- {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير} البقرة: 259
عن أبي عبد الله (ع) قال: لما عملت بنو إسرائيل المعاصي وعتوا عن أمر ربهم, فأراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم ويقتلهم, فأوحى الله تعالى إلى أرميا: يا أرميا, ما بلد انتخبته من بين البلدان وغرست فيه من كرائم الشجر, فأخلف فأنبت خرنوبا, فأخبر أرميا أخيار علماء بني إسرائيل فقالوا له: راجع ربك ليخبرنا ما معنى هذا المثل, فصام أرميا سبعا، فأوحى الله إليه: يا أرميا, أما البلد فبيت المقدس, وأما ما أنبت فيها فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها, فعملوا بالمعاصي وغيروا ديني وبدلوا نعمتي كفرا، فبي حلفت لأمتحننهم بفتنة يظل الحكيم فيها حيران, ولأسلطن عليهم شر عبادي ولادة وشرهم طعاما فليسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم ويسبي حريمهم, ويخرب ديارهم التي يغترون بها, ويلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة، فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له: راجع ربك, فقل له: ما ذنب الفقراء والمساكين والضعفاء، فصام أرميا سبعا ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شيء, ثم صام سبعا وأكل أكلة ولم يوح إليه شيء, ثم صام سبعا فأوحى الله إليه: يا أرميا, لتكفن عن هذا أو لأردن وجهك في قفاك، قال (ع): ثم أوحى الله تعالى إليه: قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، فقال أرميا: رب أعلمني من هو حتى آتيه, وآخذ لنفسي وأهل بيتي منه أمانا, قال: ائت موضع كذا وكذا فانظر إلى غلام أشدهم زمانا, وأخبثهم ولادة, وأضعفهم جسما, وشرهم غذاء فهو ذلك، فأتى أرميا ذلك البلد فإذا هو غلام في خان زمن ملقى على مزبلة وسط الخان, وإذا له أم تزني [تزبي] بالكسر وتفت الكسر في القصعة, وتحلب عليه خنزيرة لها, ثم تدنيه من ذاك الغلام فيأكله، فقال أرميا: إن كان في الدنيا الذي وضعه الله فهو هذا، فدنى منه فقال له: ما اسمك؟ فقال: بختنصر, فعرفه أنه هو فعالجه حتى برأ, ثم قال له: تعرفني؟ قال: لا أنت رجل صالح، قال: أنا أرميا نبي بني إسرائيل، أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل, فتقتل رجالهم وتفعل بهم كذا وكذا، قال فتاه في نفسه في ذاك الوقت, ثم قال أرميا: اكتب لي كتابا بأمان منك فكتب له كتابا، وكان يخرج في الجبل ويحتطب ويدخله المدينة ويبيعه, فدعا إلى حرب بني إسرائيل فأجابوه, وكان مسكنهم في بيت المقدس وأقبل بختنصر نحو بيت المقدس, واجتمع إليه بشر كثير، فلما بلغ أرميا إقباله نحو بيت المقدس استقبله على حمار له, ومعه الأمان الذي كتب له بختنصر, فلم يصل إليه أرميا من كثرة جنوده وأصحابه، فصير الأمان على قصبة ورفعها، فقال من أنت؟ فقال: أنا أرميا النبي الذي بشرتك بأنك سيسلطك الله على بني إسرائيل, وهذا أمانك لي، قال: أما أنت فقد أمنتك, وأما أهل بيتك فإني أرمي من هاهنا إلى بيت المقدس, فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي, وإن لم تصل فهم آمنون، وانتزع قوسه ورمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس، فقال لا أمان لهم عندي... ثم أتى بابل فبنى بها مدينة وأقام وحفر بئرا, فألقى فيها دانيال وألقى معه اللبوة, فجعلت اللبوة تأكل من طين البئر ويشرب دانيال لبنها, فلبث بذلك زمانا، فأوحى الله إلى النبي الذي كان ببيت المقدس: أن اذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال وأقرئه مني السلام، قال: وأين دانيال يا رب؟ قال: في بئر ببابل في موضع كذا وكذا, قال (ع): فأتاه, فاطلع في البئر فقال: يا دانيال، فقال: لبيك صوت غريب, قال: إن ربك يقرئك السلام, وقد بعث إليك بالطعام والشراب فأدلاه إليه, فقال دانيال: الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه, الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه, الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره, الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه, الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره, الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا, الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة, الحمد لله الذي يكشف حزننا [ضرنا] عند كربتنا, الحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل منا, الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا, قال (ع): فأوري [فأري] بختنصر في نومه كأن رأسه من حديد ورجليه من نحاس وصدره من ذهب، قال (ع): فدعا المنجمين فقال لهم: ما رأيت؟ قالوا: ما ندري ولكن قص علينا ما رأيت, فقال: وأنا أجري عليكم الأرزاق منذ كذا وكذا, ولا تدرون ما رأيت في المنام، فأمر بهم فقتلوا، قال (ع): فقال له بعض من كان عنده: إن كان عند أحد شيء فعند صاحب الجب, فإن اللبوة لم تعرض له وهي تأكل الطين وترضعه, فبعث إلى دانيال فقال: ما رأيت في المنام؟ قال: رأيت كأن رأسك من حديد ورجليك من نحاس وصدرك من ذهب، قال: هكذا رأيت فما ذاك؟ قال: قد ذهب ملكك, وأنت مقتول إلى ثلاثة أيام, يقتلك رجل من ولد فارس، قال (ع): فقال له: إن علي سبع مدائن، على باب كل مدينة حرس وما رضيت بذلك, حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة, لا يدخل غريب إلا صاحت عليه حتى يؤخذ, قال (ع): فقال له: إن الأمر كما قلت لك, قال (ع): فبث الخيل وقال: لا تلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه كائنا من كان, وكان دانيال جالسا عنده، وقال: لا تفارقني هذه الثلاثة أيام, فإن مضت قتلتك، فلما كان اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم, فخرج فتلقاه غلام كان يخدم ابنا له من أهل فارس, وهو لا يعلم أنه من أهل فارس، فدفع إليه سيفه وقال له: يا غلام, لا تلقى أحدا من الخلق إلا وقتلته, وإن لقيتني أنا فاقتلني، فأخذ الغلام سيفه فضرب به بختنصر ضربة فقتله, فخرج أرميا على حماره, ومعه تين قد تزوده وشيء من عصير, فنظر إلى سباع البر وسباع البحر وسباع الجو تأكل تلك الجيف, ففكر في نفسه ساعة, ثم قال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها وقد أكلتهم السباع، فأماته الله مكانه وهو قول الله تبارك وتعالى: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه} أي أحياه, فلما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بختنصر رد بني إسرائيل إلى الدنيا، وكان عزير لما سلط الله بختنصر على بني إسرائيل, هرب ودخل في عين وغاب فيها وبقي أرميا ميتا مائة سنة, ثم أحياه الله تعالى, فأول ما أحيا منه عينيه في مثل غرقئ البيض, فنظر فأوحى الله تعالى إليه: {كم لبثت قال لبثت يوما} ثم نظر إلى الشمس وقد ارتفعت فقال: {أو بعض يوم} فقال الله تعالى: {بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} أي لم يتغير {وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما} فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفطرة تجمع إليه, وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع, يتألف إلى العظام من هاهنا وهاهنا ويلتزق بها, حتى قام وقام حماره فقال: {أعلم أن الله على كل شيء قدير}.
-------------
تفسير القمي ج 1 ص 86, تفسير الصافي ج 1 ص 287, البرهان ج 1 ص 529, بحار الأنوار ج 14 ص 356, قصص الأنبياء (ع) للجزائري ص 424, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 271, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 421
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي عبد الله (ع) في قول الله: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها} فقال (ع): إن الله بعث على بني إسرائيل نبيا يقال له أرميا، فقال: قل لهم ما بلد تنقيته من كرائم البلدان، وغرس فيه من كرائم الغرس ونقيته من كل غريبة, فأخلف فأنبت خرنوبا قال (ع): فضحكوا واستهزءوا به فشكاهم إلى الله، قال (ع): فأوحى الله إليه: أن قل لهم إن البلد بيت المقدس, والغرس بنو إسرائيل تنقيته من كل غريبة ونحيت عنهم كل جبار, فأخلفوا فعملوا بمعاصي الله, فلأسلطن عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم، فإن بكوا إلي فلم أرحم بكاءهم, وإن دعوا لم أستجب دعاءهم, [فشلتهم وفشلت] ثم لأخربنها مائة عام ثم لأعمرنها، فلما حدثهم جزعت العلماء فقالوا: يا رسول الله, ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم فعاود لنا ربك، فصام سبعا فلم يوح إليه شيء فأكل أكلة, ثم صام سبعا فلم يوح إليه شيء فأكل أكلة, ثم صام سبعا فلما أن كان يوم الواحد والعشرين, أوحى الله إليه: لترجعن عما تصنع, أتراجعني في أمر قضيته أو لأردن وجهك على دبرك, ثم أوحى إليه: قل لهم: لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، (1) فسلط الله عليهم بختنصر فصنع بهم ما قد بلغك، ثم بعث بختنصر إلى النبي فقال: إنك قد نبئت عن ربك وحدثتهم بما أصنع بهم فإن شئت فأقم عندي فيمن شئت وإن شئت فاخرج, فقال: لا بل أخرج فتزود عصيرا وتينا وخرج، فلما أن غاب مد البصر التفت إليها فقال: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام} أماته غدوة وبعثه عشية قبل أن تغيب الشمس, وكان أول شيء خلق منه عيناه في مثل غرقئ البيض, ثم قيل له: {كم لبثت قال لبثت يوما} فلما نظر إلى الشمس لم تغب قال: {أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما} قال (ع): فجعل ينظر إلى عظامه كيف يصل بعضها إلى بعض, ويرى العروق كيف تجري، فلما استوى قائما قال: {أعلم أن الله على كل شيء قدير} وفي رواية هارون فتزود عصيرا ولبنا.
-------------
(1) من هنا في تفسير الصافي
تفسير العياشي ج 1 ص 140, سعد السعود ص 117, البرهان ج 1 ص 532, بحار الأنوار ج 14 ص 373, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 267, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 419, تفسير الصافي ج 1 ص 290
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن إبراهيم بن محمد قال: ذكر جماعة من أهل العلم: إن ابن الكواء قال لعلي (ع): يا أمير المؤمنين, ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا؟ قال (ع): نعم, أولئك ولد عزير حيث مر على قرية خربة، وقد جاء من ضيعة له تحته حمار ومعه شنة فيها تين وكوز فيه عصير, فمر على قرية خربة ف {قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام} فتوالد ولده وتناسلوا, ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه, فأولئك ولده أكبر من أبيهم.
-------------
تفسير العياشي ج 1 ص 141, تفسير الصافي ج 1 ص 292, البرهان ج 1 ص 533, بحار الأنوار ج 14 ص 374, قصص الأنبياء (ع) للجزائري ص 428, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 275, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 419
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن الأصبغ بن نباتة: أن عبد الله بن الكواء اليشكري قام إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: يا أمير المؤمنين, إن أبا المعتمر تكلم آنفا بكلام لا يحتمله قلبي, فقال (ع): وما ذاك؟ قال: يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله (ص) يقول: إنا قد رأينا أو سمعنا برجل أكبر سنا من أبيه, فقال أمير المؤمنين (ع): فهذا الذي كبر عليك؟ قال: نعم, فهل تؤمن أنت بهذا وتعرفه؟ فقال (ع): نعم, ويلك يا ابن الكواء افقه عني أخبرك عن ذلك, (1) إن عزيرا خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة, فلما ابتلاه الله عز وجل بذنبه وأماته {مائة عام ثم بعثه} فرجع إلى أهله وهو ابن خمسين سنة, فاستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة, ورد الله عزيرا في السن الذي كان به.
------------
(1) من هنا في قصص الأنبياء (ع) للجزائري
مختصر البصائر ص 102, بحار الأنوار ج 14 ص 374, قصص الأنبياء (ع) للجزائري ص 428
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن الصادق (ع) وقد سأله زنديق، فقال: فلو أن الله رد إلينا من الأموات في كل مائة عام [واحدا]، لنسأله عمن مضى منا إلى ما صاروا وكيف حالهم، وماذا لقوا بعد الموت، أي شيء صنع بهم، لعمل الناس على اليقين، واضمحل الشك، وذهب الغل عن القلوب, قال (ع): إن هذه مقالة من أنكر الرسل وكذبهم ولم يصدق بما جاءوا به من عند الله، إذ أخبروا وقالوا: إن الله عز وجل أخبر في كتابه على لسان الأنبياء (ع) حال من مات منا، أفيكون أحدا أصدق من الله قولا ومن رسله، وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير، منهم: أصحاب الكهف، أماتهم الله ثلاث مائة عام وتسعة، ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث، ليقطع حجتهم، وليريهم قدرته، وليعلموا أن البعث حق, وأمات الله إرميا النبي (ع) الذي نظر إلى خراب بيت المقدس وما حوله حين غزاهم بخت نصر، فقال: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام} ثم أحياه ونظر إلى أعضائه كيف تلتئم، وكيف تلبس اللحم، وإلى مفاصله وعروقه كيف توصل، فلما استوى قائما، قال: {أعلم أن الله على كل شيء قدير}.
--------------
الإحتجاج ج 2 ص 343, البرهان ج 1 ص 534, بحار الأنوار ج 10 ص 175
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
- {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون} التوبة: 30
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، أنه اجتمع يوما عند رسول الله (ص) أهل خمسة أديان: اليهود، والنصارى، والدهرية، والثنوية، ومشركو العرب, فقالت اليهود: نحن نقول: عزير ابن الله، وقد جئناك يا محمد لننظر ما تقول، فإن تبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك وأفضل، وإن خالفتنا خاصمناك... فقال رسول الله (ص): آمنت بالله وحده لا شريك له، وكفرت بكل معبود سواه, ثم قال: إن الله تعالى بعثني بالحق إلى الخلق كافة بشيرا ونذيرا، حجة على العالمين، وسيرد الله كيد من يكيد دينه في نحره, ثم قال لليهود: أجئتموني لأقبل قولكم بغير حجة؟ قالوا: لا, قال (ص): فما الذي دعاكم إلى القول بأن عزيرا ابن الله؟ قالوا: لأنه أحيا لبني إسرائيل التوراة بعد ما ذهبت، ولم يفعل به هذا إلا لأنه ابنه, فقال رسول الله (ص): فكيف صار عزير ابن الله دون موسى، وهو الذي جاء بالتوراة، ورئي منه من العجائب ما قد علمتم، ولئن كان عزير ابن الله لما ظهر من إكرامه بإحياء التوراة، فلقد كان موسى بالبنوة أحق وأولى، ولئن كان هذا المقدار من إكرامه لعزير يوجب أنه ابنه، فأضعاف هذه الكرامة لموسى توجب له منزلة أجل من البنوة، لأنكم إن كنتم إنما تريدون بالبنوة الولادة على سبيل ما تشاهدونه في دنياكم من ولادة الأمهات الأولاد بوطء آبائهم لهن فقد كفرتم بالله تعالى، وشبهتموه بخلقه، وأوجبتم فيه صفات المحدثين، ووجب عندكم أن يكون محدثنا مخلوقا، وأن له خالقا صنعه وابتدعه! قالوا: لسنا نعني هذا، فإن هذا كفر كما ذكرت، ولكنا نعني أنه ابنه على معنى الكرامة، وإن لم يكن هناك ولادة، كما يقول بعض علمائنا لمن يريد إكرامه وإبانة المنزلة من غيره: يا بني، وإنه ابني لا على إثبات ولادته منه، لأنه قد يقول ذلك لمن هو أجنبي لا نسب بينه وبينه، وكذلك لما فعل بعزير ما فعل كان اتخذه ابنا على الكرامة لا على الولادة, فقال رسول الله (ص): فهذا ما قلته لكم: إنه إن وجب على هذا الوجه أن يكون عزير ابنه، فإن هذه المنزلة لموسى أولى، وإن الله تعالى يفضح كل مبطل بإقراره، ويقلب عليه حجته, إن ما احتججتم به إنما يؤديكم إلى ما هو أكبر مما ذكرته لكم، لأنكم زعمتم أن عظيما من عظمائكم قد يقول لأجنبي لا نسب بينه وبينه: يا بني، وهذا ابني، لا على طريق الولادة، فقد تجدون أيضا هذا العظيم يقول لأجنبي آخر: هذا أخي, ولآخر: هذا شيخي، وأبي, ولآخر: هذا سيدي، ويا سيدي، على طريق الإكرام، وإن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، فإذن يجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله أو شيخا أو أبا أو سيدا لأنه قد زاده في الكرامة على ما لعزير، كما أن من زاد رجلا في الإكرام، فقال له: يا سيدي، ويا شيخي، ويا عمي، ويا رئيسي، ويا أميري على طريق الإكرام، وإن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، أفيجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله أو شيخا أو عما أو رئيسا أو سيدا أو أميرا لأنه قد زاده في الإكرام على من قال له: يا شيخي أو: يا سيدي أو: يا عمي أو: يا رئيسي أو: يا أميري؟ قال (ع): فبهت القوم وتحيروا، وقالوا: يا محمد، أجلنا نتفكر فيما قلته, فقال (ص): انظروا فيه بقلوب معتقدة للإنصاف يهدكم الله.
--------------
تفسير الإمام العسكري (ع) ص 530, الإحتجاج ج 1 ص 22, البرهان ج 2 ص 760, بحار الأنوار ج 9 ص 257, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 204, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 434
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
أوحى الله إلى عزير (ع): يا عزير, إذا وقعت في معصية فلا تنظر إلى صغرها ولكن انظر من عصيت, وإذا أوتيت رزقا مني فلا تنظر إلى قلته ولكن انظر من أهداه, وإذا نزلت بك بلية فلا تشك إلى خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتي عند صعود مساويك وفضائحك.
-------------
الدعوات للراوندي ص 169, بحار الأنوار ج 14 ص 379, قصص الأنبياء (ع) للجزائري ص 430, مستدرك الوسائل ج 2 ص 68
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: ملك الأرض كلها أربعة مؤمنان وكافران, فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين (ع), والكافران نمرود وبختنصر.
-------------
تفسير العياشي ج 1 ص 365, الخصال ج 1 ص 255, تفسير الصافي ج 1 ص 286, إثبات الهداة ج 5 ص 252, البرهان ج 2 ص 440, بحار الأنوار ج 11 ص 87, قصص الأنبياء (ع) للجزائري ص 105, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 267, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 413
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن الصادق (ع) قال: إن سليمان (ع) لما حضرته الوفاة أوصى إلى آصف بن برخيا بإذن الله تعالى ذكره, فلم يزل بينهم تختلف إليه الشيعة ويأخذون عنه معالم دينهم, ثم غيب الله عز وجل آصف غيبة طال أمدها, ثم ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء الله, ثم إنه ودعهم فقالوا له: أين الملتقى؟ قال: على الصراط, وغاب عنهم ما شاء الله, واشتدت البلوى على بني إسرائيل بغيبته وتسلط عليهم بختنصر, فجعل يقتل من يظفر به منهم ويطلب من يهرب ويسبي ذراريهم, فاصطفى من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال, واصطفى من ولد هارون عزيرا, وهم حينئذ صبية صغار فمكثوا في يده وبنو إسرائيل في العذاب المهين, والحجة دانيال أسير في يد بختنصر تسعين سنة, فلما عرف فضله وسمع أن بني إسرائيل ينتظرون خروجه ويرجون الفرج في ظهوره وعلى يده, أمر أن يجعل في جب عظيم واسع, ويجعل معه الأسد ليأكله فلم يقربه, وأمر أن لا يطعم فكان الله تعالى يأتيه بطعامه وشرابه على يد نبي من أنبياء بني إسرائيل, فكان يصوم دانيال النهار ويفطر الليل على ما يدلى إليه من الطعام, واشتدت البلوى على شيعته وقومه المنتظرين لظهوره, وشك أكثرهم في الدين لطول الأمد, فلما تناهى البلاء بدانيال وبقومه رأى بختنصر في المنام كأن ملائكة من السماء قد هبطت إلى الأرض أفواجا إلى الجب الذي فيه دانيال مسلمين عليه يبشرونه بالفرج, فلما أصبح ندم على ما أتى إلى دانيال, فأمر أن يخرج من الجب, فلما أخرج اعتذر إليه مما ارتكب منه من التعذيب, ثم فوض إليه النظر في أمور ممالكه والقضاء بين الناس, فظهر من كان مستترا من بني إسرائيل ورفعوا رءوسهم واجتمعوا إلى دانيال (ع) موقنين بالفرج, فلم يلبث إلا القليل عن تلك الحال حتى مضى لسبيله, وأفضى الأمر بعده إلى عزير, وكانوا يجتمعون إليه ويأنسون به ويأخذون عنه معالم دينهم, فغيب الله عنهم شخصه مائة عام, ثم بعثه وغابت الحجج بعده واشتدت البلوى على بني إسرائيل حتى ولد يحيى (ع).
--------------
كمال الدين ج 1 ص 157, بحار الأنوار ج 13 ص 448, قصص الأنبياء (ع) للراوندي ص 231 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي عبد الله (ع): من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة, إن دانيال كان في زمن ملك جبار عات أخذه فطرحه في جب وطرح معه السباع, فلم تدنو [تدن] منه ولم يخرجه, فأوحى الله إلى نبي من أنبيائه أن ائت دانيال بطعام, قال: يا رب, وأين دانيال؟ قال: تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فإنه يدلك إليه, فأتت به الضبع إلى ذلك الجب, فإذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام, فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره, والحمد لله الذي لا يخيب من دعاه, الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه, الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره, الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا وبالصبر نجاة, ثم قال الصادق (ع): إن الله أبى إلا أن يجعل أرزاق المتقين من حيث لا يحتسبون, وأن لا يقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين.
-------------
الأمالي للطوسي ص 300, قصص الأنبياء (ع) للراوندي ص 230, مجموعة ورام ج 2 ص 171, عدة الداعي ص 93, الوافي ج 9 ص 1649, بحار الأنوار ج 14 ص 362, مستدرك الوسائل ج 13 ص 42, الخرائج والجرائح ج 2 ص 941 بإختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن الباقر (ع) قال: سألته عن تعبير الرؤيا عن دانيال (ع), أهو صحيح؟ قال (ع): نعم, كان يوحى إليه وكان نبيا, وكان ممن علمه الله تأويل الأحاديث, وكان صديقا حكيما, وكان والله يدين بمحبتنا أهل البيت, قال جابر: بمحبتكم أهل البيت؟ قال (ع): إي والله, وما من نبي ولا ملك إلا وكان يدين بمحبتنا.
-------------
قصص الأنبياء (ع) للراوندي ص 229, بحار الأنوار ج 14 ص 371
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن الرضا (ع) قال: إن الملك قال لدانيال: أشتهي أن يكون لي ابن مثلك, فقال: ما محلي من قلبك؟ قال: أجل محل وأعظمه, قال دانيال: فإذا جامعت فاجعل همتك في, قال: ففعل الملك ذلك فولد له ابن أشبه خلق الله بدانيال.
------------
قصص الأنبياء (ع) للراوندي ص 230, بحار الأنوار ج 14 ص 371, قصص الأنبياء (ع) للجزائري ص 428
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: قال علي (ع): إن دانيال (ع) كان يتيما لا أم له ولا أب, وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا كبيرة ضمته فربته, (1) وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان وكان لهما صديق, وكان رجلا صالحا وكان له امرأة بهية جميلة, وكان يأتي الملك فيحدثه واحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض أموره, فقال للقاضيين: اختارا رجلا أرسله في بعض أموري, فقالا: فلان فوجهه الملك فقال الرجل للقاضيين: أوصيكما بامرأتي خيرا, فقالا: نعم, فخرج الرجل فكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها, فأبت فقالا لها: والله لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنا ثم لنرجمنك, فقالت: افعلا ما أحببتما, فأتيا الملك فأخبراه وشهدا عنده أنها بغت, فدخل الملك من ذلك أمر عظيم واشتد بها غمه وكان بها معجبا, فقال لهما: إن قولكما مقبول ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيام, ونادى في البلد الذي هو فيه: احضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت, فإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك, فأكثر الناس في ذلك وقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا من حيلة؟ فقال: ما عندي في ذلك من شيء, فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيامها, فإذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال لا يعرفه, فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك, وتكون أنت يا فلان العابدة, ويكون فلان وفلان القاضيين شاهدين عليها, ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب وقال للصبيان: خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا, وخذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا, ثم دعا بأحدهما وقال له: قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك, والوزير قائم ينظر ويسمع, فقال: إنها بغت, فقال: متى؟ فقال: يوم كذا وكذا, قال: مع من؟ قال: مع فلان بن فلان, قال: وأين؟ قال: موضع كذا وكذا, قال: ردوه إلى مكانه وهاتوا الآخر, فردوه إلى مكانه وجاءوا بالآخر, فقال له: بما تشهد؟ فقال: أشهد أنها بغت, قال: متى؟ قال: يوم كذا وكذا, قال: مع من؟ قال: مع فلان بن فلان, قال: وأين؟ قال: موضع كذا وكذا, فخالف أحدهما صاحبه, فقال دانيال: الله أكبر, شهدا بزور يا فلان, ناد في الناس: أنهما شهدا على فلانة بزور فاحضروا قتلهما, فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر, فبعث الملك إلى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان, فنادى الملك في الناس, وأمر بقتلهما.
-------------
(1) من هنا في مناقب آل أبي طالب (ع)
الكافي ج 7 ص 426, الفقيه ج 3 ص 21, التهذيب ج 6 ص 309, الوافي ج 16 ص 1089, بحار الأنوار ج 14 ص 375, مناقب آل أبي طالب (ع) ج 2 ص 372,
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: قال النبي (ص): أكرموا الخبز فإنه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض وما فيها من كثير من خلقه, ثم قال (ص) لمن حوله: ألا أحدثكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله, فداك الآباء والأمهات (1) فقال (ص): إنه كان نبي فيما كان قبلكم, يقال له دانيال, وإنه أعطى صاحب معبر رغيفا لكي يعبر به, فرمى صاحب المعبر بالرغيف, وقال: ما أصنع بالخبز؟ هذا الخبز عندنا قد يداس بالأرجل, فلما رأى دانيال ذلك منه رفع يده إلى السماء وقال: اللهم أكرم الخبز فقد رأيت يا رب ما صنع هذا العبد وما قال, فأوحى الله عز وجل إلى السماء: أن تحبس الغيث, وأوحى إلى الأرض أن كوني طبقا كالفخار, قال (ص): فلم يمطر شيء حتى أنه بلغ من أمرهم أن بعضهم أكل بعضا, فلما بلغ منهم ما أراد الله عز وجل من ذلك, قالت امرأة لأخرى ولهما ولدان: فلانة تعالي حتى نأكل أنا وأنت اليوم ولدي, فإذا جعنا غدا أكلنا ولدك, قالت لها: نعم فأكلتاه, فلما أن جاعتا من بعد راودت الأخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها, فقالت لها: بيني وبينك نبي الله, فاختصما إلى دانيال فقال لهما: وقد بلغ الأمر إلى ما أرى؟ قالتا له: نعم يا نبي الله وأشر, فرفع يده إلى السماء فقال: اللهم عد علينا بفضلك وفضل رحمتك, ولا تعاقب الأطفال ومن فيه خير بذنب صاحب المعبر وأضرابه لنعمتك, قال (ص): فأمر الله تبارك وتعالى السماء أن امطري على الأرض, وأمر الأرض أن أنبتي لخلقي ما قد فاتهم من خيرك, فإني قد رحمتهم بالطفل الصغير.
-------------
(1) من هنا في قصص الأنبياء (ع) للجزائري
الكافي ج 6 ص 302, الوافي ج 19 ص 267, وسائل الشيعة ج 24 ص 383, بحار الأنوار ج 14 ص 377, قصص الأنبياء (ع) للجزائري ص 429
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن علي بن الحسين (ع) قال: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى دانيال (ع): أن أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف بحق أهل العلم التارك للاقتداء بهم, وأن أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل, اللازم للعلماء التابع للحلماء القابل عن الحكماء.
------------
الكافي ج 1 ص 35, منية المريد ص 111, الوافي ج 1 ص 158, الجواهر السنية ص 196, بحار الأنوار ج 14 ص 387
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن جرير بن عبد الله البجلي قال: بعثني النبي (ص) بكتابه إلى ذي الكلاع وقومه, فدخلت عليه فعظم كتابه وتجهز وخرج في جيش عظيم, وخرجت معه نسير إذ رفع لنا دير راهب, فقال: أريد هذا الراهب, فلما دخلنا عليه سأله: أين تريد؟ قال: هذا النبي الذي خرج في قريش وهذا رسوله, قال الراهب: لقد مات هذا الرسول, فقلت: من أين علمت بوفاته؟ قال: إنكم قبل أن تصلوا إلي كنت أنظر في كتاب دانيال, مررت بصفة محمد (ص) ونعته وأيامه وأجله فوجدت أنه توفي في هذه الساعة, فقال ذو الكلاع: أنا أنصرف, قال جرير: فرجعت فإذا رسول الله (ص) توفي ذلك اليوم.
--------------
الخرائج والجزائح ج 2 ص 517, إثبات الهداة ج 1 ص 227, بحار الأنوار ج 15 ص 220
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية