوم شريف عظيم, أخذ الله الميثاق لأمير المؤمنين ×, أمر محمدا | أن ينصبه للناس علما, وشرح الحال وقال ما هذا لفظه: ثم هبط جبرئيل × فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته, ومن يقوم بأمرهم من بعدك, وأكد ذلك في كتابه فقال‏ {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}‏ فقال: أي رب ومن ولي أمرهم بعدي؟ فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين, ولم يعبد وثنا, ولا أقسم بزلم,‏ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين × وإمامهم وسيد المسلمين, وقائد الغر المحجلين, فهو الكلمة التي ألزمتها المتقين, والباب الذي أوتى منه,‏ من أطاعه أطاعني, ومن عصاه عصاني, فقال رسول الله | أي رب إني أخاف قريشا والناس على نفسي وعلي ×, فأنزل الله تبارك وتعالى وعيدا وتهديدا {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏. في علي‏ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏ ثم ذكر صورة ما جرى بغدير خم من ولاية علي ×. [200]

 

عن عبد الحميد بن أبي الديلم, عن أبي عبد الله × قال: أوصى موسى × إلى يوشع بن نون‏، وأوصى يوشع بن نون‏ إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده، ولاإلى ولد موسى؛ إن الله عز وجل له الخيرة، يختار من يشاء ممن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح (عليهم السلام).

فلما أن بعث الله‏ عز وجل المسيح ×، قال المسيح × لهم‏: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل ×، يجي‏ء بتصديقي وتصديقكم‏، وعذري‏ وعذركم، وجرت من بعده في الحواريين‏ في المستحفظين.

وإنما سماهم الله عز وجل المستحفظين؛ لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر، وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شي‏ء الذي كان مع الأنبياء (عليهم السلام)، يقول الله عز وجل: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات‏ وأنزلنا معهم الكتاب والميزان‏} الكتاب:

الاسم الأكبر، وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان، فيها كتاب نوح ×، وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم عليهم السلام، فأخبر الله عز وجل: {إن هذا لفي‏ الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} فأين صحف‏ إبراهيم؟ إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى الاسم الأكبر.

فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد |، فلما بعث الله عز وجل محمدا |، أسلم‏ له‏ العقب‏ من المستحفظين، وكذبه‏ بنو إسرائيل، ودعا إلى الله عز وجل، وجاهد في سبيله.

ثم أنزل الله جل ذكره عليه‏: أن أعلن فضل وصيك، فقال: رب‏، إن العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب، ولم يبعث إليهم نبي، ولا يعرفون فضل‏ نبوات‏

الأنبياء ولا شرفهم، ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال الله جل ذكره: {ولا تحزن عليهم‏}، {وقل سلام فسوف يعلمون‏}.

فذكر من فضل وصيه ذكرا، فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله | ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمد، {ولقد نعلم‏ أنك يضيق صدرك بما يقولون‏}، {فإنهم لا يكذبونك‏ ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} لكنهم‏ يجحدون بغير حجة لهم.

وكان رسول الله | يتألفهم، ويستعين ببعضهم على بعض، ولايزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه‏، فقال الله جل ذكره: {فإذا فرغت فانصب‏ وإلى ربك فارغب} يقول: فإذا فرغت فانصب‏ علمك، وأعلن وصيك، فأعلمهم‏ فضله‏ علانية، فقال ×‏: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه؛ ثلاث مرات.

ثم قال: لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار؛ يعرض‏ بمن رجع، يجبن أصحابه‏ ويجبنونه. وقال |: علي سيد المؤمنين. وقال‏: علي عمود الدين‏. وقال: هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي. وقال: الحق مع علي أينما مال. وقال: إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله‏ عز وجل، وأهل بيتي عترتي؛ أيها الناس، اسمعوا وقد بلغت‏، إنكم ستردون علي الحوض، فأسألكم‏ عما فعلتم في الثقلين‏، والثقلان كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي، فلا تسبقوهم‏؛ فتهلكوا، ولا تعلموهم؛ فإنهم أعلم منكم.

فوقعت الحجة بقول النبي | وبالكتاب الذي يقرؤه الناس، فلم يزل‏ يلقي فضل أهل بيته بالكلام، ويبين لهم بالقرآن: {إنما يريد الله‏ ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} وقال عز ذكره: {واعلموا أنما غنمتم من شي‏ء فأن لله خمسه‏ وللرسول ولذي القربى‏} ثم قال جل ذكره: {وآت ذا القربى حقه}.

فكان علي ×‏، وكان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، وميراث العلم، وآثار علم النبوة، فقال: {قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى‏} ثم قال: {و إذا المودة سئلت‏ بأي ذنب قتلت‏} يقول: أسألكم عن المودة التي أنزلت‏ عليكم فضلها مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم.

وقال جل ذكره: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} قال: الكتاب: الذكر، وأهله: آل محمد (عليهم السلام)، أمر الله عز وجل بسؤالهم، ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى الله عز وجل القرآن‏ ذكرا، فقال‏ تبارك وتعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين‏ للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون‏} وقال عز وجل: {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون‏}.

وقال عز وجل: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم‏} وقال‏ عز وجل: {ولو ردوه‏ إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏} فرد الأمر أمر الناس إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.

فلما رجع رسول الله | من حجة الوداع، نزل عليه جبرئيل ×، فقال: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك‏ من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين‏} فنادى الناس؛ فاجتمعوا، وأمر بسمرات‏؛ فقم‏ شوكهن، ثم قال‏ |: يا أيها الناس‏، من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه؛ ثلاث مرات.

فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم، وقالوا: ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد قط، وما يريد إلا أن يرفع بضبع‏ ابن عمه.

فلما قدم المدينة، أتته‏ الأنصار، فقالوا: يا رسول الله، إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا، وشرفنا بك وبنزولك‏ بين ظهرانينا، فقد فرح الله‏ صديقنا، وكبت‏ عدونا، وقد يأتيك وفود، فلا تجد ما تعطيهم، فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة، وجدت ما تعطيهم، فلم يرد رسول الله | عليهم شيئا، وكان ينتظر ما يأتيه من ربه، فنزل‏ جبرئيل ×، وقال: {قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}، ولم يقبل أموالهم.

فقال‏ المنافقون: ما أنزل الله هذا على محمد، وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن‏ عمه، ويحمل علينا أهل بيته، يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه، واليوم‏: {قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}، ثم نزل عليه آية الخمس، فقالوا: يريد أن يعطيهم‏ أموالنا وفيئنا. ثم أتاه جبرئيل، فقال: يا محمد، إنك قد قضيت‏ نبوتك، واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي؛ فإني لم أترك الأرض إلا ولي فيها عالم تعرف‏ به طاعتي، وتعرف به ولايتي‏، ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر، قال: فأوصى إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة، وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب، يفتح‏ كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب. [201]

 

عن محمد الحلبي قال: قال لي أبو عبد الله ×: إنه من عرف دينه من كتاب الله عز وجل زالت الجبال قبل أن يزول, ومن دخل في أمر بجهل خرج منه بجهل, قلت: وما هو في كتاب الله عز وجل؟ قال: قول الله عز وجل‏ {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}, وقوله عز وجل‏ {من يطع الرسول فقد أطاع الله}‏, وقوله عز وجل‏ {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم‏}, وقوله تبارك اسمه‏ {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}‏, وقوله جل جلاله‏ {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}, وقوله عز وجل‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}‏, ومن ذلك قول رسول الله لعلي ×: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأحب من أحبه, وأبغض من أبغضه‏.[202]

 

عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله × عن قول الله عز وجل: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام: فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز وجل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله | نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله | هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله | هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله | هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} ونزلت في علي والحسن والحسين, فقال رسول الله | في علي: من كنت مولاه، فعلي مولاه، وقال | أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة, فلو سكت رسول الله | فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان, ولكن الله عز وجل أنزله في كتابه تصديقا لنبيه | {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام), فأدخلهم رسول الله | تحت الكساء في بيت أم سلمة, ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا, وهؤلاء أهل بيتي وثقلي, فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنك إلى خير, ولكن هؤلاء أهلي وثقلي‏.[203]

 

عن أبي عبد الله × قال: إن رسول الله | عرف أصحابه‏ أمير المؤمنين × مرتين, وذلك أنه قال لهم: أتدرون من وليكم بعدي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال |: فإن الله تبارك وتعالى قد قال: {فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين}‏ يعني أمير المؤمنين ×, وهو وليكم بعدي, والمرة الثانية في غدير خم[204]حين قال |: من‏ كنت‏ مولاه‏ فعلي مولاه.[205]

 

عن محمد القبطي‏ عن أبي عبد الله × قال: الناس أغفلوا قول رسول الله | في علي × يوم غدير خم, كما أغفلوا قوله يوم مشربة أم إبراهيم, أتى الناس يعودونه فجاء علي × ليدنو من رسول الله | فلم يجد مكانا, فلما رأى رسول الله | أنهم لا يفرجون لعلي × قال:‏ يا معشر الناس, هؤلاء أهل بيتي تستخفون بهم وأنا حي بين ظهرانيكم, أما والله لئن غبت فإن الله لا يغيب عنكم, إن الروح والراحة والرضوان والبشرى والحب والمحبة لمن ائتم بعلي وتولاه, وسلم له وللأوصياء من بعده, حق علي أن أدخلهم في شفاعتي لأنهم أتباعي‏, {فمن تبعني فإنه مني}‏ مثل جرى في إبراهيم, لأني‏ من إبراهيم وإبراهيم مني, وديني دينه وسنتي سنته وفضله فضلي, وأنا أفضل منه, وفضلي له فضل تصديق قول ربي‏: {ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم‏}.[206]

 

عن عمار بن سويد قال: سمعت أبا عبد الله × يقول في هذه الآية {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك} إلى قوله: {أو جاء معه ملك} قال: إن رسول الله | لما نزل غديرا قال لعلي ×: إني سألت ربي أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل، فقال رجلان من قريش: والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلينا فيما سأل محمد ربه، فهلا سأله ملكا يعضده على عدوه, أو كنزا يستعين به على فاقته، والله‏ ما دعاه إلى باطل إلا إجابة له, فأنزل الله عليه {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} إلى آخر الآية. قال: ودعا رسول الله عليه وآله السلام لأمير المؤمنين × في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول: اللهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين, والهيبة والعظمة في صدور المنافقين، فأنزل الله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا} بني أمية, فقال رمع: والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلي مما سأل محمد ربه، أفلا سأله ملكا يعضده, أو كنزا يستظهر به على فاقته، فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك} إلى {أم يقولون افتراه} ولاية علي × {قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات} إلى {فإلم يستجيبوا لكم} في ولاية علي × {فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون} لعلي × ولايته {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها} يعني فلانا وفلانا {نوف إليهم أعمالهم فيها} {أفمن كان على بينة من ربه} رسول الله | {ويتلوه شاهد منه} أمير المؤمنين × {ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة} قال كان ولاية علي في كتاب موسى ‘ {أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه} في ولاية علي × {إنه الحق من ربك} إلى قوله: {ويقول الأشهاد} هم الأئمة (عليهم السلام) {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} إلى قوله {هل يستويان مثلا أفلا تذكرون}. [207]

 

سئل الصادق × عن قول الله عز وجل {يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها} قال ×: يعرفونها يوم الغدير وينكرونها يوم السقيفة. [208]

 

عن أبي عبد الله × في قوله: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا} قال: لما نزلت الولاية وكان من قول رسول الله | بغدير خم, سلموا على علي × بإمرة المؤمنين, فقالوا: أمن الله ورسوله؟ فقال | لهم: نعم حقا من الله ورسوله، فقال: إنه أمير المؤمنين, وإمام المتقين, وقائد الغر المحجلين, يقعده الله يوم القيامة على الصراط, فيدخل أولياءه الجنة ويدخل أعداءه النار, وأنزل الله عز وجل {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها}. [209]

 

عن زيد بن الجهم, عن أبي عبد الله × في حديث عن بيعة الغدير, قال: {إنما يبلوكم الله به} يعني عليا × {وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها} بعد ما سلمتم على علي × بإمرة المؤمنين {وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله} يعني عليا {ولكم عذاب عظيم}. ثم قال لي: لما أخذ رسول الله | بيد علي × فأظهر ولايته, قالا جميعا: والله من تلقاء الله ولا هذا إلا شي‏ء أراد أن يشرف به ابن عمه, فأنزل الله عليه {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين وإنه لتذكرة للمتقين وإنا لنعلم أن منكم مكذبين} يعني فلانا وفلانا {وإنه لحسرة على الكافرين} يعني عليا × {وإنه لحق اليقين} يعني عليا {فسبح باسم ربك العظيم}. [210]

 

قال مولانا وإمامنا الصادق ×: إن حقوق الناس تعطى بشهادة شاهدين، وما اعطي أمير المؤمنين × حقه بشهادة عشرة آلاف نفس, يعني يوم غدير خم,[211] إن هذا إلا ضلال عن الحق المبين، {فما ذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون} [212]

 

عن علي بن جعفر أنه سأل الإمام الكاظم × عن نبي الله |: هل كان يقول على الله شيئا قط, أو ينطق عن هوى, أو يتكلف؟ فقال ×: لا, فقلت: أرأيتك قوله لعلي ×: من كنت مولاه فعلي مولاه, الله أمره به؟ قال ×: نعم, قلت: فأبرأ إلى الله ممن أنكر ذلك منذ يوم أمر به رسول الله |؟ قال ×: نعم, قلت: هل يسلم الناس حتى يعرفوا ذلك؟ قال ×: لا, إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان, لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا, قلت: من هو؟ قال ×: أرأيتم خدمكم ونساءكم ممن لا يعرف ذلك, أتقتلون خدمكم وهم مقرون لكم؟ وقال ×: من عرض عليه ذلك فأنكره, فأبعده الله وأسحقه لا خير فيه. [213]

 

عن القاسم بن مسلم, عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنا في أيام علي بن موسى الرضا ‘ بمرو, فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعة في بدء مقدمنا, فإذا رأى الناس أمر الإمامة وذكروا كثره اختلاف الناس فيها, فدخلت على سيدي ومولاي الرضا × فأعلمته ما خاض الناس فيه, فتبسم × ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم, ان الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه | حتى أكمل له الدين, وانزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ, بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا, فقال عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شئ} وانزل في حجه الوداع وفي آخر عمره | {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} وأمر الإمامة في تمام الدين, ولم يمض | حتى بين لامته معالم دينهم, وأوضح لهم سبيلهم, وتركهم على قصد الحق, وأقام لهم عليا × علما واماما, وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه, فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل, ومن رد كتاب الله فهو كافر, هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟ [214]

 

عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري ان العالم كتب إليه يعنى الحسن بن علي ‘: ان الله تعالى بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه إليكم لا إله إلا هو ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم, وليمحص ما في قلوبكم, ولتتسابقوا إلى رحمته، ولتتفاضل منازلكم في جنته, ففوض عليكم الحج والعمرة وإيقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية, وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرايض، ومفتاحا إلى سبيله، ولولا محمد | والأوصياء من ولده كنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرايض, وهل تدخل قرية إلا من بابها، فلما من الله عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم | قال الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} وفرض عليكم لأوليائه حقوقا, فأمركم بأدائها إليهم ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشربكم, ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة, وليعلم من يطيعه منكم بالغيب, وقال الله تبارك وتعالى {قل لا أسئلكم عليه اجرا إلا المودة في القربى} فاعلموا ان من يبخل فإنما يبخل على نفسه, ان الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه, لا إله إلا هو, فاعملوا من بعد ما شئتم {فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة, فينبئكم بما كنتم تعملون, والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين. [215]

 

عن الإمام العسكري × في رسالة طويلة: اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك, أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها, فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون, لقول النبي |: لا تجتمع أمتي على ضلالة, فأخبر |: أن ما اجتمعت عليه الأمة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق, فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون, ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب واتباع حكم الأحاديث المزورة, والروايات المزخرفة, واتباع‏ الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب, وتحقيق الآيات الواضحات النيرات, ونحن نسأل الله أن يوفقنا للثواب ويهدينا إلى الرشاد, ثم قال ×: فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه, فأنكرته طائفة من الأمة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة صارت بإنكارها, ودفعها الكتاب كفارا ضلالا, وأصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب, مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله | حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي, وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض, واللفظة الأخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله |: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي, وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض, ما إن تمسكتم بهما لم تضلوا, فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله‏: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}‏ ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين × أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له, وأنزل الآية فيه, ثم وجدنا رسول الله | قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من‏ كنت‏ مولاه‏ فعلي مولاه, اللهم وال من والاه وعاد من عاداه, وقوله |: علي يقضي ديني وينجز موعدي, وهو خليفتي عليكم بعدي, وقوله | حيث استخلفه على المدينة فقال ×: يا رسول الله, أتخلفني على النساء والصبيان؟ فقال |: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي, فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار وتحقيق هذه الشواهد, فيلزم الأمة الإقرار بها إذ كانت هذه الأخبار وافقت القرآن, ووافق القرآن هذه الأخبار, فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار وعليها دليلا كان الاقتداء بهذه الأخبار, فرضا لا يتعداه إلا أهل العناد والفساد. [216]

 

 



[1] الأمالي للصدوق ص 125, روضة الواعظين ج 1 ص 102, إقبال الأعمال ج 1 ص 466, إثبات الهداة ج 2 ص 102 بعضه, بحار الأنوار ج 37 ص 109, غاية المرام ج 1 ص 84

[2] الخصال ج 1 ص 264, وسائل الشيعة ج 10 ص 443, بحار الأنوار ج 94 ص 111

[3] تفسير فرات ص 117, بحار الأنوار ج 37 ص 169

[4] الإحتجاج ج 1 ص 55, غاية المرام ج 1 ص 326, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 190, تفسير الصافي ج 2 ص 53, بحار الأنوار ج 37 ص 201, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 169. نحوه: روضة الواعظين ج 1 ص 89, اليقين ص 343

[5] الى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق

[6] بحار الأنوار ج 37 ص 141, تفسير الإمام العسكري × ص 111, البرهان ج 1 ص 135, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 114, تأويل الآيات ص 37

[7] الكافي ج 1 ص 289, الوافي ج 2 ص 276, تفسير الصافي ج 2 ص 52, إثباة الهداة ج 3 ص 4, البرهان ج 2 ص 317, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 646, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 146غاية المرام ج 2 ص 16

[8] الكافي ج 1 ص 290, الوافي ج 2 ص 272, البرهان ج 2 ص 334, غاية المرام ج 3 ص 323

[9] الكافي ج 1 ص 295, الوافي ج 2 ص 317, إثباة الهداة ج 3 ص 5, البرهان ج 5 ص 302, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 653, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 169

[10] بصائر الدرجات ص 1 ص 516, مختصر البصائر ص 202, البرهان ج 2 ص 336, بحار الأنوار ج 24 ص 386

[11] تفسير فرات ص 181

[12] المسترشد ص 605

[13] عيون أخبار الرضا × ج 2 ص 130, الفصول المهمة في أصول الأئمة ج 1 ص 664, بحار الأنوار ج 16 ص 221, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 653, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 192

[14] مئة منقبة ص 90

[15] بشارة المصطفى | ص 129, إثبات الهداة ج 3 ص 133, بحار الأنوار ج 23 ص 102

[16] الأمالي للصدوق ص 354, تأويل الآيات ص 162, بحار الأنوار ج 37 ص 109, البرهان ج 2 ص 397, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 193, غاية المرام ج 1 ص 314, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 36

[17] الأمالي للصدوق ص 495, بشارة المصطفى | ص 179, البرهان ج 2 ص 336, حلية الأبرار ج 1 ص 191, بحار الأنوار ج 38 ص 106, غاية المرام ج 2 ص 298, تفسير فرات ص 181 نحوه

[18] الإحتجاج ج 1 ص 55, غاية المرام ج 1 ص 326, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 190, تفسير الصافي ج 2 ص 53, بحار الأنوار ج 37 ص 201, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 169. نحوه: روضة الواعظين ج 1 ص 89, اليقين ص 343

[19] الى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق

[20] بشارة المصطفى | ص 303

[21] تفسير العياشي ج 1 ص 331, البرهان ج 2 ص 337, بحار الأنوار ج 37 ص 139, غاية المرام ج 3 ص 235

[22] تفسير العياشي ج 1 ص 332, البرهان ج 2 ص 337, بحار الأنوار ج 37 ص 139, غاية المرام ج 3 ص 235

[23] تفسير العياشي ج 1 ص 332, البرهان ج 2 ص 337, بحار الأنوار ج 37 ص 140, غاية المرام ج 3 ص 236

[24] تفسير العياشي ج 1 ص 333, البرهان ج 2 ص 338, بحار الأنوار ج 37 ص 140, غاية المرام ج 3 ص 236

[25] تفسير العياشي ج 1 ص 334, البرهان ج 2 ص 338, بحار الأنوار ج 37 ص 141, غاية المرام ج 3 ص 237

[26] تفسير العياشي ج 2  ص 97, البرهان ج 2 ص 818, بحار الأنوار ج 37 ص 151, غاية المرام ج 4 ص 345

[27] تفسير فرات ص 130, إثباة الهداة ج 3 ص 172, بحار الأنوار ج 37 ص 170

[28] تفسير فرات ص 130, بحار الأنوار ج 35 ص 391

[29] تفسير فرات ص 130, بحار الأنوار ج 37 ص 171

[30] تفسير فرات ص 131

[31] تفسير فرات ص 450, بحار الأنوار ج 35 ص 281

[32] تفسير فرات ص 516, بحار الأنوار ج 37 ص 193

[33] المسترشد ص 469

[34] شرح الأخبار ج 1 ص 104

[35] شرح الأخبار ج 1 ص 104

[36] إعلام الدين ص 132, إثباة الهداة ج 3 ص 127

[37] إرشاد القلوب ج 2 ص 330, طرف من الأنباء ص 321 بعضه

[38] تأويل الآيات ص 510, البرهان ج 4 ص 725, بحار الأنوار ج 23 ص 362, تفسير كنز الدقائق ج 11 ص 329

[39] البرهان ج 2 ص 492, مدينة المعاجز ج 2 ص 267

[40] البرهان ج 2 ص 226, غاية المرام ج 3 ص 321

[41] التحصين ص 578, العدد القوية ص 169

[42] سعد السعود ص 70

[43] سعد السعود ص 70

[44] اليقين ص 212, بحار الأنوار ج 37 ص 137

[45] اليقين ص 372, بحار الأنوار ج 37 ص 324

[46] الطرائف ج 1 ص 121, بحار الأنوار ج 37 ص 197

[47] كشف الغمة ج 1 ص 318

[48] إثباة الهداة ج 3 ص 197

[49] بحار الأنوار ج 37 ص 189

[50] تفسير القمي ج 2 ص 201, تفسير الصافي ج 4 ص 218, البرهان ج 4 ص 519, بحار الأنوار ج 37 ص 119, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 658, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 191, غاية المرام ج 1 ص 310, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 165

[51] تأويل الآيات ص 463, البرهان ج 4 ص 519, بحار الأنوار ج 31 ص 650, غاية المرام ج 1 ص 310, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 166

[52] بحار الأنوار ج 66 ص 83

[53] تفسير فرات ص 131, بحار الأنوار ج 16 ص 257

[54] المزار للمشهدي ص 271, المزار للشهيد الأول ص 75, بحار الأنوار ج 97 ص 363, زاد المعاد ص 470

[55] إقبل الأعمال ج 1 ص 474, بحار الأنوار ج 95 ص 300

[56] مسند أحمد ج 4 ص 281, تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 220, ينابيع المودة ج 2 ص 249, المصنف ج 7 ص 503, كنز العمال ج 13 ص 133, الفصول المهمة في معرفة الأئمة ج 1 ص 239, جواهر المطالب ج 1 ص 84, دختئر العقبى ص 67

[57] أسباب نزول الآيات ص 135, الدر المنثور ج 2 ص 298, فتح القدير ج 2 ص 60, تفسير الآلوسي ج 6 ص 193, تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 237, الفصول المهمة في معرفة الأئمة ج 1 ص 245, مناقب علي بن أي طالب × لابن مردويه ص 239, ينابيع المودة ج 1 ص 359, شواهد التنزيل ج 1 ص 250

[58] نهج الإيمان ص 95

[59] تفسير الثعلبي ج 4 ص 92, عمدة القاري ج 18 ص 206, نهج الإيمان ص 119

[60] شواهد التنزيل ج 1 ص 249

[61] شواهد التنزيل ج 1 ص 252

[62] شواهد التنزيل ج 1 ص 239

[63] شواهد التنزيل ج 1 ص 253

[64] شواهد التنزيل ج 1 ص 255

[65] شواهد التنزيل ج 1 ص 256

[66] شواهد التنزيل ج 2 ص 391

[67] مناقب علي بن أي طالب × لابن مردويه ص 240

[68] مناقب علي بن أي طالب × لابن مردويه ص 240

[69] مناقب علي بن أي طالب × لابن مردويه ص 240

[70] تفسير العياشي ج 1 ص 292, بحار الأنوار ج 37 ص 138, غاية المرام ج 3 ص 335

[71] تفسير العياشي ج 1 ص 293, بحار الأنوار ج 37 ص 138, غاية المرام ج 3 ص 335

[72] الكافي ج 1 ص 289, تفسير العياشي ج 1 ص 293, بحار الأنوار ج 37 ص 138, غاية المرام ج 3 ص 335, دعائم الإسلام ج 1 ص 15, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 587, غاية المرام ج 2 ص 17

[73] عيون أخبار الرضا × ج 2 ص 195, الكافي ج 1 ص 198, الأمالي للصدوق ص 773, كمال الدين ص 675, معاني الأخبار ص 96, الغيبة للنعماني ص 225, الإحتجاج ج 2 ص 226, بحار الأنوار ج 25 ص 120, غاية المرام ج 3 ص 127

[74] الكافي ج 1 ص 290, الوافي ج 2 ص 272, البرهان ج 2 ص 334, غاية المرام ج 3 ص 323

[75] الكافي ج 8 ص 27, البرهان ج 4 ص 128, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 588, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 33, غاية المرام ج 2 ص 116

[76] الى هنا في إثبات الهداة

[77] الأمالي للصدوق ص 354, تأويل الآيات ص 162, البرهان ج 2 ص 397, بحار الأنوار ج 37 ص 110, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 193, إثبات الهداة ج 3 ص 65

[78] إعلام الدين ص 132, إثبات الهداة ج 3 ص 127

[79] شرح الأخبار ج 1 ص 104

[80] الى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق

[81] جامع الأخبار ص 10, بحار الأنوار ج 37 ص 166

[82] كتاب سليم بن قيس ص 198, الإحتجاج ج 1 ص 147, بحار الأنوار ج 31 ص 411, كمال الدين ص 276, التحصين ص 633, غاية المرام ج 1 ص 139, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 644, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 152

[83] المسنرشد ص 468, غاية المرام ج 1 ص 295, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 122, بشارة المصطفى | ص 211 درن الشعر

[84] البرهان ج 2 ص 492, مدينة المعاجز ج 2 ص 267

[85] البرهان ج 2 ص 226, غاية المرام ج 3 ص 321

[86] اليقين ص 212, بحار الأنوار ج 37 ص 137

[87] تفسير فرات ص 117, بحار الأنوار ج 37 ص 171, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 36

[88] تفسير فرات ص 119, بحار الأنوار ج 36 ص 129

[89] تفسير فرات ص 119, بحار الأنوار ج 36 ص 131

[90] تفسير فرات ص 120

[91] الفضائل لابن شاذان ص 84, حلية الأبرار ج 2 ص 124

[92] تفسير القمي ج 1 ص 162, البرهان ج 2 ص 223, بحار الأنوار ج 37 ص 112, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 588, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 34, مجمع البحرين ج 5 ص 466, غاية المرام ج 3 ص 332

[93] تفسير مجمع البيان ج 3 ص 274, التبيان ج 3 ص 435, تفسير جوامع الجامع ج 1 ص 474, تفسير الصافي ج 2 ص 10, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 589, تأويل الآيات ج 1 ص 145, غاية المرام ج 3 ص 333

[94] الأمالي للطوسي ص 518, بحار الأنوار ج 65 ص 379, غاية المرام ج 1 ص 320, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 180, وسائل الشيعة ج 1 ص 27 بعضه

[95] الكافي ج 2 ص 21, الوافي ج 4 ص 88, إثبات الهداة ج 1 ص 117, بحار الأنوار ج 65 ص 332, غاية المرام ج 6 ص 185

[96] علل الشرائع ج 1 ص 249, الأمالي للطوسي ص 654, البرهان ج 2 ص 225, بحار الأنوار ج 23 ص 99, غاية المرام ج 2 ص 234

[97] الأمالي للصدوق ص 192, بحار الأنوار ج 9 ص 298

[98] تفسير فرات ص 120, بحار الأنوار ج 36 ص 133

[99] دلائل الإمامة ص 235, نوادر المعجزات ص 278, الأمان من أخطار الأسفار والأزمان ص 67, الوافي ج 3 ص 774, مدينة المعاجز ج 5 ص 68, بحار الأنوار ج 46 ص 307, رياض الأبرار ج 2 ص 108

[100] الى هنا في إقبال الأعمال

[101] الأمالي للصدوق ص 125, روضة الواعظين ج 1 ص 102, إقبال الأعمال ج 1 ص 466, إثباة الهداة ج 2 ص 102 بعضه, بحار الأنوار ج 37 ص 109, غاية المرام ج 1 ص 84

[102] تفسير فرات ص 117, بحار الأنوار ج 37 ص 169

[103] الأمالي للصدوق ص 2, روضة الواعظين ج 2 ص 350, طرف من الأنباء والمناقب ص 362, البرهان ج 2 ص 244, بحار الأنوار ج 37 ص 108, بشارة المصطفى | ص 98 نحوه

[104] بصائر الدرجات ص 201, الخصال ج 2 ص 414, الأمالي للطوسي ص 205, فرج المهموم ص 101, تأويل الآيات ص 113, البرهان ج 2 ص 225, بحار الأنوار ج 39 ص 336, تفسير كنز الدقائق ج 3 ص 57

[105] التهذيب ج 3 ص 145, الوافي ج 9 ص 1404, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 589, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 35, إقبال الأعمال ج 2 ص 284, غاية المرام ج 1 ص 341, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 87

[106] ينابيع المودة ج 1 ص 346 عن فرائد السمطين

[107] مناقب الخوارزمي ص 135. نحوه: النور المشتعل ص 56, شواهد التنزيل ج 1 ص 202, نهج الإيمان ص 115, فرائد السمطيتن ج 1 ص 73

[108] تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 236, الدر المنثور ج 2 ص 259, مناقب علي بن أبي طالب × لابن مردويه ص 231

[109] شواهد التنزيل ج 1 ص 200, تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 233

[110] شواهد التنزيل ج 1 ص 203, تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 234

[111] مناقب علي بن أبي طالب × لابن مردويه ص 231

[112] شواهد التنزيل ج 1 ص 207

[113] شواهد التنزيل ج 1 ص 257

[114] تفسير الثلعبكري ج 4 ص 92, مسند أحمد ج 4 ص 281, نهج الإيمان ص 113, ينابيع المودة ج 1 ص 97, نظم درر السمطين ص 109, تفسير الآلوسي ج 6 ص 194, تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 220, تاريخ الإسلام ج 3 ص 632, البداية والنهاية ج 5 ص 229, معارج الوصول ص 42, السيرة النبوية ج 4 ص 417, الفصول المهمة ج 1 ص 239

[115] نهج الإيمان ص 114, المعجم الكبير ج 5 ص 202, مسند أحمد ج 4 ص 372, تاريخ مدية دمشق ج 42 ص 218, البداية والنهاية ج 5 ص 231, السيرة النبوية ج 4 ص 422, ينابيع المودة ج 1 ص 98

[116] نهج الإيمان ص 114, مسند أحمد ج 4 ص 370, مجمع الزوائد ج 9 ص 104, خصائص أمير المؤمنين × للنسائي ص 100, تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 205, البداية والنهاية ج 7 ص 383, ينابيع المودة ج 1 ص 106

[117] مناقب الخوارزمي ص 205

[118] مناقب علي بن أبي طالب × لابن مردويه ص 231, تفسير ابن كثير ج 2 ص 15

[119] الفضائل لابن شاذان ص 84, حلية الأبرار ج 2 ص 124

[120] تفسير القمي ج 2 ص 385, تفسير الصافي ج 5 ص 224, إثبات الهداة ج 5 ص 178, البرهان ج 5 ص 482, بحار الأنوار ج 52 ص 188, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 412, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 430

[121] الغيبة للنعماني ص 272, بحار الأنوار ج 52 ص 243

[122] تفسير القمي ج 2 ص 385, البرهان ج 5 ص 482, بحار الأنوار ج 94 ص 13, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 413, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 430

[123] تفسير فرات ص 503, بحار الأنوار ج 37 ص 173

[124] تفسير فرات ص 504, بحار الأنوار ج 37 ص 174

[125] تأويل الآيات ص 697. نحوه: تفسير فرات ص 505, بحار الأنوار ج 37 ص 176

[126] تفسير فرات ص 506, بحار الأنوار ج 39 ص 216

[127] البرهان ج 2 ص 681, مدينة المعاجز ج 2 ص 273 جميعا عن الكشكول للحلي

[128] شرح الأخبار ج 1 ص 241

[129] الأربعون حديثا للرازي ص 82

[130] مدينة المعاجز ج 1 ص 407, عيون المعجزات ص 19

[131] سرور أهل الإيمان ص 80, منتخب الأنوار المضيئة ص 202, الإيقاظ من الهجعة ص 368, البرهان ج 5 ص 487, بحار الأنوار ج 53 ص 104, رياض الأبرار ج 3 ص 261

[132] تفسير الثعلبي ج 10 ص 35, نظم درر السمطين ص 93, مناقب علي بن أبي طالب × لابن مردوية ص 247, ينابيع المودة ج 2 ص 369, الفصول المهمة ج 1 ص 242, معارج الوصول ص 38, فيض القدير ج 6 ص 282 بإختصار, نهج الإيمان ص 120 بإختصار. نحوه: شواهد التنزيل ج 2 ص 381, فرائد السمطين ج 1 ص 82

[133] شواهد التنزيل ج 2 ص 381

[134] شواهد التنزيل ج 2 ص 384

[135] شواهد التنزيل ج 2 ص 385

[136] كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 579, الإحتجاج ج 1 ص 81, مدينة المعاجز ج 2 ص 242, بحار الأنوار ج 28 ص 263

[137] الكافي ج 8 ص 344, تأويل الآيات ص 464, الوافي ح 2 ص 184, البرهان ج 4 ص 518, غاية المرام ج 1 ص 309, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 164, بحار الأنوار ج 28 ص 256, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 333, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 496

[138] تفسير القمي ج 2 ص 201, تفسير الصافي ج 4 ص 218, البرهان ج 4 ص 519, غاية المرام ج 1 ص 310, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 165, بحار الأنوار ج 37 ص 119, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 334, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 498

[139] تأويل الآيات ص 463, البرهان ج 4 ص 519, غاية المرام ج 1 ص 310, بحار الأنوار ج 37 ص 169

[140] تفسير العياشي ج 2 ص 301, البرهان ج 3 ص 548, بحار الأنوار ج 37 ص 164, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 185, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 446

[141] تأويل الآيات ص 465, البرهان ج 4 ص 519, غاية المرام ج 1 ص 310, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 165, بحار الأنوار ج 37 ص 168, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 498

[142] شرح الأخبار ج 1 ص 236

[143] تفسير القمي ج 2 ص 124, تفسير الصافي ج 4 ص 50, البرهان ج 4 ص 182, بحار الأنوار ج 37 ص 122, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 64, تفسير كنز الدقائق ج 9 ص 506

[144] بصائر الدرجات ص 73, البرهان ج 4 ص 183, بحار الأنوار ج 36 ص 95, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 64, تفسير كنز الدقائق ج 9 ص 507

[145] تأويل الآيات ص 466, البرهان ج 4 ص 526, بحار الأنوار ج 23 ص 391, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 517. نحوه: تفسير فرات ص 346, مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 37

[146] تفسير فرات ص 345

[147] تأويل الآيات ص 570, البرهان ج 5 ص 70, غاية المرام ج 4 ص 332, بحار الأنوار ج 23 ص 386, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 247

[148] تفسير العياشي ج 2 ص 141, البرهان ج 3 ص 86, بحار الأنوار ج 36 ص 100

[149] شرح الأخبار ج 1 ص 245

[150] تأويل الآيات ص 604, شرح الأخبار ج 1 ص 243, البرهان ج 5 ص 188, غاية المرام ج 4 ص 234, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 171, بحار الأنوار ج 24 ص 323, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 473

[151] شواهد التنزيل ج 1 ص 257

[152] شواهد التنزيل ج 1 ص 356

[153] الإحتجاج ج 1 ص 55, غاية المرام ج 1 ص 326, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 190, تفسير الصافي ج 2 ص 53, بحار الأنوار ج 37 ص 201, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 169, البرهان ج 2 ص 227. نحوه: روضة الواعظين ج 1 ص 89, اليقين ص 343

[154] الإحتجاج ج 1 ص 84, غاية المرام ج 1 ص 339, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 208, بحار الأنوار ج 37 ص 219, البرهان ج 2 ص 240

[155] إرشاد القلوب ج 2 ص 321, بحار الأنوار ج 28 ص 86

[156] الكافي ج 1 ص 292, تأويل الآيات ص 265, الوافي ج 2 ص 280, البرهان ج 3 ص 450, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 81, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 266

[157] ‏كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 583, الاحتجاج ج 1 ص 82, مدينة المعاجز ج 1 ص 63, بحار الأنوار ج 28 ص 266

[158] بحار الأنوار ج 37 ص 308, اليقين ص 272

[159] بصائر الدرجات ج 1 ص 278, الاختصاص ص 272, الخرائج والجرائح ج 2 ص 807, مختصر البصائر ص 304, البرهان ج 3 ص 634, مدينة المعاجز ج 3 ص 6, بحار الأنوار ج 29 ص 26

[160] ‏كتاب سليم بن القيس ج 2 ص 725, بحار الأنوار ج 28 ص 124

[161] المسترشد ص 586, فضائل لإبن عقدة ص 13, تقريب المعارف ص 200, الأمالي للطوسي ص 331, التحصين ص 575, اليقين ص 132, كشف الغمة ج 1 ص 342, كشف اليقين ص 272, إثبات الهداة ج 3 ص 33, بحار الأنوار ج 37 ص 290

[162] تفسير القمي ج 1 ص 174, تفسير الصافي ج 2 ص 70, بحار الأنوار ج 37 ص 115, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 657, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 189

[163] كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 589, الإحتجاج ج 1 ص 84, إثبات الهداة ج 1 ص 355, بحار الأنوار ج 28 ص 274, المحتضر ص 110

[164] كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 729, بحار الأنوار ج 28 ص 127

[165] من هنا في البرهان

[166] الكافي ج 8 ص 179, تأويل الآيات ص 646, الوافي ج 2 ص 193, بحار الأنوار ج 24 ص 365, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 615, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 102, البرهان ج 4 ص 883

[167] الكافي ج 4 ص 454, الوافي ج 2 ص 191, حلية الأبرار ج 3 ص 344, بحار الأنوار ج 28 ص 85

[168] مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 14, بحار الأنوار ج 28 ص 116

[169] إعلام الورى ص 133

[170] الخصال ج 2 ص 371, الإختصاص ص 170, إرشاد القلوب ج 2 ص 349, حلية الأبرار ج 2 ص 367, بحار الأنوار ج 28 ص 206

[171] الإرشاد ج 1 ص 182, بحار الأنوار ج 30 ص 434

[172] الإرشاد ج 1 ص 183, بحار الأنوار ج 30 ص 435

[173] أي دخلوا خيامهم

[174] الكراع من الدابة: مستدق الساق وقيل: الكراع من الدواب ما دون الكعب ومن الإنسان ما دون الركبة. والقرامل: ما تشد المرأة في شعرها من الخيوط.

[175] تفسير العياشي ج 2 ص 99, تفسير الصافي ج 2 ص 360, البرهان ج 2 ص 818, بحار الأنوار ج 31 ص 637, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 244, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 503, غاية المرام ج 4 ص 347, إثبات الهداة ج 3 ص 143 بإختصار

[176] الأصول الستة عشر ص 118. بإختصار شديد: تفسير العياشي ج 2 ص 100, البرهان ج 2 ص 819, إثبات الهداة ج 3 ص 144, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 501, الصراط المستقيم ج 1 ص 314

[177] تفسير العياشي ج 2 ص 98, البرهان ج 2 ص 817, بحار الأنوار ج 37 ص 152, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 243, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 501, غاية المرام ج 4 ص 346

[178] تفسير القمي ج 1 ص 301, تفسير الصافي ج 2 ص 359, بحار الأنوار ج 37 ص 119, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 500

[179] تفسير العياشي ج 2 ص 301, البرهان ج 3 ص 548, بحار الأنوار ج 37 ص 164, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 185, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 446

[180] الخصال ج 2 ص 550, الإحتجاج ج 1 ص 117, إثبات الهداة ج 3 ص 78, البرهان ج 5 ص 321, حلية الأبرار ج 2 ص 308, مدينة المعاجز ج 3 ص 26, بحار الأنوار ج 29 ص 8

[181] البرهان ج 2 ص 356, إرشاد القلوب ج 2 ص 264, مدينة المعاجز ج 3 ص 14, بحار الأنوار ج 29 ص 35

[182] الأمالي للطوسي ص 546, إرشاد القلوب ج 2 ص 259, إثبات الهداة ج 3 ص 89, حلية الأبرار ج 2 ص 324, بحار الأنوار ج 31 ص 373

[183] جامع الأخبار ص 10, بحار الأنوار ج 37 ص 166

[184] كتاب سليم بن قيس ص 198, الإحتجاج ج 1 ص 147, بحار الأنوار ج 31 ص 411, كمال الدين ص 276, التحصين ص 633, غاية المرام ج 1 ص 139, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 644, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 152

[185] بصائر الدرجات ص 201, الخصال ج 2 ص 414, الأمالي للطوسي ص 205, فرج المهموم ص 101, تأويل الآيات ص 113, البرهان ج 2 ص 225, بحار الأنوار ج 39 ص 336, تفسير كنز الدقائق ج 3 ص 57

[186] كشف المحجة ص 246, نوادر الأخبار ص 197, بحار الأنوار ج 30 ص 14

[187] كتاب سليم بن قيس ص 198, كمال الدين ص 276, الإحتجاج ج 1 ص 213, التحصين ص 632, بحار الأنوار ج 31 ص 410, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 504, غاية المرام ج 1 ص 139

[188] الفضائل لابن شاذان ص 84, حلية الأبرار ج 2 ص 124

[189] كفاية الأثر ص 197, الإنصاف في النصف ص 410, بحار الأنوار ج 36 ص 352

[190] الإحتجاج ج 1 ص 80, مرآة العقول ج 5 شرح ص 319, بحار الأنوار ج 28 ص 204, العوالم ج 11 ص 555

[191] الخصال ج 1 ص 173, بحار الأنوار ج 30 ص 124

[192] الأمالي للطوسي ص 566, البرهان ج 2 ص 831, حلية الأبرار ج 2 ص 76, بحار الأنوار ج 10 ص 142

[193] كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 791, بحار الأنوار ج 33 ص 183

[194] الكافي ج 1 ص 290, الوافي ج 2 ص 272, البرهان ج 2 ص 334, غاية المرام ج 3 ص 323

[195] سعد السعود ص 70

[196] تفسير الفرات ص 490, بحار الأنوار ج 36 ص 30

[197] تفسير العياشي ج 2 ص 306, البرهان ج 3 ص 562, بحار الأنوار ج 28 ص 230, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 199, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 470

[198] بشارة المصطفى | ص 129, إثبات الهداة ج 3 ص 133, بحار الأنوار ج 23 ص 102

[199] البرهان ج 2 ص 492, مدينة المعاجز ج 2 ص 267

[200] اليقين ص 372, بحار الأنوار ج 37 ص 324

[201] الكافي ج 1 ص 293, الوافي ج 2 ص 314, البرهان ج 5 ص 300

[202] بشارة المصطفى | ص 129, إثبات الهداة ج 3 ص 133, بحار الأنوار ج 23 ص 103

[203] الكافي ج 1 ص 286, الوافي ج 2 ص 269, غاية المرام ج 3 ص 109, البرهان ج 2 ص 105, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 496, تفسير الصافي ج 1 ص 462, تفسير فرات ص 110 نحوه

[204] إلى هنا في اليقين

[205] تأويل الآيات ص 674, بحار الأنوار 36 ص 29, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 331, اليقين ص 302

[206] بصائر الدرجات ج 1 ص 53, الأمالي للصدوق ص 111, فضائل الشيعة ص 33, البرهان ج 1 ص 613, بحار الأنوار ج 23 ص 154, إثبات الهداة ج 2 ص 101 بعضه

[207] تفسير العياشي ج 2 ص 141, البرهان ج 3 ص 86, بحار الأنوار ج 36 ص 100

[208] جامع الأخبار ص 11, إثبات الهداة ج 3 ص 171, بحار الأنوار ج 37 ص 166

[209] تفسير القمي ج 1 ص 389, البرهان ج 3 ص 450, اللوامع النورانية ص 348, بحار الأنوار ج 36 ص 169, تفسير نور الثقلين ج3 ص 82, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 263, إثبات الهداة ج 3 ص 147 بعضه

[210] تفسير العياشي ج 2 ص 268, البرهان ج 3 ص 451, اللوامع النورانية ص 350, بحار الأنوار ج 36 ص 148, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 81

[211] إلى هنا في مناقب آل أبي طالب وكشف المهم فيطريق خبر غدير خم وبحار الأنوار

[212] البرهان ج 2 ص 246, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 50, مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 26, بحار الأنوار ج 27 ص 158

[213] ‏مسائل علي بن جعفر × ص 145, بحار الأنوار ج 10 ص 266

[214] عيون أخبار الرضا × ج 2 ص 195, الكافي ج 1 ص 198, الأمالي للصدوق ص 773, كمال الدين ص 675, معاني الأخبار ص 96, الغيبة للنعماني ص 225, الإحتجاج ج 2 ص 226, بحار الأنوار ج 25 ص 120, غاية المرام ج 3 ص 127

[215] علل الشرائع ج 1 ص 249, الأمالي للطوسي ص 654, البرهان ج 2 ص 225, بحار الأنوار ج 23 ص 99, غاية المرام ج 2 ص 234

[216] الاحتجاج ج 2 ص 450, البرهان ج 5 ص 435, حلية الأبرار ج 5 ص 21, بحار الأنوار ج 2 ص 225