بيعة العقبة:
قال ابن إسحاق: كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين ومائة سنة، حتى قام الاسلام وهم على ذلك، فكانت حربهم بينهم وهم أخوان لأب وأم، فلم يسمع بقوم كان بينهم من العدواة والحرب ما كان بينهم. ثم إن الله عز وجل أطفأ ذلك بالاسلام، وألف بينهم برسوله محمد (ص). فذكرهم جل ثناؤه إذ وعظهم عظيم ما كانوا فيه في جاهليتهم من البلاء والشقاء بمعاداة بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا، وخوف بعضهم من بعض، وما صاروا إليه بالاسلام واتباع الرسول (ص) والايمان به، وبما جاء به من الائتلاف والاجتماع، وأمن بعضهم من بعض، ومصير بعضهم لبعض إخوانا.
-------
جامع البيان ج 4 ص 46
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل: لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، سمع بهم رسول الله (ص) فأتاهم فجلس إليهم فقال: هل لكم إلى خير مما جئتم له؟ قالوا: وما ذاك؟ قال: أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأنزل الله عليَّ الكتاب، ثم شرع لهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن. فقال إياس بن معاذ وكان غلاماً حدثاً: أي قومي، هذا والله خير مما جئتم له! قال فأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من البطحاء فضرب بها في وجه إياس وقال: دعنا منك، فلعمري لقد جئنا لغير هذا. قال فصمت إياس وقام عنهم رسول الله (ص) وانصرفوا إلى المدينة فكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج، ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك. قال محمود بن لبيد: فأخبرني من حضره من قومه عند موته أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات. فما كانوا يشكون أن قد مات مسلماً، لقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله ما سمع
-----------
المعجم الكبير ج 1 ص 276, مجمع الزوائد ج 6 ص 36, الإستيعاب ج 1 ص 125, كنز العمال ج 13 ص 292, التاريخ الكبير للبخاري ج 1 ص 442, أسد الغابة ج 1 ص 158, تاريخ الطبري ج 2 ص 85, تاريخ الإسلام للذهبي ج 1 ص 288, البداية والنهاية ج 3 ص 180, إمتاع الأسماع ج 9 ص 185, السيرة النبوية لابن هشام ج 2 ص 291, دلائل النبوة ج 2 ص 420, السيرة النبوية لابن كثير ج 2 ص 174, سبل الهدى والرشاد ج 3 ص 189
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
قال علي بن إبراهيم: قدم أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس في موسم من مواسم العرب، وهما من الخزرج، وكان بين الأوس والخزرج حرب، قد بقوا فيها دهرا طويلا، وكانوا لا يضعون السلاح، لا بالليل ولا بالنهار، وكان آخر حرب بينهم يوم بعاث، وكانت للأوس على الخزرج، فخرج أسعد بن زرارة، وذكوان إلى مكة، في عمرة رجب، يسألون الحلف على الأوس، وكان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة فنزل عليه، فقال له: إنه كان بيننا وبين قومنا حرب، وقد جئناك نطلب الحلف عليهم، فقال له عتبة: بعدت دارنا عن داركم، ولنا شغل لا نتفرغ لشيء، قال: وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟ قال له عتبة: خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله، سفه أحلامنا، وسب آلهتنا، وأفسد شبابنا، وفرق جماعتنا، فقال له أسعد: من هو منكم؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، من أوسطنا شرفا وأعظمنا بيتا. وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج، يسمعون من اليهود، الذين كانوا بينهم، النضير وقريضة وقينقاع: أن هذا أوان نبي يخرج بمكة، يكون مهاجره بالمدينة، لنقتلنكم به يا معشر العرب. فلما سمع ذلك أسعد، وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود، قال: فأين هو؟ قال: هو جالس في الحجر، وأنهم لا يخرجون من شعبهم، إلا في الموسم. فلا تسمع منه، ولا تكلمه، فإنه ساحر، يسحرك كلامه، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب، فقال له أسعد: فكيف أصنع وأنا معتمر؟ لا بد لي أن أطوف بالبيت، قال: ضع في أذنيك القطن فدخل أسعد المسجد وحشى أذنيه بالقطن فطاف بالبيت ورسول الله (ص) جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم: فنظر إليه نظرة فجازه، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه: ما أحد أجهل مني, أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أتعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم, ثم أخذ القطن من أذنيه ورمى به، وقال لرسول الله (ص): أنعم صباحا، فرفع رسول الله (ص) رأسه إليه وقال: أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا، تحية أهل الجنة: السلام عليكم. فقال له أسعد: إن عهدك بهذا لقريب، إلى ما تدعو يا محمد؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأدعوكم إلى {ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون} فلما سمع أسعد هذا، قال له: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أنا من أهل يثرب، من الخزرج، وبيننا وبين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة، فإن وصلها الله بك، فلا أجد أعز منك، ومعي رجل من قومي، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك، والله يا رسول الله لقد كنا نسمع من اليهود خبرك، وكانوا يبشروننا بمخرجك، ويخبروننا بصفتك وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك عندنا، فقد أعلمنا اليهود ذلك فالحمد لله الذي ساقني إليك، والله ما جئت إلا لنطلب الحلف على قومنا. وقد آتانا الله بأفضل مما أتينا له. ثم أقبل ذكوان. فقال له أسعد: هذا رسول الله (ص) الذي كانت اليهود تبشرنا به وتخبرنا بصفته، فهلم فأسلم، فأسلم ذكوان. ثم قالا: يا رسول الله، إبعث معنا رجلا يعلمنا القرآن، ويدعو الناس إلى أمرك. فقال رسول الله (ص) لمصعب بن عمير وكان فتى حدثا، مترفا بين أبويه، يكرمانه، ويفضلانه على أولادهم، ولم يخرج من مكة، فلما أسلم، جفاه أبواه، وكان مع رسول الله في الشعب حتى تغير وأصابه الجهد، فأمره رسول الله بالخروج مع أسعد، وقد كان تعلم من القرآن كثيرا، فجاءآ إلى المدينة، ومعهما مصعب بن عمير، فقدموا على قومهم، وأخبروهم بأمر رسول الله (ص) وخبره، فأجاب من كل بطن الرجل والرجلان، وكان مصعب نازلا على أسعد بن زرارة، وكان يخرج في كل يوم، فيطوف على مجالس الخزرج، يدعوهم إلى الاسلام، فيجيبه الأحداث. وكان عبد الله بن أبي شريفا في الخزرج، وقد كان الأوس والخزرج اجتمعت على أن يملكوه عليهم، لشرفه وسخائه، وقد كانوا اتخذوا له إكليلا، احتاجوا في إتمامه إلى واسطة كانوا يطلبونها، وذلك أنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث، ولم يعن على الأوس، وقال: هذا ظلم منكم للأوس، ولا أعين على الظلم، فرضيت به الأوس والخزرج. فلما قدم أسعد، كره عبد الله ما جاء به أسعد وذكوان، وفتر أمره، فقال أسعد لمصعب: إن خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس، وهو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف، فإن دخل في هذا الأمر ثم لنا أمرنا، فهلم نأتي محلتهم، فجاء مصعب مع أسعد إلى محلة سعد بن معاذ، فقعد على بئر من آبارهم، واجتمع إليه قوم من أحداثهم، وهو يقرأ عليهم القرآن. فبلغ ذلك سعد بن معاذ، فقال لأسيد بن حضير- وكان من أشرافهم-: بلغني أن أبا أمامة أسعد بن زرارة قد جاء إلى محلتنا مع هذا القرشي، يفسد شباننا، فأته وانهه عن ذلك. فجاء أسيد بن حضير، فنظر إليه أسعد، فقال لمصعب: إن هذا رجل شريف، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتم أمرنا، فاصدق الله فيه. فلما قرب أسيد منهم قال: يا أبا أمامة يقول لك خالك: لا تأتنا في نادينا، ولا تفسد شبابنا، واحذر الأوس على نفسك، فقال مصعب: أو تجلس فنعرض عليك أمرا، فإن أحببته دخلت فيه، وإن كرهته نحينا عنك ما تكره؟ فجلس فقرأ عليه سورة من القرآن، فقال: كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قال: نغتسل، ونلبس ثوبين طاهرين، ونشهد الشهادتين، ونصلي ركعتين، فرمى بنفسه مع ثيابه في البئر، ثم خرج، وعصر ثوبه. ثم قال: اعرض علي فعرض عليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فقالها، ثم صلى ركعتين، ثم قال لأسعد: يا أبا أمامة، أنا أبعث إليك الآن خالك، واحتال عليه في أن يجيبك، فرجع أسيد إلى سعد بن معاذ، فلما نظر إليه سعد قال: أقسم أن أسيدا قد رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا. وأتاهم سعد بن معاذ، فقرأ عليه مصعب {حم تنزيل من الرحمن الرحيم} فلما سمعها، قال مصعب: والله لقد رأينا الاسلام في وجهه قبل أن يتكلم فبعث إلى منزله، وأتى بثوبين طاهرين، واغتسل، وشهد الشهادتين، وصلى ركعتين. ثم قام، وأخذ بيد مصعب، وحوله إليه، وقال: أظهر أمرك، ولا تهابن أحدا، ثم جاء، فوقف في بني عمرو بن عوف، وصاح: يا بني عمرو بن عوف، لا يبقين رجل، ولا امرأة، ولا بكر، ولا ذات بعل، ولا شيخ، ولا صبي، إلا أن يخرج، فليس هذا يوم ستر، ولا حجاب، فلما اجتمعوا قال: كيف حالي عندكم؟ قالوا: أنت سيدنا، والمطاع فينا، لا نرد لك أمرا، فمرنا بما شئت، فقال: كلام رجالكم ونسائكم وصبيانكم علي حرام، حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فالحمد الله الذي أكرمنا بذلك، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به، فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلا وفيها مسلم أو مسلمة. وحول مصعب بن عمير إليه، وقال له: أظهر أمرك، وادع الناس علانية، وشاع الاسلام بالمدينة، وكثر، ودخل فيه من البطنين أشرافهم، وذلك لما كان عندهم من أخبار اليهود. وبلغ رسول الله (ص) أن الأوس والخزرج قد دخلوا في الاسلام، وكتب إليه مصعب بذلك. وكان كل من دخل في الاسلام من قريش ضربه قومه وعذبوه، فكان رسول الله يأمرهم أن يخرجوا إلى المدينة، فكانوا يتسللون رجلا فرجلا، فيصيرون إلى المدينة، فينزلهم الأوس والخزرج عليهم، ويواسونهم. قال: فلما قدمت الأوس والخزرج مكة، جاءهم رسول الله (ص)، فقال لهم: تمنعون لي جانبي، حتى أتلو عليكم كتاب ربكم، وثوابكم على الله الجنة؟ قالوا: نعم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما شئت، فقال: موعدكم العقبة، في الليلة الوسطى من ليالي التشريق. فلما حجوا رجعوا إلى منى، وكان فيهم ممن قد أسلم بشر كثير، وكان أكثرهم مشركين على دينهم، وعبد الله بن أبي فيهم، فقال لهم رسول الله (ص) في اليوم الثاني من أيام التشريق: فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة، ولا تنبهوا نائما، وليتسلل واحد فواحد. وكان رسول الله (ص) نازلا في دار عبد المطلب، وحمزة وعلي والعباس معه، فجاءه سبعون رجلا من الأوس والخزرج، فدخلوا الدار، فلما اجتمعوا قال لهم رسول الله (ص): تمنعون لي جانبي، حتى أتلو عليكم كتاب ربي، وثوابكم على الله الجنة؟ فقال أسعد بن زرارة، والبراء بن معرور، وعبد الله بن حرام: نعم يا رسول الله فاشترط لنفسك ولربك، فقال رسول الله (ص): تمنعوني مما تمنعون أنفسكم، وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم؟ قالوا: فما لنا على ذلك؟ قال: الجنة، تملكون بها العرب في الدنيا، وتدين لكم العجم، وتكونون ملوكا، فقالوا: قد رضينا. فقام العباس بن نضلة وكان من الأوس فقال: يا معشر الأوس والخزرج، تعلمون ما تقدمون عليه؟ إنما تقدمون على حرب الأحمر والأبيض، وعلى حرب ملوك الدنيا، فإن علمتم أنه إذا أصابتكم المصيبة في أنفسكم، خذلتموه وتركتموه، فلا تغروه، فإن رسول الله (ص) وإن كان قومه خالفوه، فهو في عزة ومنعة. فقال عبد الله بن حرام، وأسعد بن زرارة، وأبو الهيثم بن التيهان: ما لك وللكلام؟ يا رسول الله (ص)، بل دمنا بدمك، وأنفسنا بنفسك، فاشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال رسول الله (ص): اخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا، يكفلون عليكم بذلك، كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا، فقالوا: اختر من شئت، فأشار جبرئيل (ع) إليهم، فقال: هذا نقيب، وهذا نقيب، حتى اختار تسعة من الخزرج، وهم: أسعد بن زرارة، والبراء بن معرور، وعبد الله بن حزام أبو جابر بن عبد الله، ورافع بن مالك، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وعبد الله بن رواحة، وسعد بن الربيع، وعبادة بن الصامت، وثلاثة من الأوس، وهم: أبو الهيثم بن التيهان، وكان رجلا من أهل اليمن حليفا في بني عمرو بن عوف، وأسيد بن حضير، وسعد بن خيثمة. فلما اجتمعوا، وبايعوا رسول الله (ص)، صاح بهم إبليس (لع): يا معشر قريش والعرب، هذا محمد والصباة من الأوس والخزرج، على جمرة العقبة، يبايعونه على حربكم، فأسمع أهل منى، فهاجت قريش، وأقبلوا بالسلاح، وسمع رسول الله (ص) النداء, فقال لهم النبي (ص): تفرقوا, فقالوا: يا رسول الله, إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا، فقال رسول الله (ص): لم أومر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم, فقالوا: يا رسول الله ,فتخرج معنا؟ قال: أنتظر أمر الله. فجاءت قريش على بكرة أبيها، قد أخذوا السلاح، وخرج حمزة (ع)، ومعه السيف، فوقف على العقبة، هو وعلي بن أبي طالب (ع)، فلما نظروا إلى حمزة قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم عليه؟ قال: ما اجتمعنا، وما ههنا أحد، والله لا يجوز أحد هذه العقبة إلا ضربته بسيفي، فرجعوا، وغدوا إلى عبد الله بن أبي. وقالوا له: قد بلغنا أن قومك بايعوا محمدا (ص) على حربنا، فحلف لهم عبد الله إنهم لم يفعلوا، ولا علم له بذلك، وإنهم لم يطلعوه على أمرهم، فصدقوه، وتفرقت الأنصار، ورجع رسول الله (ص) إلى مكة.
---------------
إعلام الوى ج 1 ص 136, حلية الأبرار ج 1 ص 86, بحار الأنوار ج 19 ص 8
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
خرج من خرج من الأنصار إلى الموسم مع حجاج قومهم, فاجتمعوا في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان في أيام التشريق بالليل, فقال - رسول الله ص - أبايعكم على الإسلام, فقال له بعضهم: نريد أن تعرفنا يا رسول الله ما لله علينا, وما لك علينا, وما لنا على الله, قال: أما لله عليكم: فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا, وأما ما لي عليكم: فتنصرونني مثل نسائكم وأبنائكم, وأن تصبروا على عض السيف, وإن يقتل خياركم, قالوا: فإذا فعلنا ذلك ما لنا على الله؟ قال: أما في الدنيا فالظهور على من عاداكم, وفي الآخرة الرضوان والجنة, فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: والذي بعثك بالحق لنمنعك بما نمنع به أزرنا (أي نسائنا واهلنا وقيل: اراد انفسنا) فبايعنا يا رسول الله, فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلفة, ورثناها كبارا عن كبار, فقال أبو الهيثم: إن بيننا وبين الرجال حبالا, وإنا إن قطعناها أو قطعوها فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله ثم قال: بل الدم الدم والهدم الهدم, أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم.
------------
مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 181, تسلية المجالس ج 1 ص 165, بحار الأنوار ج 19 ص 25
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن جعفر بن محمد (ع) قال: أشهد لقد حدثني أبي, عن أبيه, عن جده الحسين بن علي (ع) قال: لما جاءت الأنصار تبايع رسول الله (ص) على العقبة, قال: قم يا علي, فقال علي (ع): على ما أبايعهم يا رسول الله؟ قال: على أن يطاع الله فلا يعصى, وعلى أن يمنعوا رسول الله وأهل بيته وذريته مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم.
---------
مناقب آشوب ج 2 ص 24, الدر النظيم ص 805, بحار الأنوار ج 38 ص 220
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
فبايعوه (ص) على ذلك, فصرخ الشيطان في العقبة: يا أهل الجباجب هل لكم في محمد والصباة معه, قد اجتمعوا على حربكم! ثم نفر الناس من منى وفشا الخبر, فخرجوا في الطلب فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو, فأما المنذر فأعجز القوم وأما سعد فأخذوه وربطوه بنسع رحله وأدخلوه مكة يضربونه, فبلغ خبره إلى جبير بن مطعم والحرث بن حرب بن أمية, فأتياه وخلصاه.
------------
مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 182, تسلية المجالس ج 1 ص 166, بحار الأنوار ج 19 ص 26
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: تمثل إبليس لعنه الله في أربع صور – الى ان قال - وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى: أن محمدا والصباة معه عند العقبة فأدركوهم، فقال رسول الله (ص) للأنصار: لا تخافوا فإن صوته لن يعدوهم.
-----------
الأمالي للصدوق ص 176, البرهان ج 2 ص 703, بحار الأنوار ج 60 ص 233
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن كعب بن مالك قال: فلما بايعنا رسول الله (ص) صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب (المنازل) هل لكم في مذمم والصباة معه، قد اجتمعوا على حربكم. قال: فقال رسول الله (ص): هذا أزب العقبة أتسمع أي عدو الله أما والله لأفرغن لك. ثم قال رسول الله (ص): إرفضوا إلى رحالكم, فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا, فقال رسول الله (ص) لم نؤمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم. قال: فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاؤونا في منازلنا فقالوا: يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم، منكم. قال: فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شئ وما علمناه. قال: وقد صدقوا لم يعلموه.
------------
السيرة النبوية لابن هاشم ج 2 ص 306, تاريخ الطبري ج 2 ص 93, مسند أحمد ج 3 ص 462, تفسير الثعلبي ج 3 ص 120, البداية والنهاية ج 3 ص 200, السيرة النبوية لابن كثير ج 2 ص 204, الكامل في التاريخ ج 2 ص 100 نحوه, تاريخ الإسلام للذهبي ج 1 ص 304 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية
عن ابن شهاب الزهري قال: كان بين ليلة العقبة وبين مهاجرة رسول الله (ص) ثلاثة أشهر, وكانت بيعة الأنصار لرسول الله (ص) ليلة العقبة في ذي الحجة وقدوم رسول الله (ص) إلى المدينة في شهر ربيع الأول لاثنتي عشرة ليلة خلت منه.
------
إعلام الورى ص 64, بحار الأنوار ج 19 ص 104
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية