* مناظرات الفضل بن شاذان رحمه الله
قال الشيخ الطوسي في الفهرست ص 361: الفضل بن شاذان النيشابوري فقيه، متكلم، جليل القدر، له كتب ومصنفات.
وله روايات عن الإمام الرضا (ع)
سئل أبو محمد الفضل بن شاذان النيشابوري رحمه الله فقيل له: ما الدليل على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)؟ فقال: الدليل على ذلك من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه (ص), ومن إجماع المسلمين, فأما كتاب الله تبارك وتعالى فقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} فدعانا سبحانه إلى طاعة أولي الأمر, كما دعانا إلى طاعة نفسه وطاعة رسوله (ص) فاحتجنا إلى معرفة أولي الأمر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى ومعرفة الرسول عليه وآله السلام, فنظرنا في أقاويل الأمة فوجدناهم قد اختلفوا في أولي الأمر, وأجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن أبي طالب (ع), فقال بعضهم: أولي الأمر هم أمراء السرايا, وقال بعضهم: هم العلماء, وقال بعضهم: هم القوام على الناس والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر, وقال بعضهم: هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته (ع), فسألنا الفرقة الأولة فقلنا لهم: أليس علي بن أبي طالب (ع) من أمراء السرايا؟ فقالوا: بلى, فقلنا للثانية: ألم يكن (ع) من العلماء؟ قالوا: بلى, فقلنا للثالثة: أليس علي (ع) قد كان من القوام على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فقالوا: بلى, فصار أمير المؤمنين (ع) معينا بالآية باتفاق الأمة واجتماعها, وتيقنا ذلك بإقرار المخالف لنا في الإمامة والموافق عليها, فوجب أن يكون إماما بهذه الآية لوجود الاتفاق على أنه معني بها, ولم يجب العدول إلى غيره والاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف في ذلك وعدم الاتفاق, وما يقوم مقامه من البرهان, وأما السنة فإنا وجدنا النبي (ص) استقضى عليا (ع) على اليمن, وأمره على الجيوش, وولاه الأموال, وأمره بأدائها إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد ظلما, واختاره لأداء رسالات الله سبحانه والإبلاغ عنه في سورة براءة واستخلفه عند غيبته على من خلف, ولم نجد النبي (ص) سن هذه السنن في أحد غيره, ولا اجتمعت هذه السنن في أحد بعد النبي (ص) كما اجتمعت في علي (ع), وسنة رسول الله (ص) بعد موته واجبة كوجوبها في حياته, وإنما يحتاج الأمة إلى الإمام بهذه الخصال التي ذكرناها, فإذا وجدناها في رجل قد سنها الرسول (ص) فيه كان أولى بالإمامة ممن لم يسن النبي (ص) فيه شيئا من ذلك, وأما الإجماع فإن إمامته ثبتت من جهته من وجوه, منها أنهم قد أجمعوا جميعا أن عليا (ع) قد كان إماما, ولو يوما واحدا, ولم يختلف في ذلك أصناف أهل الإمامة ثم اختلفوا, فقالت طائفة: كان إماما في وقت كذا وكذا, وقالت طائفة: بل كان إماما بعد النبي (ص) في جميع أوقاته, ولم يجمع الأمة على غيره أنه كان إماما في الحقيقة طرفة عين, والإجماع أحق أن يتبع من الاختلاف, ومنها أنهم أجمعوا جميعا على أن عليا (ع) كان يصلح للإمامة, وأن الإمامة تصلح لبني هاشم, واختلفوا في غيره, وقالت طائفة: لم يكن تصلح لغير علي بن أبي طالب (ع) ولا تصلح لغير بني هاشم, والإجماع حق لا شبهة فيه, والاختلاف لا حجة فيه, ومنها أنهم أجمعوا على أن عليا (ع) كان بعد النبي (ص) ظاهر العدالة واجبة له الولاية, ثم اختلفوا فقال قوم: كان مع ذلك معصوما من الكبائر والضلال, وقال آخرون لم يك معصوما, ولكن كان عدلا برا تقيا على الظاهر لا يشوب ظاهره الشوائب, فحصل الإجماع على عدالته (ع) واختلفوا في نفي العصمة عنه (ع), ثم أجمعوا جميعا على أن أبا بكر لم يكن معصوما واختلفوا في عدالته, فقالت طائفة: كان عدلا, وقال آخرون: لم يكن عدلا لأنه أخذ ما ليس له فمن أجمعوا على عدالته واختلفوا في عصمته, أولى بالإمامة وأحق ممن اختلفوا في عدالته, وأجمعوا على نفي العصمة عنه.
-----------------
الفصول المختارة ص 118, بحار الأنوار ج 10 ص 374
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
سئل الفضل بن شاذان رحمه الله عما روته الناصبة عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: لا أوتي برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري, فقال: إنما روى هذا الحديث سويد بن غفلة وقد أجمع أهل الآثار على أنه كان كثير الغلط, وبعد فإن نفس الحديث متناقض, لأن الأمة مجمعة على أن عليا (ع) كان عدلا في قضيته, وليس من العدل أن يجلد حد المفتري من لم يفتر, لأن هذا جور على لسان الأمة كلها وعلي بن أبي طالب (ع) عندنا بريء من ذلك, قال الشيخ أدام الله عزه: وأقول إن هذا الحديث إن صح عن أمير المؤمنين (ع) ولن يصح بأدلة أذكرها بعد, فإن الوجه فيه أن الفاضل بينه وبين الرجلين, إنما وجب عليه حد المفتري من حيث أوجب لهما بالمفاضلة ما لا يستحقانه من الفضل, لأن المفاضلة لا يكون إلا بين مقاربين في الفضل, وبعد أن يكون في المفضول فضل, وإذا كانت الدلائل على أن من لا طاعة معه لا فضل له في الدين, وأن المرتد عن الإسلام ليس فيه شيء من الفضل الديني, وكان الرجلان بجحدهما النص قبل قد خرجا عن الإيمان بطل أن يكون لهما فضل في الإسلام, فكيف يحصل لهما من الفضل ما يقارب فضل أمير المؤمنين (ع), ومتى فضل إنسان أمير المؤمنين (ع) عليهما فقد أوجب لهما فضلا في الدين, فإنما استحق حد المفتري الذي هو كاذب دون المفتري الذي هو راجم بالقبيح, لأنه افترى بالتفضيل لأمير المؤمنين (ع) عليهما من حيث كذب في إثبات فضل لهما في الدين, ويجري في هذا الباب مجرى من فضل البر التقي على الكافر المرتد الخارج عن الدين, ومجرى من فضل جبرئيل (ع) على إبليس ورسول الله (ص) على أبي جهل بن هشام, في أن المفاضلة بين من ذكرناه يوجب لمن لا فضل له على وجه فضلا مقاربا لفضل العظماء عند الله تعالى, وهذا بين لمن تأمله مع أنه لو كان هذا الحديث صحيحا, وتأويله على ما ظنه القوم يوجب أن يكون حد المفتري واجبا على الرسول (ص) وحاشا له من ذلك, لأن رسول الله (ص) قد فضل أمير المؤمنين (ع) على سائر الخلق, وآخى بينه وبين نفسه, وجعله بحكم الله في المباهلة نفسه وسد أبواب القوم إلا بابه, ورد أكثر الصحابة عن إنكاحهم ابنته سيدة نساء العالمين (ع), وأنكحه وقدمه في الولايات كلها, ولم يؤخره وأخبر أنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله, وأنه أحب الخلق إلى الله تعالى, وأنه مولى من كان مولاه من الأنام, وأنه منه بمنزلة هارون من موسى بن عمران, وأنه أفضل من سيدي شباب أهل الجنة, وأن حربه حربه وسلمه سلمه, وغير ذلك مما يطول شرحه إن ذكرناه, وكان أيضا يجب أن يكون (ع) قد أوجب الحد على نفسه, إذ أبان فضله على سائر أصحاب الرسول (ص) حيث يقول (ع): أنا عبد الله وأخو رسول الله (ص) لم يقلها أحد قبلي, ولا يقولها أحد بعدي, إلا مفتر كذاب, صليت قبلهم سبع سنين, وفي قوله لعثمان وقد قال له أبو بكر وعمر خير منك, فقال: بل أنا خير منك ومنهما, عبدت الله عز وجل قبلهما وعبدته بعدهما, وكان أيضا قد أوجب الحد على ابنه الحسن (ع), وجميع ذريته وأشياعه وأنصاره وأهل بيته, فإنه لا ريب في اعتقادهم فضله على سائر الصحابة, وقد قال الحسن (ع) صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين (ع): لقد قبض الليلة رجل ما سبقه الأولون بعمل, ولا أدركه الآخرون, وهذه المقالة متهافتة جدا, وقال الشيخ أيده الله: ولست أمنع العبارة بأن أمير المؤمنين (ع) كان أفضل من أبي بكر وعمر على معنى تسليم فضلهما من طريق الجدل, أو على معتقد الخصوم في أن لهما فضلا في الدين, وأما على تحقيق القول في المفاضلة فإنه غلط وباطل, قال الشيخ: وشاهد ما أطلقت من القول ونظيره قول أمير المؤمنين (ع) في أهل الكوفة: اللهم إني قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني, اللهم فابدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني. ولم يكن في أمير المؤمنين (ع) شر, وإنما أخرج الكلام على اعتقادهم فيه, ومثله قول حسان بن ثابت وهو يعني رسول الله (ص): أتهجوه ولست له بكفو فخيركما لشركما الفداء, ولم يكن في رسول الله (ص) شر, وإنما أخرج الكلام على معتقد الهاجي فيه, وقوله تعالى: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} ولم يكن الرسول (ص) على ضلال.
----------------
الفصول المختارة ص 167, بحار الأنوار ج 10 ص377
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
وقد كان الفضل بن شاذان رحمه الله استدل على إمامة أمير المؤمنين (ع) بقول الله تعالى: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين} قال: وإذا أوجب الله تعالى للأقرب برسول الله (ص) الولاية, وحكم بأنه أولى به من غيره, وجب أن أمير المؤمنين (ع) كان أولى بمقام رسول الله (ص) من كل أحد, قال الفضل: فإن قال قائل فإن العباس كان أقرب إلى رسول الله (ص) من علي (ع), قيل له: إن الله تعالى لم يذكر الأقرب بالنبي (ص) دون أن علقه بوصف, فقال {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين} فشرط في الأولى بالرسول الإيمان والهجرة, ولم يكن العباس من المهاجرين ولا كانت له هجرة باتفاق, قال الشيخ رحمه الله: وأقول إن أمير المؤمنين (ع) كان أقرب إلى رسول الله (ص) من العباس وأولى بمقامه منه, إن ثبت أن المقام موروث وذلك أن عليا (ع) كان ابن عم رسول الله لأبيه وأمه, والعباس رحمه الله عمه لأبيه ومن تقرب بسببين كان أقرب ممن يتقرب بسبب واحد, وأقول إنه لو لم تكن فاطمة (ع) موجودة بعد رسول الله (ص) لكان أمير المؤمنين (ع) أحق بتركته من العباس رحمه الله, ولو ورث مع الولد أحد غير الأبوين والزوج والزوجة لكان أمير المؤمنين (ع) أحق بميراثه (ص) مع فاطمة (ع) من العباس, بما قدمت من انتظامه القرابة من جهتين, واختصاص العباس بها من جهة واحدة. قال الشيخ أيده الله: ولست أعلم بين أهل العلم خلافا في أن عليا (ع) ابن عم رسول الله (ص) لأبيه وأمه, وأن العباس رضي الله عنه كان عمه لأبيه خاصة, ويدل على ذلك ما رواه نقلة الآثار, وهو أن أبا طالب رحمه الله مر على رسول الله (ص) وعلي (ع) إلى جنبه, فلما سلم قال: ما هذا يا ابن أخ؟ فقال له رسول الله (ص): شيء أمرني به ربي يقربني إليه, فقال لابنه جعفر: يا بني, صل جناح ابن عمك, فصلى رسول الله (ص) بعلي وجعفر (ع), يومئذ فكانت أول صلاة جماعة في الإسلام, ثم أنشأ أبو طالب يقول:
إن عليا وجعفرا ثقتي ... عند ملم الزمان والكرب
والله لا أخذل النبي ولا ... يخذله من بني ذو حسب
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما ... أخي لأمي من بينهم وأبي
ومن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله قال: سمعت عليا (ع) ينشد ورسول الله (ص) يسمع:
أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي ... معه ربيت وسبطاهما ولدي
جدي وجد رسول الله منفرد. ... وفاطمة زوجتي لا قول ذي فند
فالحمد لله شكرا لا شريك له. ... البر بالعبد والباقي بلا أمد
قال: فتبسم رسول الله (ص) وقال له: صدقت يا علي, وفي ذلك أيضا يقول الشاعر:
إن علي بن أبي طالب. ... جدا رسول الله جداه
أبو علي وأبو المصطفى ... من طينة طيبها الله
---------------
الفصول المختارة ص 170, بحار الأنوار ج 10 ص 379
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
* مناظرات علي بن ميثم رحمه الله
قال الشيخ النجاشي في رجاله ص 251: علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمار أبو الحسن، مولى بني أسد، كوفي، سكن البصرة وكان من وجوه المتكلمين من أصحابنا، كلم أبا الهذيل والنظام.
وعده الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الرضا (ع) في رجاله ص 362
سأل علي بن ميثم رحمه الله أبا الهذيل العلاف فقال: ألست تعلم أن إبليس ينهى عن الخير كله ويأمر بالشر كله؟ فقال: بلى, قال: فيجوز أن يأمر بالشر كله وهو لا يعرفه؟ وينهى عن الخير كله وهو لا يعرفه؟ قال: لا, فقال له أبو الحسن (علي بن ميثم): فقد ثبت أن إبليس يعلم الشر والخير كله؟ قال أبو الهذيل: أجل, قال: فأخبرني عن إمامك الذي تأتم به بعد الرسول (ص), هل يعلم الخير كله والشر كله؟ قال: لا, قال له: فإبليس أعلم من إمامك إذا. فانقطع أبو الهذيل.
----------------
الفصول المختارة ص 23, بحار الأنوار ج 10 ص 370
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال أبو الحسن علي بن ميثم يوما آخر لأبي الهذيل: أخبرني عمن أقر على نفسه بالكذب وشهادة الزور, هل تجوز شهادته في ذلك المقام على آخرين؟ قال أبو الهذيل: لا يجوز ذلك, قال له أبو الحسن: أفلست تعلم أن الأنصار ادعت الإمرة لنفسها ثم أكذبت أنفسها في ذلك المقام وشهدت عليها بالزور, ثم أقرت بها لأبي بكر وشهدت بها له, فكيف تجوز شهادة قوم قد أكذبوا أنفسهم وشهدوا عليها بالزور مع ما أخذنا رهنك به من القول في ذلك. (1) (2)
---------
(1) قال الشيخ المفيد رحمه الله: هذا كلام موجز في البيان والمعنى فيه على الإيضاح أنه: إذا كان الدليل عند من خالفنا على إمامة أبي بكر إجماع المهاجرين عليه فيما زعمه والأنصار, وكان معترفا ببطلان شهادة الأنصار له من حيث أقرت على نفسها بباطل ما ادعته من استحقاق الإمامة, فقد صار وجود شهادتهم كعدمها, وحصل الشاهد بإمامة أبي بكر بعض الأمة لا كلها, وبطل ما ادعوه من الإجماع عليها, ولا خلاف بيننا وبين خصومنا أن إجماع بعض الأمة ليس بحجة فيما ادعاه وأن الغلط جائز عليه, وفي ذلك فساد الاستدلال على إمامة أبي بكر بما ادعاه القوم وعدم البرهان عليها من جميع الوجوه.
(2) الفصول المختارة ص 24, بحار الأنوار ج 10 ص 371
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
جاء ضرار إلى أبي الحسن علي بن ميثم رحمه الله فقال له: يا أبا الحسن، قد جئتك مناظرا. فقال له أبو الحسن: وفيم تناظرني؟ فقال: في الامامة. فقال: ما جئتني والله مناظرا ولكنك جئت متحكما. قال له ضرار: ومن أين لك ذلك؟ قال أبو الحسن: علي البيان عنه، أنت تعلم أن المناظرة ربما انتهت إلى حد يغمض فيه الكلام فتتوجه الحجة على الخصم فيجهل ذلك أو يعاند، وإن لم يشعر بذلك أكثر مستمعيه بل كلهم، ولكني أدعوك إلى منصفة من القول، وهو أن تختار أحد أمرين إما أن تقبل قولي في صاحبي وأقبل قولك في صاحبك فهذه واحدة. قال ضرار: لا أفعل ذلك. قال له أبو الحسن: ولم لا تفعله؟ قال: لأنني إذا قبلت قولك في صاحبك قلت لي: إنه كان وصي رسول الله (ص) وأفضل من خلفه وخليفته على قومه وسيد المرسلين فلا ينفعني بعد أن قبلت ذلك منك أن صاحبي كان صديقا واختاره المسلمون إماما، لان الذي قبلته منك يفسد هذا علي. قال له أبو الحسن: فاقبل قولي في صاحبك وأقبل قولك في صاحبي. قال ضرار: وهذا لا يمكن أيضا لأني إذا قبلت قولك في صاحبي قلت لي: كان ضالا مضلا ظالما لآل محمد (ع) قعد في غير مجلسه ودفع الامام عن حقه وكان في عصر النبي (ص) منافقا فلا ينفعني قبولك قولي فيه إنه كان خيرا صالحا، وصاحبا أمينا لأنه قد انتقض بقبولي قولك فيه بعد ذلك إنه كان ضالا مضلا. فقال له أبو الحسن رحمه الله: فإذا كنت لا تقبل قولك في صاحبك ولا قولي فيه ولا قولك في صاحبي، فما جئتني إلا متحكما ولم تأتني مباحثا مناظرا.
---------------
الفصول المختارة ص 29, بحار الأنوار ج 10 ص 371
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال أبو الحسن علي بن ميثم رحمه الله لرجل نصراني: لم علقت الصليب في عنقك؟ قال: لأنه شبه الشيء الذي صلب عليه عيسى (ع), قال أبو الحسن: أفكان (ع) يحب أن يمثل به؟ قال: لا, قال فأخبرني عن عيسى (ع), أكان يركب الحمار ويمضي عليه في حوائجه؟ قال: نعم, قال: أفكان يحب بقاء الحمار حتى يبلغ عليه حاجته, قال: نعم, قال: فتركت ما كان يحب عيسى بقاءه وما كان يركبه في حياته بمحبة منه وعمدت إلى ما حمل عليه عيسى (ع) بالكره وأركبه بالبغض له, فعلقته في عنقك, فقد كان ينبغي على هذا القياس أن تعلق الحمار في عنقك وتطرح الصليب وإلا فقد تجاهلت.
-----------------
الفصول المختارة ص 58, بحار الأنوار ج 10 ص 372
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
سئل أبو الحسن علي بن ميثم رحمه الله فقيل له: لم صلى أمير المؤمنين (ع) خلف القوم؟ قال: جعلهم بمثل سواري المسجد, قال السائل: فلم ضرب الوليد بن عقبة الحد بين يدي عثمان؟ فقال: لأن الحد له وإليه, فإذا أمكنه إقامته أقامه بكل حيلة, قال: فلم أشار على أبي بكر وعمر؟ قال: طلبا منه أن يحيي أحكام الله, ويكون دينه القيم كما أشار يوسف على ملك مصر نظرا منه للخلق, ولأن الأرض والحكم فيها إليه, فإذا أمكنه أن يظهر مصالح الخلق فعل, وإذا لم يمكنه ذلك بنفسه توصل إليه على يدي من يمكنه طلبا منه لإحياء أمر الله تعالى, قال: فلم قعد عن قتالهم؟ قال: كما قعد هارون بن عمران (ع) عن السامري وأصحابه وقد عبدوا العجل, قال: أفكان ضعيفا؟ قال: كان كهارون حيث يقول: {يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} وكان كنوح (ع) إذ قال: {أني مغلوب فانتصر} وكان كلوط (ع) إذ قال: { لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} وكان كهارون وموسى (ع) إذ قال: {رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي} قال: فلم قعد في الشورى؟ قال: اقتدارا منه على الحجة, وعلما منه بأن القوم إن ناظروه وأنصفوه كان هو الغالب, ولو لم يفعل وجبت الحجة عليه, لأنه من كان له حق فدعي إلى أن يناظر فيه فإن ثبت له الحجة أعطيه, فلم يفعل بطل حقه, وأدخل بذلك الشبهة على الخلق, وقد قال يومئذ: اليوم أدخلت في باب إن أنصفت فيه, وصلت إلى حقي يعني أن أبا بكر, استبد بها يوم السقيفة ولم يشاور. قال: فلم زوج عمر بن الخطاب ابنته, قال: لإظهاره الشهادتين وإقراره بفضل رسول الله (ص), وأراد بذلك استصلاحه وكفه عنه, وقد عرض لوط (ع) بناته على قومه, وهم كفار ليردهم عن ضلالهم, فقال: {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد}
---------------
الفصول المختارة ص 69, مناقب آل أبي طالب (ع) ج 1 ص 874, بحار الأنوار ج 10 ص 373
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
دخل أبو الحسن علي بن ميثم رحمه الله على الحسن بن سهل, وإلى جانبه ملحد قد عظمه والناس حوله, فقال: لقد رأيت ببابك عجبا, قال: وما هو؟ قال: رأيت سفينة تعبر بالناس من جانب إلى جانب بلا ملاح ولا ماصر, فقال له صاحبه الملحد: وكان بحضرته إن هذا أصلحك الله لمجنون, قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: خشب جماد لا حيلة له ولا قوة ولا حياة فيه ولا عقل, كيف تعبر بالناس؟ قال: فقال أبو الحسن: وأيما أعجب هذا أو هذا الماء الذي يجري على وجه الأرض يمنة ويسرة بلا روح ولا حيلة ولا قوى, وهذا النبات الذي يخرج من الأرض, والمطر الذي ينزل من السماء, تزعم أنت أنه لا مدبر لهذا كله, وتنكر أن تكون سفينة تتحرك بلا مدبر وتعبر بالناس, قال: فبهت الملحد.
----------------
الفصول المختارة ص76, كنز الفوائد ج 1 ص 286, بحار الأنوار ج 10 ص 374
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
سأل أبو الهذيل العلاف علي بن ميثم رحمه الله عند علي بن رياح فقال له: ما الدليل على أن عليا (ع) كان أولى بالإمامة من أبي بكر؟ فقال له: الدليل على ذلك إجماع أهل القبلة على أن عليا (ع) كان عند وفاة رسول الله (ص) مؤمنا عالما كافيا, ولم يجمعوا بذلك على أبي بكر, فقال له أبو الهذيل: ومن لم يجمع عليه عافاك الله؟ قال له أبو الحسن: أنا وأسلافي من قبل وأصحابي الآن, قال له أبو الهذيل: فأنت وأصحابك ضلال تائهون, فقال له أبو الحسن: ليس جواب هذا, الكلام إلا السباب واللطام.
---------------
الفصول المختارة ص 86, بحار الأنوار ج 10 ص 374
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية