وذلك أن جماعة من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضري، وحيي بن أخطب، وكنانة بن الربيع، وهوذة بن قيس الوالبي، وأبو عمارة الوالب في نفر من بني والبة خرجوا حتى قدموا مكة، فصاروا إلى أبي سفيان صخر بن حرب، لعلمهم بعداوته لرسول الله (ص) وتسرعه إلى قتاله، فذكروا له ما نالهم منه وسألوه المعونة لهم على قتاله. فقال لهم أبو سفيان: أنا لكم حيث تحبون، فاخرجوا إلى قريش فادعوهم إلى حربه، واضمنوا النصرة لهم، والثبوت معهم حتى تستأصلوه. فطافوا على وجوه قريش، ودعوهم إلى حرب النبي (ص) وقالوا لهم: أيدينا مع أيديكم ونحن معكم حتى تستأصلوه فقالت قريش: يا معشر اليهود، أنتم أهل الكتاب الأول والعلم السابق، وقد عرفتم الدين الذي جاء به محمد وما نحن عليه من الدين، فديننا خير من دينه أم هو أولى بالحق منا؟ فقالوا لهم: بل دينكم خير من دينه، فنشطت قريش لما دعوهم إليه من حرب رسول الله (ص). وجاءهم أبو سفيان فقال لهم: قد مكنكم الله من عدوكم، وهذه يهود تقاتله معكم، ولن تنفل عنكم حتى يؤتى على جميعها، أو تستأصله ومن اتبعه. فقويت عزائمهم إذ ذاك في حرب النبي (ص). ثم خرج اليهود حتى أتوا غطفان وقيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله (ص) وضمنوا لهم النصرة والمعونة، وأخبروهم باتباع قريش لهم على ذلك، فاجتمعوا معهم. وخرجت قريش وقائدها إذ ذاك أبو سفيان صخر بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن في بني فزارة، والحارث بن عوف في بني مرة، ووبرة بن طريف في قومه من أشجع، واجتمعت قريش معهم. فلما سمع رسول الله (ص) باجتماع الأحزاب عليه، وقوة عزيمتهم في حربه، استشار أصحابه، فأجمع رأيهم على المقام بالمدينة، وحرب القوم إن جاؤوا إليهم على أنقابها. وأشار سلمان الفارسي على رسول الله (ص) بالخندق، فأمر بحفره وعمل فيه بنفسه، وعمل فيه المسلمون.
-------------
الإرشاد ج 1 ص 94, بحار الأنوار ج 20 ص 250, كشف الغمة ج 1 ص 200 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فلم يزل يسير معهم حيي بن أخطب في قبائل العرب حتى اجتمعوا قدر عشرة آلاف من قريش وكنانة والأقرع بن حابس في قومه وعباس بن مرداس في بني سليم، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فاستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل، فقال سلمان الفارسي: يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة قال: فما نصنع قال:: نحفر خندقا يكون بيننا وبينهم حجابا فيمكنك منعهم في المطاولة، ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم من عدونا نحفر الخنادق، فتكون الحرب من مواضع معروفة. فنزل جبرئيل (ع) على رسول الله (ص) فقال: أشار سلمان بصواب, فأمر رسول الله (ص) بمسحه من ناحية أحد، إلى راتج، وجعل على كل عشرين خطوة، وثلاثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه، فأمر، فحملت المساحي والمعاول، وبدأ رسول الله (ص)، فأخذ معولا، فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين (ع) ينقل التراب عن الحفرة، حتى عرق رسول الله (ص) وأعيا، وقال: لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للمهاجرين والأنصار. فلما نظر الناس إلى رسول الله (ص) يحفر، اجتهدوا في الحفر، ونقلوا التراب.
----------
تفسير القمي ج 2 ص 177, تفسير الصافي ج 4 ص 171, البرهان ج 4 ص 420, بحار الأنوار ج 20 ص 218, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 244, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 331
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن البراء قال: لقد رأيت رسول الله (ص) يحمل التراب على ظهره، حتى حال التراب بيني وبينه.
--------------
سبل الهدى والرشاد ج 4 ص 365, المغازي للواقدي ج 1 ص 449
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن البراء يحدث قال: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله (ص)، رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عنى التراب جلدة بطنه.
----------
صحيح البخاري ج 5 ص 47, السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 185, البداية والنهاية ج 4 ص 110, عمدة القاري ج 17 ص 184, تفسير القرطبي ج 14 ص 130
سبل الهدى والرشاد ج 4 ص 365, المغازي للواقدي ج 1 ص 449
وكان رسول الله (ص) من شدة اجتهاده في العمل يضرب مرة بالمعول ومرة, يغرف بالمسحاة التراب، ومرة يحمل التراب في المكتل، وبلغ منه التعب يوما مبلغا فجلس، ثم اتكأ على حجر على شقه الأيسر فنام.
------------
سبل الهدى والرشاد ج 4 ص 367, إمتاع الأسماع ج 1 ص 229, المغازي للواقدي ج 1 ص 453
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وحفر رسول الله (ص) معهم حتى فرغ من حفر الخندق
----------
تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 50
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أم سلمة قالت: ما نسيت قوله (ص) يوم الخندق وهو يعاطيهم اللبن, وقد اغبر شعر
صدره وهو يقول: اللهم ان الخير خير الآخرة, فاغفر للأنصار والمهاجرة. قالت: وجاء عمار فقال: ابن سمية تقتله الفئة الباغية
------------
خصائص أمير المؤمنين (ع) للنسائي ص 132, مسند أبي يعلي ج 3 ص 209, السنن الكبرى ج 5 ص 155, كنز العمال ج 10 ص 454, تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 427, مسند أحمد ج 6 ص 289 نحوه, مجمع الزوائد ج 6 ص 133 بعضه, فقتح الباري ج 7 ص 308 بعضه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير مني: ان رسول الله (ص) قال لعمار حين جعل يحفر الخندق, وجعل يمسح رأسه ويقول: بؤس ابن سمية, تقتلك الفئة الباغية حدثنا.
------------
مسند احمد ج 5 ص 306, صحيح البخاري ج 8 ص 185, البداية والنهاية ج 3 ص 264, إمتاع الأسماع ج 12 ص 197, دلائل النبوة ج 2 ص 548, السيرة النبوية لابن كثير ج 2 ص 307
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فعمل فيه رسول الله (ص) بيده، وكان علي (ع) وشيعته أكثر الناس عناء، وفيه عملا.
--------------
شرح الأخبار ج 1 ص 292
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وإنما وقع التنافس في سلمان لأنه كان رجلا قويا يعمل عمل عشرة رجال في الخندق - أي فكان يحفر في كل يوم خمسة أذرع في عمق خمسة أذرع - حتى أصيب بالعين, أصابه بالعين قيس بن صعصة, فلبط به - صرع فجأة وتعطل عن العمل - فأخبر النبي (ص) بذلك فقال (ص): مروه فليتوضأ وليغتسل, ويكفئ الإناء خلفه, ففعل فكأنما نشط - أي حل من عقال - وفي لفظ: فأمر أن يتوضأ قيس لسلمان ويجمع وضوءه في ظرف ويغتسل سلمان بتلك الغسالة, ويكفئ الإناء خلف ظهره.
----------
السيرة الحلبية ج 2 ص 634
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ولقد كان – سلمان - يومئذ يعمل عمل عشرة رجال, حتى عانه (أصابه بالعين) يومئذ قيس بن أبي صعصعة, فلبط به, فسألوا رسول الله (ص) فقال: مروه فليتوضأ له وليغتسل به, ويكفأ الإناء خلفه, ففعل فكأنما حل من عقال.
------------
المغازي للواقدي ج 1 ص 447
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر بن عبد الله قال: كنت عند رسول الله (ص) في حفر الخندق وقد حفر الناس وحفر علي (ع) فقال له النبي (ص): بأبي من يحفر وجبرائيل يكنس التراب بين يديه ويعينه ميكائيل, ولم يكن يعين أحدا قبله من الخلق, ثم قال النبي (ص) لعثمان بن عفان: احفر, فغضب عثمان وقال: لا يرضى محمد أن أسلمنا على يده حتى يأمرنا بالكد, فأنزل الله على نبيه (ص) {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}.
------------
تأويل الآيات ص 588 عن مصباح الأنوار, البرهان ج 5 ص 122, مدينة المعاجز ج 1 ص 467, بحار الأنوار ج 30 ص 273, تفسير كنز لدقائق ج 12 ص 363
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
{يمنون عليك أن أسلموا} نزلت في عثمان يوم الخندق، وذلك أنه مر بعمار بن ياسر وهو يحفر الخندق، وقد ارتفع الغبار من الحفر، فوضع عثمان كمه على أنفه ومر، فقال
لا يستوي من يعمر المساجدا... يظل فيها راكعا وساجدا
كمن يمر بالغبار حائدا... يعرض عنه جاهدا معاندا
فالتفت إليه عثمان، فقال: يا بن السوداء، إياي تعني؟ ثم أتى رسول الله (ص)، فقال له: لم ندخل معك لتسب أعراضنا، فقال له رسول الله (ص): قد أقلتك إسلامك فاذهب. فأنزل الله تعالى {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} أي لستم صادقين {إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون}.
--------------
البرهان ج 5 ص 122, تفسير القمي ج 2 ص 322, تفسير الصافي ج 5 ص 56, بحار الأنوار ج 9 ص 238, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 103, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 363
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قعد رسول الله (ص) في مسجد الفتح، فبينا المهاجرون والأنصار يحفرون، إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله (ص) يعلمه بذلك. قال جابر: فجئت إلى المسجد، ورسول الله (ص) مستلق على قفاه، ورداؤه تحت رأسه، وقد شد على بطنه حجرا فقلت: يا رسول الله، إنه قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه. فقام مسرعا حتى جاءه، ثم دعا بماء في إناء، فغسل وجهه وذراعيه، ومسح على رأسه ورجليه، ثم شرب، ومج من ذلك الماء في فيه، ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة، فبرقت برقة، فنظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم ضرب اخرى، فبرقت اخرى، فنظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى، فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول الله (ص): إن الله سيفتح عليكم هذه المواطن التي برق فيها البرق. ثم انهال علينا الجبل كما ينهال الرمل. فقال جابر: فعلمت أن رسول الله (ص) مقو- أي جائع- لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله، هل لك في الغذاء؟ قال: ما عندك، يا جابر؟ فقلت: عناق، وصاع من شعير. فقال: تقدم، وأصلح ما عندك, قال جابر: فجئت إلى أهلي، فأمرتها، فطحنت الشعير، وذبحت العنز، وسلختها، وأمرتها أن تخبز، وتطبخ، وتشوي، فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله (ص)، فقلت: بأبي أنت وامي يا رسول الله قد فرغنا، فاحضر مع من أحببت، فقام (ص) إلى شفير الخندق، ثم قال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، أجيبوا جابرا, قال جابر: وكان في الخندق سبع مئة رجل، فخرجوا كلهم، ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار إلا قال: أجيبوا جابرا. قال جابر: فتقدمت، وقلت لأهلي: قد والله أتاك محمد رسول الله (ص) بما لا قبل لك به. فقالت: أعلمته أنت بما عندنا؟ قلت: نعم. قالت: فهو أعلم بما أتى. قال جابر: فدخل رسول الله (ص)، فنظر في القدر، ثم قال: اغرفي، وأبقي. ثم نظر في التنور، ثم قال: أخرجي، وأبقي، ثم دعا بصفحة، فثرد فيها، وغرف، فقال: يا جابر، أدخل علي عشرة. فأدخلت عشرة، فأكلوا حتى تملؤوا، وما يرى في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر، علي بالذراع. فأتيته بذراع، فأكلوه، ثم قال: أدخل علي عشرة. فأدخلتهم، فأكلوا حتى تملؤوا، ولم ير في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: علي بذراع فأكلوا، وخرجوا. ثم قال: أدخل علي عشرة، فأدخلتهم، فأكلوا حتى تملؤوا، ولم ير في القصعة إلا آثار أصابعهم، ثم قال: يا جابر علي بالذراع فأتيته، فقلت: يا رسول الله، كم للشاة من ذراع؟ قال: ذراعان. فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا، لقد أتيتك بثلاثة. فقال: أما لو سكت يا جابر لأكل الناس كلهم من الذراع. قال: يا جابر، أدخل عشرة. فأقبلت ادخل عشرة عشرة، فيأكلون، حتى أكلوا كلهم، وبقي لنا- والله- من ذلك الطعام ما عشنا به أياما.
---------------
تفسير القمي ج 2 ص 178, تفسير الصافي ج 4 ص 171, البرهان ج 4 ص 421, بحار الأنوار ج 20 ص 218, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 244, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 332
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاؤوا النبي (ص) فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل. ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا, فأخذ النبي (ص) المعول فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي رأيت بالنبي (ص) شيئا ما كان في ذلك صبر؟ فعندك شئ؟ قالت عندي شعير وعناق، فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة. ثم جئت النبي (ص) والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج، فقلت طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان. قال كم هو؟ فذكرت له، فقال كثير طيب، قل لها: لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي، فقال قوموا فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحك جاء النبي (ص) بالمهاجرين والأنصار ومن معهم. قالت هل سألك؟ قلت: نعم، فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا، فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه، ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا. وبقي بقية قال: كلي هذا وأهدى، فإن الناس أصابتهم مجاعة.
---------------
السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 187, صحيح البخاري ج 5 ص 45, عمدة القاري ج 17 ص 179, رياض الصالحين ص 282, البداية والنهاية ج 4 ص 111, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 227, سبل الهدى والرشاد ج 9 ص 479
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن علي بن أبي طالب (ع) قال: كنا مع النبي (ص) في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة (ع) ومعها كسرة خبز, فدفعتها إلى النبي (ص), فقال النبي (ص): ما هذه الكسرة؟ قالت: قرصا خبزتها للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسرة, فقال النبي (ص): أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث.
------------
عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 40, صحيفة الإمام الرضا (ع) ص 71, بحار الأنوار ج 16 ص 225, العوالم ج 11 ص 245, وسائل الشيعة ج 25 ص 25 بإختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: لما حفر رسول الله (ص) الخندق مروا بكدية, فتناول رسول الله (ص) المعول من يد أمير المؤمنين (ع) - أو من يد سلمان – (1) فضرب بها ضربة فتفرقت بثلاث فرق, فقال رسول الله (ص): لقد فتح علي في ضربتي هذه كنوز كسرى وقيصر, فقال أحدهما لصاحبه: يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وما يقدر أحدنا أن يخرج يتخلى. (2)
----------------
(1) التردد من الراوي
(2) الكافي ج 8 ص 216, الوافي ج 2 ص 194, إثبات الهداة ج 1 ص 258
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سلمان أنه قال: ضربت في ناحية من الخندق فغلظت علي صخرة ورسول الله (ص) قريب مني، فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علي نزل فأخذ المعول من يدي، فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة، ثم ضرب به ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى, قال: ثم ضرب به الثالثة فلمعت برقة أخرى قال: قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, ما هذا الذي رأيت لمع تحت المعول وأنت تضرب؟ قال: أو قد رأيت ذلك يا سلمان؟ قال: قلت: نعم. قال: أما الأولى فإن الله فتح علي باب اليمن، وأما الثانية فإن الله فتح علي باب الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق.
-------------
البداية والنهاية ج 4 ص 114, السيرة النبوية لابن هشام ج 3 ص 704, إمتاع الأسماع ج 5 ص 76, دلائل النبوة ج 3 ص 417, عيون الأثر ج 2 ص 36, السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 191, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 228, السيرة الحلبية ج 2 ص 634
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر: خرج النبي (ص) إلى المسلمين وقال جدوا: في الحفر, فجدوا واجتهدوا ولم يزالوا يحفرون حتى فرغ الحفر, والتراب حول الخندق تل عال, فأخبرته بذلك فقال: لا تفزع يا جابر, فسوف ترى عجبا من التراب, قال: وأقبل الليل ووجدت عند التراب جلبة وضجة عظيمة وقائل يقول:
انتسفوا التراب والصعيدا... واستودعوه بلدا بعيدا
وعاونوا محمد الرشيدا... قد جعل الله له عميدا
أخاه وابن عمه الصنديدا
فلما أصبحت لم أجد من التراب كفا واحدا.
------------
مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 132, بحار الأنوار ج 17 ص 366
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
حفر رسول الله (ص) الخندق وجعل له ثمانية أبواب, وجعل على كل باب رجلا من المهاجرين ورجلا من الأنصار مع جماعة يحفظونه, وقدمت قريش وكنانة وسليم وهلال فنزلوا الرغابة. ففرغ رسول الله (ص) من حفر الخندق قبل قدوم قريش بثلاثة أيام.
----------
تفسير القمي ج 2 ص 179, تفسير الصافي ج 4 ص 172, البرهان ج 4 ص 422, بحار الأنوار ج 20 ص 220, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 246, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 334
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وأقبلت قريش، فلما نظروا إلى الخندق، قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك. فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه.
----------
تفسير القمي ج 2 ص 182, تفسير الصافي ج 4 ص 175, البرهان ج 4 ص 424, بحار الأنوار ج 20 ص 224, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 250, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 338
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وأقبلت الأحزاب إلى رسول الله (ص), فهال المسلمين أمرهم وارتاعوا من كثرتهم, وجمعهم فنزلوا ناحية من الخندق وأقاموا بمكانهم بضعا وعشرين ليلة, ثم لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار [الحصى].
-------------
الإرشاد ج 1 ص 96, إعلام الورى ج 1 ص 192, بحار الأنوار ج 20 ص 251
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وأقبلت قريش، ومعهم حيي بن أخطب، فلما نزلوا العقيق جاء حيي بن أخطب إلى بني قريظة في جوف الليل، وكانوا في حصنهم قد تمسكوا بعهد رسول الله (ص)، فدق باب الحصن، فسمع كعب بن أسد قرع الباب، فقال لأهله: هذا أخوك قد شأم قومه، وجاء الآن يشأمنا، ويهلكنا، ويأمرنا بنقض العهد بيننا وبين محمد، وقد وفى لنا محمد، وأحسن جوارنا. فنزل إليه من غرفته، فقال له: من أنت؟ قال: حيي بن أخطب، قد جئتك بعز الدهر. قال: كعب: بل جئتني بذل الدهر. فقال: يا كعب، هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت بالعقيق، مع حلفائهم من كنانة، وهذه فزارة، مع قادتها وسادتها قد نزلت الزغابة، وهذه سليم وغيرهم قد نزلوا حصن بني ذبيان، ولا يفلت محمد وأصحابه من هذا الجمع أبدا، فافتح الباب، وانقض العهد الذي بينك وبين محمد. فقال كعب: لست بفاتح لك الباب، ارجع من حيث جئت. فقال حيي: ما يمنعك من فتح الباب إلا جشيشتك التي في التنور، تخاف أن أشركك فيها، فافتح فإنك آمن من ذلك. فقال له كعب: لعنك الله، لقد دخلت علي من باب دقيق. ثم قال: افتحوا له الباب. ففتحوا له، فقال: ويلك يا كعب, انقض العهد الذي بينك وبين محمد، ولا ترد رأيي، فإن محمدا لا يفلت من هذا الجمع أبدا، فإن فاتك هذا الوقت لا تدرك مثله أبدا. قال: فاجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود، مثل: غزال بن شمول، وياسر بن قيس، ورفاعة بن زيد، والزبير بن باطا، فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت سيدنا، والمطاع فينا، وصاحب عهدنا وعقدنا، فإن نقضت نقضنا، وإن أقمت أقمنا معك، وإن خرجت خرجنا معك. فقال الزبير بن باطا, وكان شيخا كبيرا مجربا، قد ذهب بصره: قد قرأت التوراة التي أنزلها الله في سفرنا بأنه يبعث نبي في آخر الزمان، يكون مخرجه بمكة، ومهاجرته إلى المدينة في هذه البحيرة, يركب الحمار العري، ويلبس الشملة، ويجتزئ بالكسيرات والتميرات، وهو الضحوك القتال، في عينيه الحمرة، وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع سيفه على عاتقه، لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، فإن كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء وجمعهم، ولو ناوأته هذه الجبال الرواسي لغلبها. فقال حيي: ليس هذا ذاك، ذاك النبي من بني إسرائيل، وهذا من العرب، من ولد إسماعيل، ولا يكون بنو إسرائيل أتباعا لولد إسماعيل أبدا، لأن الله قد فضلهم على الناس جميعا، وجعل فيهم النبوة والملك، وقد عهد إلينا موسى ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، وليس مع محمد آية، وإنما جمعهم جمعا، وسحرهم. ويريد أن يغلبهم بذلك، فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه، فقال لهم: أخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمد. فأخرجوه، فأخذه حيي بن أخطب ومزقه، وقال: قد وقع الأمر، فتجهزوا وتهيأوا للقتال. وبلغ رسول الله (ص) ذلك، فغمه غما شديدا. وفزع أصحابه، فقال رسول الله (ص) لسعد ابن معاذ، وأسيد بن حضير، وكانا من الأوس، وكانت بنو قريظة حلفاء الأوس، فقال لهما: ائتيا بني قريظة، فانظرا ما صنعوا، فإن كانوا نقضوا العهد، فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلي، وقولا: عضل والقارة. فجاء سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير إلى باب الحصن، فأشرف عليهما كعب من الحصن، فشتم سعدا، وشتم رسول الله (ص)، فقال له سعد: إنما أنت ثعلب في جحر، لتولين قريش، وليحاصرنك رسول الله (ص)، ولينزلنك على الصغر والقماءة، وليضربن عنقك، ثم رجعا إلى رسول الله (ص)، فقالا له: عضل والقارة. فقال رسول الله (ص): لعنا، نحن أمرناهم بذلك, وذلك أنه كان على عهد رسول الله (ص) عيون لقريش يتجسسون خبره، وكانت عضل والقارة قبيلتان من العرب، دخلتا في الإسلام، ثم غدرتا، فكان إذا غدر أحد ضرب بهما المثل، فيقال: عضل والقارة. ورجع حيي بن أخطب إلى أبي سفيان وقريش، وأخبرهم بنقض بني قريظة العهد بينهم وبين رسول الله (ص)، ففرحت قريش بذلك. فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله (ص)، وقد كان أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام، فقال: يا رسول الله، قد آمنت بالله، وصدقتك، وكتمت إيماني عن الكفرة، فإن أمرتني أن آتيك بنفسي فأنصرك فعلت، وإن أمرتني أن اخذل بين اليهود وقريش فعلت، حتى لا يخرجوا من حصنهم. فقال رسول الله (ص): خذل بين اليهود وقريش، فإنه أوقع عندي. قال: أفتأذن لي أن أقول فيك ما أريد؟ قال: قل ما بدا لك. فجاء إلى أبي سفيان، فقال له: تعرف مودتي لكم، ونصحي، ومحبتي أن ينصركم الله على عدوكم، وقد بلغني أن محمدا قد وافق اليهود أن يدخلوا بين عسكركم، ويميلوا عليكم، ووعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه: بني النضير، وقينقاع، فلا أرى أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثونهم إلى مكة، فتأمنوا مكرهم وغدرهم. فقال له أبو سفيان: وفقك الله، وأحسن جزاك، مثلك أهدى النصائح. ولم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم، ولا أحد من اليهود. ثم جاء من فوره ذلك إلى بني قريظة، فقال: يا كعب، تعلم مودتي لكم، وقد بلغني أن أبا سفيان قال: نخرج بهؤلاء اليهود، فنضعهم في نحر محمد، فإن ظفروا كان الذكر لنا دونهم، وإن كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب، فلا أرى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمد وبينكم، لأنه إن ولت قريش ولم يظفروا بمحمد، غزاكم محمد، فيقتلكم. فقالوا: أحسنت، نصحت وأبلغت في النصيحة، لا نخرج من حصننا حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا... فقال أبو سفيان لحيي بن أخطب: ويلك يا يهودي, أين قومك؟ فصار حيي بن أخطب إليهم، فقال: ويلكم، اخرجوا، فقد نابذكم محمد الحرب، فلا أنتم مع محمد، ولا أنتم مع قريش. فقال كعب: لسنا خارجين، حتى تعطينا قريش عشرة من أشرافهم رهنا يكونون في حصننا، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يرد محمد علينا عهدنا وعقدنا، فإنا لا نأمن أن تفر قريش ونبقى نحن في عقر دارنا، ويغزونا محمد، فيقتل رجالنا، ويسبي نساءنا وذرارينا، وإن لم نخرج لعله يرد علينا عهدنا. فقال له حيي بن أخطب: تطمع في غير مطمع، قد نابذت العرب محمدا الحرب، فلا أنتم مع محمد، ولا أنتم مع قريش. فقال كعب: هذا من شؤمك، إنما أنت طائر تطير مع قريش غدا وتتركنا في عقر دارنا، ويغزونا محمد. فقال له حيي لك عهد الله علي وعهد موسى إن لم تظفر قريش بمحمد أني أرجع معك إلى حصنك، يصيبني ما يصيبك. فقال كعب: هو الذي قد قلته لك، إن أعطتنا قريش رهنا يكونون عندنا، وإلا لم نخرج. فرجع حيي بن أخطب إلى قريش فأخبرهم، فلما قال: يسألون الرهن. قال أبو سفيان: هذا والله أول الغدر، قد صدق نعيم بن مسعود، لا حاجة لنا في إخوان القردة والخنازير.
-------------
تفسير القمي ج 2 ص 179, تفسير الصافي ج 4 ص 172, البرهان ج 4 ص 422, بحار الأنوار ج 20 ص 220, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 246, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 334
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وأمر رسول الله (ص) المسلمين بالثبات في مكانهم ولزوم خندقهم, وبادخال النساء والولدان والضعفاء من الرجال في أطام المدينة وحصونها لتسكن أنفسهم, ووعدهم نصر الله عز وجل إياهم. ونظر المشركون الى الخندق فتهيبوا القدوم عليه, ولم يكونوا قبل ذلك رأوا مثله، وقالوا: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها، فجعلوا يدورون حوله بعساكرهم وخيلهم ورجلهم ويدعون المسلمين ألا هلم للقتال والمبارزة، فلا يجيبهم أحد الى ذلك ولا يرد عليهم فيه شيئا ولزموا مواضعهم كما أمرهم رسول الله (ص) قد عسكروا في الخندق وأظهروا العدة ولبسوا السلاح ووقفوا في مواقفهم وتهيب المشركون أن يلجوا الخندق عليهم.
------------
شرح الأخبار ص ج 1 ص 292
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وكان رسول الله (ص) أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل، وكان أمير المؤمنين (ع) على العسكر كله بالليل يحرسهم, فإن تحرك أحد من قريش نابذهم, وكان أمير المؤمنين (ع) يجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم, فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلي, فإذا أصبح رجع إلى مركزه, ومسجد أمير المؤمنين هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلي فيه.
-------------
تفسير القمي ج 2 ص 186, تفسير الصافي ج 4 ص 178, البرهان ج 4 ص 426, بحار الأنوار ج 20 ص 230, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 254, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 342, مستدرك الوسائل ج 10 ص 200
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وكان رسول الله (ص) يبعث سلمة بن أسلم في مائتي رجل وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل يحرسون المدينة ويظهرون التكبير, وذلك أنه كان يخاف على الذراري من بني قريظة, وكان عباد بن بشر على حرس قبة رسول الله (ص) مع غيره من الأنصار يحرسونه كل ليلة, فكان المشركون يتناوبون بينهم فيغدو أبو سفيان يوما، ويغدو خالد بن الوليد يوما, ويغدو عمرو بن العاص يوما، ويغدو هبيرة بن أبي وهب يوما، ويغدو عكرمة بن أبي جهل يوما، ويغدو ضرار بن الخطاب يوما، فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون أخرى، ويناوشون أصحاب رسول الله (ص) ويقدمون رماتهم فيرمون، فرمى حبان بن العرقة سعد بن معاذ بسهم، فأصاب أكحله، فقال: خذها وأنا ابن العرقة فقال رسول الله (ص): عرق الله وجهك في النار، ويقال: الذي رماه أبو أسامة الجشمي.
--------
المنتظم من تاريخ الأمم ج 3 ص 330, الطبقات الكبرى ج 2 ص 67, غزوات الرسول وسراياه لابن سعد ص 67, نهاية الأرب ج 17 ص 172
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قالت أم سلمة: شهدت معه مشاهد فيها قتال وخوف: المريسيع وخيبر وكنا بالحديبية وفي الفتح وحنين, لم يكن من ذلك أتعب لرسول الله (ص) ولا أخوف عندنا من الخندق. وذلك أن المسلمين كانوا في مثل الحرجة، وأن قريظة لا نأمنها على الذراري: فالمدينة تحرس حتى الصباح، نسمع تكبير المسلمين فيها حتى يصبحوا خوفا، حتى ردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا.
-------------
إمتاع الأسماع ج 1 ص 225
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وكان الخوف على الذراري بالمدينة من بني قريظة أشد من الخوف من قريش وغطفان.
-----------
إمتاع الأسماع ج 1 ص 233
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت قالت: وكان حسان معنا فيه مع النساء والصبيان. قالت صفية: فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن, وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله (ص) ليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا, ورسول الله (ص) والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا عنهم أن أتانا آت, قالت: فقلت: يا حسان, إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن وانى والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود, وقد شغل عنا رسول الله (ص) وأصحابه, فأنزل إليه فاقتله, فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب, والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا, قالت: فلما قال ذلك لي ولم أر شيئا احتجزت, ثم أخذت عمودا ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته, فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسان, انزل إليه فاسلبه, فإنه لم يمنعني من سلبه الا أنه رجل, قال: مالي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب.
-----------
تاريخ الطبري ج 2 ص 241, السيرة النبوية لابن هشام ج 3 ص 711, تفسير اليغوي ج 3 ص 513, تاريخ مدينة دمشق ج 12 ص 431, أسد الغابة ج 5 ص 493, الأغاني ج 4 ص 372, تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 292, البداية والنهاية ج 4 ص 124, السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 208, دلائل النبوة ج 3 ص 442
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فلما طال على أصحاب رسول الله (ص) الأمر، اشتد عليهم الحصار، وكانوا في وقت برد شديد، وأصابتهم مجاعة، وخافوا من اليهود خوفا شديدا، وتكلم المنافقون بما حكى الله عنهم، ولم يبق أحد من أصحاب رسول الله (ص) إلا نافق، إلا القليل. وقد كان رسول الله (ص) أخبر أصحابه: أن العرب تتحزب، ويجيئونا من فوق، وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل، وأنه ليصيبهم جهد شديد، ولكن تكون العاقبة لي عليهم. فلما جاءت قريش، وغدرت اليهود، قال المنافقون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا. وكان قوم منهم لهم دور في أطراف المدينة، فقالوا: يا رسول الله، تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا فإنها في أطراف المدينة، وهي عورة، ونخاف اليهود أن يغيروا عليها؟ وقال قوم: هلموا فنهرب ونصير في البادية، ونستجير بالأعراب، فإن الذي كان يعدنا محمد كان باطلا كله.
-------------
تفسير القمي ج 2 ص 186, تفسير الصافي ج 4 ص 178, البرهان ج 4 ص 426, بحار الأنوار ج 20 ص 229, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 253, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 341
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن حذيفة بن اليمان ان الناس تفرقوا عن رسول الله (ص) ليلة الأحزاب فلم يبق معه الا اثنا عشر رجلا.
-----------
المستدرك ج 3 ص 31, مجمع الزوائد ج 6 ص 136, تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 302, إمتاع الأسماع ج 11 ص 385, دلائل النبوة ج 3 ص 450
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ابن عمر قال: بعثني خالي عثمان بن مظعون لأبيه بلحاف, فأتيت النبي (ص) فاستأذنته وهو بالخندق, فأذن لي وقال: من لقيت فقل لهم ان رسول الله (ص) يأمركم أن ترجوا, وكان ذلك في برد شديد, فخرجت ولقيت الناس فقلت لهم: ان رسول الله (ص) يأمركم أن ترجعوا, قال: فلا والله ما عطف على منهم اثنان أو واحد.
------------
مجمع الزوائد ج 6 ص 135, المعجم الأوسط ج 5 ص 274, فتح الباري ج 7 ص 309 بإختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن محمد بن مسلم, عن أبي جعفر (ع) قال: كان دعاء النبي (ص) ليلة الأحزاب: يا صريخ المكروبين, ويا مجيب دعوة المضطرين, ويا كاشف غمي, اكشف عني غمي وهمي وكربي, فإنك تعلم حالي وحال أصحابي, اكفني هول عدوي.
-------------
الكافي ج 2 ص 561, مهج الدعوات ص 70, الوافي ج 9 ص 1622, بحار الأنوار ج 91 ص 212
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل عن شعار المسلمين, قال: ويوم الأحزاب: حم لا يبصرون.
-----------
الكافي ج 5 ص 47, الوافي ج 15 ص 117, وسائل الشيعة ج 15 ص 138, بحار الأنوار ج 19 ص 163
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وتسلل عن رسول الله (ص) أكثر أهل المدينة، فدخلوا بيوتهم كالملقين بأيديهم. فاقتحم عمرو بن عبد ود وأصحابه الخندق على المسلمين وهم على هذه الحال, فلما نظر رسول الله (ص) الى ذلك وأن خيلهم جالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع وقربوا من مناخ رسول الله (ص) تخوف أن يمدهم سائر المشركين فيقتحموا الخندق, فدعى عليا (ص) فقال: يا علي، امض بمن خف معك من المسلمين فخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها فمن قاتلكم عليها فاقتلوه. فمضى علي (ع) في نفر جمعوا معه يريدون الثغرة، وقد كان المشركون هموا أن يلحوها فلما رأوهم وهم أقل من الذين اقتحموها منهم, توقفوا لينظروا ما يكون من أمر أصحابهم معهم, وعطف عليهم عمرو بن عبد ود بمن كان معه تعتو بهم خيلهم حتى قربوا منهم.
------------
شرح الأخبار ج 1 ص 294
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ثم تيمموا مكانا من الخندق فيه ضيق, فضربوا خيلهم فاقتحمته, وجاءت بهم في السبخة بين الخندق وسلع. وخرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها.
------------
الإرشاد ج 1 ص 98, إعلام الورى ص 91, كشف الغمة ج 1 ص 203, بحار الأنوار ج 20 ص 253
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فوافى عمرو بن عبد ود، وهبيرة بن وهب، وضرار بن الخطاب إلى الخندق، وكان رسول الله (ص) قد صف أصحابه بين يديه، فصاحوا بخيلهم حتى طفروا الخندق إلى جانب رسول الله (ص)، وصار أصحاب رسول الله (ص) كلهم خلف رسول الله (ص)، وقدموا رسول الله (ص) بين أيديهم، وقال رجل من المهاجرين- وهو فلان - لرجل بجنبه من إخوانه: أما ترى هذا الشيطان عمرو, لا والله ما يفلت من بين يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمدا ليقتله، ونلحق نحن بقومنا. فأنزل الله على رسول الله (ص) في ذلك الوقت قوله: {قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم} إلى قوله {وكان ذلك على الله يسيرا}
-------------
تفسير القمي ج 2 ص 179, تفسير الصافي ج 4 ص 175, البرهان ج 4 ص 422, بحار الأنوار ج 20 ص 221, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 246, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 334
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أمير المؤمنين (ع) في خطبة طويلة: وإن كان الرجل منا والرجل من عدونا ليتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس الموت، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله منا صدقا وصبرا أنزل الكتاب بحسن الثناء علينا والرضا عنا، وأنزل علينا النصر، ولست أقول إن كل من كان مع رسول الله (ص) كذلك، ولقد كانت معنا بطانة لا يألونا خبالا، قال الله عز وجل: {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر} ولقد كان منهم بعض من تفضله أنت وأصحابك يا ابن قيس، فارين، فلا رمى بسهم، ولا ضرب بسيف، ولا طعن برمح، إذا كان الموت والنزال توارى واعتل ولاذ كما تلوذ النعجة العوراء لا يدفع يد لامس، وإذا ألقى العدو فر ومنح العدو دبره جبنا ولؤما، وإذا كان عند الرخاء والغنيمة تكلم كما قال الله: {سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير} فلا يزال قد استأذن رسول الله (ص) في ضرب عنق الرجل الذي ليس يريد رسول الله (ص) قتله، فأبى عليه، ولقد نظر رسول الله (ص) يوما وعليه السلاح تام، فضحك رسول الله (ص)، ثم قال يكنيه: أبا فلان اليوم يومك؟ - إلى أن قال- وإن بعض من قد سميت ما كان له بلاء ولا سابقة ولا مبارزة قرن، ولا فتح ولا نصر غير مرة واحدة ثم فر ومنح عدوه دبره ورجع يجبن أصحابه ويجبنونه، وقد فر مرارا، فإذا كان عند الرخاء والغنيمة تكلم وأمر ونهى، ولقد ناداه ابن عبد ود يوم الخندق باسمه فحاد عنه ولاذ بأصحابه حتى تبسم رسول الله (ص) لما رأى به من الرعب، وقال: أين حبيبي علي؟ تقدم يا حبيبي يا علي، ولقد قال لأصحابه الأربعة - أصحاب الكتاب – (1): الرأي والله أن ندفع محمدا برمته ونسلم من ذلك حين جاء العدو من فوقنا ومن تحتنا كما قال الله تعالى: {وزلزلوا زلزالا شديدا} {وتظنون بالله الظنونا} {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا}، فقال صاحبه: لا، ولكن نتخذ صنما عظيما نعبده، لأنا لا نأمن أن يظفر ابن أبي كبشة فيكون هلاكنا، ولكن يكون هذا الصنم لنا زخرا، فإن ظفرت قريش أظهرنا عبادة هذا الصنم وأعلمناهم أنا لن نفارق ديننا، وإن رجعت دولة ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرا، فنزل جبرئيل (ع) فأخبر النبي (ص) وسلم بذلك، ثم خبرني به رسول الله (ص) بعد قتلي ابن عبد ود، فدعاهما، فقال: كم صنما عبدتما في الجاهلية؟. فقالا: يا محمد! لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية. فقال: فكم صنم تعبدان وقتكما هذا؟ فقالا: والذي بعثك بالحق نبيا ما نعبد إلا الله منذ أظهرنا لك من دينك ما أظهرنا. فقال: يا علي! خذ هذا السيف، فانطلق إلى موضع كذا وكذا فاستخرج الصنم الذي يعبدانه فاهشمه، فإن حال بينك وبينه أحد فاضرب عنقه، فانكبا على رسول الله (ص)، فقالا: استرنا سترك الله. فقلت أنا لهما: اضمنا لله ولرسوله ألا تعبدا إلا الله ولا تشركا به شيئا. فعاهدا رسول الله (ص) على ذلك، وانطلقت حتى استخرجت الصنم من موضعه وكسرت وجهه ويديه وجزمت رجليه، ثم انصرفت إلى رسول الله (ص) وسلم، فو الله لقد عرفت ذلك في وجههما حتى ماتا. (2)
-------------
(1) الكتاب الذي كتبوا في الكعبة: إن مات رسول الله أو قتل زوينا الخلافة عن علي, وهم: أبو بكر عمر وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة.
(2) كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 697, بحار الأنوار 30 ص 321
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فقال رسول الله (ص): من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد، فقام إليه أمير المؤمنين (ع) وقال: أنا له يا رسول الله.
----------
تفسير القمي ج 2 ص 183, تفسير الصافي ج 4 ص 175, البرهان ج 4 ص 424, بحار الأنوار ج 20 ص 226, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 250, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 338
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن خالد بن يزيد, عن أبي جعفر الباقر, عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص) يوم الأحزاب: اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر, وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد, وهذا أخي علي بن أبي طالب {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين}.
------------
كنز الفوائد ج 1 ص 297, فضائل أمير المؤمنين (ع) لابن عقدة ص 79, مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 221, كشف الغمة ج 1 ص 295, تأويل الآيات ص 323, البرهان ج 3 ص 839, بحار الأنوار ج 20 ص 215, تفسير كنز الدقائق ج 8 ص 467
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن النبي (ص) أنه قال يوم الخندق: اللهم إنك أخذت مني عبيدة ابن الحارث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد، وهذا علي بن أبي طالب فمتعني به، ولا تدعني فردا وأنت خير الوارثين.
--------------
المناقب لابن مردوية ص 152, كنز العمال ج 11 ص 623, المناقب للخوارزمي ص 144
شرح نهج البلاغة ج 19 ص 61
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال حذيفة: فألبسه رسول الله (ص) درعه الفضول وأعطاه ذا الفقار, وعممه عمامته السحاب على رأسه تسعة أدوار, وقال له: تقدم, فلما ولى قال النبي (ص) برز الإيمان كله إلى الشرك كله, اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه, فلما رآه عمرو قال له: من أنت؟ قال: أنا علي, قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا علي بن أبي طالب, فقال: غيرك يا ابن أخي من أعمامك أسن منك, فإني أكره أن أهرق دمك, فقال له علي (ع): لكني والله لا أكره أن أهرق دمك, قال: فغضب عمرو ونزل عن فرسه وعقرها, وسل سيفه كأنه شعلة نار, ثم أقبل نحو علي (ع) فاستقبله علي (ع) بدرقته فقدها, وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه, ثم إن عليا (ع) ضربه على حبل عاتقه فسقط إلى الأرض, وثارت بينهما عجاجة, فسمعنا تكبير علي (ع) فقال رسول الله (ص): قتله والذي نفسي بيده, قال: وحز رأسه وأقبل نحو رسول الله (ص) ووجهه يتهلل, فقال له النبي (ص): أبشر يا علي, فلو وزن اليوم عملك بعمل أمة محمد لرجح عملك بعملهم, وذلك لأنه لم يبق بيت من المشركين إلا ودخله وهن, ولا بيت من المسلمين إلا دخل عليهم عز.
-------------
تأويل الآيات ص 444, البرهان ج 4 ص 433
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فأخذ – عمرو بن عبد ود - يزمجر في ممره ومجيئه على رسول الله (ص) وينادي بالبراز, ولا يجيبه أحد, فقال رسول الله (ص) لأصحابه وهم مطيفون به: أيكم برز إلى عمرو أضمن له على الله الجنة, فلم يجبه منهم أحد هيبة لعمرو واستعظاما لأمره, فقام علي بن أبي طالب (ع), فقال له: اجلس, ونادى أصحابه دفعة أخرى فلم يقم منهم أحد والقوم ناكسو رءوسهم, فقام علي بن أبي طالب (ع) فأمره بالجلوس, ونادى الثالثة فلما لم يجبه أحد سواه استدناه وعممه بيده وأمره بالبروز إلى عدوه, فتقدم إليه ورسول الله (ص): يقول برز الإيمان كله إلى الشرك كله, وكان عمرو حينئذ يرتجز ويقول:
ولقد بححت من النداء... بجمعكم هل من مبارز
ووقفت إذ جبن الشجاع... موقف الخصم المناجز
إني كذلك لم أزل... متسرعا نحو الهزاهز
إن الشجاعة في الفتى... والجود من كرم الغرائز
فتقدم إليه أمير المؤمنين (ع) وهو يقول:
لا تعجلن فقد أتاك... مجيب صوتك غير عاجز
ذو نية وبصيرة... والصدق منجي كل فائز
إني لأرجو أن تقوم... عليك نائحة الجنائز
من طعنة نجلاء يبقى... ذكرها بين الهزاهز
ثم جادله, فما كان بأسرع من أن صرعه أمير المؤمنين (ع) وجلس على صدره, فلما هم أن يذبحه - وهو يكبر الله ويحمده - قال له عمرو: يا علي, قد جلست مني مجلسا عظيما, فإذا قتلتني فلا تسلبني حليتي, فقال له أمير المؤمنين (ع): هي أهون علي من ذلك, وذبحه وأتى برأسه وهو يتبختر في مشيته, فقال عمر: ألا ترى يا رسول الله إلى علي كيف يتيه في مشيته, فقال رسول الله (ص): إنها مشية لا يمقتها الله في هذا المقام, ثم نهض رسول الله (ص) إلى أمير المؤمنين (ع) فتلقاه ومسح الغبار عن عينيه, فرمى الرأس بين يديه, فقال رسول الله (ص): ما منعك من سلبه: قال: يا رسول الله, خفت أن يلقاني بعورته, فقال النبي (ص): أبشر يا علي, فلو وزن اليوم عملك بعمل جميع أمة محمد لرجح عملك على عملهم, وذلك أنه لم يبق بيت من المشركين إلا وقد دخله ذل من قتل عمرو, ولم يبق بيت من المسلمين إلا وقد دخله عز بقتل عمرو, فأنشأ أمير المؤمنين (ع) يقول:
نصر الحجارة من سفاهة رأيه... ونصرت رب محمد بصواب
فضربته وتركته متجدلا... كالنسر فوق دكادك وروابي
وعففت عن أثوابه ولو أنني... كنت المقطر بزني أثوابي
لا تحسبن الله خاذل دينه... ونبيه يا معشر الأحزاب
ولما قتل علي (ع) عمرا سمع مناديا ينادي لا يرى شخصه: قتل علي عمرا! قصم علي ظهرا! أبرم علي أمرا!
---------
كنز الفوائد ج 1 ص 297
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال رسول اله (ص) لما برز علي (ع) إلى عمرو بن عبد ود: برز الايمان كله إلى الشرك كله.
-------------
كنز الفوائد ج 1 ص 297, الطرائف ج 19 ص 61, نهج الحق ص 217, إرشاد القلوب ج 2 ص 244, عوالي اللئالي ج 4 ص 88, تأويل الآيات ص 444, إثبات الهداة ج 3 ص 456, البرهان ج 4 ص 433, بحار الأنوار ج 20 ص 215
ينابيع المودة ج 1 ص 281, شرح النهج ج 13 ص 261, العثمانية ص 324
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أمير المؤمنين (ع): وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ود, يهدر كالبعير المغتلم, يدعو إلى البراز ويرتجز ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة, لا يقدم عليه مقدم ولا يطمع فيه طامع, ولا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه, فأنهضني إليه رسول الله (ص) وعممني بيده, وأعطاني سيفه هذا - وضرب بيده إلى ذي الفقار - فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقا علي من ابن عبد ود, فقتله الله عز وجل بيدي والعرب لا تعدلها فارسا غيره, وضربني هذه الضربة وأومأ بيده إلى هامته, فهزم الله قريشا والعرب بذلك, وبما كان مني فيهم من النكاية.
-----------------
الخصال ج 2 ص 368, الإختصاص ص 167, إرشاد القلوب ج 2 ص 346, البرهان ج 4 ص 431, حلية الأبرار ج 2 ص 363, بحار الأنوار ج 20 ص 244
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فضربه أمير المؤمنين (ع) مسرعا على ساقيه قطعهما جميعا وارتفعت بينهما عجاجة, فقال المنافقون: قتل علي بن أبي طالب (ع)، ثم انكشف العجاجة فنظروا فإذا أمير المؤمنين (ع) على صدره قد أخذ بلحيته يريد أن يذبحه, فذبحه, ثم أخذ رأسه وأقبل إلى رسول الله (ص) والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو وسيفه يقطر منه الدم وهو يقول والرأس بيده:
أنا علي وابن عبد المطلب... الموت خير للفتى من الهرب
----------
تفسير القمي ج 2 ص 184, تفسير الصافي ج 4 ص 177, البرهان ج 4 ص 425, بحار الأنوار ج 20 ص 227, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 252, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 340
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ولما أدرك عمرو بن عبد ود لم يضربه... ثم إنه ضربه, فلما جاء سأله النبي (ص) عن ذلك فقال: قد كان شتم أمي وتفل في وجهي, فخشيت أن أضربه لحظ نفسي, فتركته حتى سكن ما بي ثم قتلته في الله.
------------
مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 115, مستدرك الوسائل ج 18 ص 28, بحار الأنوار ج 41 ص 50 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال رسول الله (ص) لعي (ع) بعد قتله لعمرو بن عبد ود: كيف وجدت نفسك معه يا علي؟ قال: وجدته لو كن أهل المدينة كلهم في جانب وانا في جانب لقدرت عليهم.
----------
السيرة الحلبية ج 2 ص 643, تفسير الرازي ج 6 ص 211
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي بكر بن عياش: لقد ضرب علي (ع) ضربة ما كان في الإسلام ضربة أعز منها, يعني ضربة عمرو بن عبد ود. ولقد ضُرب علي (ع) ضربة ما كان في الإسلام أشأم منها, يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله.
-------------
الإرشاد ج 1 ص 105, مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 138, تفسير مجمع البيان ج 8 ص 133, كشف الغمة ج 1 ص 205, الدر النظيم ص 165, تسلية المجالس ج 1 ص 338, بحار الأنوار ج 20 ص 206
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال رسول الله (ص) بعد قتله: الآن نغزوهم ولا يغزوننا.
-------------
إعلام الورى ص 195, الإرشاد ج 1 ص 105. نحوه: مناقب آل أبي طالب (ع) ج 1 ص 110, بحار الأنوار ج 20 ص 209
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال رسول الله (ص): لضربة علي (ع) يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين.
---------------
كشف اليقين ص 83, الإقبال ج 1 ص 467, مشاق الأنوار ص 313, إثبات الهداة ج 3 ص 456. نحوه: الطرائف ص 519, بحار الأنوار ج 39 ص 2, الدر النظيم ص 271
بمصادر العامة نحوه: المواقف ج 3 ص 628, السيرة الحلبية ج 2 ص 642
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن النبي (ص) أنه قال: لمبارزة علي بن أبي طالب (ع) لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة.
-------------
بمصادر الشيعة: مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 138, تأويل الآيات ص 664, جامع الاخبار ص 14, الإقبال ج 1 ص 467, الطرائف ج 2 ص 514, كشف الغمة ج 1 ص 150, إرشاد القلوب ج 2 ص 216, إثبات الهداة ج 3 ص 265, بحار الأنوار ج 41 ص 96, سعد السعود ص 139, الصراط المستقيم ج 2 ص 72, حلية الأبرار ج 2 ص 160, البرهان ج 5 ص 368, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 236
بمصادر العامة: شواهد التنزيل ج 2 ص 14, تفسير الرازي ج 32 ص 31, تاريخ بغداد ج 13 ص 19, تاريخ مدينة دمشق ج 50 ص 333, المناقب للخوارزمي ص 107, نهج الإيمان ص 627
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ربيعة السعدي قال: أتيت حذيفة بن اليمان فقلت له: يا أبا عبد الله, إننا لنتحدث عن علي (ع) ومناقبه, فيقول لنا أهل البصرة: إنكم تفرطون في علي, فهل أنت محدثي بحديث فيه؟ فقال حذيفة: يا ربيعة, وما تسألني عن علي (ع), والذي نفسي بيده, لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد في كفة الميزان منذ بعث الله محمدا إلى يوم القيامة ووضع عمل علي في الكفة الأخرى لرجح عمل علي على جميع أعمالهم. فقال ربيعة: هذا الذي لا يقام له ولا يقعد. فقال حذيفة: يا لكع, وكيف لا يحمل, وأين كان أبو بكر وعمر وحذيفة وجميع أصحاب محمد يوم عمرو بن عبد ود, وقد دعا إلى المبارزة فأحجم الناس كلهم ما خلا عليا (ع), فإنه برز إليه فقتله الله على يديه, والذي نفس حذيفة بيده, لعمله ذلك اليوم أعظم أجرا من أعمال أصحاب محمد (ص) إلى يوم القيامة.
--------------
الإرشاد ج 1 ص 103, شرح الأخبار ج 1 ص 300, إعلام الورى ص 193, كشف الغمة ج 1 ص 205, الدر النظيم ص 165, إرشاد القلوب ج 2 ص 245, بحار الأنوار ج 20 ص 256
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي الجارود, عن أبي جعفر (ع) في قوله: {يقول أهلكت مالا لبدا} قال: هو عمرو بن عبد ود حين عرض عليه علي بن أبي طالب (ع) الإسلام يوم الخندق, وقال: فأين ما أنفقت فيكم مالا لبدا؟ وكان أنفق مالا في الصد عن سبيل الله, فقتله علي (ع).
-----------
تفسير القمي ج 2 ص 422, تفسير الصافي ج 5 ص 330, البرهان ج 5 ص 660, بحار الأنوار ج 9 ص 251, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 580, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 286
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي الحسن المدائني قال: لما قتل علي بن أبي طالب (ع) عمرو بن عبد ود, نعي إلى أخته فقالت: من ذا الذي اجترأ عليه؟ فقالوا: ابن أبي طالب, فقالت: لم يعد يومه على يد كفء كريم, لا رقأت دمعتي إن هرقتها عليه, قتل الأبطال وبارز الأقران, وكانت منيته على يد كفء كريم.
---------------
الإرشاد ج 1 ص 107, كشف الغمة ج 1 ص 206, إرشاد القلوب ج 2 ص 245, بحار الأنوار ج 20 ص 260
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع)، قال: قام رسول الله (ص) على التل الذي عليه مسجد الفتح في غزوة الأحزاب في ليلة ظلماء قرة، فقال: من يذهب فيأتينا بخبرهم وله الجنة؟ فلم يقم أحد، ثم أعادها، فلم يقم أحد, - فقال أبو عبد الله (ع) بيده: وما أراد القوم؟ أرادوا أفضل من الجنة؟ - ثم قال: من هذا؟ فقال: حذيفة، فقال: أما تسمع كلامي منذ الليلة ولا تكلم؟ أقبرت؟ فقام حذيفة وهو يقول: القر والضر جعلني الله فداك منعني أن أجيبك. فقال رسول الله (ص): انطلق حتى تسمع كلامهم وتأتيني بخبرهم، فلما ذهب، قال رسول الله (ص): اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله حتى ترده، وقال له رسول الله (ص): يا حذيفة، لاتحدث شيئا حتى تأتيني، فأخذ سيفه وقوسه وحجفته. قال حذيفة: فخرجت وما بي من ضر ولا قر، فمررت على باب الخندق وقد اعتراه المؤمنون والكفار. فلما توجه حذيفة، قام رسول الله (ص) ونادى: يا صريخ المكروبين، ويا مجيب المضطرين اكشف همي وغمي وكربي، فقد ترى حالي وحال أصحابي. فنزل عليه جبرئيل (ع)، فقال: يا رسول الله، إن الله قد سمع مقالتك ودعاءك، وقد أجابك وكفاك هول عدوك. فجثا رسول الله (ص) على ركبتيه وبسط يديه وأرسل عينيه، ثم قال: شكرا شكرا كما رحمتني ورحمت أصحابي، ثم قال رسول الله (ص): قد بعث الله عليهم ريحا من السماء الدنيا فيها حصى، وريحا من السماء الرابعة فيها جندل. قال حذيفة: فخرجت فإذا أنا بنيران القوم، وأقبل جند الله الأول ريح فيها حصى، فما تركت لهم نارا إلا أذرتها، ولا خباء إلاطرحته، ولا رمحا إلا ألقته حتى جعلوا يتترسون من الحصى، فجعلنا نسمع وقع الحصى في الأترسة، فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين، فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين، فقال: أيها الناس، إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذاب، ألا وإنه لن يفوتكم من أمره شيء، فإنه ليس سنة مقام، قد هلك الخف والحافر، فارجعوا ولينظر كل رجل منكم من جليسه. قال حذيفة: فنظرت عن يميني، فضربت بيدي، فقلت: من أنت؟ فقال: معاوية، فقلت للذي عن يساري: من أنت؟ فقال: سهيل بن عمرو. قال حذيفة: وأقبل جند الله الأعظم، فقام أبو سفيان إلى راحلته, ثم صاح في قريش: النجاء النجاء، وقال طلحة الأزدي: لقد زادكم محمد بشر، ثم قام إلى راحلته وصاح في بني أشجع: النجاء النجاء، وفعل عيينة بن حصن مثلها، ثم فعل الحارث بن عوف المري مثلها، ثم فعل الأقرع بن حابس مثلها، وذهب الأحزاب ورجع حذيفة إلى رسول الله (ص) فأخبره الخبر. وقال أبو عبد الله (ع): «إنه كان ليشبه يوم القيامة.
-------------
الكافي ج 8 ص 277, الوافي ج 26 ص 369, البرهان ج 4 ص 419, بحار الأنوار ج 20 ص 268
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ثم قال أبو سفيان لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان، لا بد من أن أقيم أنا وأنت على ضعفاء الناس. ثم قال لأصحابه: ارتحلوا، إنا مرتحلون، فنفروا منهزمين، فلما أصبح رسول الله (ص)، قال لأصحابه: لا تبرحوا. فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة، وبقي رسول الله (ص) في نفر يسير. وكان أبو فرقد الكناني رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع أكحله فنزفه الدم، فقبض سعد على أكحله بيده، ثم قال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فلا أحد أحب إلي من محاربة قوم حادوا الله ورسوله، وإن كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله (ص) وبين قريش فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة. فأمسك الدم، وتورمت يده، وضرب له رسول الله (ص) في المسجد خيمة، وكان يتعاهده بنفسه، فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم} يعني بني قريظة حين غدروا، وخافهم أصحاب رسول الله (ص) {وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر} إلى قوله {إن يريدون إلا فرارا} وهم الذين قالوا لرسول الله (ص): تأذن لنا أن نرجع إلى منازلنا، فإنها في أطراف المدينة، ونخاف اليهود عليها، فأنزل الله فيهم: {إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا}.
----------
تفسير القمي ج 2 ص 187, تفسير الصافي ج 4 ص 179, البرهان ج 4 ص 427, بحار الأنوار ج 20 ص 231, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 255, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 343
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* عزوة بني قريظة
وأصبح رسول الله (ص) بالمسلمين حتى دخل المدينة، فضربت ابنته فاطمة (ع) غسولا حتى تغسل رأسه، إذ أتاه جبرئيل على بغلة معتجرا بعمامة بيضاء، عليه قطيفة من استبرق معلق عليها الدر والياقوت، عليه الغبار، فقام رسول الله (ص) فمسح الغبار عن وجهه، فقال له جبرئيل: رحمك ربك، وضعت السلاح ولم يضعه أهل السماء، ما زلت أتبعهم حتى بلغت الروحاء, ثم قال جبرئيل (ع): انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب، فو الله لأدقنهم دق البيضة على الصخرة. فدعا رسول الله (ص) عليا (ع) فقال: قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة، وقال: عزمت عليكم أن لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة.
---------------
إعلام الورى ص 92, البرهان ج 4 ص 437, بحار الأنوار ج 20 ص 272
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال جبرائيل لرسول الله (ص): إن الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة فإني متقدمك ومزلزل بهم حصنهم, إنا كنا في آثار القوم نزجرهم زجرا حتى بلغوا حمراء الأسد, فخرج رسول الله (ص) فاستقبله حارثة بن نعمان, فقال له: ما الخبر يا حارثة؟ قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, هذا دحية الكلبي ينادي في الناس: ألا لا يصلين العصر أحد إلا في بني قريظة, فقال (ص): ذاك جبرئيل, ادعوا لي عليا (ع), فجاء علي (ع) فقال له: ناد في الناس: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة, فجاء أمير المؤمنين (ع) فنادى فيهم، فخرج الناس فبادروا إلى بني قريظة, وخرج رسول الله (ص) وعلي بن أبي طالب (ع) بين يديه مع الراية العظمى.
----------
تفسير القمي ج 2 ص 189, تفسير الصافي ج 4 ص 435, البرهان ج 4 ص 435, بحار الأنوار ج 20 ص 233, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 261, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 358
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: أن رسول الله (ص) بعث عليا (ع) يوم بني قريظة بالراية، وكانت سوداء تدعى العقاب، وكان لواؤه أبيض.
-------------
قرب الإسناد ص 131, وسائل الشيعة ج 15 ص 144, بحار الأنوار ج 20 ص 246
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الإمام الحسين (ع) قال: وأن رسول الله (ص) بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة, فنزلوا من حصنهم فهزموا, فبعث عليا (ع) بالراية فاستنزلهم على حكم الله وحكم رسوله, وفعل في خيبر مثلها.
------------
شرح نهج البلاغة ج 6 ص 289
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: شعارنا... ويوم بني قريظة: يا سلام أسلمهم!
-------------
الكافي ج 5 ص 47, الوافي ج 15 ص 117, وسائل الشيعة ج 15 ص 138, بحار الأنوار ج 19 ص 163
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فأقبل علي (ع) ومعه المهاجرون وبنو عبد الأشهل وبنو النجار كلها، لم يتخلف عنه منهم أحد، وجعل النبي (ص) يسرب إليه الرجال، فما صلى بعضهم العصر إلا بعد العشاء. فأشرفوا عليه وسبوه، وقالوا: فعل الله بك وبابن عمك، وهو واقف لا يجيبهم، فلما أقبل رسول الله (ص) والمسلمون حوله تلقاه أمير المؤمنين (ع) وقال: لا تأتهم يا رسول الله جعلني الله فداك، فإن الله سيجزيهم. فعرف رسول الله أنهم قد شتموه، فقال: أما إنهم لو رأوني ما قالوا شيئا مما سمعت.
---------------
إعلام الورى ص 93, البرهان ج 4 ص 4387, بحار الأنوار ج 20 ص 272
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال علي (ع) فاجتمع الناس إلي وسرت حتى دنوت من سورهم, فأشرفوا علي, فحين رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو! وقال آخر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو! وجعل بعضهم يصيح ببعض ويقولون ذلك, وألقى الله في قلوبهم الرعب, وسمعت راجزا يرجز
قتل علي عمرا... صاد علي صقرا
قصم علي ظهرا... أبرم علي أمرا
هتك علي سترا
فقلت: الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك, وكان النبي (ص) قال لي حين توجهت إلى بني قريظة: سر على بركة الله, فإن الله قد وعدك أرضهم وديارهم, فسرت مستيقنا لنصر الله عز وجل حتى ركزت الراية في أصل الحصن, فاستقبلوني في صياصيهم يسبون رسول الله (ص).
-------------
الإرشاد ج 1 ص 109, كشف الغمة ج 1 ص 207, بحار الأنوار ج 20 ص 261
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (ع) إنا نقول إن عليا (ع) كان ينكت في قلبه أو صدره أو في أذنه, فقال: إن عليا (ع) كان محدثا, قلت: فيكم مثله؟ قال إن عليا (ع) كان محدثا, فلما أن كررت عليه قال: إن عليا (ع) كان يوم بني قريظة والنضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدثانه.
-------------
بصائر الدرجات ص 322, بحار الأنوار ج 26 ص 71
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال خالد بن سعد لأبي بكر في احتجاجه عليه: اتق الله يا أبا بكر, فقد علمت أن رسول الله (ص) قال ونحن محتوشوه يوم بني قريظة حين فتح الله له باب النصر, وقد قتل علي بن أبي طالب (ع) يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم: يا معاشر المهاجرين والأنصار, إني موصيكم بوصية فاحفظوها, ومودعكم أمرا فاحفظوه, ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي وخليفتي فيكم, بذلك أوصاني ربي, ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم, واضطرب عليكم أمر دينكم, ووليكم أشراركم, ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون لأمري والعالمون لأمر أمتي من بعدي, اللهم من أطاعهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي واجعل لهم نصيبا من مرافقتي يدركون به نور الآخرة, اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض, فقال له عمر بن الخطاب: اسكت يا خالد, فلست من أهل المشورة ولا من يقتدى برأيه, فقال له خالد: بل اسكت أنت يا ابن الخطاب, فإنك تنطق على لسان غيرك, وايم الله لقد علمت قريش أنك من ألأمها حسبا, وأدناها منصبا, وأخسها قدرا, وأخملها ذكرا, وأقلهم عناء عن الله ورسوله, وإنك لجبان في الحروب, بخيل بالمال, لئيم العنصر, ما لك في قريش من فخر ولا في الحروب من ذكر, وإنك في هذا الأمر بمنزلة {الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين} فأبلس عمر (ابلس: سكت على مضض أو خوف)
-------------
الإحتجاج ج 1 ص 76, بحار الأنوار ج 28 ص 192
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فحاصرهم ثلاثة أيام فلم يطلع أحد منهم رأسه، فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه غزال بن شمول فقال: يا محمد! تعطينا ما أعطيت إخواننا من بني النضير احقن دماءنا ونخلي لك البلاد وما فيها ولا نكتمك شيئا، فقال: لا أو تنزلون على حكمي, فرجع وبقوا أياما فبكت النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعا شديدا.
--------------
تفسير القمي ج 2 ص 190, تفسير الصافي ج 4 ص 183, بحار الأنوار ج 20 ص 234, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 262, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 359
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فأنزلوا نباش بن قيس فكلم رسول الله (ص) ساعة وقال: يا محمد, ننزل على ما نزلت عليه بنو النضير, لك الأموال والحلقة وتحقن دماءنا ونخرج من بلادكم بالنساء والذراري, ولنا ما حملت الإبل إلا الحلقة. فأبى رسول الله (ص), فقالوا: فتحقن دماءنا وتسلم لنا النساء والذرية ولا حاجة لنا فيما حملت الإبل, فقال رسول الله (ص): لا إلا أن تنزلوا على حكمي. فرجع نباش إلى أصحابه بمقالة رسول الله (ص) فقال كعب ابن أسد: يا معشر بني قريظة, والله إنكم لتعلمون أن محمدا نبي الله وما منعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب حيث لم يكن نبيا من بني إسرائيل, فهو حيث جعله الله. ولقد كنت كارها لنقض العهد والعقد ولكن البلاء وشؤم هذا الجالس علينا وعلى قومه وقومه كانوا أسوأ منا. لا يستبقي محمد رجلا واحدا إلا من تبعه. أتذكرون ما قال لكم ابن خراش حين قدم عليكم فقال: تركت الخمر والخمير والتأمير وجئت إلى السقاء والتمر والشعير, قالوا: وما ذلك؟ قال: يخرج من هذه القرية نبي, فإن خرج وأنا حي اتبعته ونصرته, وإن خرج بعدي فإياكم أن تخدعوا عنه فاتبعوه وكونوا أنصاره وأولياءه, وقد آمنتم بالكتابين كليهما الأول والآخر. قال كعب: فتعالوا فلنتابعه ولنصدقه ولنؤمن به, فنأمن على دمائنا وأبنائنا ونسائنا وأموالنا, فنكون بمنزلة من معه. قالوا: لا نكون تبعا لغيرنا, نحن أهل الكتاب والنبوة, ونكون تبعا لغيرنا؟ فجعل كعب يرد عليهم الكلام بالنصيحة لهم. قالوا: لا نفارق التوراة ولا ندع ما كنا عليه من أمر موسى. قال: فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج في أيدينا السيوف إلى محمد وأصحابه. فإن قتلنا قتلنا وما وراءنا أمر نهتم به وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء. فتضاحك حيي بن أخطب, ثم قال: ما ذنب هؤلاء المساكين؟ وقالت رؤساء اليهود الزبير بن باطا وذووه: ما في العيش خير بعد هؤلاء. قال: فواحدة قد بقيت من الرأي لم يبق غيرها, فإن لم تقبلوها فأنتم بنو استها. قالوا: ما هي؟ قال: الليلة السبت, وبالحري أن يكون محمد وأصحابه آمنين لنا فيها أن نقاتله, فنخرج فلعلنا أن نصيب منه غرة. قالوا: نفسد سبتنا وقد عرفت ما أصابنا فيه؟ قال حيي: قد دعوتك إلى هذا وقريش وغطفان حضور, فأبيت أن تكسر السبت, فإن أطاعتني اليهود فعلوا. فصاحت اليهود: لا نكسر السبت. قال نباش بن قيس: وكيف نصيب منهم غرة وأنت ترى أن أمرهم كل يوم يشتد.
-------------
المغازي للواقدي ج 1 ص 501
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وقوله {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم} : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر، وكان رسول الله (ص) لما حاصر بني قريظة، قالوا له: ابعث لنا أبا لبابة نستشره في أمرنا. فقال رسول الله (ص): يا أبا لبابة، ائت حلفاءك ومواليك, فأتاهم، فقالوا له: يا أبا لبابة، ما ترى، ننزل على حكم محمد؟ فقال: انزلوا، واعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح - وأشار إلى حلقه - ثم ندم على ذلك، فقال: خنت الله ورسوله، ونزل من حصنهم، ولم يرجع إلى رسول الله (ص)، ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلا، ثم شده إلى الاسطوانة التي تسمى اسطوانة التوبة، وقال: لا أحله حتى أموت أو يتوب الله علي. فبلغ رسول الله (ص) فقال: أما لو أتانا لاستغفرنا الله له، فأما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به. وكان أبو لبابة يصوم النهار، ويأكل بالليل ما يمسك به رمقه، وكانت ابنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة، فلما كان بعد ذلك رسول الله (ص) في بيت ام سلمة نزلت توبته. فقال: يا ام سلمة، قد تاب الله على أبي لبابة. فقالت: يا رسول الله، فآذنه بذلك؟ فقال: لتفعلن, فأخرجت رأسها من الحجرة، فقالت: يا أبا لبابة، أبشر قد تاب الله عليك. فقال: الحمد لله. فوثب المسلمون ليحلوه، فقال: لا والله حتى يحلني رسول الله. فجاء رسول الله (ص) فقال: يا أبا لبابة، قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك. فقال: يا رسول الله، أفأتصدق بمالي كله؟ قال: لا. قال: فبثلثيه؟ قال: لا. قال: فبنصفه؟ قال: لا. قال: فبثلثه قال: نعم. فأنزل الله {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم}.
----------
تفسير القمي ج 1 ص 303, البرهان ج 2 ص 835, بحار الأنوار ج 22 ص 93, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 258, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 527
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فحاصرهم رسول الله (ص) خمسا وعشرين ليلة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ.
---------------
إعلام الورى ص 93, البرهان ج 4 ص 4387, بحار الأنوار ج 20 ص 272
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وبعث رسول الله (ص) إلى سعد بن معاذ, فاتى به على حمار عليه أكاف من ليف قد حمل عليه وحف به قومه... فلما طلع على رسول الله (ص) قال: قوموا إلى سيدكم فأنزلوه, فقال عمر: سيدنا الله عز وجل, قال (ص): أنزلوه, فأنزلوه, قال رسول الله (ص): احكم فيهم, قال سعد: فانى أحكم فيهم ان تقتل مقاتلتهم, وتسبى ذراريهم, وتقسم أموالهم, فقال رسول الله (ص): لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله
---------
مسند أحمد ج 6 ص 142, مجمع الزوائد ج 6 ص 137, المصنف ج 8 ص 496, صحيح ابن حبان ج 15 ص 500, كنز العمال ج 13 ص 408, تفسير ابن كثير ج 3 ص 488, الطبقات الكبرى ج 3 ص 423, البداية والنهاية ج 4 ص 142, السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 237
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فحكم فيهم (سعد بن معاذ) بقتل الرجال, وسبي الذراري والنساء, وقسمة الأموال, وأن يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار, فقال له النبي (ص): لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.
----------
إعلام الورى ص 93, القصص للراوندي ص 346, مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 200, البرهان ج 4 ص 438, بحار الأنوار ج 4 ص 438
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وأمر النبي (ص) بإنزال الرجال منهم, وكانوا تسعمائة رجل, فجيء بهم إلى المدينة وقسم الأموال, واسترق الذراري والنسوان, ولما جيء بالأسارى إلى المدينة حبسوا في دار من دور بني النجار.
-----------
الإرشاد ج 1 ص 111, الدر النظيم ص 169, بحار الأنوار ج 20 ص 262
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فقتل رسول الله (ص) مقاتليهم
-----------
بحار الأنوار ج 20 ص 212, تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 315
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فقتلهم رسول الله (ص) في البردين بالغداة والعشي في ثلاثة أيام, وكان يقول: اسقوهم العذب, وأطعموهم الطيب, وأحسنوا إلى أساراهم، حتى قتلهم كلهم, وأنزل الله على رسوله (ص) {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم} أي من حصونهم {وقذف في قلوبهم الرعب} إلى قوله {وكان الله على كل شيء قديرا}.
------------
تفسير القمي ج 2 ص 192, تفسير الصافي ج 4 ص 184, البرهان ج 4 ص 437, بحار الأنوار ج 20 ص 237, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 264, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 362
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ثم انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزف الدم حتى قضى
--------
تفسير القمي ج 2 ص 191, تفسير الصافي ج 4 ص 184, البرهان ج 4 ص 436, بحار الأنوار ج 20 ص 236, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 263, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 361
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عبد الله بن سنان, عن أبي عبد الله (ع) قال: أتي رسول الله (ص) فقيل له: إن سعد بن معاذ قد مات, فقام رسول الله (ص) وقام أصحابه معه, فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب, فلما أن حنط وكفن وحمل على سريره تبعه رسول الله (ص) بلا حذاء ولا رداء, ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر, فنزل رسول الله (ص) حتى لحده وسوى اللبن عليه وجعل يقول: ناولوني حجرا, ناولوني ترابا رطبا يسد به ما بين اللبن, فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره قال رسول الله (ص): إني لأعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه, ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه, فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد: يا سعد, هنيئا لك الجنة, فقال رسول الله (ص): يا أم سعد, مه, لا تجزمي على ربك فإن سعدا قد أصابته ضمة, قال فرجع رسول الله (ص) ورجع الناس فقالوا له: يا رسول الله, لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد, إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء, فقال (ص): إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء, فتأسيت بها, قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة, قال: كانت يدي في يد جبرئيل, آخذ حيث يأخذ, قالوا: أمرت بغسله وصليت على جنازته ولحدته في قبره, ثم قلت: إن سعدا قد أصابته ضمة, قال: فقال (ص): نعم, إنه كان في خلقه مع أهله سوء.
--------------------
الأمالي للصدوق ص 384, علل الشرائع ج 1 ص 309, الأمالي للطوسي ص 427, روضة الواعظين ج 2 ص 377, بحار الأنوار ج 6 ص 220
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن السكوني, عن جعفر بن محمد, عن أبيه (ع) أن النبي (ص) صلى على سعد بن معاذ وقال: لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك وفيهم جبرئيل (ع) يصلون عليه, فقلت: يا جبرئيل, بما استحق صلاتكم هذا منكم عليه؟ قال: بقراءة {قل هو الله أحد} قائما وقاعدا وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا.
---------------
الأمالي للصدوق ص 396, التوحيد ص 95, الأمالي للطوسي ص 437, بحار الأنوار ج 22 ص 109
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية