الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع), حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله, عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي, عن أبيه, عن عبد الله بن عبد الرحمن, عن المفضل بن عمر, قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (ع) وعلي (ع) ابنه في حجره وهو يُقبِّله ويمص لسانه ويضعه على عاتقه ويضمه إليه ويقول: بأبي أنت وأمي ما أطيب ريحك وأطهر خلقك وأبين فضلك! قلت: جُعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودة ما لم يقع لأحد إلا لك فقال لي: يا مفضل هو مني بمنزلتي من أبي (ع) {ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم} قال: قلت هو صاحب هذا الأمر من بعدك؟ قال: نعم من أطاعه رشد ومن عصاه كفر.
-------------
عيون أخبار الرضا (ع) ج2 ص40، عنه البحار ج49 ص20، وسائل الشيعة ج18 ص557، خاتمة المستدرك ج4 ص112.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي الصلت الهروي قال: كان الرضا (ع) يكلم الناس بلغاتهم, وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة, فقلت له يوماً: يابن رسول الله إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها, فقال: يا أبا الصلت أنا حجة الله على خلقه, وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم, أو ما بلغك قول أمير المؤمنين (ع): أوتينا فصل الخطاب, فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات.
------------
عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 228, إعلام الورى ص 332, كشف الغمة ج 2 ص 329, مشارق أنوار اليقين ص 130, إثبات الهداة ج 4 ص 339, مدينة المعاجز ج 7 ص 124, بحار الأنوار ج 26 ص 190, رياض الأبرار ج 2 ص 353, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 444, تفسير كنز الدقائق ج 11 ص 212
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قطب الدين الراوندي في الدعوات, وعن محمد بن علي (ع) قال: مرض رجل من أصحاب الرضا (ع) فعاده فقال: كيف نجدك؟ قال: لقيت الموت بعدك, يريد به ما لقيه من شدة مرضه، فقال: كيف لقيته؟ قال: شديداً أليماً، قال: ما لقيته إنما ما يبدؤك به ويعرفك بعض حاله, إنما الناس رجلان مستريح بالموت, ومستراح منه, فجدد الايمان بالله وبالولاية تكن مستريحاً، ففعل الرجل ذلك ثم قال: يا ابن رسول الله هذه ملائكة ربي بالتحيات والتحف يسلمون عليك وهم قيام بين يديك, فأذن لهم بالجلوس.
فقال الرضا (ع): اجلسوا ملائكة ربي، ثم قال للمريض: سلهم أُمروا بالقيام بحضرتي؟ فقال المريض: سألتهم فزعموا أنه لو حضرك كل من خلقه الله من ملائكته لقاموا لك, ولم يجلسوا حتى تأذن لهم, هكذا أمرهم الله عز وجل، ثم غمض الرجل عينيه وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله هكذا شخصك ماثل لي مع أشخاص محمد (ص) ومن بعده من الأئمة عليهم السلام وقضى الرجل.
-------------
دعوات الراوندي ص248، عنه البحار ج6 ص194/ ج49 ص72، معاني الأخبار ص289، مستدرك الوسائل ج2 ص126
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع), حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهما قالا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم, عن أبيه إبراهيم بن هاشم, عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: دخل دعبل بن علي الخزاعي, علي بن موسى الرضا (ع) بمرو فقال له: يا ابن رسول الله (ص) إني قد قلت فيك قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك فقال (ع): هاتها, فأنشده:
مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات
فلما بلغ إلى قوله: أرى فيئهم في غيرهم متقسماً وأيديهم من فيئهم صفرات
بكى أبو الحسن الرضا (ع) وقال له: صدقت يا خزاعي!
فلما بلغ إلى قوله: إذا وتروا مدوا إلى واتريهم أكفاً عن الاوتار منقبضات
جعل أبو الحسن (ع) يقلب كفيه ويقول: أجل والله منقبضات!
فلما بلغ إلى قوله: لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي
قال الرضا (ع): آمنك الله يوم الفزع الأكبر!
فلما انتهى إلى قوله: وقبر ببغداد لنفس زكية تضمنها الرحمن في الغرفات
قال له الرضا (ع): أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ فقال: بلى يا ابن رسول الله, فقال (ع):
وقبر بطوس يا لها من مصيبة توقد في الاحشاء بالحرقات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائماً يفرج عنا الهم والكربات
فقال دعبل: يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا (ع): قبري ولا تنقضي الايام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له, [...] الخبر.
----------
عيون أخبار الرضا ج1 ص294، عنه البحار ج49 ص239، مناقب ابن شهر آشوب ج3 ص450، مدينة المعاجز ج7 ص185، إكمال الدين ص373، إعلام الورى ج2 ص66.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن إسحاق بن راهويه قال: لما وافى أبو الحسن الرضا (ع) نيسابور وأراد أن يرحل منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا بن رسول الله، ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك، وقد كان قعد في العمارية (هودج يجلس فيه) فأطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: سمعت جبرئيل (ع) يقول: سمعت الله عز وجل يقول: لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن عذابي. فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها! وأنا من شروطها.
-------------
الأمالي للصدوق ص 235, التوحيد ص 25, عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 144, معاني الأخبار ص 370, ثواب الأعمال ص 6, بشارة المصطفى ص 269, الوافي ج 9 ص 1460, الجواهر السنية ص 443, حلية الأبرار ج 4 ص 355, بحار الأنوار ج 3 ص 7, رياض الأبرار ج 2 ص 365, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 39, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 236, العوالم ج 22 ص 237
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي الصلت الهروي قال: كنت مع الرضا (ع) لما دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء، وقد خرج علماء نيسابور في إستقباله، فلما صاروا إلى المرتعة تعلقوا بلجام بغلته وقالوا: يا بن رسول الله حدثنا بحق آبائك الطاهرين حديثا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين. فأخرج رأسه من الهودج وعليه مطرف خز فقال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة عن أبيه أمير المؤمنين (ع) عن رسول الله (ص) قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين عن الله عز وجل تقدست أسماؤه وجل وجهه قال: إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، عبادي فاعبدوني وليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها أنه قد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي. قالوا: يا ابن رسول الله (ص) وما إخلاص الشهادة لله؟ قال: طاعة الله وطاعة رسوله وولاية أهل بيته (ع).
-------------
الأمالي للطوسي ص 588, مجموعة ورام ج 2 ص 74, أعلام الدين ص 214, البرهان ج 4 ص 540, حلية الأبرار ج 4 ص 351, بحار الأنوار ج 3 ص 14, العوالم ج 22 ص 232
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن موسى بن سيار قال: كنت مع الرضا (ع) وقد أشرف على حيطان طوس وسمعت واعية فأتبعتها فإذا نحن بجنازة، فلما بصرت بها رأيت سيدي وقد ثنى رجله عن فرسه، ثم أقبل نحو الجنازة فرفعها، ثم أقبل يلوذ بهما كما تلوذ السخلة بأمها، ثم أقبل علي وقال: يا موسى بن سيار، من شيع جنازة ولي من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب عليه، حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره رأيت سيدي قد أقبل فأخرج الناس عن الجنازة حتى بدا له الميت فوضع يده على صدره، ثم قال: يا فلان بن فلان أبشر بالجنة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة. فقلت: جعلت فداك هل تعرف الرجل؟ فوالله إنها بقعة لم تطأها قبل يومك هذا فقال لي: يا موسى بن يسار أما علمت أنا معاشر الأئمة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحا ومساء؟ فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا الله تعالى الصفح لصاحبه، وما كان من العلو سألنا الله الشكر لصاحبه.
------------
مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 341, مدينة المعاجز ج 7 ص 228، بحار الأنوار ج 49 ص 98، العوالم ج 22 ص 213, مستدرك الوسائل ج 2 ص 164
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن محمد بن صدقة، قال: دخلت على الرضا صلوات الله وسلامه عليه فقال: لقيت رسول الله، وعلياً، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد، وجعفر، وأبي صلى الله عليهم أجمعين في ليلتي هذه، وهم يحدثون الله عز وجل، فقلت: الله! قال: فأدناني رسول الله (ص) وأقعدني بين أمير المؤمنين وبينه، فقال لي: كأني بالذرية من أزل قد أصاب لأهل السماء ولأهل الارض، بخ بخ لمن عرفوه حق معرفته، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، العارف به خير من كل ملك مقرب، وكل نبي مرسل، وهم والله يشاركون الرسل في درجاتهم, ثم قال لي: يا محمد، بخ بخ، لمن عرف محمداً وعلياً، والويل لمن ضل عنهم، وكفى بجهنم سعيراً.
---------
دلائل الإمامة ص376, نوادر المعجزات ص171, مدينة المعاجز ج7 ص129, وورد في إثباة الهداة.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن إسماعيل بن مهران قال: كنت أنا وأحمد بن نصر عند الرضا (ع) فجرى ذكر الإمام, فقال الرضا (ع): إنما هو مثل القمر يدور في كل مكان - أو تراه من كل مكان.
-------------
بصائر الدرجات ص 443, بحار الأنوار ج 26 ص 136
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا (ع) أحدثه وقد إجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام، إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال: السلام عليك يا بن رسول الله رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك (ع)، مصدري من الحج وقد إفتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ به مرحلة، فإن رأيت ان تنهضني إلي بلدي ولله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك، فلست موضع صدقة. فقال له: إجلس رحمك الله وأقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا وبقي هو وسليمان الجعفري، وخيثمة، وأنا. فقال: أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة، ثم خرج ورد الباب، وأخرج يده من أعلى الباب وقال: أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا. فقال: خذ هذه مأتي دينار واستعن بها في مؤنتك ونفقتك وتبرك بها ولا تصدق بها عني، واخرج فلا أراك ولا تراني. ثم خرج، فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته أما سمعت حديث رسول الله (ص) المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة، والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له أما سمعت قول الاول.
متى آته يوما لأطلب حاجة ... رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه
-------------
الكافي ج 4 ص 23, الوافي ج 10 ص 422, وسائل الشيعة ج 9 ص 456, حلية الأبرار ج 4 ص 374, بحار الأنوار ج 49 ص 101, رياض الأبرار ج 2 ص 356, العوالم ج 22 ص 199, مناقب آشوب ج 4 ص 360 بأختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
في الحديث اللوح القدسي عن الله عز وجل: ألا ومن جحد واحداً منهم (أي الأئمة) فقد جحد نعمتي, ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي, وويل للمكذبين الجاحدين بعد انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي (أي موسى الكاظم), فإن المكذب لأحدهم المكذب لكل أوليائي. ألا إن المكذب بالثامن (الامام الرضا) مكذب بكل أوليائي، وعلي وليي وناصري, ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها, يقتله عفريت مستكبر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي, لأقرن عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه.
------------
الإختصاص ص 210، الكافي ج 1 ص 528, الغماة والتبصرة ص 105, الغيبة للنعماني ص 65, عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 43, كمال الدين ج 1 ص 310, الغيبة للطوسي ص 145، إعلام الورى ج 2 ص 176، جامع الأخبار ص 19, مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 297, الإحتجاج ج 1 ص 68, مشارق أنوار اليقين ص 160, إرشاد القلوب ج 2 ص 291, الصراط المستقيم ج 2 ص 137, الوافي ج 2 ص 267, الجواهر السنية ص 404, الإنصاف في النص ص 53, غاية المرام ج 1 ص 219، بحار الأنوار ج 36 ص 196, العوالم ج 11 ص 850
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي أنه لما سار المأمون إلى خراسان وكان معه الاِمام الرضا علي بن موسى (ع)، فبينا هما يسيران، إذ قال له المأمون: يا أبا الحسن إني فكرت في شيء، فسنح لي الفكر الصواب فيه، إني فكرت في أمرنا وأمركم، ونسبنا ونسبكم، فوجدت الفضيلة فيه واحدة، ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولاً على الهوى والعصبية. فقال له أبو الحسن الرضا (ع): إن لهذا الكلام جواباً، فإن شئت ذكرته لك وإن شئت أمسكت. فقال له المأمون: لم أقله إلا لأعلم ما عندك فيه. قال له الرضا (ع): أنشدك الله يا أمير المؤمنين، لو أن الله تعالى بعث محمدا (ص) فخرج علينا من وراء أكمة من هذه الآكام، فخطب إليك ابنتك أكنت تزوجه إياها؟ فقال: يا سبحان الله، وهل أحد يرغب عن رسول الله (ص)؟ فقال له الرضا (ع): أفتراه كان يحل له أن يخطب ابنتي؟ قال: فسكت المأمون هنيئة، ثم قال: أنتم والله أمس برسول الله (ص) رحما.
---------
الفصول المختارة ص 37، كنز الفوائد ج 1 ص356، غرر الأخبار ص 229, بحار الأنوار ج 10 ص 349, رياض الأبرار ج 2 ص 382, العوالم ج 22 ص 297
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
أبو محمد القاسم بن العلاء - رحمه الله - رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضا (ع) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي (ع) فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم (ع) ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه (ص) حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شئ، بين فيه الحلال والحرام، والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز وجل: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره (ص): " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمض (ص) حتى بين لامته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليا (ع) علما وإمام وما ترك [ لهم ] شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به. هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم، إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم، إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل (ع) بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره، فقال: " إني جاعلك للناس إماما " فقال الخليل (ع) سرورا بها: " ومن ذريتي " قال الله تبارك وتعالى: " لا ينال عهدي الظالمين ". فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال: " ووهبنا له إسحاق و يعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ". فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي (ص)، فقال جل وتعالى: " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " فكانت له خاصة فقلدها (ص) عليا (ع) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان، بقوله تعالى: " قال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث " فهي في ولد علي (ع) خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (ص) فمن أين يختار هؤلاء الجهال. إن الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء، إن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول (ص) ومقام أمير المؤمنين (ع) وميراث الحسن والحسين عليهما السلام إن الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الإمامة أس الاسلام النامي، وفرعه السامي، بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفئ والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف. الامام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة، والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، الامام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والابصار. الامام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار، الامام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى، والمنجي من الردى، الامام النار على اليفاع، الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك، من فارقه فهالك، الامام السحاب الماطر، والغيث الهاطل و والشمس المضيئة، والسماء الظليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة. الامام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والام البرة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد الامام أمين الله في خلقه، وحجته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله. الامام المطهر من الذنوب والمبرأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، المرسوم بالحلم، نظام الدين، وعز المسلمين وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين. الامام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب. فمن ذا الذي يبلغ معرفة الامام، أو يمكنه اختياره، هيهات هيهات، ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وخسئت العيون وتصاغرت العظماء، وتحيرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الألباء، وكلت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء، عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، وأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف بكله، أو ينعت بكنهه، أو يفهم شئ من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه، لا كيف وأنى؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين، ووصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟! أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد (ص) كذبتهم والله أنفسهم، ومنتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة، وآراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعدا، [ قاتلهم الله أنى يؤفكون ] ولقد راموا صعبا، وقالوا إفكا، وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة، إذ تركوا الامام عن بصيرة، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين. رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله (ص) وأهل بيته إلى اختيارهم والقرآن يناديهم: " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون " وقال عز وجل: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الآية وقال: " ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين " وقال عز وجل: " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " أم " طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون " أم " قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون " أم " قالوا سمعنا وعصينا " بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فكيف لهم باختيار الامام؟! والامام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدن القدس والطهارة، والنسك والزهادة، والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول (ص) ونسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش والذروة من هاشم، والعترة من الرسول (ص) والرضا من الله عز وجل، شرف الاشراف، والفرع من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر الله عز وجل، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله. إن الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون " وقوله تبارك وتعالى: " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " وقوله في طالوت: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " وقال لنبيه (ص): " أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما " وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله عليهم: " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ". وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه، تعدوا - وبيت الله - الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، وفي كتاب الله الهدى والشفاء، فنبذوه واتبعوا أهواء هم، فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم فقال جل وتعالى: " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين " وقال: " فتعسا لهم وأضل أعمالهم " وقال: " كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار " وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم تسليما كثيرا.
------------
الكافي ج1 ص198، عنه البحار ج25 ص120، الإحتجاج ج2 ص226، أمالي الصدوق ص713، تحف العقول ص436، عيون أخبار الرضا (ع) ج2 ص195، غيبة النعماني ص216، كمال الدين ص675، معاني الأخبار ص96, ينابيع المعاجز ص186.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن محمد بن الفضل الهاشمي - في حديث طويل - قال نظر الرضا (ع) إلى ابن هذاب فقال: إن أنا أخبرتك أنك ستبتلى في هذه الايام بدم ذي رحم لك أكنت مصدقا لي؟ قال: لا, فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى, قال (ع): أو ليس الله يقول: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول} فرسول الله عند الله مرتضى, ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه, فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة, وإن الذي أخبرتك به يا بن هذاب لكائن إلى خمسة أيام, فان لم يصح ما قلت لك في هذه المدة فاني كذاب مفتر, وإن صح فتعلم أنك الراد على الله وعلى رسوله, ولك دلالة أخرى: أما إنك ستصاب ببصرك, وتصير مكفوفاً, فلا تبصر سهلا ولا جبلا, وهذا كائن بعد أيام, ولك عندي دلالة أخرى: إنك ستحلف يمينا كاذبة فتضرب بالبرص, قال محمد بن الفضل: فوالله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب, فقيل له: أصدق الرضا أم كذب؟ قال: لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به أنه كائن ولكني كنت أتجلد، الخبر.
-----------------
الخرائج والجرائح ج 1 ص 343، الثاقب في المناقب ص 189, مدينة المعاجز ج 7 ص 203, بحار الأنوار ج 49 ص 75، رياض الأبرار ج 2 ص 348, العوالم ج 22 ص 136
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الحسن بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا (ع) وقد إجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا ابن رسول الله بأي تصح الإمامة لمدعيها؟ قال: بالنص والدليل. قال له: فدلالة الإمام فيما هي؟ قال: في العلم وإستجابة الدعوة. قال: فما وجه إخباركم بما يكون؟ قال: ذلك بعهد معهود الينا من رسول الله (ص). قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟ قال (ع) له: أما بلغك قول رسول الله (ص) إتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله؟ قال: بلى. قال: وما من مؤمن إلا وله فراسة ينظر بنور الله على قدر أيمانه ومبلغ إستبصاره وعلمه، وقد جمع الله في الأئمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين وقال تعالى في كتابه العزيز: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} فأول المتوسمين رسول الله (ص)، ثم أمير المؤمنين (ع) من بعده، ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين (ع) إلى يوم القيمة. قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت. فقال الرضا (ع): إن الله تعالى قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك لم تكن مع أحد ممن مضى إلا مع رسول الله (ص) وهي مع الأئمة منا تسددهم وتوفقهم وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالى.
-----------
عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 200, حلية الأبرار ج 4 ص 345, كدينة المعاجز ج 7 ص 149, بحار الأنوار ج 25 ص 134, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 24, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 150
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي الصلت: ولقد حدثني محمد بن إسحق بن موسى بن جعفر، عن أبيه أن موسى بن جعفر (ع) كان يقول لبنيه: هذا أخوكم علي بن موسى الرضا عالم آل محمد (ع) فاسألوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم فإني سمعت أبي جعفر بن محمد (ع) غير مرة يقول: إن عالم آل محمد لفي صلبك وليتني أدركته فإنه سمي أمير المؤمنين علي (ع).
-----------
أعلام الورى ص 328, كشف الغمة ج 2 ص 317, الصراط المستقيم ج 2 ص 164, إثبات الهداة ج 4 ص 303, حلية الأبرار ج 4 ص 350, بحار الأنوار ج 49 ص 100, العوالم ج 22 ص 179
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية