ثم كانت غزوة الفتح في شهر رمضان من سنة ثمان,
وذلك أن رسول الله (ص) لما صالح قريشا عام الحديبية دخلت خزاعة في حلف النبي (ص) وعهده, ودخلت كنانة في حلف قريش, فلما مضت سنتان من القضية قعد رجل من كنانة يروي هجاء رسول الله (ص), فقال له رجل من خزاعة: لا تذكر هذا, قال: وما أنت وذاك؟ فقال: لئن أعدت لأكسرن! قال: فأعادها, فرفع الخزاعي يده فضربه بها, فاستنصر الكناني قومه والخزاعي قومه, وكانت كنانة أكثر فضربوهم حتى أدخلوهم الحرم, وقتلوا منهم وأعانهم قريش بالكراع والسلاح, فركب عمرو بن سالم إلى رسول الله (ص) فخبره الخبر, وقال أبيات شعر منها:
لاهم إني ناشد محمدا... حلف أبينا وأبيه الأتلدا
إن قريشا أخلفوك الموعدا... وأنقضوا ميثاقك المؤكدا
وقتلونا ركعا وسجدا
فقال رسول الله (ص): حسبك يا عمرو, ثم قام ودخل دار ميمونة وقال: اسكبوا إلي ماء, فجعل يغتسل ويقول: لا لا نصرت إن لم أنصر بني كعب, ثم أجمع رسول الله (ص) على المسير إلى مكة وقال: اللهم خذ العيون من قريش حتى نأتيها في بلدها.
------------
إعلام الورى ص 104, بحار الأنوار ج 21 ص 124
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ثم كانت غزاة الفتح, وهي التي توطد أمر الإسلام بها, وتمهد الدين بما من الله تعالى على نبيه (ص) فيها, وكان الوعد تقدم في قوله عز اسمه {إذا جاء نصر الله والفتح} إلى آخر السورة, وقوله تعالى قبلها بمدة طويلة {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون}. فكانت الأعين إليها ممتدة, والرقاب إليها متطاولة, ودبر رسول الله (ص) الأمر فيها بكتمان مسيره إلى مكة, وستر عزيمته على مراده بأهلها, وسأل الله عز اسمه أن يطوي خبره عن أهل مكة حتى يبغتهم بدخولها, فكان المؤتمن على هذا السر والمودع له من بين الجماعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع), فكان الشريك لرسول الله (ص) في الرأي, ثم نماه النبي (ص) إلى جماعة من بعد.
-------------
الإرشاد ج 1 ص 130
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
أن النبي (ص) لما أراد فتح مكة سأل الله جل اسمه أن يعمي أخباره على قريش ليدخلها بغتة, وكان (ص) قد بنى الأمر في مسيره إليها على الاستسرار بذلك, فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بعزيمة رسول الله (ص) على فتحها, وأعطى الكتاب امرأة سوداء كانت وردت المدينة تستميح بها الناس وتستبرهم, وجعل لها جعلا على أن توصله إلى قوم سماهم لها من أهل مكة, وأمرها أن تأخذ على غير الطريق, فنزل الوحي على رسول الله (ص) بذلك, فاستدعى أمير المؤمنين (ع) وقال له: إن بعض أصحابي قد كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخبرنا, وقد كنت سألت الله أن يعمي أخبارنا عليهم, والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق, فخذ سيفك والحقها وانتزع الكتاب منها وخلها وصر به إلي, ثم استدعى الزبير بن العوام وقال له: امض مع علي بن أبي طالب (ع), في هذه الوجه, فمضيا وأخذا على غير الطريق فأدركا المرأة.
------------
الإرشاد ج 1 ص 56, بحار الأنوار ج 21 ص 119
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فمضيا – أمير المؤمنين ع والزبير - وأدركا الامرأة وسبق إليها الزبير, وسألها عن الكتاب فأنكرته وحلفت, فقال الزبير: ما أرى معها كتابا يا أبا الحسن, فارجع بنا إلى رسول الله نخبره ببراءة ساحتها, فقال أمير المؤمنين (ع): يخبرني رسول الله (ص) أن معها كتابا ويأمرني بأخذه, وتقول: لا كتاب معها, ثم اخترط سيفه وقال: والله لئن لم تخرجي الكتاب لأضربن عنقك, فقالت: إذا كان كذلك فأعرض عني حتى أخرجه, فأعرض بوجهه فكشفت وجهها وأخرجته من عقيصتها (شعرها) فأخذه أمير المؤمنين (ع) وصار به إلى رسول الله (ص).
---------------
كشف الغمة ج 1 ص 216. نحوه: الإرشاد ج 1 ص 57, بحار الأنوار ج 21 ص 120
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ابن عباس:...رجعا – أمير المؤمنين (ع) والزبير - إلى النبي (ص) فأعطياه الصحيفة, فإذا فيها: "من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة, إن محمدا قد نفر, فإني لا أدري إياكم أراد أو غيركم, فعليكم بالحذر." فأرسل رسول الله (ص) إليه فأتاه, فقال: تعرف هذا الكتاب يا حاطب؟ قال: نعم, قال فما حملك عليه؟ فقال: أما والذي أنزل عليك الكتاب ما كفرت منذ آمنت, ولا أحببتهم منذ فارقتهم, ولكن لم يكن أحد من أصحابك إلا وأن بمكة الذي يمنع عشيرته, فأحببت أن أتخذ عندهم يدا, وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه ونقمته وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا, فصدقه رسول الله (ص) وعذره, فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}
----------------
تفسير فرات ص 480, بحار الأنوار ج 21 ص 137
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وخرج رسول الله يوم الجمعة حين صلى العصر لليلتين مضتا من شهر رمضان فاستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر ودعا رئيس كل قوم فأمره أن يأتي قومه فيستنفرهم.
-----------
إعلام الورى ص 106, بحار الأنوار ج 21 ص 127
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ثم سار (ص) حتى نزل مر الظهران, ومعه نحو من عشرة آلاف رجل ونحو من أربعمائة فارس, وقد عميت الأخبار من قريش
-----------
إعلام الورى ص 107, بحار الأنوار ج 21 ص 127
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وقال العباس: هو والله هلاك قريش إلى آخر الدهر إن دخلها رسول الله (ص) عنوة، قال: فركبت بغلة رسول الله (ص) البيضاء، وخرجت أطلب الحطابة، أو صاحب لبن لعلي أمره أن يأتي قريشا فيركبون إلى رسول الله (ص) يستأمنون إليه، إذ لقيت أبا سفيان وبديل بن ورقاء وحكيم بن حزام، وأبو سفيان يقول لبديل: ما هذه النيران؟ قال: هذه خزاعة، قال: خزاعة أقل وأقل من أن تكون هذه نيرانهم، ولكن لعل هذه تميم أو ربيعة، قال العباس: فعرفت صوت أبي سفيان، فقلت: أبا حنظلة! قال: لبيك فمن أنت؟ قلت: أنا العباس. قال: فما هذه النيران فداك أبي وأمي؟ قلت: هذا رسول الله في عشرة آلاف من المسلمين، قال: فما الحيلة؟ قال: تركب في عجز هذه البغلة فاستأمن لك رسول الله (ص)، قال: فأردفته خلفي، ثم جئت به، فكلما انتهيت إلى نار قاموا إلي فإذا رأوني قالوا: هذا عم رسول الله (ص) خلوا سبيله، حتى انتهيت إلى باب عمر، فعرف أبا سفيان فقال: عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك، فركضت البغلة حتى اجتمعنا على باب القبة، ودخل على رسول الله (ص) فقال: هذا أبو سفيان قد أمكنك الله منه بغير عهد ولا عقد، فدعني أضرب عنقه. قال العباس: فجلست عند رأس رسول الله (ص)، فقلت: بأبي أنت وأمي أبو سفيان وقد أجرته، قال: أدخله، فدخل فقام بين يديه، فقال (ص): ويحك يا با سفيان أما آن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ قال: بأبي أنت وأمي ما أكرمك وأوصلك وأحلمك؟ أما الله لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم أحد، وأما أنك رسول الله فوالله إن في نفسي منها لشيئا. قال العباس: يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد أن لا إله إلا الله، وأنه رسول الله، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله تلجلج بها فوه، فقال أبو سفيان للعباس: فما نصنع باللات والعزى؟ فقال له عمر: أسلح عليهما، قال أبو سفيان: أف لك، ما أفحشك؟ ما يدخلك يا عمر في كلامي وكلام ابن عمي؟ فقال له رسول الله (ص): عند من تكون الليلة؟ قال: عند أبي الفضل، قال: فاذهب به يا أبا الفضل فأبته عندك الليلة، واغد به علي، فلما أصبح سمع بلالا يؤذن، قال: ما هذا المنادي يا أبا الفضل؟ قال: هذا مؤذن رسول الله قم فتوضأ وصل، قال: كيف أتوضأ؟ فعلمه، قال: ونظر أبو سفيان إلى النبي (ص) وهو يتوضأ وأيدي المسلمين تحت شعره فليس قطرة يصيب رجلا منهم إلا مسح بها وجهه. فقال: بالله إن رأيت كاليوم قط كسرى ولا قيصر، فلما صلى غدا به إلى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله إني أحب أن تأذن لي إلى قومك فأنذرهم وأدعوهم إلى الله ورسوله فأذن له، فقال للعباس: كيف أقول لهم؟ بين لي من ذلك أمرا يطمئنون إليه. فقال (ص): تقول لهم: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وشهد أن محمدا رسول الله، وكف يده فهو آمن، ومن جلس عند الكعبة ووضع سلاحه فهو آمن. فقال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فلو خصصته بمعروف، فقال (ص): من دخل دار أبي سفيان فهو آمن, قال أبو سفيان: داري؟ قال: دارك، ثم قال: ومن أغلق بابه فهو آمن. ولما مضى أبو سفيان قال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل من شأنه الغدر، وقد رأى من المسلمين تفرقا، قال (ص): فأدركه واحبسه في مضايق الوادي حتى يمر به جنود الله، قال: فلحقه العباس، فقال: أبا حنظلة ! قال: أغدرا يا بني هاشم؟ قال: ستعلم أن الغدر ليس من شأننا، ولكن أصبح حتى تنظر إلى جنود الله.
--------------
إعلام الورى ص 107, بحار الأنوار ج 21 ص 127
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وعبأ رسول الله (ص) أصحابه, ومرت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها, فلما قدم رسول الله (ص), فكان أول من قدم رسول الله (ص): خالد بن الوليد في بني سليم, وهم ألف فيهم لواء يحمله عباس بن مرداس, ولواء يحمله خفاف بن ندبة, وراية يحملها الحجاج بن علاط, قال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال العباس: خالد بن الوليد, قال: الغلام؟ قال: نعم, فلما حاذى خالد بالعباس وإلى جنبه أبو سفيان كبروا ثلاثا ثم مضوا. ثم مضى على أثره الزبير بن العوام في خمس مائة منهم مهاجرون وأفناء العرب, ومعه راية سوداء, فلما حاذى أبو سفيان كبر ثلاثا وكبر أصحابه, فقال (أبو سفيان): من هذا؟ قال (العباس): الزبير بن العوام, قال: ابن أختك؟ قال: نعم. ومرت بنو غفار في ثلاثمائة يحمل رايتهم أبو ذر الغفاري - ويقال إيماء بن رحضة - فلما حاذره كبروا ثلاثا, قال: يا أبا الفضل, من هؤلاء؟ قال: بنو غفار, قال: ما لي ولبني غفار. ثم مضت أسلم في أربعمائة, فيها لواءان يحمل أحدهما بريدة بن الحصيب والآخر ناجية بن الأعجم, فلما حاذوه كبروا ثلاثا, قال: من هؤلاء؟ قال: أسلم, قال: يا أبا الفضل, ما لي ولأسلم, ما كان بيننا وبينها مرة قط؟ قال العباس: هم قوم مسلمون دخلوا في الإسلام. ثم مرت بنو كعب بن عمرو يحمل رايتهم بشر بن سفيان, قال: من هؤلاء؟ قال: بنو كعب بن عمرو, قال: نعم, هؤلاء خلفاء محمد, فلما حاذوه كبروا ثلاثا. ثم مرت مزينة في ألف فيها ثلاثة ألوية, وفيها مائة فرس, يحمل ألويتها النعمان بن مقرن وبلال بن الحارث وعبد الله بن عمرو, فلما حاذوه كبروا, قال: من هؤلاء؟ قال: مزينة, قال: يا أبا الفضل, ما لي ولمزينة, قد جاءتني تقعقع من سواهيها؟ ثم مرت جهينة في ثمان مائة معها قادتها, فيها أربعة ألوية, لواء مع أبي روعة معبد بن خالد, ولواء مع سويد بن صخر, ولواء مع رافع بن مكيث, ولواء مع عبد الله بن بدر, قال: فلما حاذوه كبروا ثلاثا. ثم مرت كنانة بنو ليث وضمرة وسعيد بن بكر في مائتين, يحمل لواءهم أبو واقد الليثي, فلما حاذوه كبروا ثلاثا, فقال: من هؤلاء؟ قال: بنو بكر, قال: نعم أهل شؤم, والله هؤلاء الذين غزانا محمد بسببهم, أما والله ما شوورت فيه ولا علمته ولقد كنت له كارها حيث بلغني, ولكنه أمر جم, قال العباس: قد خار الله لك في غزو محمد (ص) لكم, ودخلتم في الإسلام كافة.
-------------
تاريخ مدينة دمشق ج 23 ص 452, المغازي للواقدي ج 2 ص 818, كنز العمال ج 10 ص 509
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وقال أبو سفيان: يا أبا الفضل, إن ابن أخيك قد كنف ملكا عظيما, فقال العباس: ويحك هذه نبوة.
------------
مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 208, الدر النظيم ص 177
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فجعلت الجنود تمر به حتى مر رسول الله (ص) في الأنصار, ثم انتهى إليه سعد بن عبادة وبيده راية رسول الله (ص) فقال: يا أبا حنظلة
اليوم يوم الملحمة ... اليوم تسبى الحرمة
يا معشر الأوس والخزرج ثاركم يوم الجبل.
فلما سمعها من سعد خلى العباس وسعى إلى رسول الله (ص), وزاحم الناس حتى مر تحت الرماح فأخذ غرزه, فقبلها ثم قال: بأبي أنت وأمي, أما تسمع ما يقول سعد؟ - وذكر القول – فقال (ص): ليس مما قال سعد شيء, ثم قال لعلي (ع): أدرك سعدا فخذ الراية منه وأدخلها إدخالا رفيقا, فأخذها علي (ع) منه وأدخلها كما أمر.
------------
إعلام الورى ص 109, بحار الأنوار ج 21 ص 130, مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 207 بإختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فخرج – أبو سفيان - حتى جاءهم – أهل مكة - صرخ بأعلى صوته: يا قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به! فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن! فقامت إليه امرأته هند بنت عتبة فأخذت بشاربه, فقالت: اقتلوا الدسم الأحمش, فبئس طليعة قوم, قال: ويحكم, لا تغرنكم هذه من أنفسكم, فإنه قد جاء بما لا قبل لكم به, من دخل دار أبي سفيان فهو آمن, قالوا: ويحك, وما تغنى عنا دارك؟ قال: ومن أغلق بابه فهو آمن, ومن دخل المسجد فهو آمن, فتفرق الناس إلى دورهم والى المسجد.
-------------
مجمع الزوائد ج 6 ص 167, المعجم الكبير ج 8 ص 12, البداية والنهاية ج 4 ص 332, السيرة النبوية لابن هشام ج 4 ص 863, السيرة النبوية لابن سعد ج 2 ص 188, السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 550. نحوه: سبل الهدى الرشاد ج 5 ص 223, نهاية الأرب ج 17 ص 302
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر بن عبد الله قال: كنت ممن لزم رسول الله (ص) يومئذ – فتح مكة - فدخلت معه يوم الفتح من أذاخر، فلما أشرف نظر إلى بيوت مكة، فحمد الله وأثنى عليه، ونظر إلى موضع قبة بالأبطح تجاه شعب بني هاشم حيث حصر رسول الله (ص) وأهله ثلاث سنين، وقال: يا جابر، إن منزلنا اليوم حيث تقاسمت علينا قريش في كفرها، قال جابر: فذكرت كلاما كنت أسمعه في المدينة قبل ذلك، كان يقول: منزلنا غدا إن شاء الله إذا فتح علينا مكة في الخيف حيث تقاسموا على الكفر.
----------
شرح النهج ج 17 ص 2, نحوه: المغازي للواقدي ج 2 ص 828, سبل الهدى والرشاد ج 5 ص 230
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وكان قد عهد رسول الله (ص) إلى المسلمين أن لا يقتلوا بمكة إلا من قاتلهم, سوى نفر كانوا يؤذون النبي (ص): مقيس بن حبابة [صبابة], وعبد الله بن سعد بن أبي سرح, وعبد الله بن حنظل, وقينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول الله (ص), وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة, فأدرك ابن حنظل وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر فسبق سعيد عمارا فقتله, وقتل مقيس بن حبابة [صبابة] في السوق, وقتل علي (ع) إحدى القينتين وأفلتت الأخرى, وقتل علي (ع) أيضا الحويرث بن نقيذ بن كعب.
-------------
إعلام الورى ص 110, بحار الأنوار ج 21 ص 131
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لعلي بن الحسين (ع): إن عليا (ع) سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله (ص) في أهل الشرك, قال: فغضب ثم جلس, ثم قال: سار والله فيهم بسيرة رسول الله (ص) يوم الفتح, إن عليا (ع) كتب إلى مالك وهو على مقدمته يوم البصرة: بأن لا يطعن في غير مقبل, ولا يقتل مدبرا, ولا يجيز على جريح, ومن أغلق بابه فهو آمن, فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه, ثم قال: اقتلوا, فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة, ثم فتح الكتاب فقرأه, ثم أمر مناديا فنادى بما في الكتاب.
-------------
الكافي 5 ص 33, وسائل الشيعة ج 15 ص 74, بحار الأنوار ج 32 ص 210
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وبلغه – أمير المؤمنين - أن أم هانئ بنت أبي طالب (ع) قد آوت ناسا من بني مخزوم, منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب, فقصد نحو دارها مقنعا بالحديد, فنادى: أخرجوا من آويتم! فجعلوا يذرقون كما تذرق الحبارى خوفا منه, فخرجت إليه أم هانئ وهي لا تعرفه, فقالت: يا عبد الله, أنا أم هانئ بنت عم رسول الله وأخت علي بن أبي طالب, انصرف عن داري, فقال علي (ع): أخرجوهم, فقالت: والله لأشكونك إلى رسول الله, فنزع المغفر عن رأسه فعرفته, فجاءت تشد حتى التزمته, فقالت: فديتك, حلفت لأشكونك إلى رسول الله (ص), فقال لها: فاذهبي فبري قسمك فإنه بأعلى الوادي. قالت أم هانئ: فجئت إلى رسول الله (ص) وهو في قبة يغتسل, وفاطمة (ع) تستره, فلما سمع كلامي رسول الله (ص) قال: مرحبا بك يا أم هانئ, قلت: بأبي أنت وأمي, ما لقيت من علي اليوم, فقال: قد أجرت من أجرت, فقالت فاطمة (ع): إنما جئت يا أم هانئ تشكين من علي (ع) في أنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله, فقلت: احتمليني فديتك, فقال رسول الله (ص): قد شكر الله تعالى سعيه, وأجرت من أجارت أم هانئ لمكانها من علي بن أبي طالب.
----------
إعلام الورى ص 110, بحار الأنوار ج 21 ص 131
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) لعلى بن أبى طالب (ع) يوم فتح مكة: أما ترى هذا الصنم بأعلى الكعبة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فأحملك فتناوله فقال: بل أنا أحملك يا رسول الله، فقال (ص): والله لو أن ربيعة ومضر جهدوا أن يحملوا منى بضعة وأنا حي ما قدروا ولكن قف يا على, فضرب رسول الله (ص) بيده إلى ساقي علي (ع) فوق القرنوس, ثم اقتلعه من الأرض بيده فرفعه حتى تبين بياض إبطيه, ثم قال له: ما ترى يا علي؟ قال: أرى أن الله عز وجل قد شرفني بك حتى أني لو أردت أن أمس السماء لمسستها، فقال له: تناول الصنم يا علي! فتناوله ثم رمى به, ثم خرج رسول الله (ص) من تحت علي (ع) وترك رجليه, فسقط على الأرض فضحك (ع) فقال له: ما أضحكك يا علي؟ فقال: سقطت من أعلى الكعبة فما أصابني شيء، فقال رسول الله (ص): وكيف يصيبك شيء وإنما حملك محمد، وأنزلك جبريل (ع).
----------
بمصادر العامة: مناقب علي بن أبي طالب (ع) لابن المغازلي ص 169, مناقب علي بن أبي طالب لابن مردوية ص 156 نحوه
بمصادر الشيعة نحوه: عمدة العيون ص 364, الطرائف ص 80, الصراط المستقيم ج 1 ص 178, بحار الأنوار ج 38 ص 86, كشف اليقين ص 447, غاية المرام ج 6 ص 279
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن علي (ع) قال: انطلق بي رسول الله (ص) حتى أتى بي الكعبة، فقال: اجلس، فجلست إلى جنب الكعبة، وصعد رسول الله (ص) على منكبي، ثم قال لي: إنهض بي، فنهضت به، فلما رأى ضعفي تحته قال: اجلس، فجلست فنزل عني وجلس لي فقال: يا علي، اصعد على منكبي، فصعدت على منكبه، ثم نهض بي رسول الله (ص)، فلما نهض بي خيل إلي أني لو شئت نلت أفق السماء، فصعدت على الكعبة، وتنحى رسول الله (ص) فقال لي: ألق صنمهم الأكبر صنم قريش، وكان من نحاس، وكان موتودا بأوتاد من حديد في الأرض، فقال لي رسول الله (ص): عالجه, فجعلت أعالجه ورسول الله (ص) يقول: إيه، فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه، فقال: اقذفه فقذفته ونزلت.
-----------
بمصادر العامة: المصنف ج 8 ص 534, سبل الهدى والرشاد ج 5 ص 236. نحوه: مسند أحمد ج 1 ص 84, السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 142, خصائص أمير المؤمنين (ع) للنسائي ص 113, كنز العمال ج 13 ص 171, مسند أبي يعلي ج 1 ص 251, المستدرك ج 2 ص 326, تاريخ بغداد ج 13 ص 304, المناقب للخوارزمي ص 123
بمصادر الشيعة نحوه: مناقب أمير المؤمنين (ع) للكوفي ج 2 ص 606, كشف الغمة ج 1 ص 81, كشف اليقين ص 24, إرشاد القلوب ج 2 ص 229, تأويل الآيات ص 280, البرهان ج 3 ص 576, مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 140, غايو المرام ج 4 ص 312, بحار الأنوار ج 38 ص 85, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 493
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ولما دخل رسول الله (ص) المسجد وجد فيه ثلاثمائة وستين صنما, بعضها مشدود ببعض بالرصاص, فقال لأمير المؤمنين (ع): أعطني يا علي كفا من الحصى, فقبض له أمير المؤمنين (ع) كفا فناوله, فرماها به وهو يقول {قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} فما بقي منها صنم إلا خر لوجهه, ثم أمر بها فأخرجت من المسجد فطرحت وكسرت.
------------
الإرشاد ج 1 ص 138, إثبات الهداة ج 1 ص 412. نحوه عن الإمام الصادق (ع): بحار الأنوار ج 21 ص 117, الخرائج ج 1 ص 97
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة أنه قال: سألت جعفر بن محمد (ع) فقلت له: يا بن رسول الله, في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها, فقال: إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني وإن شئت فسل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله, وبأي شئ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي عنه؟ قال: بالتوسم والتفرس, أما سمعت قول الله عز وجل {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} وقول رسول الله (ص): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عز وجل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله, فأخبرني بمسألتي, قال: أردت أن تسألني عن رسول الله (ص) لم يطق حمله علي بن أبي طالب (ع) عند حطه الأصنام من سطح الكعبة مع قوته وشدته, وما ظهر منه في قلع باب القموص بخيبر والرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا, وكان لا يطيق حمله أربعون رجلا، وقد كان رسول الله (ص) يركب الناقة والفرس والبغلة والحمار, وركب البراق ليلة المعراج وكل ذلك دون علي (ع) في القوة والشدة. قال: فقلت له: عن هذا والله أردت أن أسألك يا بن رسول الله, فأخبرني، فقال: إن عليا (ع) برسول الله تشرف, وبه ارتفع, وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك, وإبطال كل معبود دون الله عز وجل, ولو علاه النبي (ص) لحط الأصنام لكان بعلي مرتفعا وتشريفا وواصلا إلى حط الأصنام، فلو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه, ألا ترى أن عليا (ع) قال: لما علوت ظهر رسول الله (ص) شرفت وارتفعت حتى لو شئت أنال السماء لنلتها، أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدي به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله, وقد قال علي (ع): أنا من أحمد كالضوء من الضوء، أما علمت أن محمدا وعليا (ع) كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام, وأن الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع فقالوا: إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله عز وجل إليهم: هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامة، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي، وأما الإمامة لعلي حجتي ووليي, ولولاهما ما خلقت خلقي، أما علمت أن رسول الله (ص) رفع يدي علي (ع) بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما, فجعله مولى المسلمين وإمامهم, وقد احتمل الحسن والحسين (ع) يوم حضيرة بني النجار, فلما قال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما يا رسول الله, قال (ص): نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما - وروي خبر آخر أن رسول الله (ص) حمل الحسن وحمل جبرائيل الحسين ولهذا قال: نعم الحاملان - وإنه (ص) كان يصلي بأصحاب فأطال سجدة من سجداته, فلما سلم قيل له: يا رسول الله, لقد أطلت هذه السجدة, فقال (ص) إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى ينزل, وإنما أراد (ص) بذلك رفعهم وتشريفهم, فالنبي (ص) إمام ونبي وعلي (ع) إمام ليس بنبي ولا رسول, فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة. قال محمد بن حرب الهلالي: فقلت له: زدني يا بن رسول الله، فقال: إنك لأهل للزيادة, إن رسول الله (ص) حمل عليا (ع) على ظهره بذلك أنه أبو ولده وإمام الأئمة من صلبه, وكما حول رداءه في صلاة الاستسقاء وأراد أن يعلم أصحابه بذلك أنه قد حول الجدب خصبا. قال: فقلت له: زدني يا بن رسول الله، فقال: احتمل رسول الله (ص) عليا (ع) يريد بذلك أن يعلم قومه أنه هو الذي يخفف عن ظهر رسول الله (ص) ما عليه من الدين والعدات والأداء عنه من بعده. فقلت: يا بن رسول الله زدني، فقال: إنه قد احتمله ليعلم ذلك أنه قد احتمله وما حمله إلا لأنه معصوم لا يحمل أوزارا, فتكون أفعاله عند الناس حكما وصوابا, وقد قال النبي (ص) لعلي (ع): يا علي, إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي, وذلك قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} ولما أنزل الله تبارك وتعالى عليه: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} قال النبي (ص): يا أيها الناس, عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم, وعلي (ع) نفسي وأخي, أطيعوا عليا فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقى, ثم تلا هذه الآية: {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين}. قال محمد بن حرب الهلالي: ثم قال لي جعفر بن محمد (ع): أيها الأمير, لو أخبرتك بما في حمل النبي (ص) عليا (ع) عند حط الأصنام من سطح الكعبة في المعاني التي أرادها به لقلت أن جعفر بن محمد لمجنون, فحسبك من ذلك ما قد سمعت، فقمت وقبلت رأسه وقلت الله أعلم حيث يجعل رسالته.
-------------
معاني الأخبار ص 350, علل الشرائع ج 1 ص 173, الأربعون حديثا للشهيد الأول ص 69, تأويل الآيات ص 280, غاية المرام ج 4 ص 312, البرهان ج 3 ص 576, بحار الأنوار ج 38 ص 79, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 493
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ودخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم, فأتى رسول الله (ص) البيت وأخذ بعضادتي الباب ثم قال: لا إله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده, ثم قال: ما تظنون وما أنتم قائلون؟ فقال سهيل بن عمرو (وكان من المشركين): نقول خيرا ونظن خيرا, أخ كريم وابن عم, قال (ص): فإني أقول لكم كما قال أخي يوسف {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} ألا إن كل مال ودم ومأثرة كان في الجاهلية فإنه موضوع تحت قدمي, إلا سدانة الكعبة وسقاية الحاج فإنهما مردودتان إلى أهليهما, إلا أن مكة محرمة بتحريم الله لم تحل لأحد كان قبلي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار, فهي محرمة إلى أن تقوم الساعة, لا يختلى خلاها ولا يقطع شجرها, ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد, ثم قال: ألا لبئس جيران النبي كنتم, لقد كذبتم وطردتم وأخرجتم وفللتم, ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي فقاتلتموني, فاذهبوا فأنتم الطلقاء, فخرج القوم كأنما أنشروا من القبور ودخلوا في الإسلام.
------------
إعلام الورى ص 111, بحار الأنوار ج 21 ص 132
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي جعفر (ع) قال: لما كان يوم فتح مكة, قام رسول الله (ص) في الناس خطيبا, فحمد الله وأثنى عليه, ثم قال: أيها الناس, ليبلغ الشاهد الغائب, إن الله تبارك وتعالى قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية, والتفاخر بآبائها وعشائرها. أيها الناس, إنكم من آدم وآدم من طين, ألا وإن خيركم عند الله وأكرمكم عليه اليوم أتقاكم وأطوعكم له, ألا وإن العربية ليست بأب والد, ولكنها لسان ناطق, فمن طعن بينكم وعلم أنه يبلغه رضوان الله حسبه, ألا وإن كل دم أو مظلمة أو إحنة كانت في الجاهلية فهي مطل تحت قدمي إلى يوم القيامة.
-------------
الزهد ص 56, بحار الأنوار ج 21 ص 138
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ودخل رسول الله (ص) مكة بغير إحرام وعليهم السلاح, ودخل البيت لم يدخله في حج ولا عمرة, ودخل وقت العصر, فأمر بلال فصعد على الكعبة وأذن, فقال عكرمة: والله إن كنت لأكره صوت ابن رباح ينهق على الكعبة, وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذي أكرم أبا عتاب عن هذا اليوم من أن يرى ابن رباح قائما على الكعبة, قال سهيل: هي كعبة الله وهو يرى, ولو شاء الله لغير, قال: وكان أقصدهم, وقال أبو سفيان: أما أنا فلا أقول شيئا, والله لو نطقت لظننت أن هذه الجدر تخبر به محمدا, وبعث (ص) إليهم فأخبرهم بما قالوا, فقال عتاب: قد والله قلنا يا رسول الله ذلك, فنستغفر الله ونتوب إليه. فأسلم وحسن إسلامه وولاه رسول الله (ص) مكة.
------------
إعلام الورى ص 111, بحار الأنوار ج 21 ص 132
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
{يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} إلى قوله تعالى {إن الله غفور رحيم} فإنها نزلت بيوم فتح مكة, وذلك أن رسول الله (ص) قعد في المسجد, يبايع الرجال إلى صلاة الظهر والعصر. ثم قعد لبيعة النساء, وأخذ قدحا من ماء, فأدخل يده فيه ثم قال للنساء: من أراد أن تبايع فلتدخل يدها في القدح فإني لا أصافح النساء.
----------
تفسير القمي ج 2 ص 364, بحار الأنوار ج 21 ص 113, مستدرك الوسائل ج 2 ص 449
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سعدان بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (ع): أتدري كيف بايع رسول الله (ص) النساء؟ قلت: الله أعلم, وابن رسوله أعلم, قال: جمعهن حوله, ثم دعا بتور برام, فصب فيه نضوحا, ثم غمس يده فيه, ثم قال: اسمعن يا هؤلاء, أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا, ولا تسرقن, ولا تزنين, ولا تقتلن أولادكن, ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن, ولا تعصين بعولتكن في معروف, أقررتن؟ قلن: نعم, فأخرج يده من التور ثم قال لهن: اغمسن أيديكن, ففعلن, فكانت يد رسول الله (ص) الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم.
-------------
الكافي ج 5 ص 526, الوافي ج 22 ص 852, تفسير الصافي ج 5 ص 167, البرهان ج 5 ص 358, بحار الأنوار ج 21 ص 134, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 307
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لما فتح رسول الله (ص) مكة قام على الصفا فقال: يا بني هاشم! يا بني عبد المطلب! إني رسول الله إليكم. وإني شفيق عليكم, لا تقولوا إن محمدا منا, فو الله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلا المتقون, فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم, ويأتي الناس يحملون الآخرة, ألا وإني قد أعذرت فيما بيني وبينكم, وفيما بين الله عز وجل وبينكم, وإن لي عملي ولكم عملكم.
-------------
صفات الشيعة ص 5, بحار الأنوار ج 8 ص 359. نحوه عن أبي عبد الله (ع): الكافي ج 8 ص 182, مجموعة ورام ج 2 ص 151, الوافي ج 4 ص 303
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سعيد بن المسيب قال: لما كان ليلة دخل الناس مكة ليلة الفتح, لم يزالوا في تكبير وتهليل وطواف بالبيت حتى أصبحوا, فقال أبو سفيان لهند: أترين هذا من الله؟ ثم أصبح فغدا أبو سفيان إلى رسول الله (ص) فقال له رسول الله (ص): قلت لهند: أترين هذا من الله؟ نعم هو من الله, فقال أبو سفيان: أشهد أنك عبد الله ورسوله, والذي يحلف به أبو سفيان ما سمع قولي هذا أحد من الناس إلا الله وهند.
------------
دلائل النبوة ج 5 ص 103, إمتاع الأسماع ج 14 ص 3, كنز العمال ج 10 ص 515, تاريخ مدينة دمشق ج 23 ص 457, سبل الهدى والرشاد ج 5 ص 246, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 266
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الإمام علي (ع) قال: لما افتتح رسول الله (ص) مكة, اتاه ناس من قريش فقالوا: يا محمد, انا حلفاؤك وقومك, وانه لحق بك أرقاؤنا ليس لهم رغبة في الاسلام, وإنما فروا من العمل فارددهم علينا, فشاور أبا بكر في امرهم فقال: صدقوا يا رسول الله, فقال لعمر: ما ترى؟ فقال: مثل قول أبي بكر, فقال رسول الله (ص): يا معشر قريش, ليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للايمان, فيضرب رقابكم على الدين, فقال أبو بكر: انا هو يا رسول الله؟ قال: لا, قال عمر: انا هو يا رسول الله؟ قال: لا, ولكنه خاصف النعل في المسجد, وقد كان القى نعله إلى علي (ع) يخصفها. ثم قال (الإمام علي ع): اما اني سمعته (ص) يقول: لا تكذبوا علي, فإنه من يكذب علي يلج النار.
------------
المستدرك ج 2 ص 137, كنز العمال ج 13 ص 174, شرح المعاني والآثار ج 4 ص 359 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* سرايا رسول الله (ص) تدعوا الناس إلى الإسلام, وجريمة خالد بن الوليد
وبعث رسول الله (ص) السرايا فيما حول مكة يدعون إلى الله عز وجل ولم يأمرهم بقتال, فبعث غالب بن عبد الله إلى بني مدلج, فقالوا: لسنا عليك ولسنا معك, فقال الناس: اغزهم يا رسول الله, فقال: إن لهم سيدا أديبا أريبا ورب غاز من بني مدلج شهيد في سبيل الله.
وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى بني الهذيل, فدعاهم إلى الله ورسوله فأبوا أشد الإباء, فقال الناس: اغزهم يا رسول الله, فقال: أتاكم الآن سيدهم قد أسلم, فيقول لهم: أسلموا, فيقولون: نعم.
فبعث عبد الله بن سهيل بن عمرو إلى بني محارب بن فهر, فأسلموا, فجاء معه نفر منهم إلى رسول الله (ص).
------------
إعلام الورى ص 112, بحار الأنوار ج 21 ص 140
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وبعث – رسول الله ص - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر, وقد كانوا أصابوا في الجاهلية من بني المغيرة نسوة, فقتلوا عم خالد فاستقبلوه وعليهم السلاح, وقالوا: يا خالد, إنا لم نأخذ السلاح على الله وعلى رسوله, ونحن مسلمون, فإن كان بعثك رسول الله ساعيا فهذه إبلنا وغنمنا فاغد عليها, فقال: ضعوا السلاح, قالوا: إنا نخاف منك أن تأخذنا بإحنة الجاهلية وقد أماتها الله ورسوله. فانصرف عنهم بمن معه, فنزلوا قريبا ثم شن عليهم الخيل فقتل وأسر منهم رجالا. ثم قال: ليقتل كل رجل منكم أسيره, فقتلوا الأسرى, وجاء رسولهم إلى رسول الله (ص) فأخبره بما فعله خالد, فرفع يده إلى السماء وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما فعله خالد, وبكى, ثم دعا عليا (ع) فقال: اخرج إليهم وانظر في أمرهم, وأعطاه سفطا من ذهب, ففعل ما أمره وأرضاهم.
------------
إعلام الورى ص 113, بحار الأنوار ج 21 ص 140
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي جعفر (ع) قال: بعث رسول الله (ص) خالد بن الوليد إلى حي يقال لهم بنو المصطلق من بني جذيمة، وكان بينهم وبين بني مخزوم إحنة في الجاهلية، فلما ورد عليهم كانوا قد أطاعوا رسول الله (ص) وأخذوا منه كتابا، فلما ورد عليهم خالد أمر مناديا فنادي بالصلاة فصلى وصلوا، فلما كانت صلاة الفجر أمر مناديه فنادى فصلى وصلوا، ثم أمر الخيل فشنوا فيهم الغارة فقتل وأصاب فطلبوا كتابهم فوجدوه، فأتوا به النبي (ص) وحدثوه بما صنع خالد بن الوليد، فاستقبل القبلة ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد! قال: ثم قدم على رسول الله تبر ومتاع فقال لعلي (ع): يا علي، أئت بني جذيمة من بني المصطلق، فأرضهم مما صنع خالد. ثم رفع (ص) قدمه فقال: يا علي، اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك. فأتاهم علي (ع) فلما انتهى إليهم حكم فيهم بحكم الله، فلما رجع إلى النبي (ص) قال: يا علي، أخبرني بما صنعت. فقال: يا رسول الله، عمدت فأعطيت لكل دم دية ولكل جنين غرة، ولكل مال مالا، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لميلغة كلابهم وحبلة رعاتهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لما يعلمون ولما لا يعلمون، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله. فقال (ص): يا علي، أعطيتهم ليرضوا عني رضي الله عنك يا علي، إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
------------
الأمالي للصدوق ص 173, علل الشرائع ج 2 ص 473, غاية المرام ج 2 ص 75, بحار الأنوار ج 21 ص 142, مستدرك الوسائل ج 18 ص 366, الأمالي للطوسي ص 498 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر بن عبد الله، قال: بعث النبي (ص) خالد بن الوليد واليا على صدقات بني المصطلق حي من خزاعة، وكان بينه وبينهم في الجاهلية ذحل، فأوقع بهم خالد، فقتل منهم واستاق أموالهم، فبلغ النبي (ص) ما فعل، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، وبعث إليهم علي بن أبي طالب (ع) بمال، وأمره أن يؤدي إليهم ديات من قتل من رجالهم. فانطلق علي (ع) فأدى إليهم ديات رجالهم، وما ذهب لهم من أموالهم، وبقي معه من المال زعبة، فقال لهم: هل تفقدون شيئا من أموالكم وأمتعتكم فقالوا: ما نفقد شيئا إلا ميلغة كلابنا، فدفع إليهم ما بقي من المال. فقال: هذا لميلغة كلابكم وما أنسيتم من متاعكم. و أقبل إلى النبي (ص)، فقال: ما صنعت فأخبره حتى أتى على حديثهم، فقال النبي (ص): أرضيتني رضي الله عنك، يا علي أنت هادي أمتي، ألا إن السعيد كل السعيد من أحبك وأخذ بطريقتك، ألا إن الشقي كل الشقي من خالفك ورغب عن طريقك إلى يوم القيامة.
-----------
الأمالي للطوسي ص 498, بحار الأنوار ج 21 ص 142
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ابن أبي حدرد الأسلمي قال: كنت في خيل خالد, فقال لي فتى من بني جذيمة قد جمعت يداه في عنقه برمة: يا فتى, هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدي إلى هؤلاء النسوة؟ فقلت: نعم, فقدته بها... ثم ضربت عنق الفتى, فأكبت عليه فما زالت تقبله حتى ماتت
-----------
فتح الباري ج 8 ص 46. نحوه: تاريخ مدينة دمشق ج 27 ص 338, تاريخ الطبري ج 2 ص 342, البداية والنهاية ج 4 ص 360, السيرة النبوية لابن هشام ج 4 ص 886, عيون الأثر ج 2 ص 210, السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 595
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سالم, عن أبيه: فجعل خالد يقتل منهم ويأسر, ودفع إلى كل رجل منا أسيره, حتى إذا كان يوم امر خالد ان يقتل كل رجل منا أسيره, فقلت: والله لا اقتل أسيري, ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره. حتى قدمنا على النبي (ص) فذكرناه له, فرفع النبي (ص) يده فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد! مرتين.
-------------
صحيح البخاري ج 5 ص 107, سنن النسائي ج 8 ص 237, السنن الكبرى للنسائي ج 3 ص 474, تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 567. نحوه: مسند أحمد ج 2 ص 150, المصنف ج 5 ص 221, البداية والنهاية ج 4 ص 359, دلائل النبوة للبيهقي ج 5 ص 113, السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 593, سبل الهدى والرشاد ج 6 ص 200
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قتل خالد بن الوليد بالغميصاء (مكان سكن بني جذيمة)، الرجال، وتعدى إلى الأطفال بعمه الفاكه بن المغيرة، حتى رفع النبي (ص): يديه إلى السماء، مما ورأى المسلمون بياض إبطيه، وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، ثم بعث عليا (ع) فوداهم. (2)
-------------
شرح الأخبار ص 385
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أمير المؤمنين (ع) في إحتجاجه على أهل الشورى, قال: نشدتكم بالله, هل علمتم أن رسول الله (ص) بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة, ففعل ما فعل, فصعد رسول الله (ص) المنبر فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد, ثلاث مرات, ثم قال: اذهب يا علي, فذهبت فوديتهم, ثم ناشدتهم بالله هل بقي شيء, فقالوا: إذ نشدتنا بالله فميلغة كلابنا وعقال بعيرنا, فأعطيتهما لهم وبقي معي ذهب كثير فأعطيتهم إياه, وقلت: هذا لذمة رسول الله (ص) ولما تعلمون ولما لا تعلمون, ولروعات النساء والصبيان, ثم جئت إلى رسول الله (ص) فأخبرته فقال: والله ما يسرني يا علي أن لي بما صنعت حمر النعم, قالوا: اللهم نعم.
--------------
الخصال ج 2 ص 562, بحار الأنوار ج 21 ص 141
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سلمة بن الأكوع قال: لما قدم خالد بن الوليد على النبي (ص) بعد ما صنع ببني جذيمة ما صنع, عاب عبد الرحمن بن عوف على خالد ما صنع، قال: يا خالد! أخذت بأمر الجاهلية, قتلتهم بعمك الفاكه, قاتلك الله!
------------
كنز العمال ج 13 ص 222, تاريخ مدينة دمشق ج 16 ص 234, سير أعلام النبلاء ج 1 ص 370, تاريخ الطبري ج 2 ص 342, بغية الطلب في تاريخ حلب ج 7 ص 3145, سبل الهدى والرشاد ج 6 ص 202
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية