* مظلومية السيدة الزهراء (ع)
عن أبي بصير, عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل عن شهادة السيدة الزهراء (ع) قال: وكان سبب وفاتها (ع) أن قنفذا مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسنا ومرضت من ذلك مرضا شديدا، ولم تدع أحدا ممن آذاها يدخل عليها. وكان الرجلان من أصحاب النبي (ص) سألا أمير المؤمنين (ع) أن يشفع لهما إليها، فسألها أمير المؤمنين (ع) فأجابت، فلما دخلا عليها قالا لها: كيف أنت يا بنت رسول الله؟ فقالت: بخير بحمد الله. ثم قالت لهما: أما سمعتما من النبي (ص) يقول: فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله؟ قالا: بلى, قالت: والله لقد آذيتماني, فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما.
------------
دلائل الإمامة ص 134, بحار الأنوار ج 43 ص 170, العوالم ج 11 ص 566
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (ع) قال: لما اسري بالنبي (ص) إلى السماء قيل له: إن الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك، قال: أُسلم لأمرك يا رب ولا قوة لي على الصبر الا بك - وساق الحديث إلى أن يقول - وأما الثالثة فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم وآخر ذلك القتل، فقال: يا رب قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر! وأما ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصباً الذي تجعله لها، وتُضرب وهي حامل، ويُدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن، ثم يمسها هوان وذل ثم لا تجد مانعاً، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب, قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون قبلت يا رب وسلمت ومنك التوفيق للصبر! - إلى أن يقول - وأما ابنتك فإني أوقفها عند عرشي فيقال لها: إن الله قد حكمك في خلقه فمن ظلمك وظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببتِ فإني أجيز حكومتك فيهم فتشهد العرصة، فإذا وقف من ظلمها أمرت به إلى النار، فيقول الظالم: واحسرتاه على ما فرطت في جنب الله، ويتمنى الكرة، ويعض الظالم على يديه ويقول: {يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً} وقال: {حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} فيقول الظالم: أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أو الحكم لغيرك، فيقال لهم: ألا {لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً وهم بالآخرة كافرون} وأول من يحكم فيهم محسن بن علي (ع) وفي قاتله، ثم في قنفذ، فيؤتيان هو وصاحبه، فيضربان بسياط من نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، ولو وُضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رماداً، فيضربان بها
---------------
كامل الزيارات ص 332, تأويل الآيات ص 837, الجواهر السنية ص 568, البرهان ج 4 ص 860, بحار الأنوار ج 28 ص 64, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 534, العوالم ج 11 ص 1183
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ابن عباس, قال: إن رسول الله (ص) كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن (ع) فلما رآه بكى, ثم قال: إلي يا بني, فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى, ثم أقبل الحسين (ع) فلما رآه بكى, ثم قال: إلي يا بني, فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليسرى, ثم أقبلت فاطمة (ع) فلما رآها بكى, ثم قال: إلي يا بنية, فأجلسها بين يديه, ثم أقبل أمير المؤمنين (ع) فلما رآه بكى, ثم قال: إلي يا أخي, فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه الأيمن, فقال له أصحابه: يا رسول الله ما ترى واحداً من هؤلاء إلا بكيت؟ أو ما فيهم من تسر برؤيته! فقال (ص): والذي بعثني بالنبوة, واصطفاني على جميع البرية, إني وإياهم لأكرم الخلق على الله عز وجل, وما على وجه الارض نسمة أحب إلي منهم. أما علي بن أبي طالب فإنه أخي وشقيقي, وصاحب الأمر بعدي, وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة, وصاحب حوضي وشفاعتي, وهو مولى كل مسلم, وإمام كل مؤمن, وقائد كل تقي, وهو وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي, محبه محبي, ومبغضه مبغضي, وبولايته صارت أمتي مرحومة, وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة, وإني بكيت حين أقبل لأني ذكرت غدر الامة به بعدي حتى إنه ليزال عن مقعدي, وقد جعله الله له بعدي, ثم لا يزال الامر به حتى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}. وأما ابنتي فاطمة, فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين, وهي بضعة مني, وهي نور عيني, وهي ثمرة فؤادي, وهي روحي التي بين جنبي, وهي الحوراء الانسية, متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لاهل الارض, ويقول الله عز وجل لملائكته: يا ملائكتي, انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي, قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي, وقد أقبلت بقلبها على عبادتي, أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار, وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي, كأني بها وقد دخل الذل بيتها, وانتهكت حرمتها, وغصبت حقها, ومنعت إرثها, وكسر جنبها، وأسقطت جنينها, وهي تنادي: يا محمداه! فلا تجاب, وتستغيث فلا تغاث, فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية, تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة, وتتذكر فراقي أخرى, وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن, ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة, فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة {إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين}, يا فاطمة {اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين}, ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض, فيبعث الله عز وجل إليها مريم بنت عمران, تمرضها وتؤنسها في علتها, فتقول عند ذلك: يا رب, إني قد سئمت الحياة, وتبرمت بأهل الدنيا, فألحقني بأبي, فيلحقها الله عز وجل بي, فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي, فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة, فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها, وعاقب من غصبها, وأذل من أذلها, وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها, فتقول الملائكة عند ذلك: آمين
---------------
الأمالي للصدوق ص 112, بشارة المصطفى ص 197, الفضائل لابن شاذان ص 8, إرشاد القلوب ج 2 ص 295, نوادر الأخبار ص 161, بحار الأنوار ج 28 ص 37, المحتضر ص109، غاية المرام ج 1 ص 171, الطرف من الأنباء والمناقب ص 413 بإختصار, مثير الأحزان ص 22 بعضه, إثبات الهداة ج 1 ص 300 بعضه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن المفضل بن عمر - في حديث طويل في ذكر الرجعة - قال قال أبو عبد الله الصادق (ع): ثم لكأني أنظر يا مفضل إلينا معاشر الأئمة بين يدي رسول الله (ص) نشكوا إليه ما نزل بنا من الأمة بعده، وما نالنا من التكذيب والرد علينا وسبينا ولعننا وتخويفنا بالقتل، وقصد طواغيتهم الولاة لأمورهم من دون الامة بترحيلنا عن الحرمة إلى دار ملكهم، وقتلهم إيانا بالسم والحبس، فيبكي رسول الله (ص) ويقول: يا بني ما نزل بكم إلا ما نزل بجدكم قبلكم! ثم تبتدئ فاطمة (ع) وتشكو ما نالها من أبي بكر وعمر، وأخذ فدك منها ومشيها إليه في مجمع من المهاجرين والأنصار، وخطابها له في أمر فدك، وما رد عليها من قوله: إن الأنبياء لا تورث، واحتجاجها بقول زكريا ويحيى (ع) وقصة داود وسليمان (ع), وقول عمر: هاتي صحيفتك التي ذكرت أن أباك كتبها لك وإخراجها الصحيفة وأخذه إياها منها، ونشره لها على رؤس الأشهاد من قريش والمهاجرين والأنصار وسائر العرب وتفله فيها، وتمزيقه إياها, وبكائها, ورجوعها إلى قبر أبيها رسول الله (ص) باكية حزينة تمشي على الرمضاء قد أقلقتها، واستغاثتها بالله وبأبيها رسول الله (ص) وتمثلها بقول رقيقة بنت صيفي (1).
قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم يكبر الخطبُ
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل أهلك فاشهدهم فقد لعبوا
أبدت رجال لنا فحوى صدورهم لما نأيت وحالت دونك الحجبُ
لكل قوم لهم قرب ومنزلة عند الاله على الأدنين مقترب
يا ليت قبلك كان الموت حل بنا أملوا أناس ففازوا بالذي طلبوا
وتقص عليه قصة أبي بكر وإنفاذه خالد بن الوليد وقنفذاً وعمر بن الخطاب وجمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين (ع) من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة واشتغال أمير المؤمنين (ع) بعد وفات رسول الله (ص) بضم أزواجه وقبره وتعزيتهم وجمع القرآن وقضاء دينه، وإنجاز عداته، وهي ثمانون ألف درهم، باع فيها تليده وطارفه وقضاها عن رسول الله (ص), وقول عمر: اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك، وقول فضة جارية فاطمة: إن أمير المؤمنين (ع) مشغول والحق له إن أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه، وجمعهم الجزل والحطب على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة، وإضرامهم النار على الباب، وخروج فاطمة إليهم وخطابها لهم من وراء الباب, وقولها: ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟! تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتفنيه وتطفئ نور الله؟! والله متم نوره، وانتهاره لها, وقوله: كفي يا فاطمة فليس محمد حاضراً ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله، وما علي إلا كأحد المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعاً, فقالت وهي باكية: اللهم إليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك، وارتداد أمته علينا، ومنعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل, فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حمقات النساء، فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة، وأخذت النار في خشب الباب, وإدخال قنفذ يده لعنه الله يروم فتح الباب، وضرب عمر لها بالسوط على عضدها، حتى صار كالدملج الأسود، وركل الباب برجله، حتى أصاب بطنها وهي حاملة بالمحسن، لستة أشهر وإسقاطها إياه, وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد وصفقه خدها حتى بدا قرطاها تحت خمارها، وهي تجهر بالبكاء، وتقول: وا أبتاه! وا رسول الله! ابنتك فاطمة تكذب وتضرب، ويقتل جنين في بطنها!! وخروج أمير المؤمنين (ع) من داخل الدار محمر العين حاسراً، حتى ألقى ملاءته عليها، وضمها إلى صدره وقوله لها: يا بنت رسول الله قد علمتي أن أباك بعثه الله رحمة للعالمين، فالله الله أن تكشفي خمارك، وترفعي ناصيتك، فوالله يا فاطمة لئن فعلت ذلك لا أبقى الله على الأرض من يشهد أن محمداً رسول الله, ولا موسى, ولا عيسى, ولا إبراهيم, ولا نوح, ولا آدم، ولا دابة تمشي على الأرض ولا طائراً في السماء إلا أهلكه الله! ثم قال: يا ابن الخطاب لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه اخرج قبل أن أشهر سيفي فأفني غابر الأمة, فخرج عمر وخالد بن الوليد وقنفذ وعبد الرحمن بن أبي بكر فصاروا من خارج الدار، وصاح أمير المؤمنين بفضة يا فضة مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة ورد الباب، فأسقطت محسناً فقال أمير المؤمنين (ع): فانه لاحق بجده رسول الله (ص) فيشكو إليه. - وساق الحديث إلى أن يقول (ع): - ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (ع) وهن صارخات وأمه فاطمة تقول: {هذا يومكم الذي كنتم توعدون} {اليوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً} قال: فبكى الصادق (ع) حتى اخضلت لحيته بالدموع، ثم قال: لا قرت عين لا تبكي عند هذا الذكر! قال: وبكى المفضل بكاء طويلاً! ثم قال: يا مولاي ما في الدموع يا مولاي؟ فقال: ما لا يحصى إذا كان من محق.
ثم قال المفضل: يا مولاي ما تقول في قوله تعالى: {وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت}؟ قال: يا مفضل والموؤدة والله محسن، لأنه منا لا غير، فمن قال غير هذا فكذبوه, قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا؟ قال الصادق (ع): تقوم فاطمة بنت رسول الله (ص) فيقول: اللهم أنجز وعدك وموعدك لي فيمن ظلمني وغصبني، وضربني وجزعني بكل أولادي، فتبكيها ملائكة السماوات السبع وحملة العرش، وسكان الهواء، ومن في الدنيا، ومن تحت أطباق الثرى، صائحين صارخين إلى الله تعالى، فلا يبقى أحد ممن قاتلنا وظلمنا ورضي بما جرى علينا إلا قُتل في ذلك اليوم ألف قتلة (2)
--------------
(1) يقال: رقيقة بنت صيفي بن هاشم بن عبد مناف.
(2) بحار الأنوار ج 53 ص 17, رياض الأبرار ج 3 ص 225, حلية الأبرار ج 5 ص 389, العوالم ج 11 ص 749, مختصر البصائر ص 456 بعده
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن المفضل بن عمر, عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل, قال المفضل: يا ابن رسول الله, إن يومكم في القصاص لأعظم من يوم محنتكم، فقال له الصادق (ع): ولا كيوم محنتنا بكربلاء, وإن كان يوم السقيفة وإحراق النار على باب أمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة وزينب وأم كلثوم وفضة, وقتل محسن بالرفسة أعظم وأدهى وأمر، لأنه أصل يوم العذاب.
----------
نوائب الدهور ص 194, العوالم ج 11 ص 567
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
من رسالة صاحب الزمان (ع): وفي ابنة رسول الله (ص) لي أسوة حسنة, وسيردي الجاهل رداءة عمله, وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار.
----------
الغيبة للطوسي ص 286، الإحتجاج ج 2 ص 467، منتخب الأنوار المضيئة ص 120، نوادر الأخبار ص 240, بحار الأنوار ج 53 ص 180, العوالم ج 11 ص 569
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن زكريا بن آدم قال: إني لعند الرضا (ع) إذ جيء بأبي جعفر (ع), وسنه أقل من أربع سنين, فضرب بيده إلى الارض, ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر, فقال له الرضا (ع): بنفسي أنت لم طال فكرك؟ فقال (ع): فيما صُنع بأمي فاطمة (ع), أما والله لأخرجنهما ثم لأحرقنهما, ثم لأذرينهما, ثم لأنسفنهما في اليم نسفاً. فاستدناه وقبل ما بين عينيه, ثم قال: بأبي أنت وأمي, أنت لها - يعني الإمامة.
------------
دلائل الإمامة ص 400، نوادر المعجزات ص 360, مدينة المعاجز ج 7 ص 324, بحار الأنوار ج 50 ص 59, العوالم ج 23 ص 78, خاتمة المستدرك ج 1 ص 123
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: إن فاطمة (ع) كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت, فتأتي قبر حمزة (ع) وتترحم عليه وتستغفر له.
------------
التهذيب ج 1 ص 465, دعوات الراوندي ص 273, الوافي ج 25 ص 579, وسائل الشيعة ج 3 ص 224, هداية الأمة ج 1 ص 322, بجار الأنوار ج 43 ص 90, العوالم ج 11 ص 269, الفقيه ج 1 ص 180 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع): ليس على وجه الأرض بقلة أشرف ولا أنفع من الفرفخ، وهو بقلة فاطمة (ع)؛ ثم قال: لعن الله بني امية، هم سموها بقلة الحمقاء، بغضا لنا وعداوة لفاطمة (ع).
-----------
الكافي ج 6 ص 367, المحاسن ج 2 ص 517, بحار الأنوار ج 63 ص 235, العوالم ج 11 ص 273
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* في معركة أحد
فرماه (رسول الله ص) ابن قمئة بقذافة فأصاب كفه, ورماه عبد الله بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه, وضربه عتبة بن أبي وقاص أخو سعد على وجهه فشج رأسه, فنزل من فرسه ونهبه ابن قمئة وقد ضربه على جنبه, وصاح إبليس (لع) من جبل أحد: ألا إن محمدا قد قتل! فصاحت فاطمة (ع) ووضعت يدها على رأسها وخرجت تصرخ وكل هاشمية وقرشية, فلما حمله علي (ع) إلى أحد نادى العباس - وكان جهوري الصوت - فقال: يا أصحاب سورة البقرة! أين تفرون؟ إلى النار تهربون!
------------
مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 192, بحار الأنوار ج 20 ص 118
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وذهبت صيحة إبليس (لع) حتى دخلت بيوت المدينة, فصاحت فاطمة (ع) ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلا وضعت يدها على رأسها وخرجت فاطمة (ع) تصرخ.
------------
إعلام الورى ص 81, بحار الأنوار ج 20 ص 95
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وخرجت فاطمة بنت رسول الله (ص) تعدو على قدميها حتى وافت رسول الله (ص) وقعدت بين يديه, فكان إذا بكى رسول الله (ص) بكت لبكائه, وإذا انتحب انتحبت.
--------------
تفسير القمي ج 1 ص 124, بحار الأنوار ج 20 ص 63, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 396
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبان بن عثمان أنه لما انتهت فاطمة (ع) وصفية إلى رسول الله (ص) ونظرتا إليه قال (ص) لعلي (ع): أما عمتي فاحبسها عني, وأما فاطمة فدعها, فلما دنت فاطمة (ع) من رسول الله (ص) ورأته قد شج في وجهه, وأدمي فوه إدماء, صاحت وجعلت تمسح الدم وتقول: اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسول الله, وكان يتناول رسول الله (ص) ما يسيل من الدم ويرمي به في الهواء فلا يتراجع منه شيء. قال الصادق (ع): والله لو نزل منه شيء على الأرض لنزل العذاب.
------------
إعلام الورى ص 82, بحار الأنوار ج 20 ص 95
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
انصرف النبي (ص) إلى المدينة, فاستقبلته فاطمة (ع) ومعها إناء فيه ماء فغسل به وجهه, ولحقه أمير المؤمنين (ع) وقد خضب الدم يده إلى كتفه ومعه ذو الفقار, فناوله فاطمة (ع) وقال لها: خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم, وأنشأ يقول:
أفاطم هاك السيف غير ذميم ... فلست برعديد ولا بمليم
لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد ... وطاعة رب بالعباد عليم
أميطي دماء القوم عنه فإنه ... سقى آل عبد الدار كأس حميم
وقال رسول الله (ص): خذيه يا فاطمة, فقد أدى بعلك ما عليه, وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش.
------------
الإرشاد ج 1 ص 89, إعلام الورى ص 193, كشف الغمة ج 1 ص 195, حلية الأبرار ج 2 ص 432, بحار الأنوار ج 20 ص 88, الدر النظيم ص 161 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وانصرف رسول الله (ص) إلى المدينة حين دفن القتلى, فمر بدور بني الأشهل وبني ظفر فسمع بكاء النوائح على قتلاهن, فترقرقت عينا رسول الله (ص) وبكى ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له اليوم, فلما سمعها سعد بن معاذ وأسيد بن حضير قالوا: لا تبكين امرأة جميعها حتى تأتي فاطمة فتسعدها, فلما سمع رسول الله (ص) الواعية على حمزة وهو عند فاطمة على باب المسجد قال: ارجعن رحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن.
-------------
إعلام الورى ص 85, بحار الأنوار ج 20 ص 98
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* عند شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
عن عيسى بن المستفاد قال: حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (ع) قال: قال رسول الله (ص): يا علي، أضمنت ديني تقضيه عني؟ قال: نعم, قال: اللهم فاشهد, ثم قال: يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره, قال علي (ع): ولم يا رسول الله؟ قال: كذلك قال جبرئيل (ع) عن ربي, إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره, قال علي (ع): فكيف أقوى عليك وحدي؟ قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا, قلت: فمن يناولني الماء؟ قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شيء مني, فإنه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي وهي حرام عليهم, فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح وأفرغ علي من بئري, بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الأفواه, - قال عيسى: أو قال: أربعين قربة, شككت أنا في ذلك – قال: ثم ضع يدك يا علي على صدري وأحضر معك فاطمة والحسن والحسين من غير أن ينظروا إلى شيء من عورتي, ثم تفهم عند ذلك تفهم ما كان وما هو كائن إن شاء الله تعالى, أقبلت يا علي؟ قال: نعم, قال: اللهم فاشهد, قال: يا علي, ما أنت صانع لو قد تآمر القوم عليك بعدي, وتقدموا عليك, وبعث إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة, ثم لببت بثوبك تقاد كما يقاد الشارد من الإبل, مذموما مخذولا محزونا مهموما, وبعد ذلك ينزل بهذه الذل؟ قال: فلما سمعت فاطمة (ع) ما قال رسول الله (ص) صرخت وبكت فبكى رسول الله (ص) لبكائها, وقال: يا بنية لا تبكين ولا تؤذين جلساءك من الملائكة, هذا جبرئيل بكى لبكائك وميكائيل وصاحب سر الله إسرافيل, يا بنية لا تبكين فقد بكت السماوات والأرض لبكائك, فقال علي (ع): يا رسول الله, أنقاد للقوم وأصبر على ما أصابني من غير بيعة لهم ما لم أصب أعوانا لم أناجز القوم, فقال رسول الله (ص) اللهم اشهد, فقال: يا علي, ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ فقال: يا رسول الله, أجمعه ثم آتيهم به, فإن قبلوه وإلا أشهدت الله عز وجل وأشهدتك عليه, قال: أشهد. قال: وكان فيما أوصى به رسول الله (ص) أن يدفن في بيته الذي قبض فيه, ويكفن بثلاثة أثواب أحدها يمان, ولا يدخل قبره غير علي (ع), ثم قال (ص): يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين وكبروا خمسا وسبعين تكبيرة, وكبر خمسا وانصرف وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة, قال علي (ع): بأبي أنت وأمي من يؤذن غدا؟ قال: جبرئيل (ع) يؤذنك, قال: ثم من جاء من أهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ثم نساؤهم ثم الناس بعد ذلك.
--------
طرف من الأنباء ص 197, بحار الأنوار ج 22 ص 492
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي بن أبي طالب (ع) قبل موته بثلاث: سلام الله عليك يا أبا الريحانتين, أوصيك بريحانتي من الدنيا, فعن قليل ينهد ركناك, والله خليفتي عليك, فلما قبض رسول الله (ص) قال علي (ع): هذا أحد ركني الذي قال لي رسول الله (ص), فلما ماتت فاطمة (ع) قال علي (ع): هذا الركن الثاني الذي قال رسول الله (ص).
----------
الأمالي للصدوق ص 135, معاني الأخبار ص 403, روضة الواعظين ج 1 ص 152, مناقب آشوب ج 3 ص 361, تسلية المجالس ج 1 ص 566, بحار الأنوار ج 43 ص 173, بحار الأنوار ج 43 ص 173, العوالم ج 11 ص 551
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال: حدثني موسى بن جعفر (ع) قال: قلت لأبي عبد الله (ع): أليس كان أمير المؤمنين (ع) كاتب الوصية ورسول الله (ص) المملي عليه, وجبرئيل والملائكة المقربون شهود؟ قال: فأطرق طويلا ثم قال: يا أبا الحسن قد كان ما قلت, ولكن حين نزل برسول الله (ص) الأمر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة فقال جبرئيل: يا محمد مر بإخراج من عندك إلا وصيك ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها, يعني عليا (ع), فأمر النبي (ص) بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا وفاطمة (ع) فيما بين الستر والباب, فقال جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمد شهيدا, قال: فارتعدت مفاصل النبي (ص) وقال: يا جبرئيل ربي هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام, صدق عز وجل وبر, هات الكتاب, فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين (ع), فقال له: اقرأه, فقرأه حرفا حرفا, فقال: يا علي هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي وشرطه علي وأمانته, وقد بلغت ونصحت وأديت, فقال علي (ع): وأنا أشهد لك بأبي أنت وأمي بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي, فقال جبرئيل (ع): وأنا لكما على ذلك من الشاهدين, فقال رسول الله (ص): يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال علي (ع): نعم بأبي أنت وأمي, علي ضمانها وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها, فقال رسول الله (ص): يا علي إني أريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة, فقال علي (ع): نعم أشهد, فقال النبي (ص): إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك, فقال: نعم ليشهدوا وأنا بأبي وأمي أشهدهم, فأشهدهم رسول الله (ص), وكان فيما اشترط عليه النبي (ص) بأمر جبرئيل فيما أمره الله عز وجل أن قال له: يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله, والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله, والبراءة منهم على الصبر منك على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقك وغصب خمسك وانتهاك حرمتك؟ فقال: نعم يا رسول الله, فقال أمير المؤمنين (ع): والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيل يقول للنبي (ص): يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله, وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط, قال أمير المؤمنين (ع): فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل (ع) حتى سقطت على وجهي وقلت: نعم قبلت ورضيت, وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط, صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك, ثم دعا رسول الله (ص) فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين (ع) فقالوا: مثل قوله, فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار, ودفعت إلى أمير المؤمنين (ع), فقلت لأبي الحسن (ع): بأبي أنت وأمي ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله وسنن رسوله, فقلت: أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين (ع)؟ فقال: نعم, والله شيء بشيء وحرف بحرف, أما سمعت قول الله عز وجل {إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} والله لقد قال رسول الله (ص) لأمير المؤمنين وفاطمة (ع): أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه؟ فقالا: بلى, وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا.
----------
الكافي ج 1 ص 281, الوافي ج 2 ص 264, البرهان ج 4 ص 566, حلية الأبرار ج 2 ص 385, بحار الأنوار ج 22 ص 479
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة (ع) تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله (ص) فقال النبي (ص): مرحبا بابنتي, فأجلسها عن يمينه أو عن شماله, ثم أسر إليها حديثا فبكت, ثم أسر إليها حديثا فضحكت, فقلت لها: حدثك رسول الله (ص) بحديث فبكيت, ثم حدثك بحديث فضحكت, فما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن من فرحك, ثم سألتها عما قال, فقالت (ع): ما كنت لأفشي سر رسول الله (ص). حتى إذا قبض سألتها فقالت: إنه أسر إلي فقال: إن جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة واحدة, وإنه عارضني به العام مرتين, ولا أراني إلا وقد حضر أجلي, وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي, ونعم السلف أنا لك, فبكيت لذلك, ثم قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة, أو نساء المؤمنين؟ فضحكت لذلك.
--------------
بمصادر الشيعة: الأمالي للصدوق ص 595, روضة الواعظين ج 1 ص 150. نحوه: كشف الغمة ج 1 ص 453, شرح الأخبار ج 3 ص 24, الدر النظيم ص 458, بحار الأنوار ج 43 ص 51 العوالم ج 11 ص 123
بمصادر العامة نحوه: صحيح البخاري ج 4 ص 183, مسند أحمد ج 6 ص 282, سنن ابن ماجة ج 1 ص 518, فضائل الصحابة للنسائي ص 77, مسانيد أبي يحيى ص 78, مسند ابن راهوية ج 5 ص 6, السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 96, خصائص أمير المؤمنين (ع) للنسائي ص 118, مسند أبي يعلي ج 12 ص 111, المعجم الكبير للطبراني ج 22 ص 418, كتاب الأوائل ص 84, نظم درر السمطين ص 178, الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 247, أسد الغابة ج 5 ص 522, الإصابة ج 8 ص 265, المنتظم من تاريخ الأمم ج 4 ص 35, البداية والنهاية ج 5 ص 246, الدر النظيم ص 458, السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 448
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الكاظم (ع) قال: قلت لأبي: فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله (ص)؟ قال: فقال: ثم دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين (ع) وقال لمن في بيته: اخرجوا عني، وقال لأم سلمة: كوني على الباب فلا يقربه أحد، ففعلت، ثم قال: يا علي أدن مني, فدنا منه, فأخذ بيد فاطمة (ع) فوضعها على صدره طويلاً، وأخذ بيد علي (ع) بيده الأخرى فلما أراد رسول الله (ص) الكلام غلبته عبرته! فلم يقدر على الكلام، فبكت فاطمة (ع) بكاء شديداً وعلي والحسن والحسين (ع) لبكاء رسول الله (ص)! فقالت فاطمة (ع): يا رسول الله قد قطعت قلبي، وأحرقت كبدي لبكائك يا سيد النبيين من الأولين والآخرين، ويا أمين ربه ورسوله ويا حبيبه ونبيه، مَن لولدي بعدَك؟ ولذل ينزل بي بعدَك؟ من لعلي أخيك وناصر الدين؟ من لوحي الله وأمره؟ ثم بكت وأكبت على وجهه فقبلته، وأكب عليه علي والحسن والحسين (ع) فرفع رأسه (ص) إليهم ويدها في يده فوضعها في يد علي (ع) وقال له: يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنك لفاعله, يا علي هذه والله سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى أما والله ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته, يا علي انفذ لما أمرتك به فاطمة فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل (ع)، واعلم يا علي إني راض عمن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربي وملائكته، يا علي ويل لمن ظلمها وويل لمن ابتزها حقها، وويل لمن هتك حرمتها، وويل لمن أحرق بابها، وويل لمن آذى خليلها، وويل لمن شاقها وبارزها، اللهم إني منهم بريء، وهم مني برآء، ثم سماهم رسول الله (ص) وضم فاطمة إليه وعلياً والحسن والحسين (ع) وقال: اللهم إني لهم ولمن شايعهم سلم، وزعيم بأنهم يدخلون الجنة، وعدو وحرب لمن عاداهم وظلمهم وتقدمهم أو تأخر عنهم وعن شيعتهم، زعيم بأنهم يدخلون النار، ثم والله يا فاطمة لا أرضى حتى ترضي! ثم لا والله لا أرضى حتى ترضي! ثم لا والله لا أرضى حتى ترضي!
---------------
طرف من الأنباء والمناقب ص 167, بحار الأنوار ج 22 ص 484, العوالم ج 11 ص 552, الصراط المستقيم ج 2 ص 92 مختصراً
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الإمام الكاظم (ع) عن أبيه (ع) قال: لما كانت الليلة التي قبض النبي (ص) في صبيحتها دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين (ع) وأغلق عليه الباب وعليهم وقال لفاطمة وأدناها منه، فناجى من الليل طويلاً فلما طال ذلك خرج علي ومعه الحسن والحسين (ع) وأقاموا بالباب والناس خلف ذلك، ونساء النبي (ص) ينظرن إلى علي (ع) ومعه ابناه فقالت عائشة: لأمر ما أخرجك عنه رسول الله (ص) وخلا بابنته دونك في هذه الساعة؟ فقال لها علي (ع): قد عرفت الذي خلا بها وأرادها له، وهو بعض ما كنت فيه وأبوك وصاحباه قد أسماه, فوجمت أن ترد عليه كلمة, قال علي (ع): فما لبثت أن نادتني فاطمة فدخلت على النبي (ص) وهو يجود بنفسه، فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه، فقال لي: ما يبكيك يا علي؟ ليس هذا أوان البكاء فقد حان الفراق بيني وبينك، فأستودعك الله يا أخي، فقد اختار لي ربى ما عنده، وإنما بكائي وغمي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي، فقد أجمع القوم على ظلمكم، وقد استودعتكم الله وقبلكم مني وديعة. يا علي, إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك فأنفذها فهي الصادقة الصدوقة، ثم ضمها إليه وقبل رأسها وقال: فداك أبوك يا فاطمة! فعلا صوتها بالبكاء، ثم ضمها إليه وقبل رأسها وقال: أما والله لينتقمن الله ربي وليغضبن لغضبك! فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين، ثم بكى (ص), قال علي (ع): فوالله لقد حسست بضعة مني ذهبت لبكائه، حتى هملت عيناه كمثل المطر، حتى بلت دموعه لحيته وملأة كانت عليه، وهو ملتزم فاطمة (ع) ورأسه على صدري وأنا مسنده، والحسن والحسين يقبلان قدميه، وهما يبكيان بأعلى أصواتهما. قال علي (ع): فلو قلت إن جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي (ص) لقد رأيت من بكائها ما أحسست أن السماوات والأرضين قد بكت لها، ثم قال لها: يا بنية خليفتي عليكم الله وهو خير خليفة، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله وما حوله من الملائكة، والسماوات والأرضون وما فيها، يا فاطمة والذي بعثني بالحق نبياً، لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلها، وإنك لأول خلق الله كاسية حالية ناعمة، يا فاطمة فهنيئاً لك. والذي بعثني بالحق إن الحور العين ليفخرن بك وبقربك منهن ويتزين لزينتك، والذي بعثني بالحق إنك لسيدة من يدخلها من النساء. والذي بعثني بالحق إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق، فينادي بها إليك أن يا جهنم يقول لك الجبار: أسكتي واستقري بعزتي حتى تجوز فاطمة بنت محمد إلى الجنان، ولا يشغلهم قتر ولا ذلة. والذي بعثني بالحق ليدخل حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك، والحور العين يتشرفن من أعلى الجنان فينظرن إليك بين يدي الله في المقام الشريف. ولواء الحمد مع علي بن أبي طالب (ع) أمامي، يكسى إذا كسيت ويُحَلَّى إذا حُلِّيت. والذي بعثني بالحق لأقومن بالخصومة لأعدائك، وليندمن قوم ابتزوا حقك وقطعوا مودتك وكذبوا عليَّ! وليختلجن دوني فأقول: أمتي! فيقال: إنهم بدلوا بعدك، وصاروا إلى السعير.
----------------
طرف من الأنباء ص 189, بحار الأنوار ج 22 ص 490
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت سلمان الفارسي يقول: كنت جالساً بين يدي رسول الله (ص) في مرضته التي قبض فيها، فدخلت فاطمة (ع) فلما رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دموعها على خديها فقال لها رسول الله (ص): ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك! فاغرورقت عينا رسول الله (ص) بالبكاء، ثم قال: يا فاطمة أما علمت أنا أهل بيت اختار الله عز وجل لنا الآخرة على الدنيا، وإنه حتم الفناء على جميع خلقه، وإن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبياً، ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة ثانية فاختار منها زوجك وأوحى إلي أن أزوجك إياه، وأتخذه ولياً ووزيراً، وأن أجعله خليفتي في أمتي. فأبوك خير أنبياء الله ورسله، وبعلك خير الأوصياء، وأنت أول من يلحق بي من أهلي. ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة ثالثة فاختارك وولديك، فأنت سيدة نساء أهل الجنة وابناك حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلهم هادون مهديون، وأول الأوصياء بعدي أخي علي، ثم حسن ثم حسين، ثم تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في الجنة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أبي إبراهيم. أما تعلمين يا بنية إن من كرامة الله إياك أن زوجك خير أمتي، وخير أهل بيتي أقدمهم سلماً، وأعظمهم حلماً، وأكثرهم علماً؟ فاستبشرت فاطمة وفرحت بما قال لها رسول الله (ص)، ثم قال: يا بنية إن لبعلك مناقب: إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد، فلم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله عز وجل وسنتي وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي (ع)، وإن الله جل وعز علمني علماً لا يعلمه غيري، وعلم ملائكته ورسله علماً، فكلما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله أن أعلمه إياه ففعلت، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره. وإنك يا بنية زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا أمتي، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإن الله عز وجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب – إلى أن قال - ثم أقبل على علي (ع) فقال: يا أخي أنت ستبقى بعدي، وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعواناً فاصبر وكفَّ يدك، ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه! فاصبر لظلم قريش إياك، وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه. يا علي, إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى، لا يختلف فيه اثنان من هذه الأمة، ولا ينازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله. ولو شاء لعجل النقمة وكان منه التغيير حتى يُكَذَّبَ الظالم ويُعلم الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار: {لِيجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى}.
فقال علي (ع): الحمد لله شكراً على نعمائه، وصبراً على بلائه.
------------
كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 565, كمال الدين ج 1 ص 262, حلية الأبرار ج 2 ص 400, الإنصاف في النص ص 272, بحار الأنوار ج 28 ص 52, العوالم ج 11 ص 487
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عيسى بن المستفاد, عن موسى بن جعفر، عن أبيه (ع) قال: لما حضرت رسول الله (ص) الوفاة دعا الانصار وقال: يا معشر الانصار قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الاموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم لله مهج النفوس والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الاوفى، وقد بقيت واحدة وهي تمام الامر وخاتمة العمل، العمل معها مقرون, إني أرى أن لا أفترق بينهما جميعاً, لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست، من أتى بواحدة وترك الاخرى كان جاحداً للأولى ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً, قالوا: يا رسول الله فأين لنا بمعرفتها فلا نمسك عنها فنضل ونرتد عن الاسلام والنعمة من الله ومن رسوله علينا، فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله، وقد بلغت ونصحت وأديت وكنت بنا رؤفاً رحيماً شفيقاً؟ فقال رسول الله (ص) لهم: كتاب الله وأهل بيتي فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام الله جديد غض طري شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه يقوم غداً فيحاج أقواماً فيزل الله به أقدامهم عن الصراط، واحفظوني معاشر الانصار في أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وإن الاسلام سقف تحته دعامة، لا يقوم السقف إلا بها، فلو أن أحدكم أتى بذلك السقف ممدوداً لا دعامة تحته فأوشك أن يخر عليه سقفه فيهوي في النار، أيها الناس الدعامة: دعامة الاسلام، وذلك قوله تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فالعمل الصالح طاعة الامام ولي الامر والتمسك بحبله، أيها الناس أفهمتم؟ الله! الله! في أهل بيتي، مصابيح الظلم، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ومستقر الملائكة، منهم وصيي وأميني ووارثي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى ألا هل بلغت معاشر الانصار؟ ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله! قال عيسى: فبكى أبو الحسن (ع) طويلاً، وقطع بقية كلامه وقال: هتك والله حجاب الله! هتك والله حجاب الله! هتك والله حجاب الله! يا أمه! صلوات الله عليها.
----------------
طرف من الأنباء والمناقب ص 143, بحار الأنوار ج 22 ص 476, غاية المرام ج 2 ص 118, الصراط المستقيم ج 2 ص 90 مختصراً, مستدرك الوسائل ج 4 ص 237 بعضه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عبد الله بن العباس قال: لما حضرت رسول الله (ص) الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته فقيل له: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: أبكي لذريتي وما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي, كأني بفاطمة (ع) بنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي: يا أبتاه! فلا يعينها أحد من أمتي, فسمعت ذلك فاطمة (ع) فبكت, فقال رسول الله (ص): لا تبكين يا بنية, فقالت: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ولكني أبكي لفراقك يا رسول الله, فقال لها: أبشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي فإنك أول من يلحق بي من أهل بيتي.
---------------
الأمالي للطوسي ص 188, طرف من الأنباء ص 520, إثبات الهداة ج 1 ص 323, بحار الأنوار ج 28 ص 41, رياض الأبرار ج 1 ص 59, العوالم ج 11 ص 547
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عيسى بن المستفاد قال: حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (ع) قال: قال رسول الله (ص): يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره, قال علي (ع): ولم يا رسول الله؟ قال: كذلك قال جبرئيل (ع) عن ربي, إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره, قال علي (ع): فكيف أقوى عليك وحدي؟ قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا, قلت: فمن يناولني الماء؟ قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شيء مني, فإنه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي وهي حرام عليهم, فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح وأفرغ علي من بئري, بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الأفواه, - قال عيسى: أو قال: أربعين قربة, شككت أنا في ذلك – قال: ثم ضع يدك يا علي على صدري وأحضر معك فاطمة والحسن والحسين من غير أن ينظروا إلى شيء من عورتي, ثم تفهم عند ذلك تفهم ما كان وما هو كائن إن شاء الله تعالى, أقبلت يا علي؟ قال: نعم, قال: اللهم فاشهد...
قال: وكان فيما أوصى به رسول الله (ص) أن يدفن في بيته الذي قبض فيه, ويكفن بثلاثة أثواب أحدها يمان, ولا يدخل قبره غير علي (ع), ثم قال (ص): يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين وكبروا خمسا وسبعين تكبيرة, وكبر خمسا وانصرف وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة, قال علي (ع): بأبي أنت وأمي من يؤذن غدا؟ قال: جبرئيل (ع) يؤذنك, قال: ثم من جاء من أهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ثم نساؤهم ثم الناس بعد ذلك.
--------
طرف من الأنباء ص 197, بحار الأنوار ج 22 ص 492
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي أنه لما قبض النبي (ص) امتنع بلال من الأذان وقال: لا أؤذن لأحد بعد رسول الله (ص). وإن فاطمة (ع) قالت ذات يوم: إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي بالأذان, فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الأذان, فلما قال: الله أكبر الله أكبر, ذكرت أباها (ص) وأيامه فلم تتمالك من البكاء, فلما بلغ إلى قوله: أشهد أن محمدا رسول الله, شهقت فاطمة (ع) شهقة وسقطت لوجهها وغشي عليها, فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله (ص) الدنيا, وظنوا أنها قد ماتت, فقطع أذانه ولم يتمه, فأفاقت فاطمة (ع) وسألته أن يتم الأذان فلم يفعل, وقال لها: يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان, فأعفته عن ذلك.
---------------
الفقيه ج 1 ص 297, الوافي ج 7 ص 571, بحار الأنوار ج 43 ص 157, العوالم ج 11 ص 800
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* بكائها على رسول الله (ص)
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال: البكاءون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمد (ص)، وعلي بن الحسين (ع). - الى ان قال - وأما فاطمة بنت محمد (ص) فبكت على رسول الله (ص) حتى تأذى بها أهل المدينة, وقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك, فكانت تخرج إلى المقابر, مقابر الشهداء, فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف.
---------
الأمالي الصدوق ص 140، الخصال ج 1 ص 272، روضة الواعظين ج 1 ص 170، مكارم الأخلاق ص 315, كشف الغمة ج 1 ص 498، وسائل الشيعة ج 3 ص 280، حلية الأبرار ج 3 ص 341, بحار الأنوار ج 12 ص 264, القصص للجزائري ص 175, رياض الأبرار ج 1 ص 59, العوالم ج 11 ص 790
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن محمود بن لبيد قال: لما قبض رسول الله (ص) كانت فاطمة تأتي قبور الشهداء, وتأتي قبر حمزة وتبكي هناك, فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة (ع), فوجدتها تبكي هناك, فأمهلتها حتى سكتت, فأتيتها وسلمت عليها وقلت: يا سيدة النسوان, قد والله قطعت أنياط قلبي من بكائك, فقالت: يا با عمر, يحق لي البكاء. ولقد أصبت بخير الآباء رسول الله (ص)... قلت: يا سيدتي, إني سائلك عن مسألة تلجلج في صدري, قالت: سل, قلت: هل نص رسول الله (ص) قبل وفاته على علي بالإمامة؟ قالت: وا عجباه! أنسيتم يوم غدير خم؟ قلت: قد كان ذلك, ولكن أخبريني بما أسر إليك, قالت: أشهد الله تعالى لقد سمعته يقول: علي خير من أخلفه فيكم, وهو الإمام والخليفة بعدي, وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار, لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين, ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة, قلت: يا سيدتي, فما باله قعد عن حقه؟ قالت: يا با عمر, لقد قال رسول الله (ص): مثل الإمام مثل الكعبة, إذ تؤتى ولا تأتي, - أو قالت: مثل علي - ثم قالت: أما والله لو تركوا الحق على أهله, واتبعوا عترة نبيه, لما اختلف في الله تعالى اثنان, ولورثها سلف عن سلف, وخلف بعد خلف, حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين, ولكن قدموا من أخره, وأخروا من قدمه الله, حتى إذا ألحد المبعوث وأودعوه الجدث المجدوث واختاروا بشهوتهم, وعملوا بآرائهم, تبا لهم, أولم يسمعوا الله يقول {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} بل سمعوا ولكنهم كما قال الله سبحانه {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} هيهات, بسطوا في الدنيا آمالهم, ونسوا آجالهم, فتعسا لهم وأضل أعمالهم, أعوذ بك يا رب من الحور بعد الكور.
-----------
كفاية الأثر ص 197, الإنصاف في النصف ص 410, بحار الأنوار ج 36 ص 352
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن السيدة الزهراء (ع) أنها قالت في رثاء أبيها (ص):
قل للمغيب تحت اطباق الثرى... إن كنت تسمع صرختي وندائيا
صبت علي مصائب لو أنها... صبت على الأيام صرن لياليا
قد كنت ذات حمى بظل محمد... لا أخش من ضميم وكان جماليا
فاليوم أخشع للذليل واتقي... ضيمي وادفع ظالمي بردائيا
فإذا بكت قمرية في ليلها... شجنا على غصن بكيت صباحيا
فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسي... ولأجعلن الدمع فيك وشاحيا
ماذا على من شم تربة أحمد... ان لا يشم مدى الزمان غواليا (1)
ولها (ع):
كنت السواد لمقلتي... تبكي عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت... فعليك كنت أحاذر
ولها (ع) وقد ضمنت أبياتا وتمثلت به:
قد كنت لي جبلا ألوذ بظله... فاليوم تسلمني لأجرد ضاحي
قد كنت جار حميتى ما عشت لي... واليوم بعدك من يريش جناحي
وأغض من طرفي وأعلم أنه... قد مات خير فوارسي وسلاحي
حضرت منيته فأسلمني العزا... وتمكنت ريب المنون جواحي
نشر الغراب علي ريش جناحه... فظللت بين سيوفه ورماح
إني لأعجب من يروح ويغتدي... والموت بين بكوره ورواح
فاليوم أخضع للذليل وأتقي... ذلي وأدفع ظالمي بالراح
وإذا بكت قمرية شجنا بها... ليلا على غصن بكيت صباحي
فالله صبرني على ما حل بي... مات النبي قد انطفى مصباحي (3)
---------------------
(1) إلى هنا في الدر النظيم
(2) إلى هنا في تسلية المجالس
(3) مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 208, العوالم ج 11 ص 805, الدر النظيم ص 198, تسلية المجالس ج 1 ص 243
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن السيدة الزهراء (ع) قالت في رثاء رسول الله (ص):
جبرئيل إلينا ينعاه... يا أبتاه من ربه ما أدناه
يا أبتاه جنة الفردوس مأواه... يا أبتاه أجاب ربا دعاه.
---------
مناقب آشوب ج 1 ص 237, إعلام الورى ص 137, بحار الأنوار ج 22 ص 522, العوالم ج 11 ص 809
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن السيدة الزهراء (ع) في رثاء رسول الله (ص):
إذا اشتد شوقي زرت قبرك باكيا... أنوح وأشكو لا أراك مجاوبي
فيا ساكن الصحراء علمتني البكا... وذكرك أنساني جميع المصائب
فإن كنت عني في التراب مغيبا... فما كنت عن قلب الحزين بغائب
-----------
بحار الأنوار ج 22 ص 547, العوالم ج 11 ص 806
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن السيدة الزهراء (ع) قالت في رثاء رسول الله (ص):
إذا مات يوما ميت قل ذكره ... وذكر أبي مذ مات والله أزيد
تذكرت لما فرق الموت بيننا ... فعزيت نفسي بالنبي محمد
فقلت لها إن الممات سبيلنا ... ومن لم يمت في يومه مات في غد
------------
مناقب آشوب ج 1 ص 238, بحار الأنوار ج 22 ص 523, العوالم ج 11 ص 804
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي أن السيدة الزهراء (ع) أخذت قبضة من تراب قبر رسول الله (ص), فوضعتها على عينيها وأنشدت تقول:
ماذا على من شم تربة أحمد... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها... صبت على الأيام صرن لياليا
--------------
مسكن الفوائد ص 112, روضة الواعظين ج 1 ص 75, بحار الأنوار ج 79 ص 106
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ورقة بن عبد الله أنه قال لفضة: يا فضة, أخبريني عن مولاتك فاطمة الزهراء (ع) وما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمد (ص)؟ قال ورقة: فلما سمعت كلامي تغرغرت عيناها بالدموع, ثم انتحبت نادبة وقالت: يا ورقة بن عبد الله, هيجت علي حزنا ساكنا وأشجانا في فؤادي كانت كامنة, فاسمع الآن ما شاهدت منها (ع), اعلم أنه لما قبض رسول الله (ص) افتجع له الصغير والكبير, وكثر عليه البكاء وقل العزاء, وعظم رزؤه على الأقرباء والأصحاب والأولياء والأحباب والغرباء والأنساب, ولم تلق إلا كل باك وباكية, ونادب ونادبة, ولم يكن في أهل الأرض والأصحاب والأقرباء والأحباب أشد حزنا وأعظم بكاء وانتحابا من مولاتي فاطمة الزهراء (ع), وكان حزنها يتجدد ويزيد وبكاؤها يشتد, فجلست سبعة أيام لا يهدأ لها أنين, ولا يسكن منها الحنين, كل يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الأول, فلما في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن, فلم تطق صبرا إذ خرجت وصرخت فكأنها من فم رسول الله (ص) تنطق, فتبادرت النسوان وخرجت الولائد والولدان, وضج الناس بالبكاء والنحيب, وجاء الناس من كل مكان, وأطفئت المصابيح لكيلا تتبين صفحات النساء, وخيل إلى النسوان أن رسول الله (ص) قد قام من قبره, وصارت الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم, وهي (ع) تنادي وتندب: أباه وا أبتاه! وا صفياه! وا محمداه! وا أبا القاسماه! وا ربيع الأرامل واليتامى! من للقبلة والمصلى؟! ومن لابنتك الوالهة الثكلى؟! ثم أقبلت تعثر في أذيالها, وهي لا تبصر شيئا من عبرتها ومن تواتر دمعتها, حتى دنت من قبر أبيها محمد (ص), فلما نظرت إلى الحجرة وقع طرفها على المأذنة فقصرت خطاها, ودام نحيبها وبكاها إلى أن أغمي عليها, فتبادرت النسوان إليها, فنضحن الماء عليها وعلى صدرها وجبينها, حتى أفاقت, فلما أفاقت من غشيتها قامت وهي تقول: رفعت قوتي, وخانني جلدي, وشمت بي عدوي, والكمد قاتلي, يا أبتاه! بقيت والهة وحيدة وحيرانة فريدة! فقد انخمد صوتي, وانقطع ظهري, وتنغص عيشي, وتكدر دهري, فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي, ولا رادا لدمعتي, ولا معينا لضعفي, فقد فني بعدك محكم التنزيل, ومهبط جبرئيل, ومحل ميكائيل, انقلبت بعدك يا أبتاه الأسباب, وتغلقت دوني الأبواب, فأنا للدنيا بعدك قالية, وعليك ما ترددت أنفاسي باكية, لا ينفد شوقي إليك ولا حزني عليك, ثم نادت: يا أبتاه! وا أباه! ثم قالت: يا أبتاه انقطعت بك الدنيا بأنوارها، وزوت زهرتها وكانت ببهجتك زاهرة، فقد أسود نهارها، فصار يحكي حنادسها رطبها ويابسها، يا أبتاه لا زلت آسفة عليك إلى التلاق، يا أبتاه زال غمضي منذ حق الفراق، يا أبتاه من للأرامل والمساكين، ومن للأمة إلى يوم الدين، يا أبتاه أمسينا بعدك من المستضعفين, يا أبتاه أصبحت الناس عنا معرضين، ولقد كنا بك معظمين في الناس غير مستضعفين, فأي دمعة لفراقك لا تنهمل، وأي حزن بعدك عليك لا يتصل، وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل، وأنت ربيع الدين، ونور النبيين، فكيف للجبال لا تمور، وللبحار بعدك لا تغور، والأرض كيف لم تتزلزل. رميت يا أبتاه بالخطب الجليل، ولم تكن الرزية بالقليل، وطرقت يا أبتاه بالمصاب العظيم، وبالفادح المهول. بكتك يا أبتاه الاملاك، ووقفت الأفلاك، فمنبرك بعدك مستوحش، ومحرابك خال من مناجاتك، وقبرك فرح بمواراتك، والجنة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك. يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالسك، فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلا عليك وأثكل أبو الحسن المؤتمن أبو ولديك، الحسن والحسين، وأخوك ووليك وحبيبك ومن ربيته صغيرا، وواخيته كبيرا، وأحلى أحبابك وأصحابك إليك من كان منهم سابقا ومهاجرا وناصرا، والثكل شاملنا، والبكاء قاتلنا، والأسى لازمنا, ثم زفرت زفرة وأنت أنة كادت روحها أن تخرج ثم قالت (ع):
قل صبري وبان عني عزائي... بعد فقدي لخاتم الأنبياء
عين يا عين أسكبي الدمع سحا... ويك لا تبخلي بفيض الدماء
يا رسول الاله يا خيرة الله... وكهف الأيتام والضعفاء
قد بكتك الجبال والوحش جمعا... والطير والأرض بعد بكي السماء
وبكاك الحجون والركن والمشغر... يا سيدي مع البطحاء
وبكاك المحراب والدرس... للقرآن في الصبح معلنا والمساء
وبكاك الاسلام إذ صار في الناس... غريبا من سائر الغرباء
لو ترى المنبر الذي كنت... تعلوه علاه الظلام بعد الضياء
يا إلهي عجل وفاتي سريعا... فلقد تنغصت الحياة يا مولائي
ثم رجعت إلى منزلها وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها، وهي لا ترقأ دمعتها, ولا تهدأ زفرتها.
واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين (ع) فقالوا له: يا أبا الحسن, إن فاطمة (ع) تبكي الليل والنهار, فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا, ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا, وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلا أو نهارا, فقال (ع): حبا وكرامة, فأقبل أمير المؤمنين (ع) حتى دخل على فاطمة (ع) وهي لا تفيق من البكاء ولا ينفع فيها العزاء, فلما رأته سكنت هنيئة له, فقال لها: يا بنت رسول الله, إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك: إما أن تبكين أباك ليلا وإما نهارا, فقالت: يا أبا الحسن, ما أقل مكثي بينهم وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم, فوالله لا أسكت ليلا ولا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله (ص), فقال لها علي (ع): افعلي يا بنت رسول الله ما بدا لك, ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة, يسمى بيت الأحزان, وكانت إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين (ع) أمامها وخرجت إلى البقيع باكية, فلا تزال بين القبور باكية, فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين (ع) إليها, وساقها بين يديه إلى منزلها.
---------------
بحار الأنوار ج 43 ص 174, العوالم ج 11 ص 791
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* الهجوم على دارها (ع):
عن عبد الله بن عبد الرحمن قال: ثم إن عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي: ألا إن أبا بكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة، فينثال الناس يبايعون، فعرف أن جماعة في بيوت مستترون، فكان يقصدهم في جمع كثير ويكبسهم ويحضرهم المسجد فيبايعون، حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي (ع) فطالبه بالخروج فأبى، فدعا عمر بحطب ونار وقال: والذي نفس عمر بيده ليخرجن، أو لاحرقنه على ما فيه. فقيل له: إن فاطمة بنت رسول الله، وولد رسول الله، وآثار رسول الله (ص) فيه؛ وأنكر الناس ذلك من قوله، فلما عرف إنكارهم قال: ما بالكم أتروني فعلت ذلك؟! إنما أردت التهويل؛ فراسلهم علي (ع) أن ليس إلى خروجي حيلة، لأني في جمع كتاب الله الذي قد نبذتموه، وألهتكم الدنيا عنه؛ وقد حلفت أن لا أخرج من بيتي، ولا أدع ردائي على عاتقي حتى أجمع القرآن؛ قال: وخرجت فاطمة بنت رسول الله (ص) إليهم فوقفت خلف الباب ثم قالت: لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم، تركتم رسول الله (ص) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم فيما بينكم، ولم تؤمرونا، ولم تروا لنا حقا، كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم؛ والله، لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيكم، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة.
-----------
الإحتجاج ج 1 ص 80, مرآة العقول ج 5 شرح ص 319, بحار الأنوار ج 28 ص 204, العوالم ج 11 ص 555
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سلمان: وكان علي بن أبي طالب (ع) لما رأى خذلان الناس له، وتركهم نصرته، واجتماع كلمة الناس مع أبي بكر، وطاعتهم له، وتعظيمهم له، جلس في بيته؛ فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع، غيره وغير هؤلاء الأربعة معه؛ وكان أبو بكر أرق الرجلين، وأرفقهما، وأدهاهما، وأبعدهما غورا؛ والآخر أفظهما وأغلظهما، وأخشنهما، وأجفاهما، فقال: من نرسل إليه؟ فقال عمر: أرسل إليه قنفذا- وكان رجلا فظا غليظا جافيا من الطلقاء، أحد بني تيم- فأرسله وأرسل معه أعوانا، فانطلق فاستأذن، فأبى علي (ع) أن يأذن له. فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر، وهما في المسجد والناس حولهما فقالوا: لم يأذن لنا، فقال عمر: هو إن أذن لكم وإلا فادخلوا عليه بغير إذنه. فانطلقوا، فاستأذنوا، فقالت فاطمة (ع): احرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن؛ فرجعوا، فثبت قنفذ، فقالوا: إن فاطمة قالت: كذا وكذا. فحرجتنا أن ندخل عليها البيت بغير إذن منها، فغضب عمر، وقال: ما لنا وللنساء؛ ثم أمر اناسا حوله، فحملوا حطبا وحمل معهم فجعلوه حول منزله، وفيه علي وفاطمة وابناهما (ع)، ثم نادى عمر حتى أسمع عليا: والله لتخرجن ولتبايعن خليفة رسول الله، أو لأضرمن عليك بيتك نارا، ثم رجع فقعد إلى أبي بكر، وهو يخاف أن يخرج علي بسيفه، لما قد عرف من بأسه وشدته. ثم قال لقنفذ: إن خرج وإلا فاقتحم عليه، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم نارا؛ فانطلق قنفذ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وبادر علي إلى سيفه ليأخذه، فسبقوه إليه فتناول بعض سيوفهم فكثروا عليه فضبطوه، وألقوا في عنقه حبلا أسود؛ وحالت فاطمة (ع) بين زوجها وبينهم عند باب البيت، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها، فبقي أثره في عضدها من ذلك مثل الدملج من ضرب قنفذ إياها؛ فأرسل أبو بكر إلى قنفذ: اضربها؛ فألجأها إلى عضادة باب بيتها، فدفعها فكسر ضلعا من جنبها، وألقت جنينا من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة صلوات الله عليها.
----------
كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 584, الإحتجاج ج 1 ص 82, مرآة العقول ج 5 شرح ص 319, بحار الأنوار ج 28 ص 268, العوالم ج 11 ص 557
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ثم إن عمر جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين وأتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين (ع) فوافوا بابه مغلق, فصاحوا به: أخرج يا علي فإن خليفة رسول الله يدعوك فلم يفتح لهم الباب, فأتوه بحطب فوضعوه على الباب وجاؤوا بالنار ليضرموه فصاح عمر وقال: والله لئن لم تفتحوا لنضرمنه بالنار, فلما عرفت فاطمة (ع) إنهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب, فدفعوها القوم قبل أن تتوارى عنهم, فاختبت فاطمة (ع) وراء الباب فدفعها عمر حتى ضغطها بين الباب والحائط, ثم إنهم تواثبوا على أمير المؤمنين (ع) وهو جالس على فراشه, واجتمعوا عليه حتى أخرجوه سحباً من داره ملبباً بثوبه يجرونه الى المسجد, فحالت فاطمة (ع) بينهم وبين بعلها, وقالت: والله لا أدعكم تجرون ابن عمي ظلماً! ويلكم ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت, وقد أوصاكم رسول الله (ص) باتباعنا ومودتنا والتمسك بنا, فقال الله تعالى: {قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} قال: فتركه أكثر القوم لأجلها, فأمر عمر قنفذاً ابن عمه أن يضربها بسوطه فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثر في جسمها الشريف, وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها, وقد كان رسول الله (ص) سماه محسناً. وجعلوا يقودون أمير المؤمنين (ع) إلى المسجد حتى أوقفوه بين يدي أبي بكر فلحقته فاطمة (ع) الى المسجد لتخلصه فلم تتمكن من ذلك, فعدلت إلى قبر أبيها, فاشارت إليه بحرقة ونحيب وهي تقول:
نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة وإنما أبكي, مخافة أن تطول حياتي
ثم قالت: واأسفاه عليك يا أبتاه! واثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن وأبو سبطيك الحسن والحسين, ومن ربيته صغيراً وواخيته كبيراً, وأجل أحبائك لديك, وأحب أصحابك إليك أولهم سبقاً إلى الإسلام, ومهاجرة إليك يا خير الأنام, فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير! ثم أنها أنت أنه, وقالت: وامحمداه! واحبيباه! واأباه! واأبا القاسماه! واأحمداه! واقلة ناصراه! واغوثاه! واطول كربتاه! واحزناه! وامصيبتاه واسوء صباحاه! وخرت مغشية عليها, فضج الناس بالكباء والنحيب, وصار المسجد مأتماً, ثم إنهم أوقفوا أمير المؤمنين (ع) بين يدي أبي بكر وقالوا له: مد يدك فبايع!! فقال: والله لا أبايع, والبيعة لي في رقابكم, فروى عن عدي بن حاتم, إنه قال: والله ما رحمت أحداً قط رحمتي على علي ابن أبي طالب (ع) حين أتي به ملبباً بثوبه, يقودونه إلى أبي بكر, وقالوا: بايع! قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: نضرب الذي فيه عيناك, قال: فرفع رأسه الى السماء, وقال: اللهم إني أشهدك إنهم أتوا أن يقتلوني, فإني عبد الله وأخي رسول الله (ص) فقالوا له: مد يدك فبايع! فأبى عليهم فمدوا يده كرهاً فقبض (ع) على أنامله, فراموا بأجمعهم فتحها فلم يقدروا فمسح عليها أبو بكر وهي مضمومة, وهو (ع) يقول وينظر إلى قبر رسول الله (ص): يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني. قال الراوي: إن علياً (ع) خاطب أبا بكر بهذين البيتين:
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم فكيف بهذا والمشيرون غيب
وان كنت بالقربى حججت خصيمهم فغيرك أولى بالنبي وأقرب
وكان (ع) كثيراً ما يقول: واعجباً تكون الخلافة بالصحابة, ولا تكون بالقرابة والصحابة.
---------------
بيت الأحزان ص 117, نوادر الأخبار ص 182, العوالم ج 11 ص 571 عن علم اليقين
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فوثب عمر غضبان ونادى خالد بن الوليد وقنفذا فأمرهما أن يحملا حطبا ونارا ثم أقبل حتى انتهى إلى باب علي وفاطمة (صلوات الله عليهما) وفاطمة قاعدة خلف الباب قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله (ص) فأقبل عمر حتى ضرب الباب ثم نادى: "يا ابن أبي طالب افتح الباب" فقالت فاطمة (ع): "يا عمر ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه" قال: "افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم" فقالت: "يا عمر أ ما تتقي الله عز وجل تدخل على بيتي وتهجم على داري" فأبى أن ينصرف ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة (ع) وصاحت: "يا أبتاه يا رسول الله" فرفع السيف وهو في غمده فوجا به جنبها فصرخت فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت: "يا أبتاه" فوثب علي بن أبي طالب (ع) فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله فذكر قول رسول الله (ص) وما أوصاه به من الصبر والطاعة فقال (ع): "و الذي كرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاك لو لا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي" فأرسل عمر يستغيث فأقبل الناس حتى دخلوا الدار فكاثروه وألقوا في عنقه حبلا فحالت بينهم وبينه فاطمة (ع) عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلى الله عليها من ذلك شهيدة.
---------------
كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 864, بحار الأنوار ج 28 ص 299, رياض الأبرار ج 1 ص 66, العوالم ج 11 ص 590
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فقال عمر: نرسل إليه قنفذا فهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء أحد بني عدي بن كعب, فأرسله وأرسل معه أعوانا وانطلق فاستأذن على علي (ع) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر وهما جالسان في المسجد، والناس حولهما فقالوا: لم يؤذن لنا, فقال عمر: إذهبوا فان أذن لكم وإلا فادخلوا بغير إذن. فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة (ع): أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن، فرجعوا وثبت قنفذ الملعون، فقالوا: إن فاطمة (ع) قالت كذا وكذا, فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن، فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء, ثم أمر أناسا حوله بتحصيل الحطب، وحملوا الحطب وحمل معهم عمر، فجعلوه حول منزل علي (ع) وفيه علي وفاطمة وابناهما (ع) ثم نادى عمر حتى أسمع عليا وفاطمة (ع): والله لتخرجن يا علي ولتبايعن خليفة رسول الله وإلا أضرمت عليك النار, فقامت فاطمة (ع) فقالت: يا عمر ما لنا ولك, فقال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم, فقالت: يا عمر أما تتقي الله تدخل على بيتي, فأبى أن ينصرف ودعا عمر بالنار فأضرمها في الباب، ثم دفعه فدخل فاستقبلته فاطمة (ع) وصاحت: يا أبتاه يا رسول الله, فرفع عمر السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها فصرخت: يا أبتاه، فرفع السوط فضرب به ذراعها، فنادت: يا رسول الله لبئس ما خلفك أبو بكر وعمر.
---------------
كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 584, الإحتجاج ج 1 ص 82, مرآة العقول ج 5 شرح ص 320, بحار الأنوار ج 28 ص 268, العوالم ج 11 ص 558, بيت الأحزان ص 109
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن السيدة الزهراء (ع) أنه قالت: لا تصلي علي أمة نقضت عهد الله، وعهد أبي رسول الله (ص) في أمير المؤمنين علي (ع)، وظلموني حقي، وأخذوا إرثي، وخرقوا صحيفتي التي كتبها لي أبي بملك فدك، وكذبوا شهودي وهم والله جبرئيل وميكائيل وأمير المؤمنين (ع) وأم أيمن، وطفت عليهم في بيوتهم، وأمير المؤمنين (ع) يحملني ومعي الحسن والحسين ليلا ونهارا إلى منازلهم، اذكرهم بالله وبرسوله ألا تظلمونا، ولا تغصبونا حقنا الذي جعله الله لنا؛ فيجيبونا ليلا ويقعدون عن نصرتنا نهارا، ثم ينفذون إلى دارنا قنفذا ومعه عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد ليخرجوا ابن عمي عليا إلى سقيفة بني ساعدة لبيعتهم الخاسرة؛ فلا يخرج إليهم متشاغلا بما أوصاه به رسول الله (ص)، وبأزواجه، وبتأليف القرآن، وقضاء ثمانين ألف درهم وصاه بقضائها عنه عداة ودينا. فجمعوا الحطب الجزل على بابنا وأتوا بالنار ليحرقوه ويحرقونا، فوقفت بعضادة الباب وناشدتهم بالله وبأبي أن يكفوا عنا وينصرونا، فأخذ عمر السوط من يد قنفذ مولى أبي بكر، فضرب به عضدي فالتوى السوط على عضدي حتى صار كالدملج وركل الباب برجله، فرده علي وأنا حامل فسقطت لوجهي، والنار تسعر وتسفع وجهي، فضربني بيده حتى انتثر قرطي من أذني، وجائني المخاض، فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم.
فهذه أمة تصلي علي! وقد تبرأ الله ورسوله منهم، وتبرأت منهم.
---------------
بحار الأنوار ج 30 ص 348 عن إرشاد القلوب, العوالم ج 11 ص 574
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن زيد بن أسلم: كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة، فقال عمر لفاطمة: أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه، قال: وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين وجماعة من أصحاب النبي (ص)؛ فقالت فاطمة: أتحرق عليا وولدي؟ قال: إي- والله- أو ليخرجن وليبايعن.
---------
الطرائف ج 1 ص 239, نهد الحق ص 271, إثبات الهداة ج 3 ص 359, مرآة العقول ج 5 شرح ص 318, بحار الأنوار ج 28 ص 339, العوالم ج 11 ص 559
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فوثب علي (ع) فأخذ بتلابيبه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله فذكر قول رسول الله (ص) وما أوصاه به، فقال: والذي كرم محمدا (ص) بالنبوة يا بن صهاك، لولا كتاب من الله سبق وعهد عهد إلي رسول الله (ص) لعلمت أنك لا تدخل بيتي, فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار وثار علي (ع) إلى سيفه، فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوف أن يخرج علي (ع) بسيفه لما قد عرف من بأسه وشدته، فقال أبو بكر لقنفذ: ارجع فان خرج وإلا فاقتحم عليه بيته، فإن امتنع فأضرم على بيتهم النار, فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار علي (ع) إلى سيفه، فسبقوه إليه وكاثروه وهم كثيرون، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه، فألقوا في عنقه حبلا، وحالت بينهم وبينه فاطمة (ع) عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت وان في عضدها مثل الدملج من ضربته. ثم انطلقوا بعلي (ع) يتل (يعتل عتلا يعني يجذب جذبا) حتى انتهى به أبي بكر، وعمر قائم بالسيف على رأسه، وخالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبو حذيفة ومعاذ بن جبل، والمغيرة بن شعبة، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح.
----------
كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 586, بحار الأنوار ج 28 ص 269, بيت الأحزان ص 110
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) قالا: إن فاطمة (ع) لما أن كان من أمرهم ما كان، أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها ثم قالت: أما والله يا ابن الخطاب، لولا أني أكره أن يصيب البلاء مَن لا ذنب له، لعلمت أني سأقسم على الله، ثم أجده سريع الإجابة.
---------------
الكافي ج 1 ص 460, الوافي ج 2 ص 188, بحار الأنوار ج 28 ص 250, العوالم ج 11 ص 883
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الصادق (ع) أنه قال: لما استخرج أمير المؤمنين (ع) من منزله خرجت فاطمة (ع) خلفه فما بقيت امرأة هاشمية الا خرجت معها حتى انتهت قريباً من القبر, فقالت لهم: خلوا عن ابن عمي فوالذي بعث محمداً أبي (ص) بالحق إن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله على رأسي ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى, فما صالح بأكرم على الله من أبي, ولا الناقة بأكرم مني, ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي. قال سلمان: كنت قريباً منها, فرأيت والله أساس حيطان مسجد رسول الله (ص) تقلعت من أسفلها حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها لنفذ, فدنوت منها فقلت: يا سيدتي ومولاتي إن الله تبارك وتعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة, فرجعت ورجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في خياشيمنا.
---------------
الإحتجاج ج1 ص113، المسترشد ص 381, مناقب آشوب ج 3 ص 339, تسلية المجالس ج 1 ص 530, بحار الأنوار ج28 ص206، مرآة العقول ج 5 شرح ص 343، رياض الأبرار ج 1 ص 25, العوالم ج 11 ص 231, خاتمة المستدرك ج 3 ص 288، غاية المرام ج 5 ص 339
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عمرو بن أبي المقدام, عن أبيه, عن جده قال: ما أتى على علي (ع) يوم قط أعظم من يومين أتياه, فأما أول يوم فاليوم الذي قبض فيه رسول الله (ص) وأما اليوم الثاني فوالله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر: يا هذا لم تصنع شيئاً ما لم يبايعك علي فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك, قال: فبعث قنفذاً, فقال له: أجب خليفة رسول الله (ص), قال علي (ع): لأسرع ما كذبتم على رسول الله (ص) ما خلف رسول الله (ص) أحداً غيري, فرجع قنفذ وأخبر أبا بكر بمقالة علي (ع) فقال أبو بكر: انطلق إليه فقل له: يدعوك أبو بكر ويقول: تعال حتى تبايع فإنما أنت رجل من المسلمين, فقال علي (ع): أمرني رسول الله (ص) أن لا أخرج بعده من بيتي حتى أؤلف الكتاب فإنه في جرائد النخل وأكتاف الإبل فأتاه قنفذ وأخبره بمقالة علي (ع), فقال عمر: قم إلى الرجل, فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد ابن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وقمت معهم وظنت فاطمة (ع) أنه لا تدخل بيتها إلا بإذنها, فأجافت الباب وأغلقته, فلما انتهوا إلى الباب ضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف فدخلوا على علي (ع) وأخرجوه ملبباً, فخرجت فاطمة (ع) فقالت: يا أبا بكر وعمر تريدان أن ترملاني من زوجي والله لئن لم تكفا عنه لأنشرن شعري ولأشقن جيبي ولآتين قبر أبي ولأصيحن إلى ربي, فخرجت وأخذ بيد الحسن والحسين (ع) متوجهة إلى القبر فقال علي (ع) لسلمان: يا سلمان أدرك ابنة محمد (ص) فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان, فوالله لئن فعلت لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها, قال: فلحقها سلمان فقال: يا بنت محمد (ص) إن الله تبارك وتعالى إنما بعث أباك رحمة فانصرفي, فقالت: يا سلمان ما علي صبر فدعني حتى آتي قبر أبي, فأصيح إلى ربي, قال سلمان: فإن علياً بعثني إليك وأمرك بالرجوع فقالت: أسمع له وأطيع فرجعت, وأخرجوا علياً ملبباً قال: وأقبل الزبير مخترطاً سيفه وهو يقول: يا معشر بني عبد المطلب أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء وشد على عمر ليضربه بالسيف فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسر ومر علي (ع) على قبر النبي (ص) فقال: يا {ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} وأُتي بعلي (ع) إلى السقيفة إلى مجلس أبي بكر, فقال له عمر: بايع! قال: فإن لم أفعل فمه؟ قال: إذاً والله نضرب عنقك, قال علي (ع): إذاً والله أكون عبد الله وأخي رسول الله (ص) المقتول, فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم وأما أخا رسول الله (ص) فلا حتى قالها ثلاثاً, وأقبل العباس فقال: يا أبا بكر ارفقوا بابن أخي, فلك علي أن يبايعك فأخذ العباس بيد علي (ع) فمسحها على يدي أبي بكر وخلوا علياً مغضباً فرفع رأسه إلى السماء, ثم قال: اللهم إنك تعلم أن النبي الأمي (ص) قال لي: إن تموا عشرين فجاهدهم, وهو قولك في كتابك: {فإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} اللهم إنهم لم يتموا, حتى قالها ثلاثاً, ثم انصرف.
---------------
الإختصاص ص 185، غاية المرام ج 5 ص 337. نحوه: تفسير العياشي ج 2 ص 66, البرهان ج 2 ص 710, بحار الأنوار ج 28 ص 227, العوالم ج 11 ص 560
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الإمام الحسن (ع) في إحتجاج طويل على معاوية وأصحابه إنه قال لمغيرة بن شعبة: وأما أنت يا مغيرة بن شعبة فإنك لله عدو ولكتابه نابذ ولنبيه مكذب, - الى أن قال له - وأنت ضربت بنت رسول الله (ص) حتى أدميتها, وألقت ما في بطنها إستذلالا منك لرسول الله (ص) ومخالفة منك لأمره وانتهاكا لحرمته, وقد قال لها رسول الله (ص): يا فاطمة أنت سيدة نساء أهل الجنة, والله مصيرك إلى النار وجاعل وبال ما نطقت به عليك.
---------------
الإحتجاج ج 1 ص 278, بحار الأنوار ج 43 ص 197, بيت الأحزان ص 116, مرآة العقول ج 5 شرح ص 321, العوالم ج 11 ص 566
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال سليم بن قيس: إنتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله (ص) ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان, وأبي ذر, والمقداد, ومحمد بن أبي بكر, وعمر بن أبي سلمة, وقيس بن سعد بن عبادة فقال العباس لعلي (ع): ما ترى عمر منعه أن يغرم قنفذاً كما غرم جميع عماله؟ فنظر علي (ع) إلى من حوله ثم إغرورقت عيناه! ثم قال: شكر له ضربة ضربها فاطمة (ع) بالسوط فماتت وإن في عضدها أثره كأنه الدملج.
------------
كتاب سليم ج 2 ص 675, طرف من الأنباء ص 395, بحار الأنوار ج 30 ص 303, العوالم ج 11 ص 570
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي أنها لما منعت حقها أخذت بعضادة حجرة النبي (ص) وقالت: ليست ناقة صالح عند الله بأعظم مني, ثم رفعت جنب قناعها إلى السماء وهمت أن تدعو فارتفعت جدران المسجد عن الأرض, ونزل العذاب فجاء أمير المؤمنين (ع) فمسك يدها وقال: يا بقية النبوة وشمس الرسالة, ومعدن العصمة والحكمة, إن أباك كان رحمة للعالمين فلا تكوني عليهم نقمة, أقسم عليك بالرؤوف الرحيم, فعادت إلى مصلاها.
---------------
مشارق أنوار اليقين ص127, العوالم ج 11 ص 232
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع)، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عليهم السلام، قال: لما رجعت فاطمة (ع) إلى منزلها فتشكت وكان وفاتها في هذه المرضة، دخل إليها النساء المهاجرات والانصاريات، فقلن لها: كيف أصبحت يا بنت رسول الله؟ فقالت: أصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، شنأتهم بعد إذ عرفتهم, ولفظتهم بعد إذ سبرتهم، ورميتهم بعد أن عجمتهم، فقبحاً لفلول الحد, وخطل الرأي, وعثور الجد، وخوف الفتن {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون} لا جرم لقد قلدتهم ربقتها، وشننت عليهم عارها، فجدعاً وعقراً وبعداً للقوم الظالمين. ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة ومهبط الروح الامين بالوحي المبين، الطبين بأمر الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين! ما الذي نقموا من أبي حسن؟! نقموا والله منه شدة وطأته ونكال وقعته، ونكير سيفه، وتبحره في كتاب الله، وتنمره في ذات الله, وأيم الله لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول الله لاعتلقه, ثم لسار بهم سيراً سجحاً، لا يكلم خشاشه، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلاً روياً صافياً فضفاضاً تطفح ضفتاه، ثم لأصدرهم بطاناً قد تخير لهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء وردعه سورة الساغب، ولانفتحت عليهم بركات من السماء والارض، ولكنهم بغوا فسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون. ألا فاسمعن! ومن عاش أراه الدهر العجب، وإن تعجبن فانظرن إلى أي نحو اتجهوا؟ وعلى أي سند استندوا؟ وبأي عروة تمسكوا؟ ولمن اختاروا؟ ولمن تركوا؟ لبئس المولى، ولبئس العشير, إستبدلوا والله الذنابي بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون}. أما لعمر الله لقد لقحت، فانظروها تنتج, ثم احتلبوا طلاع القعب دماً عبيطاً وذعافا ممقراً، هنالك خسر المبطلون، وعرف التالون غب ما أسس الأولون, ثم طيبوا بعد ذلك نفساً، واطمئنوا للفتنة جأشاً، وابشروا بسيف صارم، وهرج شامل، واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيداً، وجمعكم حصيداً، فيا خسرى لكم، وكيف بكم وقد عميت عليكم {أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}
---------------
فضائل أمير المؤمنين (ع) لابن عقدة ص 61, دلائل الإمامة ص 125, العوالم ج 11 ص 824. نحوه: معاني الأخبار ص 355, الأمالي للطوسي ص 374, الإحتجاج ج 1 ص 108, كشف الغمة ج 1 ص 492, بحار الأنوار ج 43 ص 157
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* شهادة ودفن السيدة الزهراء (ع):
روي أنها صلى الله عليها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين أبوكما (تقصد رسول الله ص) الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة؟! أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الأرض؟! ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا، ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما
------------
مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 362, تسلية المجالس ج 1 ص 567, بحار الأنوار ج 43 ص 181, رياض الأبرار ج 1 ص 63, العوالم ج 11 ص 800
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عمار بن ياسر قال: لما مرضت فاطمة (ع) مرضها الذي توفيت فيه وثقلت، جاءها العباس بن عبد المطلب عائدا، فقيل له: إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره، فأرسل إلى علي (ع) فقال لرسوله: قل له: يا ابن أخ، عمك يقرئك السلام، ويقول لك: قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله (ص) وقرة عينه وعيني فاطمة ما هدني، وإني لأظنها أولنا لحوقا برسول الله (ص)، والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإن كان من أمرها ما لا بد منه، فاجمع- أنا لك الفداء- المهاجرين والأنصار حتى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للدين. فقال علي (ع) لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام، وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله، إن فاطمة بنت رسول الله (ص) لم تزل مظلومة من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله (ص)، ولا رعي فيها حقه، ولا حق الله (عز وجل)، وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما، وإني أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنها وصتني بستر أمرها. قال: فلما أتى العباس رسوله بما قاله علي (ع) قال: يغفر الله لابن أخي، فإنه لمغفور له، إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي (ص)، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهادا للأعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله (ص).
-------------
الأمالي للطوسي ص 155, بحار الأنوار ج 43 ص 209, العوالم ج 11 ص 1098
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أمير المؤمنين (ع) وقد كان رسول الله (ص) قال: أول من يلحق بي من أهلي أنت يا فاطمة. فقالت فاطمة (ع) لأسماء بنت عميس: كيف أصنع وقد صرت عظما, قد يبس الجلد على العظم؟ فقالت أسماء: فديتك, أنا أصنع لك شيئا لا يرى الرجل شيئا إذا حملت على نعشك. بأرض الحبشة يجعلون لنعش المرأة, قالت: فأحب أن تجعلين ذلك, فجعلت النعش, فهو أول نعش كان في الإسلام نعش فاطمة (ع) بنت رسول الله (ص).
---------------
الجعفريات ص 205, دعائم الإسلام ج 1 ص 232, بحار الأنوار ج 78 ص 282, مستدرك الوسائل ج 2 ص 358
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: أول نعش أحدث في الإسلام نعش فاطمة (ع) إنها اشتكت شكوتها التي قبضت فيها, وقالت لأسماء: إني نحلت وذهب لحمي, ألا تجعلي لي شيئا يسترني, قالت أسماء: إني كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا, أفلا أصنع لك؟ فإن أعجبك صنعت لك, قالت: نعم, فدعت بسرير فأكبته لوجهه, ثم دعت بجرائد فشدته على قوائمه, ثم جللته ثوبا, فقالت: هكذا رأيتهم يصنعون, فقالت (ع): اصنعي لي مثله, استريني سترك الله من النار.
------------
التهذيب ج 1 ص 469, الوافي ج 24 ص 390, وسائل الشيعة ج 3 ص 220, بحار الأنوار ج 43 ص 212, العوالم ج 11 ص 1102
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أسماء بنت عميس: أن فاطمة بنت رسول الله (ص) قالت لأسماء: إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء، أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى فقالت أسماء: يا بنت رسول الله، أنا اريك شيئا رأيته بأرض الحبشة. قال: فدعت بجريدة رطبة، فحسنتها، ثم طرحت عليها ثوبا؛ فقالت فاطمة (ع): ما أحسن هذا وما أجمله، لا تعرف به المرأة من الرجل. قال: قالت فاطمة (ع): فإذا مت فغسليني أنت، ولا يدخلن علي أحد. فلما توفيت فاطمة (ع) جاءت عائشة تدخل عليها، فقالت أسماء: لا تدخلي، فكلمت عائشة أبا بكر فقالت: إن هذه الخثعمية تحول بيننا وبين ابنة رسول الله (ص) وقد جعلت لها مثل هودج العروس، فجاء أبو بكر، فوقف على الباب، فقال: يا أسماء، ما حالك على أن منعت أزواج النبي (ص)، وجعلت لها مثل هودج العروس؟! فقالت أسماء لأبي بكر: أمرتني أن لا يدخل عليها أحد، وأريتها هذا الذي صنعت وهي حية، فأمرتني أن أصنع لها ذلك. فقال أبو بكر: اصنعي ما أمرتك، فانصرف، وغسلها علي (ع) وأسماء.
----------
كشف الغمة ج 1 ص 503, بحار الأنوار ج 43 ص 189, العوالم ج 11 ص 1089
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الحلبي, عن أبي عبد الله (ع), قال: سألته عن أول من جعل له النعش, فقال (ع): فاطمة (ع).
----------
الكافي ج 3 ص 251, التهذيب ج 1 ص 469, مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 364, تسلية المجلس ج 1 ص 570, الوافي ج 24 ص 389, وسائل الشيعة ج 3 ص 220, بحار الأنوار ج 43 ص 212, العوالم ج 11 ص 1102
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (ع) قال: لما مرضت فاطمة بنت رسول الله (ص) وصت إلى علي بن أبي طالب (ع) أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله، على استسرار بذلك كما وصت به.
--------------
الأمالي للمفيد ص 281, الأمالي للطوسي ص 109, بشارة المصطفى ص 258, بحار الأنوار ج 43 ص 210, العوالم ج 11 ص 1097
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عمار بن ياسر قال: لما مرضت فاطمة بنت رسول الله (ص) - مرضتها التي توفيت فيها - وثقلت، جاءها العباس بن عبد المطلب عائدا فقيل له: إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره وأرسل إلى علي (ع)، فقال لرسوله: قل له: يا ابن أخ، عمك يقرئك السلام، ويقول لك: قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله (ص) وقرة عينيه وعيني فاطمة ما هدني؛ وإني لأظنها أولنا لحوقا برسول الله (ص)، يختار لها ويحبوها ويزلفها لربه؛ فإن كان من أمرها ما لا بد منه، فاجمع- أنا لك الفداء- المهاجرين والأنصار حتى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للدين. فقال علي (ع) لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام، وقل: لا عدمت إشفاقك وتحيتك، وقد عرفت مشورتك، ولرأيك فضله. إن فاطمة بنت رسول الله (ص) لم تزل مظلومة، من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله (ص)، ولا رعي فيها حقه، ولا حق الله عز وجل وكفى بالله حاكما، ومن الظالمين منتقما؛ وأنا أسألك يا عم، أن تسمح لي بترك ما أشرت به فإنها وصتني بستر أمرها. قال: فلما أتى العباس رسوله بما قال علي (ع)، قال: يغفر الله لابن أخي فإنه لمغفور له، إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه؛ إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي (ص)، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل فضيلة، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهادا للأعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله (ص).
------------
الأمالي للطوسي ص 155, بحار الأنوار ج 43 ص 209, العوالم ج 11 ص 1098
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: لما قبض رسول الله (ص) ما ترك إلا الثقلين: كتاب الله وعترته أهل بيته, وكان قد أسر إلى فاطمة صلوات الله عليها أنها لاحقة به، وأنها أول أهل بيته لحوقا. قالت: بينا أني بين النائمة واليقظانة بعد وفاة أبي بأيام، إذ رأيت كأن أبي قد أشرف علي، فلما رأيته لم أملك نفسي أن ناديت: يا أبتاه، انقطع عنا خبر السماء، فبينا أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفا يقدمها ملكان حتى أخذاني فصعدا بي إلى السماء، فرفعت رأسي، فإذا أنا بقصور مشيدة وبساتين وأنهار تطرد، وقصر بعد قصر، وبستان بعد بستان، وإذا قد اطلع علي من تلك القصور جواري، كأنهن اللعب، فهن يتباشرن ويضحكن إلي ويقلن: مرحبا بمن خلقت الجنة وخلقنا من أجل أبيها. فلم تزل الملائكة تصعد بي حتى أدخلوني إلى دار فيها قصور، في كل قصر من البيوت ما لا عين رأت، وفيها من السندس والإستبرق على الأسرة الكثير؛ وعليها ألحاف من ألوان الحرير والديباج، وآنية الذهب والفضة؛ وفيها موائد عليها من ألوان الطعام، وفي تلك الجنان نهر مطرد أشد بياضا من اللبن، وأطيب رائحة من المسك الأذفر. فقلت: لمن هذه الدار؟ وما هذا النهر؟ فقالوا: هذه الدار الفردوس الأعلى الذي ليس بعده جنة، وهي دار أبيك ومن معه من النبيين، ومن أحب الله. قلت: فما هذا النهر؟ قالوا: هذا الكوثر الذي وعده أن يعطيه إياه. فقلت: فأين أبي؟ قالوا: الساعة يدخل عليك. فبينا أنا كذلك إذ برزت لي قصور هي أشد بياضا وأنور من تلك، وفرش هي أحسن من تلك الفرش، وإذا أنا بفرش مرتفعة على أسرة، وإذا أبي (ص) جالس على تلك الفرش، ومعه جماعة، فلما رآني أخذني فضمني، وقبل ما بين عيني، وقال: مرحبا بابنتي، وأخذني وأقعدني في حجره ثم قال لي: يا حبيبتي، أما ترين ما أعد الله لك وما تقدمين عليه؟ فأراني قصورا مشرقات، فيها ألوان الطرائف والحلي والحلل. وقال: هذه مسكنك ومسكن زوجك وولديك، ومن أحبك وأحبهما، فطيبي نفسا، فإنك قادمة علي إلى أيام. قالت: فطار قلبي، واشتد شوقي، وانتبهت من رقدتي مرعوبة.
قال أبو عبد الله: قال أمير المؤمنين (ع): فلما انتبهت من مرقدها صاحت بي، فأتيتها فقلت لها: ما تشتكين؟ فخبرتني بخبر الرؤيا، ثم أخذت علي عهدا لله ورسوله: أنها إذا توفيت لا اعلم أحدا إلا أم سلمة زوج رسول الله (ص) وأم أيمن وفضة، ومن الرجال: ابنيها وعبد الله بن عباس وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد وأبو ذر وحذيفة. وقالت: إني أحللتك من أن تراني بعد موتي، فكن مع النسوة فيمن يغسلني، ولا تدفني إلا ليلا، ولا تعلم أحدا قبري.
-----------
دلائل الإمامة ص 131, بحار الأنوار ج 43 ص 207, العوالم ج 11 ص 1073
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أسماء بنت عميس، قالت: لما حضرت فاطمة (ع) الوفاة قالت لي: إن جبرئيل أتى النبي (ص) لما حضرته الوفاة بكافور من الجنة فقسمه أثلاثا، ثلثا لنفسه وثلثا لعلي وثلثا لي, وكان أربعين درهما، فقالت: يا أسماء إيتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا فضعيه عن رأسي, ثم تسجت بثوبها وقالت: انتظريني هنيهة ثم ادعني فإن أجبتك وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي, قال الراوي: فانتظرتها أسماء هنيهة، ثم نادتها فلم تجبها، فنادت: يا بنت محمد المصطفى! يا بنت أكرم من حملته النساء! يا بنت خير من وطأ الحصى! يا بنت من كان من ربه قاب قوسين أو أدنى! قال: فلم تجبها، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا، فوقعت عليها تقبلها وهي تقول: يا فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله فاقرأيه عن أسماء بنت عميس السلام. فبينا هي كذلك دخل الحسن والحسين (ع) فقالا: يا أسماء ما ينيم أمنا في هذه الساعة, قالت: يا بني رسول الله (ص) ليست أمكما نائمة قد فارقت الدنيا, فوقع عليها الحسن (ع) يقبلها مرة ويقول: يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني, وأقبل الحسين (ع) يقبل رجلها ويقول: يا أماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت, قالت لهما أسماء: يا بني رسول الله انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما, فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء فابتدرهم جميع الصحابة فقالوا: ما يبكيكما يا بني رسول الله؟ لا أبكى الله أعينكما, لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما (ص) فبكيتما شوقا إليه؟ فقالا: لا أوليس قد ماتت أمنا فاطمة, فوقع علي (ع) على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟ كنت بك أتعزى ففيم العزاء من بعدك؟ ثم قال (ع):
لكل اجتماع من خليلين فرقة ... وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد ... دليل على أن لا يدوم خليل
--------------
كشف الغمة ج 1 ص 500, بحار الأنوار ج 43 ص 177, بيت الأحزان ص 179, العوالم ج 11 ص 1085
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن، وأسماء بنت عميس، ووجهت خلف علي فأحضرته. فقالت: يا ابن عم، إنه قد نعيت إلي نفسي، وإنني لا أرى ما بي إلا أنني لا حقة بأبي ساعة بعد ساعة وأنا اوصيك بأشياء في قلبي. قال لها علي (ع): أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله، فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت. ثم قالت: يا ابن عم، ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني. فقال (ع): معاذ الله، أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله من أن اوبخك بمخالفتي، قد عز علي مفارقتك وفقدك، إلا أنه أمر لا بد منه والله جددت علي مصيبة رسول الله (ص) وقد عظمت وفاتك وفقدك، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها، هذه والله مصيبة لا عزاء لها، ورزية لا خلف لها. ثم بكيا جميعا ساعة، وأخذ علي رأسها (ع)وضمها إلى صدره، ثم قال: أوصيني بما شئت فإنك تجديني فيها أمضي كما أمرتني به، وأختار أمرك على أمري؛ ثم قالت: جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم رسول الله، اوصيك أولا: أن تتزوج بعدي بأمامة، فإنها تكون لولدي مثلي، فإن الرجال لا بد لهم من النساء - قال: فمن أجل ذلك قال أمير المؤمنين (ع): أربع ليس لي إلى فراقهن سبيل، امامة أوصتني بها فاطمة بنت محمد (ص) - ثم قالت: اوصيك يا ابن عم، أن تتخذ لي نعشا، فقد رأيت الملائكة صوروا صورته، فقال لها: صفيه لي، فوصفته، فاتخذه لها، فأول نعش عمل على وجه الأرض ذلك وما رأى قبله ولا عمل أحد. ثم قالت: اوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا حقي فإنهم عدوي وعدو رسول الله (ص)؛ ولا تترك أن يصلي علي أحد منهم، ولا من أتباعهم. وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار.
-------------
روضة الواعظين ج 1 ص 151, بحار الأنوار ج 43 ص 191, العوالم ج 11 ص 1081
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله, عن آبائه قال: إن فاطمة (ع) لما احتضرت أوصت عليا (ع) فقالت: إذا أنا مت فتول أنت غسلي وجهزني, وصل علي وأنزلني قبري, وألحدني وسو التراب علي, واجلس عند رأسي قبالة وجهي فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء, فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء, وأنا أستودعك الله تعالى وأوصيك في ولدي خيرا.
------------
بحار الأنوار ج 79 ص 27, العوالم ج 11 ص 1100, مستدرك الوسائل ج 2 ص 339 بعضه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عبد الله بن الحسن, عن أبيه, عن جده (ع): أن فاطمة بنت رسول الله (ص) لما احتضرت نظرت نظرا حادا ثم قالت: السلام على جبرئيل, السلام على رسول الله, اللهم مع رسولك, اللهم في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام, ثم قالت: أترون ما أرى؟ فقيل لها: ما ترى؟ قالت: هذه مواكب أهل السماوات, وهذا جبرئيل, وهذا رسول الله ويقول: يا بنية اقدمي فما أمامك خير لك.
---------------
بحار الأنوار ج 43 ص 200, بيت الأحزان ص 178, العوالم ج 11 ص 892 عن مصباح الأنوار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جعفر بن محمد، عن آبائه (ع)، قال: لما حضرت فاطمة (ع) الوفاة بكت، فقال لها أمير المؤمنين (ع): يا سيدتي، ما يبكيك؟ قالت: أبكي لما تلقى بعدي. فقال لها: لا تبكي،- فو الله- إن ذلك لصغير عندي في ذات الله تعالى. (قال:) وأوصته أن لا يؤذن بها الشيخين، ففعل.
----------
بحار الأنوار ج 43 ص 218 عن مصباح الأنوار, العوالم ج 11 ص 1072
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قالت سلمى امرأة أبي رافع: اشتكت فاطمة (ع) شكواها التي قبضت فيها, وكنت امرضها, فأصبحت يوما أسكن ما كانت، فخرج علي (ع) إلى بعض حوائجه وقالت (ع): اسكبي لي غسلا. فسكبت، وقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل، ثم لبست أثوابها الجدد، ثم قالت: افرشي فراشي وسط البيت، ثم استقبلت القبلة ونامت، وقالت (ع): أنا مقبوضة، وقد اغتسلت فلا يكشفني أحد، ثم وضعت خدها على يدها، ثم ماتت.
----------------
مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 364, كشف الغمة ج 1 ص 502, تسلية المجالس ج 1 ص 569, بحار الأنوار ج 43 ص 183, العوالم ج 11 ص 1084, الأمالي للطوسي ص 400 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
ثم توفيت (السيدة الزهراء ع) وبنيها فصاح أهل المدينة صيحة واحدة، واجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهن وهن يقلن: يا سيدتاه، يا بنت رسول الله. وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي (ع)، وهو جالس والحسن والحسين عليهما السلام بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهما.
-------------
روضة الواعظين ج 1 ص 151, بحار الأنوار ج 43 ص 192, العوالم ج 11 ص 1082
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
لما توفيت (السيدة الزهراء ع)، شقت أسماء جيبها وخرجت، فتلقاها الحسن والحسين عليهما السلام فقالا: أين أمنا؟ فسكتت، فدخلا البيت، فإذا هي ممتدة، فحركها الحسين (ع) فإذا هي ميتة؛ فقال: يا أخاه، آجرك الله في الوالدة، وخرجا يناديان: يا محمداه، يا أحمداه، اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت أمنا. ثم أخبرا عليا (ع) وهو في المسجد، فغشي عليه حتى رش عليه الماء، ثم أفاق، فحملهما, حتى أدخلهما بيت فاطمة (ع) وعند رأسها أسماء تبكي وتقول: وايتامي محمد، كنا نتعزي بعدك، فكشف علي (ع) عن وجهها فإذا برقعة عند رأسها، فنظر فيها، فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم, هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله (ص)، أوصت وهي تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وان الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، يا علي أنا فاطمة بنت محمد زوجني الله منك لأكون ذلك في الدنيا والآخرة، أنت أولى بي من غيري، حنطني وغسلني وكفنني بالليل, وصل علي وادفني بالليل, ولا تعلم أحدا واستودعك الله, واقرء على ولدي السلام إلى يوم القيامة. ...فدفنوها، فجلس علي (ع) على شفير القبر، فقال: يا أرض، استودعتك وديعتي، هذه بنت رسول الله، فنودي منها: يا علي، أنا أرفق بها منك، فارجع ولا تهتم. فرجع، وانسد القبر واستوى بالأرض، فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة.
---------------
بحار الأنوار ج 43 ص 214, العوالم ج 11 ص 1091
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جعفر بن محمد، عن آبائه (ع) قال: ماتت فاطمة (ع) ما بين المغرب والعشاء.
-----------
بحار الأنوار ج 43 ص 200 عن مصباح الأنوار, العوالم ج 11 ص 1073
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أسماء بنت عميس قالت: أوصت فاطمة (ع) إلي ألا يغسلها إذا ماتت إلا أنا وعلي، فأعنت عليا (ع) على غسلها.
------------
مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 364, إعلام الورى ص 152, كشف الغمة ج 1 ص 500, تسلية المجالس ج 1 ص 569, وسائل الشيعة ج 2 ص 534, بحار الأنوار ج 43 ص 184, العوالم ج 11 ص 1085
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: أوصت إلي فاطمة (ع) أن لا يغسلها غيري، وسكبت أسماء بنت عميس.
-----------
دعائم الإسلام ج 1 ص 228, بحار الأنوار ج 78 ص 307, العوالم ج 11 ص 1096, مستدرك الوسائل ج 2 ص 184
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله (ع): من غسل فاطمة (ع)؟ قال: ذاك أميرالمؤمنين, فكأنما إستفظعت ذلك من قوله, فقال لي: كأنك ضقت مما أخبرتك؟ فقلت: قد كان ذلك جعلت فداك, فقال: لاتضيقن فإنها "صديقة" لم يكن يغسلها إلا صديق, أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى.
----------
الكافي ج 1 ص 459, التهذيب ج 1 ص 440, الإستبصار ج 1 ص 199, علل الشرائع ج 1 ص 184, دعوات الراوندي ص 254, الوافي ج 3 ص 745, وسائل الشيعة ج 2 ص 530, بحار الأنوار ج 14 ص 197, العوالم ج 11 ص 91, رياض الأبرار ج 1 ص 64 بإختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع) يوم الشورى: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أعطاه رسول الله (ص) حنوطا الجنة, ثم قال (ص): "اقسمه أثلاثا, ثلثا لي تحنطني به، وثلثا لا بنتي، وثلثا لك," غيري؟ قالوا: لا.
-----------
الإحتجاج ج 1 ص 144, بحار الأنوار ج 22 ص 545, العوالم ج 11 ص 1104, مستدرك الوسائل ج 2 ص 210
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (ع) قال: قال علي بن أبي طالب (ع): كان في الوصية أن يدفع إلي الحنوط، فدعاني رسول الله (ص) قبل وفاته بقليل، فقال: يا علي، ويا فاطمة، هذا حنوطي من الجنة دفعه إلي جبرئيل (ع) وهو يقرئكما السلام ويقول لكما: اقسماه واعزلا منه لي ولكما. فقالت فاطمة: يا أبتاه، لك ثلثه، وليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب (ع)، فبكى رسول الله (ص) وضمها إليه فقال: موفقة، رشيدة، مهدية، ملهمة. يا علي، قل في الباقي، قال: نصف ما بقي لها، والنصف لمن ترى يا رسول الله؟ قال: هو لك فاقبضه.
-------------
طرف من الأنباء والمناقب ص 195, مدينة المعاجز ج 3 ص 58, بحار الأنوار ج 78 ص 324, العوالم ج 11 ص 1105, مستدرك الوسائل ج 2 ص 209 عن مصباح الأنوار, وسائل الشيعة ج 3 ص 15 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الأصبغ بن نباتة قال: سئل علي بن أبي طالب (ع) عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله (ص) ليلا, فقال (ع) إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها, وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها.
----------
الأمالي للصدوق ص 657, روضة الواعظين ج 1 ص 153, مناقب أشوب ج 3 ص 363, تسلية المجالس ج 1 ص 568, بحار الأنوار ج 43 ص 183, العوالم ج 11 ص 1119, مستدرك الوسائل ج 2 ص 289
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن النوفلي، عن ابن البطائني، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (ع): لأي علة دفنت فاطمة (ع) بالليل ولم تدفن بالنهار؟ قال: لأنها أوصت أن لا يصلي عليها رجال.
----------
علل الشرائع ج 1 ص 185, وسائل الشيعة ج 3 ص 159, بحار الأنوار ج 78 ص 250, العوالم ج 11 ص 1120
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ابن عباس قال: أوصت فاطمة (ع) أن لا يعلم إذا ماتت أبو بكر ولا عمر، ولا يصليا عليها. قال: فدفنها علي (ع) ليلا، ولم يعلمها بذلك.
----------
مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 363, بحار الأنوار ج 31 ص 619, العوالم ج 11 ص 1083
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل: كم كبر أمير المؤمنين على فاطمة (ع)؟ فقال: كان يكبر أمير المؤمنين (ع) تكبيرة فيكبر جبرئيل تكبيرة والملائكة المقربون إلى أن كبر أمير المؤمنين (ع) خمسا، فقيل له: وأين كان يصلي عليها؟ قال: في دارها ثم أخرجها.
---------------
بحار الأنوار ج 78 ص 390 عن مصباح الأنوار, مستدرك الوسائل ج 2 ص 255, بيت الأحزان ص 183, العوالم ج 11 ص 1110
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن زرارة, عن أبي جعفر (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): خُلقت الأرض لسبعة, بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم: سلمان الفارسي, والمقداد, وأبو ذر, وعمار, وحذيفة. وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يقول: وأنا إمامهم, وهم الذين صلوا على فاطمة (ع).
------------
الاختصاص ص 5، رجال الكشي ص 7, بحار الأنوار ج 22 ص 326،. ونحوه: الخصال ص360، تفسير فرات ص 570، الوافي ج 2 ص 199, روضة الواعظين ج 2 ص 280, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 189, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 564, العوالم ج 11 ص 1095, خاتمة المستدرك ج 8 ص 174
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي أنه لما صار بها (بالسيدة الزهراء ع) إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولها وانصرف.
------------
مناقب آشوب ج 3 ص 365, تسلية المجالس ج 1 ص 571, بحار الأنوار ج 43 ص 184, العوالم ج 11 ص 1085
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله, عن آبائه (ع) أن أمير المؤمنين (ع) لما وضع فاطمة بنت رسول الله (ص) في القبر قال: بسم الله الرحمن الرحيم, بسم الله وبالله, وعلى ملة رسول الله محمد بن عبد الله, سلمتك أيتها الصديقة إلى من هو أولى بك مني, ورضيت لك بما رضي الله تعالى لك, ثم قرأ {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} فلما سوى عليها التراب أمر بقبرها فرش عليه الماء, ثم جلس عند قبرها باكيا حزينا, فأخذ العباس بيده فانصرف به.
-------------
بحار الأنوار ج 79 ص 27, العوالم ج 11 ص 1100, مستدرك الوسائل ج 2 ص 337
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله الحسين بن علي (ع) قال: لما قبضت فاطمة (ع) دفنها أمير المؤمنين سرا وعفا على موضع قبرها, ثم قام فحول وجهه إلى قبر رسول الله (ص) فقال: السلام عليك يا رسول الله عني, والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي إلا أن في التأسي لي بسنتك في فرقتك موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت نفسك بين نحري وصدري، بلى وفي كتاب الله لي أنعم القبول {إنا لله وإنا إليه راجعون}، قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، وأخلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله، أما حزني فسرمد؛ وأما ليلي فمسهد، وهم لايبرح من قلبي أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا، وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها، فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول، ويحكم الله وهو خير الحاكمين. سلام مودع لاقال ولاسئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، واه واها، والصبر أيمن وأجمل، ولو لاغلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاما معكوفا، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا، وتهضم حقها، وتمنع إرثها، ولم يتباعد العهد، ولم يخلق منك الذكر، وإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك يا رسول الله أحسن العزاء، صلى الله عليك، وعليها السلام والرضوان.
---------------
الكافي ج 1 ص 458, بحار الأنوار ج 43 ص 193, الأمالي للطوسي ص 109, بشارة المصطفى ص 258, دلائل الامامة ص 137, الوافي ج 3 ص 748, رياض الأبرار ج 1 ص 64, العوالم ج 11 ص 1122
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال بعد شهادة السيدة الزهراء (ع):
حبيب ليس يعدله حبيب ... وما لسواه في قلبي نصيب
حبيب غاب عن عيني وجسمي ... وعن قلبي حبيبي لا يغيب
وعنه (ع) أنه قال مخاطبا لها بعد وفاتها (ع):
ما لي وقفت على القبور مسلما ... قبر الحبيب فلم يرد جوابي
أحبيب ما لك لا ترد جوابنا ... أنسيت بعدي خلة الأحباب
وعنه (ع) أنه قال مجيبا لنفسه من قبلها (ع):
قال الحبيب وكيف لي بجوابكم ... وأنا رهين جنادل وتراب
أكل التراب محاسني فنسيتكم ... وحجبت عن أهلي وعن أترابي
فعليكم مني السلام تقطعت ... عني وعنكم خلة الأحباب
-------------
بحار الأنوار ج 43 ص 217, العوالم ج 11 ص 1127
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
وذكر الحاكم: أن فاطمة (ع) لما ماتت أنشأ علي (ع):
نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة وإنما أبكي مخافة أن تطول حياتي
------------
بحار الأنوار ج 43 ص 213, العوالم ج 11 ص 1125
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أمير المؤمنين (ع) أنه أنشد بعد شهادة السيدة الزهراء (ع):
ألا هل إلى طول الحياة سبيل ... وأنى وهذا الموت ليس يحول
وإني وإن أصبحت بالموت موقنا ... فلي أمل من دون ذاك طويل
وللدهر ألوان تروح وتغتدي ... وإن نفوسا بينهن تسيل
ومنزل حق لا معرج دونه ... لكل امرئ منها إليه سبيل
قطعت بأيام التعزز ذكره ... وكل عزيز ما هناك ذليل
أرى علل الدنيا علي كثيرة ... وصاحبها حتى الممات عليل
وإني لمشتاق إلى من أحبه ... فهل لي إلى من قد هويت سبيل
وإني وإن شطت بي الدار نازحا ... وقد مات قبلي بالفراق جميل
فقد قال في الأمثال في البين قائل ... أضر به يوم الفراق رحيل
لكل اجتماع من خليلين فرقة ... وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد ... دليل على أن لا يدوم خليل
وكيف هناك العيش من بعد فقدهم ... لعمرك شيء ما إليه سبيل
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي ... ويظهر بعدي للخيل عديل
وليس خليلي بالملول ولا الذي ... إذا غبت يرضاه سواي بديل
ولكن خليلي من يدوم وصاله ... ويحفظ سري قلبه ودخيل
إذا انقطعت يوما من العيش مدتي ... فإن بكاء الباكيات قليل
يريد الفتى أن لا يموت حبيبه ... وليس إلى ما يبتغيه سبيل
وليس جليلا رزء مال وفقده ... ولكن رزء الأكرمين جليل
لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع ... وفي القلب من حر الفراق غليل
-----------
بحار الأنوار ج 43 ص 216, العوالم ج 11 ص 1126
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال الراوي: وأصبح البقيع ليلة دفنت (ع) وفيه أربعون قبرا جددا, وإن المسلمين لما علموا وفاتها جاؤوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور, فضج الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا: لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها ولا تعرفوا قبرها، ثم قال ولاة الأمر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها ونزور قبرها. فبلغ ذلك أمير المؤمنين (ع)، فخرج مغضبا قد احمرت عيناه ودرت أوداجه وعليه قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة وهو متكأ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير وقالوا: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبر حجر ليضعن السيف على غابر الآخر, فتلقاه عمر ومن معه من أصحابه وقال له: ما لك يا أبا الحسن؟ والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها، فضرب علي (ع) بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض وقال له: يا بن السوداء أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم، وأما قبر فاطمة (ع) فوالذي نفس علي بيده لئن رمت وأصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت فأعرض يا عمر، فتلقاه أبو بكر فقال: يا أبا الحسن بحق رسول الله وبحق من فوق العرش إلا خليت عنه, فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه, قال: فخلا عنه وتفرق الناس ولم يعودوا إلى ذلك.
---------------
دلائل الإمامة ص 137, بحار الأنوار ج 43 ص 171, بيت الأحزان ص 185, رياض الأبرار ج 1 ص 60
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: ولدت فاطمة (ع) في جمادى الآخرة يوم العشرين منه، سنة خمس وأربعين من مولد النبي (ص)، فأقامت بمكة ثمان سنين وبالمدينة عشر سنين، وبعد وفاة أبيها خمسة وتسعين يوما، وقبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشرة من الهجرة.
-----------
دلائل الإمامة ص 79, مرآة العقول ج 5 شرح ص 313, بحار الأنوار ج 43 ص 9, العوالم ج 11 ص 47
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبيدة, عن أبي عبد الله (ع): إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (ص) خمسة وسبعين يوما, وكان دخلها حزن شديد على أبيها, وكان جبرئيل (ع) يأتيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه في الجنة ويخبرها ما يكون بعدها في ذريتها وكان علي (ع) يكتب ذلك.
---------------
الكافي ج 1 ص 458, بصائر الدرجات ص 154, الخرائج ج 2 ص 526, دلائل الإمامة ج 2 ص 526, الوافي ج 3 ص 745, إثبات الهداة ج 3 ص 436, بحار الأنوار ج 22 ص 545, رياض الأبرار ج 1 ص 38, العوالم ج 11 ص 789
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: عاشت فاطمة (ع) بعد أبيها خمسة وسبعين يوما, لم تر كاشرة ولا ضاحكة, تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين: الإثنين والخميس, فتقول: هاهنا كان رسول الله (ص) هاهنا كان المشركون.
------------
الكافي ج 3 ص 228, الوافي ج 14 ص 1389, وسائل الشيعة ج 3 ص 223, بحار الأنوار ج 43 ص 195, العوالم ج 11 ص 789
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* رسالة عمر إلى معاوية يصف هجوم الدار:
عن سعيد بن المسيب, قال: لما قتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما ورد نعيه إلى المدينة, وورد الاخبار بجز رأسه وحمله إلى يزيد بن معاوية, وقتل ثمانية عشر من أهل بيته, وثلاث وخمسين رجلاً من شيعته, وقتل علي ابنه بين يديه وهو طفل بنشابة, وسبي ذراريه, أقيمت المآتم عند أزواج النبي (ص) في منزل أم سلمة رضي الله عنها, وفي دور المهاجرين والانصار, قال: فخرج عبد الله بن عمر بن الخطاب صارخاً من داره لاطماً وجهه شاقاً جيبه يقول: يا معشر بني هاشم وقريش والمهاجرين والانصار! يستحل هذا من رسول الله (ص) في أهله وذريته وأنتم أحياء ترزقون!! لا قرار دون يزيد, وخرج من المدينة تحت ليله, لا يرد مدينة إلا صرخ فيها واستنفر أهلها على يزيد, وأخباره يكتب بها إلى يزيد, فلم يمر بملأ من الناس إلا لعنه وسمع كلامه, وقالوا هذا عبد الله بن عمر ابن خليفة رسول الله (ص) وهو ينكر فعل يزيد بأهل بيت رسول الله (ص) ويستنفر الناس على يزيد, وإن من لم يجبه لا دين له ولا إسلام, واضطرب الشام بمن فيه, وورد دمشق وأتى باب اللعين يزيد في خلق من الناس يتلونه, فدخل إذن يزيد إليه فأخبره بوروده ويده على أم رأسه والناس يهرعون إليه قدامه ووراءه, فقال يزيد: فورة من فورات أبي محمد, وعن قليل يفيق منها, فأذن له وحده فدخل صارخاً يقول: لا أدخل يا أمير المؤمنين! وقد فعلت بأهل بيت محمد (ص) ما لو تمكنت الترك والروم ما استحلوا ما استحللت, ولا فعلوا ما فعلت! قم عن هذا البساط حتى يختار المسلمون من هو أحق به منك, فرحب به يزيد وتطاول له وضمه إليه وقال له: يا أبا محمد! اسكن من فورتك, واعقل, وانظر بعينك واسمع بأذنك, ما تقول في أبيك عمر بن الخطاب أكان هادياً مهدياً خليفة رسول الله (ص) وناصره ومصاهره بأختك حفصة, والذي قال: لا يعبد الله سراً؟ فقال عبد الله: هو كما وصفت, فأي شيء تقول فيه؟ قال: أبوك قلد أبي أمر الشام, أم أبي قلد أباك خلافة رسول الله (ص)؟ فقال: أبي قلد أباك الشام, قال: يا أبا محمد! أفترضى به وبعهده إلى أبي أو ما ترضاه؟ قال: بل أرضى, قال: أفترضى بأبيك؟ قال: نعم, فضرب يزيد بيده على يد عبد الله بن عمر وقال له: قم يا أبا محمد حتى تقرأ, فقام معه حتى ورد خزانة من خزائنه, فدخلها ودعا بصندوق ففتح واستخرج منه تابوتاً مقفلاً مختوماً فاستخرج منه طوماراً لطيفاً في خرقة حرير سوداء, فأخذ الطومار بيده ونشره, ثم قال: يا أبا محمد, هذا خط أبيك؟ قال: إي والله! فأخذه من يده فقبله, فقال له: اقرأ, فقرأه ابن عمر, فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم إن الذي أكرهنا بالسيف على الاقرار به فأقررنا, والصدور وغرة, والانفس واجفة, والنيات والبصائر شائكة مما كانت عليه من جحدنا ما دعانا إليه, وأطعناه فيه رفعاً لسيوفه عنا, وتكاثره بالحي علينا من اليمن, وتعاضد من سمع به ممن ترك دينه وما كان عليه آباؤه في قريش, فبهبل أقسم والاصنام والاوثان واللات والعزى ما جحدها عمر مذ عبدها ولا عبد للكعبة رباً!! ولا صدق لمحمد (ص) قولاً, ولا ألقى السلام إلا للحيلة عليه وإيقاع البطش به, فإنه قد أتانا بسحر عظيم, وزاد في سحره على سحر بني إسرائيل مع موسى وهارون وداود وسليمان وابن أمه عيسى, ولقد أتانا بكل ما أتوا به من السحر وزاد عليهم ما لو أنهم شهدوه لاقروا له بأنه سيد السحرة, فخذ يابن أبي سفيان سُنة قومك واتباع ملتك والوفاء بما كان عليه سلفك من جحد هذه البنية التي يقولون إن لها رباً أمرهم بإتيانها والسعي حولها وجعلها لهم قبلة فأقروا بالصلاة والحج الذي جعلوه ركناً, وزعموا أنه لله اختلقوا (1), فكان ممن أعان محمداً منهم هذا الفارسي الطمطاني روزبه, وقالوا إنه أوحي إليه: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين} وقولهم: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} وجعلوا صلاتهم للحجارة, فما الذي أنكره علينا لولا سحره من عبادتنا للاصنام والاوثان واللات والعزى وهي من الحجارة والخشب والنحاس والفضة والذهب؟! لا واللات والعزى ما وجدنا سبباً للخروج عما عندنا وإن سحروا وموهوا, فانظر بعين مبصرة, واسمع بأذن واعية, وتأمل بقلبك وعقلك ما هم فيه, واشكر اللات والعزى واستخلاف السيد الرشيد عتيق بن عبد العزى على أمة محمد وتحكمه في أمواله ودمائهم وشريعتهم وأنفسهم وحلالهم وحرامهم, وجبايات الحقوق التي زعموا أنهم يجبونها لربهم ليقيموا بها أنصارهم وأعوانهم, فعاش شديداً رشيداً يخضع جهراً ويشتد سراً, ولا يجد حيلة غير معاشرة القوم, ولقد وثبت وثبة على شهاب بني هاشم الثاقب, وقرنها الزاهر, وعلمها الناصر, وعدتها وعددها مسمى بحيدرة المصاهر لمحمد على المرأة التي جعلوها سيدة نساء العالمين يسمونها فاطمة, حتى أتيت دار علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين وابنتيهما زينب وأم كلثوم, والامة المدعوة بفضة, ومعي خالد بن وليد وقنفذ مولى أبي بكر ومن صحب من خواصنا, فقرعت الباب عليهم قرعاً شديداً, فأجابتني الامة, فقلت لها: قولي لعلي دع الاباطيل ولا تلج نفسك إلى طمع الخلافة, فليس الامر لك, الامر لمن اختاره المسلمون واجتمعوا عليه, ورب اللات والعزى لو كان الامر والرأي لأبي بكر لفشل عن الوصول إلى ما وصل إليه من خلافة ابن أبي كبشة, لكني أبديت لها صفحتي, وأظهرت لها بصري, وقلت للحيين نزار وقحطان بعد أن قلت لهم ليس الخلافة إلا في قريش, فأطيعوهم ما أطاعوا الله, وإنما قلت ذلك لما سبق من ابن أبي طالب من وثوبه واستيثاره بالدماء التي سفكها في غزوات محمد وقضاء ديونه, وهي ثمانون ألف درهم وإنجاز عداته, وجمع القرآن, فقضاها على تليده وطارفه, وقول المهاجرين والانصار لما قلت إن الامامة في قريش قالوا: هو الاصلع البطين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي أخذ رسول الله (ص) البيعة له على أهل ملته, وسلمنا له بإمرة المؤمنين في أربعة مواطن, فإن كنتم نسيتموها معشر قريش فما نسيناها وليست البيعة ولا الامامة والخلافة والوصية إلا حقاً مفروضاً, وأمراً صحيحاً, لا تبرعاً ولا إدعاءً فكذبناهم, وأقمت أربعين رجلاً شهدوا على محمد أن الامامة بالاختيار, فعند ذلك قال الانصار: نحن أحق من قريش, لأنا آوينا ونصرنا وهاجر الناس إلينا, فإذا كان دفع من كان الامر له فليس هذا الامر لكم دوننا, وقال قوم: منا أمير ومنكم أمير, قلنا لهم: قد شهدوا أربعون رجلاً أن الائمة من قريش, فقبل قوم وأنكر آخرون وتنازعوا, فقلت والجمع يسمعون: ألا أكبرنا سناً وأكثرنا ليناً, قالوا: فمن تقول؟ قلت: أبو بكر الذي قدمه رسول الله (ص) في الصلاة, وجلس معه في العريش يوم بدر يشاوره ويأخذ برأيه, وكان صاحبه في الغار, وزوج ابنته عائشة التي سماها: أم المؤمنين, فأقبل بنو هاشم يتميزون غيظاً, وعاضدهم الزبير وسيفه مشهور وقال: لا يبايع إلا علي أو لا أملك رقبة قائمة سيفي هذا, فقلت: يا زبير! صرختك سكن من بني هاشم, أمك صفية بنت عبد المطلب, فقال: ذلك والله الشرف الباذخ والفخر الفاخر, يابن خنتمة ويابن صهاك! أسكت لا أم لك, فقال قولاً فوثب أربعون رجلاً ممن حضر سقيفة بني ساعدة على الزبير, فوالله ما قدرنا على أخذ سيفه من يده حتى وسدناه الارض, ولم نر له علينا ناصراً, فوثبت إلى أبي بكر فصافحته وعاقدته البيعة وتلاني عثمان بن عفان وسائر من حضر غير الزبير, وقلنا له: بايع أو نقتلك, ثم كففت عنه الناس, فقلت له: أمهلوه, فما غضب إلا نخوة لبني هاشم, وأخذت أبا بكر بيده فأقمته وهو يرتعد قد اختلط عقله, فأزعجته إلى منبر محمد إزعاجاً, فقال لي: يا أبا حفص! أخاف وثبة علي, فقلت له: إن علياً عنك مشغول, وأعانني على ذلك أبو عبيدة بن الجراح كان يمده بيده إلى المنبر وأنا أزعجه من ورائه كالتيس إلى شفار الجاذر, متهوناً, فقام عليه مدهوشاً, فقلت له: اخطب! فأغلق عليه وتثبت فدهش, وتلجلج وغمض, فعضضت على كفي غيظاً, وقلت له: قل ما سنح لك, فلم يأت خيراً ولا معروفاً, فأردت أن أحطه عن المنبر وأقوم مقامه, فكرهت تكذيب الناس لي بما قلت فيه, وقد سألني الجمهور منهم: كيف قلت من فضله ما قلت؟ ما الذي سمعته من رسول الله (ص) في أبي بكر؟ فقلت لهم: قد قلت سمعت من فضله على لسان رسول الله ما لو وددت أني شعرة في صدره ولي حكاية, فقلت: قل وإلا فانزل, فتبينها والله في وجهي وعلم أنه لو نزل لرقيت, وقلت ما لا يهتدي إلى قوله, فقال بصوت ضعيف عليل: وليتكم ولست بخيركم وعلي فيكم, واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني وما أراد به سواي فإذا زللت فقوموني لا أقع في شعوركم وأبشاركم, وأستغفر الله لي ولكم, ونزل فأخذت بيده وأعين الناس ترمقه وغمزت يده غمزاً, ثم أجلسته وقدمت الناس إلى بيعته وصحبته لأرهبه, وكل من ينكر بيعته ويقول: ما فعل علي بن أبي طالب؟! فأقول: خلعها من عنقه وجعلها طاعة المسلمين قلة خلاف عليهم في اختيارهم, فصار جليس بيته, فبايعوا وهم كارهون, فلما فشت بيعته علمنا أن علياً يحمل فاطمة والحسن والحسين إلى دور المهاجرين والانصار يذكرهم بيعته علينا في أربعة مواطن, ويستنفرهم فيعدونه النصرة ليلاً ويقعدون عنه نهاراً, فأتيت داره مستيشراً لإخراجه منها, فقالت الامة فضة وقد قلت لها قولي لعلي: يخرج إلى بيعة أبي بكر فقد اجتمع عليه المسلمون فقالت إن أمير المؤمنين (ع) مشغول, فقلت: خلي عنك هذا وقولي له يخرج وإلا دخلنا عليه وأخرجناه كرهاً, فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب, فقالت: أيها الضالون المكذبون! ماذا تقولون؟ وأي شئ تريدون؟ فقلت: يا فاطمة! فقالت فاطمة: ما تشاء يا عمر؟! فقلت: ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟ فقالت لي: طغيانك يا شقي أخرجني وألزمك الحجة, وكل ضال غوي, فقلت: دعي عنك الاباطيل وأساطير النساء وقولي لعلي يخرج, فقالت: لا حب ولا كرامة أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر! وكان حزب الشيطان ضعيفاً, فقلت: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها ناراً على أهل هذا البيت وأحرق من فيه, أو يقاد علي إلى البيعة, وأخذت سوط قنفذ فضربت وقلت لخالد بن الوليد: أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب, فقلت: إني مضرمها, فقالت: يا عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين, فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه فرمته فتصعب علي فضربت كفيها بالسوط فألمها, فسمعت لها زفيراً وبكاءً, فكدت أن ألين وأنقلب عن الباب فذكرت أحقاد علي وولوعه في دماء صناديد العرب, وكيد محمد وسحره, فركلت الباب وقد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه, وسمعتها وقد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها, وقالت: يا أبتاه! يا رسول الله! هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك, آه يا فضة! إليك فخذيني فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل, وسمعتها تمخض وهي مستندة إلى الجدار, فدفعت الباب ودخلت فأقبلت إلي بوجه أغشى بصري, فصفقت صفقة على خديها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتناثرت إلى الارض, وخرج علي, فلما أحسست به أسرعت إلى خارج الدار وقلت لخالد وقنفذ ومن معهما: نجوت من أمر عظيم! وفي رواية أخرى: قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي, وهذا علي قد برز من البيت وما لي ولكم جميعاً به طاقة, فخرج علي وقد ضربت يديها إلى ناصيتها لتكشف عنها وتستغيث بالله العظيم ما نزل بها, فأسبل علي عليها ملاءتها وقال لها: يا بنت رسول الله! إن الله بعث أباك رحمة للعالمين, وأيم الله لئن كشفت عن ناصيتك سائلة إلى ربك ليهلك هذا الخلق لأجابك حتى لا يبقى على الارض منهم بشراً, لأنك وأباك أعظم عند الله من نوح (ع) الذي غرق من أجله بالطوفان جميع من على وجه الارض وتحت السماء إلا من كان في السفينة, وأهلك قوم هود بتكذيبهم له, وأهلك عادا بريح صرصر, وأنت وأبوك أعظم قدراً من هود وعذب ثمود وهي اثنا عشر ألفاً بعقر الناقة والفصيل, فكوني يا سيدة النساء رحمة على هذا الخلق المنكوس ولا تكوني عذاباً, واشتد بها المخاض ودخلت البيت فأسقطت سقطاً سماه علي محسناً, وجمعت جمعاً كثيراً, لا مكاثرة لعلي ولكن ليُشد بهم قلبي وجئت وهو محاصر فاستخرجته من داره مكرهاً مغصوباً وسقته إلى البيعة سوقاً, وإني لأعلم علماً يقيناً لا شك فيه لو اجتهدت أنا وجميع من على الارض جميعاً على قهره ما قهرناه, ولكن لهنات كانت في نفسه أعلمها ولا أقولها, فلما انتهيت إلى سقيفة بني ساعدة قام أبو بكر ومن بحضرته يستهزؤن بعلي, فقال علي: يا عمر! أتحب أن أعجل لك ما أخرته سواء عنك؟ فقلت: لا, يا أمير المؤمنين! فسمعني والله خالد بن الوليد, فأسرع إلى أبي بكر, فقال له أبو بكر: ما لي ولعمر! ثلاثاً, والناس يسمعون, ولما دخل السقيفة صبا أبو بكر إليه, فقلت له: قد بايعت يا أبا الحسن فانصرف, فأشهد ما بايعه ولا مد يده إليه, وكرهت أن أطالبه بالبيعة فيعجل لي ما أخره عني, وود أبو بكر أنه لم ير علياً في ذلك المكان جزعاً وخوفاً منه, ورجع علي من السقيفة وسألنا عنه, فقالوا: مضى إلى قبر محمد فجلس إليه, فقمت أنا وأبو بكر إليه, وجئنا نسعى وأبو بكر يقول: ويلك يا عمر!! ما الذي صنعت بفاطمة, هذا والله الخسران المبين, فقلت: إن أعظم ما عليك أنه ما بايعنا ولا أثق أن تتثاقل المسلمون عنه, فقال: فما تصنع؟ فقلت: تظهر أنه قد بايعك عند قبر محمد, فأتيناه وقد جعل القبر قبلة, مسنداً كفه على تربته وحوله سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وحذيفة بن اليمان, فجلسنا بإزائه وأوعزت إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع علي يده ويقربها من يده, ففعل ذلك وأخذت بيد أبي بكر لامسحها على يده, وأقول قد بايع, فقبض علي يده فقمت أنا وأبو بكر موليا, وأنا أقول: جزا الله علياً خيراً فإنه لم يمنعك البيعة لما حضرت قبر رسول الله (ص), فوثب من دون الجماعة أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وهو يصيح ويقول: والله! يا عدو الله ما بايع علي عتيقاً, ولم يزل كلما لقينا قوماً وأقبلنا على قوم نخبرهم ببيعته وأبو ذر يكذبنا, والله ما بايعنا في خلافة أبي بكر ولا في خلافتي ولا يبايع لمن بعدي ولا بايع من أصحابه اثنا عشر رجلاً لا لأبي بكر ولا لي, فمن فعل يا معاوية فعلي واستشار أحقاده السالفة غيري! وأما أنت وأبوك أبو سفيان وأخوك عتبة فأعرف ما كان منكم في تكذيب محمد (ص) وكيده, وإدارة الدوائر بمكة وطلبته في جبل حرى لقتله, وتألف الاحزاب وجمعهم عليه, وركوب أبيك الجمل وقد قاد الاحزاب, وقول محمد: لعن الله الراكب والقائد والسائق, وكان أبوك الراكب وأخوك عتبة القائد وأنت السائق, ولم أنس أمك هنداً وقد بذلت لوحشي ما بذلت حتى تكمن لحمزة الذي دعوه أسد الرحمن في أرضه وطعنه بالحربة, ففلق فؤاده وشق عنه وأخذ كبده فحمله إلى أمك, فزعم محمد بسحره أنه لما أدخلته فاها لتأكله صار جلموداً فلفظته من فيها, فسماها محمد وأصحابه: آكلة الاكباد, وقولها في شعرها لاعتداء محمد ومقاتليه:
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
كالدر في المخانق والمسك في المفارق
إن يقبلوا نعانق أو يدبروا نفارق
فراق غير وامق
ونسوتها في الثياب الصفر المرئية مبديات وجوههن ومعاصمهن ورؤوسهن يحرصن على قتال محمد, إنكم لم تسلموا طوعاً وإنما أسلمتم كرهاً يوم فتح مكة فجعلكم طلقاء, وجعل أخي زيداً وعقيلاً أخا علي بن أبي طالب والعباس عمهم مثلهم, وكان من أبيك في نفسه, فقال: والله يا بن أبي كبشة! لأملأنها عليك خيلاً ورجلاً وأحول بينك وبين هذه الاعداء, فقال محمد: ويؤذن للناس أنه علم ما في نفسه أو يكفي الله شرك يا أبا سفيان! وهو يرى الناس أن لا يعلوها أحد غيري, وعلي ومن يليه من أهل بيته فبطل سحره وخاب سعيه, وعلاها أبو بكر وعلوتها بعده وأرجوا أن تكونوا معاشر بني أمية عيدان أطنابها, فمن ذلك قد وليتك وقلدتك إباحة ملكها وعرفتك فيها وخالفت قوله فيكم, وما أبالي من تأليف شعره ونثره, أنه قال: يوحى إلي منزل من ربي في قوله: {والشجرة الملعونة في القرآن} فزعم أنها أنتم يا بني أمية, فبين عداوته حيث ملك كما لم يزل هاشم وبنوه أعداء بني عبد شمس, وأنا مع تذكيري إياك يا معاوية وشرحي لك ما قد شرحته ناصح لك ومشفق عليك من ضيق عطنك وحرج صدرك, وقلة حلمك, أن تعجل فيما وصيتك به ومكنتك منه من شريعة محمد (ص) وأمته أن تبدي لهم مطالبته بطعن أو شماتة بموت أو رداً عليه فيما أتى به, أو استصغاراً لما أتى به فتكون من الهالكين, فتخفض ما رفعت وتهدم ما بنيت, واحذر كل الحذر حيث دخلت على محمد مسجده ومنبره وصدق محمداً في كل ما أتى به وأورده ظاهراً, وأظهر التحرز والواقعة في رعيتك, وأوسعهم حلماً, وأعمهم بروايح العطايا, وعليك بإقامة الحدود فيهم وتضعيف الجناية منهم لسببا (3) محمد من مالك ورزقك ولا ترهم أنك تدع لله حقاً ولا تنقض فرضاً ولا تغير لمحمد سنة فتفسد علينا الامة, بل خذهم من مأمنهم, واقتلهم بأيديهم, وأبدهم بسيوفهم وتطاولهم ولا تناجزهم, ولن لهم ولا تبخس عليهم, وافسح لهم في مجلسك, وشرقهم في مقعدك, وتوصل إلى قتلهم برئيسهم, وأظهر البشر والبشاشة بل أكظم غيظك واعف عنهم يحبوك ويطيعوك, فما آمن علينا وعليك ثورة علي وشبليه الحسن والحسين, فإن أمكنك في عدة من الامة فبادر ولا تقنع بصغار الامور, واقصد بعظيمها واحفظ وصيتي إليك وعهدي واخفه ولا تبده, وامتثل أمري ونهيي وانهض بطاعتي, وإياك والخلاف علي, واسلك طريق أسلافك, واطلب بثارك, واقتص آثارهم, فقد أخرجت إليك بسري وجهري, وشفعت هذا بقولي:
معاوي إن القوم جلت أمورهم بدعوة من عم البرية بالوتري
صبوت إلى دين لهم فأرابني فابعد بدين قد قصمت به ظهري
وأن أنس لا أنس الوليد وشيبة وعتبة والعاص السريع لدى بدر
وتحت شغاف القلب لدغ لفقدهم أبو حكم أعني الضيئل من الفقري
أولئك فاطلب يا معاوي ثارهم بنصل سيوف الهند والاسل السمري
وصل برجال الشام في معشرهم هم الاسد والباقون في أكمة الوعري
توسل إلى التخليط في الملة التي أتانا به الماضي المسموه بالسحري
وطالب بأحقاد مضت لك مظهراً لعلة دين عم كل بني النضر
فلست تنال الثار إلا بدينهم فتقتل بسيف القوم جيد بني عمري
لهذا لقد وليتك الشام راجياً وأنت جدير أن تؤول إلى صخري
قال: فلما قرأ عبد الله بن عمر هذا العهد, قام إلى يزيد فقبل رأسه, وقال: الحمد لله يا أمير المؤمنين! على قتلك الشاري ابن الشاري, والله ما أخرج أبي إلي بما أخرج إلى أبيك, والله لا رآني أحد من رهط محمد بحيث يحب ويرضى, فأحسن جائزته وبره, ورده مكرماً, فخرج عبد الله بن عمر من عنده ضاحكاً, فقال له الناس: ما قال لك؟ قال: قولاً صادقاً لوددت أني كنت مشاركه فيه, وسار راجعاً إلى المدينة, وكان جوابه لمن يلقاه هذا الجواب, ويروى أنه أخرج يزيد لعنه الله إلى عبد الله بن عمر كتاباً فيه عهد عثمان بن عفان فيه أغلظ من هذا وأدهى وأعظم من العهد الذي كتبه عمر لمعاوية, فلما قرأ عبد الله العهد الآخر قام فقبل رأس يزيد لعنهما الله, وقال: الحمد لله على قتلك الشاري ابن الشاري, واعلم أن والدي عمر أخرج إلي من سره بمثل هذا الذي أخرج إلى أبيك معاوية, ولا أرى أحداً من رهط محمد وأهله وشيعته بعد يومي هذا إلا غير منطو لهم على خير أبداً, فقال يزيد: أفيه شرح الخفا يا بن عمر؟ والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله, قال ابن عباس: أظهروا الايمان وأسروا الكفر, فلما وجدوا عليه أعواناً أظهروه. (1)
---------------
(1) وفي نسخة: اختلفوا.
(2) وفي نسخة: لسبب.
(3) بحار الأنوار ج 30 ص 287, العوالم ج 11 ص 599
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* علة عدم قيام أمير المؤمنين (ع) عند الهجوم على الدار:
عن سليم بن قيس أن الأشعث بن قيس قال لأمير المؤمنين (ع): ما منعك يا بن أبي طالب حين بويع أخو تيم بن مرة وأخو بني عدي بن كعب وأخو بني أمية بعدهما؛ أن تقاتل وتضرب بسيفك؟ وأنت لم تخطبنا خطبة منذ كنت قدمت العراق إلا وقد قلت فيها قبل أن تنزل عن منبرك: والله إني لأولى الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض الله محمدا (ص), فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟ فقال له علي(ع): يابن قيس, قلت فاسمع الجواب: لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهية للقاء ربي، وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله (ص) وعهده إلي، أخبرني رسول الله (ص) بما الأمة صانعة بي بعده، فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم مني ولا أشد يقينا مني به قبل ذلك، بل أنا بقول رسول الله (ص) أشد يقينا مني بما عاينت وشهدت، فقلت: يا رسول الله؛ فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا.
---------------
كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 663, الإحتجاج ج 1 ص 190, طرف من الأنباء والمناقب ص 504, إرشاد القلوب ج 2 ص 394, البرهان ج 3 ص 774, حلية الأبرار ج 2 ص 63, مرآة العقول ج 26 شرح ص 328, بحار الأنوار ج 29 ص 467, مستدرك الوسائل ج 11 ص 75
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي أنه قال رجل لأبي عبد الله (ع) ألم يكن علي قويا في بدنه قويا في أمر الله؟ قال له أبو عبد الله (ع): بلى, قال له: فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟ قال: قد سألت فافهم الجواب, منع عليا من ذلك آية من كتاب الله, فقال: وأي آية؟ فقرأ (ع): {لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} إنه كان لله ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين, فلم يكن علي (ع) ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع, فلما خرج ظهر على من ظهر وقتله, وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله, فإذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله.
------------
تفسير القمي ج 2 ص 316, تفسير الصافي ج 5 ص 43, البرهان ج 5 ص 90, الإنصاف في النص ص 538, بحار الأنوار ج 29 ص 428, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 70, تفسير كنز الددقائق ج 12 ص 299, بإختصار: كمال الدين ج 2 ص 641, علل الشرائع ج 1 ص 147, إثبات الهداة ج 5 ص 106, حلية الأبرار ج 2 ص 339, رياض الأبرار ج 3 ص 118
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
فوثب علي (ع) – وقت الهجوم على لدار - فأخذ بتلابيبه – عمر - ثم نتره فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله, فذكر قول رسول الله (ص) وما أوصاه به، فقال: والذي كرم محمدا بالنبوة يا بن صهاك، لولا كتاب من الله سبق وعهد عهد إلي رسول الله (ص) لعلمت أنك لا تدخل بيتي.
-------
كتاب سليم بن قيس ص 585, بحار الأنوار ج 28 ص 269, بين الأحزان ص 110, رياض الأبرار ج 1 ص 66, العوالم ج 11 ص 590
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن جابر بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن عباس, عن رسول الله (ص) في وصيته لأمير المؤمنين: يا أخي إن قريشا ستظاهر عليك وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك, فإن وجدت أعوانا فجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك, فإن الشهادة من ورائك لعن الله قاتلك.
---------------
كتاب سليم ج 2 ص 907, الغيبة للطوسي ص 193, طلرف من الأنباء ص 503, إثبات الهداة ج 1 ص 316, مرآة العقول ج 26 شرح ص 331, بحار الأنوار ج 29 ص 437, مستدرك الوسائل ج 11 ص 74
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
* منع فدك:
قصة فدك
عن أبا عبد الله (ع) انه قال: إن رسول الله (ص) خرج في غزاة فلما انصرف راجعا نزل في بعض الطريق، فبينا رسول الله (ص) يطعم والناس معه إذ أتاه جبرئيل (ع) فقال: يا محمد قم فاركب. فقام النبي (ص) فركب، وجبرئيل معه فطويت له الأرض كطي الثوب حتى انتهى إلى فدك, فلما سمع أهل فدك وقع الخيل ظنوا أن عدوهم قد جاءهم، فغلقوا أبواب المدينة، ودفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لهم خارج المدينة، ولحقوا برؤوس الجبال، فأتى جبرئيل العجوز حتى أخذ المفاتيح، ثم فتح أبواب المدينة ودار النبي (ص) في بيوتها وقراها، فقال جبرئيل (ع): يا محمد هذا ما خصك الله به وأعطاك دون الناس، وهو قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى} وذلك في قوله {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط على من يشاء}. ولم يغزوا المسلمون ولم يطؤوها ولكن الله أفاءها على رسوله، وطوف به جبرئيل في دورها وحيطانها وغلق الباب ودفع المفاتيح إليه, فجعلها رسول الله (ص) في غلاف سيفه وهو معلق بالرحل, ثم ركب وطويت له الأرض كطي الثوب، فأتاهم رسول الله (ص) وهم على مجالسهم لم يتفرقوا ولم يبرحوا, فقال رسول الله (ص) للناس: قد انتهيت إلى فدك، وإني قد أفاءها الله علي, فغمز المنافقون بعضهم بعضا, فقال رسول الله (ص): هذه مفاتيح فدك, ثم أخرجها من غلاف سيفه، ثم ركب رسول الله (ص) وركب معه الناس, (1) فلما دخل على فاطمة (ع) فقال: يا بنية إن الله قد أفاء على أبيك بفدك واختصه بها فهي لي خاصة دون المسلمين أفعل بها ما أشاء، وإنه قد كان لامك خديجة على أبيك مهر، وإن أباك قد جعلها لك بذلك، ونحلتكها تكون لك ولولدك بعدك, قال: فدعا بأديم عكاظي ودعا علي بن أبي طالب (ع) فقال: أكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول الله (ص), وشهد على ذلك علي بن أبي طالب (ع)، ومولى لرسول الله، وأم أيمن, فقال رسول الله (ص): إن أم أيمن امرأة من أهل الجنة, وجاء أهل فدك إلى النبي (ص) فقاطعهم على أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة, وفي رواية أخرى سبعين ألف دينار (2)
--------------
(1) الى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق
(2) الخرائج ج 1 ص 112, بحار الأنوار ج 17 ص 378, العوالم ج 11 ص 617, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 277, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 163, إثبات الهداة ج 1 ص 396 بعضه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الرضا (ع) في حديث له مع المأمون: والآية الخامسة: قول الله عز وجل: {وآت ذا القربى حقه} خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (ص) قال: ادعو إلي فاطمة، فدعيت له فقال: يا فاطمة, قالت (ع): لبيك يا رسول الله، فقال (ص): هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب, وهي لي خاصة دون المسلمين، وقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولولدك.
-----------------
عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 231, الأمالي للصدوق ص 619, بشارة المصطفى ص 353, تفسير الصافي ج 3 ص 186, البرهان ج 3 ص 521, غاية المرام ج 2 ص 328, بحار الأنوار ج 29 ص 105, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 153, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 388, العوالم ج 11 ص 619
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (ع) قال: لما بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار، بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله (ص) منها, فجائت فاطمة (ع) إلى أبي بكر فقالت: يا أبا بكر، لم تمنعني ميراثي من أبي رسول الله (ص)، وأخرجت وكيلي من فدك، وقد جعلها لي رسول الله (ص) بأمر الله تعالى؟ فقال: هاتي على ذلك بشهود، فجائت بأم أيمن، فقالت: لا أشهد يا أبا بكر حتى احتج عليك بما قال رسول الله (ص)، فقالت: انشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله (ص) قال: إن أم أيمن إمرأة من أهل الجنة؟ فقال: بلى، قالت: فأشهد أن الله عز وجل أوحى الى رسول الله (ص) {وآت ذا القربى حقه} فجعل فدك لفاطمة (ع) بأمر الله, وجاء علي (ع) فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتابا ودفعه إليها, فدخل عمر، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال (أبو بكر): إن فاطمة (ع) ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن وعلي فكتبته, فأخذ عمر الكتاب من فاطمة (ع) فمزقه وقال: هذا فيئ المسلمين، وقال: أوس بن الحدثنان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول الله (ص) بأنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة, فإن عليا (ع) زوجها يجر إلى نفسه، وأم أيمن فهي إمرأة صالحة، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه, فخرجت فاطمة (ع) من عندهما باكية حزينة.
---------------
تفسير القمي ج 2 ص 155, البرهان ج 4 ص 346, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 204, العوالم ج 11 ص 764, الإحتجاج ج 1 ص 90 نحوه
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (ع) قال: فلما كان بعد ذلك جاء علي (ع) إلى ابي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله (ص) وقد ملكته في حياة رسول الله (ص)؟ فقال أبو بكر: هذا فئ للمسلمين، فإن أقامت شهودا ان رسول الله (ص) جعله لها، وإلا فلا حق لها فيه، فقال: أمير المؤمنين (ع): يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا, قال: فإن كان في يد المسلمين شئ يملكونه ثم ادعيت أنا فيه، من تسئل البينة؟ قال: إياك كنت أسئل البينة، قال: فما بال فاطمة (ع) سئلتها البينة على ما في يدها وقد ملكته في حياة رسول الله (ص) وبعده ولم تسئل المسلمين البينة على ما ادعوها شهودا كما سئلتني على ما ادعيت عليهم؟ فسكت أبو بكر، فقال عمر: يا علي دعنا من كلامك فإنا لا نقوي على حجتك، فأن أتيت بشهود عدول وإلا فهو فئ للمسلمين لاحق لك ولا لفاطمة فيه. فقال أمير المؤمنين (ع): يا أبا بكر تقرء كتاب الله؟ قال: نعم, قال: أخبرني عن قول الله عز وجل: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} فينا نزلت أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم, قال: فلو أن شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله (ص) بفاحشة، ما كنت صانعا بها؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر نساء المسلمين, قال: إذا كنت عند الله من الكافرين, قال: ولم؟ قال: لأنك رددت شهادت الله لها بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسول الله إذ جعل لها فدك وقبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها وأخذت منها فدك وزعمت أنه فئ للمسلمين, وقد قال رسول الله (ص): البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فرددت قول رسول الله (ص): البينة على من ادعى واليمين على من ادعي عليه, قال: فدمدم الناس وأنكر بعضهم وقالوا: صدق والله علي، ورجع علي (ع) إلى منزله، قال: ودخلت فاطمة (ع) المسجد فطافت على قبر أبيها وهي تقول:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة ... لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها ... واختل قومك فاشهدهم ولا تغب
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا ... فغاب عنا فكل الخير محتجب
و كنت بدرا ونورا يستضاء به ... عليك ينزل من ذي العزة الكت
تجهمتنا رجال واستخف بنا ... إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت منا العيون بتهمال لها سكب
---------------
تفسير القمي ج 2 ص 155, الإحتجاج ج 1 ص 92, البرهان ج 4 ص 346, مرآة العقول ج 5 شرح ص 338, بحار الأنوار ج 29 ص 128, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 186, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 205, العوالم ج 11 ص 752
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) قال: لما قبض رسول الله (ص) وجلس أبو بكر مجلسه، بعث أبو بكر الى وكيل فاطمة (ع) فأخرجه من فدك، فأتته فاطمة (ع) فقالت: يا أبا بكر ادعيت أنك خليفة أبي وجلست مجلسه، وأنت بعثت إلى وكيلي فأخرجته من فدك وقد تعلم أن رسول الله (ص) صدق بها علي وأن لي بذلك شهودا، فقال: إن النبي (ص) لا يورث. فرجعت إلى علي (ع) فأخبرته فقال: ارجعي إليه وقولي له: زعمت أن النبي لا يورث وورث سليمان داود، وورث يحيى زكريا وكيف لا أرث أنا أبي؟ فقال عمر: أنت معلمة, قالت: وإن كنت معلمة فانما علمني إبن عمي وبعلي, فقال أبو بكر: فإن عائشة تشهد وعمر أنهما سمعا رسول الله (ص) وهو يقول: النبي لا يورث، فقالت: هذا أول شهادة زور شهدا بها في الإسلام. ثم قالت: فإن فدك إنما صدق بها علي رسول الله (ص) ولي بذلك بينة، فقال لها: هلمي بينتك. قال: فجاءت بأم أيمن وعلي (ع), فقال أبو بكر: يا أم أيمن إنك سمعت من رسول الله (ص) يقول في فاطمة؟ فقالا: سمعنا رسول الله (ص) يقول: إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ثم قالت أم أيمن: فمن كانت سيده نساء أهل الجنة تدعي ما ليس لها؟ وأنا إمرأة من أهل الجنة ما كنت لأشهد بما لم أكن سمعت من رسول الله (ص) فقال عمر: دعينا يا أم أيمن من هذه القصص, بأي شئ تشهدين؟ فقالت: كنت جالسة في بيت فاطمة (ع) ورسول الله (ص) جالس حتى نزل جبرئيل (ع) فقال: يا محمد قم، فإن الله تبارك وتعالى أمرني أن اخط لك فدكا بجناحي، فقام رسول الله (ص) مع جبرئيل (ع), فما لبث أن رجع فقالت فاطمة (ع): يا أبة أين ذهبت؟ فقال خط جبرئيل (ع) لي فدكا بجناحه وحد لي حدودها فقالت: يا أبة إني أخاف العيلة والحاجة من بعدك، فصدق بها علي فقال: هي صدقة عليك فقبضتها, قالت: نعم, فقال رسول الله (ص): يا أم إيمن اشهدي, ويا علي اشهد, فقال عمر: أنت إمرأة ولا نجيز شهادة إمرأة وحدها، وأما علي فيجر إلى نفسه، قال: فقامت مغضبة، وقالت: أللهم إنهما ظلما إبنة نبيك حقها فاشدد وطأتك عليهما.
----------------
الاختصاص ص 184, بحار الأنوار ج 29 ص189, العوالم ج 11 ص 647
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أحدهما (ع) قال: ان فاطمة (ع) انطلقت إلى أبى بكر فطلبت ميراثها من نبي الله (ص) فقال: ان نبي الله لا يورث، فقالت (ع): أكفرت بالله وكذبت بكتابه؟ قال الله {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}.
------------
تفسير العياشي ج 1 ص 225, وسائل الشيعة ج 26 ص 96, البرهان ج 2 ص 33, بحار الأنوار ج 29 ص 118, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 450, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 378, العوالم ج 11 ص 630
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عبد الله بن محمد بن سليمان الهاشمي عن أبيه عن جده عن زينب بنت علي بن أبي طالب (ع) قالت: لما اجتمع رأى أبي بكر على منع فاطمة (ع) فدك والعوالي وأيست من إجابته لها, عدلت إلى قبر أبيها رسول الله (ص) فألقت نفسها عليه وشكت إليه ما فعله القوم بها, وبكت حتى بلت تربته (ع) بدموعها وندبته, ثم قالت في آخر ندبتها:
قد كان بعدك أنباء وهنبثة ... لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها ... واختل قومك فاشهدهم ولا تغب
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا ... فغبت عنا وكل الخير محتجب
فكنت بدرا ونورا يستضاء به ... عليك ينزل من ذي العزة الكتب
تجهمتنا رجال واستخف بنا ... بعد النبي وكل الخير مغتصب
سيعلم المتولي ظلم حامتنا ... يوم القيامة أنى سوف ينقلب
فقد لقينا الذي لم يلقه أحد ... من البرية لا عجم ولا عرب
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت ... لنا العيون بتهمال له سكب
---------------
الأماليللمفيد ص 41, بحار الأنوار ج 29 ص 107, العوالم ج 11 ص 801
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
رسالة أمير المؤمنين (ع) إلى أبي بكر، لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء (ع) فدك: شقوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة، وحطوا تيجان أهل الفخر بجميع أهل الغدر، واستضيئوا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار، واحتقبوا ثقل الأوزار، بغصبهم نحلة النبي المختار, فكأني بكم تترددون في العمى كما يتردد البعير في الطاحونة، أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رؤوسكم عن أجسادكم كحب الحصيد بقواضب من حديد، ولقلعت من جماجم شجعانكم ما أقرح به آماقكم، وأوحش به محالكم, فإني منذ عرفتموني مردي العساكر، ومفني الجحافل، ومبيد خضرائكم، ومخمد ضوضائكم، وجزار الدوارين إذ أنتم في بيوتكم معتكفون، وإني لصاحبكم بالأمس، لعمر أبي لن تحبوا أن تكون فينا الخلافة والنبوة وأنتم تذكرون أحقاد بدر وثارات أُحد, أما والله لو قلت ما سبق من الله فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دوارة الرحى، فإن نطقْت تقولون حسد، وإن سكت فيقال جزع ابن أبي طالب من الموت، هيهات! هيهات! أنا الساعة يقال لي هذا! وأنا الموت المميت، خواض المنيات في جوف ليل خامد، حامل السيفين الثقيلين، والرمحين الطويلين، ومكسر الرايات في غطامط الغمرات، ومفرج الكربات عن وجه خيرة البريات، ايهنوا! (1) فوالله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب أمه، هبلتكم الهوابل! لو بحت بما أنزل الله فيكم في كتابه لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة، ولخرجتم من بيوتكم هاربين، وعلى وجوهكم هائمين، ولكني أهون وجدي حتى ألقى ربي بيد جذاء صفراء من لذاتكم، خلوا من طحناتكم, فما مثل دنياكم عندي إلا كمثل غيم علا فاستعلى، ثم استغلظ فاستوى، ثم تمزق فانجلى. رويداً فعن قليل ينجلي لكم القسطل، فتجدون ثمر فعلكم مراً أم تحصدون غرس أيديكم ذعافاً ممزقاً، وسماً قاتلاً, وكفى بالله حكماً، وبرسول الله خصيماً، وبالقيامة موقفاً، ولا أبعد الله فيها سواكم، ولا أتعس فيها غيركم، والسلام على من اتبع الهدى. فلما أن قرأ أبو بكر الكتاب رعب من ذلك رعباً شديداً، وقال: يا سبحان الله ما أجرأه علي، وأنكله عن غيري, معاشر المهاجرين والأنصار تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول الله فقلتم إن الأنبياء لا يورثون، وإن هذه أموال يجب أن تضاف إلى مال الفيء، وتصرف في ثمن الكراع والسلاح وأبواب الجهاد ومصالح الثغور، فأمضينا رأيكم ولم يمضه من يدعيه, وهو ذا يبرق وعيداً، ويرعد تهديداً، إيلاء بحق نبيه أن يمضخها دماً ذعافاً, والله لقد استقلت منها فلم أقل، واستعزلتها عن نفسي فلم أعزل، كل ذلك احترازاً من كراهية ابن أبي طالب، وهرباً من نزاعه، وما لي لابن أبي طالب! هل نازعه أحد ففلج عليه؟! فقال له عمر: أبيتَ أن تقول إلا هكذا، فأنت ابن من لم يكن مقداماً في الحروب، ولا سخياً في الجدوب، سبحان الله ما أهلع فؤادك، وأصغر نفسك قد صَفيتُ لك سجالاً لتشربها، فأبيت إلا أن تظمأ كظمائك، وأنختُ لك رقاب العرب، وثبتُ لك إمارة أهل الإشارة والتدبير، ولولا ذلك لكان ابن أبي طالب قد صير عظامك رميماً، فاحمد الله على ما قد وهب لك مني، واشكره على ذلك، فإنه من رقي منبر رسول الله كان حقيقاً عليه أن يحدث لله شكراً, وهذا علي بن أبي طالب الصخرة الصماء التي لا ينفجر ماؤها إلا بعد كسرها، والحية الرقشاء التي لا تجيب إلا بالرقى، والشجرة المرة التي لو طليت بالعسل لم تنبت إلا مراً، قتل سادات قريش فأبادهم، وألزم آخرهم العار ففضحهم, فطب نفساً، ولا تغرنك صواعقه، ولا تهولنك رواعده، فإني أسُد بابه قبل أن يَسد بابك. فقال أبو بكر ناشدتك الله يا عمر لما تركتني من أغاليطك وتربيدك (2)، فوالله لو هم بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه، ما ينجينا منه إلا ثلاث خصال, إحداها أنه واحد لا ناصر له, والثانية أنه يتبع فينا وصية رسول الله, والثالثة فما من هذه القبائل أحد إلا وهو يتخضمه كتخضم ثنية الإبل أوان الربيع, فتعلم لولا ذلك لرجع الأمر إليه ولو كنا له كارهين، أما إن هذه الدنيا أهون عليه من لقاء أحدنا الموت, أنسيت له يوم أحد وقد فررنا بأجمعنا وصعدنا الجبل، وقد أحاطت به ملوك القوم وصناديدهم، موقنين بقتله، لا يجد محيصاً للخروج من أوساطهم، فلما أن سدد القوم رماحهم، نكس نفسه عن دابته حتى جاوزه طعان القوم، ثم قام قائماً في ركابه وقد طرق عن سرجه وهو يقول يا الله يا الله, يا جبريل يا جبريل, يا محمد يا محمد, النجاة النجاة, ثم عهد إلى رئيس القوم فضربه ضربة على رأسه فبقي على فك ولسان، ثم عمد إلى صاحب الراية العظمى فضربه ضربة على جمجمته ففلقها، فمر السيف يهوي في جسده فبراه ودابته نصفين, فلما أن نظر القوم إلى ذلك انجفلوا من بين يديه، فجعل يمسحهم بسيفه مسحاً، حتى تركهم جراثيم خموداً على تلعة من الأرض يتمرغون في حسرات المنايا، ويتجرعون كؤوس الموت، قد اختطف أرواحهم بسيفه، ونحن نتوقع منه أكثر من ذلك, ولم نكن نضبط أنفسنا من مخافته، حتى ابتدأت أنت منك إليه، فكان منه إليك ما تعلم, ولولا أنه أنزل الله إليه آية من كتاب الله لكنا من الهالكين، وهو قوله {ولقد عفا عنكم} فاترك هذا الرجل ما تركك، ولا يغرنك قول خالد إنه يقتله، فإنه لا يجسر على ذلك، وإن رامه كان أول مقتول بيده، فإنه من ولد عبد مناف، إذا هاجوا أهيبوا، وإذا غضبوا أذموا، ولا سيما علي بن أبي طالب، فإنه بابها الأكبر وسنامها الأطول، وهمامها الأعظم، والسلام على من اتبع الهدى. (3)
--------------
(1) فعل أمر من وهن يوهن، كوجل يوجل ايجل، وعليه يكون المعنى: كونوا ضعفاء لأنكم جعلتم أنفسكم كذلك بترك نصرة الحق واتباع الباطل، فتأمل.
(2) وفي نسخ: تدبيرك.
(3) بحار الأنوار ج 29 ص 140, الإحتجاج ج 1 ص 95, العوالم ج 11 ص 755
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
في كتاب أخبار الخلفاء: أن هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر (ع): خذ فدكا حتى أردها إليك, فيأبى, حتى ألح عليه, فقال (ع): لا آخذها إلا بحدودها, قال: وما حدودها؟ قال: إن حددتها لم تردها, قال: بحق جدك إلا فعلت, قال: أما الحد الأول: فعدن, فتغير وجه الرشيد وقال: إيها, قال: والحد الثاني: سمرقند, فاربد وجهه (أي تغير لونه), والحد الثالث: إفريقية, فاسود وجهه وقال: هيه, قال: والرابع: سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينية, قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء فتحول إلى مجلسي, قال موسى (ع): قد أعلمتك أنني إن حددتها لم تردها, فعند ذلك عزم على قتله.
وفي رواية ابن أسباط أنه قال (ع): أما الحد الأول: فعريش مصر, والثاني: دومة الجندل, والثالث: أحد, والرابع: سيف البحر, فقال: هذا كله؟ هذه الدنيا! فقال: هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة, فأفاءه الله على رسوله بلا خيل ولا ركاب, فأمره الله أن يدفعه إلى فاطمة (ع).
----------------
مناقب آشوب ج 4 ص 321, بحار الأنوار ج 48 ص 144, العوالم ج 21 ص 272
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية