روي أن زينب بنت علي بن أبي طالب (س) لمَّ تولَّدت, أخبر بذلك رسول الله (ص), فجاء سيد الأنبياء (ص) منزل فاطمة الزهراء (س) وقال لها: يا بنية ايتيني بنتك المولودة, فلما أحضرتها أخذها وضمها إلى صدره الشريف ووضع خده المنيف إلى خدها فبكى بكاءاً عالياً, وسال الدمعُ على محاسنه جارياً, فقالت فاطمة (س): لماذا بكاؤك لا أبكى الله عينيك يا أبتاه؟! فقال (ص): يا بنية يا فاطمة فاعلمي أن هذه البنت بعدك وبعدي ابتلت على البلايا ووردت عليها المصائب شتى, ورزايا أدها. قال الراوي: فحينئذ بكت فاطمة (س) وقالت: ما لمن بكى عليها وعلى مصابها من الأجر؟ قال رسول الله (ص): يا بضعتي وقرة عيني, إن مَن بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثواب بكائه كثواب من بكى على أخويها, ثم سمَّاها زينب (ع)
---------
مسند فاطمة الزهراء (س) ص298, عن الطراز المذَّهب
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الامام السجاد عليه السلام قال لعمته زينب عليها السلام: أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة
----------
الإحتجاج ج 2 ص 305, بحار الأنوار ج 45 ص 164, العوالم ج 11 ص 955
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن حذلم بن ستير: ورأيت زينب بنت علي (ع) ولم أر خفرة قط أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (ع). قال: وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكتت الأصوات، فقالت: الحمد لله والصلاة على أبي رسول الله، أما بعد يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل والخذل، فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنة، فما مثلكم إلا {كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكـثا تتخذون أيمـنكم دخلا بينكم}. ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف، والصدر الشنف، خوارون في اللقاء، عاجزون عن الأعداء، ناكثون للبيعة، مضيعون للذمة، فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون! إي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، فلقد فزتم بعارها وشنارها، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبدا. فسليل خاتم الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجتكم، ومدرجة حجتكم خذلتم، وله قتلتم! ألا ساء ما تزرون، فتعسا ونكسا، فلقد خاب السعي، وتربت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة. ويلكم، أتدرون أي كبد لمحمد (ص) فريتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي كريمة له أصبتم؟ {لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموت يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا}، ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء، طلاع الأرض والسماء. أفعجبتم أن قطرت السماء دما! {ولعذاب الأخرة أخزى}، فلا يستخفنكم المهل، فإنه لا يحفزه البدار، ولا يخاف عليه فوت الثأر، كلا {إن ربك لبالمرصاد}. قال: ثم سكتت، فرأيت الناس حيارى، قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا قد بكى حتى اخضلت لحيته، وهو يقول:
كهولهم خير الكهول ونسلهم... إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى
----------------
الأمالي للمفيد ص 321, الأمالي للطوسي ص 91, بحار الانوار ج 45 ص 164
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الصدوق محمد بن بابويه: كانت زينب (ع) لها نيابة خاصة عن الحسين (ع) وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتى برئ الامام زين العابدين (ع) من مرضه
------------
العوالم ج 11 ص 957
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي أن الحسين (ع) كان إذا زارته زينب (ع) يقوم إجلالا لها، وكان يجلسها في مكانه، ولعمري!
ورد في بعض الأخبار من أنها دخلت على الحسين (ع) وكان يقرأ القرآن، فوضع القرآن على الأرض، وقام لها إجلالا.
-----------
العوالم ج 11 ص 955
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين (ع) في المدينة مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب (ع) ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصا، ولا سمعت لها صوتا, وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله (ص) تخرج ليلا، والحسن (ع) عن يمينها، والحسين (ع) عن شمالها، وأمير المؤمنين (ع) أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (ع) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن (ع) مرة عن ذلك؟ فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص اختك زينب.
--------------
العوالم ج 11 ص 955
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن شيخ صدوق من مشايخ بني هاشم: قامت ( السيدة زينب عليها السلام) على قدميها وأشرفت على المجلس، وشرعت في الخطبة، إظهارا لكمالات محمد (ص)، وإعلانا بأنا نصبر لرضاء الله، لا لخوف ولا دهشة. فقامت إليه زينب بنت علي (ع) وامها فاطمة بنت رسول الله (ص) وقالت: الحمد لله رب العالمين، والصلاة على جدي سيد المرسلين، صدق الله سبحانه كذلك يقول: {ثم كان عـقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزءون} أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وضيقت علينا آفاق السماء، فأصبحنا لك في إسار الذل، نساق إليك سوقا في قطار، وأنت علينا ذو اقتدار، أن بنا من الله هوانا وعليك منه كرامة وامتنانا، وأن ذلك لعظم خطرك، وجلالة قدرك، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، تضرب أصدريك فرحا وتنفض مذرويك مرحا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والامور لديك متسقة، وحين صفا لك ملكنا، وخلص لك سلطاننا؟! فمهلا مهلا لا تطش جهلا! أنسيت قول الله عز وجل: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}. أمن العدل يابن الطلقاء! تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله (ص) سبايا؟ قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناقل ويبرزن لأهل المناهل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والغائب والشهيد، والشريف والوضيع، والدني والرفيع، ليس معهن من رجالهن ولي، ولا من حماتهن حميم، عتوا منك على الله وجحودا لرسول الله (ص)، ودفعا لما جاء به من عند الله، ولا غرو منك ولا عجب من فعلك، وأنى يرتجى الخير ممن لفظ فوه أكباد الشهداء، ونبت لحمه بدماء السعداء، ونصب الحرب لسيد الأنبياء، وجمع الأحزاب، وشهر الحراب، وهز السيوف في وجه رسول الله (ص)، أشد العرب لله جحودا، وأنكرهم له رسولا، وأظهرهم له عدوانا، وأعتاهم على الرب كفرا وطغيانا. ألا إنها نتيجة خلال الكفر، وضب يجرجر في الصدر لقتلى يوم بدر، فلا يستبطي في بغضنا أهل البيت من كان نظره إلينا شنفا وشنآنا وإحنا وأظغانا، يظهر كفره برسول الله (ص)، ويفصح ذلك بلسانه، وهو يقول فرحا بقتل ولده وسبي ذريته، غير متحوب ولا مستعظم، يهتف بأشياخه:
لأهلوا واستهلوا فرحا... ولقالوا يا يزيد لا تشل
منتحيا على ثنايا أبي عبد الله، وكان مقبل رسول الله (ص)، ينكتها بمخصرته، قد التمع السرور بوجهه. لعمري لقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة، بإراقتك دم سيد شباب أهل الجنة، وابن يعسوب العرب، وشمس آل عبد المطلب، وهتفت بأشياخك، وتقربت بدمه إلى الكفرة من أسلافك، ثم صرخت بندائك، ولعمري لقد ناديتهم لو شهدوك! ووشيكا تشهدهم ولم يشهدوك، ولتود يمينك كما زعمت شلت بك عن مرفقها وجذت، وأحببت امك لم تحملك، وأباك لم يلدك، حين تصير إلى سخط الله، ومخاصمك رسول الله (ص). اللهم خذ بحقنا، وانتقم من ظالمنا، وأحلل غضبك على من سفك دماءنا ونقض ذمارنا، وقتل حماتنا، وهتك عنا سدولنا. وفعلت فعلتك التي فعلت، وما فريت إلا جلدك، وما جززت إلا لحمك، وسترد على رسول الله (ص) بما تحملت من دم ذريته، وانتهكت من حرمته، وسفكت من دماء عترته ولحمته، حيث يجمع به شملهم، ويلم به شعثهم، وينتقم من ظالمهم، ويأخذ لهم بحقهم من أعدائهم. فلا يستفزنك الفرح بقتلهم {ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أموتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتـاهم الله من فضله} وحسبك بالله وليا وحاكما، وبرسول الله (ص) خصيما، وبجبرئيل ظهيرا، وسيعلم من بوأك ومكنك من رقاب المسلمين، أن بئس للظالمين بدلا، وأيكم شر مكانا وأضل سبيلا. وما استصغاري قدرك، ولا استعظامي تقريعك توهما لانتجاع الخطاب فيك، بعد أن تركت عيون المسلمين به عبرى، وصدورهم عند ذكره حرى، فتلك قلوب قاسية، ونفوس طاغية، وأجسام محشوة بسخط الله ولعنة الرسول، قد عشش فيه الشيطان وفرخ، ومن هناك مثلك ما درج ونهض. فالعجب كل العجب لقتل الأتقياء، وأسباط الأنبياء، وسليل الأوصياء، بأيدي الطلقاء الخبيثة، ونسل العهرة الفجرة، تنطف أكفهم من دمائنا، وتتحلب أفواههم من لحومنا، تلك الجثث الزاكية على الجيوب الضاحية، تنتابها العواسل وتعفرها امهات الفراعل فلئن اتخذتنا مغنما لتجد بنا وشيكا مغرما، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، وما الله بظلام للعبيد. فإلى الله المشتكى والمعول، وإليه الملجأ والمؤمل، ثم كد كيدك، واجهد جهدك، فوالله الذي شرفنا بالوحي والكتاب، والنبوة والانتجاب، لا تدرك أمدنا، ولا تبلغ غايتنا، ولا تمحو ذكرنا، ولا يرحض عنك عارنا، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المنادي ألا لعن الله الظالم العادي. والحمد لله الذي حكم لأوليائه بالسعادة، وختم لأصفيائه ببلوغ الإرادة، ونقلهم إلى الرحمة والرأفة، والرضوان والمغفرة، ولم يشق بهم غيرك، ولا ابتلى بهم سواك، ونسأله أن يكمل لهم الأجر، ويجزل لهم الثواب والذخر، ونسأله حسن الخلافة، وجميل الإنابة، إنه رحيم ودود. فقال يزيد (لعنه الله) مجيبا لها:
يا صيحة تحمد من صوائح... ما أهون الموت على النوائح
-----------------------
الإحتجاج ج 2 ص 308, بحار الأنوار ج 45 ص 157
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية