سورة البقرة

{ ألم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2) الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3)}

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال السيد علي بن طاوس في سعد السعود: قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسن السلمي في حقايق التفسير في قوله تعالى {ألم ذلك الكتاب} قال جعفر الصادق ×: {ألم} رمز وإشارة بينه وبين حبيبه محمد | أراد أن لا يطلع عليه سواهما بحروف بعدت عن درك الاعتبار، وظهر السر بينهما لا غير. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن سعدان بن مسلم، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله × في قوله: {ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه}، قال: كتاب علي لا ريب فيه. {هدى للمتقين} قال : المتقون شيعتنا. {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} قال: ومما علمناهم ينبئون. 

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثني أبي, عن يحيى بن ابن عمران, عن يونس, عن سعدان بن مسلم, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله × قال: {الكتاب} علي × لا شك فيه {هدى للمتقين} قال: بيان لشيعتنا. 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله × قال: {ألم} هو حرف من حروف اسم الله الأعظم، المقطع في القرآن، الذي يؤلفه النبي | والامام فإذا دعا به أجيب. {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} قال: بيان لشيعتنا {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} قال: مما علمنا هم ينبئون ومما علمناهم من القرآن يتلون. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد، عن داود ابن كثير الرقي، عن أبي عبد الله × في قول الله عز وجل {هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب} قال: من أقر بقيام القائم × أنه حق. 

 

* الخزاز القمي في كفاية الأثر, حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني, قال أبو مزاحم موسى بن عبد الله بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد: قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن حماد بن ماهان الدباغ أبو جعفر قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم قال: حدثنا الحارث بن نبهان قال: حدثنا عيسى بن يقطان, عن أبي سعيد, عن مكحول وعن واثلة بن الأشفع, عن جابر بن عبد الله الأنصاري, عن رسول الله | في حديث طوبل يذكر فيه الأئمة الاثني عشر وفيهم القائم # قال: طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك من وصفهم الله في كتابه، فقال: {الذين يؤمنون بالغيب} وقال: {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا علي بن أحمد بن موسي قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادق جعفر بن محمد × عن قول الله عزو جل {ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب} فقال: المتقون شيعة علي × والغيب فهو الحجة الغائب. وشاهد ذلك قول الله عزو جل: {ويقولون لولا انزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين} فأخبر عزو جل أن الآية هي الغيب، والغيب هو الحجة، وتصديق ذلك قول الله عزو جل: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} يعني حجة. 

 

بمصادر العامة:

 

عن جابر بن عبد الله الأنصاري, عن رسول الله | في حديث طويل: أوصيائي الاثنا عشر (الى ان قال) أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي ×، ثم ابناه الحسن والحسين ’، فاستمسك بهم ولا يغرنك جهل الجاهلين، (الى ان قال) إذا انقضت مدة الحسين × فالامام ابنه علي × ويلقب بزين العابدين، فبعده ابنه محمد × يلقب بالباقر، فبعده ابنه جعفر × يدعى بالصادق، فبعده ابنه موسى × يدعى بالكاظم، فبعده ابنه علي × يدعى بالرضا، فبعده ابنه محمد × يدعى بالتقي والزكي، فبعده ابنه علي × يدعى بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن × يدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمد # يدعى بالمهدي والقائم والحجة، فيغيب ثم يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك الذين وصفهم الله في كتابه، وقال {هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب}، ثم قال تعالى {في أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}. 

 

عن عبد الله بن عباس في قول الله عز وجل: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} يعني لا شك فيه أنه من عند الله نزل {هدى} يعني بيانا ونورا {للمتقين} علي بن أبي طالب × الذي لم يشرك بالله طرفة عين، اتقى الشرك وعبادة الأوثان وأخلص لله العبادة، يبعث إلى الجنة بغير حساب هو وشيعته. 

 

{والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون (4) أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم وصف بعد هؤلاء الذين يقيمون الصلاة فقال: {والذين يؤمنون بما انزل إليك} يا محمد {وما انزل من قبلك} على الأنبياء الماضين، كالتوراة والإنجيل والزبور، وصحف إبراهيم، وسائر كتب الله تعالى المنزلة على أنبيائه، بأنها حق وصدق من عند رب العالمين، العزيز، الصادق، الحكيم. {وبالآخرة هم يوقنون}: وبالدار الآخرة بعد هذه الدنيا يوقنون، ولا يشكون فيها أنها الدار التي فيها جزاء الأعمال الصالحة بأفضل مما عملوه، وعقاب الأعمال السيئة بمثل ما كسبوه. قال الإمام ×: وقال الحسن بن علي ×: من دفع فضل أمير المؤمنين × على جميع من بعد النبي ‘ فقد كذب بالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة، فإنه ما نزل شئ منها إلا وأهم ما فيه بعد الامر بتوحيد الله تعالى والاقرار بالنبوة: الاعتراف بولاية علي والطيبين من آله . 

 

 

بمصادر العامة:

 

عن علي × قال: حدثني سلمان الخير فقال: يا با الحسن قلما أقبلت أنت وأنا عند رسول الله | إلا قال: يا سلمان هذا وحزبه {هم المفلحون} يوم القيامة. 

 

{إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} (6)

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, في تفسير الإمام العسكري × في تفسير قوله تعالى {ان الذين كفروا سواء عليهم}، قال الإمام العسكري ×: قال محمد بن علي الباقر ×: قال مالك بن الصيف (لرسول الله |): أريد أن يشهد بساطي بنبوتك، وقال أبو لبابة بن عبد المنذر: أريد أن يشهد سوطي بها، وقال كعب بن الأشرف: أريد أن يؤمن بك هذا الحمار، فأنطق الله البساط فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك يا محمد عبده ورسوله وأشهد أن علي بن أبي طالب وصيك، فقالوا: ما هذا إلا سحر مبين، فارتفع البساط ونكس مالكا وأصحابه، ثم نطق سوط أبي لبابة بالنبوة والإمامة ثم انجذب من يده وجذب أبا لبابة فخر لوجهه ثم قال: لا أزال أجذبك حتى أثخنك ثم أقتلك أو تسلم، فأسلم أبو لبابة، وجاء كعب يركب حماره فشب به الحمار وصرعه على رأسه ثم قال: بئس العبد أنت شاهدت آيات الله وكفرت بها، فقال النبي |: حمارك خير منك قد أبى أن تركبه، فلن يركبه أبدا, فاشتراه منه ثابت بن قيس. 

 

* تفسير الإمام العسكري  ×, {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون}, قال الإمام العسكري ×: لما ذكر الله هؤلاء المؤمنين ومدحهم ذكر المنافقين المخالفين لهم في كفرهم فقال: {إن الذين كفروا} بالله وبما آمن به هؤلاء المؤمنون من توحيد الله، ونبوة محمد رسول الله |، وبوصيه علي × ولي الله ووصي رسوله وبالأئمة الطيبين الطاهرين خيار عباده الميامين القوامين بمصالح خلق الله {سواء عليهم أأنذرتهم} خوفتهم {أم لم تنذرهم} لم تخوفهم {لا يؤمنون} أخبر عن علمه فيهم، وهم الذين قد علم الله عز وجل أنهم لا يؤمنون. 

 

{ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم} (7)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال رسول الله | لعلي ×: انظر. فنظر إلى عبد الله بن أبي وإلى سبعة نفر من اليهود، فقال: قد شاهدت ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم. فقال رسول الله |: أنت يا علي أفضل شهداء الله في الأرض بعد محمد رسول الله. قال: فذلك قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} تبصرها الملائكة فيعرفونهم بها، ويبصرها رسول الله محمد |، ويبصرها خير خلق الله بعده علي بن أبي طالب ×. ثم قال: {ولهم عذاب عظيم} في الآخرة بما كان من كفرهم بالله وكفرهم بمحمد رسول الله |. 

 

{ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} (8)

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثني أبو جعفر احمد ابن محمد, عن الحسن بن سعيد, عن النضر بن سويد, عن يحيى بن الحلبي, عن معلى بن أبي عثمان, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله ×, قال: قال لي: ان الحكم بن عتيبة ممن قال الله {ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين} فليشرق الحكم وليغرب, اما والله لا يصيب العلم الا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل ×. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال العالم موسى بن جعفر ×: إن رسول الله| لما أوقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × في يوم الغدير موقفه المشهور المعروف ثم قال: يا عباد الله انسبوني. فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ثم قال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال |: مولاكم أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فنظر إلى السماء، وقال: اللهم اشهد. يقول هو ذلك |، وهم يقولون ذلك - ثلاثا -. ثم قال: ألا فمن كنت مولاه وأولى به، فهذا علي مولاه وأولى به، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. ثم قال: قم يا أبا بكر، فبايع له بإمرة المؤمنين. فقام فبايع له بإمرة المؤمنين. ثم قال: قم يا عمر، فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع له بإمرة المؤمنين. ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة، ثم لرؤساء المهاجرين والأنصار، فبايعوا كلهم. فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ثم تفرقوا عن ذلك، وقد وكدت عليهم العهود والمواثيق. ثم إن قوما من متمرديهم وجبابرتهم تواطأوا بينهم: لئن كانت لمحمد |كائنة، ليدفعن هذا الامر عن علي ولا يتركونه له. فعرف الله تعالى ذلك من قبلهم وكانوا يأتون رسول الله | ويقولون: لقد أقمت علينا أحب خلق الله إلى الله وإليك وإلينا، كفيتنا به مؤنة الظلمة لنا والجائرين في سياستنا، وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك، ومن مواطأة بعضهم لبعض أنهم على العداوة مقيمون، ولدفع الامر عن مستحقه مؤثرون. فأخبر الله عز وجل محمدا عنهم، فقال: يا محمد {ومن الناس من يقول آمنا بالله} الذي أمرك بنصب علي إماما، وسائسا لامتك ومدبرا {وما هم بمؤمنين} بذلك، ولكنهم يتواطؤون على إهلاكك وإهلاكه، يوطنون أنفسهم على التمرد على علي × إن كانت بك كائنة. 

 

{يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} (9)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال موسى بن جعفر ×: لما اتصل ذلك من مواطأتهم، وقيلهم في علي ×، وسوء تدبيرهم عليه برسول الله |، دعاهم وعاتبهم فاجتهدوا في الايمان. فقال أولهم: يا رسول الله, والله ما اعتددت بشئ كاعتدادي بهذه البيعة (بيعة أمير المؤمنين × يوم الغدير)، ولقد رجوت أن يفسح الله بها لي في قصور الجنان، ويجعلني فيها أفضل النزال والسكان. وقال ثانيهم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, ما وثقت بدخول الجنة والنجاة من النار إلا بهذه البيعة، والله ما يسرني أن نقضتها أو نكثت بعد ما أعطيت من نفسي ما أعطيت، ولو أن لي طلاع ما بين الثرى إلى العرش لآلئ رطبة وجواهر فاخرة. وقال ثالثهم: والله يا رسول الله, لقد صرت من الفرح بهذه البيعة والسرور والفسح من الآمال في رضوان الله، وأيقنت أنه لو كانت ذنوب أهل الأرض كلها علي لمحصت عني بهذه البيعة، وحلف على ما قال من ذلك، ولعن من بلغ عنه رسول الله | خلاف ما حلف عليه. ثم تتابع بمثل هذا الاعتذار من بعدهم الرجال المتمردون. فقال الله عز وجل لمحمد | {يخادعون الله} يعني يخادعون رسول الله بابدائهم خلاف ما في جوانحهم {والذين آمنوا} يعني سيدهم وفاضلهم علي بن أبي طالب ×،  ثم قال {وما يخدعون إلا أنفسهم} وما يضرون بتلك الخديعة إلا أنفسهم، وإن الله غني عن نصرتهم، ولولا إمهالهم لما قدروا على شئ من فجورهم وطغيانهم {وما يشعرون} إن الامر كذلك، وإن الله يطلع نبيه على نفاقهم وكفرهم وكذبهم، ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين، وذلك اللعن لا يفارقهم، في الدنيا يلعنهم خيار عباد الله، وفي الآخرة يبتلون بشدائد عذاب الله تعالى. 

 

{في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} (10)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال الامام موسى بن جعفر ×: إن رسول الله|، لما اعتذر هؤلاء المنافقين إليه بما اعتذروا، تكرم عليهم بأن قبل ظواهرهم ووكل بواطنهم إلى ربهم، لكن جبرئيل × أتاه فقال: يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام ويقول: اخرج بهؤلاء المردة الذين اتصل بك عنهم في علي ×: على نكثهم لبيعته، وتوطينهم نفوسهم على مخالفتهم عليا ليظهر من عجائب ما أكرمه الله به، من طواعية الأرض والجبال والسماء له وسائر ما خلق الله لما أوقفه موقفك وأقامه مقامك. ليعلموا أن ولي الله عليا، غني عنهم، وأنه لا يكف عنهم انتقامه منهم إلا بأمر الله الذي له فيه وفيهم التدبير الذي هو بالغه، والحكمة التي هو عامل بها وممض لما يوجبها. فأمر رسول الله | الجماعة من الذين اتصل به عنهم ما اتصل في أمر علي × والمواطأة على مخالفته بالخروج. فقال لعلي × لما استقر عند سفح بعض جبال المدينة: يا علي إن الله عز وجل أمر هؤلاء بنصرتك ومساعدتك، والمواظبة على خدمتك، والجد في طاعتك، فان أطاعوك فهو خير لهم، يصيرون في جنان الله ملوكا خالدين ناعمين، وإن خالفوك فهو شر لهم، يصيرون في جهنم خالدين معذبين. ثم قال رسول الله | لتلك الجماعة: اعلموا أنكم إن أطعتم عليا × سعدتم وإن خالفتموه شقيتم، وأغناه الله عنكم بمن سيريكموه، وبما سيريكموه. ثم قال رسول الله |: يا علي سل ربك بجاه محمد وآله الطيبين، الذين أنت بعد محمد سيدهم، أن يقلب لك هذه الجبال ما شئت. فسأل ربه تعالى ذلك، فانقلبت فضة. ثم نادته الجبال: يا علي يا وصي رسول رب العالمين إن الله قد أعدنا لك إن أردت إنفاقنا في أمرك، فمتى دعوتنا أجبناك لتمضي فينا حكمك، وتنفذ فينا قضاءك ثم انقلبت ذهبا أحمر كلها، وقالت مقالة الفضة، ثم انقلبت مسكا وعنبرا وعبيرا وجواهر ويواقيت، وكل شئ منها ينقلب إليه يناديه: يا أبا الحسن يا أخا رسول الله | نحن المسخرات لك، ادعنا متى شئت لتنفقنا فيما شئت نجبك، ونتحول لك إلى ما شئت. ثم قال رسول الله |: أرأيتم قد أغنى الله عز وجل عليا بما ترون عن أموالكم؟ ثم قال رسول الله |: يا علي سل الله عز وجل بمحمد وآله الطيبين الذين أنت سيدهم بعد محمد رسول الله أن يقلب لك أشجارها رجالا شاكي الأسلحة، وصخورها اسودا ونمورا وأفاعي. فدعا الله علي بذلك، فامتلأت تلك الجبال والهضاب وقرار الأرض من الرجال الشاكي الأسلحة الذين لا يفي بواحد منهم عشرة آلاف من الناس المعهودين، ومن الأسود والنمور والأفاعي حتى طبقت تلك الجبال والأرضون والهضاب بذلك و كل ينادي: يا علي يا وصي رسول الله، ها نحن قد سخرنا الله لك، وأمرنا بإجابتك كلما دعوتنا إلى اصطلام كل من سلطتنا عليه، فمتى شئت فادعنا نجبك، وبما شئت فأمرنا به نطعك. يا علي يا وصى رسول الله إن لك عند الله من الشأن العظيم ما لو سألت الله أن يصير لك أطراف الأرض وجوانبها هيئة واحدة كصرة كيس لفعل، أو يحط لك السماء إلى الأرض لفعل، أو يرفع لك الأرض إلى السماء لفعل، أو يقلب لك ما في بحارها الأجاج ماء عذبا أو زئبقا بانا، أو ما شئت من أنواع الأشربة والادهان لفعل ولو شئت أن يجمد البحار ويجعل سائر الأرض هي البحار لفعل، فلا يحزنك تمرد هؤلاء المتمردين، وخلاف هؤلاء المخالفين، فكأنهم بالدنيا إذا انقضت. عنهم كأن لم يكونوا فيها وكأنهم بالآخرة إذا وردت عليهم كأن لم يزالوا فيها. يا علي ان الذي أمهلهم مع كفرهم وفسقهم في تمردهم عن طاعتك هو الذي أمهل فرعون ذا الأوتاد، ونمرود بن كنعان، ومن ادعى الإلهية من ذوي الطغيان وأطغى الطغاة إبليس رأس الضلالات. و ما خلقت أنت ولا هم لدار الفناء، بل خلقتم لدار البقاء، ولكنكم تنقلون من دار إلى دار، ولا حاجة لربك إلى من يسوسهم ويرعاهم، ولكنه أراد تشريفك عليهم، وإبانتك بالفضل فيهم ولو شاء لهداهم. قال ×: فمرضت قلوب القوم لما شاهدوه من ذلك، مضافا إلى ما كان في قلوبهم من مرض حسدهم له و لعلي بن أبي طالب ×، فقال الله عند ذلك: {في قلوبهم مرض} أي في قلوب هؤلاء المتمردين الشاكين الناكثين لما اخذت عليهم من بيعة علي بن أبي طالب × {فزادهم الله مرضا} بحيث تاهت له قلوبهم جزاء بما أريتهم من هذه الآيات و المعجزات {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} محمدا ويكذبون في قولهم: إنا على البيعة والعهد مقيمون. 

 

{وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (12)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال العالم موسى بن جعفر ×: وإذا قيل لهؤلاء الناكثين للبيعة في يوم الغدير {لا تفسدوا في الأرض} باظهار نكث البيعة لعباد الله المستضعفين فتشوشون عليهم دينهم، وتحيرونهم في مذاهبهم. {قالوا إنما نحن مصلحون} لأننا لا نعتقد دين محمد ولا غير دين محمد ونحن في الدين متحيرون، فنحن نرضى في الظاهر بمحمد باظهار قبول دينه وشريعته، ونقضي في الباطن إلى شهواتنا، فنتمتع ونترفه ونعتق أنفسنا من رق محمد، ونفكها من طاعة ابن عمه علي، لكي إن اديل في الدنيا كنا قد توجهنا عنده، وإن اضمحل أمره كنا قد سلمنا من سبي أعدائه. قال الله عز وجل {ألا إنهم هم المفسدون} بما يقولون من أمور أنفسهم لان الله تعالى يعرف نبيه| نفاقهم، فهو يلعنهم ويأمر المؤمنين بلعنهم، ولا يثق بهم أيضا أعداء المؤمنين، لأنهم يظنون أنهم ينافقونهم أيضا، كما ينافقون أصحاب محمد|. فلا يرفع لهم عندهم منزلة، ولا يحلون عندهم محل أهل الثقة. 

 

{وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أ نؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} (13)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الإمام موسى بن جعفر ×: {وإذا قيل لهؤلاء} الناكثين للبيعة, قال لهم خيار المؤمنين كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار: {آمنوا} برسول الله وبعلي الذي أوقفه موقفه، وأقامه مقامه، وأناط مصالح الدين والدنيا كلها به. فآمنوا بهذا النبي، وسلموا لهذا الامام في ظاهر الامر وباطنه {كما آمن الناس} المؤمنون كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار. {قالوا} في الجواب لمن يقصون إليه، لا لهؤلاء المؤمنين فإنهم لا يجترؤون على مكاشفتهم بهذا الجواب، ولكنهم يذكرون لمن يقصون إليهم من أهليهم الذين يثقون بهم من المنافقين، ومن المستضعفين ومن المؤمنين الذين هم بالستر عليهم واثقون فيقولون لهم: {أنؤمن كما آمن السفهاء} يعنون سلمان وأصحابه لما أعطوا عليا خالص ودهم، ومحض طاعتهم، وكشفوا رؤوسهم بموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه حتى إذا اضمحل أمر محمد| طحطحهم أعداؤه، وأهلكهم سائر الملوك والمخالفين لمحمد| أي فهم بهذا التعرض لأعداء محمد جاهلون سفهاء، قال الله عز وجل: {ألا إنهم هم السفهاء} الاخفاء العقول والآراء، الذين لم ينظروا في أمر محمد| حق النظر فيعرفوا نبوته، ويعرفوا به صحة ما ناطه بعلي × من أمر الدين والدنيا، حتى بقوا لتركهم تأمل حجج الله جاهلين، وصاروا خائفين وجلين من محمد| وذويه ومن مخالفيهم، لا يأمنون أيهم يغلب فيهلكون معه، فهم السفهاء حيث لا يسلم لهم بنفاقهم هذا لا محبة محمد والمؤمنين، ولا محبة اليهود وسائر الكافرين. لأنهم به وبهم يظهرون لمحمد| من موالاته وموالاة أخيه علي × ومعاداة أعدائهم اليهود والنصارى والنواصب. كما يظهرون لهم من معاداة محمد وعلي صلوات الله عليهما وموالاة أعدائهم، فهم يقدرون فيهم أن نفاقهم معهم كنفاقهم مع محمد وعلي صلوات الله عليهما. {ولكن لا يعلمون} أن الامر كذلك، وأن الله يطلع نبيه| على أسرارهم فيخسهم ويلعنهم ويسقطهم. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن عباس في قوله تعالى {آمنوا كما آمن الناس} قال: علي بن أبي طالب ×, وجعفر الطيار، وحمزة, وسلمان, وأبو ذر، و عمار، و مقداد، وحذيفة بن اليمان, وغيرهم. 

 

{وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن (14) الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (15)}

 

* السيد هاشم البحراني في غاية المرام, عن الباقر ×: أنها نزلت في ثلاثة: لما قام النبي | بالولاية لأمير المؤمنين × أظهروا الإيمان والرضا بذلك، فلما خلوا بأعداء أمير المؤمنين × {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤنز}. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال موسى بن جعفر ×: {وإذا لقوا} هؤلاء الناكثون للبيعة، المواطؤن على مخالفة علي × ودفع الامر عنه. {الذين آمنوا قالوا آمنا} كايمانكم، إذا لقوا سلمان والمقداد و أبا ذر وعمار قالوا: آمنا بمحمد|, وسلمنا له بيعة علي × وفضله, وانقدنا لامره كما آمنتم. وأن أولهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا : هؤلاء أصحاب الساحر والأهوج - يعنون محمدا و عليا ’ - فيقول أولهم: انظروا كيف أسخر منهم وأكف عاديتهم عنكم، فإذا التقوا قال أولهم: مرحبا بسلمان بن الاسلام، ويمدحه بما قال النبي| فيه، وكذا كان يمدح تمام الأربعة، فلما جازوا عنهم كان يقول الأول لأصحابه: كيف رأيتم سخريتي بهؤلاء، وكفي عاديتهم عني وعنكم؟! فيقولون: لا تزال بخير ما عشت لنا. فيقول لهم: فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا فان اللبيب العاقل من تجرع على الغصة حتى ينال الفرصة. ثم يعودون إلى أخدانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله| فيما أداه إليهم عن الله عز وجل من ذكر وتفضيل أمير المؤمنين × ونصبه إماما على كافة المكلفين. {قالوا} لهم {إنا معكم إنما نحن} على ما واطأناكم عليه من دفع علي عن هذا الامر إن كانت لمحمد كائنة، فلا يغرنكم ولا يهولنكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترونا نجترئ عليهم من مداراتهم ف‍ {إنما نحن مستهزؤن} بهم. فقال الله عز وجل: يا محمد {الله يستهزئ بهم} و يجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة {ويمدهم في طغيانهم} يمهلهم ويتأنى بهم برفقه، ويدعوهم إلى التوبة، ويعدهم إذا تابوا المغفرة، وهم يعمهون لا ينزعون عن قبيح، ولا يتركون أذى لمحمد| وعلي يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الامام العالم × في قوله تعالى {الله يستهزئ بهم}: فأما استهزاء الله تعالى بهم في الدنيا فهو أنه - مع أجرائه إياهم على ظاهر أحكام المسلمين لاظهارهم ما يظهرونه من السمع والطاعة، والموافقة - يأمر رسول الله| بالتعريض لهم حتى لا يخفى على المخلصين من المراد بذلك التعريض، ويأمره بلعنهم. وأما استهزاؤه بهم في الآخرة فهو أن الله عز وجل إذا أقرهم في دار اللعنة والهوان وعذبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب، وأقر هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمد| صفي الملك الديان، أطلعهم على هؤلاء المستهزئين الذين كانوا يستهزؤن بهم في الدنيا حتى يروا ما هم فيه من عجائب اللعائن وبدائع النقمات، فتكون لذتهم وسرورهم بشماتتهم بهم، كما كان لذتهم وسرورهم بنعيمهم في جنان ربهم. فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين والمنافقين بأسمائهم وصفاتهم، وهم على أصناف: منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه. ومنهم من هو بين مخالب سباعها تعبث به وتفترسه. ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها تقع من أيديها عليه ما تشدد في عذابه، وتعظم خزيه ونكاله. ومنهم من هو في بحار حميمها يغرق، ويسحب فيها. ومنهم من هو في غسلينها وغساقها يزجره فيها زبانيتها. ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها. والكافرون والمنافقون ينظرون، فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون لما كانوا من موالاة محمد وعلي وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون ويرون: منهم من هو على فرشها يتقلب. ومنهم من هو في فواكهها يرتع. ومنهم من هو في غرفها أو في بساتينها أ ومنتزهاتها يتبحبح، والحور العين والوصفاء والولدان والجواري والغلمان قائمون بحضرتهم، وطائفون بالخدمة حواليهم، وملائكة الله عز وجل يأتونهم من عند ربهم بالحباء والكرامات وعجائب التحف والهدايا والمبرات، يقولون لهم: {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين: يا فلان! ويا فلان! ويا فلان! - حتى ينادونهم بأسمائهم - ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون؟ هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتخلصوا من عذابكم، وتلحقوا بنا في نعيمها. فيقولون: يا ويلنا أنى لنا هذا؟ ف‍ يقول المؤمنون: انظروا إلى هذه الأبواب. فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتحة يخيل إليهم أنها إلى جهنم التي فيها يعذبون، ويقدرون أنهم يتمكنون أن يتخلصوا إليها، فيأخذون بالسباحة في بحار حميمها، وعدوا بين أيدي زبانيتها وهم يلحقونهم ويضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم، فلا يزالون هكذا يسيرون هناك وهذه الأصناف من العذاب تمسهم، حتى إذا قدروا أن قد بلغوا تلك الأبواب وجدوها مردومة عنهم وتدهدههم الزبانية بأعمدتها فتنكسهم {إلى سواء الجحيم} ويستلقي أولئك المؤمنون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم فذلك قول الله تعالى {الله يستهزئ بهم} وقوله عز وجل {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون}. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن عباس: ان عبد الله بن أبي وأصحابه خرجوا فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله|، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: انظروا كيف أرد ابن عم رسول الله| وسيد بني هاشم، خلد رسول الله|، فقال علي ×: يا عبد الله اتق الله ولا تنافق، فان المنافق شر خلق الله فقال: مهلا يا أبا الحسن والله ايماننا كإيمانكم، ثم تفرقوا، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: كيف رأيتم ما فعلت؟ فأثنوا عليه خيرا، ونزل على رسول الله |: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم إنما نحن مستهزؤن}.

 

عن مقاتل: عن محمد بن الحنفية قال: بينما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × قد أقبل من خارج المدينة ومعه سلمان الفارسي وعمار، وصهيب والمقداد، وأبو ذر، إذ بصر بهم عبد الله بن أبي بن سلول المنافق ومعه أصحابه، فلما دنى أمير المؤمنين × قال عبد الله بن أبي: مرحبا بسيد بني هاشم وصي رسول الله | وأخيه وختنه وأبي السبطين الباذل له ماله ونفسه فقال: ويلك يا ابن أبي أنت منافق أشهد عليك بنفاقك. فقال ابن أبي: وتقول مثل هذا لي؟ ووالله إني لمؤمن مثلك ومثل أصحابك. فقال علي ×: ثكلتك أمك ما أنت إلا منافق. ثم أقبل إلى رسول الله | فأخبره بما جرى فأنزل الله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا} يعني وإذا لقي ابن سلول أمير المؤمنين × المصدق بالتنزيل {قالوا آمنا}، يعني صدقنا بمحمد | والقرآن، {وإذا خلوا إلى شياطينهم} من المنافقين {قالوا إنا معكم} في الكفر والشرك {إنما نحن مستهزؤن} بعلي بن أبي طالب × وأصحابه. يقول الله تعالى تبكيتا لهم: {الله يستهزء بهم} يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بعلي × وأصحابه. 

 

{مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) صم بكم عمي فهم لا يرجعون (18)}

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن محمد، علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر × في قول الله عز وجل: {والنجم إذا هوى} قال: أقسم بقبض محمد | إذا قبض {ما ضل صاحبكم} بتفضيله أهل بيته {وما غوى وما ينطق عن الهوى} يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه وهو قول الله عز وجل: {إن هو إلا وحي يوحى}  وقال الله عز وجل لمحمد |: {قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الامر بيني وبينكم} قال: لو أني أمرت أن أعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عز وجل: {كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله} يقول: أضاءت الأرض بنور محمد | كما تضيئ الشمس فضرب الله مثل محمد | الشمس ومثل الوصي القمر وهو قوله عز وجل: {جعل الشمس ضياءا والقمر نورا} وقوله: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون} وقوله عز وجل: {ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون} يعني قبض محمد | وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته  وهو قوله عز وجل: {وإن تدعهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون}. 

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, أخبرنا أحمد بن إدريس, عن أحمد بن محمد, عن الحسن بن العباس الحريشي, عن أبي جعفر × قال: قال أمير المؤمنين × بعد وفاة رسول الله | في المسجد والناس مجتمعون بصوت عال: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم} فقال له ابن عباس: يا أبا الحسن لم قلت ما قلت؟ قال: قرأت شيئا من القرآن، قال: لقد قلته لامر، قال: نعم, ان الله يقول في كتابه {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} أفتشهد على رسول الله | انه استخلف أبا بكر؟ قال: ما سمعت رسول الله | أوصى إلا إليك، قال: فهلا بايعتني؟ قال: اجتمع الناس عليه فكنت منهم, فقال أمير المؤمنين ×: كما اجتمع أهل العجل على العجل ها هنا فتنتم ومثلكم {كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون}. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال موسى بن جعفر ×: مثل هؤلاء المنافقين كمثل الذي استوقد نارا أبصر بها ما حوله، فلما أبصر ذهب الله بنورها بريح أرسلها عليها فأطفأها، أو بمطر. كذلك مثل هؤلاء المنافقين الناكثين لما أخذ الله تعالى عليهم من البيعة لعلي بن أبي طالب × أعطوا ظاهرا بشهادة: أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا وليه ووصيه ووارثه وخليفته في أمته، وقاضي ديونه، ومنجز عداته، والقائم بسياسة عباد الله مقامه، فورث مواريث المسلمين بها, ونكح في المسلمين بها, ووالوه من أجلها، وأحسنوا عنه الدفاع بسببها، واتخذوه أخا يصونونه مما يصونون عنه أنفسهم بسماعهم منه لها. فلما جاءه الموت وقع في حكم رب العالمين، العالم بالأسرار، الذي لا يخفى عليه خافية فأخذهم العذاب بباطن كفرهم، فذلك حين ذهب نورهم، وصاروا في ظلمات عذاب الله، ظلمات أحكام الآخرة، لا يرون منها خروجا، ولا يجدون عنها محيصا. ثم قال: {صم} يعني يصمون في الآخرة في عذابها. {بكم} يبكمون هناك بين أطباق نيرانها {عمي} يعمون هناك. وذلك نظير قوله عز وجل {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا}. 

 

{أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد و برق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (19) يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شي‏ء قدير (20)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم ضرب الله عز وجل مثلا آخر للمنافقين فقال: مثل ما خوطبوا به من هذا القرآن الذي أنزلنا عليك يا محمد، مشتملا على بيان توحيدي، وإيضاح حجة نبوتك، والدليل الباهر القاهر على استحقاق أخيك علي ابن أبي طالب × للموقف الذي وقفته، والمحل الذي أحللته، والرتبة التي رفعته إليها، والسياسة التي قلدته إياها فهي {كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق} قال: يا محمد كما أن في هذا المطر هذه الأشياء، ومن ابتلى به خاف، فكذلك هؤلاء في ردهم لبيعة علي ×، وخوفهم أن تعثر أنت يا محمد على نفاقهم كمن هو في مثل هذا المطر والرعد والبرق، يخاف أن يخلع الرعد فؤاده، أو ينزل البرق بالصاعقة عليه، فكذلك هؤلاء يخافون أن تعثر على كفرهم، فتوجب قتلهم، واستيصالهم {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت} كما يجعل هؤلاء المبتلون بهذا الرعد والبرق أصابعهم في آذانهم لئلا يخلع صوت الرعد أفئدتهم، فكذلك يجعلون أصابعهم في آذانهم إذا سمعوا لعنك لمن نكث البيعة ووعيدك لهم إذا علمت أحوالهم {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت} لئلا يسمعوا لعنك ولا وعيدك فتغير ألوانهم فيستدل أصحابك أنهم هم المعنيون باللعن والوعيد، لما قد ظهر من التغير والاضطراب عليهم، فتقوى التهمة عليهم، فلا يأمنون هلاكهم بذلك على يدك وفي حكمك. ثم قال: {والله محيط بالكافرين} مقتدر عليهم، لو شاء أظهر لك نفاق منافقيهم وأبدى لك أسرارهم، وأمرك بقتلهم. ثم قال: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} وهذا مثل قوم ابتلوا ببرق فلم يغضوا عنه أبصارهم، ولم يستروا منه وجوههم لتسلم عيونهم من تلالئه، ولم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلصوا فيه بضوء البرق، ولكنهم نظروا إلى نفس البرق فكاد يخطف أبصارهم. فكذلك هؤلاء المنافقون يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة الدالة على نبوتك الموضحة عن صدقك في نصب أخيك علي × إماما. ويكاد ما يشاهدونه منك يا محمد، ومن أخيك علي من المعجزات الدالات على أن أمرك وأمره هو الحق الذي لا ريب فيه، ثم هم مع ذلك لا ينظرون في دلائل ما يشاهدون من آيات القرآن، وآياتك، وآيات أخيك علي بن أبي طالب ×، يكاد ذهابهم عن الحق في حججك يبطل عليهم سائر ما قد علموه من الأشياء التي يعرفونها لان من جحد حقا واحدا، أداه ذلك الجحود إلى أن يجحد كل حق، فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه، كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره. ثم قال: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} إذا ظهر ما قد اعتقدوا أنه هو الحجة مشوا فيه: ثبتوا عليه. وهؤلاء كانوا إذا أنتجت خيولهم الإناث، ونساؤهم الذكور، وحملت نخيلهم وزكت زروعهم، وربحت تجارتهم، وكثرت الألبان في ضروع جذوعهم قالوا: يوشك أن يكون هذا ببركة بيعتنا لعلي × إنه مبخوت مدال فبذلك ينبغي أن نعطيه ظاهر الطاعة لنعيش في دولته. {وإذا أظلم عليهم قاموا} أي وإذا أنتجت خيولهم الذكور، ونساؤهم الإناث، ولم يربحوا في تجارتهم ولا حملت نخيلهم، ولا زكت زروعهم، وقفوا وقالوا: هذا بشؤم هذه البيعة التي بايعناها عليا، والتصديق الذي صدقنا محمدا. وهو نظير ما قال الله عز وجل: يا محمد {إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك}. قال الله تعالى: {قل كل من عند الله} بحكمه النافذ وقضائه، ليس ذلك لشؤمي ولا ليمني. ثم قال الله عز وجل {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم} حتى لا يتهيأ لهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم أنت وأصحابك المؤمنون وتوجب قتلهم {إن الله على كل شئ قدير} لا يعجزه شئ. 

 

{يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} (21)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين × في قوله تعالى {يا أيها الناس} يعني سائر الناس المكلفين من ولد آدم ×. {اعبدوا ربكم} أي أطيعوا ربكم من حيث أمركم من أن تعتقدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا شبيه ولا مثل له عدل لا يجور، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حكيم لا يخطل، وأن محمدا | عبده ورسوله، وأن آل محمد × أفضل آل النبيين، وأن عليا أفضل آل محمد، وأن أصحاب محمد | المؤمنين منهم أفضل صحابة المرسلين, وأن أمة محمد | أفضل أمم المرسلين. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال رسول الله |: يا بريدة إن من يدخل النار ببغض علي × أكثر من حصى الخذف الذي يرمى عند الجمرات، فإياك أن تكون منهم، فذلك قوله تبارك وتعالى: {اعبدوا ربكم الذي خلقكم} اعبدوه بتعظيم محمد | وعلي بن أبي طالب × الذي خلقكم نسما وسواكم من بعد ذلك وصوركم فأحسن صوركم ثم قال عز وجل: {والذين من قبلكم} قال: وخلق الذين من قبلكم من سائر أصناف الناس {لعلكم تتقون}. قال: لها وجهان, أحدهما: وخلق الذين من قبلكم لعلكم كلكم تتقون، أي لتتقوا كما قال الله عز وجل: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. والوجه الآخر, اعبدوا الذي خلقكم، والذين من قبلكم، لعلكم تتقون، أي اعبدوه لعلكم تتقون النار، و{لعل} من الله واجب، لأنه أكرم من أن يعني عبده بلا منفعة، ويطمعه في فضله ثم يخيبه، ألا تراه كيف قبح من عبد من عباده، إذا قال لرجل: اخدمني لعلك تنتفع بي، ولعلي أنفعك بها؛ فيخدمه، ثم يخيبه ولا ينفعه، فالله عز وجل أكرم في أفعاله، وأبعد من القبيح في أعماله من عباده. 

 

{الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} (22)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري ×: قال رسول الله |: قوله عز وجل {جعل لكم الأرض فراشا} تفترشونها لمنامكم ومقيلكم {والسماء بناء} سقفا محفوظا ارتفع عن الأرض تجري شمسها وقمرها وكواكبها مسخرة لمنافع عباده وإمائه. ثم قال رسول الله | لأصحابه: لا تعجبوا لحفظه السماء أن تقع على الأرض فان الله عز وجل يحفظ ما هو أعظم من ذلك قالوا: وما هو؟ قال: من ذلك ثواب طاعات المحبين لمحمد وآله، ثم قال: {وأنزل من السماء ماء} يعني المطر ينزل مع كل قطرة ملك يضعها في موضعها الذي يأمره به ربه عز وجل، فعجبوا من ذلك، فقال رسول الله |: أو تستكثرون عدد هؤلاء! وإن الملائكة المستغفرين لمحبي علي بن أبي طالب × أكثر من عدد هؤلاء، وإن عدد الملائكة اللاعنين لمبغضيه أكثر من عدد هؤلاء. 

 

{وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} (23)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين ×: قوله عز وجل: { وإن كنتم} أيها المشركون واليهود وسائر النواصب من المكذبين لمحمد | بما قاله في القرآن في تفضيل أخيه علي × المبرز على الفاضلين، الفاضل على المجاهدين الذي لا نظير له في نصرة المؤمنين، وقمع الفاسقين، وإهلاك الكافرين، وتثبيته دين رب العالمين {في ريب مما نزلنا على عبدنا} في إبطال عبادة الأوثان من دون الله، في النهي عن موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله، وفي الحث على الانقياد لأخي رسول الله | واتخاذه إماما واعتقاده فاضلا راجحا، لا يقبل الله عز وجل إيمانا ولا طاعة إلا بموالاته، وتظنون أن محمدا | تقوله من عنده، وينسبه إلى ربه، فان كان كما تظنون {فأتوا بسورة من مثله} أي من مثل محمد | أمي لم يختلف قط إلى أصحاب كتب وعلم، ولا تلمذ لأحد ولا تعلم منه {وادعوا شهداءكم من دون الله} الذين يشهدون بزعمكم أنكم محقون وأن ما تجيئون به نظير لما جاء به محمد | {إن كنتم صادقين} في قولكم أن محمدا | تقوله. 

 

{فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} (24)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين ×: ثم قال الله عز وجل {فإن لم تفعلوا} هذا الذي تحديتكم به {ولن تفعلوا} أي ولا يكون ذلك منكم ولا تقدرون عليه فاعلموا أنكم مبطلون, وأن محمدا | الصادق الأمين المخصوص برسالة رب العالمين, المؤيد بالروح الأمين, وبأخيه أمير المؤمنين × وسيد الوصيين, فصدقوه فيما يخبر به عن الله في أوامره ونواهيه, وفيما يذكره من فضل علي × وصيه وأخيه، {فاتقوا} بذلك عذاب {النار التي وقودها} حطبها {الناس والحجارة} حجارة الكبريت أشد الأشياء حرا، {أعدت} تلك النار {للكافرين} بمحمد |، والشاكين بنبوته, والدافعين لحق علي × أخيه والجاحدين لإمامته.

 

{وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون} (25)

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثنا القاسم بن الربيع قال: حدثنا محمد بن سنان, عن عمار بن مروان, عن منخل بن جميل, عن جابر, عن أبي جعفر × في قوله {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال: الذين {آمنوا وعملوا الصالحات} علي بن أبي طالب × والأوصياء من بعده وشيعتهم قال الله تعالى فيهم {أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا من ثمرة رزقا} الآية. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, قال حدثنا الحسين بن الحكم قال: حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري قال: حدثنا حبان بن علي العنزي, عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس قال: فيما نزل من القرآن خاصة في رسول الله | وعلي وأهل بيته دون الناس من سورة البقرة {وبشر} الآية. نزلت في علي × وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين ×: ثم قال تعالى {وبشر الذين آمنوا} بالله وصدقوك في نبوتك، فاتخذوك نبيا وصدقوك في أقوالك، وصوبوك في أفعالك، واتخذوا أخاك عليا × بعدك إماما ولك وصيا مرضيا، وانقادوا لما يأمرهم به وصاروا إلى ما أصارهم إليه، ورأوا له ما يرون لك إلا النبوة التي أفردت بها. وأن الجنان لا تصير لهم إلا بموالاته وموالاة من ينص لهم عليه من ذريته وموالاة سائر أهل ولايته، ومعاداة أهل مخالفته وعداوته. وأن النيران لا تهدأ عنهم، ولا تعدل بهم عن عذابها إلا بتنكبهم عن موالاة مخالفيهم، ومؤازرة شانئيهم, {وعملوا الصالحات} من أداء الفرائض واجتناب المحارم, ولم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الباقر × في قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} نزلت في حمزة وعلي × وعبيدة. 

 

بمصادر العامة:

 

عن عكرمة, عن ابن عباس قال: ما في القران آية: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلا وعلي × أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد | رجل إلا وقد عاتبه الله, وما ذكر عليا × إلا بخير. ثم قال عكرمة: إني لأعلم أن لعلي × منقبة لو حدثت بها لنفدت أقطار السماوات والأرض. أو قال : الأرض. 

 

عن ابن عباس قال: مما نزل من القرآن خاصة في رسول الله وعلي وأهل بيته من سورة البقرة: {وبشر الذين آمنوا} الآية، نزلت في علي × وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب. 

 

{إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ما ذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين} (26)

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثني أبي, عن النضر بن سويد, عن القسم بن سليمان, عن المعلى بن خنيس, عن أبي عبد الله × في قوله عز وجل {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها}: ان هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين ×, فالبعوضة أمير المؤمنين × وما فوقها رسول الله |. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثنا القاسم بن الربيع قال: حدثنا محمد بن سنان, عن عمار بن مروان, عن منخل بن جميل, عن جابر, عن أبي جعفر ×: أما قوله: {يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين} قال: فهو علي × يضل الله به من عاداه ويهدي من والاه، قال: {وما يضل به} يعني عليا × {إلا الفاسقين} يعني من خرج من ولايته فهو فاسق. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الباقر ×: فلما قال الله تعالى: {يا أيها الناس ضرب مثله} وذكر الذباب في قوله: {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا} الآية ولما قال {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون} وضرب المثل في هذه السورة (سورة البقرة) بالذي استوقد نارا، وبالصيب من السماء. قالت الكفار والنواصب: وما هذا من الأمثال فيضرب؟! يريدون به الطعن على رسول الله |. فقال الله: يا محمد {إن الله لا يستحي} لا يترك حياء {أن يضرب مثلا} للحق ويوضحه به عند عباده المؤمنين {ما بعوضة} أي ما هو بعوضة المثل {فما فوقها} فوق البعوضة وهو الذباب، يضرب به المثل إذا علم أن فيه صلاح عباده ونفعهم. {فأما الذين آمنوا} بالله وبولاية محمد | وعلي وآلهما الطيبين، وسلم لرسول الله | وللأئمة أحكامهم وأخبارهم وأحوالهم و لم يقابلهم في أمورهم، ولم يتعاط الدخول في أسرارهم، ولم يفش شيئا مما يقف عليه منها إلا باذنهم {فيعلمون} يعلم هؤلاء المؤمنون الذين هذه صفتهم {أنه} المثل المضروب {الحق من ربهم} أراد به الحق وإبانته، والكشف عنه وإيضاحه. {وأما الذين كفروا} بمحمد | بمعارضتهم له في علي ×, بلم؟ وكيف؟ وتركهم الانقياد له في سائر ما أمر به {فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} يقول الذين كفروا: إن الله يضل بهذا المثل كثيرا ويهدي به كثيرا أي فلا معنى للمثل، لأنه وإن نفع به من يهديه فهو يضر به من يضل‍ه به. فرد الله تعالى عليهم قيلهم، فقال {وما يضل به} يعني ما يضل الله بالمثل {إلا الفاسقين} الجانين على أنفسهم بترك تأمله، وبوضعه على خلاف ما أمر الله بوضعه عليه. 

 

{الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون} (27)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم وصف هؤلاء الفاسقين الخارجين عن دين الله وطاعته منهم، فقال عز وجل: {الذين ينقضون عهد الله} المأخوذ عليهم الله بالربوبية، ولمحمد | بالنبوة، ولعلي × بالإمامة، ولشيعتهما بالمحبة والكرامة {من بعد ميثاقه} إحكامه وتغليظه. { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} من الأرحام والقرابات أن يتعاهدوهم ويقضوا حقوقهم. وأفضل رحم، وأوجبه حقا رحم محمد | فان حقهم بمحمد | كما أن حق قرابات الانسان بأبيه وأمه، ومحمد | أعظم حقا من أبويه، وكذلك حق رحمه أعظم، وقطيعته أقطع وأفضع وأفضح. {ويفسدون في الأرض} بالبراءة ممن فرض الله إمامته، واعتقاد إمامة من قد فرض الله مخالفته {أولئك} أهل هذه الصفة {هم الخاسرون} خسروا أنفسهم لما صاروا إلى النيران، وحرموا الجنان، فيالها من خسارة ألزمتهم عذاب الأبد، وحرمتهم نعيم الأبد. 

 

{كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون} (28)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال رسول الله | لكفار قريش واليهود: {كيف تكفرون بالله} الذي دلكم على طريق الهدى، وجنبكم إن أطعتموه سبيل الردى. {وكنتم أمواتا} في أصلاب آبائكم وأرحام أمهاتكم. {فأحياكم} أخرجكم أحياء {ثم يميتكم} في هذه الدنيا ويقبركم {ثم يحييكم} في القبور، وينعم فيها المؤمنين بنبوة محمد | وولاية علي × ويعذب الكافرين فيها. {ثم إليه ترجعون} في الآخرة بأن تموتوا في القبور بعد، ثم تحيوا للبعث يوم القيامة، ترجعون إلى ما قد وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها، ومن العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها. 

 

{وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} (30)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن الحسن عن ابن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن الأول ×: ألا تدلني إلى من آخذ عنه ديني؟ فقال: هذا ابني علي ×, إن أبي اخذ بيدي فأدخلني إلى قبر سول الله | فقال: يا بني, إن الله عز وجل قال: {إني جاعل في الأرض خليفة} وإن الله عز وجل إذا قال قولا وفى به. 

 

* محمد بن علي الطبري في بشارة المصطفى, محمد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، حدثنا أبو الحسين بن أبي الطيب بن شعيب، أخبرنا أحمد بن القاسم الهاشمي، أخبرنا عيسى، حدثنا فروخ بن فروة، أخبرنا مسعدة بن صدقة، عن صالح بن ميثم، عن أبيه قال: بينما أنا في السوق إذ أتاني الأصبغ بن نباتة فقال لي: ويحك يا ميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × حديثا صعبا شديدا فاما يكون كذلك؟ قلت: وما هو؟ قال: سمعته × يقول: ان حديثنا أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان. فقمت من فورتي، فأتيت عليا × فقلت: يا أمير المؤمنين حديث أخبرني به الأصبغ بن نباتة عنك فقد ضقت به ذرعا، قال: وما هو؟ فأخبرته، قال: فتبسم ثم قال: اجلس يا ميثم أو كل علم يحتمله عامل، ان الله تعالى قال للملائكة: {اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني أعلم ما لا تعلمون} فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم؟ قال: قلت: هذه والله أعظم من ذلك، قال: والأخرى: ان موسى × أنزل الله عز وجل عليه التوراة فظن أن لا أحد أعلم منه، فأخبره الله عز وجل ان في خلقي من هو أعلم منك وذاك إذ خاف على نبيه العجب، قال فدعا ربه ان يرشده إلى العالم، قال: فجمع الله بينه وبين الخضر فخرق السفينة فلم يحتمل ذاك موسى، وقتل الغلام فلم يحتمله وأقام الجدار فلم يحتمله، وأما المؤمنون فان نبينا | أخذ يوم غدير خم بيدي فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، فهل رأيت احتملوا ذلك إلا من عصمه الله منهم، فابشروا ثم أبشروا فان الله تعالى قد خصكم بما لم يخص به الملائكة والنبيين والمرسلين فيما احتملتم من أمر رسول الله | وعلمه. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا أحمد بن محمد, عن أحمد بن محمد بن أبي نصير, عن الحسن بن موسى, عن زرارة قال: دخلت على أبي جعفر ×, فسألني: ما عندك من أحاديث الشيعة؟ قلت: إن عندي منها شيئا كثيرا, قد هممت أن أوقد لها نارا ثم احرقها، قال: ولم؟ هات ما أنكرت منها، فخطر على بالي الآدمون , فقال لي: ما كان علم الملائكة حيث قالت: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}.

 

* الشيخ المفيد في الأمالي, حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ’، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم داود النبي ×، فيأتي النداء من عند ×: لسنا إياك أردنا، وإن كنت لله خليفة. ثم ينادي مناد ثانيا: أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ×، فيأتي النداء من قبل الله عز وجل: يا معشر الخلائق، هذا علي بن أبي طالب، خليفة الله في أرضه، وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم، يستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات العلا من الجنان. 

 

* الشيخ الصدوق في الأمالي, حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم، عن رسول الله |: إنا عليا أمير المؤمنين بولاية من الله عز وجل، عقدها له فوق عرشه، وأشهد على ذلك ملائكته، أن عليا خليفة الله، وحجة الله، وأنه لإمام المسلمين، طاعته مقرونة بطاعة الله، ومعصيته مقرونة بمعصية الله. 

 

* محمد بن أحمد القمي في المائة منقبة, حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن الحسن بن محمد السكوني قال: حدثني الحسن ابن محمد البجلي قال: حدثني أحمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي قال: حدثني أبي، عن جدي الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي ابن الحسين، عن أبيه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين ×: من لم يقل إني رابع الخلفاء الأربعة، فعليه لعنة الله. قال الحسين بن زيد : فقلت لجعفر بن محمد ’: قد رويتم غير هذا فإنكم لا تكذبون؟ قال ×: نعم, قال الله تعالى في محكم كتابه: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} فكان آدم × أول خليفة الله. و{يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض} فكان داود × الثاني. وكان هارون × خليفة موسى قوله تعالى: {اخلفني في قومي وأصلح}، وهو خليفة محمد |، فلم لم يقل: إني رابع الخلفاء الأربعة. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, في زيارة أمير المؤمنين ×: السلام عليك يا ولي الله, السلام عليك يا حجة الله, السلام عليك يا خليفة الله... 

 

بمصادر العامة:

 

عن أبي عبد الله × قال: إذا كان يوم القيامة نودي: أين خليفة الله في أرضه. فيقوم داود × فيقال: لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة. فيقوم أمير المؤمنين × فيأتي النداء: يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ليستضئ بنوره وليتبعه إلى الجنة. 

 

{وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (31) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم (32) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (33)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: {وعلم آدم الأسماء كلها} أسماء أنبياء الله، وأسماء محمد | وعلي وفاطمة والحسن والحسين، والطيبين من آلهما وأسماء خيار شيعتهم وعتاة أعدائهم {ثم عرضهم} عرض محمدا وعليا والأئمة {على الملائكة} أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلة. {فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} أن جميعكم تسبحون وتقدسون وأن ترككم ههنا أصلح من إيراد من بعدكم أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم فالحري أن لا تعرفوا الغيب الذي لم يكن، كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها. قالت الملائكة: {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم} العليم بكل شئ، الحكيم المصيب في كل فعل. قال الله عز وجل: {يا آدم} أنبئ هؤلاء الملائكة بأسمائهم: أسماء الأنبياء والأئمة فلما أنبأهم فعرفوها أخذ عليهم العهد، والميثاق بالايمان بهم، والتفضيل لهم. قال الله تعالى عند ذلك: {ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض} سرهما {وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} وما كان يعتقده إبليس من الاباء على آدم إن أمر بطاعته، وإهلاكه إن سلط عليه. ومن اعتقادكم أنه لا أحد يأتي بعدكم إلا وأنتم أفضل منه. بل محمد وآله الطيبون أفضل منكم، الذين أنبأكم آدم بأسمائهم. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, أبى عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن جعفر بن عبد الله الكوفي، عن الحسن بن سعيد، عن محمد بن زياد، عن أيمن بن محرز، عن الصادق جعفر بن محمد × أن الله تبارك وتعالى علم آدم × أسماء حجج الله كلها ثم عرضهم وهم أرواح على الملائكة {فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} بأنكم أحق بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم × {قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم} قال الله تبارك وتعالى: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم} وقفوا على عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره فعلموا أنهم أحق بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريته، ثم غيبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبتهم وقال لهم: {ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا العباس بن معروف, عن حماد بن عيسى, عن حريز, عن ابن خربوز, عن أبي جعفر × قال: قال رسول الله | لعلى ×: ان ربى مثل لي أمتي في الطين, وعلمني أسمائهم كلها, كما {علم آدم الأسماء كلها}, فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لك ولشيعتك. يا علي أن ربى وعدني في شيعتك خصلة, قلت: وما هي يا رسول الله؟ قال: المغفرة لمن امن منهم واتقى لا يغادر منهم صغيرة ولا كبيرة, ولهم تبدل سيئاتهم حسنات. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا محمد بن عيسى, عن النضر بن سويد, عن الحسين بن موسى, عن الحسين بن زياد, عن محمد بن مسلم, عن أبي عبد الله × قال: اهدى إلى رسول الله | والجوج فيه حب مختلط, فجعل رسول الله | يلقى إلى علي × حبة وحبة ويسأله: أي شئ هذا؟ وجعل علي × يخبره. فقال رسول الله |: اما ان جبرئيل اخبرني ان الله علمك اسم كل شئ, كما {علم آدم الأسماء كلها}. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال (الحسين ×): إن الله تعالى لما خلق آدم، وسواه، وعلمه أسماء كل شئ وعرضهم على الملائكة، جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين أشباحا خمسة في ظهر آدم، وكانت أنوارهم تضئ في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش، فأمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم، تعظيما له أنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عم أنوارها الآفاق. فسجدوا لادم إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت، وقد تواضعت لها الملائكة  كلها واستكبر، وترفع، وكان بابائه ذلك وتكبره من الكافرين. 

 

* السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز, أبو مخنف بإسناده عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: سألت رسول الله | عن مولد علي ×، قال: يا جابر، سألت عجيباً عن خير مولود! إعلم أن الله تعالى لما أراد أن يخلقني ويخلق علياً × قبل كل شيء خلق درة عظيمة أكبر من الدنيا عشر مرات، ثم إن الله تعالى استودعنا في تلك الدرة، فمكثنا فيها مائة ألف عام نسبح الله تعالى ونقدسه، فلما أراد إيجاد الموجودات نظر إلى الدرة بعين التكوين، فذابت وانفجرت نصفين، فجعلني ربي في النصف الذي احتوى على النبوة، وجعل علياً × في النصف الذي احتوى على الإمامة, ثم خلق الله تعالى من تلك الدرة مائة بحر، فمن بعضه بحر العلم، وبحر الكرم، وبحر السخاء، وبحر الرضا، وبحر الرأفة، وبحر الرحمة، وبحر العفة، وبحر الفضل، وبحر الجود، وبحر الشجاعة، وبحر الهيبة، وبحر القدرة، وبحر العظمة، وبحر الجبروت، وبحر الكبرياء، وبحر الملكوت، وبحر الجلال، وبحر النور، وبحر العلو، وبحر العزة، وبحر الكرامة، وبحر اللطف، وبحر الحكم، وبحر المغفرة، وبحر النبوة، وبحر الولاية، فمكثنا في كل بحر من البحور سبعة آلاف عام, ثم إن الله تعالى خلق القلم وقال له: اكتب, قال: وما أكتب يا رب؟ قال: اكتب توحيدي، فمكث القلم سكران من قول الله عز وجل عشرة آلاف عام, ثم أفاق بعد ذلك، قال: وما أكتب؟ قال: اكتب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله, فلما فرغ القلم من كتابة هذه الاسماء قال: رب ومن هؤلاء الذين قرنت اسمهما باسمك؟ قال الله تعالى: يا قلم، محمد نبيي وخاتم أوليائي وأنبيائي، وعلي وليي وخليفتي على عبادي وحجتي عليهم، وعزتي وجلالي لولاهما ما خلقتك ولا خلقت اللوح المحفوظ, ثم قال له: اكتب, قال: وما أكتب؟ قال: اكتب صفاتي وأسمائي، فكتب القلم، فلم يزل يكتب ألف عام حتى كل ومل عن ذلك إلى يوم القيامة, ثم إن الله تعالى خلق من نوري السماوات والارض والجنة والنار والكوثر والصراط والعرش والكرسي والحجب والسحاب، وخلق من نور علي ابن أبي طالب الشمس والقمر والنجوم قبل أن يخلق آدم × بألفي عام, ثم إن الله تبارك وتعالى أمر القلم أن يكتب في كل ورقة من أشجار الجنة، وعلى كل باب من أبوابها وأبواب السماوات والارض والجبال والشجر: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله. 

ثم إن الله تعالى أمر نور رسول الله | ونور علي بن أبي طالب × أن يدخلا في حجاب العظمة، ثم حجاب العزة، ثم حجاب الهيبة، ثم حجاب الكبرياء، ثم حجاب الرحمة، ثم حجاب المنزلة، ثم حجاب الرفعة، ثم حجاب السعادة، ثم حجاب النبوة، ثم حجاب الولاية، ثم حجاب الشفاعة، فلم يزالا كذلك من حجاب إلى حجاب، فكل حجاب يمكثان فيه ألف عام, ثم قال: يا جابر، اعلم أن الله تعالى خلقني من نوره، وخلق علياً من نوري، وكلنا من نور واحد، وخلقنا الله تعالى ولم يخلق سماء ولا أرضاً ولا شمساً ولا قمراً ولا ظلمة ولا ضياء ولا براً ولا بحراً ولا هواء، وقبل أن يخلق آدم × بألفي عام, ثم إن الله تعالى سبح نفسه فسبحنا، وقدس نفسه فقدسنا، فشكر الله لنا ذلك وقد خلق الله السماوات والارضين من تسبيحي، والسماء رفعها، والارض سطحها، وخلق من تسبيح علي بن أبي طالب الملائكة، فجميع ما سبحت الملائكة لعلي بن أبي طالب وشيعته إلى يوم القيامة، ولما نفخ الله الروح في آدم × قال الله: وعزتي وجلالي، لولا عبدان أريد أن أخلقهما في دار الدينا ما خلقتك, قال آدم ×: إلهي وسيدي ومولاي، هل يكونان مني أم لا؟ قال: بلى يا آدم، ارفع رأسك وانظر، فرفع رأسه فإذا على ساق العرش مكتوب لا إله إلا الله، محمد رسول الله نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجة، من عرفهما زكى وطاب، ومن جهلهما لعن وخاب، ولما خلق الله آدم × ونفخ فيه من روحه نقل روح حبيبه ونبيه ونور وليه في صلب آدم ×, قال رسول الله |: أما أنا فاستقريت في الجانب الايمن، وأما علي بن أبي طالب × في الايسر، وكانت الملائكة يقفون وراءه صفوفاً, فقال آدم ×: يا رب لأي شيء تقف الملائكة ورائي؟ فقال الله تعالى: لأجل نور ولديك اللذين هما في صلبك محمد بن عبد الله وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهم، ولولاهما ما خلقت الافلاك، وكان يسمع في ظهره التقديس والتسبيح, قال: يا رب اجعلهما أمامي حتى تستقبلني الملائكة، فحولهما تعالى من ظهره إلى جبينه، فصارت الملائكة تقف أمامه صفوفاً، فسأل ربه أن يجعلهما في مكان يراه، فنقلنا الله من جبينه إلى يده اليمنى, قال رسول الله |: أما أنا كنت في اصبعه السبابة، وعلي في اصبعه الوسطى، وابنتي فاطمة في التي تليها، والحسن في الخنصر، والحسين في الابهام. ثم أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم × فسجدوا تعظيماً وإجلالاً لتلك الاشباح، فتعجب آدم من ذلك فرفع رأسه إلى العرش، فكشف الله عن بصره فرأى نوراً فقال: إلهي وسيدي ومولاي، وما هذا النور؟! فقال: هذا نور محمد صفوتي من خلقي، فرأى نوراً إلى جنبه، فقال: إلهي وسيدي ومولاي، وما هذا النور؟! فقال: هذا نور علي بن أبي طالب × وليي وناصر ديني، فرأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار، فقال: إلهي، وما هذه الانوار؟! فقال: هذا نور فاطمة، فطم محبيها من النار، وهذان نورا ولديهما الحسن والحسين، فقال: أرى تسعة أنور قد أحدقت بهم، فقيل: هؤلاء الائمة من ولد علي بن أبي طالب وفاطمة ’ فقال: إلهي بحق هؤلاء الخمسة إلا ما عرفتني التسعة من ولد علي ×, فقال: علي بن الحسين، ثم محمد الباقر، ثم جعفر الصادق، ثم موسى الكاظم، ثم علي الرضا، ثم محمد الجواد، ثم علي الهادي، ثم الحسن العسكري، ثم الحجة القائم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين, فقال: إلهي وسيدي، إنك قد عرفتني بهم فاجعلهم مني، ويدل على ذلك {وعلم آدم الاسماء كلها}.

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني أبو الحسن أحمد بن صالح الهمداني قال: حدثنا الحسن بن علي يعني ابن زكريا بن صالح بن عاصم بن زفر البصري قال: حدثنا زكريا بن يحيى التستري قال: حدثنا أحمد بن قتيبة الهمداني عن عبد الرحمان بن يزيد: عن أبي عبد الله × قال: إن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ فخلق خمسة من نور جلاله، وجعل لكل واحد منهم اسما من أسمائه المنزلة، فهو الحميد وسمى النبي محمدا |، وهو الأعلى وسمي أمير المؤمنين عليا ×، وله الأسماء الحسني فاشتق منها حسنا وحسينا ’، وهو فاطر فاشتق لفاطمة ÷ من أسمائه اسما، فلما خلقهم جعلهم في الميثاق فإنهم عن يمين العرش. وخلق الملائكة من نور فلما أن نظروا إليهم عظموا أمرهم وشأنهم ولقنوا التسبيح فذلك قوله: {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} فلما خلق الله تعالى آدم × نظر إليهم عن يمين العرش فقال: يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هؤلاء صفوتي وخاصتي خلقتهم من نور جلالي وشققت لهم اسما من أسمائي، قال: يا رب فبحقك عليهم علمني أسماءهم، قال: يا آدم فهم عندك أمانة، سر من سري، لا يطلع عليه غيرك إلا باذني، قال: نعم يا رب، قال: يا آدم أعطني على ذلك العهد، فأخذ عليه العهد ثم علمه أسماءهم ثم عرضهم على الملائكة ولم يكن علمهم بأسمائهم {فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم} علمت الملائكة أنه مستودع وأنه مفضل بالعلم، وأمروا بالسجود إذ كانت سجدتهم لآدم تفضيلا له وعبادة لله إذ كان ذلك بحق له، وأبى إبليس الفاسق عن أمر ربه فقال: {ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه} قال: فقد فضلته عليك حيث أمرت بالفضل للخمسة الذين لم أجعل لك عليهم سلطانا ولا من شيعتهم فذلك استثناء اللعين {إلا عبادك منهم المخلصين} قال: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} وهم الشيعة. 

 

{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} (34)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عمن أخبره، عن علي بن جعفر قال سمعت أبا الحسن × يقول: لما رأى رسول الله | تيما وعديا وبني أمية يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله تبارك وتعالى قرآنا يتأسى به  {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى} ثم أوحى إليه: يا محمد, إني أمرت فلم اطع, فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في وصيك. 

 

* الفتال النيسابوري في روضة الواعظين, قال أمير المؤمنين ×: إن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم × بقوله {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا} وقال لنبينا | {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}. 

 

* السيد ابن طاووس في إقبال الأعمال, عن الرضا × في حديث طويل: مثل المؤمنين في قلوبهم ولاء أمير المؤمنين × في يوم غدير خم كمثل الملائكة في سجودهم لادم ×، ومثل من أبى ولاية أمير المؤمنين × في يوم الغدير مثل إبليس. 

 

* السيد هاشم البحراني في غاية المرام, القاضي أبو عمر عثمان بن أحمد أحد شيوخ السنة يرفعه إلى ابن عباس, عن النبي |: لما شملت آدم × الخطيئة نظر إلى أشباح تضئ حول العرش فقال: يا رب إني أرى أشباحا تشبه خلقي فما هي؟ قال : هذه الأنوار أشباح اثنين من ولدك، اسم أحدهما محمد أبدأ النبوة بك وأختمها به، والآخر أخوه وابن أخي أبيه اسمه علي أؤيد محمدا به وأنصره على يده، والأنوار التي حولهما أنوار ذرية هذا النبي من أخيه هذا، يزوجه ابنته تكون له زوجة، يتصل بها أول الخلق إيمانا به وتصديقا له، أجعلها سيدة النسوان وأفطمها وذريتها من النيران، تنقطع الأسباب والأنساب يوم القيامة إلا سببه ونسبه، فسجد آدم شكرا لله أن جعل ذلك في ذريته، فعوضه الله عن ذلك السجود أن أسجد له ملائكته. 

 

{وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} (35)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله تعالى {ولا تقربا هذه الشجرة} تلتمسان بذلك درجة محمد وآل محمد في فضلهم، فان الله تعالى خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم، وهي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله عز وجل ألهم علم الأولين والآخرين من غير تعلم، ومن تناول منها بغير إذن الله خاب من مراده وعصى ربه {فتكونا من الظالمين} بمعصيتكما والتماسكما درجة قد أوثر بها غير كما إذا أردتماها بغير حكم الله. 

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري ×: إن الله عز وجل لما لعن إبليس بآبائه وأكرم الملائكة بسجودها لآدم وطاعتهم لله عز وجل أمر بآدم وحواء إلى الجنة، وقال {يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا} واسعا {حيث شئتما} بلا تعب {ولا تقربا هذه الشجرة} شجرة العلم، علم محمد وآل محمد ، الذي آثرهم الله به دون سائر خلقه، فإنها لمحمد وآل محمد خاصة دون غيرهم لا يتناول منها بأمر الله إلا هم، ومنها كان يتناول النبي | وعلي وفاطمة والحسن والحسين بعد إطعامهم المسكين واليتيم والأسير حتى لم يحسوا بعد بجوع ولا عطش ولا تعب. 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي قال: حدثنا أبو العباس أحمد ين يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله ×: إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال: هؤلاء أحبائي، وأوليائي، وحججي على خلقي، وأئمة بريتي، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم، ولمن تولاهم خلقت جنتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي، وكان لهم فيها ما يشاؤون عندي، و أبحتهم كرامتي، وأحللتهم جواري، وشفعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي، فولايتهم أمانة عند خلقي فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه دون خيرتي؟ فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن من ادعاء منزلتها وتمني محلها من عظمة ربها، فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته الجنة قال لهما: {كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة} يعني شجرة الحنطة {فتكونا من الظالمين} فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلوات الله عليهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا: يا ربنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله: ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، وما أحبهم إليك، وما أشرفهم لديك! فقال الله جل جلاله: لولا هم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي، وأمنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين! قالا: ربنا ومن الظالمون؟ قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق. قالا: ربنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك. فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب وقال عز وجل: مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وكلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب, يا آدم ويا حواء لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري وأحل بكما هواني، فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور وحملهما على تمنى منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلاه شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه، فلما أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما: إن الشيطان لكما عدو مبين؟ فقالا: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، قال: اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلما أراد الله عز وجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما: إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز وجل إلى أرضه فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما، فقالا، اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة إلا تبت علينا ورحمتنا فتاب الله عليهما {إنه هو التواب الرحيم} فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أممهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها وحملها الانسان الذي قد عرف، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة، وذلك قول الله عز وجل: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا}. 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت للرضا ×: يا ابن رسول الله، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء، ما كانت، فقد اختلف الناس فيها؛ فمنهم من يروي أنها الحنطة، ومنهم من يروي أنها العنب، ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد؟ فقال ×: كل ذلك حق. قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: يا أبا الصلت، إن شجرة الجنة تحمل أنواعا؛ وكان شجرة الحنطة وفيها عنب، وليست كشجر الدنيا، وإن آدم × لما أكرمه الله تعالى ذكره، بإسجاد ملائكته له، وبإدخاله الجنة، قال في نفسه: هل خلق الله بشرا أفضل مني؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه: ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي؛ فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. فقال آدم ×: يا رب، من هؤلاء؟ فقال عز وجل: يا آدم، هؤلاء من ذريتك، وهم خير منك ومن جميع خلقي، ولولاهم ما خلقتك، ولا خلقت الجنة ولا النار، ولا السماء، ولا الأرض، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري. فنظر إليهم بعين الحسد، وتمنى منزلتهم، فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها، وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة ÷ بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم ×، فأخرجهما الله تعالى من جنته، وأهبطهما من جواره إلى الأرض. 

 

* تفسير الإمام العسكري  ×, قال الإمام العسكري ×: قال: قال رسول الله | لما عرف الله ملائكته فضل خيار أمة محمد | وشيعة علي × وخلفائه عليهم ‌السلام، واحتمالهم في جنب محبة ربهم ما لا تحتمله الملائكة، أبان بني آدم الخيار المتقين بالفضل عليهم. ثم قال: فلذلك فاسجدوا لآدم لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين. ولم يكن سجودهم لآدم، إنما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عز وجل، وكان بذلك معظما مبجلا ولا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله، يخضع له خضوعه لله، ويعظمه بالسجود له كتعظيمه لله. ولو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله، لأمرت ضعفاء شيعتنا وسائر المكلفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسط في علوم وصي رسول الله |، ومحض وداد خير خلق الله، علي بعد محمد رسول الله |، واحتمل المكاره والبلايا في التصريح بإظهار حقوق الله، ولم ينكر علي حقا أرقبه عليه قد كان جهله أو أغفله. ثم قال رسول الله |: عصى الله إبليس، فهلك لما كانت معصيته بالكبر على آدم، وعصى الله آدم بأكل الشجرة، فسلم ولم يهلك لما لم يقارن بمعصية التكبر على محمد وآله الطيبين. وذلك أن الله تعالى قال له: يا آدم، عصاني فيك إبليس، وتكبر عليك فهلك، ولو تواضع لك بأمري، وعظم عز جلالي لأفلح كل الفلاح كما أفلحت، وأنت عصيتني بأكل الشجرة، وبالتواضع لمحمد وآل محمد تفلح كل الفلاح، وتزول عنك وصمة الزلة، فادعني بمحمد وآله الطيبين لذلك. فدعا بهم فأفلح كل فلاح، لما تمسك بعروتنا أهل البيت. 

 

{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} (37)

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا علي بن الفضل بن العباس البغدادي، قال: قرأت على أحمد بن محمد بن سليمان بن الحارث، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، قال: حدثنا حسين الأشقر قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سألت النبي | عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب الله عليه. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله × قال : إن الله تبارك وتعالى عرض على آدم في الميثاق ذريته، فمر به النبي | وهو متكئ على علي ×، وفاطمة ÷ تتلوهما، والحسن والحسين ’ يتلوان فاطمة ÷، فقال الله: يا آدم إياك أن تنظر إليه بحسد اهبطك من جواري، فلما أسكنه الله الجنة مثل له النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين فنظر إليهم بحسد ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها، فلما تاب إلى الله من حسده وأقر بالولاية ودعا بحق الخمسة: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين غفر الله له، وذلك قوله : {فتلقى آدم من ربه كلمات} الآية. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن محمد بن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن جده، عن علي × قال: الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، قال: يا رب، أسألك بحق محمد لما تبت علي, قال: وما علمك بمحمد؟ قال: رأيته في سرادقك الأعظم مكتوبا وأنا في الجنة. 

 

* قطب الدين الراوندي في قصص الأنبياء, عن ابن بابوية, عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الخراز، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله ×، قال: قال آدم ×: يا رب بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، إلا تبت علي، فأوحى الله إليه: يا آدم، وما علمك بمحمد؟ فقال: حين خلقتني، رفعت رأسي، فرأيت في العرش مكتوبا، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد × قال: سألته عن قول الله عز وجل: {وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب الله عليه وهو أنه قال: أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت على {فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم}. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, عن بعض مؤلفات أصحابنا: روى صاحب الدر الثمين في تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات} أنه رأى ساق العرش وأسماء النبي والأئمة, فلقنه جبرئيل قال: يا حميد بحق محمد, يا عالي بحق علي, يا فاطر بحق فاطمة, يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الاحسان, فلما ذكر الحسين × سالت دموعه وانخشع قلبه, وقال: يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟! قال جبرئيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عنده المصائب, فقال: يا أخي وما هي؟ قال: يقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً ليس له ناصر ولا معين, ولو تراه يا آدم وهو يقول واعطشاه واقلة ناصراه, حتى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان, فلم يجبه أحداً إلا بالسيوف وشرب الحتوف, فيذبح ذبح الشاة من قفاه, وينهب رحله أعداؤه وتشهر رؤوسهم هو وأنصاره في البلدان, ومعهم النسوان, كذلك سبق في علم الواحد المنان, فبكى آدم وجبرئيل ’ بكاء الثكلى.

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد قال: حدثنا الحسن بن جعفر قال: حدثنا الحسين بن سوار قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر السكوني قال: حدثنا سليمان بن مهران الأعمش عن أبي صالح: عن ابن عباس قال: قال رسول الله |: لما نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من الجنة أتاه جبرئيل × فقال: يا آدم ادع ربك قال: يا حبيبي جبرئيل ما أدعو؟ قال: قل: رب أسألك بحق الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان إلا تبت علي ورحمتني فقال له آدم ×: يا جبرئيل سمهم لي قال: قل: رب أسألك بحق محمد نبيك وبحق علي وصي نبيك وبحق فاطمة بنت نبيك وبحق الحسن والحسين سبطي نبيك إلا تبت علي ورحمتني. فدعا بهن آدم فتاب الله عليه وذلك قول الله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} وما من عبد مكروب يخلص النية يدعو بهن إلا استجاب الله له. 

 

* السيد ابن طاوس في مهج الدعوات, من ذلك دعاء آدم × برواية أخرى لما تلقى من ربه كلمات ولعله × دعا بها وهو: يا رباه يا رباه يا رباه لا يرد غضبك إلا حلمك، ولا ينجي من عقوبتك إلا التضرع إليك، حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما حرمتني، وإن حرمتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، اللهم إني أسئلك الفوز بالجنة وأعوذ بك من النار، يا ذا العرش الشامخ المنيف، يا ذا الجلال والاكرام الباذخ العظيم، يا ذا الملك الفاخر القديم، يا إله العالمين، يا صريخ المستصرخين، ويا منزولا به كل حاجة إن كنت قد رضيت عني فازدد عني رضي، وقربني منك زلفى وإلا تكن رضيت عني، فبحق محمد وآله وبفضلك عليهم لما رضيت عني إنك أنت التواب. قال أبو عبد الله × : هذا الدعاء الذي تلقى آدم من ربه فتاب عليه، فقال: يا آدم سألتني بمحمد ولم تره، فقال: رأيت على عرشك مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله.قال راوي الحديث: فوالله ما دعوت بهن في سر ولا علانية في شدة ولا رخاء، إلا استجاب الله لي. 

 

* تفسير الإمام العسكري  ×, قال الإمام العسكري ×: فلما زلت من آدم × الخطيئة، واعتذر إلى ربه عز وجل، قال: يا رب تب علي، واقبل معذرتي، وأعدني إلى مرتبتي، وارفع لديك درجتي فلقد تبين نقص الخطيئة وذلها في أعضائي وسائر بدني. قال الله تعالى: يا آدم أما تذكر أمري إياك بأن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك، وفي النوازل التي تبهظك؟ قال آدم: يا رب بلى. قال الله عز وجل له: فتوسل بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين خصوصا، فادعني أجبك إلى ملتمسك، وأزدك فوق مرادك. فقال آدم: يا رب، يا إلهي وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل إليك بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي، وأنا الذي أسجدت له ملائكتك، وأبحته جنتك وزوجته حواء أمتك، وأخدمته كرام ملائكتك! قال الله تعالى: يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك وبالسجود لك إذ كنت وعاءا لهذه الأنوار، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها، وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منه لكنت قد جعلت ذلك. ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي، فالآن فبهم فادعني لأجبك. فعند ذلك قال آدم: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين, بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم, لما تفضلت علي بقبول توبتي وغفران زلتي وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي. فقال الله عز وجل: قد قبلت توبتك، وأقبلت برضواني عليك، وصرفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي، ووفرت نصيبك من رحماتي. فذلك قوله عز وجل: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}. 

 

* تفسير الإمام العسكري  ×, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين ×: حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله |، قال: يا عباد الله، إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه، إذ كان تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور ولم يتبين الأشباح، فقال: يا رب، ما هذه الأنوار؟ قال الله عز وجل: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك، إذ كنت وعاء لتلك الأشباح. فقال آدم: يا رب، لو بينتها لي؟ فقال الله عز وجل: انظر ـ يا آدم ـ إلى ذروة العرش. فنظر آدم × ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم × على ذروة العرش، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره ـ كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية ـ فرأى أشباحنا. فقال: ما هذه الأشباح، يا رب؟ قال الله تعالى: يا آدم، هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي، هذا محمد، وأنا المحمود الحميد في أفعالي، شققت له اسما من اسمي، وهذا علي، وأنا العلي العظيم، شققت له اسما من اسمي، وهذه فاطمة، وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل القضاء، وفاطم أوليائي مما يعتريهم ويشينهم، فشققت لها اسما من اسمي، وهذان الحسن والحسين، وأنا المحسن المجمل، شققت اسمهما من اسمي. هؤلاء خيار خليقتي، وكرام بريتي، بهم آخذ وبهم أعطي، وبهم أعاقب وبهم أثيب، فتوسل بهم إلي ـ يا آدم ـ وإذا دهتك داهية فاجعلهم إلي شفعاءك، فإني آليت على نفسي قسما حقا أن لا أخيب لهم آملا، ولا أرد لهم سائلا. فلذلك حين زلت منه الخطيئة دعا الله عز وجل بهم، فتاب عليه وغفر له. 

 

* الفتال النيسابوري في روضة الواعظين, قال أمير المؤمنين ×: وقال (الله عز وجل): {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} وقال تعالى لنبينا |: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}. 

 

* كتاب سليم بن قيس, أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس, قال: ثم سألت المقداد فقلت: حدثني رحمك الله بأفضل ما سمعت من رسول الله | يقول في علي بن أبي طالب ×, قال: سمعت من رسول الله | يقول: إن الله توحد بملكه, فعرف أنواره نفسه, ثم فوض إليهم أمره وأباحهم جنته, فمن أراد أن يطهر قلبه من الجن والأنس عرفه ولاية علي بن أبي طالب ×, ومن أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفة علي بن أبي طالب ×, والذي نفسي بيده, ما استوجب آدم أن يخلقه الله وينفخ فيه من روحه وأن يتوب عليه ويرده إلى جنته إلا بنبوتي والولاية لعلي بعدي, والذي نفسي بيده, ما أري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ولا اتخذه خليلاً إلا بنبوتي والأقرار لعلي بعدي, والذي نفسي بيده, ما كلم الله موسى تكليماً ولا أقام عيسى آية للعالمين إلا بنبوتي ومعرفة علي بعدي, والذي نفسي بيده, ما تنبأ نبي قط إلا بمعرفته والإقرار لنا بالولاية, ولا استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية له والإقرار لعلي × بعدي, ثم سكت. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, محمد بن علي الكاتب الإصفهاني، عن علي بن إبراهيم القاضي، عن أبيه، عن جده، عن أبي أحمد الجرجاني، عن عبد الله بن محمد الدهقان، عن إسحاق بن إسرائيل، عن حجاج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله: الحمد لله رب العالمين، فقال له ربه: يرحمك ربك، فلما أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا رب خلقت خلقا أحب إليك مني؟ فلم يجب، ثم قال الثانية فلم يجب، ثم قال الثالثة فلم يجب، ثم قال الله عز وجل له: نعم ولولاهم ما خلقتك، فقال: يا رب فأرنيهم، فأوحى الله عز وجل إلى ملائكة الحجب: أن ارفعوا الحجب. فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش، فقال: يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هذا محمد نبيي: وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبيي ووصيه، وهذه فاطمة ابنة نبيي وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي. ثم قال: يا آدم هم ولدك ففرح بذلك، فلما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي فغفر الله له بهذا، فهذا الذي قال الله عز وجل {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}  فلما هبط إلى الأرض صاغ خاتما, فنقش عليه: محمد رسول الله وعلي أمير المؤمنين, ويكنى آدم بأبى محمد. 

 

* الشيخ الصدوق فبي الأمالي, حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن هلال، عن الفضل بن دكين، عن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله الصادق × يقول: أتى يهودي إلى النبي | فقام بين يديه، وجعل يحد النظر إليه، فقال: يا يهودي، ما حاجتك؟ فقال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله، وأنزل عليه التوراة والعصا، وفلق له البحر، وظلله الغمام؟ فقال له النبي |: يكره للعبد أن يزكي نفسه، ولكن أقول: إن آدم × لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي, فغفر الله له، وإن نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني من الغرق, فنجاه الله منه، وإن إبراهيم × لما ألقي في النار، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني منها, فجعلها عليه بردا وسلاما، وإن موسى لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني, فقال الله جل جلاله:{لا تخف إنك أنت الأعلى}. يا يهودي، لو أدركني موسى ولم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا، ولا نفعته النبوة. يا يهودي، ومن ذريتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته، وقدمه وصلى خلفه. 

 

* السيد هاشم البحراني في تفسير البرهان, عن الصادق ×، في قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات} أن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه: اللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي, فتاب الله عليه. 

 

بمصادر العامة:

 

عن علي قال: سألت النبي | عن قول الله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} فقال: ان الله أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة وإبليس بميسان والحية بأصبهان، وكان للحية قوائم كقوائم البعير ومكث آدم بالهند مائة سنة باكيا على خطيئته، حتى بعث الله تعالى إليه جبريل وقال: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أسجد لك ملائكتي؟ ألم أزوجك حواء أمتي؟ قال بلى، قال: فما هذا البكاء قال: وما يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن، قال فعليك بهذه الكلمات، فان الله قابل توبتك وغافر ذنبك قل: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، سبحانك، لا إله الا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي انك أنت التواب الرحيم، اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي انك أنت التواب الرحيم، فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم. 

 

عن ابن بن عباس قال: سئل النبي | عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه؟ قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي, فتاب عليه. 

 

عن ابن عباس قال: قال رسول الله |: لما نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من جوار رب العالمين أتاه جبريل فقال: يا آدم أدع ربك. قال: يا حبيب جبريل وبما أدعوه؟ قال: قل يا رب أسالك بحق الخمسة الذين تخرجهم من صلبي في آخر الزمان إلا تبت علي ورحمتني. فقال: يا حبيبي جبريل سمهم لي. قال: محمد النبي وعلي الوصي وفاطمة بنت النبي والحسن والحسين سبطي النبي. فدعا بهم آدم فتاب الله عليه وذلك قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} وما من عبد يدعو بها إلا استجاب الله له. 

 

عن المفضل قال: سألت جعفر الصادق × عن قوله: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} الآية. قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو انه قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت على، فتاب الله عليه {انه هو التواب الرحيم}. فقلت له: يا ابن رسول الله فما يعنى بقوله {فأتمهن}؟ قال: يعنى أتمهن إلى القائم المهدى × اثني عشر إمام، تسعة من ولد الحسين ×. 

 

قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين ×: حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله |، قال: يا عباد الله، إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه، إذ كان تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور ولم يتبين الأشباح، فقال: يا رب، ما هذه الأنوار؟ قال الله عز وجل: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك، إذ كنت وعاء لتلك الأشباح. فقال آدم: يا رب، لو بينتها لي؟ فقال الله عز وجل: انظر ـ يا آدم ـ إلى ذروة العرش. فنظر آدم × ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم × على ذروة العرش، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره ـ كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية ـ فرأى أشباحنا. فقال: ما هذه الأشباح، يا رب؟ قال الله تعالى: يا آدم، هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي، هذا محمد، وأنا المحمود الحميد في أفعالي، شققت له اسما من اسمي، وهذا علي، وأنا العلي العظيم، شققت له اسما من اسمي، وهذه فاطمة، وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل القضاء، وفاطم أوليائي مما يعتريهم ويشينهم، فشققت لها اسما من اسمي، وهذان الحسن والحسين، وأنا المحسن المجمل، شققت اسمهما من اسمي. هؤلاء خيار خليقتي، وكرام بريتي، بهم آخذ وبهم أعطي، وبهم أعاقب وبهم أثيب، فتوسل بهم إلي ـ يا آدم ـ وإذا دهتك داهية فاجعلهم إلي شفعاءك، فإني آليت على نفسي قسما حقا أن لا أخيب لهم آملا، ولا أرد لهم سائلا. فلذلك حين زلت منه الخطيئة دعا الله عز وجل بهم، فتاب عليه وغفر له. 

 

{قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (38)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر قال: سئلت أبا جعفر × عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن {فاما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال: تفسير الهدى علي × قال الله فيه {فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثنا القاسم بن الربيع قال: حدثنا محمد بن سنان, عن عمار بن مروان, عن منخل بن جميل, عن جابر, عن أبي جعفر ×: وقوله: {فاما يأتينكم مني هدى} قال: فهو علي بن أبي طالب ×. 

 

{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (39)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم قال الله عز وجل: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا} الدالات على صدق محمد | على ما جاء به من أخبار القرون السالفة، وعلى ما أداه إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعلي وآله الطيبين خير الفاضلين والفاضلات بعد محمد | سيد البريات {أولئك} الدافعون لصدق محمد | في إنبائه والمكذبون له في نصبه لأوليائه علي × سيد الأوصياء، والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين {أصحاب النار هم فيها خالدون}. 

 

{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون} (40)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل: {يا بني إسرائيل} ولد يعقوب إسرائيل الله {اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} لما بعثت محمدا |، وأقررته في مدينتكم، ولم أجشمكم الحط والترحال إليه، وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله. {وأوفوا بعهدي} الذي أخذته على أسلافكم، أنبياؤهم وأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم ليؤمنوا بمحمد | العربي القرشي الهاشمي، المبان بالآيات، والمؤيد بالمعجزات التي منها: أن كلمته ذراع مسمومة، وناطقه ذئب، وحن إليه عود المنبر وكثر الله له القليل من الطعام، وألان له الصلب من الأحجار، وصلب له المياه السيالة ولم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة إلا جعل له مثلها أو أفضل منها. والذي جعل من أكبر آياته علي بن أبي طالب × شقيقه ورفيقه، عقله من عقله، وعلمه من علمه، وحكمه من حكمه وحلمه من حلمه، مؤيد دينه بسيفه الباتر بعد أن قطع معاذير المعاندين بدليله القاهر، وعلمه الفاضل، وفضله الكامل. {أوف بعهدكم} الذي أوجبت به لكم نعيم الأبد في دار الكرامة ومستقر الرحمة. {وإياي فارهبون} في مخالفة محمد |، فاني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي، وهم لا يقدرون على صرف انتقامي عنكم إذا آثرتم مخالفتي. 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا حريز، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله |: لما أنزل الله تبارك و تعالى: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} والله لقد خرج آدم من الدنيا وقد عاهد قومه على الوفاء لولده شيث، فما وفي له، ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه سام، فما وفت أمته، ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه إسماعيل، فما وفت أمته، ولقد خرج موسى من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه يوشع بن نون فما وفت أمته، ولقد رفع عيسى ابن مريم إلى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيه شمعون بن حمون الصفا فما وفت أمته، وإني مفارقكم عن قريب وخارج من بين أظهركم وقد عهدت إلى أمتي في علي بن أبي طالب × وإنها لراكبة سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيي وعصيانه، ألا وإني مجدد عليكم عهدي في علي ×، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله فسيؤتيه أجرا عظيما. أيها الناس إن عليا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو وصيي، و وزيري، وأخي، وناصري، وزوج ابنتي، وأبو ولدي، وصاحب شفاعتي وحوضي ولوائي، من أنكره فقد أنكرني، ومن أنكرني فقد أنكر الله عز وجل، ومن أقر بإمامته فقد أقر بنبوتي، ومن أقر بنبوتي فقد أقر بوحدانية الله عز وجل. أيها الناس من عصى عليا فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله عز وجل، ومن أطاع عليا فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله. أيها الناس من رد علي علي في قول أو فعل فقد رد علي، ومن علي فقد رد على الله فوق عرشه. أيها الناس من اختار منكم على علي إماما فقد اختار علي نبيا ومن اختار علي نبيا فقد اختار الله عز وجل ربا. أيها الناس إن عليا سيد الوصيين، وقائد الغر المحجلين، ومولى المؤمنين، وليه وليي، ووليي ولي الله، وعدوه عدوي، وعدوي عدو الله. أيها الناس أوفوا بعهد الله في علي يوف لكم في الجنة يوم القيامة. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثني محمد بن الحسين (يعني الصائغ), عن موسى بن القاسم, عن عثمان بن عيسى, عن سماعة: عن أبي عبد الله × في قوله تعالى: { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} قال: أوفوا بولاية علي بن أبي طالب × فرض من الله أوف لكم بالجنة. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سماعة، عن أبي عبد الله × في قول الله عز وجل: {وأوفوا بعهدي} قال: بولاية أمير المؤمنين × {أوف بعهدكم} أوف لكم بالجنة. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا عبد الله بن محمد, عن الحسن بن موسى الخشاب قال: حدثنا أصحابنا, عن خيثمة الجعفي قال: قال لي أبو عبد الله ×: يا خيثمة نحن شجرة النبوة, وبيت الرحمة, ومفاتيح الحكمة, ومعدن العلم, وموضع الرسالة, ومختلف الملائكة, وموضع سر الله, ونحن وديعة الله في عباده, ونحن حرم الله الأكبر, ونحن ذمة الله, ونحن عهد الله فمن وفا بذمتنا فقد وفا بذمة الله, ومن وفى بعهدنا فقد وفا بعهد الله, ومن خفرها فقد خفر ذمة الله وعهده. 

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثنا أحمد بن محمد الشيباني قال: حدثنا محمد بن أحمد بن بويه قال: حدثنا محمد بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن محمد الشيباني قال: حدثنا عبد الله بن محمد التفليسي, عن الحسن بن محبوب, عن صالح بن رزين, عن شهاب بن عبد ربه قال: سمعت الصادق × يقول: يا شهاب نحن شجرة النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة, ونحن عهد الله وذمته, ونحن ودائع الله وحجته, كنا أنوارا صفوفا حول العرش نسبح فيسبح أهل السماء بتسبيحنا, إلى أن هبطنا إلى الأرض فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا, وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون, فمن وفى بذمتنا فقد وفى بعهد الله عز وجل وذمته, ومن خفر ذمتنا فقد خفر ذمة الله عز وجل وعهده. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الجريري, ومحمد بن حسان قالا: أخبرنا أبو عمران الأرمني وهو موسى بن زنجويه, عن عائذ بن إسماعيل, عمن حدثه, عن خيثمة, عن أبي جعفر × قال: نحن شجرة النبوة وبيت الرحمة ومفاتيح الحكمة ومعدن العلم وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وموضع وحي الله, ونحن وديعة الله في عباده, ونحن حرم الله الأكبر, ونحن عهد الله فمن وفا بذمتنا فقد وفا بذمة الله, ومن وفا بعهدنا فقد وفا بعهد الله, ومن خفرنا فقد خفر ذمة الله وعهده. 

 

{وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون} (41)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم قال الله عز وجل لليهود: {وآمنوا} أيها اليهود {بما أنزلت} على محمد نبيي من ذكر نبوته، وإنباء إمامة أخيه علي × وعترته الطيبين الطاهرين {مصدقا لما معكم} فان مثل هذا الذكر في كتابكم أن محمدا النبي سيد الأولين والآخرين، المؤيد بسيد الوصيين وخليفة رسول رب العالمين فاروق هذه الأمة، وباب مدينة الحكمة، ووصي رسول رب الرحمة. {ولا تشتروا بآياتي} المنزلة لنبوة محمد |، وإمامة علي ×، والطيبين من عترته {ثمنا قليلا} بأن تجحدوا نبوة النبي محمد | وإمامة الامام علي × وآلهما وتعتاضوا عنها عرض الدنيا، فان ذلك وإن كثر فإلى نفاد وخسار وبوار. ثم قال الله عز وجل: {وإياي فاتقون} في كتمان أمر محمد | وأمر وصيه ×. فإنكم إن تتقوا لم تقدحوا في نبوة النبي ولا في وصية الوصي، بل حجج الله عليكم قائمة، وبراهينه بذلك واضحة، قد قطعت معاذيركم، وأبطلت تمويهكم. وهؤلاء يهود المدينة جحدوا نبوة محمد | وخانوه، وقالوا: نحن نعلم أن محمدا نبي، وأن عليا وصيه، ولكن لست أنت ذاك ولا هذا - يشيرون إلى علي × - فأنطق الله تعالى ثيابهم التي عليهم، وخفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منها للابسه: كذبت يا عدو الله، بل النبي محمد | هذا، والوصي علي هذا، ولو أذن الله لنا لضغطناكم وعقرناكم وقتلناكم. فقال رسول الله |: إن الله عز وجل يمهلهم لعلمه بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات طيبات مؤمنات. ولو تزيلوا لعذب الله هؤلاء عذابا أليما، إنما يعجل من يخاف الفوت. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر × عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به} يعنى فلانا وصاحبه ومن تبعهم ودان بدينهم، قال الله يعنيهم {ولا تكونوا أول كافر به} يعنى عليا ×.

 

{ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون} (42)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري ×: خاطب الله عز وجل بها قوما من اليهود لبسوا الحق قال: {ولا تلبسوا الحق بالباطل} بأن زعموا أن محمدا نبي، وأن عليا وصي، ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة. فقال لهم رسول الله |: أترضون التوراة بيني وبينكم حكما؟ قالوا: بلى. فجاءوا بها وجعلوا يقرأون منها خلاف ما فيها، فقلب الله عز وجل الطومار الذي كانوا منه يقرأون وهو في يد قارئين منهم، مع أحدهما أوله ومع الآخر آخره، ثعبانا له رأسان وتناول كل رأس منهما يمين الذي هو في يده، وجعل يرضضه ويهشمه، ويصيح الرجلان ويصرخان، وكانت هناك طوامير اخر فنطقت وقالت: لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرا بما فيها من صفة محمد ونبوته، وصفة علي وإمامته على ما أنزله الله تعالى. فقرآه صحيحا وآمنا برسول الله | واعتقدا إمامة علي ولي الله ووصي رسول الله. فقال الله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل} بأن تقروا بمحمد وعلي من وجه وتجحدوهما من وجه {وتكتموا الحق} من نبوة هذا وإمامة هذا {وأنتم تعلمون}. 

 

{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} (43)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: {أقيموا الصلاة} المكتوبات التي جاء بها محمد |، وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين الذين علي × سيدهم وفاضلهم {وآتوا الزكاة} من أموالكم إذا وجبت، ومن أبدانكم إذ الزمت، ومن معونتكم إذا التمست {و اركعوا مع الراكعين} تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله عز وجل في الانقياد لأولياء الله محمد | نبي الله وعلي ’ ولي الله والأئمة بعدهما سادات أصفياء الله. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, أبو عبيد الله المرزباني وأبو نعيم الأصفهاني في كتابيهما فيما نزل من القرآن في علي × والنطنزي في الخصايص, عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس، وروى أصحابنا عن الباقر × في قوله تعالى {واركعوا مع الراكعين} نزلت في رسول الله |, وعلي بن أبي طالب ×, وهما أول من صلى وركع. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن عباس في قوله تعالى {واركعوا مع الراكعين} أنها نزلت في رسول الله | وعلي × خاصة, وهما أول من صلى وركع. 

 

{واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} (45)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم قال الله عز وجل لسائر اليهود والكافرين المظهرين {واستعينوا بالصبر والصلاة} أي بالصبر عن الحرام وعلى تأدية الأمانات، وبالصبر على الرئاسات الباطلة، وعلى الاعتراف لمحمد | بنبوته ولعلي × بوصيته. {واستعينوا بالصبر} على خدمتهما، وخدمة من يأمرانكم بخدمته على استحقاق الرضوان والغفران ودائم نعيم الجنان في جوار الرحمن، ومرافقة خيار المؤمنين، والتمتع بالنظر إلى عزة محمد | سيد الأولين والآخرين، وعلي × سيد الوصيين والسادة الأخيار المنتجبين، فان ذلك أقر لعيونكم، وأتم لسروركم، وأكمل لهدايتكم من سائر نعيم الجنان. واستعينوا أيضا بالصلوات الخمس، وبالصلاة على محمد وآله الطيبين على قرب الوصول إلى جنات النعيم. {وإنها} أي هذه الفعلة من الصلوات الخمس، ومن الصلاة على محمد وآله الطيبين مع الانقياد لأوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم؟ وكيف؟ {لكبيرة} لعظيمة. {إلا على الخاشعين} الخائفين من ما الله في مخالفته في أعظم فرائضه. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, قال الباقر × في قوله {واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة إلا على الخاشعين} والخاشع الذليل في صلاته المقبل إليها يعني رسول الله | وأمير المؤمنين ×. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثنا الحسين بن الحكم قال: حدثنا الحسن بن الحسين قال: حدثنا حبان بن علي, عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس, في قوله {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} الخاشع الذليل في صلاته المقبل عليها رسول الله | وعلي بن أبي طالب ×. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, أقول ذكر والدي أنه رأى في كتاب عتيق، جمعه بعض محدثي أصحابنا في فضائل أمير المؤمنين × هذا الخبر ووجدته أيضاً في كتاب عتيق مشتمل على أخبار كثيرة قال روي عن محمد بن صدقة, قال أمير المؤمنين × لسلمان وابا ذر: من أقام ولايتي فقد أقام الصلاة وإقامة ولايتي صعبٌ مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فالملك إذا لم يكن مقرباً لم يحتمله والنبي إذا لم يكن مرسلاً لم يحتمله والمؤمن إذا لم يكن ممتحناً لم يحتمله، قلت يا أمير المؤمنين من المؤمن وما نهايته وما حده حتى أعرفه؟ قال ×: يا أبا عبد الله قلت: لبيك يا أخا رسول الله قال: المؤمن الممتحن هو الذي لا يرِدُ من أمرنا إليه شي‏ء إلا شرح صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتب، إعلم يا أبا ذر أنا عبد الله عز وجل وخليفته على عباده لا تجعلونا أرباباً وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته فإن الله عز وجل قد أعطانا أكبر وأعظم مما يصفه وأصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون. قال سلمان قلتُ يا أخا رسول الله ومن أقام الصلاة أقام ولايتك؟ قال: نعم يا سلمان تصديقُ ذلك قوله تعالى في الكتاب العزيز {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} فالصبر رسول الله | والصلاة إقامة ولايتي فمنها قال الله تعالى {وإنها لكبيرة} ولم يقل وإنهما لكبيرة لأن الولاية كبيرة حملها إلا على الخاشعين والخاشعون هم الشيعة المستبصرون، وذلك لأن أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبية يقرون لمحمد | ليس بينهم خلاف وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلا القليل وهم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال: {إنها لكبيرة إلا على الخاشعين}. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن عباس في قوله: {استعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} قال: الخاشع: الذليل في صلاته، المقبل عليها، يعني رسول الله | وعليا ×. 

 

{الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون} (46)

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, قال الباقر × في قوله {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وانهم إليه راجعون} نزلت: في علي ×, وعثمان بن مظعون, وعمار, وأصحاب لهم. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن عباس في قوله: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون}، نزلت في علي × وعثمان بن مظعون، وعمار بن ياسر, وأصحاب لهم. 

 

{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين} (47)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال: {اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} أن بعثت موسى وهارون إلى أسلافكم بالنبوة، فهديناهم إلى نبوة محمد | ووصية علي × وإمامة عترته الطيبين. وأخذنا عليكم بذلك العهود والمواثيق التي إن وفيتم بها كنتم ملوكا في جنانه مستحقين لكراماته ورضوانه. {وأني فضلتكم على العالمين} هناك، أي فعلته بأسلافكم، فضلتهم دينا ودنيا: أما تفضيلهم في الدين فلقبولهم نبوة محمد | وولاية علي × وآلهما الطيبين. وأما تفضيلهم في الدنيا فبأن ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى وسقيتهم من حجر ماءا عذبا، وفلقت لهم البحر، فأنجيتهم وأغرقت أعداءهم فرعون وقومه، وفضلتهم بذلك على عالمي زمانهم الذين خالفوا طرائقهم، وحادوا عن سبيلهم ثم قال الله عز وجل لهم: فإذا كنت قد فعلت هذا بأسلافكم في ذلك الزمان لقبولهم ولاية محمد وآله، فبالحري أن أزيدكم فضلا في هذا الزمان إذا أنتم وفيتم بما آخذ من العهد والميثاق عليكم. 

 

{واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون} (48)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا} أي لا تدفع عنها عذابا قد استحقته عند النزع {ولا يقبل منها شفاعة} من يشفع لها بتأخير الموت عنها {ولا يؤخذ منها عدل} أي ولا يقبل منها فداء مكانه، يموت الفداء، ويترك هو. قال الصادق ×: وهذا اليوم يوم الموت فان الشفاعة والفداء لا يغني منه، فأما يوم القيامة فانا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء، ليكونن على الأعراف بين الجنة والنار محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبون من آلهم , فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات فمن كان منهم مقصرا في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظائرهم في العصر الذي يليهم ثم في كل عصر إلى يوم القيامة، فينقضون عليهم كالبزاة والصقور يتناولونهم، كما تتناول الصقور صيودها، ثم يزفون إلى الجنة زفا، وإنا لنبعث على آخرين من محبينا من خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات، كما يلتقط الطير الحب، وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا. وسيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله بعد أن صان الولاية والتقية وحقوق إخوانه، ويوقف بأزائه ما بين مائة وأكثر من ذلك إلى مائة ألف من النصاب. فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار، فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة وأولئك النصاب النار وذلك ما قال الله عزو جل {ربما يود الذين كفروا} يعني بالولاية {لو كانوا مسلمين} في الدين منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم فداءهم من النار. والمعنى أنهم صلوات الله عليهم الشفعاء وبولايتهم يؤخذ العدل من الفسق وهو الفداء، فعليهم من الله التحية والسلام في كل صباح ومساء، وما أدبر ظلام وأقبل ضياء.

 

{وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} (49)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل {إذ نجيناكم} أنجينا أسلافكم {من آل فرعون} وهم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته وبدينه ومذهبه {يسومونكم} كانوا يعذبونكم {سوء العذاب} شدة العذاب كانوا يحملونه عليكم. قال ×: وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء والطين ويخاف أن يهربوا عن العمل، فأمر بتقييدهم فكانوا ينقلون ذلك الطين على السلاليم إلى السطوح: فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن ولا يحلفون بهم إلى أن أوحى الله عز وجل إلى موسى ×: قل لهم: لا يبتدؤن عملا إلا بالصلاة على محمد وآله الطيبين ليخف عليهم. فكانوا يفعلون ذلك، فيخف عليهم. وأمر كل من سقط وزمن ممن نسي الصلاة على محمد وآله الطيبين أن يقولها على نفسه إن أمكنه, أي الصلاة على محمد وآله, أو يقال عليه إن لم يمكنه، فإنه يقوم ولا يضره ذلك ففعلوها، فسلموا. {يذبحون أبناءكم} وذلك لما قيل لفرعون: إنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك، وزوال ملكك. فأمر بذبح أبنائهم، فكانت الواحدة منهن تصانع القوابل عن نفسها, لئلا ينم عليها, ويتم حملها، ثم تلقي ولدها في صحراء، أو غار جبل، أو مكان غامض وتقول عليه عشر مرات الصلاة على محمد وآله، فيقيض الله له ملكا يربيه، ويدر من إصبع له لبنا يمصه، ومن إصبع طعاما لينا يتغذاه إلى أن نشأ بنو إسرائيل وكان من سلم منهم ونشأ أكثر ممن قتل. {ويستحيون نساءكم} يبقونهن ويتخذونهن إماء، فضجوا إلى موسى وقالوا: يفترعون بناتنا وأخواتنا. فأمر الله تلك البنات كلما رابهن ريب من ذلك صلين على محمد وآله الطيبين فكان الله يرد عنهن أولئك الرجال، إما بشغل أو مرض أو زمانة أو لطف من ألطافه فلم يفترش منهن امرأة، بل دفع الله عز وجل ذلك عنهن بصلاتهن على محمد وآله الطيبين. ثم قال الله عز وجل: {وفي ذلكم} أي في ذلك الانجاء الذي أنجاكم منهم ربكم {بلاء} نعمة {من ربكم عظيم} كبير. قال الله عز وجل: يا بني إسرائيل اذكروا إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخف بالصلاة على محمد وآله الطيبين، أفما تعلمون أنكم إذا شاهدتموه، وآمنتم به كانت النعمة عليكم أعظم وأفضل وفضل الله عليكم أكثر وأجزل. 

 

{وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} (50)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال الله تعالى: واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقا ينقطع بعضه من بعض {فأنجيناكم} هناك وأغرقنا فرعون وقومه {وأنتم تنظرون} إليهم وهم يغرقون، وذلك أن موسى لما انتهى إلى البحر أوحى الله عز وجل إليه قل لبني إسرائيل: جددوا توحيدي، وأمروا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي، و أعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخي محمد وآله الطيبين، وقولوا: اللهم بجاههم جوزنا على متن هذا الماء، فإن الماء يتحول لكم أرضا، فقال لهم موسى ذلك فقالوا: تورد علينا ما نكره، وهل فررنا من فرعون إلا من خوف الموت؟ وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات، وما يرينا ما يحدث من هذه علينا؟ فقال لموسى كالب بن يوحنا وهو على دابة له وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ: يا نبي الله أمرك الله بهذا أن نقوله وندخل الماء؟ فقال: نعم، فقال: وأنت تأمرني به؟ قال: نعم، قال: فوقف وجدد على نفسه من توحيد الله ونبوة محمد وولاية علي والطيبين من آلهما كما امر به ثم قال: اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء، ثم أقحم فرسه فركس على متن الماء وإذا الماء تحته كأرض لينة حتى بلغ آخر الخليج، ثم عاد راكضا، ثم قال لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفتاح أبواب الجنان، ومغاليق أبواب النيران، ومستنزل الأرزاق، وجالب على عبيد الله وإمائه رضى المهيمن الخلاق، فأبوا وقالوا: نحن لا نسير إلا على الأرض فأوحى الله إلى موسى: {أن اضرب بعصاك البحر} وقل: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته، ففعل فانفلق وظهرت الأرض إلى آخر الخليج، فقال موسى: ادخلوها، قالوا: الأرض وحلة نخاف أن نرسب فيها، فقال الله: يا موسى قل: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين جففها، فقالها فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت، وقال موسى: ادخلوها، قالوا: يا نبي الله نحن اثنا عشر قبيلة بنو اثني عشر آباء، وإن دخلنا رام كل فريق منا منا تقدم صاحبه، فلا نأمن وقوع الشر بيننا، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لأمنا ما نخافه، فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثني عشر ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك الموضع، ويقول: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين الأرض لنا وأمط الماء عنا، فصار فيه تمام اثني عشر طريقا، وجف قرار الأرض بريح الصبا، فقال: ادخلوها، قالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين، فقال الله عز وجل: فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك، فضرب وقال: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت هذا الماء طبقات واسعة يرى بعضهم بعضا منها، فحدثت طبقات واسعة يرى بعضهم بعضا  منها، ثم دخلوها، فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه فدخل بعضهم فلما دخل آخرهم وهموا بالخروج أولهم أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم فغرقوا وأصحاب موسى ينظرون إليهم فذلك قوله عز وجل: {وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} إليهم، قال الله عز وجل لبني إسرائيل في عهد محمد صلى الله عليه وآله: فإذا كان الله تعالى فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد صلى الله عليه وآله ودعاء موسى دعاء تقرب بهم إلى الله أفلا تعقلون أن عليكم الايمان بمحمد وآله إذ قد شاهدتموه الآن؟ 

 

{وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (51) ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52)}

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري ×: إن الله عز وجل أوحى إلى موسى: يا موسى بن عمران ما خذل هؤلاء بعبادتهم واتخاذهم إلها غيري إلا لتهاونهم بالصلاة على محمد وآله الطيبين، وجحودهم لموالاتهم ونبوة النبي ووصية الوصي حتى أداهم ذلك إلى أن اتخذوا العجل إلها فإذا كان الله تعالى إنما خذل عبدة العجل لتهاونهم بالصلاة على محمد ووصيه علي، فما تخافون أنتم من الخذلان الأكبر في معاندتكم لمحمد وعلي وقد شاهدتموهما وتبينتم آياتهما ودلائلهما؟!. ثم قال عز وجل {ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون} أي عفونا عن أوائلكم وعبادتهم العجل لعلكم أيها الكائنون في عصر محمد من بني إسرائيل تشكرون تلك النعمة على أسلافكم وعليكم بعدهم. ثم قال ×: وإنما عفا الله عز وجل عنهم لانهم دعوا الله عز وجل بمحمد وآله الطيبين، وجددوا على أنفسهم الولاية لمحمد وعلي وآلهما الطاهرين، فعند ذلك رحمهم الله وعفا عنهم. 

 

{وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون} (53)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, ثم قال الله عز وجل: {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون} قال الإمام العسكري ×: واذكروا إذ آتينا موسى الكتاب وهو التوراة الذي أخذ على بني إسرائيل الايمان به، والانقياد لما يوجبه، والفرقان آتيناه أيضا فرق به ما بين الحق والباطل، وفرق ما بين المحقين والمبطلين. وذلك أنه لما أكرمهم الله تعالى بالكتاب والايمان به، والانقياد له، أوحى الله بعد ذلك إلى موسى ×: يا موسى هذا الكتاب قد أقروا به، وقد بقي الفرقان، فرق ما بين المؤمنين والكافرين، والمحقين والمبطلين، فجدد عليهم العهد به، فاني قد آليت على نفسي قسما حقا لا أتقبل من أحد إيمانا ولا عملا إلا مع الايمان به. قال موسى ×: ما هو يا رب؟ قال الله عز وجل: يا موسى تأخذ على بني إسرائيل: أن محمدا خير البشر وسيد المرسلين. وأن أخاه ووصيه عليا خير الوصيين. وأن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق. وأن شيعته المنقادين له، المسلمين له ولأوامره ونواهيه ولخلفائه، نجوم الفردوس الاعلى، وملوك جنات عدن. قال: فأخذ عليهم موسى × ذلك، فمنهم من اعتقده حقا، ومنهم من أعطاه بلسانه دون قلبه، فكان المعتقد منهم حقا يلوح على جبينه نور مبين ومن أعطى بلسانه دون قلبه ليس له ذلك النور. فذلك الفرقان الذي أعطاه الله عز وجل موسى × وهو فرق ما بين المحقين والمبطلين. ثم قال الله عز وجل: {لعلكم تهتدون} أي لعلكم تعلمون أن الذي به يشرف العبد عند الله عز وجل هو اعتقاد الولاية، كما شرف به أسلافكم. 

 

{وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون (55) ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (56)}

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: إن موسى × لما أراد أن يأخذ عليهم عهد الفرقان فرق ما بين المحقين والمبطلين لمحمد | بنبوته ولعلي × بإمامته وللأئمة الطاهرين بإمامتهم، قالوا: {لن نؤمن لك} أن هذا أمر ربك {حتى نرى الله جهرة} عيانا يخبرنا بذلك، فأخذتهم الصاعقة معاينة وهم ينظرون إلى الصاعقة تنزل عليهم، وقال الله عز وجل: يا موسى إني أنا المكرم أوليائي والمصدقين بأصفيائي ولا أبالي أنا المعذب لأعدائي الدافعين حقوق أصفيائي ولا أبالي. فقال موسى للباقين الذين لم يصعقوا: ماذا تقولون؟ أتقبلون وتعترفون؟ وإلا فأنتم بهؤلاء لاحقون، قالوا: يا موسى لا ندري ما حل بهم لماذا أصابهم، كانت الصاعقة ما أصابتهم لأجلك إلا أنها كانت نكبة من نكبات الدهر تصيب البر والفاجر فان كانت إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد وعلي وآلهما فسأل الله ربك بمحمد وآله هؤلاء الذين تدعونا إليهم أن يحيي هؤلاء المصعوقين لنسألهم لماذا أصابهم ما أصابهم. فدعا الله عز وجل لهم موسى فأحياهم الله عز وجل، فقال لهم موسى: سلوهم لماذا أصابهم، فسألوهم فقالوا: يا بني إسرائيل أصابنا ما أصابنا لإبائنا اعتقاد نبوة محمد مع اعتقاد إمامة علي، لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته وحجبه وكرسيه وعرشه وجنانه ونيرانه، فما رأينا أنفذ أمرا في جميع تلك الممالك وأعظم سلطانا من محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين . وإنا لما متنا بهذه الصاعقة ذهب بنا إلى النيران فناداهم محمد وعلي ’: كفوا عن هؤلاء عذابكم، فهؤلاء يحيون بمسألة سائل ربنا عز وجل بنا وبآلنا الطيبين وذلك حين لم يقذفوا في الهاوية فأخرونا إلى أن بعثنا بدعائك يا موسى بن عمران بمحمد وآله الطيبين. فقال الله عز وجل لأهل عصر محمد |: فإذا كان بالدعاء بمحمد وآله الطيبين نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم، أفما يجب عليكم أن لا تتعرضوا لمثل ما هلكوا به إلى أن أحياهم الله عز وجل؟ 

 

{وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} (57)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل: واذكروا يا بني إسرائيل إذ {ظللنا عليكم الغمام} لما كنتم في النية يقيكم حر الشمس وبرد الفجر. {وأنزلنا عليكم المن والسلوى} المن: الترنجبين كان يسقط على شجرهم فيتناولونه والسلوى: السماني طير، أطيب طير لحما، يسترسل لهم فيصطادونه. قال الله عز وجل لهم: {كلوا من طيبات ما رزقناكم} واشكروا نعمتي وعظموا من عظمته، ووقروا من وقرته ممن أخذت عليكم العهود والمواثيق لهم محمد وآله الطيبين. قال الله عز وجل: {وما ظلمونا} لما بدلوا، وقالوا غير ما أمروا به ولم يفوا بما عليه عوهدوا، لان كفر الكافر لا يقدح في سلطاننا وممالكنا، كما أن إيمان المؤمن لا يزيد في سلطاننا {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} يضرون بها بكفرهم وتبديلهم. ثم قال ×: قال رسول الله |: عباد الله عليكم باعتقاد ولا يتنا أهل البيت وأن لا تفرقوا بيننا، وانظروا كيف وسع الله عليكم حيث أوضح لكم الحجة ليسهل عليكم معرفة الحق، ثم وسع لكم في التقية لتسلموا من شرور الخلق، ثم إن بدلتم وغيرتم عرض عليكم التوبة وقبلها منكم، فكونوا لنعماء الله شاكرين. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, عض أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشر، عن موسى ابن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر × قال: سألته عن قول الله عز وجل: {وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} قال: إن الله تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته، حيث يقول: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} يعني الأئمة منا. 

 

* الشيخ الطبرسي في الاحتجاج, عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: وأما قوله: {وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} فهو تبارك اسمه أجل وأعظم من أن يظلم، ولكن قرن أمناءه على خلقه بنفسه، وعرف الخليقة جلالة قدرهم عنده، وأن ظلمهم ظلمه، بقوله {وما ظلمونا} ببغضهم أولياءنا ومعونة أعدائهم عليهم {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} إذ حرموها الجنة، وأوجبوا عليها خلود النار. 

 

بمصادر العامة:

 

عن أبي جعفر الباقر × قال في تفسير هذين الآيتين أحديهما: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} وثانيتهما: {وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} فالله أعز وأرفع وأقدس من أن يعرض له أسف أو ظلم، لكن أدخل ذاته الأقدس فينا أهل البيت فجعل أسفنا أسفه فقال: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} وجعل ظلمنا ظلمه فقال: {وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}. 

 

{وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} (58)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل {إذ قلنا} لأسلافكم {ادخلوا هذه القرية} وهي أريحا من بلاد الشام، وذلك حين خرجوا من التيه {فكلوا منها} من القرية {حيث شئتم رغدا} واسعا، بلا تعب ولا نصب {وادخلوا الباب} باب القرية {سجدا} مثل الله تعالى على الباب مثال محمد | وعلي × وأمرهم أن يسجدوا تعظيما لذلك المثال، ويجددوا على أنفسهم بيعتهما وذكر موالاتهما، وليذكروا العهد والميثاق المأخوذين عليهم لهما. {وقولوا حطة} أي قولوا: إن سجودنا لله تعالى تعظيما لمثال محمد | وعلي × واعتقادنا لولايتهما حطة لذنوبنا ومحو لسيئاتنا. قال الله عز وجل: {نغفر لكم} أي بهذا الفعل {خطاياكم} السالفة، ونزيل عنكم آثامكم الماضية. {وسنزيد المحسنين} من كان منكم لم يقارف الذنوب التي قارفها من خالف الولاية، وثبت على ما أعطى الله من نفسه من عهد الولاية فانا نزيدهم بهذا الفعل زيادة درجات ومثوبات وذلك قوله عز وجل {وسنزيد المحسنين}. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الأصفهاني عن الباقر وأمير المؤمنين × في قوله {وليس البر بأن تأتوا البيوت} الآية وقوله تعالى {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية}: نحن البيوت التي أمر الله أن يؤتى من أبوابها, نحن باب الله وبيوته التي نؤتى منه, فمن تابعنا وأقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها, ومن خالفنا وفضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن الرضا × في قول الله {وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم} قال: قال أبو جعفر ×: نحن باب حطتكم. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, وروى الكفعمي عن الباقر × أنه قال: معنى جنب الله أنه ليس شئ أقرب إلى الله تعالى من رسوله، ولا أقرب إلى رسوله من وصيه، فهو في القرب كالجنب، وقد بين الله تعالى ذلك في قوله: {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله} يعني في ولاية أوليائه. وقال ×: في قولهم "باب الله": معناه أن الله احتجب عن خلقه بنبيه والأوصياء من بعده، وفوض إليهم من العلم ما علم احتياج الخلق إليه، ولما استوفى النبي | على علي × العلوم والحكمة قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها وقد أوجب الله على خلقه الاستكانة لعلي × بقوله: {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} أي الذين لا يرتابون في فضل الباب وعلو قدره، وقال في موضع آخر: {وأتوا البيوت من أبوابها} يعني الأئمة الذين هم بيوت العلم ومعادنه، وهم أبواب الله ووسيلته والدعاة إلى الجنة والأدلاء عليها إلى يوم القيامة. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن إسماعيل الأفطس قال: حدثنا الحسين بن محمد بن سواء قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحنظلي: حدثنا عبد الرزاق: حدثنا الحسن بن زيد بن أسلم, عن أبيه, عن جده, عن أبي ذر الغفاري, عن رسول الله |: ... فانا منازل الهدى وأئمة التقى وبنا يستجاب الدعاء ويدفع البلاء وبنا ينزل الغيث من السماء ودون علمنا تكل ألسن العلماء ونحن باب حطة وسفينة نوح، ونحن جنب الله الذي ينادي من فرط فينا يوم القيامة بالحسرة والندامة. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد ابن سليمان الباغندي، قال: حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني، قال: حدثنا المفضل بن عبد الله، عن أبي إسحاق الهمداني، عن حنش بن المعتمر، قال: سمعت أبا ذر الغفاري يقول: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، سمعت رسول الله | يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من دخلها نجا، ومن تخلف عنها هلك. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا إبراهيم بن هاشم, عن الحسين بن سيف, عن أبيه, عن منصور بن حازم, عن أبي إسحاق الهمداني قال: حدثني أبو المعتمر قال: سمعت أبا ذر يقول: سمعت رسول الله | يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم باب حطة, من دخله غفر له, ومن لم يدخل لم يغفر له. 

 

* السيد ابن طاووس في إقبال الأعمال, زيارة الإمام الحسين × في النصف من رجب: ...السلام عليك يا باب حكمة رب العالمين، السلام عليك يا باب حطة الذي من دخله كان من الامنين... 

 

بمصادر العامة:

 

قال رسول الله |: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له. 

 

عن علي × أنه قال: إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح، وكباب حِطة. 

 

عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت | يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ×, من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق, وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل, من دخله غفر له. 

 

{فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون} (59)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قوله عز وجل: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم} إنهم لم يسجدوا كما أمروا، ولا قالوا ما أمروا، ولكن دخلوها مستقبليها بأستاههم وقالوا: هطا سمقانا, أي حنطة حمراء نتقوتها أحب إلينا من هذا الفعل وهذا القول. قال الله تعالى: {فأنزلنا على الذين ظلموا} غيروا وبدلوا ما قيل لهم، ولم ينقادوا لولاية محمد وعلي وآلهما الطيبين الطاهرين {رجزا من السماء بما كانوا يفسقون} يخرجون عن أمر الله وطاعته. قال: والرجز الذي أصابهم أنه مات منهم بالطاعون في بعض يوم مائة وعشرون ألفا، وهم من علم الله تعالى منهم أنهم لا يؤمنون ولا يتوبون، ولم ينزل هذا الرجز على من علم أنه يتوب، أو يخرج من صلبه ذرية طيبة توحد الله، وتؤمن بمحمد وتعرف موالاة علي وصيه وأخيه. 

 

{وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} (60)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم قال الله عز وجل: {وإذ استسقى موسى لقومه} قال: واذكروا يا بني إسرائيل إذ استسقى موسى لقومه، طلب لهم السقيا، لما لحقهم العطش في التيه، وضجوا بالبكاء إلى موسى، وقالوا: أهلكنا العطش. فقال موسى: اللهم بحق محمد سيد الأنبياء، وبحق علي سيد الأوصياء وبحق فاطمة سيدة النساء، وبحق الحسن سيد الأولياء، وبحق الحسين سيد الشهداء, وبحق عترتهم وخلفائهم سادة الأزكياء, لما سقيت عبادك هؤلاء. فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى {اضرب بعصاك الحجر} فضربه بها {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس} كل قبيلة من بني أب من أولاد يعقوب {مشربهم} فلا يزاحم الآخرين في مشربهم. قال الله عز وجل: {كلوا واشربوا من رزق الله} الذي آتاكموه {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} ولا تسعوا فيها وأنتم مفسدون عاصون. قال رسول الله |: من أقام على موالاتنا أهل البيت سقاه الله تعالى من محبته كأسا لا يبغون به بدلا، ولا يريدون سواه كافيا ولا كاليا ولا ناصرا. 

 

* محمد بن أحمد القمي في المائة منقبة, حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد رحمه الله، قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني إبراهيم بن هاشم قال: حدثني محمد بن سنان، قال: حدثني زياد بن منذر، قال: حدثني سعيد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله | يقول: معاشر الناس إعلموا أن الله تعالى جعل لكم بابا من دخله أمن من النار ومن الفزع الأكبر. فقام إليه أبو سعيد الخدري، فقال: يا رسول الله اهدنا إلى هذا الباب حتى نعرفه. قال: هو علي بن أبي طالب، سيد الوصيين، وأمير المؤمنين، وأخو رسول رب العالمين. وخليفة الله على الناس أجمعين. معاشر الناس من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك بولاية علي بن أبي طالب × فان ولايته ولايتي، وطاعته طاعتي. معاشر الناس من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب ×. معاشر الناس من أراد أن يتول الله ورسوله فليقتد بعلي بن أبي طالب × بعدي والأئمة من ذريتي فإنهم خزان علمي. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله وما عدة الأئمة؟ فقال: يا جابر سألتني رحمك الله عن الاسلام بأجمعه، عدتهم عدة الشهور وهي عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض. وعدتهم عدة العيون التي انفجرت لموسى بن عمران × حين ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا. وعدتهم عدة نقباء بني إسرائيل قال الله تعالى: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا}. فالأئمة يا جابر إثنا عشر إماما أولهم علي بن أبي طالب × وآخرهم القائم المهدي #. 

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة, حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس غياث الديلمي، عن الحسن بن محمد بن يحيى الفارسي، عن زيد الهروي، عن الحسن بن مسكان، عن نجبة، عن جابر الجعفي، قال: قال سيدي الباقر محمد بن علي × في قول الله: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} إن قوم موسى شكوا إلى ربهم الحر والعطش، فاستسقى موسى الماء، وشكا إلى ربه مثل ذلك. وقد شكا المؤمنون إلى جدي رسول الله |، فقالوا: يا رسول الله، عرفنا من الأئمة بعدك؟ فما مضى من نبي إلا وله أوصياء وأئمة بعده، وقد علمنا أن عليا وصيك، فمن الأئمة من بعده؟ فأوحى الله إليه: إني قد زوجت عليا بفاطمة في سمائي تحت ظل عرشي، وجعلت جبرئيل خطيبها، وميكائيل وليها، وإسرافيل القابل عن علي، وأمرت شجرة طوبى فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب، والدر، والياقوت، والزبرجد الأحمر، والأخضر، والأصفر، والمناشير المخطوطة بالنور، فيها أمان للملائكة مذخور إلى يوم القيامة، وجعلت نحلتها من علي خمس الدنيا، وثلثي الجنة، وجعلت نحلتها في الأرض أربعة أنهار: الفرات، والنيل، ونهر دجلة، ونهر بلخ، فزوجها أنت يا محمد بخمسمائة درهم، تكون سنة لأمتك، فإنك إذا زوجت عليا من فاطمة جرى منهما أحد عشر إماما من صلب علي، سيد كل أمة إمامهم في زمنه، ويعلمون كما علم قوم موسى مشربهم. وكان تزويج أمير المؤمنين × بفاطمة ÷ في السماء إلى تزويجها في الأرض أربعين يوما. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, قال ابن شاذان: وحدثني إبراهيم بن علي، باسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ×، عن آبائه ، قال في حديث طويل: فقال رسول الله | لأمير المؤمنين × عند ولادته: أنت والله أميرهم، تميرهم من علومك فيمتارون، وأنت والله دليلهم وبك يهتدون. ثم قال رسول الله | لفاطمة (بنت أسد): اذهبي إلى عمه حمزة فبشريه به. فقالت: فإذا خرجت أنا، فمن يرويه؟ قال: أنا أرويه. فقالت فاطمة: أنت ترويه؟ قال: نعم، فوضع رسول الله | لسانه في فيه، {فانفجرت منه اثنتا عثرة عينا}، قال: فسمي ذلك اليوم يوم التروية، فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نورا قد ارتفع من علي × إلى عنان السماء. 

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة, حدثنا أبو محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا حكيم بن أسد، قال: لقيت أبا جعفر محمد بن علي الباقر × وبيده عصا يضرب بها الصخر فينبع منه الماء، فقلت: يا بن رسول الله ما هذا؟ قال: نبعة من عصا موسى × التي يتعجبون منها. 

 

بمصادر العامة:

 

عن جابر الجعفي، قال: قال سيدي الباقر محمد بن علي × في قول الله: {وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} إن قوم موسى شكوا إلى ربهم الحر والعطش، فاستسقى موسى الماء، وشكا إلى ربه مثل ذلك. وقد شكا المؤمنون إلى جدي رسول الله |، فقالوا: يا رسول الله، عرفنا من الأئمة بعدك؟ فما مضى من نبي إلا وله أوصياء وأئمة بعده، وقد علمنا أن عليا وصيك، فمن الأئمة من بعده؟ فأوحى الله إليه: إني قد زوجت عليا بفاطمة في سمائي تحت ظل عرشي، وجعلت جبرئيل خطيبها، وميكائيل وليها، وإسرافيل القابل عن علي، وأمرت شجرة طوبى فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب، والدر، والياقوت، والزبرجد الأحمر، والأخضر، والأصفر، والمناشير المخطوطة بالنور، فيها أمان للملائكة مذخور إلى يوم القيامة، وجعلت نحلتها من علي خمس الدنيا، وثلثي الجنة، وجعلت نحلتها في الأرض أربعة أنهار: الفرات، والنيل، ونهر دجلة، ونهر بلخ، فزوجها أنت يا محمد بخمسمائة درهم، تكون سنة لأمتك، فإنك إذا زوجت عليا من فاطمة جرى منهما أحد عشر إماما من صلب علي، سيد كل أمة إمامهم في زمنه، ويعلمون كما علم قوم موسى مشربهم. وكان تزويج أمير المؤمنين × بفاطمة ÷ في السماء إلى تزويجها في الأرض أربعين يوما. 

 

{وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أ تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤ بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} (61)

 

* علي بن يوسف الحلي في العدد القوية, كتب الحسن البصري إلى الحسن بن علي ×: أما بعد فأنتم أهل بيت النبوة، ومعدن الحكمة، وأن الله جعلكم الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يلجئ إليكم اللاجئ، ويعتصم بحبلكم القالي، من اقتدى بكم اهتدى ونجا، ومن تخلف عنكم هلك وغوى، وأني كتبت إليك عند الحيرة واختلاف الأمة في القدر، فتفضي إلينا ما أفضاه الله إليكم أهل البيت، فنأخذ به: فكتب إليه الحسن بن علي × أما: بعد فإنا أهل بيت كما ذكرت عند الله وعند أوليائه، فأما عندك وعند أصحابك، فلو كنا كما ذكرت ما تقدمتمونا، ولا استبدلتم بنا غيرنا، ولعمري لقد ضرب الله مثلكم كتابه، حيث يقول {تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} هذا لأوليائك فيما سألوا، ولكم فيما استبدلتم. 

 

{إن الذين آمنوا والذين هادوا و النصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (62)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا} بالله وبما فرض عليهم الايمان به من الولاية لعلي بن أبي طالب والطيبين من آله. {والذين هادوا} يعني اليهود {والنصارى} الذين زعموا أنهم في دين الله متناصرون {والصابئين} الذين زعموا أنهم صبوا إلى دين الله، وهم بقولهم كاذبون. {من آمن بالله} من هؤلاء الكفار، ونزع عن كفره، ومن آمن من هؤلاء المؤمنين في مستقبل أعمارهم، وأخلص ووفي بالعهد والميثاق المأخوذين عليه لمحمد وعلي وخلفائهما الطاهرين {وعمل صالحا} ومن عمل صالحا من هؤلاء المؤمنين. {فلهم أجرهم} ثوابهم {عند ربهم} في الآخرة {ولا خوف عليهم} هناك حين يخاف الفاسقون {ولا هم يحزنون} إذا حزن المخالفون، لأنهم لا يعملوا من مخالفة الله ما يخاف من فعله، ولا يحزن له. 

 

* محمد بن علي الطبري في بشارة المصطفى, أخبرنا الشيخ أبو البقاء البصري إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم الوفا المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × في المحرم سنة ست عشرة وخمسمائة بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو طالب محمد بن الحسين بن عتبة بالبصرة في مشهد النخاسين، على صاحبه السلام، سنة ثلاث وستين وأربعمائة، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين الفقيه، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان، قال: أخبرني علي بن حبشي بن قوني الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمان، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان، قال: حدثني نصر بن مزاحم، قال: حدثني محمد بن عمران بن عبد الكريم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد × قال: دخل أبي المسجد فإذا هو بأناس من شيعتنا، فدنا منهم فسلم عليهم، ثم قال لهم: والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم، وانكم لعلى دين الله وما بين أحدكم وبين أن يغتبط بما هو فيه إلا أن يبلغ نفسه هاهنا, وأشار بيده إلى حنجرته, فأعينونا بورع واجتهاد، ومن يأتم منكم بإمام فليعمل بعمله. أنتم شرط الله، وأنتم أعوان الله، وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الأولون، وأنتم السابقون الآخرون، وأنتم السابقون إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنان بأمر الله ورسوله كأنكم في الجنة تتنافسون في فضائل الدرجات، كل مؤمن منكم صديق وكل مؤمنة منكم حوراء. قال أمير المؤمنين ×: يا قنبر! قم فاستبشر، فالله ساخط على الأمة ما خلا شيعتنا، ألا وأن لكل شئ شرفا وشرف الدين الشيعة، ألا وإن لكل شئ عمادا وعماد الدين الشيعة، ألا وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجلس شيعتنا، ألا وإن لكل شئ شهودا وشهود الأرض سكان شيعتنا فيها، ألا وإن من خالفكم منسوب إلى هذه الآية: {وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية} ألا وان من دعا منكم فدعاؤه مستجاب، ألا وان من سأل منكم حاجة فله بها مائة، يا حبذا حسن صنع الله إليكم، نخرج شيعتنا من قبورهم يوم القيامة مشرقة ألوانهم ووجوههم قد أعطوا الأمان {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، والله أشد حبا لشيعتنا منا لهم. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال أمير المؤمنين ×: شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا المتوازرون في أمرنا، الذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروه، سلم لمن خالطوه، أولئك هم السائحون الناحلون، الزابلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم متغيرة ألوانهم، مصفرة وجوههم كثير بكاؤهم جارية دموعهم. يفرح الناس ويحزنون، وينام الناس ويسهرون، إذا شهدوا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا خطبوا الابكار لم يزوجوا، قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، ذبل الشفاه من العطش خمص البطون من الجوع، عمش العيون من السهر، الرهبانية عليهم لايحة، والخشية لهم لازمة، كلما ذهب منهم سلف خلف في موضعه خلف، أولئك الذين يردون القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر. تغبطهم الأولون والآخرون، {ولا خوف عليهم ولا يحزنون}. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن جعفر بن مسعود، وحيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي جميعا، عن محمد مسعود العياشي قال: حدثني علي بن محمد بن شجاع، عن محمد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال الصادق جعفر بن محمد × في قول الله عز وجل: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} يعني خروج القائم × المنتظر منا، ثم قال ×: يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}. 

 

{وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون} (63)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل لهم: واذكروا إذ أخذنا {ميثاقكم} وعهودكم أن تعملوا بما في التوراة وما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع الكتاب المخصوص بذكر محمد وعلي والطيبين من آلهما أنهم أفضل الخلق والقوامون بالحق وأخذنا ميثاقكم لهم أن تقروا به وأن تؤدوه إلى أخلافكم وتأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم ليؤمنن بمحمد نبي الله ويسلمون له ما يأمرهم به في علي ولي الله عن الله وما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوامون بحق الله فأبيتم قبول ذلك واستكبرتموه فرفعنا {فوقكم الطور} الجبل، أمرنا جبرئيل أن يقطع منه قطعة على قدر معسكر أسلافكم، فجاء بها فرفعها فوق رؤوسهم. فقال موسى × لهم: إما أن تأخذوا بما أمرتم به فيه وإلا القي عليكم هذا الجبل. فألجئوا إلى قبوله كارهين إلا من عصمه الله من العناد، فإنه قبله طائعا مختارا. ثم لما قبلوه سجدوا وعفروا وكثير منهم عفر خديه لا لإرادة الخضوع لله ولكن نظروا إلى الجبل، هل يقع أم لا؟ وآخرين سجدوا طائعين مختارين. ثم قال الإمام ×: فقال رسول الله |: احمدوا الله معاشر شيعتنا على توفيقه إياكم فإنكم تعفرون في سجودكم لا كما عفره كفرة بني إسرائيل، ولكن كما عفره خيارهم. وقال عز وجل {خذوا ما آتيناكم} أي ما آتيناكم من هذه الأوامر والنواهي من هذا الامر الجليل من ذكر محمد وعلي وآلهما الطيبين {بقوة واذكروا ما فيه} مما آتيناكم، واذكروا جزيل ثوابنا على قيامكم به، وشديد عقابنا على إبائكم {لعلكم تتقون} المخالفة الموجبة للعقاب، فتستحقوا بذلك جزيل الثواب. 

 

{وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين (67) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون (68) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين (69) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون (70) قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون (71) وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون (72) فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون (73)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل ليهود المدينة: واذكروا {إذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} وتضربون ببعضها هذا المقتول بين أظهركم ليقوم حيا سويا بإذن الله تعالى، ويخبركم بقاتله, وذلك حين ألقي القتيل بين أظهرهم. فألزم موسى × أهل القبيلة بأمر الله تعالى أن يحلف خمسون من أماثلهم بالله القوي الشديد إله بني إسرائيل، مفضل محمد وآله الطيبين على البرايا أجمعين: أنا ما قتلناه، ولا علمنا له قاتلا، فإن حلفوا بذلك غرموا دية المقتول، وإن نكلوا نصوا على القاتل، أو أقر القاتل فيقاد منه، فإن لم يفعلوا احبسوا في محبس ضنك إلى أن يحلفوا، أو يقروا، أو يشهدوا على القاتل. فقالوا: يا نبي الله، أما وقت أيماننا أموالنا، ولا أموالنا أيماننا؟ قال: لا، هذا حكم الله. وكان السبب أن امرأة حسناء ذات جمال، وخلق كامل، وفضل بارع، ونسب شريف، وستر ثخين, كثر خطابها، وكان لها بنو أعمام ثلاثة، فرضيت بأفضلهم علما، وأثخنهم سترا، وأرادت التزويج به، فاشتد حسد ابني عمه الآخرين له، وغبطاه عليها، لإيثارها من آثرته، فعمدا إلى ابن عمها المرضي فأخذاه إلى دعوتهما، ثم قتلاه وحملاه إلى محلة تشتمل على أكبر قبيلة من بني إسرائيل، فألقياه بين أظهرهم ليلا، فلما أصبحوا وجدوا القتيل هناك، فعرف حاله، فجاء ابنا عمه القاتلان، فمزقا ثيابهما على أنفسهما، وحثيا التراب على رؤوسهما، واستعديا عليهم، فأحضرهم موسى × وسألهم، فأنكروا أن يكونوا قتلوه، أو علموا قاتله. قال: فحكم الله على من فعل هذه الحادثة ما عرفتموه فالتزموه، فقالوا: يا موسى، أي نفع في أيماننا لنا، إذا لم تدرأ عنا الأيمان الغرامة الثقيلة؟ أم أي نفع لنا في غرامتنا إذا لم تدرأ عنا الأيمان؟ فقال موسى ×: كل النفع في طاعة الله، والائتمار لأمره، والانتهاء عما نهى عنه. فقالوا: يا نبي الله، غرم ثقيل ولا جناية لنا، وأيمان غليظة ولا حق في رقابنا، لو أن الله عز وجل عرفنا قاتله بعينه، وكفانا مؤونته، فادع لنا ربك يبين لنا هذا القاتل لتنزل به ما يستحق من العقاب، وينكشف أمره لذوي الألباب. فقال موسى ×: إن الله عز وجل قد بين ما أحكم به في هذا، فليس لي أن اقترح عليه غير ما حكم، ولا أعترض عليه فيما أمر، ألا ترون أنه لما حرم العمل يوم السبت، وحرم لحم الجمل، لم يكن لنا أن نقترح عليه أن يغير ما حكم الله علينا من ذلك، بل علينا أن نسلم له حكمه، ونلتزم ما ألزمنا, وهم أن يحكم عليهم بالذي كان يحكم به على غيرهم في مثل حادثتهم. فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى، أجبهم إلى ما اقترحوا، وسلني أن أبين لهم القاتل ليقتل، ويسلم غيره من التهمة والغرامة، فإني إنما أريد بإجابتهم إلى ما اقترحوا توسعة الرزق على رجل من خيار أمتك، دينه الصلاة على محمد وآله الطيبين، والتفضيل لمحمد وعلي بعده على سائر البرايا، أغنيه في الدنيا في هذه القصة، ليكون من بعض ثوابه عن تعظيمه لمحمد وآله. فقال موسى: يا رب، بين لنا قاتله, فأوحى الله تعالى إليه: قل لبني إسرائيل: إن الله يبين لكم ذلك، بأن يأمركم أن تذبحوا بقرة، فتضربوا ببعضها المقتول فيحيا، فتقبلوا لرب العالمين ذلك، وإلا فكفوا عن المسألة، والتزموا ظاهر حكمي. فذلك ما حكى الله عز وجل: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} إن أردتم الوقوف على القاتل، تضربوا المقتول ببعضها فيحيا، ويخبر بالقاتل {قالوا} يا موسى {أتتخذنا هزوا} سخرية؟ تزعم أن الله أمرنا أن نذبح بقرة، ونأخذ قطعة من الميت، ونضرب بها ميتا، فيحيا أحد الميتين بملاقاته بعض الميت الآخر، كيف يكون هذا؟! قال موسى ×: {أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} أنسب إلى الله تعالى ما لم يقل لي، وأن أكون من الجاهلين، أعارض أمر الله بقياسي على ما شاهدت، دافعا لقول الله تعالى وأمره. ثم قال موسى ×: أوليس ماء الرجل نطفة ميتة، وماء المرأة كذلك، ميتان يلتقيان فيحدث الله تعالى من التقاء الميتين بشرا حيا سويا؟ أوليس بذوركم التي تزرعونها في أرضيكم تتفسخ وتتعفن وهي ميتة، ثم تخرج منها هذه السنابل الحسنة البهيجة، وهذه الأشجار الباسقة المونقة؟ فلما بهرهم موسى × {قالوا} يا موسى {ادع لنا ربك يبين لنا ما هي} أي ما صفتها، لنقف عليها, فسأل موسى ربه عز وجل، فقال: {إنها بقرة لا فارض} كبيرة {ولا بكر}صغيرة لم تفرض {عوان} وسط {بين ذلك} بين الفارض والبكر {فافعلوا ما تؤمرون} إذا ما أمرتم به. {قالوا} يا موسى {ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها} أي لون هذه البقرة التي تريد أن تأمرنا بذبحها. قال الله جل وعز بعد السؤال والجواب: {إنها بقرة صفراء فاقع} حسنة لون الصفرة، ليس بناقص يضرب إلى البياض، ولا بمشبع يضرب إلى السواد {لونها} هكذا فاقع {تسر الناظرين} إليها، لبهجتها وحسنها وبريقها. {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي} ما صفتها؟ يزيد في صفتها. قال الله عز وجل: {إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض} لم تذلل لإثارة الأرض، ولم ترض بها {ولا تسقي الحرث} ولا هي مما تجر الدوالي، ولا تدير النواعير، قد أعفيت من جميع ذلك {مسلمة} من العيوب كلها، لا عيب فيها {لا شية فيها} لا لون فيها من غيرها. فلما سمعوا هذه الصفات، قالوا: يا موسى، فقد أمرنا ربنا بذبح بقرة هذه صفتها؟ قال: بلى, ولم يقل موسى في الابتداء بذلك، لأنه لو قال: إن الله أمركم, لكانوا إذا قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي، وما لونها؟ كان لا يحتاج أن يسأله ذلك عز وجل، ولكن كان يجيبهم هو بأن يقول: أمركم ببقرة, فأي شيء وقع عليه اسم بقرة فقد خرجتم من أمره إذا ذبحتموها. قال: فلما استقر الأمر عليها طلبوا هذه البقرة، فلم يجدوها إلا عند شاب من بني إسرائيل، أراه الله عز وجل في منامه محمدا وعليا وطيبي ذريتهما، فقالا له: إنك كنت لنا محبا مفضلا، ونحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدنيا، فإذا راموا شراء بقرتك فلا تبعها إلا بأمر أمك، فإن الله عز وجل يلقنها ما يغنيك به وعقبك. ففرح الغلام وجاءه القوم يطلبون بقرته، فقالوا: بكم تبيع بقرتك؟ فقال: بدينارين، والخيار لأمي. قالوا: رضينا بدينار. فسألها فقالت: بأربعة. فأخبرهم، فقالوا: نعطيك دينارين. فأخبر أمه فقالت: بثمانية. فما زالوا يطلبون على النصف مما تقول أمه فتضعف الثمن، حتى بلغ ثمنها ملء مسك ثور أكبر ما يكون ملؤه دنانير، فأوجب لهم البيع. ثم ذبحوها وأخذوا قطعة ـ وهي عجب الذنب الذي منه خلق ابن آدم، وعليه يركب إذا أعيد خلقا جديدا ـ فضربوه بها، وقالوا: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما أحييت هذا الميت، وأنطقته ليخبر عن قاتله, فقام سالما سويا، وقال: يا نبي الله، قتلني هذان ابنا عمي، حسداني على بنت عمي فقتلاني، وألقياني في محلة هؤلاء ليأخذا ديتي منهم. فأخذ موسى × الرجلين فقتلهما، فكان قبل أن يقوم الميت ضرب بقطعة من البقرة فلم يحي، فقالوا: يا نبي الله، أين ما وعدتنا عن الله عز وجل؟ فقال موسى ×: قد صدقت، وذلك إلى الله عز وجل. فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى، إني لا أخلف وعدي، ولكن لينقدوا إلى الفتى ثمن بقرته ملء مسك ثور دنانير، ثم أحيي هذا الغلام. فجمعوا أموالهم، فوسع الله جلد الثور حتى وزن ما مليء به جلده فبلغ خمسة آلاف ألف دينار، فقال بعض بني إسرائيل لموسى × ـ وذلك بحضرة المقتول المنشور المضروب ببعض البقرة ـ: لا ندري أيهما أعجب: إحياء الله هذا الميت وإنطاقه بما نطق، أو إغناء هذا الفتى بهذا المال العظيم!! فأوحى الله إليه: يا موسى، قل لبني إسرائيل من أحب منكم أن يطيب في الدنيا عيشه، وأعظم في جناني محله، وأجعل لمحمد فيها منادمته، فليفعل كما فعل هذا الصبي، إنه قد سمع من موسى بن عمران × ذكر محمد وعلي وآلهما الطيبين، فكان عليهم مصليا، ولهم على جميع الخلائق من الجن والإنس والملائكة مفضلا، فلذلك صرفت إليه المال العظيم ليتنعم بالطيبات ويتكرم بالهبات والصلات، ويتحبب بمعروفه إلى ذوي المودات، ويكبت بنفقاته ذوي العداوات. فقال الفتى: يا نبي الله، كيف أحفظ هذه الأموال؟ أم كيف أحذر من عداوة من يعاديني فيها، وحسد من يحسدني من أجلها؟ قال: قل عليها من الصلاة على محمد وآله الطيبين ما كنت تقول قبل أن تنالها، فإن الذي رزقكها بذلك القول مع صحة الاعتقاد يحفظها عليك أيضا ويدفع عنك، فقالها الفتى فما رامها حاسد له ليفسدها، أو لص ليسرقها، أو غاصب ليغصبها، إلا دفعه الله عز وجل عنها بلطف من ألطافه حتى يمتنع من ظلمه اختيارا، أو منعه منه بآفة أو داهية حتى يكفه عنه، فيكف اضطرارا. فلما قال موسى × للفتى ذلك، وصار الله عز وجل له لمقالته حافظا، قال هذا المنشور، اللهم إني أسألك بما سألك هذا الفتى من الصلاة على محمد وآله الطيبين والتوسل بهم أن تبقيني في الدنيا متمتعا بابنة عمي، وتجزي عني أعدائي وحسادي وترزقني فيها خيرا كثيرا طيبا. فأوحى الله إليه: يا موسى، إنه كان لهذا الفتى المنشور بعد القتل ستون سنة، وقد وهبته بمسألته وتوسله بمحمد وآله الطيبين سبعين سنة، تمام مائة وثلاثين سنة صحيحة حواسه، ثابت فيها جنانه، قوية فيها شهواته، يمتع بحلال هذه الدنيا، ويعيش ولا يفارقها ولا تفارقه، فإذا حان حينه حان حينها وماتا جميعا معا فصارا إلى جناتي، وكانا زوجين فيها ناعمين. ولو سألني ـ يا موسى ـ هذا الشقي القاتل بمثل ما توسل به هذا الفتى على صحة اعتقاده أن أعصمه من الحسد، وأقنعه بما رزقته ـ وذلك هو الملك العظيم ـ لفعلت. ولو سألني بعد ذلك مع التوبة عن صنيعه أن لا أفضحه لما فضحته، ولصرفت هؤلاء عن اقتراح إبانة القاتل، ولأغنيت هذا الفتى من غير هذا الوجه بقدر هذا المال. ولو سألني بعد ما افتضح، وتاب إلي، وتوسل بمثل وسيلة هذا الفتى أن أنسي الناس فعله ـ بعد ما ألطف لأوليائه فيعفون عن القصاص ـ فعلت، فكان لا يعيره أحد بفعله، ولا يذكره فيهم ذاكر، ولكن ذلك فضلي أوتيه من أشاء، وأنا العدل الحكيم. فلما ذبحوها قال الله تعالى: {فذبحوها وما كادوا يفعلون} فأرادوا أن لا يفعلوا ذلك من عظم ثمن البقرة، ولكن اللجاج حملهم على ذلك، واتهامهم لموسى × حدأهم عليه. قال: فضجوا إلى موسى ×، وقالوا: افتقرت القبيلة ودفعت إلى التكفف، فانسلخنا بلجاجنا عن قليلنا وكثيرنا، فادع الله لنا بسعة الرزق. فقال موسى ×: ويحكم ما أعمى قلوبكم! أما سمعتم دعاء الفتى صاحب البقرة، وما أورثه الله تعالى من الغنى؟ أو ما سمعتم دعاء المقتول المنشور، وما أثمر له من العمر الطويل والسعادة والتنعم بحواسه وسائر بدنه وعقله؟ لم لا تدعون الله بمثل دعائهما، أو تتوسلون إلى الله بمثل توسلهما إليه، ليسد فاقتكم، ويجبر كسركم، ويسد خلتكم؟ فقالوا: اللهم إليك التجأنا، وعلى فضلك اعتمدنا، فأزل فقرنا وسد خلتنا بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم. فأوحى الله إليه: يا موسى، قل لهم ليذهب رؤساؤهم إلى خربة بني فلان، ويكشفوا في موضع كذا وكذا ـ لموضع عينه ـ وجه أرضها قليلا، ويستخرجوا ما هناك، فإنه عشرة آلاف ألف دينار، ليردوا على كل من دفع في ثمن هذه البقرة ما دفع، لتعود أحوالهم إلى ما كانت، ثم ليتقاسموا بعد ذلك ما يفضل، وهو خمسة آلاف ألف، على قدر ما دفع كل واحد منهم في هذه المحنة، لتتضاعف أموالهم، جزاء على توسلهم بمحمد وآله الطيبين، واعتقادهم لتفضيلهم. فذلك ما قال الله تعالى: {وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها} اختلفتم فيها وتدارأتم، ألقى بعضكم الذنب في قتل المقتول على بعض، ودرأه عن نفسه وذريته {والله مخرج} مظهر {ما كنتم تكتمون} ما كان من خبر القاتل، وما كنتم تكتمون من إرادة تكذيب موسى ×، باقتراحكم عليه ما قدرتم أن ربه لا يجيبه إليه. {فقلنا اضربوه ببعضها} ببعض البقرة {كذلك يحي الله الموتى} في الدنيا والآخرة كما أحيا الميت بملاقاة ميت آخر: أما في الدنيا فيلاقي ماء الرجل ماء المرأة، فيحيي الله الذي كان في الأصلاب والأرحام حيا، وأما في الآخرة فإن الله تعالى ينزل بين نفختي الصور، بعد ما ينفخ النفخة الأولى من دوين السماء الدنيا، من البحر المسجور الذي قال الله تعالى: {والبحر المسجور} وهو مني كمني الرجل، فيمطر ذلك على الأرض، فيلقي الماء المني مع الأموات البالية، فينبتون من الأرض ويحيون. قال الله عز وجل: {ويريكم آياته} سائر آياته سوى هذه الدلالات على توحيده، ونبوة موسى × نبيه، وفضل محمد | على الخلائق، سيد إمائه وعبيده، وتبيين فضله وفضل آله الطيبين على سائر خلق الله أجمعين {لعلكم تعقلون} تتفكرون أن الذي يفعل هذه العجائب لا يأمر الخلق إلا بالحكمة، ولا يختار محمدا إلا وهم أفضل ذوي الألباب. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, بعض أصحابنا رفعه، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي عبد الله ×: ما معنى السلام على رسول الله؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن وأن ينزل لهم البيت المعمور، ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم من عدوهم والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم {لاشية فيها}، قال: لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله | على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك، وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله، لعله أن يعجله عز وجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه.

 

{ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون} (74)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله تعالى: {ثم قست قلوبكم} عست وجفت ويبست من الخير والرحمة قلوبكم، معاشر اليهود {من بعد ذلك} من بعد ما بينت من الآيات الباهرات في زمان موسى ×، ومن الآيات المعجزات التي شاهدتموها من محمد |. {فهي كالحجارة} اليابسة لا ترشح برطوبة، ولا ينتفض منها ما ينتفع به، أي أنكم لا حق لله تردون ، ولا من أموالكم، ولا من حواشيها تتصدقون، ولا بالمعروف تتكرمون وتجودون، ولا الضيف تقرون ولا مكروبا تغيثون، ولا بشيء من الإنسانية تعاشرون، وتعاملون. {أو أشد قسوة} إنما هي في قساوة الأحجار، أو أشد قسوة، أبهم على السامعين، ولم يبين لهم، كما قال القائل: أكلت خبزا أو لحما، وهو لا يريد به: أني لا أدري ما أكلت، بل يريد أن يبهم على السامع حتى لا يعلم ما أكل، وإن كان يعلم أنه قد أكل. وليس معناه بل أشد قسوة، لأن هذا استدراك غلط، وهو عز وجل يرتفع عن أن يغلط في خبر، ثم يستدرك على نفسه الغلط، لأنه العالم بما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، وإنما يستدرك الغلط على نفسه المخلوق المنقوص. ولا يريد به أيضا فهي كالحجارة أو أشد، أي وأشد قسوة، لأن هذا تكذيب الأول بالثاني، لأنه قال: {فهي كالحجارة} في الشدة لا أشد منها ولا ألين، فإذا قال بعد ذلك: {أو أشد}فقد رجع عن قوله الأول: إنها ليست بأشد. وهو مثل أن يقول: لا يجيء من قلوبكم خير، لا قليل ولا كثير، فأبهم عز وجل في الأول حيث قال: {أو أشد} وبين في الثاني أن قلوبهم أشد قسوة من الحجارة، لا بقوله: {أو أشد قسوة} ولكن بقوله: {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار} أي فهي في القساوة بحيث لا يجيء منها الخير، يا يهود، وفي الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، فيجيء بالخير والغياث لبني آدم.{وإن منها} من الحجارة {لما يشقق فيخرج منه الماء} وهو ما يقطر منه الماء، فهو خير منها، دون الأنهار التي تتفجر من بعضها، وقلوبهم لا يتفجر منها الخيرات، ولا تشقق فيخرج منها قليل من الخيرات، وإن لم يكن كثيرا. ثم قال الله عز وجل: {وإن منها} يعني من الحجارة {لما يهبط من خشية الله} إذا أقسم عليها باسم الله وبأسماء أوليائه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم {صلى الله عليهم}، وليس في قلوبكم شيء من هذه الخيرات {وما الله بغافل عما تعملون} بل عالم به، يجازيكم عنه بما هو به عادل عليكم، وليس بظالم لكم، يشدد حسابكم، ويؤلم عقابكم. وهذا الذي وصف الله تعالى به قلوبهم هاهنا نحو ما قال في سورة النساء: {أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا} وما وصف به الأحجار هاهنا نحو ما وصف في قوله: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله} وهذا التقريع من الله تعالى لليهود والنواصب، واليهود جمعوا الأمرين واقترفوا الخطيئتين، فعظم على اليهود ما وبخهم به رسول الله |. 

 

{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (75) وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون (76) أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون (77)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: فلما بهر رسول الله |، هؤلاء اليهود بمعجزته، وقطع معاذيرهم بواضح دلالته، لم يمكنهم مراجعته في حجته، ولا إدخال التلبيس عليه في معجزته، قالوا: يا محمد، قد آمنا بأنك الرسول الهادي المهدي، وأن عليا أخاك هو الوصي والولي. وكانوا إذا خلوا باليهود الآخرين يقولون لهم: إن إظهارنا له الإيمان به أمكن لنا على دفع مكروهه، وأعون لنا على اصطلامه واصطلام أصحابه، لأنهم عند اعتقادهم أننا معهم يقفوننا على أسرارهم، ولا يكتموننا شيئا، فنطلع عليهم أعداءهم، فيقصدون أذاهم بمعاونتنا ومظاهرتنا، في أوقات اشتغالهم واضطرابهم، وفي أحوال تعذر المدافعة والامتناع من الأعداء عليهم. وكانوا مع ذلك ينكرون على سائر اليهود إخبار الناس عما كانوا يشاهدونه من آياته، ويعاينونه من معجزاته، فأظهر الله تعالى محمدا رسوله | على سوء اعتقادهم، وقبح دخائلهم ، وعلى إنكارهم على من اعترف بما شاهده من آيات محمد | وواضح بيناته، وباهر معجزاته. فقال عز وجل: يا محمد {أفتطمعون} أنت وأصحابك من علي وآله الطيبين {أن يؤمنوا لكم} هؤلاء اليهود الذي هم بحجج الله قد بهرتموهم، وبآيات الله ودلائله الواضحة قد قهرتموهم{أن يؤمنوا لكم} ويصدقوكم بقلوبهم، ويبدوا في الخلوات لشياطينهم شريف أحوالكم. {وقد كان فريق منهم} يعني من هؤلاء اليهود من بني إسرائيل {يسمعون كلام الله} في أصل جبل طور سيناء، وأوامره ونواهيه {ثم يحرفونه} عما سمعوه، إذا أدوه إلى من ورائهم من سائر بني إسرائيل {من بعد ما عقلوه} وعلموا أنهم فيما يقولونه كاذبون {وهم يعلمون} أنهم في قيلهم كاذبون. وذلك أنهم لما صاروا مع موسى إلى الجبل، فسمعوا كلام الله، ووقفوا على أوامره ونواهيه، رجعوا فأدوه إلى من بعدهم فشق عليهم, فأما المؤمنون منهم فثبتوا على إيمانهم، وصدقوا في نياتهم، وأما أسلاف هؤلاء اليهود الذين نافقوا رسول الله | في هذه القصة ، فإنهم قالوا لبني إسرائيل: إن الله تعالى قال لنا هذا، وأمرنا بما ذكرناه لكم ونهانا، وأتبع ذلك بأنكم إن صعب عليكم ما أمرتكم به فلا عليكم أن لا تفعلوه، وإن صعب عليكم ما عنه نهيتكم فلا عليكم أن ترتكبوه وتواقعوه، وهم يعلمون أنهم بقولهم هذا كاذبون. ثم أظهر الله على نفاقهم الآخر مع جهلهم، فقال الله عز وجل: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} كانوا إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمارا، قالوا: آمنا كإيمانكم، آمنا بنبوة محمد| مقرونة بالإيمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب، وبأنه أخوه الهادي، ووزيره الموالي، وخليفته على أمته، ومنجز عدته، والوافي بذمته، والناهض بأعباء سياسته، وقيم الخلق، الذائد لهم عن سخط الرحمن، الموجب لهم ـ إن أطاعوه ـ رضا الرحمن، وأن خلفاءه من بعده هم النجوم الزاهرة، والأقمار المنيرة، والشمس المضيئة الباهرة، وأن أولياءهم أولياء الله، وأن أعداءهم أعداء الله. ويقول بعضهم: نشهد أن محمدا | صاحب المعجزات، ومقيم الدلالات الواضحات، هو الذي لما تواطأت قريش على قتله، وطلبوه فقدا لروحه، يبس الله أيديهم فلم تعمل، وأرجلهم فلن تنهض، حتى رجعوا عنه خائبين مغلوبين، ولو شاء محمد وحده قتلهم أجمعين، وهو الذي لما جاءته قريش، وأشخصته إلى هبل ليحكم عليه بصدقهم وكذبه خر هبل لوجهه، وشهد له بنبوته، ولعلي أخيه بإمامته، ولأوليائه من بعده بوراثته، والقيام بسياسته وإمامته. وهو الذي لما ألجأته قريش إلى الشعب ، ووكلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت، ومن خروج أحد عنه، خوفا أن يطلب لهم قوتا، غذا هناك كافرهم ومؤمنهم أفضل من المن والسلوى، وكل ما اشتهى كل واحد منهم من أنواع الأطعمات الطيبات، ومن أصناف الحلاوات، وكساهم أحسن الكسوات. وكان رسول الله | بين أظهرهم إذ يراهم وقد ضاقت لضيق فجهم صدورهم، قال بيده هكذا بيمناه إلى الجبال، وهكذا بيسراه إلى الجبال، وقال لها: اندفعي, فتندفع وتتأخر حتى يصيروا بذلك في صحراء لا ترى أطرافها، ثم يقول بيده هكذا، ويقول: أطلعي ـ يا أيتها المودعات لمحمد وأنصاره ـ ما أودعكها الله من الأشجار والأثمار والأنهار وأنواع الزهر والنبات، فتطلع الأشجار الباسقة، والرياحين المونقة والخضروات النزهة ما تتمتع به القلوب والأبصار، وتنجلي به الهموم والغموم والأفكار، وهم يعلمون أنه ليس لأحد من ملوك الأرض مثل صحرائهم، على ما تشتمل عليه من عجائب أشجارها، وتهدل ثمارها، واطراد أنهارها، وغضارة رياحينها، وحسن نباتها. ومحمد هو الذي لما جاءه رسول أبي جهل يتهدده ويقول: يا محمد، إن الخيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة، ورمت بك إلى يثرب، وإنها لا تزال بك حتى تنفرك وتحثك على ما يفسدك ويتلفك، إلى أن تفسدها على أهلها، وتصليهم حر نار تعديك طورك، وما أرى ذلك إلا وسيؤول إلى أن تثور عليك قريش ثورة رجل واحد بقصد آثارك، ودفع ضررك وبلائك، فتلقاهم بسفهائك المغترين بك، ويساعدك على ذلك من هو كافر بك ومبغض لك، فيلجئه إلى مساعدتك ومضافرتك خوفه لأن يهلك بهلاكك، وتعطب عياله بعطبك، ويفتقر هو ومن يليه بفقرك، وبفقر شيعتك ، أو يعتقدون أن أعداءك إذا قهروك ودخلوا ديارهم عنوة لم يفرقوا بين من والاك وعاداك، واصطلموهم باصطلامهم لك، وأتوا على عيالاتهم وأموالهم بالسبي والنهب، كما يأتون على أموالك وعيالك، وقد أعذر من أنذر ، وبالغ من أوضح. أديت هذه الرسالة إلى محمد | وهو بظاهر المدينة، بحضرة كافة أصحابه، وعامة الكفار من يهود بني إسرائيل، وهكذا أمر الرسول، ليجنبوا المؤمنين، ويغروا بالوثوب عليه سائر من هناك من الكافرين، فقال رسول الله | للرسول: قد أطريت مقالتك، واستكملت رسالتك؟ قال: بلى. قال: فاسمع الجواب: إن أبا جهل بالمكاره والعطب يهددني، ورب العالمين بالنصر والظفر يعدني، وخبر الله أصدق، والقبول من الله أحق، لن يضر محمدا من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله، ويتفضل بجوده وكرمه عليه، قل له: يا أبا جهل، إنك راسلتني بما ألقاه في خلدك الشيطان، وأنا أجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن، إن الحرب بيننا وبينك كائنة إلى تسعة وعشرين يوما، وإن الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، وستلقى أنت وعتبة وشيبة والوليد وفلان وفلان ـ وذكر عددا من قريش ـ في قليب بدر مقتلين، أقتل منكم سبعين، وآسر منكم سبعين، أحملهم على الفداء الثقيل. ثم نادى جماعة من بحضرته من المؤمنين واليهود والنصارى وسائر الأخلاط: ألا تحبون أن أريكم مصرع كل واحد من هؤلاء؟ هلموا إلى بدر، فإن هناك الملتقى والمحشر، وهناك البلاء الأكبر، لأضع قدمي على مواضع مصارعهم، ثم ستجدونها لا تزيد ولا تنقص، ولا تتغير ولا تتقدم، ولا تتأخر لحظة، ولا قليلا ولا كثيرا, فلم يخف ذلك على أحد منهم ولم يجبه إلا علي بن أبي طالب × وحده، وقال: نعم، بسم الله, فقال الباقون: نحن نحتاج إلى مركوب وآلات ونفقات، فلا يمكننا الخروج إلى هناك وهو مسيرة أيام. فقال رسول الله | لسائر اليهود: فأنتم، ماذا تقولون؟ قالوا: نحن نريد أن نستقر في بيوتنا، ولا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادعائه محيل. فقال رسول الله |: لا نصب عليكم في المسير إلى هناك، اخطوا خطوة واحدة فإن الله يطوي الأرض لكم، ويوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك, فقال المؤمنون: صدق رسول الله| فلنتشرف بهذه الآية، وقال الكافرون والمنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب لينقطع عذر محمد، وتصير دعواه حجة عليه، وفاضحة له في كذبه. قال: فخطا القوم خطوة، ثم الثانية، فإذا هم عند بئر بدر فعجبوا من ذلك، فجاء رسول الله |، فقال: اجعلوا البئر العلامة، واذرعوا من عندها كذا ذراعا, فذرعوا، فلما انتهوا إلى آخرها، قال: هذا مصرع أبي جهل، يجرحه فلان الأنصاري، ويجهز عليه عبدالله بن مسعود أضعف أصحابي. ثم قال: اذرعوا من البئر من جانب آخر، ثم جانب آخر، كذا وكذا ذراعا، وذكر أعداد الأذرع مختلفة، فلما انتهى كل عدد إلى آخره قال محمد |: هذا مصرع عتبة، وذاك مصرع شيبة، وذاك مصرع الوليد، وسيقتل فلان وفلان ـ إلى أن سمى تمام سبعين منهم بأسمائهم ـ وسيؤسر فلان وفلان, إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وصفاتهم، ونسب المنسوبين إلى الآباء منهم، ونسب الموالي منهم إلى مواليهم. ثم قال رسول الله |: أوقفتم على ما أخبرتكم به قالوا: بلى, قال: وإن ذلك لحق كائن بعد ثمانية وعشرين يوما، في اليوم التاسع والعشرين، وعدا من الله مفعولا، وقضاء حتما لازما. ثم قال رسول الله |: يا معشر المسلمين واليهود، اكتبوا ما سمعتم, فقالوا: يا رسول الله، قد سمعنا ووعينا ولا ننسى. فقال رسول الله |: الكتابة أفضل وأذكر لكم, فقالوا: يا رسول الله، وأين الدواة والكتف؟ فقال رسول الله | ذلك للملائكة، ثم قال: يا ملائكة ربي، اكتبوا ما سمعتم من هذه القصة في أكتاف، واجعلوا في كم كل واحد منهم كتفا من ذلك. ثم قال: معاشر المسلمين، فأملوا أكمامكم وما فيها، وأخرجوه وأقرءوه, فتأملوها فإذا في كم كل واحد منهم صحيفة، قرأها، وإذا فيها ذكر ما قال رسول الله | في ذلك سواء، لا يزيد ولا ينقص، ولا يتقدم ولا يتأخر. فقال: أعيدوها في أكمامكم تكن حجة عليكم، وشرفا للمؤمنين منكم، وحجة على أعدائكم, فكانت معهم، فلما كان يوم بدر جرت الأمور كلها ببدر، ووجدوها كما قال لا تزيد ولا تنقص، ولا تتقدم ولا تتأخر، قابلوا بها ما في كتبهم فوجدوها كما كتبته الملائكة فيها، لا تزيد ولا تنقص، ولا تتقدم ولا تتأخر، فقبل المسلمون ظاهرهم، ووكلوا باطنهم إلى خالقهم. فلما أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض، قال: أي شيء صنعتم؟ أخبرتموهم {بما فتح الله عليكم} من الدلالات على صدق نبوة محمد، وإمامة أخيه علي {ليحاجوكم به عند ربكم}بأنكم كنتم قد علمتم هذا وشاهدتموه، فلم تؤمنوا به ولم تطيعوه، وقدروا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن له عليهم حجة في غيرها. ثم قال عز وجل: {أفلا تعقلون} أن هذا الذي تخبرونهم به مما فتح الله عليكم من دلائل نبوة محمد | حجة عليكم عند ربكم؟! قال الله تعالى: {أولا يعلمون} يعني أولا يعلم هؤلاء القائلون لإخوانهم: {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} {أن الله يعلم ما يسرون} من عداوة محمد ويضمرونه من أن إظهارهم الإيمان به أمكن لهم من اصطلامه، وإبادة أصحابه {وما يعلنون} من الإيمان ظاهرا ليؤنسوهم، ويقفوا به على أسرارهم فيذيعوها بحضرة من يضرهم ، وإن الله لما علم ذلك دبر لمحمد | تمام أمره، وبلوغ غاية ما أراده ببعثه، وإنه يتم أمره، وإن نفاقهم وكيدهم لا يضره. 

 

* الشيخ الطبرسي في مجمع البيان, روي عن أبي جعفر الباقر ×، أنه قال: كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين، إذا لقوا المسلمين حدثوهم بما في التوراة من صفة محمد |، فنهاهم كبراؤهم عن ذلك، وقالوا: لا تخبروهم بما في التوراة من صفة محمد |، فيحاجوكم به عند ربكم. فنزلت هذه الآية. 

 

{ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون} (78)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم قال الله عز وجل: يا محمد ومن هؤلاء اليهود {أميون} لا يقرؤون الكتاب ولا يكتبون، كالأمي منسوب إلى أمه أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب {لا يعلمون الكتاب} المنزل من السماء ولا المكذب به، ولا يميزون بينهما {إلا أماني} أي إلا أن يقرأ عليهم ويقال لهم: إن هذا كتاب الله وكلامه، لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه {وإن هم إلا يظنون}، أي ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد | في نبوته، وإمامة علي × سيد عترته، وهم يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم.

 

{فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون} (79)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الامام العسكري ×: قال الله عز وجل: لقوم من هؤلاء اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة النبي | وهو خلاف صفته، وقالوا للمستضعفين: هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان، إنه طويل، عظيم البدن والبطن، أصهب الشعر، ومحمد بخلافه وهو يجئ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة، وإنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رياستهم، وتدوم لهم منهم إصاباتهم ويكفوا أنفسهم مؤنة خدمة رسول الله | وخدمة علي × وأهل خاصته فقال الله عز وجل: {فويل لهم مما كتبت أيديهم} من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد وعلي ’ الشدة لهم من العذاب في أسوء بقاع جهنم {وويل لهم} الشدة لهم من العذاب ثابتة مضافة إلى الأولى {مما يكسبون} من الأموال التي يأخذونها إذا أثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله | والجحد لوصية أخيه علي × ولي الله. 

 

{وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون} (80)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل: {وقالوا} يعني اليهود المصرون المظهرون للايمان، المسرون للنفاق، المدبرون على رسول الله | وذويه بما يظنون أن فيه عطبهم {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} وذلك أنه كان لهم أصهار وإخوة رضاع من المسلمين يسرون كفرهم عن محمد | وصحبه، وإن كانوا به عارفين، صيانة لهم لأرحامهم وأصهارهم. قال لهم هؤلاء: لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون؟ أجابهم هؤلاء اليهود: بأن مدة ذلك العذاب الذي نعذب به لهذه الذنوب {أياما معدودة} تنقضي، ثم نصير بعد في النعمة في الجنان، فلا نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا، فإنها تفنى وتنقضي، ونكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة ولذات نعمة الدنيا، ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فنى. فقال الله عز وجل: {قل} يا محمد {أتخذتم عند الله عهدا} أن عذابكم على كفركم بمحمد ودفعكم لآياته في نفسه، وفي علي وسائر خلفائه وأوليائه منقطع غير دائم؟ بل ما هو إلا عذاب دائم لا نفاد له، فلا تجتروا على الآثام والقبائح من الكفر بالله وبرسوله وبوليه المنصوب بعده على أمته، ليسوسهم ويرعاهم سياسة الوالد الشفيق الرحيم {الكريم} لولده، ورعاية الحدب المشفق على خاصته {فلن يخلف الله عهده} فكذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز {أم تقولون على الله مالا تعلمون} اتخذتم عهدا؟ أم تقولون؟ بل أنتم في أيهما ادعيتم كاذبون. 

 

{بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (81)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن صباح المزني، عن أبي حمزة، عن أحدهما ’ في قول الله عز وجل: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته} قال: إذا جحد إمامة أمير المؤمنين × {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الكاظم × في قوله تعالى:{ بلى من كسب سيئة} قال: بغضنا، {وأحاطت به خطيئته} قال: من شرك في دمائنا. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: السيئة المحيطة به هي التي تخرجه عن جملة دين الله وتنزعه عن ولاية الله وترميه في سخط الله وهي الشرك بالله، والكفر به، والكفر بنبوة محمد رسول الله |، والكفر بولاية علي بن أبي طالب × كل واحد من هذه سيئة تحيط به، أي تحيط بأعماله فتبطلها وتمحقها {فأولئك} عاملوا هذه السيئة المحيطة {أصحاب النار هم فيها خالدون}. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي ابن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي, قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا × عن علي ×، عن النبي |: أنه تلا هذه الآية {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} قيل: يا رسول الله من أصحاب النار؟ قال: من قاتل عليا بعدي، أولئك هم أصحاب النار مع الكفار فقد كفروا بالحق لما جاءهم، ألا وإن عليا مني فمن حاربه فقد حاربني وأسخط ربي، ثم دعا عليا × فقال: يا علي حربك حربي، وسلمك سلمي، وأنت العلم فيما بيني وبين أمتي بعدي. 

 

{والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} (82)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الحسن بن علي × للرجل الذي قال إنه من شيعة علي ×: يا عبد الله لست من شيعة علي ×، إنما أنت من محبيه، وإنما شيعة علي × الذين قال عز وجل فيهم: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}. هم الذين آمنوا بالله ووصفوه بصفاته، ونزهوه عن خلاف صفاته، وصدقوا محمدا في أقواله، وصوبوه في كل أفعاله، ورأوا عليا بعده سيدا إماما، وقرما هماما لا يعدله من أمة محمد أحد، ولا كلهم إذا اجتمعوا في كفة يوزنون بوزنه، بل يرجح عليهم كما ترجح السماء والأرض على الذرة. وشيعة علي هم الذين لا يبالون في سبيل الله أوقع الموت عليهم، أو وقعوا على الموت. وشيعة علي هم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة وهم الذين لا يراهم الله حيث نهاهم، ولا يفقدهم من حيث أمرهم. وشيعة علي هم الذين يقتدون بعلي في إكرام إخوانهم المؤمنين. ما عن قولي أقول لك هذا، بل أقوله عن قول محمد |، فذلك قوله تعالى: {وعملوا الصالحات} قضوا الفرائض كلها، بعد التوحيد واعتقاد النبوة والإمامة وأعظمها فرضا: قضاء حقوق الاخوان في الله، واستعمال التقية من أعداء الله عز وجل. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, عن الباقر × في قوله {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة} نزلت في علي × وهو أول مؤمن وأول مصل. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن عباس قال: مما نزل من القرآن خاصة في رسول الله وعلي وأهل بيته من سورة البقرة قوله تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} نزلت في علي خاصة وهو أول مؤمن وأول مصل بعد رسول الله |. 

 

{وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون} (83)

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, أبان بن تغلب عن الصادق ×: {وبالوالدين إحسانا}: قال: الوالدان رسول الله | وعلي ×. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, عن سلام الجعفي، عن أبي جعفر × وأبان بن تغلب، عن أبي عبد الله ×: نزلت في رسول الله |، وفي علي ×. 

 

* ابن بطريق في العمدة, قال رسول الله | لعلي ×: أنا وأنت أبوا هذه الامة، فعلى عاق والديه لعنة الله. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال رسول الله |: أفضل والديكم وأحقهما لشكركم محمد وعلي. وقال علي بن أبي طالب ×: سمعت رسول الله | يقول: أنا وعلي أبوا هذه الأمة، ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم، فانا ننقذهم, إن أطاعونا, من النار إلى دار القرار، ونلحقهم من العبودية بخيار الأحرار. وقالت فاطمة ÷: أبوا هذه، الأمة محمد وعلي، يقيمان أودهم وينقذانهم من العذاب الدائم إن أطاعوهما، ويبيحانهم النعيم الدائم إن وافقوهما. وقال الحسن بن علي ×: محمد وعلي أبوا هذه الأمة، فطوبى لمن كان بحقهما عارفا، ولهما في كل أحواله مطيعا، يجعله الله من أفضل سكان جنانه ويسعده بكراماته ورضوانه. وقال الحسين بن علي ×: من عرف حق أبويه الأفضلين: محمد وعلي ’، وأطاعهما حق الطاعة قيل له: تبحبح في أي الجنان شئت. وقال علي بن الحسين ×: إن كان الأبوان إنما عظم حقهما على أولادهما لاحسانهما إليهم، فاحسان محمد وعلي ’ إلى هذه الأمة أجل وأعظم فهما بأن يكونا أبويهم أحق. وقال محمد بن علي الباقر ×: من أراد أن يعرف كيف قدره عند الله، فلينظر كيف قدر أبويه الأفضل عنده محمد وعلي ’. وقال جعفر بن محمد ×: من رعى حق أبويه الأفضلين: محمد وعلي ’: لم يضره ما أضاع من حق أبوي نفسه وسائر عباد الله، فإنها صلوات الله عليهما يرضيانهم بسعيهما. وقال موسى بن جعفر ×: لعظم ثواب الصلاة على قدر تعظيم المصلي أبويه الأفضلين: محمد وعلي ’. وقال علي بن موسى الرضا ×: أما يكره أحدكم أن ينفى عن أبيه وأمه الذين ولداه؟ قالوا: بلى والله. قال: فليجتهد أن لا ينفى عن أبيه وأمه الذين هما أبواه أفضل من أبوي نفسه وقال محمد بن علي بن موسى × حتى قال رجل بحضرته: إني لاحب محمدا وعليا حتى لو قطعت إربا إربا، أو قرضت لم أزل عنه. قال محمد ابن علي ×: لاجرم إن محمدا وعليا يعطيانك من أنفسهما ما تعطيهما أنت من نفسك إنهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لا يفي ما بذلته لهما بجزء من مائة ألف ألف جزء من ذلك. وقال علي بن محمد ×: من لم يكن والدا دينه محمد وعلي ’ أكرم عليه من والدي نسبه، فليس من الله في حل ولا حرام، ولا كثير ولا قليل. وقال الحسن بن علي ×: من آثر طاعة أبوي دينه: محمد وعلي ’ على طاعة أبوي نسبه. قال الله عز وجل له: لأؤثرنك كما آثرتني ولأشرفنك بحضرة أبوي دينك، كما شرفت نفسك بايثار حبهما على حب أبوي نسبك. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: وأما قوله عز وجل: {وذي القربى} فهم من قراباتك من أبيك وأمك، قيل لك: اعرف حقهم كما أخذ العهد به على بني إسرائيل، وأخذ عليكم معاشر أمة محمد | بمعرفة حق قرابات محمد | الذين هم الأئمة بعده، ومن يليهم بعد من خيار أهل دينهم. قال الإمام العسكري ×: قال رسول الله |: من رعى حق قرابات أبويه أعطي في الجنة ألف درجة، بعد ما بين كل درجتين حضر الفرس الجواد المحضير مائة سنة، إحدى الدرجات من فضة، والأخرى من ذهب، والأخرى من لؤلؤ والأخرى من زمرد، والأخرى من زبرجد، والأخرى من مسك، والأخرى من عنبر والأخرى من كافور، فتلك الدرجات من هذه الأصناف. ومن رعى حق قربى محمد وعلي ’ أوتي من فضائل الدرجات وزيادة المثوبات على قدر زيادة فضل محمد وعلي ’ على أبوي نفسه. وقالت فاطمة ÷ لبعض النساء: أرضي أبوي دينك محمدا وعليا بسخط أبوي نسبك ولا ترضي أبوي نسبك بسخط أبوي دينك. فان أبوي نسبك إن سخطا أرضاهما محمد وعلي ’ بثواب جزء من ألف ألف جزء من ساعة من طاعاتهما. وإن أبوي دينك محمدا وعليا إن سخطا لم يقدر أبوا نسبك أن يرضياهما لان ثواب طاعات أهل الدنيا كلهم لا يفي بسخطهما. وقال الحسن بن علي ×: عليك بالاحسان إلى قرابات أبوي دينك: محمد وعلي، وإن أضعت قرابات أبوي نسبك، وإياك وإضاعة قرابات أبوي دينك: بتلافي قرابات أبوي نسبك، فان شكر هؤلاء إلى أبوي دينك: محمد وعلي ’ أثمر لك من شكر هؤلاء إلى أبوي نسبك، إن قرابات أبوي دينك إذا شكروك عندهما - بأقل قليل نظرهما لك - يحط عنك ذنوبك ولو كانت ملء ما بين الثرى إلى العرش. وإن قرابات أبوي نسبك إن شكروك عندهما، وقد ضيعت قرابات أبوي دينك لم يغنيا عنك فتيلا. وقال علي بن الحسين ×: حق قرابات أبوي ديننا: محمد وعلي وأوليائهما أحق من قرابات أبوي نسبنا، إن أبوي ديننا يرضيان عنا أبوي نسبنا وأبوي نسبنا لا يقدران أن يرضيا عنا أبوي ديننا: محمد وعلي ’. وقال محمد بن علي ×: من كان أبوا دينه: محمد وعلي ’ آثر لديه، وقراباتهما أكرم عليه من أبوي نسبه وقراباتهما قال الله تعالى له: فضلت الأفضل، لأجعلنك الأفضل، وأثرت الأولى بالايثار، لأجعلنك بدار قراري، ومنادمة أوليائي أولى. وقال جعفر بن محمد ×: من ضاق عن قضاء حق قرابة أبوي دينه وأبوي نسبه، وقدح كل واحد منهما في الآخر، فقدم قرابة أبوي دينه على قرابة أبوي نسبه. قال الله عز وجل يوم القيامة: كما قدم قرابة أبوي دينه فقدموه إلى جناني، فيزداد فوق ما كان أعد له من الدرجات ألف ألف ضعفها. وقال موسى بن جعفر × وقد قيل له: إن فلانا كان له ألف درهم عرضت عليه بضاعتان يشتريهما لا تتسع بضاعته لهما، فقال: أيهما أربح لي؟ فقيل له: هذا يفضل ربحه على هذا بألف ضعف. قال ×: أليس يلزمه في عقله أن يؤثر الأفضل؟ قالوا: بلى. قال: فهكذا إيثار قرابة أبوي دينه: محمد وعلي ’، أفضل ثوابا بأكثر من ذلك، لان فضله على قدر فضل محمد وعلي على أبوي نسبه. وقيل للرضا ×: ألا نخبرك بالخاسر المتخلف؟ قال: من هو؟ قالوا: فلان باع دنانيره بدراهم أخذها، فرد ماله من عشرة آلاف دينار، إلى عشرة آلاف درهم. قال ×: بدرة باعها بألف درهم، ألم يكن أعظم تخلفا وحسرة؟ قالوا: بلى. قال: ألا أنبئكم بأعظم من هذا تخلفا وحسرة؟ قالوا: بلى. قال: أرأيتم لو كان له ألف جبل من ذهب باعها بألف حبة من زيف، ألم يكن أعظم تخلفا وأعظم من هذا حسرة؟ قالوا: بلى. قال: أفلا أنبئكم بمن هو أشد من هذا تخلفا، وأعظم من هذا حسرة؟ قالوا: بلى. قال: من آثر في البر والمعروف قرابة أبوي نسبه على قرابة أبوي دينه: محمد وعلي ’ لان فضل قرابات محمد وعلي أبوي دينه على قرابات أبوي نسبه أفضل من فضل ألف جبل من ذهب على ألف حبة زائف. وقال محمد بن علي الرضا ×: من اختار قرابات أبوي دينه: محمد وعلي ’ على قرابات أبوي نسبه اختاره الله تعالى على رؤوس الاشهاد يوم التناد وشهره بخلع كراماته، وشرفه بها على العباد إلا من ساواه في فضائله أو فضله. وقال علي بن محمد ×: إن من إعظام جلال الله إيثار قرابة أبوي دينك: محمد وعلي ’ على قرابة أبوي نسبك، وإن من التهاون بجلال الله إيثار قرابة أبوي نسبك على قرابة أبوي دينك: محمد وعلي ’. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: وأما قوله عز وجل: {واليتامى} فان رسول الله | قال: حث الله عز وجل على بر اليتامى لانقطاعهم عن آبائهم. فمن صانهم صانه الله، ومن أكرمهم أكرمه الله، ومن مسح يده برأس يتيم رفقا به جعل الله له في الجنة بكل شعرة مرت تحت يده قصرا أوسع من الدنيا بما فيها وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون. وقال الإمام العسكري ×: وأشد من يتم هذا اليتيم، يتيم ينقطع عن إمامه لا يقدر على الوصول إليه، ولا يدرى كيف حكمه فيما يبتلي به من شرايع دينه. ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الاعلى. حدثني بذلك أبي، عن آبائه، عن رسول الله |. وقال علي بن أبي طالب ×: من كان من شعيتنا عالما بشريعتنا، وأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضئ لأهل جميع تلك العرصات، و عليه حلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها. ثم ينادي مناد من عند الله: يا عباد الله هذا عالم من بعض تلامذة آل محمد ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فيلتشبث بنوره، ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنان. فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا، أو أوضح له عن شبهة. قال ×: وحضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء ÷ فقالت: إن لي والدة ضعيفة، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شئ، وقد بعثتني إليك أسألك. فأجابتها فاطمة ÷ عن ذلك، ثم ثنت، فأجابت، ثم ثلثت فأجابت إلى أن عشرت فأجابت، ثم خجلت من الكثرة، فقالت: لا أشق عليك يا بنت رسول الله. قالت فاطمة ÷: هاتي وسلي عما بدا لك، أرأيت من اكترى يوما يصعد إلى سطح بحمل ثقيل، وكراؤه مائة ألف دينار، أيثقل عليه؟ فقالت: لا. فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا فأحرى أن لا يثقل علي، سمعت أبي رسول الله | يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون، فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم، وجدهم في إرشاد عباد الله، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف خلعة من نور. ثم ينادي منادي ربنا عز وجل: أيها الكافلون لأيتام آل محمد، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم، هؤلاء تلامذتكم والأيتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم فاخلعوا عليهم كما خلعتموهم خلع العلوم في الدنيا. فيخلعون على كل واحد من أولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم حتى أن فيهم - يعني في الأيتام - لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلم منهم. ثم إن الله تعالى يقول: أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتى تتموا لهم خلعهم، وتضعفوها. فيتم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم، ويضاعف لهم، وكذلك من بمرتبتهم ممن يخلع عليه على مرتبتهم. وقالت فاطمة ÷: يا أمة الله إن سلكا من تلك الخلع لافضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة، وما فضل فإنه مشوب بالتنغيص والكدر. قال الحسن بن علي ×: فضل كافل يتيم آل محمد، المنقطع عن مواليه الناشب في تيه الجهل - يخرجه من جهله، ويوضح له ما اشتبه عليه - على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه كفضل الشمس على السهى. وقال الحسين بن علي ×: من كفل لنا يتيما قطعته عنا محنتنا باستتارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه، قال الله عز وجل له: يا أيها العبد الكريم المواسي إني أولى بالكرم اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم. وقال علي بن الحسين ×: أوحى الله تعالى إلى موسى × حببني إلى خلقي، وحبب خلقي إلي. قال: يا رب كيف أفعل؟ قال: ذكرهم آلائي ونعمائي ليحبوني، فلئن ترد آبقا عن بابي، أو ضالا عن فنائي، أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها وقيام ليلها. قال موسى ×: ومن هذا العبد الآبق منك؟ قال: العاصي المتمرد. قال: فمن الضال عن فنائك؟ قال: الجاهل بامام زمانه تعرفه، والغائب عنه بعدما عرفه، الجاهل بشريعة دينه تعرفه شريعته، وما يعبد به ربه، ويتوصل به إلى مرضاته. قال علي ×: فأبشروا معاشر علماء شيعتنا بالثواب الأعظم، والجزاء الأوفر. وقال محمد بن علي ×: العالم كمن معه شمعة تضئ للناس، فكل من أبصر بشمعته دعا له بخير، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة. فكل من أضاءت له فخرج بها من حيرة أونجى بها من جهل، فهو من عتقائه من النار، والله يعوضه عن ذلك بكل شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على غير الوجه الذي أمر الله عز وجل به، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها، لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة ألف ركعة بين يدي الكعبة. وقال جعفر بن محمد ×: علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته النواصب. ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة، لأنه يدفع عن أديان محبينا، وذلك يدفع عن أبدانهم. وقال موسى بن جعفر ×: فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه، أشد على إبليس من ألف عابد. لان العابد همه ذات نفسه فقط، وهذا همه مع ذات نفسه ذات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته. ولذلك هو أفضل عند الله من ألف ألف عابد. وقال علي بن موسى الرضا ×: يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك، وكفيت الناس مؤنتك، فادخل الجنة. ألا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم، ووفر عليهم نعم جنان الله، وحصل لهم رضوان الله تعالى. ويقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد، الهادي لضعفاء محبيه ومواليه قف حتى تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك. فيقف، فيدخل الجنة ومعه فئاما وفئاما - حتى قال عشرا - وهم الذين أخذوا عنه علومه، وأخذوا عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة، فانظروا كم فرق ما بين المنزلتين؟! وقال محمد بن علي ×: إن من تكفل بأيتام آل محمد المنقطعين عن إمامهم، المتحيرين في جهلهم، الاسراء في أيدي شياطينهم، وفى أيدي النواصب من أعدائنا، فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين برد وساوسهم وقهر الناصبين بحجج ربهم، ودليل أئمتهم، ليفضلون عند الله تعالى على العابد بأفضل المواقع بأكثر من فضل السماء على الأرض، والعرش والكرسي والحجب على السماء وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء. وقال علي بن محمد ×: لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه الصلاة والسلام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل. وقال الحسن بن علي ×: يأتي علماء شيعتنا، القوامون لضعفاء محبينا وأهل ولايتنا يوم القيامة، والأنوار تسطع من تيجانهم، على رأس كل واحد منهم تاج بهاء، قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة. فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه، ومن ظلمة الجهل أنقذوه ومن حيرة التيه أخرجوه، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم، فرفعتهم إلى العلو حتى يحاذي بهم فوق الجنان. ثم تنزلهم على منازلهم السعدة في جوار أستاديهم ومعلميهم، وبحضرة أئمتهم الذين كانوا يدعون إليهم. ولا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عيناه وصمت أذناه، وأخرس لسانه، ويحول عليه أشد من لهب النيران، فيحملهم حتى يدفعهم إلى الزبانية، فيدعوهم إلى سواء الجحيم. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: وأما قوله عز وجل: {والمساكين} فهو من سكن الضر والفقر حركته. ألا فمن واساهم بحواشي ماله، وسع الله عليه جنانه، وأناله غفرانه ورضوانه. قال الإمام ×: وإن من محبي محمد وعلي مساكين، مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء، وهم الذين سكنت جوارحهم، وضعفت قواهم عن مقاتلة أعداء الله الذين يعيرونهم بدينهم، ويسفهون أحلامهم، ألا فمن قواهم بفقهه وعلمه حتى أزال مسكنتهم، ثم سلطهم على الاعداء الظاهرين: النواصب وعلى الاعداء الباطنين: إبليس ومردته، حتى يهزموهم عن دين الله ويذودوهم عن أولياء آل رسول الله صلى الله عليه وآله. حول الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم، فأعجزهم عن إضلالهم. قضى الله تعالى بذلك قضاء حقا على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله. وقال علي بن أبي طالب ×: من قوى مسكينا في دينه، ضعيفا في معرفته على ناصب مخالف، فأفحمه لقنه الله تعالى يوم يدلى في قبره أن يقول: الله ربي، ومحمد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقرآن بهجتي وعدتي والمؤمنون إخواني. فيقول الله: أدليت بالحجة، فوجبت لك أعالي درجات الجنة. فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة. وقالت فاطمة ÷ وقد اختصم إليها امرأتان، فتنازعتا في شئ من أمر الدين: إحديهما معاندة، والأخرى مؤمنة، ففتحت على المؤمنة حجتها، فاستظهرت على المعاندة، ففرحت فرحا شديدا. فقالت فاطمة ÷: إن فرح الملائكة باستظهارك عليها أشد من فرحك، وإن حزن الشيطان ومردته بحزنها عنك أشد من حزنها. وإن الله عز وجل قال للملائكة: أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ما كنت أعددت لها واجعلوا هذه سنة في كل من يفتح على أسير مسكين، فيغلب معاندا مثل ألف ألف ما كان له معدا من الجنان. وقال الحسن بن علي بن أبي طالب × - وقد حمل إليه رجل هدية - فقال له: أيما أحب إليك؟ أن أرد عليك بدلها عشرين ضعفا، عشرين ألف درهم، أو أفتح لك بها بابا من العلم تقهر فلان الناصبي في قريتك، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك؟ إن أحسنت الاختيار جمعت لك الامرين، وإن أسأت الاختيار خيرتك لتأخذ أيهما شئت قال يا بن رسول الله فثوابي في قهري لذلك الناصب، واستنقاذي لأولئك الضعفاء من يده، قدره عشرون ألف درهم؟ قال ×: بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرة! فقال: يا بن رسول الله فكيف أختار الأدون! بل أختار الأفضل: الكلمة التي أقهر بها عدو الله، وأذوده عن أولياء الله. فقال الحسن بن علي ×: قد أحسنت الاختيار. وعلمه الكلمة، وأعطاه عشرين ألف درهم. فذهب، فأفحم الرجل، فاتصل خبره به ×، فقال له إذ حضره: يا عبد الله ما ربح أحد مثل ربحك، ولا اكتسب أحد من الأوداء ما اكتسبت: اكتسبت: مودة الله أولا، ومودة محمد صلى الله عليه وآله وعلي × ثانيا، ومودة الطيبين من آلهما ثالثا، ومودة ملائكة الله المقربين رابعا، ومودة إخوانك المؤمنين خامسا واكتسبت بعدد كل مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا وما فيها ألف ألف مرة فهنيئا لك هنيئا. وقال الحسين بن علي × لرجل: أيهما أحب إليك؟ رجل يروم قتل مسكين قد ضعف، تنقذه من يده؟ أو ناصب يريد إضلال مسكين مؤمن من ضعفاء شيعتنا تفتح عليه ما يمتنع المسكين به منه ويفحمه ويكسره بحجج الله تعالى؟ قال: بل إنقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب. إن الله تعالى يقول: {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} أي ومن أحياها وأرشدها من كفر إلى إيمان، فكأنما أحيا الناس جميعا من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد. وقال علي بن الحسين × لرجل: أيما أحب إليك: صديق كلما رآك أعطاك بدرة دنانير، أو صديق كلما رآك بصرك بمصيدة من مصائد الشياطين، وعرفك ما تبطل به كيدهم، وتخرق به شبكتهم، وتقطع حبائلهم؟ قال: بل صديق كلما رآني علمني كيف أخزي الشيطان عن نفسي وأدفع عني بلاءه. قال ×: فأيهما أحب إليك: استنقاذك أسيرا مسكينا من أيدي الكافرين، أو استنقاذك أسيرا مسكينا من أيدي الناصبين؟ قال: يا بن رسول الله، سل الله أن يوفقني للصواب في الجواب. قال ×: اللهم وفقه. قال: بل استنقاذي المسكين الأسير من يد الناصب، فإنه توفير الجنة عليه، وإنقاذه من النار، وذلك توفير الروح عليه في الدنيا، ودفع الظلم عنه فيها، والله يعوض هذا المظلوم بأضعاف ما لحقه من الظلم، وينتقم من الظالم بما هو عادل بحكمه. قال ×: وفقت لله أبوك! أخذته من جوف صدري لم تجزم مما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله حرفا واحدا. وسئل الباقر محمد بن علي ×: إنقاذ الأسير المؤمن من محبينا من يد الناصب يريد أن يضله بفضل لسانه وبيانه أفضل، أم إنقاذ الأسير من أيدي أهل الروم؟ قال الباقر × للرجل: أخبرني أنت عمن رأى رجلا من خيار المؤمنين يغرق وعصفورة تغرق لا يقدر على تخليصهما بأيهما اشتغل فاته الآخر؟ أيهما أفضل أن يخلصه؟ قال: الرجل من خيار المؤمنين. قال ×: فبعد ما سألت في الفضل أكثر من بعد ما بين هذين، إن ذاك يوفر عليه دينه وجنان ربه، وينقذه من النيران، وهذا المظلوم إلى الجنان يصير. وقال جعفر بن محمد ×: من كان همه في كسر النواصب عن المساكين الموالين لنا أهل البيت يكسرهم عنهم، ويكشف عن مخازيهم ويبين عوراتهم ويفخم أمر محمد وآله صلى الله عليه وآله، جعل الله همة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره، يستعمل بكل حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا، قوة كل واحد تفضل عن حمل السماوات والأرضين، فكم من بناء، وكم من نعمة، وكم من قصور لا يعرف قدرها إلا رب العالمين؟ وقال موسى بن جعفر ×: من أعان محبا لنا على عدولنا، فقواه وشجعه حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بأحسن صورته، ويخرج الباطل - الذي يروم به أعداؤنا دفع حقنا - في أقبح صورة، حتى يتنبه الغافلون، ويستبصر المتعلمون ويزداد في بصائرهم العاملون بعثه الله تعالى يوم القيامة في أعلى منازل الجنان، ويقول: يا عبدي الكاسر لأعدائي، الناصر لأوليائي، المصرح بتفضيل محمد خير أنبيائي وبتشريف علي أفضل أوليائي، وتناوي إلى من ناواهما، وتسمى بأسمائهما وأسماء خلفائهما وتلقب بألقابهما، فيقول ذلك، ويبلغ الله جميع أهل العرصات. فلا يبقى ملك ولا جبار ولا شيطان إلا صلى على هذا الكاسر لأعداء محمد صلى الله عليه وآله ولعن الذين كانوا يناصبونه في الدنيا من النواصب لمحمد وعلي ’. وقال علي بن موسى الرضا ×: أفضل ما يقدمه العالم من محبينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته، وذله ومسكنته، أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب عدو لله ولرسوله، يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محله من جنان الله فيحملونه على أجنحتهم، يقولون: مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار. وقال محمد بن علي ×: إن حجج الله على دينه أعظم سلطانا يسلط الله بها على عباده، فمن وفر منها حظه فلا يرين أن من منعه ذلك قد فضله عليه، ولو جعله في الذروة العليا من الشرف والمال والجمال، فإنه إن رأى ذلك كان قد حقر عظيم نعم الله لديه. وإن عدوا من أعدائنا النواصب يدفعه بما تعلمه من علومنا أهل البيت لافضل له من كل مال لمن فضل عليه، ولو تصدق بألف ضعفه. 

 

* الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام, روى أحمد بن محمد بن عيسى, عن الحسين بن سعيد, عن أبي علي قال: كنا عند أبي عبد الله × فقال رجل: جعلت فداك قول الله تعالى: {وقولوا للناس حسنا} هو للناس جميعا؟ فضحك وقال: لا عنى قولوا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته. 

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال الإمام العسكري × في قوله تعالى {وأقيموا الصلاة}: يعني بتمام ركوعها وسجودها وحفظ مواقيتها، وأداء حقوقها التي إذا لم تؤد لم يتقبلها رب الخلائق، وهي إتباعها بالصلاة على محمد وعلي وآلهما منطويا على الاعتقاد بأنهم أفضل خيرة الله، والقوام لحقوق الله، والنصار لدين الله. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: {وأقيموا الصلاة} المكتوبة التي جاء بها محمد | وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآله الطاهرين. 

 

بمصادر العامة:

 

قال رسول الله |: أنا وعلي أبوا هذه الامة، فعلى عاق والديه لعنة الله. 

 

 

{وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون} (84)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال رسول الله | لما نزلت {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون} في اليهود أي الذين نقضوا عهد الله، وكذبوا رسل الله، وقتلوا أولياء الله: أفلا أنبئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: قوم من أمتي ينتحلون أنهم من أهل ملتي، يقتلون أفاضل ذريتي وأطائب أرومتي، ويبدلون شريعتي وسنتي، ويقتلون ولدي الحسن والحسين كما قتل أسلاف اليهود زكريا ويحيى. ألا وإن الله يلعنهم كما لعنهم، ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنم،  ألا ولعن الله قتلة الحسين × ومحبيهم وناصريهم، والساكنين عن لعنهم من غير تقية يسكتهم. ألا وصلى الله على الباكين على الحسين رحمة وشفقة، واللاعنين لأعدائهم والممتلئين عليهم غيظا وحنقا، ألا وإن الراضين بقتل الحسين شركاء قتلته، ألا وإن قتلته وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم براء من دين الله. إن الله ليأمر ملائكته المقربين أن يتلقوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين إلى الخزان في الجنان، فيمزجوها بماء الحيوان، فتزيد عذوبتها وطيبها ألف ضعفها وإن الملائكة ليتلقون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين يتلقونها في الهاوية ويمزجونها بحميمها وصديدها وغساقها وغسلينها فيزيد في شدة حرارتها وعظيم عذابها ألف ضعفها يشدد بها على المنقولين إليها من أعداء آل محمد عذابهم. 

 

{أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون} (86)

 

* السيد ابن طاووس في اليقين, حدثنا أحمد بن محمد الطبري قال: أخبرني محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: حدثني الحسن بن علي أبو محمد الدينوري قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثنا سيف بن عميرة, عن عقبة, عن قيس بن سمعان, عن علقمة بن محمد الحضرمي, عن أبي جعفر محمد بن علي × في حديث طويل عن يوم الغدير, قال رسول الله |: اللهم إني أشهدك إني قد بلغت. معاشر الناس، إنه قد أكمل الله دينكم بإمامته (أمير المؤمنين ×)، فمن لم يأتم به وبمن يقوم بولدي من صلبه إلى يوم العرض على {فأولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة} وفي النار هم خالدون, {فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون}. 

 

{ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون} (87)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل وهو يخاطب هؤلاء اليهود الذين أظهر محمد | المعجزات لهم عند تلك الجبال ويوبخهم: {ولقد آتينا موسى الكتاب} التوراة المشتمل على أحكامنا، وعلى ذكر فضل محمد وعلي وآلهما الطيبين، وإمامة علي بن أبي طالب × وخلفائه بعده، وشرف أحوال المسلمين له، وسوء أحوال المخالفين عليه. {وقفينا من بعده بالرسل} جعلنا رسولا في أثر رسول. {وآتينا} أعطينا {عيسى ابن مريم البينات} الآيات الواضحات مثل: إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، والانباء بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم {وأيدناه بروح القدس} وهو جبرئيل ×. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عمار بن مروان، عن منخل عن جابر، عن أبي جعفر × قال: {أفكلما جاء كم} محمد {بما لا تهوى أنفسكم} بموالاة علي ف{استكبرتم ففريقا} من آل محمد {كذبتم وفريقا تقتلون}. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر, عن أبي جعفر × قال: اما قوله {أفكلما جائكم رسول بما لا تهوى أنفسكم} الآية قال أبو جعفر ×: ذلك مثل موسى والرسل من بعده وعيسى × ضرب لامة محمد | مثلا فقال الله لهم {فان جاءكم} محمد {بمالا تهوى أنفسكم استكبرتم} بموالاة على × {ففريقا} من آل محمد {كذبتم وفريقا تقتلون} فذلك تفسيرها في الباطن. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: ثم وجه الله العذل نحو اليهود في قوله: {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم} فأخذ عهودكم ومواثيقكم بما لا تحبون من بذل الطاعة لأولياء الله الأفضلين وعباده المنتجبين محمد وآله الطيبين الطاهرين لما قالوا لكم كما أداه إليكم أسلافكم الذين قيل لهم: إن ولاية محمد | هي الغرض الأقصى والمراد الأفضل, ما خلق الله أحدا من خلقه ولا بعث أحدا من رسله إلا ليدعوهم إلى ولاية محمد وعلي وخلفائه ويأخذ به عليهم العهد ليقيموا عليه وليعمل به سائر عوام الأمم. فبهذا {استكبرتم} كما استكبر أوائلكم حتى قتلوا زكريا ويحيى, واستكبرتم أنتم حتى رمتم قتل محمد وعلي ’ فخيب الله سعيكم ورد في نحوركم كيدكم. وأما قوله تعالى: {تقتلون} فمعناه قتلتم، كما تقول لمن توبخه: ويلك كم تكذب وكم تمخرق؟ ولا تريد ما لم يفعله بعد، وإنما تريد: كم فعلت، وأنت عليه موطن. 

 

{وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون} (88)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل: {وقالوا} يعنى هؤلاء اليهود الذين أراهم رسول الله | المعجزات المذكورات عند قوله: {فهي كالحجارة} الآية. {قلوبنا غلف} أوعية للخير، والعلوم قد أحاطت بها واشتملت عليها، ثم هي مع ذلك لا تعرف لك يا محمد فضلا مذكورا في شئ من كتب الله، ولا على لسان أحد من أنبياء الله. فقال الله تعالى ردا عليهم: {بل} ليس كما يقولون أوعية العلوم ولكن قد {لعنهم الله} أبعدهم من الخير {فقليلا ما يؤمنون} قليل إيمانهم، يؤمنون ببعض ما أنزل الله تعالى ويكفرون ببعض، فإذا كذبوا محمدا | في سائر ما يقول، فقد صار ما كذبوا به أكثر، وما صدقوا به أقل. وإذا قرئ {غلف} فإنهم قالوا: قلوبنا غلف في غطاء، فلا نفهم كلامك وحديثك. نحو ما قال الله تعالى: {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}. وكلا القراءتين حق، وقد قالوا بهذا وبهذا جميعا. 

 

{ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين} (89)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ذم الله تعالى اليهود فقال: {ولما جاءهم} يعنى هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم وإخوانهم من اليهود، جاءهم {كتاب من عند الله} القرآن {مصدق} ذلك الكتاب {لما معهم} من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله. {وكانوا} يعني هؤلاء اليهود {من قبل} ظهور محمد | بالرسالة {يستفتحون} يسألون الله الفتح والظفر {على الذين كفروا} من أعدائهم والمناوين لهم، فكان الله يفتح لهم وينصرهم. قال الله تعالى: {فلما جاءهم} جاء هؤلاء اليهود {ما عرفوا} من نعت محمد | {كفروا به} وجحدوا نبوته حسدا له وبغيا عليه. قال الله عز وجل: {فلعنة الله على الكافرين}. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد الله × عن قول الله تبارك وتعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال: كان قوم فيما بين محمد وعيسى ’ وكانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي | ويقولون: ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم وليفعلن بكم وليفعلن فلما خرج رسول الله | كفروا به. 

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله × قال: {فلما جائهم ما عرفوا كفروا به}. وكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي: أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة ويكون مهاجره بالمدينة، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم، في عينيه حمرة، وبين كتفيه خاتم النبوة، يلبس الشملة، يجتزئ بالكسرة والتميرات ويركب الحمار العرية وهو الضحوك، القتال يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الحف والحافر، لنقتلنكم به يا معشر العرب قتل عاد. فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة، حسدوه وكفروا به كما قال الله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به}. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر قال: سألت أبا جعفر × عن هذه الآية عن قول الله {لما جائهم ما عرفوا كفروا به} قال: تفسيرها في الباطن {لما جائهم ما عرفوا} في علي × {كفروا به} فقال الله فيهم {فلعنة الله على الكافرين} في باطن القرآن قال أبو جعفر × فيه: يعنى بنى أمية هم الكافرون في باطن القرآن. 

 

{بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباؤ بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين} (90)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ذم الله تعالى اليهود، وعاب فعلهم في كفرهم بمحمد | فقال: {بئسما اشتروا به أنفسهم} أي اشتروها بالهدايا والفضول التي كانت تصل إليهم، وكان الله أمرهم بشرائها من الله بطاعتهم له ليجعل لهم أنفسهم والانتفاع بها دائما في نعيم الآخرة فلم يشتروها، بل اشتروها بما أنفقوه في عداوة رسول الله | ليبقى لهم عزهم في الدنيا، ورياستهم على الجهال، وينالوا المحرمات، وأصابوا الفضولات من السفلة وصرفوهم عن سبيل الرشاد، ووقفوهم على طريق الضلالات. ثم قال عز وجل: {أن يكفروا بما أنزل الله بغيا} أي بما أنزل على موسى × من تصديق محمد | بغيا {أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده}. قال: وإنما كان كفرهم لبغيهم وحسدهم له لما أنزل الله من فضله عليه وهو القرآن الذي أبان فيه نبوته وأظهر به آيته ومعجزته. ثم قال: {فباؤ بغضب على غضب} يعني رجعوا وعليهم الغضب من الله على غضب في أثر غضب، والغضب الأول حين كذبوا بعيسى بن مريم، والغضب الثاني حين كذبوا بمحمد |. قال: والغضب الأول أن جعلهم قردة خاسئين، ولعنهم على لسان عيسى × والغضب الثاني حين سلط الله عليهم سيوف محمد وآله وأصحابه وأمته حتى ذللهم بها فاما دخلوا في الاسلام طائعين، وإما أدوا الجزية صاغرين داخرين. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, يزيد بن عبد الملك, عن زين العابدين × أنه قال في قول الله: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا} قال: من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولده. 

 

{ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون} (92)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل لليهود الذين تقدم ذكرهم: {ولقد جاءكم موسى بالبينات} الدلالات على نبوته، وعلى ما وصفه من فضل محمد وشرفه على الخلائق، وأبان عنه من خلافة علي ووصيته، وأمر خلفائه بعده. {ثم اتخذتم العجل} إلها {من بعده} بعد انطلاقه إلى الجبل، وخالفتم خليفته الذي نص عليه وتركه عليكم، وهو هارون × {وأنتم ظالمون} كافرون بما فعلتم من ذلك.

 

{إذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} (93)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل: اذكروا إذ فعلنا ذلك بأسلافكم لما أبوا قبول ما جاءهم به موسى × من دين الله وأحكامه، ومن الامر بتفضيل محمد | وعلي × وخلفائهما على سائر الخلق {خذوا ما آتيناكم} قلنا لهم: خذوا ما آتيناكم من هذه الفرائض {بقوة} قد جعلناها لكم، ومكناكم بها، وأزحنا عللكم في تركيبها فيكم {واسمعوا} ما يقال لكم وتؤمرون به {قالوا سمعنا} قولك {وعصينا} أمرك، أي أنهم عصوا بعده، وأضمروا في الحال أيضا العصيان {واشربوا في قلوبهم العجل} أمروا بشرب العجل الذي كان قد ذرئت سحالته في الماء الذي أمروا بشربه ليبين لهم من عبده ممن لم يعبده {بكفرهم} لأجل كفرهم أمروا بذلك {قل} يا محمد {بئسما يأمركم به إيمانكم} بموسى كفركم بمحمد | وعلي × وأولياء الله من أهلهما {إن كنتم مؤمنين} بتوراة موسى ×، ولكن معاذ الله لا يأمركم إيمانكم بالتوراة الكفر بمحمد | وعلي ×. 

 

{قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} (94)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الحسن بن علي بن أبي طالب ×: {إن كانت لكم الدار الآخرة} الجنة ونعيمها {خالصة من دون الناس} محمد وعلي والأئمة، وسائر الأصحاب ومؤمني الأمة، وأنكم بمحمد وذريته ممتحنون، وأن دعاءكم مستجاب غير مردود {فتمنوا الموت} للكاذبين منكم ومن مخالفيكم، فان محمدا وعلى وذويهما يقولون: {إنهم هم أولياء الله عز وجل من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم، وهم المجاب دعاؤهم} فان كنتم معاشر اليهود كما تدعون، فتمنوا الموت للكاذبين منكم ومن مخالفيكم. {إن كنتم صادقين} بأنكم أنتم المحقون، المجاب دعاؤكم على مخالفيكم. 

 

{قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} (97)

 

* الشيخ الطبرسي في الإحتجاج, قال الإمام العسكري ×: قال رسول الله |: {قل من كان عدوا لجبريل} في مظاهرته لأولياء الله على أعداء الله ونزوله بفضائل علي × ولي الله من عند الله {فإنه نزله} فإن جبرئيل نزل هذا القرآن {على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه} من سائر كتب الله {وهدى} من الضلالة {وبشرى للمؤمنين} بنبوة محمد وولاية علي × ومن بعده من الأئمة الاثني عشر بأنهم أولياء الله حقا إذا ماتوا على موالاتهم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين . 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال الحسين ابن علي بن أبي طالب ×: إن الله تعالى ذم اليهود في بغضهم لجبرئيل الذي كان ينفذ قضاء الله فيهم بما يكرهون، وذمهم أيضا وذم النواصب في بغضهم لجبرئيل وميكائيل ’ وملائكة الله النازلين لتأييد علي بن أبي طالب × على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم، فقال: {قل} يا محمد {من كان عدوا لجبريل} من اليهود لرفعه من بخت نصر أن يقتله دانيال من غير ذنب كان جناه بخت نصر حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله وحل بهم ما جرى في سابق علمه، ومن كان أيضا عدوا لجبرئيل من سائر الكافرين ومن أعداء محمد وعلي الناصبين لان الله تعالى بعث جبرئيل لعلي × مؤيدا وله على أعدائه ناصرا، ومن كان عدوا لجبرئيل لمظاهرته محمدا وعليا عليهما الصلاة والسلام ومعاونته لهما وإنفاذه لقضاء ربه عز وجل في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده {فإنه} يعني جبرئيل {نزله} يعني نزل هذا القرآن {على قلبك} يا محمد {بإذن الله} بأمر الله، وهو كقوله: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} {مصدقا لما بين يديه} نزل هذا القرآن جبرئيل على قلبك يا محمد مصدقا موافقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وكتب شيث وغيرهم من الأنبياء. 

 

{من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} (98)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ثم قال: {من كان عدوا لله} لانعامه على محمد وعلي وعلى آلهما الطيبين، وهؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا: نحن نبغض الله الذي أكرم محمدا وعليا بما يدعيان. {وجبريل} ومن كان عدوا لجبريل، لان الله جعله ظهيرا لمحمد وعلي ’ على أعداء الله، وظهيرا لسائر الأنبياء والمرسلين كذلك. {وملائكته} يعني ومن كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله، وتأييد أولياء الله، وذلك قول بعض النصاب المعاندين: برئت من جبرئيل الناصر لعلي. وقوله تعالى {ورسله} ومن كان عدوا لرسل الله موسى وعيسى وسائر الأنبياء الذين دعوا إلى نبوة محمد وإمامة علي، وذلك قول النواصب: برئنا من هؤلاء الرسل الذين دعوا إلى إمامة علي. ثم قال: {وجبريل وميكال} أي من كان عدوا لجبرئيل وميكائيل، وذلك كقول من قال من النواصب لما قال النبي | في علي ×: "جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره وإسرافيل من خلفه، وملك الموت أمامه، والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره." قال بعض النواصب: فأنا أبرأ من الله ومن جبرئيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع علي ما قاله محمد. فقال: من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي بن أبي طالب × {فان الله عدو للكافرين} فاعل بهم ما يفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات وتشديد العقوبات. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني أحمد بن عيسى بن هارون العجلي معنعنا: عن أبي كهمس قال: قال علي بن أبي طالب ×: ينجو في ثلاثة ويهلك في ثلاثة، يهلك: اللاعن, والمستمع المقر, والملك المترف الذي يبرء عنده من ديني ويغضب عنده من حسبي ويتقرب إليه بلعني، إنما حسبي حسب رسول الله | وديني دين رسول الله |، وينجو في ثلاثة: المحب الموالي, والمعادي من عاداني, والمحب من أحبني، فإذا أحبني عبد أحب محبي وشايع في، فليمتحن الرجل منكم قبله, فان الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه, فيحب بهذا ويبغض بهذا، انه من أشرب قلبه حب غيرنا قاتلنا أو ألب علينا, فليعلم ان الله عدوه وجبريل وميكائيل {والله عدو للكافرين}. 

 

{ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون} (99)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال الله تعالى {ولقد أنزلنا إليك} يا محمد {آيات بينات} دالات على صدقك في نبوتك، مبينات عن إمامة علي × أخيك ووصيك وصفيك، موضحات عن كفر من شك فيك أو في أخيك أو قابل أمر واحد منكما بخلاف القبول والتسليم. ثم قال: {وما يكفر بها} بهذه الآيات الدالات على تفضيلك وتفضيل علي × بعدك على جميع الورى {إلا الفاسقون} الخارجون عن دين الله وطاعته من اليهود الكاذبين، والنواصب المتسمين بالمسلمين. 

 

{أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون} (100)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الباقر ×: قال الله عز وجل وهو يوبخ هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكر عنادهم، وهؤلاء النصاب الذين نكثوا ما اخذ من العهد عليهم فقال: {أو كلما عاهدوا عهدا} واثقوا وعاقدوا ليكونوا لمحمد طائعين، ولعلي بعده مؤتمرين، وإلى أمره صابرين {نبذه} نبذ العهد {فريق منهم} وخالفه. قال الله: {بل أكثرهم} أكثر هؤلاء اليهود والنواصب {لا يؤمنون} أي في مستقبل أعمارهم لا يرعون، ولا يتوبون مع مشاهدتهم للآيات ومعاينتهم للدلالات. 

 

{ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون} (101)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الصادق ×: {ولما جاءهم} جاء هؤلاء اليهود ومن يليهم من النواصب {رسول من عند الله مصدق لما معهم} القرآن مشتملا على وصف فضل محمد وعلي، وإيجاب ولايتهما، وولاية أوليائهما، وعداوة أعدائهما {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله} اليهود التوراة وكتب أنبياء الله {وراء ظهورهم} وتركوا العمل بما فيها وحسدوا محمدا على نبوته، وعليا على وصيته، وجحدوا على ما وقفوا عليه من فضائلهما {كأنهم لا يعلمون}. 

 

{ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} (105)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن موسى الرضا ×: إن الله تعالى ذم اليهود والنصارى والمشركين والنواصب فقال: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب} اليهود والنصارى {ولا المشركين} ولا من المشركين الذين هم نواصب يغتاظون لذكر الله وذكر محمد | وفضائل علي × وإبانته عن شريف فضله ومحله {أن ينزل عليكم} لا يودون أن ينزل عليكم {من خير من ربكم} من الآيات الزائدات في شرف محمد وعلي وآلهما الطيبين ولا يودون أن ينزل دليل معجز من السماء يبين عن محمد وعلي وآلهما. فهم لأجل ذلك يمنعون أهل دينهم من أن يحاجوك مخافة أن تبهرهم حجتك وتفحمهم معجزتك، فيؤمن بك عوامهم، ويضطربون على رؤسائهم. فلذلك يصدون من يريد لقاءك يا محمد، ليعرف أمرك بأنه لطيف خلاق سار اللسان، لا تراه ولا يراك خير لك وأسلم لدينك ودنياك. فهم بمثل هذا يصدون العوام عنك. ثم قال الله تعالى: {والله يختص برحمته} وتوفيقه لدين الاسلام وموالاة محمد وعلي ’ {من يشاء والله ذو الفضل العظيم} على من يوفقه لدينه ويهديه لموالاتك وموالاة أخيك علي بن أبي طالب ×. 

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, الحسن بن أبي الحسن الديلمي, عمن رواه, باسناده عن أبي صالح, عن حماد بن عثمان، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه موسى, عن أبيه جعفر عليهم السلام في قوله تعالى: {يختص برحمته من يشاء} قال: المختص بالرحمة نبي الله ووصيه وعترتهما، إن الله تعالى خلق مائة رحمة فتسع وتسعون رحمة عنده مذخورة لمحمد وعلي ’ وعترتهما، ورحمة واحدة مبسوطة على سائر الموجودين. 

 

{ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شي‏ء قدير} (106)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال: كتب إلي أبو الحسن × في كتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر × وقلقت لذلك, فلا تغتم فإن الله عز وجل {لا يضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} وصاحبك بعدي أبو محمد × ابني وعنده ما تحتاجون إليه، يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء الله {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان. 

 

{ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ان الله على كل شئ قدير} (109)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا} بما يوردونه عليكم من الشبه {حسدا من عند أنفسكم} لكم بأن أكرمكم بمحمد وعلي وآلهما الطيبين {من بعد ما تبين لهم الحق} المعجزات الدالات على صدق محمد | وفضل علي وآلهما {فاعفوا واصفحوا} عن جهلهم وقابلوهم بحجج الله وادفعوا بها أباطيلهم {حتى يأتي الله بأمره} فيهم بالقتل يوم مكة، فحينئذ تجلونهم من بلد مكة ومن جزيرة العرب ولا تقرون بها كافرا {إن الله على كل شئ قدير} ولقدرته على الأشياء قدر على ما هو أصلح لكم في تعبده إياكم من مداراتهم ومقابلتهم بالجدال بالتي هي أحسن. 

 

{ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم} (115)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, الشيخ أبو جعفر الطوسي باسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله ×: أنتم الصلاة في كتاب الله عز وجل وأنتم الزكاة، وأنتم الصيام، وأنتم الحج؟ فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عز وجل، ونحن الزكاة، ونحن الصيام، ونحن الحج، ونحن الشهر الحرام، ونحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله ونحن قبلة الله، ونحن وجه الله، قال الله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} ونحن الآيات، ونحن البينات. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, أبو الماضي, عن الرضا × قال في قوله {فأينما تولوا فثم وجه الله} قال علي ×. 

 

* الشيخ الطبرسي في الاحتجاج, عن أمير المؤنين × في حديث طويل فيه قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال ×: هم رسول الله، ومن حل محله من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه ورسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه، وهم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وقال فيهم: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال السائل: ما ذاك الأمر؟ قال علي ×: الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، من: خلق، ورزق، وأجل، وعمل، وعمر، وحياة وموت، وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه، وهم وجه الله الذي قال: {فأينما تولوا فثم وجه الله}. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام النحاس، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر × قال: نحن المثاني الذي أعطاه الله نبينا محمدا |, ونحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم, ونحن عين الله في خلقه ويده المبسوطة بالرحمة على عباده، عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا أحمد بن محمد, عن أحمد بن محمد بن أبي نصر, عن محمد بن حمران, عن اسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر × فانشاء يقول ابتداء من غير أن يسئل: نحن حجة الله ونحن باب الله ونحن لسان الله ونحن وجه الله ونحن عين الله في خلقه ونحن ولاة امر الله في عباده. 

 

* الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام, محمد بن أحمد بن داود, عن أحمد بن محمد بن سعيد قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي قال: حدثنا ذبيان بن حكيم قال: حدثني يونس بن ظبيان, عن أبي عبد الله × قال في زيارة أمير المؤمنين ×: ... أشهد أنك طهر طاهر مطهر، من طهر طاهر مطهر، وأشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء، وأشهد أنك جنب الله، وأنك باب الله، وأنك وجه الله الذي منه يؤتى، وأنك سبيل الله، وأنك عبد الله وأخو رسوله...

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال السيد علي بن طاووس: إذا فرغت من زيارة العسكريين ’ فامض إلى السرداب المقدس وقف على بابه وقل: ... السلام عليك يا وجه الله الذي لا يهلك ولا يبلى إلى يوم الدين ... 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال السيد ابن طاووس: ذكر بعض أصحابنا قال: قال محمد بن علي ابن أبي قرة: نقلت من كتاب محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري دعاء الندبة وذكر أنه الدعاء لصاحب الزمان ×: ... أين وجه الله الذي يتوجه إليه الأولياء ... 

 

{الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون} (121)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال: سألت أبا عبد الله × عن قول الله عز وجل: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} قال: هم الأئمة . 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, أبو الورد, عن أبي جعفر × {الذين آتيناهم الكتاب} قال: هم آل محمد. 

 

{إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} (124)

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد ×، قال سألته عن قول الله عز وجل: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه {إنه هو التواب الرحيم}، فقلت له: يا ابن رسول الله فما يعني عز وجل بقوله: {أتمهن}؟ قال: يعني أتمهن إلى القائم × إثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين ×. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن هشام بن الحكم, عن أبي عبد الله × في قول الله {إني جاعلك للناس إماما} قال: فقال: لو علم الله أن اسما أفضل منه لسمانا به. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا الحفار، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي وإسحاق بن إبراهيم الدبري، قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا أبي، عن مينا مولى عبد الرحمن ابن عوف، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله |: أنا دعوة أبي إبراهيم. فقلنا: يا رسول الله، وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: أوحى الله إلى إبراهيم {أني جاعلك للناس إماما}, فاستخف إبراهيم الفرح، فقال: يا رب، {ومن ذريتي} أئمة مثلي؟ فأوحى الله إليه: أن يا إبراهيم، إني لا أعطيك عهدا لا أفي لك به. قال: يا رب، ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال: لا أعطيك لظالم من ذريتك. قال: يا رب، ومن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك؟ قال: من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا، ولا يصح أن يكون إماما. قال إبراهيم: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس}. قال النبي |: فانتهت الدعوة إلي وإلى أخي علي × لم يسجد أحد منا لصنم قط، فاتخذني الله نبيا، وعليا × وصيا. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا محمد بن عبد الجبار, عن أبي عبد الله البرقي, عن فضالة, عن عبد الحميد بن نصر قال: قال أبو عبد الله ×: ينكرون الامام المفترض الطاعة ويجحدون به والله ما في الأرض منزلة أعظم عند الله من مفترض الطاعة, وقد كان إبراهيم دهرا ينزل عليه الامر من الله وما كان مفترض الطاعة حتى بدا لله ان يكرمه ويعظمه فقال: {إني جاعلك للناس إماما} فعرف إبراهيم ما فيها من الفضل قال: ومن ذريتي؟ فقال: {لا ينال عهدي الظالمين} قال أبو عبد الله ×: أي إنما هي في ذريتك لا يكون في غيرهم. 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم, عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا × قال في حديث طويل: قال الله تبارك وتعالى: {لا ينال عهدي الظالمين}. فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين}. 

 

* الشيخ الصدوق في الخصال, حدثنا علي بن أحمد بن موسى قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل ابن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد × في حديث طويل قال ×: قوله عز وجل : {لا ينال عهدي الظالمين} عني به أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد صنما أو وثنا أو أشرك بالله طرفة عين وإن أسلم بعد ذلك والظلم وضع الشئ في غير موضعه، وأعظم الظلم الشرك قال الله عز وجل: {ان الشرك لظلم عظيم} وكذلك لا تصلح الإمامة لمن قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا وإن تاب منه بعد ذلك، وكذلك لا يقم الحد من في جنبه حد فإذا لا يكون الامام إلا معصوما ولا تعلم عصمته إلا بنص الله عز وجل عليه على لسان نبيه | لان العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد والبياض وما أشبه ذلك وهي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عز وجل. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن صفوان الجمال قال: كنا بمكة فجرى الحديث في قول الله {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} قال: اتمهن بمحمد وعلى والأئمة من ولد على ×، في قول الله {ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم} ثم قال: {انى جاعلك للناس اماما} قال: {ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} قال: يا رب ويكون من ذريتي ظالم؟ قال: نعم فلان وفلان وفلان ومن اتبعهم، قال: يا رب فعجل لمحمد وعلى ما وعدتني فيهما، وعجل نصرك لهما واليه أشار بقوله {ومن يرغب عن ملة إبراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين} فالملة الإمامة. 

 

بمصادر العامة:

 

عن المفضل قال: سألت جعفر الصادق × عن قوله: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} الآية. قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو انه قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت على، فتاب الله عليه {انه هو التواب الرحيم}. فقلت له: يا ابن رسول الله فما يعنى بقوله {فأتمهن}؟ قال: يعنى أتمهن إلى القائم المهدى × اثني عشر إمام، تسعة من ولد الحسين ×. 

 

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله |: أنا دعوة أبي إبراهيم. قلنا: يا رسول الله وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم {أني جاعلك للناس إماما}. فاستخف إبراهيم الفرح فقال: يا رب {ومن ذريتي} أئمة مثلي. فأوحى الله عز وجل إليه أن يا إبراهيم إني لا أعطيك عهدا لا أفي لك به. قال: يا رب ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال: لا أعطيك لظالم من ذريتك. قال: يا رب ومن الظالم من ولدي الذي لا يناله عهدك؟ قال: من سجد لصنم من دوني لا أجعله إماما أبدا، ولا يصلح أن يكون إماما. قال إبراهيم عندها: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} قال النبي |: فانتهت الدعوة إلي وإلى أخي علي، لم يسجد أحد منا لصنم قط فاتخذني الله نبيا، وعليا وصيا. 

 

{وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود} (125)

 

* العلامة المجلسي في البحار, عن جابر بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن العباس, قال رسول الله |: يا علي! ستغدر بك أمتي من بعدي كما غدرت الأمم بعد مضي الأنبياء بأوصيائها إلا قليل، وسيكون لك ولهم بعدي هناة وهناة، فاصبر، أنت كبيت الله: {من دخله كان آمنا} ومن رغب عنه كان كافرا، قال الله عز وجل: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا}، واني وأنت سواء إلا النبوة، فإني خاتم النبيين وأنت خاتم الوصيين. 

 

{وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير} (126)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن سعيد بن المسيب, عن علي بن الحسين ×: قول إبراهيم ×: {رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله} إيانا عنى بذلك وأوليائه وشيعته وشيعة وصيه, ف{من كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار}، عنى بذلك والله من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته، وكذلك والله حال هذه الأمة. 

 

* الشيخ الصدوق في الأمالي, حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال: أخبرنا أحمد بن عيسى بن أبي موسى العجلي، قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن عبد الله بن زياد العرزمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، قال: حدثنا شريك، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله | لعلي ×: يا علي، شيعتك هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك، ومن أهانك فقد أهانني، ومن أهانني أدخله الله {نار جهنم خالدا فيها وبئس المصير}. يا علي، أنت مني وأنا منك، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا، فمن أحبهم فقد أحبنا، ومن أبغضهم فقد أبغضنا، ومن عاداهم فقد عادانا، ومن ودهم فقد ودنا. يا علي، إن شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب وعيوب. يا علي، أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام المحمود، فبشرهم بذلك. يا علي، شيعتك شيعة الله، وأنصارك أنصار الله، وأولياؤك أولياء الله وحزبك حزب الله. يا علي، سعد من تولاك، وشقي من عاداك، يا علي لك كنز في الجنة، وأنت ذو قرنيها. 

 

* الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا ×, حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدثنا محمد بن ظهير، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن أخي يونس البغدادي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن يعقوب النهشلي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب ×، عن النبي |، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن الله جل جلاله: أنه قال: أنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الخلق بقدرتي، فاخترت منهم من شئت من أنبيائي، واخترت من جميعهم محمدا حبيبا وخليلا وصفيا، فبعثته رسولا إلى خلقي، واصطفيت له عليا، فجعلته له أخا ووصيا ووزيرا ومؤديا عنه من بعده إلى خلقي، وخليفتي على عبادي، ليبين لهم كتابي، ويسير فيهم بحكمي، وجعلته العلم الهادي من الضلالة، وبابي الذي أوتى منه، وبيتي الذي من دخله كان آمنا من ناري، وحصني الذي من لجأ إليه حصنه من مكروه الدنيا والآخرة، ووجهي الذي من توجه إليه لم أصرف وجهي عنه، وحجتي في السماوات والأرضين على جميع من فيهن من خلقي، لا أقبل عمل عامل منهم إلا بالاقرار بولايته مع نبوة أحمد رسولي، وهو يدي المبسوطة على عبادي، وهو النعمة التي أنعمت بها على من أحببته من عبادي، فمن أحببته من عبادي وتوليته عرفته ولايته ومعرفته، ومن أبغضته من عبادي أبغضته لانصرافه عن معرفته وولايته، فبعزتي حلفت، وبجلالي أقسمت إنه لا يتولى عليا عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار وأدخلته الجنة، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلا أبغضته وأدخلته النار {وبئس المصير}. 

 

{وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (127) ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم (128) ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم (129)}

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله × قال: قلت له: أخبرني عن أمة محمد | من هم؟ قال: أمة محمد بنو هاشم خاصة، قلت: فما الحجة في أمة محمد أنهم أهل بيته الذين ذكرت دون غيرهم؟ قال: قول الله {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك التواب الرحيم} فلما أجاب الله إبراهيم وإسماعيل وجعل من ذريتهما أمة مسلمة وبعث فيها رسولا منها يعنى من تلك الأمة، يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ردف إبراهيم دعوته الأولى بدعوة الأخرى فسأل لهم تطهيرا من الشرك ومن عبادة الأصنام ليصح أمره فيهم ولا يتبعوا غيرهم، فقال {واجنبني وبنى ان نعبد الأصنام رب انهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم} فهذه دلالة على أنه لا تكون الأئمة والأمة المسلمة التي بعث فيها محمد | الا من ذرية إبراهيم لقوله وأجنبني وبنى ان نعبد الأصنام. 

 

* إبراهيم بن محمد الثقفي في الغارات, من كتاب أمير المؤمنين × لمعاوية: قال الله لإبراهيم وإسماعيل ’ وهما يرفعان القواعد من البيت {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} فنحن الأمة المسلم، وقالا: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم} فنحن أهل هذه الدعوة ورسول الله | منا ونحن منه بعضنا من بعض وبعضنا أولى ببعض في الولاية والميراث {ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم}. 

 

{ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} (130)

 

* الشيخ الصدوق في الخصال, حدثنا علي بن أحمد بن موسى قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل ابن عمر, عن الصادق جعفر بن محمد × قال في حديث طويل: {ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} والصالحون هم النبي والأئمة, الآخذون عن الله عز وجل أمره ونهية, والملتمسون للصلاح من عنده, والمجتنبون للرأي والقياس في دينه في قوله: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين}. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, عن الأعمش, عن الثوري, عن علقمة, عن ابن مسعود قال: أصاب فاطمة ÷ صبيحة يوم العرس رعدة, فقال لها النبي |: يا فاطمة زوجتك سيدا في الدنيا {وانه في الآخرة لمن الصالحين}, يا فاطمة لما أراد الله تعالى ان يملكك بعلي × أمر الله تعالى جبرئيل × فقام في السماء الرابعة, فصف الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم فزوجك من علي ×, ثم امر الله سبحانه شجر الجنان فحملت الحلي والحلل, ثم أمرها فنثرته على الملائكة, فمن اخذ منهم يومئذ شيئا أكثر مما أخذه غيره افتخر به إلى يوم القيامة. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن مسعود قال: أصاب فاطمة ÷ صبيحة يوم العرس رعدة, فقال لها النبي | : يا فاطمة زوجتك سيدا في الدنيا {وانه في الآخرة لمن الصالحين}, يا فاطمة لما أراد الله تعالى ان يملكك بعلي × أمر الله تعالى جبرئيل × فقام في السماء الرابعة, فصف الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم فزوجك من علي ×, ثم امر الله سبحانه شجر الجنان فحملت الحلي والحلل, ثم أمرها فنثرته على الملائكة, فمن اخذ منهم يومئذ شيئا أكثر مما أخذه غيره افتخر به إلى يوم القيامة. 

 

{ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون} (132)

 

* القاضي النعمان المغربي في شرح الأخبار, عن جابر، عن أبي جعفر ×، إنه قال في قول الله عز وجل {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. قال: مسلمون بولاية علي ×. 

 

{أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون} (133)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر, عن أبي جعفر × قال: سألته عن تفسير هذه الآية من قول الله {إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم وإسماعيل واسحق إلها واحدا} قال: جرت في القائم ×. 

 

{قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (136) فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم (137)}

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان عن سلام، عن أبي جعفر × في قوله تعالى: {قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا} قال: إنما عنى بذلك عليا وفاطمة والحسن والحسين وجرت بعدهم في الأئمة، ثم يرجع القول من الله في الناس فقال: {فإن آمنوا} يعني الناس {بمثل ما آمنتم به} يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة {فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق}. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن الفضل بن صالح, عن بعض أصحابه في قوله {قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط} اما قوله {قولوا} فهم آل محمد، وقوله {فان آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} ساير الناس. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, قال أبو بصير للباقر ×: ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج، فقال: بل ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج أتحب أن تعلم صدق ما أقوله وتراه عيانا؟ فمسح على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيرا فقال: انظر يا أبا بصير إلى الحجيج، قال: فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير, والمؤمن بينهم كالكواكب اللامع في الظلماء، فقال أبو بصير صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج، ثم دعا بدعوات فعاد ضريرا, فقال أبو بصير في ذلك، فقال ×: ما بخلنا عليك يا أبا بصير, وإن كان الله تعالى ما ظلمك, وإنما خار لك, وخشينا فتنة الناس بنا وأن يجهلوا فضل الله علينا, ويجعلونا أربابا من دون الله, ونحن له عبيد لا نستكبر عن عبادته, ولا نسأم من طاعته, {ونحن له مسلمون}. 

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله من كتابه في رجب سنة ثمان ومائتين، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثني صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار الصيرفي، عن عبد الأعلى بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد × أنه قال: ليس هذا الأمر معرفة ولايته فقط حتى تستره عمن ليس من أهله، وبحسبكم أن تقولوا ما قلنا، وتصمتوا عما صمتنا، فإنكم إذا قلتم ما نقول وسلمتم لنا فيما سكتنا عنه فقد آمنتم بمثل ما آمنا به، قال الله تعالى: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}. قال علي بن الحسين ×: حدثوا الناس بما يعرفون، ولا تحملوهم ما لا يطيقون فتغرونهم بنا. 

 

{صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون} (138)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن كثير، عن أبي عبد الله × في قوله عز وجل {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} قال: صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن عمر بن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي مولى أبى جعفر, عن أبي عبد الله × في قول الله {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} قال: الصبغة معرفة أمير المؤمنين × بالولاية في الميثاق.

 

{أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون} (140)

 

* الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب, في خبر حذيفة بن اليمان في حديث طويل يذكر فيه حال المنافقين بعد خطبة النبي | بغدير خم منصرفه من حجة الوداع, قال: فلما أراد رسول الله | المسير أتوه فقال لهم: فيما كنتم تتناجون في يومكم هذا وقد نهيتكم من النجوى؟ فقالوا: يا رسول الله ما التقينا غير وقتنا هذا، فنظر إليهم النبي | مليا, ثم قال لهم: أنتم أعلم أم الله، {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون}. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي الحكم الأرمني قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط الزيدي، قال أبو الحكم: وأخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن سليط, عن الإمام الكاظم ×, في حديث طويل ذكر فيه النص والإشارة على أبي الحسن الرضا ×, قال: يا يزيد, إنها وديعة عندك قال تخبر بها إلا عاقلا, أو عبدا تعرفه صادقا, وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، وهو قول الله عز وجل: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وقال لنا أيضا: {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله}. 

 

{وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم} (143)

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا عبد الله بن جعفر, عن محمد بن عيسى, عن الحسين بن سعيد, عن جعفر بن بشير, عن عمرو بن أبي المقدام, عن ميمون البان, عن أبي جعفر ×,في قوله تبارك وتعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} قال: عدلا ليكونوا شهداء على الناس, قال: الأئمة {ويكون الرسول شهيدا عليكم} قال: على الأئمة .

 

* الشيخ الكليني في الكافي, الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن أذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله × عن قول الله عز وجل: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} قال: نحن الأمة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني الحسين بن العباس وجعفر بن محمد ابن سعيد الأحمسي قالا: حدثنا الحسن بن الحسين, عن عمرو بن أبي المقدام, عن ميمون البان مولى بني هشام, عن أبي جعفر × في قول الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} قال أبو جعفر ×: منا شهيد على كل زمان, علي بن أبي طالب × في زمانه, والحسن × في زمانه, والحسين × في زمانه، وكل من يدعو منا إلى أمر الله تعالى. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا عبد الله بن محمد, عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: في كتاب بندار بن عاصم, عن الحلبي, عن هارون بن خارجة, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله × في قول الله تبارك وتعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} قال: نحن الشهداء على الناس بما عندهم من الحلال والحرام وما ضيعوا منه. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر × يقول: نحن نمط الحجاز, فقلت: وما نمط الحجاز؟ قال: أوسط الأنماط, ان الله يقول: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال: ثم قال: الينا يرجع الغالي, وبنا يلحق المقصر. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي عمر والزبيري, عن أبي عبد الله × قال: قال الله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} فان ظننت ان الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين أفترى ان من لا يجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب الله شهادته يوم القيمة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟ كلا لم يعن الله مثل هذا من خلقه، يعنى الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم {كنتم خير أمة أخرجت للناس} وهم الأمة الوسطى وهم خير أمة أخرجت للناس. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, عبد الله بن الحسين, عن زين العابدين × في قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس} قال: نحن هم. 

 

بمصادر العامة:

 

عن سليم بن قيس, عن علي × قال: إن الله إيانا عنى بقوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس} فرسول الله شاهد علينا، ونحن شهداء الله على الناس وحجته في أرضه، ونحن الذين قال الله جل اسمه فيهم: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} 

 

عن عبد الله بن عمرو الهدادي قال: قال الحجاج للحسن: ما تقول في أبي تراب؟ قال: ومن أبو تراب؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: أقول إن الله جعله من المهتدين. قال: هات على ما تقول برهانا. قال: قال الله تعالى في كتابه: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم} فكان علي × أول من هداه الله مع النبي |. قال الحجاج: ترابي عراقي. قال الحسن: هو ما أقول لك. فأمر بإخراجه قال الحسن: فلما سلمني الله تعالى منه وخرجت ذكرت عفو الله عن العباد. 

 

عن مجالد بن سعيد ان الشعبي حدثهم قال: قدمنا على الحجاج بن يوسف البصرة وكان الحسن آخر من دخل، ثم جعل الحجاج يذاكرنا وينتقص عليا وينال منه، فنلنا منه مقاربة له وفرقا من شره والحسن ساكت عاض على إبهامه، فقال له الحجاج: يا أبا سعيد ما لي أراك ساكتا؟ فقال الحسن : ما عسيت أن أقول؟ قال الحجاج: أخبرني برأيك في أبي تراب. فقال الحسن: سمعت الله يقول: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم}. فعلي ممن هداه الله ومن أهل الايمان، وعلي ابن عم رسول الله وختنه على ابنته أحب الناس إليه، وصاحب سوابق مباركات سبقت له من الله، لا تستطيع أنت ردها ولا أحد من الناس أن يحظرها عليه. 

 

{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون (146) الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (147)}

 

* الشيخ الكليني في الكافي, عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمد بن داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة, عن أمير المؤمنين × في حديث طويل قال: فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى, يقول الله عز وجل: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناء هم} يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم {وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك} أنك الرسول إليهم {فلا تكونن من الممترين}. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا عمران بن موسى بن جعفر, عن علي بن معبد, عن عبد الله بن عبد الله الواسطي, عن درست بن أبي منصور, عمن ذكره, عن جابر, عن أبا جعفر × في حديث طويل قال: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} عرفوا رسول الله| والوصي من بعده وكتموا ما عرفوا من الحق بغيا وحسدا فسلبهم روح الايمان. 

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثني أبي, عن ابن أبي عمير, عن حماد, عن حريز, عن أبي عبد الله × قال: هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى بقول الله تبارك وتعالى {الذين آتيناهم الكتاب} يعني التورية والإنجيل {يعرفونه} يعني رسول الله | {كما يعرفون أبناءهم} لان الله عز وجل قد انزل عليهم في التورية والزبور والإنجيل صفة محمد | وصفة أصحابه ومبعثه وهجرته. 

 

{ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شي‏ء قدير} (148)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد، عن أبي جعفر × في قول الله عز وجل: {فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا} قال: الخيرات الولاية, وقوله تبارك وتعالى: {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا} يعني أصحاب القائم × الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا، قال: وهم والله الأمة المعدودة قال: يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف. 

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي خالد الكابلي، عن أبو جعفر × في حديث يذكر فيه خروج القائم × قال: ثم ينتهي إلى المقام فيصلي ركعتين، وينشد الله حقه. ثم قال أبو جعفر ×: هو والله المضطر في قوله: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض} فيكون أول من يبايعه جبرئيل ×، ثم الثلاث مائة والثلاثة عشر رجلا، فمن كان ابتلى بالمسير وافاه، ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه، وهو قول أمير المؤمنين ×: هم المفقودون عن فرشهم، وذلك قول الله: {فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا}، قال: الخيرات الولاية. 

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن هارون بن مسلم الكاتب الذي كان يحدث بسر من رأى، عن مسعدة بن صدقة، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر × في قوله : {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} قال: نزلت في القائم ×، وكان جبرائيل × على الميزاب في صورة طير أبيض فيكون أول خلق الله مبايعة له أعني جبرئيل، ويبايعه الناس الثلاثمائة والثلاثة عشر، فمن كان ابتلي بالمسير وافى في تلك الساعة، ومن لم يبتل بالمسير فقد من فراشه، وهو قول أمير المؤمنين ×: المفقودون من فرشهم، وهو قول الله عز وجل: {فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا}، قال: الخيرات الولاية لنا أهل البيت. 

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يوسف، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن أبيه ووهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله × في قوله: {فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا}، قال: نزلت في القائم × وأصحابه، يجتمعون على غير ميعاد. 

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، قال: حدثنا الحسن ومحمد ابنا علي بن يوسف، عن سعدان بن مسلم، عن رجل، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله ×: إذا أذن الإمام دعا الله باسمه العبراني فأتيحت له صحابته الثلاثمائة والثلاثة عشر قزع كقزع الخريف، فهم أصحاب الألوية، منهم من يفقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة، ومنهم من يرى يسير في السحاب نهارا يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه. قلت: جعلت فداك، أيهم أعظم إيمانا؟ قال: الذي يسير في السحاب نهارا، وهم المفقدون، وفيهم نزلت هذه الآية: {أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا}. 

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا محمد بن المفضل وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ومحمد بن أحمد بن الحسن، جميعا، عن الحسن بن محبوب.

وأخبرنا محمد بن يعقوب الكليني أبو جعفر، قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه.

قال: وحدثني محمد بن عمران، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: وحدثنا علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، جميعا، عن الحسن بن محبوب.

قال: وحدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي، عن أبي علي أحمد بن محمد بن أبي ناشر، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي, عن أبو جعفر × في حديث يذكر فيه علامات القائم ×: فيجمع الله عليه أصحابه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا، ويجمعهم الله له على غير ميعاد، قزعا كقزع الخريف، وهي يا جابر الآية التي ذكرها الله في كتابه: {أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شي‏ء قدير} فيبايعونه بين الركن والمقام, ومعه عهد من رسول الله | وقد توارثته الأبناء من الآباء. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أبي: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، عن ضريس، عن أبي خالد الكابلي، عن سيد العابدين علي بن الحسين × قال: المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر فيصبحون بمكة، وهو قول الله عز وجل: {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا} وهم أصحاب القائم ×. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل ابن عمر قال: قال أبو عبد الله ×: لقد نزلت هذه الآية في المفتقدين من أصحاب القائم × قوله عز وجل: {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا} إنهم ليفتقدون عن فرشهم ليلا فيصبحون بمكة، وبعضهم يسير في السحاب يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه قال: قلت: جعلت فداك أيهم أعظم إيمانا؟ قال: الذي يسير في السحاب نهارا. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا محمد بن أحمد الشيباني قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى ×: إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فقال ×: يا أبا القاسم: ما منا إلا وهو قائم بأمر الله عز وجل، وهاد إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهر الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلا وقسطا هو الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله | وكنيه، وهو الذي تطوي له الأرض، ويذل له كل صعب ويجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عز وجل: {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير} فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الاخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عز وجل، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل. قال عبد العظيم: فقلت له: يا سيدي وكيف يعلم أن الله عز وجل قد رضي؟ قال: يلقي في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى فأحرقهما. 

 

* الشيخ الطوسي في الغيبة, الفضل بن شاذان, عن محمد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: كان أمير المؤمنين × يقول: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال: "الله" فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيبعث الله قوما من أطرافها، ويجيئون قزعا كقزع الخريف. والله إني لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم وهو قوم يحملهم الله كيف شاء، من القبيلة الرجل والرجلين حتى بلغ تسعة، فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر عدة أهل بدر، وهو قول الله: {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير} حتى أن الرجل ليحتبي فلا يحل حبوته حتى يبلغه الله ذلك. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي سمينة, عن مولى لأبي الحسن × قال: سألت أبا الحسن × عن قوله: {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا} قال: وذلك والله ان لو قد قام قائمنا × يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر الجعفي, عن أبي جعفر × في حديث طويل عن القائم ×: ويجئ والله ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضا، وهي الآية التي قال الله {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير}. 

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة, حدثني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: حدثنا أبي هارون بن موسى بن أحمد، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبيد الله القمي القطان المعروف بابن الخزاز قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي عبد الله الخراساني، قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن الحسن الزهري، قال: حدثنا أبو حسان سعيد ابن جناح، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله × في حديث يذكر فيه رجال القائم × من البلدان قال ×: إن أصحاب القائم × يلقى بعضهم بعضا كأنهم بنو أب وام، وإن افترقوا افترقوا عشاء والتقوا غدوة، وذلك تأويل هذه الآية: {فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا}. قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك، ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟ قال: بلى، ولكن هذه التي يخرج الله فيها القائم ×، وهم النجباء والقضاة والحكام والفقهاء في الدين، يمسح الله بطونهم وظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم. 

 

بمصادر العامة:

 

عن أبي خالد الكابلي, عن الإمام جعفر الصادق × في قول الله عز وجل: {فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً}. قال: يعني أصحاب القائم # الثلاثمائة وبضعة عشر، وهم والله {الأمة المعدودة} يجتمعون في ساعة واحدة، كقزع الخريف. 

 

{فاذكروني أذكركم و اشكروا لي ولا تكفرون} (152)

 

* العلامة المجلسي في البحار, ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن جعفر بن أحمد بن سعيد، عن صفوان، عن ابن أسباط، عن ابن عميرة، عن أبي الصباح ابن نعيم، عن محمد بن مسلم، عن الصادق × في حديث يقول في آخره: تسبيح فاطمة ÷ من ذكر الله الكثير الذي قال الله عز وجل: {اذكروني أذكركم}. 

 

{ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون} (154)

 

* العلامة المجلسي في البحار, كتاب النجوم: من كتاب مولد النبي | ومولد الأصفياء تأليف الشيخ المفيد باسناد إلى جابر، عن أبي جعفر × قال: جاء الناس إلى الحسن بن علي × فقالوا: أرنا من عجائب أبيك التي كان يرينا! فقال: وتؤمنون بذلك؟ قالوا: نعم نؤمن والله بذلك، قال: أليس تعرفون أبي؟ قالوا جميعا: بل نعرفه، فرفع لهم جانب الستر فإذا أمير المؤمنين × قاعد، فقال: تعرفونه؟ قالوا بأجمعهم: هذا أمير المؤمنين × ونشهد أنك أنت ولي الله حقا والامام من بعده، ولقد أريتنا أمير المؤمنين × بعد موته كما أرى أبوك أبا بكر رسول الله | في مسجد قبا بعد موته فقال الحسن ×: ويحكم أما سمعتم قول الله عز وجل {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون} فإذا كان هذا نزل فيمن قتل في سبيل الله ما تقولون فينا؟ قالوا: آمنا وصدقنا يا ابن رسول الله. 

 

{ولنبلونكم بشي‏ء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} (155)

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، والعلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: إن قدام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين، قلت: وما هي جعلني الله فداك؟ قال: ذلك قول الله عز وجل {ولنبلونكم} يعني المؤمنين قبل خروج القائم × {بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} قال: يبلوهم بشئ من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم، والجوع بغلاء أسعارهم {ونقص من الأموال} قال: كساد التجارات وقلة الفضل. ونقص من {الأنفس} قال: موت ذريع. ونقص من {الثمرات} قال: قلة ريع ما يزرع {وبشر الصابرين} عند ذلك بتعجيل خروج القائم ×. ثم قال لي: يا محمد هذا تأويله إن الله تعالى يقول: {وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم}. 

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب، أبو الحسن الجعفي من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله ×: لا بد أن يكون قدام القائم × سنة يجوع فيها الناس، ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، فإن ذلك في كتاب الله لبين، ثم تلا هذه الآية: {ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}. 

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي × عن قول الله تعالى: {ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع}، فقال: يا جابر، ذلك خاص وعام، فأما الخاص من الجوع فبالكوفة، ويخص الله به أعداء آل محمد فيهلكهم، وأما العام فبالشام يصيبهم خوف وجوع ما أصابهم مثله قط. أما الجوع فقبل قيام القائم ×. وأما الخوف فبعد قيام القائم ×. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن الثمالي قال: سألت أبا جعفر × عن قول الله {لنبلونكم بشئ من الخوف والجوع} قال: ذلك جوع خاص وجوع عام، فاما بالشام فإنه عام وأما الخاص بالكوفة يخص ولا يعم، ولكنه يخص بالكوفة أعداء آل محمد فيهلكهم الله بالجوع، واما الخوف فإنه عام بالشام وذاك الخوف إذا قام القائم ×، واما الجوع فقبل قيام القائم ×، وذلك قوله {ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع}.

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, عن الحسين بن علي × أنه قال لأصحابه: ألا وإني لاعلم يوما لنا من هؤلاء، ألا وإني قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعا في حل. فقالوا: معاذ الله. قال: إن قدام القائم × علامات تكون من الله للمؤمنين، وهي قول الله: {ولنبلونكم} يعني المؤمنين قبل خروج القائم ×. {بشئ من الخوف} من ملوك بني العباس في آخر سلطانهم. {والجوع} لغلاء أسعارهم {ونقص من الأموال} فساد التجارات، وقلة الفضل. {و} نقص من {الأنفس} موت ذريع. {و} نقص من {الثمرات} قلة زكاء ما يزرع. {وبشر الصابرين} عند ذلك بتعجيل خروج القائم ×. 

 

بمصادر العامة:

 

عن محمد بن مسلم عن جعفر الصادق × قال: إن قدام القائم # علامات بلوى من الله للمؤمنين. قلت: وما هي؟ قال: هذه الآية، قال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف}, من تلفهم بالأسقام. {والجوع} بغلاء أسعارهم. {ونقص الأموال} بالقحط. {والأنفس} بموت ذائع. {والثمرات} بعدم المطر. {وبشر الصابرين} عند ذلك. ثم قال: يا محمد، هذا تأويله: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم}، ونحن الراسخون في العلم. 

 

{ الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون (156) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (157)}

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, لما نعى رسول الله | عليا × بحال جعفر في أرض مؤتة، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون. فأنزل الله: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, وروى عن محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي قال: أخبرني به بسر من رأى سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، قال: حدثني عم أبي موسى بن عيسى، عن الزبير بن بكار، عن عتيق بن يعقوب، عن عبد الله بن ربيعة رجل من أهل مكة قال: قال لي أبي: إني محدثك الحديث فاحفظه عني واكتمه علي ما دمت حيا أو يأذن الله فيه بما يشاء، كنت مع من عمل ابن الزبير في الكعبة حدثني أن ابن الزبير أمر العمال أن يبلغوا في الأرض، قال: فبلغنا صخرا أمثال الإبل، فوجدت على تلك الصخور كتابا موضوعا فتناولته وسترت أمره، فلما صرت إلى منزلي تأملته فرأيت كتابا لا أدري من أي شئ هو، ولا أدري الذي كتب به ما هو؟ إلا أنه ينطوي كما ينطوي الكتب، فقرأت فيه: باسم الأول لا شئ قبله، لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم. ولا تعطوها غير مستحقها فتظلموها، إن الله يصيب بنوره من يشاء، {والله يهدي من يشاء}، والله {فعال لما يريد}، باسم الأول لا نهاية له، القائم {على كل نفس بما كسبت كان عرشه على الماء}، ثم خلق الخلق بقدرته وصورهم بحكمته وميزهم بمشيئته كيف شاء، وجعلهم شعوبا وقبائل و بيوتا، لعلمه السابق فيهم، ثم جعل من تلك القبائل قبيلة مكرمة سماها قريشا وهي أهل الأمانة. ثم جعل من تلك القبيلة بيتا خصه الله بالنبأ والرفعة، وهم ولد عبد المطلب، حفظة هذا البيت وعماره وولاته وسكانه، ثم اختار من ذلك البيت نبيا يقال له محمد ويدعى في السماء أحمد يبعثه الله تعالى في آخر الزمان نبيا ولرسالته مبلغا، وللعباد إلى دينه داعيا، منعوتا في الكتب، تبشر به الأنبياء ويرث علمه خير الأوصياء، يبعثه الله وهو ابن أربعين عند ظهور الشرك وانقطاع الوحي وظهور الفتن، ليظهر الله به دين الاسلام ويدحر به الشيطان ويعبد به الرحمان، قوله فصل وحكمه عدل، يعطيه الله النبوة بمكة والسلطان بطيبة، له مهاجرة من مكة إلى طيبة، وبها موضع قبره، يشهر سيفه ويقاتل من خالفه، ويقيم الحدود فيمن اتبعه، هو على الأمة شهيد، ولهم يوم القيامة شفيع يؤيده بنصره ويعضده بأخيه وابن عمه وصهره وزوج ابنته ووصيه في أمته من بعده وحجة الله على خلقه، ينصبه لهم علما عند اقتراب أجله، هو باب الله، فمن أتى الله من غير الباب ضل، يقبضه الله وقد خلف في أمته عمودا بعد أن يبين لهم، يقول بقوله فيهم ويبينه لهم، هو القائم من بعده والامام والخليفة في أمته، فلا يزال مبغضا محسودا مخذولا ومن حقه ممنوعا، لأحقاد في القلوب وضغائن في الصدور، لعلو مرتبته عظم منزلته وعلمه وحلمه، وهو وارث العلم ومفسره، مسؤول غير سائل، عالم غير جاهل، كريم غير لئيم، كرار غير فرار، لا تأخذه في الله لومة لائم، يقبضه الله عز وجل شهيدا، بالسيف مقتولا، هو يتولى قبض روحه، ويدفن في الموضع المعروف بالغري، يجمع الله بينه وبين النبي. ثم القائم من بعده ابنه الحسن سيد الشباب وزين الفتيان، يقتل مسموما يدفن بأرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع. ثم يكون بعده إمام عدل يضرب بالسيف ويقري الضيف، يقتل بالسيف على شاطئ الفرات في الأيام الزاكيات، يقتله بنو الطوامث والبغيات، يدفن بكربلاء، قبره للناس نور وضياء وعلم. ثم يكون القائم من بعده ابنه علي سيد العابدين وسراج المؤمنين، يموت موتا، يدفن في أرض طيبة في الموضع المعروف بالبقيع. ثم يكون الإمام القائم بعده المحمود فعاله محمد، باقر العلم ومعدنه وناشره ومفسره يموت موتا يدفن بالبقيع من أرض طيبة. ثم يكون بعده الإمام جعفر وهو الصادق بالحكمة ناطق، مظهر كل معجزة، وسراج الأمة، يموت موتا بأرض طيبة، موضع قبره البقيع. ثم الامام بعده المختلف في دفنه، سمي المناجي ربه موسى بن جعفر، يقتل بالسم في محبسه، يدفن في الأرض المعروفة بالزوراء. ثم القائم بعده ابنه الإمام علي الرضا المرتضى لدين الله، إمام الحق، يقتل بالسم في أرض العجم. ثم القائم الامام بعده ابنه محمد، يموت موتا، يدفن في الأرض المعروفة بالزوراء. ثم القائم بعده ابنه علي، لله ناصر ويموت موتا ويدفن في المدينة المحدثة. ثم القائم بعده الحسن وارث علم النبوة ومعدن الحكمة، يستنار به من الظلم يموت موتا، يدفن في المدينة المحدثة. ثم المنتظر بعده، اسمه اسم النبي، يأمر بالعدل ويفعله، وينهى عن المنكر ويجتنبه يكشف الله به الظلم ويجلو به الشك والعمى، يرعى الذئب في أيامه مع الغنم، ويرضى عنه ساكن السماء والطير في الجو والحيتان في البحار، يا له من عبد ما أكرمه على الله، طوبى لمن أطاعه وويل لمن عصاه، طوبى لمن قاتل بين يديه فقتل أو قتل، {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}، و{أولئك هم المفلحون}، و{أولئك هم الفائزون}. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن أبي الحسن صالح بن أبي حماد، والحسن بن طريف جميعا، عن بكر بن صالح.

وحدثنا أبي، ومحمد بن موسى بن المتوكل، ومحمد بن علي ماجيلويه، وأحمد ابن علي بن إبراهيم، والحسن بن إبراهيم بن ناتانة، وأحمد بن زياد الهمداني رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هشام، عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله × قال: قال أبي × لجابر بن عبد الله الأنصاري: إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر: في أي الأوقات شئت، فخلى به أبو جعفر ×، قال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله | وما أخبرتك به أنه في ذلك اللوح مكتوبا، فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة ÷ في حياة رسول الله | أهنئها بولادة الحسين × فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت وأمي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه الله عز وجل إلى رسوله | فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني وأسماء الأوصياء من ولدي، فأعطانيه أبي ليسرني بذلك. قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة ÷ فقرأته وانتسخته فقال له أبي ×: فهل لك يا جابر أن تعرضه على؟ فقال: نعم، فمشى معه أبي × حتى انتهى إلى منزل جابر فأخرج إلى أبي صحيفة من رق، فقال: يا جابر انظر أنت في كتابك لأقرأه أنا عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه عليه أبي × فوالله ما خالف حرف حرفا، قال جابر: فاني أشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله إلا أنا قاصم الجبارين ومذل الظالمين وديان يوم الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا فمن رجا غير فضلي، أو خاف غير عدلي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا وإني فضلتك على الأنبياء، وفضلت وصيك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين، وجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسينا خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه، والحجة البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب، أولهم علي سيد العابدين، وزين أوليائي الماضين، وابنه سمي جده المحمود، محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر، ولأسرنه في أوليائه و أشياعه وأنصاره وانتحبت بعد موسى فتنة عمياء حندس ، لان خيط فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى، وأن أوليائي لا يشقون أبدا، ألا ومن جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي، ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، ألا إن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي. وعلي وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع، يقتله عفريت مستكبر، يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح ذو القرنين إلى جنب شر خلقي، حق القول مني لأقرن عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده، فهو وارث علمي ومعدن حكمتي وموضع سري وحجتي على خلقي، جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري، والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلي سبيلي والخازن لعلمي الحسن، ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب، ستذل أوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض من دمائهم، ويفشو الويل والرنين في نسائهم أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل، وأرفع عنهم الآصار والأغلال، {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.

قال عبد الرحمن بن سالم قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه إلا عن أهله. 

 

بمصادر العامة:

 

عن ابن عباس قال: إن أمير المؤمنين × لما وصل إليه ذكر قتل عمه حمزة × قال: {إنا لله وإنا إليه راجعون}، فنزلت هذه الآية: {وبشر الصبرين} الآية, وهو القائل عند تلاوتها: {إنا لله} إقرار بالملك {وإنا إليه راجعون} إقرار بالهلاك. 

 

{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (159) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (160)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قوله عز وجل: {ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات} من صفة محمد | وصفة علي × وحليته {والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب} قال: والذي أنزلناه من بعد الهدى، هو ما أظهرناه من الآيات على فضلهم ومحلهم. كالغمامة التي كانت تظلل رسول الله | في أسفاره، والمياه الاجاجة التي كانت تعذب في الابار والموارد ببصاقه والأشجار التي كانت تتهدل ثمارها بنزوله تحتها، والعاهات التي كانت تزول عمن يمسح يده عليه، أو ينفث بصاقه فيها. وكالآيات التي ظهرت على علي × من تسليم الجبال والصخور والأشجار قائلة: يا ولي الله، ويا خليفة رسول الله |, والسموم القاتلة التي تناولها من سمى باسمه عليها ولم يصبه بلاؤها، والافعال العظيمة: من التلال والجبال التي قلعها ورمى بها كالحصاة الصغيرة، وكالعاهات التي زالت بدعائه، والآفات والبلايا التي حلت بالأصحاء بدعائه، وسائرها مما خصه الله تعالى به من فضائله. فهذا من الهدى الذي بينه الله للناس في كتابه، ثم قال: {أولئك} أي أولئك الكاتمون لهذه الصفات من محمد | ومن علي × المخفون لها عن طالبيها الذين يلزمهم ابداؤها لهم عند زوال التقية {يلعنهم الله} يلعن الكاتمين {ويلعنهم اللاعنون}. فيه وجوه: منها {يلعنهم اللاعنون} أنه ليس أحد محقا كان أو مبطلا الا وهو يقول: لعن الله الظالمين الكاتمين للحق، ان الظالم الكاتم للحق ذلك يقول أيضا لعن الله الظالمين الكاتمين، فهم على هذا المعنى في لعن كل اللاعنين، وفي لعن أنفسهم. ومنها: أن الاثنين إذا ضجر بعضهما على بعض وتلاعنا ارتفعت اللعنتان، فاستأذنتا ربهما في الوقوع لمن بعثتا عليه. فقال الله عز وجل للملائكة: انظروا، فإن كان اللاعن أهلا للعن وليس المقصود به أهلا فأنزلوهما جميعا باللاعن. وإن كان المشار إليه أهلا، وليس اللاعن أهلا فوجهوهما إليه. وان كانا جميعا لها أهلا، فوجهوا لعن هذا إلى ذلك، ووجهوا لعن ذلك إلى هذا. وان لم يكن واحد منهما لها أهلا لايمانهما، وان الضجر أحوجهما إلى ذلك، فوجهوا اللعنتين إلى اليهود الكاتمين نعت محمد وصفته | وذكر علي × وحليته، والى النواصب الكاتمين لفضل علي ×، والدافعين لفضله. ثم قال الله عز وجل: {الا الذين تابوا} من كتمانه {وأصلحوا} أعمالهم، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه بسوء التأويل فجحدوا به فضل الفاضل واستحقاق المحق {وبينوا} ما ذكره الله تعالى من نعت محمد | وصفته ومن ذكر علي × وحليته، وما ذكره رسول الله | {فأولئك أتوب عليهم} أقبل توبتهم {وأنا التواب الرحيم}. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن حمران, عن أبي جعفر × في قول الله: {ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب} يعنى بذلك نحن والله المستعان. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن بعض أصحابنا, عن أبي عبد الله × قال: قلت له أخبرني عن قول الله: {ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب} قال: نحن يعنى بها والله المستعان، ان الرجل منا إذا صارت إليه لم يكن له أو لم يسعه الا ان يبين للناس من يكون بعده. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن ابن أبي عميه, عمن ذكره, عن أبي عبد الله × {ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} في علي ×. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, عن عبد الله بن بكير, عمن حدثه, عن أبي عبد الله × في قوله: {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} قال: نحن هم (اللاعنين), وقد قالوا: هوام الأرض. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, الحفار عن الجعابي، عن علي بن موسى الخزاز، عن الحسن بن علي الهاشمي، عن إسماعيل: عن عثمان بن أحمد، عن أبي قلابه، عن بشر بن عمر عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن إسماعيل بن أبان، عن أبي مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبي: دفع النبي | الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب ×، ففتح الله عليه وأوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس: أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة, وقال له: أنت منى وأنا منك, وقال له: تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل, وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى, وقال له: أنا سلم لمن سالمت، وحرب لمن حاربت, و قال له: أنت العروة الوثقى, وقال له: أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي, وقال له: أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي، وقال له: أنت الذي أنزل الله فيه {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر}, وقال له: أنت الاخذ بسنتي والذاب عن ملتي, وقال له: أنا أول من تنشق الأرض عنه وأنت معي, وقال له: ,أنا عند الحوض وأنت معي, وقال له: أنا أول من يدخل الجنة وأنت بعدي تدخلها والحسن والحسين وفاطمة ، وقال له: إن الله أوحي إلي بأن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس، وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه، وقال له: اتق الضغاين التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتى، {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}. 

 

بمصادر العامة:

 

قال رسول الله | لعلي بن أبي طالب ×: إن الله أوحي إلي بأن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس، وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه، وقال له: اتق الضغاين التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتى، {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}. 

 

{إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (161) خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون (162)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله تعالى {ان الذين كفروا} بالله في ردهم نبوة محمد |، وولاية علي بن أبي طالب × {وماتوا وهم كفار} على كفرهم {أولئك عليهم لعنة الله} يوجب الله تعالى لهم البعد من الرحمة، والسحق من الثواب {والملائكة} وعليهم لعنة الملائكة يلعنونهم {والناس أجمعين} ولعنة الناس أجمعين كل يلعنهم، لان كل المأمورين المنهيين يلعنون الكافرين، والكافرون أيضا يقولون: لعن الله الكافرين، فهم في لعن أنفسهم أيضا {خالدين فيها} في اللعنة، في نار جهنم {لا يخفف عنهم العذاب} يوما ولا ساعة {ولاهم ينظرون} لا يؤخرون ساعة، ولا يخل بهم العذاب. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه, عن أبي جعفر × قال: إن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا, ولم يتذكرا ما صنعا بأمير ×, فعليهما {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر × عنهما, فقال : يا أبا الفضل, ما تسألني عنهما؟ فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخطا عليهما, وما منا اليوم إلا ساخطا عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير، إنهما ظلمانا حقنا, ومنعانا فيئنا, وكانا أول من ركب أعناقنا, وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسكر أبدا حتى يقوم قائمنا أو يتكلم متكلمنا. ثم قال: أما والله لو قد قام قائمنا أوتكلم متكلمنا لأبدى من أمورهما ما كان يكتم, ولكتم من أمورهما ما كان يظهر, والله ما أسست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها, فعليهما {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}.

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المكتب، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي أبو الحسين الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المروزي، قال: حدثنا أبي، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله |: إذا ظلمت العيون العين كان قتل العين على يد الرابع من العيون، فإذا كان ذلك استحق الخاذل له {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}، فقيل له: يا رسول الله ما العين والعيون؟ فقال: أما العين فأخي علي بن أبي طالب، وأما العيون فأعداؤه، رابعهم قاتله ظلما وعدوانا. 

 

* الشيخ الصدوق في كمال الدين, حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي رضي الله عنه قال: حدثنا أبو علي ابن أبي الحسين الأسدي ، عن أبيه قال: ورد علي توقيع من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري ابتداء لم يتقدمه سؤال: "بسم الله الرحمن الرحيم {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} على من استحل من مالنا درهما," قال أبو الحسين الأسدي رضي الله عنه: فوقع في نفسي أن ذلك فيمن استحل من مال الناحية درهما دون من أكل منه غير مستحل له. وقلت في نفسي: إن ذلك في جميع من استحل محرما، فأي فضل في ذلك للحجة × على غيره؟ قال: فوالذي بعث محمدا بالحق بشيرا لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما وقع في نفسي: "بسم الله الرحمن الرحيم {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} على من أكل من مالنا درهما حراما". قال أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي: أخرج إلينا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي هذا التوقيع حتى نظرنا إليه وقرأناه. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, الحسين بن علي بن الحسن الرازي، عن إسحاق بن محمد بن خالويه عن يزيد بن سليمان البصري، عن شريك، عن الركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معاشر الناس ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الحسن والحسين، أنا جدهما سيد المرسلين، وجدتهما خديجة سيدة نساء أهل الجنة، ألا أدلكم على خير الناس أبا واما؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال الحسن والحسين، أبوهما علي بن أبي طالب وأمهما فاطمة سيدة نساء العالمين، ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: الحسن والحسين عمهما جعفر الطيار ابن أبي طالب وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب، أيها الناس ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الحسن و الحسين، خالهما القاسم ابن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله, ثم دمعت عينا رسول الله, فقال: على قاتلهم {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}، وإنه ليخرج من صلب الحسين أئمة أبرار، امناء معصومون، قوامون بالقسط ومنا مهدي هذه الأمة الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه، قلنا: من هو يا رسول الله؟ قال: هو التاسع من صلب الحسين أئمة أبرار والتاسع مهديهم، يملا الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. 

 

* الشيخ الطوسي في الغيبة, روى ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عمر بن يزيد وعلي بن أسباط جميعا قالا: قال لنا عثمان بن عيسى الرواسي: حدثني زياد القندي وابن مسكان قالا: كنا عند أبي إبراهيم × إذ قال: يدخل عليكم الساعة خير أهل الأرض، فدخل أبو الحسن الرضا × وهو صبي، فقلنا: خير أهل الأرض ثم دنا فضمه إليه فقبله وقال: يا بني تدري ما قال ذان؟ قال: نعم يا سيدي هذان يشكان في.

قال علي بن أسباط: فحدثت بهذا الحديث الحسن بن محبوب فقال: بتر الحديث، لا ولكن حدثني علي بن رئاب أن أبا إبراهيم قال لهما: إن جحدتماه حقه أو خنتماه فعليكما {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}، يا زياد ولا تنجب أنت وأصحابك أبدا. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني عبد السلام قال: حدثنا هارون بن أبي بردة قال: حدثنا جعفر بن الحسن عن يوسف عن الحسين بن إسماعيل بن متمم الأسدي عن سعد بن طريف التميمي: عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × في مسجد الكوفة فأتاه رجل من بجيلة يكنى أبا خديجة ومعه ستون رجلا من بجيلة, فسلم وسلموا, ثم جلس وجلسوا, ثم إن أبا خديجة قال: يا أمير المؤمنين أعندك سر من أسرار رسول الله | تحدثنا به؟ قال: نعم يا قنبر ائتني بالكتابة, ففضها فإذا في أسفلها سليفة مثل ذنب الفارة ومكتوب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم (الى أن قال) فمن ظلم رسول الله | أجره في قرابته, فعليه {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}. 

 

* جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات, حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد في كتاب الجامع، يروي عن أبي الحسن ×، قال: إذا أردت ان تودع قبر أمير المؤمنين × فقل: ... اللهم لا تجعله اخر العهد من زيارتي إياه، فان توفيتني قبل ذلك فاني اشهد في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي. اشهد انكم الأئمة - وتسميهم واحدا بعد واحد - واشهد ان من قتلهم وحاربهم مشركون، ومن رد عليهم ورد علمهم في أسفل درك من الجحيم. واشهد ان من حاربهم لنا أعداء ونحن منهم براء، وانهم حزب الشيطان وعلى من قتلهم {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}، ومن شرك فيهم ومن سره قتلهم ... 

 

{وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} (163)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: {وإلهكم} الذي أكرم محمدا | وعليا × بالفضيلة وأكرم آلهما الطيبين بالخلافة، وأكرم شيعتهم بالروح والريحان والكرامة والرضوان {اله واحد} لا شريك له ولا نظير ولا عديل. {لا إله إلا هو} الخالق، البارئ، المصور، الرازق، الباسط، المغني، المفقر، المعز، المذل. {الرحمن} يرزق مؤمنهم وكافرهم، وصالحهم وطالحهم، لا يقطع عنهم مواد فضله ورزقه، وان انقطعوا هم عن طاعته. {الرحيم} بعباده المؤمنين من شيعة آل محمد |، وسع لهم في التقية يجاهرون، باظهار موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه إذا قدروا، ويسترونها إذا عجزوا. 

 

{ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا و أن الله شديد العذاب (165) إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167)}

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن جابر قال: سألت أبا جعفر × عن قول الله عز وجل {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} قال: هم والله أولياء فلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك قال {ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هو بخارجين من النار} ثم قال أبو جعفر ×: هم والله يا جابر أئمة الظلمة وأشياعهم. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم, عن أبي جعفر وأبى عبد الله × قوله: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} قال: هم آل محمد |. 

 

* الشيخ المفيد في الأمالي, حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد × قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم داود النبي ×، فيأتي النداء من عند الله عز وجل: لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة، ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ×، فيأتي النداء من قبل الله عز وجل: يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ليستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان. قال: فيقوم أناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة، ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: ألا من ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ {يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار}.

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, عن الباقر × في قوله: {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم} إذا عاينوا عند الموت ما أعد لهم من العذاب الأليم, وهم أصحاب الصحيفة الذين كتبوا على مخالفة علي × {وما هم بخارجين من النار}. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين ×: قال رسول الله |: ما من عبد ولا أمة زال عن ولايتنا، وخالف طريقتنا، وسمى غيرنا بأسمائنا وأسماء خيار أهلنا الذي اختاره الله للقيام بدينه ودنياه، ولقبه بألقابنا وهو لذلك يلقبه معتقدا، لا يحمله على ذلك تقية خوف، ولا تدبير مصلحة دين، الا بعثه الله يوم القيامة ومن كان قد اتخذه من دون الله وليا، وحشر إليه الشياطين الذين كانوا يغوونه. فقال له: يا عبدي أربا معي، هؤلاء كنت تعبد؟ وإياهم كنت تطلب؟ فمنهم فاطلب ثواب ما كنت تعمل، لك معهم عقاب اجرائك . ثم يأمر الله تعالى أن يحشر الشيعة الموالون لمحمد وعلي وآلهما ممن كان في تقية لا يظهر ما يعتقده، وممن لم يكن عليه تقية، وكان يظهر ما يعتقده. فيقول الله تعالى: انظروا حسنات شيعة محمد وعلي فضاعفوها. قال: فيضاعفون حسناتهم أضعافا مضاعفة. ثم يقول الله تعالى: انظروا ذنوب شيعة محمد وعلي. فينظرون: فمنهم من قلت ذنوبه فكانت مغمورة في طاعاته، فهؤلاء السعداء مع الأولياء والأصفياء. ومنهم من كثرت ذنوبه وعظمت، فيقول الله تعالى: قدموا الذين كانوا لا تقية عليهم من أولياء محمد وعلي، فيقدمون. فيقول الله تعالى: انظروا حسنات عبادي هؤلاء النصاب الذين اتخذوا الأنداد من دون محمد وعلي ومن دون خلفائهم، فاجعلوها لهؤلاء المؤمنين، لما كان من اغتيابهم لهم بوقيعتهم فيهم، وقصدهم إلى أذاهم فيفعلون ذلك، فتصير حسنات النواصب لشيعتنا الذين لم يكن عليهم تقية. ثم يقول: انظروا إلى سيئات شيعة محمد وعلي، فان بقيت لهم على هؤلاء النصاب بوقيعتهم فيهم زيادات، فاحملوا على أولئك النصاب بقدرها من الذنوب التي لهؤلاء الشيعة. فيفعل ذلك. ثم يقول الله عز وجل: ائتوا بالشيعة المتقين لخوف الاعداء، فافعلوا في حسناتهم وسيئاتهم، وحسنات هؤلاء النصاب وسيئاتهم ما فعلتم بالأولين. فيقول النواصب: يا ربنا هؤلاء كانوا معنا في مشاهدنا حاضرين، وبأقاويلنا قائلين، ولمذاهبنا معتقدين! فيقال: كلا والله يا أيها النصاب ما كانوا لمذاهبكم معتقدين، بل كانوا بقلوبهم لكم إلى الله مخالفين، وان كانوا بأقوالكم قائلين، وبأعمالكم عاملين للتقية منكم معاشر الكافرين، قد اعتددنا لهم بأقاويلهم وأفاعيلهم اعتدادنا بأقاويل المطيعين وأفاعيل المحسنين، إذ كانوا بأمرنا عاملين: قال رسول الله |: فعند ذلك تعظم حسرات النصاب إذا رأوا حسناتهم في موازين شيعتنا أهل البيت، ورأوا سيئات شيعتنا على ظهور معاشر النصاب، وذلك قوله عز وجل {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم}. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله ×: {وما هم بخارجين من النار} قال: أعداء علي × هم المخلدون في النار أبد الآبدين ودهر الداهرين. 

 

{يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (168) إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (169)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل: {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض} من أنواع ثمارها وأطعمتها {حلالا طيبا} لكم إذا أطعتم ربكم في تعظيم من عظمه، والاستخفاف بمن أهانه وصغره {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} ما يخطو بكم إليه، ويغركم به من مخالفة من جعله الله رسولا أفضل المرسلين، وأمره بنصب من جعله الله أفضل الوصيين، وسائر من جعل خلفاءه وأولياءه. {انه لكم عدو مبين} يبين لكم العداوة، ويأمركم إلى مخالفة أفضل النبيين ومعاندة أشرف الوصيين. {إنما يأمركم} الشيطان {بالسوء} بسوء المذهب والاعتقاد في خير خلق الله محمد رسول الله | وجحود ولاية أفضل أولياء الله بعد محمد رسول الله | {وأن تقولوا على الله مالا تعلمون} بامامة من لم يجعل الله له في الإمامة حظا، ومن جعله من أراذل أعدائه وأعظمهم كفرا به. 

 

{وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون} (170)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: وصف الله هؤلاء المتبعين لخطوات الشيطان فقال {وإذا قيل لهم} تعالوا إلى ما أنزل الله في كتابه من وصف محمد |، وحلية علي ×، ووصف فضائله، وذكر مناقبه والى الرسول، وتعالوا إلى الرسول لتقبلوا منه ما يأمركم به قالوا: {حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا من الدين والمذهب} فاقتدوا بآبائهم في مخالفة رسول الله | ومنابذة علي ولي الله، قال الله عز وجل: {أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون} إلى شئ من الصواب. 

 

 

{ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون} (171)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل {ومثل الذين كفروا} في عبادتهم للأصنام، واتخاذهم للأنداد من دون محمد وعلي ’ {كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} يصوت بما لا يسمع {الا دعاء ونداء} لا يفهم ما يراد منه فيغيث المستغيث، ويعين من استعانه {صم بكم عمي} عن الهدى في اتباعهم الأنداد من دون الله، والأضداد لأولياء الله الذين سموهم بأسماء خيار خلائف الله، ولقبوهم بألقاب أفاضل الأئمة الذين نصبهم الله لإقامة دين الله {فهم لا يعقلون} أمر الله عز وجل. 

 

{يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} (172)

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا} بتوحيد الله ونبوة محمد رسول الله وبامامة علي ولي الله {كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله} على ما رزقكم منها بالمقام على ولاية محمد | وعلي × ليقيكم الله بذلك شرور الشياطين المردة على ربهما عز وجل, فإنكم كلما جددتم على أنفسكم ولاية محمد وعلي تجدد على مردة الشياطين لعائن الله، وأعاذكم الله من نفخاتهم ونفثاتهم. 

 

{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} (173)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, الشيخ أبو جعفر الطوسي باسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير، عن أبي عبد الله × قال: وعدونا في كتاب الله عز وجل: الفحشاء والمنكر والبغي والخمر والميسر والأنصاب والأزلام والأصنام والأوثان والجبت والطاغوت والميتة والدم ولحم الخنزير.

 

* الشيخ الكليني في الكافي, عدة من أصحابنا, عن سهل بن زياد, عن أحمد بن محمد بن أبي نصر, عمن ذكره, عن أبي عبد الله ×, في قول الله تبارك و تعالى {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} قال: الباغي الذي يخرج على الإمام, والعادي الذي يقطع الطريق لا تحل له الميتة. 

 

{إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (174) أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار (175) ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد (176)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب} المشتمل على ذكر فضل محمد | على جميع النبيين، وفضل علي × على جميع الوصيين {ويشترون به} بالكتمان {ثمنا قليلا} يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا، وينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رياسة. قال الله تعالى: {أولئك ما يأكلون في بطونهم} يوم القيامة {الا النار} بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق. {ولا يكلمهم الله يوم القيامة} بكلام خير بل يكلمهم بأن يلعنهم ويخزيهم ويقول: بئس العباد أنتم، غيرتم ترتيبي، وأخرتم من قدمته، وقدمتم من أخرته وواليتم من عاديته، وعاديتم من واليته. {ولا يزكيهم} من ذنوبهم، لان الذنوب إنما تذوب وتضمحل إذا قرن بها موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين عليهم السلام فأما ما يقرن بها الزوال عن موالاة محمد وآله، فتلك ذنوب تتضاعف، وأجرام تتزايد، وعقوباتها تتعاظم. {ولهم عذاب أليم} موجع في النار. {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} أخذوا الضلالة عوضا عن الهدى والردى في دار البوار بدلا من السعادة في دار القرار ومحل الأبرار. {والعذاب بالمغفرة} اشتروا العذاب الذي استحقوه بموالاتهم لأعداء الله بدلا من المغفرة التي كانت تكون لهم لو والوا أولياء الله {فما أصبرهم على النار} ما أجرأهم على عمل يوجب عليهم عذاب النار. {ذلك} يعني ذلك العذاب الذي وجب على هؤلاء بآثامهم وإجرامهم لمخالفتهم لامامهم، وزوالهم عن موالاة سيد خلق الله بعد محمد نبيه، أخيه وصفيه. {بأن الله نزل الكتاب بالحق} نزل الكتاب الذي توعد فيه من مخالف المحقين وجانب الصادقين، وشرع في طاعة الفاسقين، نزل الكتاب بالحق أن ما يوعدون به يصيبهم ولا يخطئهم. {وإن الذين اختلفوا في الكتاب} فلم يؤمنوا به، قال بعضهم: إنه سحر. وبعضهم: إنه شعر، وبعضهم: إنه كهانة {لفي شقاق بعيد} مخالفة بعيدة عن الحق، كأن الحق في شق وهم في شق غيره يخالفه. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, الحسين بن محمد, عن معلى بن محمد, عن أبي داود المسترق, عن علي ابن ميمون, عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة {ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}: من ادعى إمامة من الله ليست له, ومن جحد إماماً من الله, ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيباً. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي حمزة الثمالي, عن علي بن الحسين × قال: ثلاثة {لا يكلمهم الله يوم القيمة}, ولا ينظر إليهم, {ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم}: من جحد اماما من الله، أو ادعى اماما من غير الله, أو زعم أن لفلان وفلان في الاسلام نصيبا. 

 

{ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (177)

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال علي بن الحسين ×: {ليس البر أن تولوا} الآية قال: إن رسول الله | لما فضل عليا × وأخبر عن جلالته عند ربه عز وجل، وأبان عن فضائل شيعته وأنصار دعوته، ووبخ اليهود والنصارى على كفرهم، وكتمانهم لذكر محمد وعلي وآلهما في كتبهم بفضائلهم ومحاسنهم، فخرت اليهود والنصارى عليهم. فقالت اليهود: قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة موسى التي أمرنا بها. وقالت النصارى: قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة عيسى التي أمرنا بها. وقال كل واحد من الفريقين: أترى ربنا يبطل أعمالنا هذه الكثيرة، وصلواتنا إلى قبلتنا لأنا لا نتبع محمدا على هواه في نفسه وأخيه؟! فأنزل الله تعالى: قل يا محمد | {ليس البر} الطاعة التي تنالون بها الجنان وتستحقون بها الغفران والرضوان. {أن تولوا وجوهكم} بصلاتكم {قبل المشرق} أيها النصارى، {و} قبل {المغرب} أيها اليهود، وأنتم لامر الله مخالفون وعلى ولي الله مغتاظون. {ولكن البر من آمن بالله} بأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، يعظم من يشاء ويكرم من يشاء، ويهين من يشاء ويذله، لا راد لامره، ولا معقب لحكمه وآمن ب‍ {اليوم الآخر} يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمد سيد المرسلين وبعده علي أخوه ووصيه سيد الوصيين، والتي لا يحضرها من شيعة محمد أحد إلا أضاءت فيها أنواره، فسار فيها إلى جنات النعيم، هو وإخوانه وأزواجه وذرياته والمحسنون إليه، والدافعون في الدنيا عنه، ولا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيته ظلماتها فيسير فيها إلى العذاب الأليم هو وشركاؤه في عقده ودينه ومذهبه، والمتقربون كانوا في الدنيا إليه لغير تقية لحقتهم منه. والتي تنادي الجنان فيها: إلينا، إلينا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وعنا عنا أعداء محمد وعلي وأهل مخالفتهما. وتنادي النيران: عنا عنا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وإلينا إلينا أعداء محمد وعلي وشيعتهما. يوم تقول الجنان: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما، وأن تأذنا في الدخول إلينا من تدخلانه، فاملاانا بشيعتكما، مرحبا بهم وأهلا وسهلا. وتقول النيران: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما، وأن يحرق بنا من تأمراننا بحرقه، فاملا انا بأعدائكما. {والملائكة} ومن آمن بالملائكة بأنهم عباد معصومون، لا يعصون الله عز وجل ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وإن أشرف أعمالهم في مراتبهم التي قد رتبوا فيها من الثرى إلى العرش الصلاة على محمد وآله الطيبين، واستدعاء رحمة الله ورضوانه لشيعتهم المتقين، واللعن للمتابعين لأعدائهم المجاهرين والمنافقين. {والكتاب} ويؤمنون بالكتاب الذي أنزل الله، مشتملا على ذكر فضل محمد وعلي ’ سيد المسلمين والوصيين والمخصوصين بما لم يخص به أحدا من العالمين، وعلى ذكر فضل من تبعهما وأطاعهما من المؤمنين، وبغض من خالفهما من المعاندين والمنافقين. {والنبيين} ومن آمن بالنبيين أنهم أفضل خلق الله أجمعين، وأنهم كلهم دلوا على فضل محمد سيد المرسلين، وفضل علي سيد الوصيين، وفضل شيعتهما على سائر المؤمنين بالنبيين, وبأنهم كانوا بفضل محمد وعلي معترفين ولهما بما خصهما الله به مسلمين، وإن الله تعالى أعطى محمدا | من الشرف والفضل ما لم تسم إليه نفس أحد من النبيين إلا نهاه الله تعالى عن ذلك وزجره وأمره أن يسلم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين فضلهم، وأن الله قد فضل محمدا بفاتحة الكتاب على جميع النبيين، وما أعطاها أحدا قبله إلا ما أعطى سليمان بن داود × منها {بسم الله الرحمن الرحيم} فرآها أشرف من جميع ممالكه التي أعطيها. فقال: يا رب ما أشرفها من كلمات إنها لآثر عندي من جميع ممالكي التي وهبتها لي. قال الله تعالى: يا سليمان وكيف لا يكون كذلك وما من عبد ولا أمة سماني بها إلا أوجبت له من الثواب ألف ضعف ما أوجب لمن تصدق بألف ضعف ممالكك. يا سليمان، هذه سبع ما أهبه لمحمد سيد النبيين، تمام فاتحة الكتاب إلى آخرها. فقال: يا رب أتأذن لي أن أسألك تمامها؟ قال الله تعالى: يا سليمان اقنع بما أعطيتك، فلن تبلغ شرف محمد، وإياك أن تقترح علي درجة محمد وفضله وجلاله، فأخرجك عن ملكك كما أخرجت آدم عن تلك الجنان لما اقترح درجة محمد في الشجرة التي أمرته أن لا يقربها، يروم أن يكون له فضلهما، وهي شجرة أصلها محمد، وأكبر أغصانها علي، وسائر أغصانها آل محمد على قدر مراتبهم، وقضبانها شيعته وأمته على قدر مراتبهم وأحوالهم، إنه ليس لأحد يا سليمان من درجات الفضائل عندي ما لمحمد. فعند ذلك قال سليمان: يا رب قنعني بما رزقتني. فأقنعه. فقال: يا رب سلمت ورضيت، وقنعت وعلمت أن ليس لأحد مثل درجات محمد.{وآتى المال على حبه} أعطى في الله المستحقين من المؤمنين على حبه للمال وشدة حاجته إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح. {ذوي القربى} أعطى لقرابة النبي الفقراء هدية أوبرا لا صدقة، فان الله عز وجل قد أجلهم عن الصدقة، وآتى قرابة نفسه صدقة وبرا وعلى أي سبيل أراد. {واليتامى} وآتى اليتامى من بني هاشم الفقراء برا، لا صدقة، وآتى يتامى غيرهم صدقة وصلة. {والمساكين} مساكين الناس. {وابن السبيل} المجتاز المنقطع به لا نفقة معه. {والسائلين} الذين يتكففون ويسألون الصدقات. {وفى الرقاب} المكاتبين يعينهم ليؤدوا فيعتقوا. قال: فإن لم يكن له مال يحتمل المواساة، فليجدد الاقرار بتوحيد الله، ونبوة محمد رسول الله |، وليجهر بتفضيلنا، والاعتراف بواجب حقوقنا أهل البيت وبتفضيلنا على سائر آل النبيين وتفضيل محمد على سائر النبيين، وموالاة أوليائنا، ومعاداة أعدائنا، والبراءة منهم كائنا من كان، آباءهم وأمهاتهم وذوي قراباتهم وموداتهم، فان ولاية الله لا تنال إلا بولاية أوليائه ومعاداة أعدائه. {وأقام الصلاة} قال: والبر، بر من أقام الصلاة بحدودها، وعلم أن أكبر حدودها الدخول فيها، والخروج منها معترفا بفضل محمد | سيد عبيده وإمائه والموالاة لسيد الأوصياء وأفضل الأتقياء علي سيد الأبرار، وقائد الأخيار، وأفضل أهل دار القرار بعد النبي الزكي المختار. {وآتى الزكاة} الواجبة عليه لا خوانه المؤمنين، فإن لم يكن له مال يزكيه فزكاة بدنه وعقله، وهو أن يجهر بفضل علي والطيبين من آله إذا قدر، ويستعمل التقية عند البلايا إذا عمت، والمحن إذا نزلت، والأعداء إذا غلبوا، ويعاشر عباد الله بما لا يثلم دينه، ولا يقدح في عرضه. وبما يسلم معه دينه ودنياه، فهو باستعمال التقية يوفر نفسه على طاعة مولاه، ويصون عرضه الذي فرض الله عليه صيانته، ويحفظ على نفسه أمواله التي قد جعلها الله له قياما، ولدينه وعرضه وبدنه قواما، ولعن المغضوب عليهم الآخذين من الخصال بأرذلها، ومن الخلال بأسخطها لدفعهم الحقوق عن أهلها وتسليمهم الولايات إلى غير مستحقها. ثم قال: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} قال: ومن أعظم عهودهم أن لا يستروا ما يعلمون من شرف من شرفه الله، وفضل من فضله الله، وأن لا يضعوا الأسماء الشريفة على من لا يستحقها من المقصرين والمسرفين الضالين الذين ضلوا عمن دل الله عليه بدلالته واختصه بكراماته، الواصفين له بخلاف صفاته، والمنكرين لما عرفوا من دلالاته وعلاماته، الذين سموا بأسمائهم من ليسوا بأكفائهم من المقصرين المتمردين. ثم قال: {والصابرين في البأساء} يعني في محاربة الاعداء، ولا عدو يحاربه أعدى من إبليس ومردته، يهتف به، ويدفعه وإياهم بالصلاة على محمد وآله الطيبين . {والضراء} الفقر والشدة، ولا فقر أشد من فقر المؤمن، يلجأ إلى التكفف من أعداء آل محمد، يصبر على ذلك، ويرى ما يأخذه من ماله مغنما يلعنهم به، ويستعين بما يأخذه على تجدد ذكر ولاية الطيبين الطاهرين. {وحين البأس} عند شدة القتال يذكر الله، ويصلى على محمد رسول الله | وعلى علي ولي الله، ويوالي بقلبه ولسانه أولياء الله، ويعادي كذلك أعداء الله. قال الله عز وجل: {أولئك} أهل هذه الصفات التي ذكرها، والموصوفون بها الذين صدقوا} في إيمانهم فصدقوا أقاويلهم بأفاعيلهم. {وأولئك هم المتقون} لما أمروا باتقائه من عذاب النار، ولما أمروا باتقائه من شرور النواصب الكفار. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني علي بن محمد الزهري قال: حدثني أحمد يعني ابن الفضل بن عمرو القرشي، عن الحسن يعني ابن علي بن سالم الأنصاري, عن أبيه وعاصم والحسين بن أبي العلاء, عن أبي عبد الله × في قول الله تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب} وقوله: {ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتو البيوت من أبوابها} قال: مطرت السماء بالمدينة، فلما تقشعت السماء وخرجت الشمس خرج رسول الله | في أناس من المهاجرين والأنصار، فجلس وجلسوا حوله إذا أقبل علي بن أبي طالب × فقال رسول الله | لمن حوله: هذا علي قد أتاكم تقي القلب نقي الكفين، هذا علي بن أبي طالب لا يقول إلا صوابا تزول الجبال ولا يزول عن دينه، فلما دنا من رسول الله | أجلسه بين يديه فقال: يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، فمن أتى المدينة من الباب وصل، يا علي أنت بابي الذي اوتى منه، وأنا باب الله، فمن أتاني من سواك لم يصل، ومن أتى الله من سواي لم يصل، فقال القوم بعضهم لبعض: ما يعني بهذا؟ قال: فأنزل الله به قرآنا {ليس البر} إلى آخر الآية. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الباقر والرضا ’ في قوله {لينذر بأسا شديدا من لدنه} البأس الشديد علي بن أبي طالب × وهو لدن رسول | يقاتل معه عدوه. ويروى انه نزل فيه {والصابرين في البأساء والضراء وحين الباس}. 

 

* الشيخ الطبرسي في تفسير مجمع البيان, عن أبي جعفر وأبي عبد الله ’ {ذوي القربى} قرابة النبي |. 

 

بمصادر العامة:

 

عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، قال: حدثنا أبي: عن السدي قال: نزلت في علي بن أبي طالب × في ناسخ القرآن ومنسوخه. 

 

{ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} (179)

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله ابن الحسين بن إبراهيم العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا ×، عن آبائه × عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب ×، قال: قلت أربعا أنزل الله تصديقي بها في كتابه، - الى ان قال -: قلت: القتل يقل القتل، فأنزل الله {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} 

 

{كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} 180

 

* الشيخ الصدوق في الفقيه, وروى محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله × في قول الله عز وجل {الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين} قال: هو شئ جعله الله عز وجل لصاحب هذا الامر، قلت: فهل لذلك حد؟ قال: نعم، قال: قلت: وما هو؟ قال: أدنى ما يكون ثلث الثلث. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن عمار بن مروان, عن أبي عبد الله × قال: سألته عن قول الله {ان ترك خيرا الوصية} قال: حق جعله الله في أموال الناس لصاحب هذا الامر، قال: قلت: لذلك حد محدود؟ قال: نعم قال قلت: كم؟ قال: أدناه السدس وأكثره الثلث. 

 

{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} (185)

 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثني أحمد بن الحسين, عن محمد بن حاتم, عن يونس بن يعقوب, عن أبي عبد الله جعفر الصادق × في قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} الآية قال: فذلك اليسر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ×. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن الثمالي, عن أبي جعفر × في قول الله {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} قال: اليسر علي ×، وفلان وفلان العسر، فمن كان من ولد آدم لم يدخل في ولاية فلان وفلان. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الباقر × في قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} قال: اليسر أمير المؤمنين ×, والعسر فلان وفلان. 

 

{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} (186)

 

* الشيخ المفيد في الأمالي, أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير الكوفي إجازة، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن محمد بن يحيى أخي مغلس، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما ’: قال: قلت له: إنا نرى الرجل من المخالفين عليكم له عبادة واجتهاد وخشوع، فهل ينفعه ذلك شيئا؟ فقال: يا محمد إنما مثلنا أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل، وكان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلا دعا فأجيب، وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له فأتى عيسى ابن مريم × يشكو إليه ما هو فيه، ويسأله الدعاء له. فتطهر عيسى وصلى ثم دعا فأوحى الله إليه: يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه، إنه دعاني وفي قلبه شك منك، فلو دعاني حتى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له. فالتفت عيسى × فقال: تدعو ربك وفي قلبك شك من نبيه؟ قال: يا روح الله وكلمته قد كان والله ما قلت، فاسأل الله أن يذهب به عني، فدعا له عيسى ×، فتقبل الله منه وصار في حد أهل بيته، كذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا. 

 

{يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون} (189)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن سعد, عن أبي جعفر × قال: سألته عن هذه الآية {ليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى واتوا البيوت من أبوابها} فقال: آل محمد | أبواب الله وسبيله والدعاة إلى الجنة والقادة إليها والادلاء عليها إلى يوم القيامة. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن بعض أصحابه، عن سعد الإسكاف قال: قلت لأبي جعفر × قوله عز وجل: {وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم} فقال: يا سعد إنها أعراف لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، وأعراف لا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه، وأعراف لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم، فلا سواء ما اعتصمت به المعتصمة، ومن ذهب مذهب الناس، ذهب الناس إلى عين كدرة يفرغ بعضها في بعض، ومن أتى آل محمد أتى عينا صافية تجري بعلم الله ليس لها نفاد ولا انقطاع، ذلك بأن الله لو شاء لأراهم شخصه حتى يأتوه من بابه، لكن جعل الله محمد وآل محمد الأبواب التي يؤتي منها، وذلك قوله: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها}. 

 

* الشيخ الطبرسي في الإحتجاج, عن أصبغ بن نباته قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين × فجاء ابن الكوا فقال: يا أمير المؤمنين من البيوت في قول الله عز وجل: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها}؟ قال علي ×: نحن البيوت التي أمر الله بها أن تؤتى من أبوابها، نحن باب الله وبيوته التي يؤتى منه، فمن تابعنا وأقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها, ومن خالفنا وفضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها. 

 

* الشيخ الطوسي في الامالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جوريه الجنديسابوري من أصل كتابه، قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني، قال: أخبرني الحسن بن عنبسة النهشلي، قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، أنه ذكر عنده علي ابن أبي طالب × فقال: إن قوما ينالون منه، أولئك هم وقود النار، ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد × منهم حذيفة بن اليمان وكعب بن عجرة يقول كل رجل منهم: لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر: هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين والآخرين، فمن رأى مثلها أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الأولين والآخرين؟ وهو أبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، فمن له أيها الناس مثلهما؟ ورسول الله | حموه، وهو وصي رسول الله | في أهله وأزواجه، وشدت الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه، وهو صاحب باب خيبر، وهو صاحب الراية يوم خيبر، وتفل رسول الله | يومئذ في عينيه وهو أرمد، فما اشتكاهما من بعد، ولا وجد حرا أو بردا بعد يوم ذلك. وهو صاحب يوم غدير خم إذ نوه رسول الله | باسمه، وألزم أمته ولايته، وعرفهم بخطره، وبين لهم مكانه، فقال: أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله. قال. فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهو صاحب العباء ومن أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا، وهو صاحب الطائر حين قال رسول الله |. "اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي" فجاء علي × فأكل معه. وهو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرئيل × على رسول الله | وقد سار أبو بكر بالسورة، فقال له: يا محمد، إنه لا يبلغها إلا أنت أو علي، إنه منك وأنت منه، وكان رسول الله | منه في حياته وبعد وفاته. وهو عيبة علم رسول الله |، ومن قال له النبي |: " أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها، كما أمر الله فقال: {وأتوا البيوت من أبوابها}. وهو مفرج الكرب عن رسول الله | في الحروب، وهو أول من آمن برسول الله وصدقه واتبعه، وهو أول من صلى، فمن أعظم فرية على الله وعلى رسوله |، ممن قاس به أحدا أو شبه به بشرا؟ 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني علي بن محمد الزهري قال: حدثني أحمد يعني ابن الفضل بن عمرو القرشي، عن الحسن يعني ابن علي بن سالم الأنصاري, عن أبيه وعاصم والحسين بن أبي العلاء, عن أبي عبد الله × في قول الله تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب} وقوله: {ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتو البيوت من أبوابها} قال: مطرت السماء بالمدينة، فلما تقشعت السماء وخرجت الشمس خرج رسول الله | في أناس من المهاجرين والأنصار، فجلس وجلسوا حوله إذا أقبل علي بن أبي طالب × فقال رسول الله | لمن حوله: هذا علي قد أتاكم تقي القلب نقي الكفين، هذا علي بن أبي طالب لا يقول إلا صوابا, تزول الجبال ولا يزول عن دينه، فلما دنا من رسول الله | أجلسه بين يديه فقال: يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، فمن أتى المدينة من الباب وصل، يا علي أنت بابي الذي اوتى منه، وأنا باب الله، فمن أتاني من سواك لم يصل، ومن أتى الله من سواي لم يصل، فقال القوم بعضهم لبعض: ما يعني بهذا؟ قال: فأنزل الله به قرآنا {ليس البر} إلى آخر الآية. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, الحسين بن محمد الأشعري, عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله ×: الأوصياء هم أبواب الله عز وجل التي يؤتى منها, ولولاهم ما عرف الله عز وجل, وبهم احتج الله تبارك وتعالى على خلقه. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, وروى الكفعمي عن الباقر × أنه قال: في قولهم "باب الله": معناه أن الله احتجب عن خلقه بنبيه والأوصياء من بعده، وفوض إليهم من العلم ما علم احتياج الخلق إليه، ولما استوفى النبي | على علي × العلوم والحكمة قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها وقد أوجب الله على خلقه الاستكانة لعلي × بقوله: {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين} أي الذين لا يرتابون في فضل الباب وعلو قدره، وقال في موضع آخر: {وأتوا البيوت من أبوابها} يعني الأئمة الذين هم بيوت العلم ومعادنه، وهم أبواب الله ووسيلته والدعاة إلى الجنة والأدلاء عليها إلى يوم القيامة. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن حمران، عن أسود بن سعيد، قال: كنت عند أبي جعفر ×، فأنشأ يقول ابتداء من غير أن أسأله: نحن حجة الله, ونحن باب الله، ونحن لسان الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله في خلقه، ونحن ولاة أمر الله في عباده. 

 

بمصادر العامة:

 

قال رسول الله | علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي، حبه إيمان وبغضه نفاق. 

 

قال رسول الله |: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت باب المدينة. 

 

{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} (193)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد ابن مسلم قال: قلت لأبي جعفر ×: قول الله عز وجل: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} فقال: لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، إن رسول الله | رخص لهم لحاجته وحاجة أصحابه, فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم, لكنهم يقتلون حتى يوحد الله عز وجل, وحتى لا يكون شرك. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن الحسن بياع الهروي يرفعه, عن أحدهما × في قوله {لا عدوان الا على الظالمين} قال: الا على ذرية قتلة الحسين ×. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, عن إبراهيم قال: أخبرني من رواه عن أحدهما × قال: قلت: {فلا عدوان الا على الظالمين} قال: لا يعتدى الله على أحد الا على نسل ولد قتلة الحسين ×. 

 

* الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا ×, حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم, عن أبيه, عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لأبي الحسن الرضا ×: يا بن رسول الله, ما تقول في حديث روى عن الصادق ×: أنه قال: إذا خرج القائم × قتل ذراري قتلة الحسين × بفعال آبائهم؟ فقال ×: هو كذلك فقلت: وقول الله عز وجل: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ما معناه؟ قال: صدق الله في جميع أقواله, ولكن ذراري قتله الحسين × يرضون بأفعال آبائهم ويفتخرون بها, ومن رضى شيئا كان كمن اتاه, ولو أن رجلا قتل بالمشرق فرضى بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل, وإنما يقتلهم القائم × إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم قال: فقلت له: بأي شئ يبدأ القائم × منكم إذا قام؟ قال: يبدأ ببني شيبه فيقاطع أيديهم لأنهم سراق بيت الله عز وجل. 

 

{وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} (195)

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الباقر × في قوله {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} قال: لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة. 

 

{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين (198) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم (199) فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق (200)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: قال الله عز وجل للحاج: {فإذا أفضتم من عرفات} ومضيتم إلى المزدلفة {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} بآلائه ونعمائه، والصلاة على محمد سيد أنبيائه، وعلى علي سيد أصفيائه، واذكروا الله {كما هداكم} لدينه والايمان برسوله {وإن كنتم من قبله لمن الضالين} عن دينه من قبل أن يهديكم إلى دينه. {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} ارجعوا من المشعر الحرام من حيث رجع الناس من جمع والناس ههنا في هذا الموضع الحاج غير الحمس فان الحمس كانوا لا يفيضون من جمع. {واستغفروا الله} لذنوبكم {إن الله غفور رحيم} للتائبين. {فإذا قضيتم مناسككم} التي سنت لكم في حجكم {فاذكروا الله كذكركم آباءكم} اذكروا الله بآلائه لديكم وإحسانه إليكم فيما وفقكم له من الايمان بنبوة محمد | سيد الأنام واعتقاد وصيه أخيه علي × زين أهل الاسلام كذكركم آباءكم بأفعالهم ومآثرهم التي تذكرونها {أو أشد ذكرا} خيرهم بين ذلك ولم يلزمهم أن يكونوا له أشد ذكرا منهم لآبائهم وإن كانت نعم الله عليهم أكثر وأعظم من نعم آبائهم. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت علي بن الحسين × يقول: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين × فقال: أخبرني إن كنت عالما عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس؟ فقال أمير المؤمنين ×: يا حسين  أجب الرجل. فقال الحسين ×: أما قولك: أخبرني عن الناس، فنحن الناس ولذلك قال الله تعالى ذكره في كتابه: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} فرسول الله | الذي أفاض بالناس. وأما قولك: أشباه الناس، فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منا ولذلك قال إبراهيم ×: {فمن تبعني فإنه مني}. وأما قولك: النسناس، فهم السواد الأعظم وأشار بيده إلى جماعة الناس ثم قال: {إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا}. 

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثنا محمد بن سلمة قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا يحيى بن زكريا اللؤلؤي, عن علي بن حسان, عن عبد الرحمن بن كثير, عن أبي عبد الله × في قوله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} قال: هي للمسلمين عامة, والحسنة الولاية, فمن عمل من حسنة كتبت له عشرا فإن لم تكن له ولاية رفع عنه بما عمل من حسنة في الدنيا {وماله في الآخرة من خلاق}. 

 

{واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون} (203)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن معاوية بن وهب، عن إسماعيل بن نجيح الرماح قال: كنا عند أبي عبد الله × بمنى ليلة من الليالي فقال: ما يقول هؤلاء في {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه}؟ قلنا: ما ندري، قال: بلى يقولون: من تعجل من أهل البادية فلا إثم عليه ومن تأخر من أهل الحضر فلا إثم عليه، وليس كما يقولون قال الله جل ثناؤه: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} ألا لا إثم عليه {ومن تأخر فلا إثم عليه} ألا لا إثم عليه {لمن أتقى} إنما هي لكم, والناس سواد وأنتم الحاج. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي حمزة الثمالي, عن أبي جعفر × في قوله {فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه} الآية قال: أنتم والله هم، ان رسول الله | قال: لا يثبت على ولاية علي × الا المتقون. 

 

{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (204) وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (205)}

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن الحسين بن بشار قال: سألت أبا الحسن × عن قول الله {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} قال: فلان وفلان، {ويهلك الحرث والنسل} النسل هم الذرية والحرث الزرع. 

 

{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد} (207)

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, حدثنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن صفوان الامام بأنطاكية، قال: حدثنا محفوظ بن بحر، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين × في قول الله: {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله}. قال: نزلت في علي × حين بات على فراش رسول الله |. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي، قال: حدثنا محمد بن كثير الملائي، عن عوف الأعرابي من أهل البصرة، عن الحسن بن أبي الحسن، عن أنس بن مالك، قال: لما توجه رسول الله | إلى الغار ومعه أبو بكر، أمر النبي | عليا × أن ينام على فراشه ويتوشح ببردته، فبات علي × موطنا نفسه على القتل، وجاءت في رجال قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله | فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكون أنه محمد | فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل ويرى السيوف تأخذه، فلما أيقظوه ورأوه عليا × تركوه وتفرقوا في طلب رسول الله |، فأنزل الله: {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد}. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا أبو عمر، قال: أخبرنا أحمد، قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن المغيرة القرشي، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن ابن عباس، قال: بات علي × ليلة خرج رسول الله | إلى المشركين على فراشه ليعمي على قريش، وفيه نزلت هذه الآية {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله}. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن عبيد الله بن عمار الثقفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمسين ومائتين، قال: حدثني الحسن بن حمزة أبو محمد النوفلي، قال: حدثني أبي وخالي يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن الزبير بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنيه أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر بين القبر والروضة، عن أبيه وعبيد الله بن أبي رافع جميعا، عن عمار بن ياسر وأبي رافع مولى النبي |. قال أبو اليقظان. فحدثنا رسول الله ونحن معه بقباء، عما أرادت قريش من المكر به ومبيت علي × على فراشه، قال: أوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل ’ أني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه فأيكما يؤثر أخاه؟ فكلاهما كرها الموت، فأوحى الله إليهما: عبدي ألا كنتما مثل وليي علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين نبيي فآثره بالحياة على نفسه، ثم ظل - أو قال: رقد - على فراشه يفديه بمهجته، اهبطا إلى الأرض كلاكما فاحفظاه من عدوه، فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرئيل يقول: بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب والله يباهي بك الملائكة! قال: فأنزل الله في علي ×: {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد}. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي، قال: حدثنا الربيع ابن يسار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر: أن عليا × وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه، ويتشاوروا في أمرهم، وأجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم، قتل ذلك الرجل، وإن ترافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب ×: إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول، فإن يكن حقا فاقبلوه، وإن يكن باطلا فأنكروه. قالوا: قل. - الى ان قال ع -: فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله} لما وقيت رسول الله ليلة الفراش، غيري؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد سقى رسول الله | من المهراس لما اشتد ظمأه، وأحجم عن ذلك أصحابه، غيري؟ قالوا: لا. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني عبيد بن كثير قال: حدثنا هشام بن يونس اللؤلؤي قال: حدثنا محمد بن فضيل عن الكلبي عن أبي صالح, عن ابن عباس في قوله: {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله} قال: نزل في علي بن أبي طالب × حين بات على فراش رسول الله | حيث طلبه المشركون. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثنا الحسين بن الحكم قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا أبو عوانة, عن أبي بلج, عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال في علي بن أبي طالب ×: لما انطلق النبي | إلى الغار فأنامه النبي | في مكانه, وألبسه برده, فجاءت قريش تريد أن تقتل النبي |, فجعلوا يرمون عليا × وهم يرون أنه النبي |, وقد ألبسه النبي | برده, فجعل يتضور, فنظروا فإذا هو علي × فقالوا: إنك لنائم؟ ولو كان صاحبك ما تضور, لقد استنكرنا ذلك منك. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر, عن أبي جعفر × قال: اما قوله: {ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد} فإنها أنزلت في علي بن أبي طالب × حين بذل نفسه لله ولرسوله ليلة اضطجع على فراش رسول الله | لما طلبته كفار قريش. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, خبر مما روي عن جماعة ثقات، أنه لما وردت حرة بنت حليمة السعدية على الحجاج بن يوسف الثقفي وأنها مثلت بين يديه. فقال لها: يا حرة ابنة حليمة السعدية، قالت له: فراسة من غير مؤمن فقال لها: الله جاء بك، وقد قيل لي عنك: إنك تفضلين عليا على أبي بكر وعمر وعثمان؟ قالت: لقد كذب الذي قال إني أفضله على هؤلاء خاصة، قال وعلى غير هؤلاء؟ قالت أفضله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى بن مريم. فقال لها: يا ويلك! أقول لك إنك تفضلينه على الصحابة، وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم، من الرسل وإذا لم تأتي ببيان ما قلت وإلا لأضربن عنقك. - الى ان قال -: فبما تفضلينه على موسى كليم الله؟ قالت: يقول الله: {فخرج منها خائفا يترقب} وعلي بن أبي طالب × بات على فراش رسول الله | لم يخف حتى أنزل الله تعالى في حقه {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} قال: أحسنت يا حرة. 

 

* محمد بن المشهدي في المزار, زيارة أمير المؤمنين × يوم الغدير, أخبرني الفقيه الاجل أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمي رضي الله عنه، عن الفقيه العماد محمد بن أبي القاسم الطبري، عن أبي علي، عن والده، عن محمد بن محمد بن النعمان، عن أبي القاسم جعفر بن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي القاسم بن روح وعثمان بن سعيد العمري، عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري، عن أبيه ، وذكر انه × زار بها في يوم الغدير في السنة التي اشخصه المعتصم. تقول: ... فلما آل الامر إليك أجريتهم على ما أجر يا رغبة عنهما بما عند الله لك فأشبهت محنتك بهما محن الأنبياء عند الوحدة وعدم الأنصار وأشبهت في البيات على الفراش الذبيح عليه السلام إذ أجبت كما أجاب ، وأطعت كما أطاع إسماعيل صابرا محتسبا ، إذ قال له يا بني إني أرى في المنام اني أذبحك فانظر ماذا ترى قال : يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين ، وكذلك أنت لما أباتك النبي صلى الله عليه وآله وأمرك أن تضجع في مرقده واقيا له بنفسك ، أسرعت إلى إجابته مطيعا ولنفسك على القتل موطنا ، فشكر الله تعالى طاعتك ، وأبان عن جميل فعلك بقوله جل ذكره {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} ... 

 

بمصادر العامة:

 

عن عبد الملك العكبري، وعن أبي المظفر السمعاني، بإسنادهما عن علي ابن الحسين ×، قال : أول من شرى نفسه علي بن أبي طالب ×، كان المشركون يطلبون رسول الله |، فقام من فراشه وانطلق هو وأبو بكر، واضطجع علي × على فراش رسول الله |، فجاء المشركون فوجدوا عليا ×، ولم يجدوا رسول الله|. 

 

عن أبي سعيد الخدري قال: لما أسري بالنبي | يريد الغار، بات علي بن أبي طالب على فراش رسول الله | فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل: إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الاخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فكلاهما اختاراها وأحبا الحياة، فأوحى الله إليهما أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين نبيي محمد | فبات على فراشه يقيه بنفسه، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب الله عز وجل يباهي بك الملائكة فأنزل الله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله، والله رؤوف بالعباد}. 

 

عن ابن عباس، قال شرى علي × نفسه، فلبس ثوب النبي |، ثم نام مكانه، فكان المشركون يرمون رسول الله |. قال: فجاء أبو بكر وعلي × نائم، وأبو بكر يحسب أنه نبي الله، فقال: أين نبي الله؟ فقال علي ×: إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون، فأدرك قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. وجعل × يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله |، وهو يتضور، قد لف رأسه، فقالوا: إنك للئم! لكنه كان صاحبك لا يتضور، قد استنكرنا ذلك؟! 

 

عن عبد الله بن عباس قال: أنام رسول الله | عليا × على فراشه ليلة أنطلق إلى الغار، فجاء أبو بكر يطلب رسول الله | فأخبره علي × أنه قد أنطلق، فاتبعه أبو بكر وباتت قريش تنظر عليا × وجعلوا يرمونه، فلما أصبحوا إذا هم بعلي × فقالوا: أين محمد؟ قال: لا علم لي به. فقالوا: قد أنكرنا تضورك كنا نرمي محمدا فلا يتضور وأنت تتضور وفيه نزلت هذه الآية: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله}. 

 

عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس وعلي بن الحسين ×، قالا: ليلة بات علي بن أبي طالب × على فراش رسول الله ×. 

 

{يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (208) فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم (209)}

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة}. يعني في السلم والمسالمة إلى دين الاسلام كافة جماعة ادخلوا فيه، وادخلوا في جميع الاسلام، فتقبلوه واعملوا فيه، ولا تكونوا كمن يقبل بعضه ويعمل به، ويأبى بعضه ويهجره. قال: ومنه الدخول في قبول ولاية علي × كالدخول في قبول نبوة محمد رسول الله |، فإنه لا يكون مسلما من قال: إن محمدا رسول الله، فاعترف به ولم يعترف بأن عليا وصيه وخليفته وخير أمته. {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} من يتخطى بكم إليه الشيطان من طرق الغي والضلال، ويأمركم به من ارتكاب الآثام الموبقات {إنه لكم عد ومبين} إن الشيطان لكم عدو مبين، بعداوته يريد اقتطاعكم عن عظيم الثواب، وإهلاككم بشديد العقاب. {فان زللتم} عن السلم والاسلام الذي تمامه باعتقاد ولاية علي ×، ولا ينفع الاقرار بالنبوة مع جحد إمامة علي ×، كما لا ينفع الاقرار بالتوحيد مع جحد النبوة، إن زللتم. {من بعد ما جاءتكم البينات} من قول رسول الله | وفضيلته، وأتتكم الدلالات الواضحات الباهريات على أن محمدا | الدال على إمامة علي × نبي صدق، ودينه دين حق. {فاعلموا أن الله عزيز حكيم} عزيز قادر على معاقبة المخالفين لدينه والمكذبين لنبيه لا يقدر أحد على صرف انتقامه من مخالفيه، وقادر على إثابة الموافقين لدينه والمصدقين لنبيه | لا يقدر أحد على صرف ثوابه عن مطيعيه. حكيم فيما يفعل من ذلك، غير مسرف على من أطاعه وإن أكثر له الخيرات، ولا واضع لها في غير موضعها وإن أتم له الكرامات، ولا ظالم لمن عصاه وإن شدد عليه العقوبات.

 

* الشيخ الكليني في الكافي, الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر ×: في قول الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} قال: في ولايتنا. 

 

* الشيخ الطوسي قي الأمالي, أبو محمد الفحام، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن هارون، قال: حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم، عن أبيه، عن جده محمد بن إبراهيم، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد × يقول في في قوله {ادخلوا في السلم كافة}، قال: في ولاية علي ابن أبي طالب × أ{ولا تتبعوا خطوات الشيطان}، قال: لا تتبعوا غيره. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان} قال: أتدري ما السلم؟ قال: قلت أنت أعلم، قال: ولاية على والأئمة الأوصياء من بعده، قال: و{خطوات الشيطان} والله ولاية فلان وفلان. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم, عن أبي جعفر وأبى عبد الله ’ قالوا: سألناهما عن قول الله: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} قال: أمروا بمعرفتنا. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن جابر, عن أبي جعفر × في قول الله: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان} قال: السلم هم آل محمد | أمر الله بالدخول فيه. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي بكر الكلبي, عن جعفر, عن أبيه × في قوله: {ادخلوا في السلم كافة} هو ولايتنا. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, فى رواية أبي بصير, عن أبي عبد الله × في قوله: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} قال: هي ولاية الثاني والأول. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن مسعدة بن صدقة, عن جعفر بن محمد, عن أبيه, عن جده قال: قال أمير المؤمنين ×: ألا ان العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين والمرسلين في عترة خاتم النبيين والمرسلين، فأين يتاه بكم وأين تذهبون، يا معاشر من فسخ من أصلاب أصحاب السفينة، فهذا مثل ما فيكم فكما نجى في هاتيك منهم من نجى وكذلك ينجو في هذه منكم من نجى، ورهن ذمتي، وويل لمن تخلف عنهم فيكم كأصحاب الكهف، ومثلهم باب حطة، وهم باب السلم ف{ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان}. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثنا عبيد بن كثير قال: حدثنا جندل بن والق قال: حدثنا محمد بن عمر المازني, عن أبي بكر الكلبي: عن جعفر بن محمد × في قوله تعالى: {ادخلوا في السلم كافة} قال: في ولايتنا. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن أحمد, والحسين بن سعيد, وجعفر بن محمد الفزاري قالوا: حدثنا محمد بن مروان قال: حدثنا عامر, عن رياح بن أبي رياح, عن شريك في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة} قال: في ولاية علي بن أبي طالب ×. 

 

{هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور} (210)

 

* العلامة المجلسي في البحار, عن فرات بن إبراهيم الكوفي, أحمد بن محرز الخراساني، عن جعفر بن محمد الفزاري، عن أحمد بن ميثم الميثمي، عن عبد الواحد بن علي قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنا أورث من النبيين إلى الوصيين ومن الوصيين إلى النبيين، وما بعث الله نبيا إلا وأنا أقضي دينه وانجز عداته، ولقد اصطفاني ربي بالعلم والظفر، ولقد وفدت إلى ربي اثني عشر وفادة، فعرفني نفسه وأعطاني مفاتيح الغيب. ثم قال: أنا الفاروق الذي أفرق بين الحق والباطل. وأنا ادخل أوليائي الجنة وأعدائي النار، أنا الذي قال الله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر وإلى الله ترجع الأمور}. 

 

* الحسن بن سليمان الحلى في مختصر البصائر, محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: إن إبليس قال {انظرني إلى يوم يبعثون} فأبى الله ذلك عليه، فقال {فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم} فإذا كان يوم الوقت المعلوم ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله آدم إلى يوم الوقت المعلوم، وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين صلوات الله عليه. فقلت: وإنها لكرات؟ قال: نعم، إنها لكرات وكرات، ما من إمام في قرن إلا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله عز وجل المؤمن من الكافر. فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أصحابه، وجاء إبليس في أصحابه، ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات، يقال لها: الروحاء قريب من كوفتكم، فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين، فكأني أنظر إلى أصحاب علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه قد رجعوا إلى خلفهم القهقرى مائة قدم، وكأني أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات. فعند ذلك يهبط الجبار عز وجل {في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر}، رسول الله | أمامه بيده حربة من نور، فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقرى ناكصا على عقبيه، فيقولون له أصحابه: أين تريد وقد ظفرت؟ فيقول: {إني أرى ما لا ترون} {إني أخاف الله رب العالمين} فيلحقه النبي | فيطعنه طعنة بين كتفيه، فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه، فعند ذلك يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئا. ويملك أمير المؤمنين × أربعا وأربعين ألف سنة، حتى يلد الرجل من شيعة علي × ألف ولد من صلبه ذكرا، في كل سنة ذكرا، وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله. 

 

* الشيخ الصدوق في التوحيد, حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسى ×، عن قول الله عز وجل {وجاء ربك والملك صفا صفا} فقال: إن الله عز وجل لا يوصف بالمجئ والذهاب تعالى عن الانتقال، إنما يعني بذلك وجاء أمر ربك والملك صفا صفا.

 

{سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب} (211)

 

* محمد بن علي الطبري في بشارة المصطفى, حدثنا أحمد بن أبي الطيب بن شعيب عن أبي الفضل، عن أحمد بن هاشم، أخبرنا مالك بن سليمان، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن الأحلج، عن الشعبي قال: سئل الحسن بن علي × عن هذه الآية: {اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} أخاصة هي أم عامة؟ قال: نزلت في قوم خاصة فتعقيب عامة ثم جاء التخفيف بعد: {اتقوا الله ما استطعتم} فقيل: يا بن رسول الله فيمن نزلت هذه الآية؟ فنكت الأرض ساعة ثم رفع بصره ثم نكس رأسه ثم رفع فقال: لما نزلت هذه الآية: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فقال بعض القوم: ما أنزل الله هذا انما يريد أن يرفع بضبع ابن عمه، قالوها حسدا وبغضا لأهل بيت النبي |: فأنزل الله تعالى: {أم يقولون أفترى على الله كذبا فان يشاء الله يختم على قلبك}، ولا تعتد هذه المقال ولا يشق عليك ما قالوا قبل من فان الله يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته انه عليم بذات الصدور. فشق ذلك على رسول الله | وحزن على ما قالوا وعلم أن القوم غير تاركين الحسد والبغضاء، فنزلت هذه الآية {قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} فلما نزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}. قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فان عليا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فوقع في قلوبهم ما وقع تكلموا فيما بينهم سرا حتى قال أحدهما لصاحبه: من يلي بعد النبي | ومن يلي بعدك هذا الأمر لا نجعلها في أهل البيت أبدا فنزل: {ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فان الله شديد العقاب} ثم نزلت: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} إلى قوله {وأولئك لهم عذاب عظيم}. فلما قبض النبي | مضوا على رأيهم في أهل بيت نبيهم وعلى ما تعاقدوا عليه في حياته ونبذوا آيات الله عز وجل ووصي رسوله وأهل بيته {وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون}. 

 

{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب} (214)

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, قيل لعلي بن الحسين ×: صف لنا خروج المهدي ×، وعرفنا دلائله وعلاماته؟ فقال: يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له: عوف السلمي، بأرض الجزيرة ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق ثم يكون خروج شعيب بن صالح بسمرقند، ثم يخرج السفياني الملعون بالواد اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان فإذا ظهر السفياني أخذ في المهدي × ثم يخرج بعد ذلك. وقال: ما تستعجلون بخروج القائم ×، فوالله ما لباسه إلا الغليظ، وما طعامه إلا الشعير الجشيب وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف. فما تمدون أعينكم، ألستم آمنين؟ لقد كان من قبلكم من هو على ما أنتم عليه يؤخذ فيقطع يده ورجله ويصلب، ثم تلا {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا}. 

 

* الشيخ الطوسي في الغيبة, الفضل، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن سنان، عن خالد العاقولي، في حديث له عن أبي عبد الله × أنه قال: فما تمدون أعينكم؟ فما تستعجلون؟ ألستم آمنين؟ أليس الرجل منكم يخرج من بيته فيقضي حوائجه ثم يرجع لم يختطف؟ إن كان من قبلكم من هو على ما أنتم عليه ليؤخذ الرجل منهم فتقطع يداه ورجلاه ويصلب على جذوع النخل وينشر بالمنشار، ثم لا يعدو ذنب نفسه. ثم تلا هذه الآية {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن محمد بن سنان قال: حدثني المعافى بن إسماعيل قال: لما قتل الوليد خرج من هذه العصابة نفر بحيث احدث القوم قال: فدخلنا على أبى عبد الله × فقال: ما الذي أخرجكم من غير الحج والعمرة؟ قال: فقال القائل منهم الذي شتت الله من كلمة أهل الشام وقتلهم خليفتهم، واختلافهم فيما بينهم قال: قال ما تجدون أعينكم إليهم فأقبل يذكر حالاتهم أليس الرجل منكم يخرج من بيته إلى سوقه فيقضى حوائجه ثم يرجع لم يختلف إن كان لمن كان قبلكم أتى هو على مثل ما أنتم عليه ليؤخذ الرجل منهم، فيقطع يديه ورجليه وينشر بالمناشير ويصلب على جذع النخلة ولا يدع ما كان عليه، ثم ترك هذا الكلام ثم انصرف إلى آية من كتاب الله {أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب}.

 

{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير} (233)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, ما رواه أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله ابن حماد الأنصاري، عن نصر بن يحيى, عن المقتبس بن عبد الرحمان، عن أبيه عن جده قال: كان رجل من أصحاب رسول الله | مع عمر بن الخطاب فأرسله في جيش فغاب ستة أشهر ثم قدم وكان مع أهله ستة أشهر فعلقت منه فجاءت بولد لستة أشهر فأنكره. فجاء بها إلى عمر. فقال: يا أمير المؤمنين كنت في البعث الذي وجهتني فيه وتعلم أني قدمت منذ ستة أشهر وكنت مع أهلي وقد جاءت بغلام وهوذا، وتزعم أنه مني. فقال لها عمر: ماذا تقولين أيتها المرأة؟ فقالت: والله ما غشيني رجل غيره وما فجرت وإنه لابنه. وكان اسم الرجل الهيثم، فقال لها عمر: أحق ما يقول زوجك؟ قالت: قد صدق يا أمير المؤمنين. فأمر بها عمر أن ترجم فحفر لها حفيرة ثم أدخلها فيها، فبلغ ذلك عليا × فجاء مسرعا حتى أدركها وأخذ بيديها وسلها من الحفيرة. ثم قال لعمر: إربع على نفسك إنها قد صدقت، إن الله عز وجل يقول في كتابه {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال في الرضاع {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين}. فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا وهذا الحسين × ولد لستة أشهر. فعندها قال عمر: لولا علي لهلك عمر. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمر والزيات، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله × - في حديث طويل - قال: لم يرضع الحسين من فاطمة ÷ ولا من أنثى، كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث، فنبت لحم الحسين × من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى ابن مريم × والحسين بن علي ×. 

وفي رواية أخرى، عن أبي الحسن الرضا × أن النبي | كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجزئ به ولم يرتضع من أنثى. 

 

{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} (238)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن عبد الرحمن بن كثير, عن أبي عبد الله × في قوله: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} قال: الصلاة: رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والوسطى أمير المؤمنين × {وقوموا لله قانتين} طائعين للأئمة . 

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, الشيخ أبو جعفر الطوسي باسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير، عن أبي عبد الله × في حديث طويل قال ×: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عز وجل... 

 

{من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون} (245)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن عيسى بن سليمان النحاس، عن المفضل بن عمر، عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبد الله × يقول: ما من شئ أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الامام, وإن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد، ثم قال: إن الله تعالى يقول في كتابه: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} قال: هو والله في صلة الامام خاصة. 

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال محمد بن العباس: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي, عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله × عن قول الله عز وجل {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}. قال: ذاك في صلة الرحم، والرحم رحم آل محمد | خاصة. 

 

* الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال, أبي قال: حدثنا أحمد بن إدريس, عن عمران بن موسى, عن يعقوب بن يزيد, عن أحمد بن محمد بن أبي نصر, عن حماد بن عثمان, عن إسحاق بن عمار, قال: قلت للصادق ×: ما معنى قوله تبارك وتعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثرا} قال: صلة الامام. 

 

{ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم أن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين (246) وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم (247)}

 

* الشيخ الطبرسي في الإحتجاج, روي أن أمير المؤمنين × لما عزم على المسير الى الشام لقتال معاوية, قال في حديث طويل: اسمعوا ما أتلو عليكم من كتاب الله المنزل على نبيه المرسل لتتعظوا, فإنه والله عظة لكم فانتفعوا بمواعظ الله وانزجروا عن معاصي الله، فقد وعظكم بغيركم، فقال لنبيه |: {ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم أن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم} أيها الناس إن لكم في هذه الآيات عبرة، لتعلموا أن الله جعل الخلافة والأمرة من بعد الأنبياء في أعقابهم، وأنه فضل طالوت وقدمه على الجماعة باصطفائه إياه، وزيادة بسطه في العلم والجسم، فهل تجدون أن الله اصطفى بني أمية على بني هاشم، وزاد معاوية علي بسطة في العلم والجسم... 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم, عن الحسن بن القاسم الرقام، قال: حدثني القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا × قال في حديث طويل: قوله في طالوت: {إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم} وقال لنبيه |: {أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما} وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته ×: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا} وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله ابن الحسين بن إبراهيم العلوي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا ×، عن آبائه عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب ×، قال: قلت أربعا أنزل الله تصديقي بها في كتابه، - الى ان قال -: قد قلت: قدر - أو قال: قيمة - كل امرئ بما يحسن, فأنزل الله في قصة طالوت {إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم}. 

 

{وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين} (248)

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال محمد بن العباس: حدثنا علي بن محمد الجعفي، عن أحمد بن القاسم الأكفاني، عن علي بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش, عن سليم بن قيس قال: خرج علينا علي بن أبي طالب × ونحن في المسجد فاحتوشنا عليه. فقال: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن القرآن فإن في القرآن علم الأولين والآخرين لم يدع لقائل مقالا، ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، وليسوا بواحد، ورسول الله | كان واحدا منهم، علمه الله سبحانه إياه، وعلمنيه رسول الله | ثم لا يزال في بقيته إلى يوم القيامة. ثم قرأ {وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة} فأنا بقية من رسول الله | بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والعلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة. ثم قرأ {وجعلنا كلمة باقية في عقبه}، ثم قال: كان رسول الله | عقب إبراهيم، ونحن أهل البيت عقب إبراهيم، وعقب محمد|. 

 

* الحميري القمي في قرب الإسناد, أحمد بن محمد ابن عيسى، عن ابن أسباط، عن أبي الحسن × قال: السكينة ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الانسان، ورائحة طيبة، وهي التي أنزلت على إبراهيم ×، فأقبلت تدور حول أركان البيت، وهو يضع الأساطين، قلنا هي من التي قال فيه: {سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة} قال: تلك السكينة كانت في التابوت، وكانت فيها طست يغسل فيها قلوب الأنبياء، وكان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء ثم أقبل علينا فقال: فما تابوتكم؟ قلنا: السلاح، قال: صدقتم هو تابوتكم. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, حديث جابر بن يزيد الجعفي: انه لما شكت الشيعة إلى زين العابدين × مما يلقونه من بني أمية دعا الباقر × وأمره أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل × إلى النبي ويحركه تحريكا، وقال: فمضى إلى المسجد فصلى فيه ركعتين, ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلمات, ثم رفع رأسه فأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة وأعطاني طرفا منه, فمشيت رويدا فقال: قف يا جابر، فحرك الخيط تحريكا لينا خفيفا, ثم قال : اخرج فانظر ما حال الناس، قال: فخرجت من المسجد فإذا صياح وصراخ وولولة من كل ناحية, وإذا زلزلة شديدة وهدة ورجفة قد أخربت عامة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين الف انسان, ثم صعد الباقر × المنارة فنادى بأعلى صوته: ألا يا أيها الضالون المكذبون, قال: فظن الناس انه صوت من السماء, فخروا لوجوههم وطارت أفئدتهم وهم يقولون في سجودهم: الأمان الأمان، وانهم يسمعون الصيحة بالحق ولا يرون الشخص ثم قرأ: {فخر عيهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون}، قال: فلما نزل منها وخرجنا من المسجد سألته عن الخيط قال: هذا من البقية، قلت: وما البقية يا ابن رسول الله؟ قال: يا جابر {بقيه مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة} ويضعه جبرئيل لدينا. 

 

{فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين} (249)

 

* محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة, حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ×، قال: إن أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الذي قال الله تعالى: {سنبتليكم بنهر}، وإن أصحاب القائم × يبتلون بمثل ذلك. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي بصير، عن أبي جعفر × في قول الله: {إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني} فشربوا منه إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف, ومنهم من لم يشرب... 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن أحمد قال: حدثنا جعفر بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عمر المازني قال: حدثنا يحيى بن راشد عن كامل عن أبي صالح: عن ابن عباس قال: إن لعلي بن أبي طالب × في كتاب الله اسما لا يعرف‍ه الناس قلت: وما هي؟ قال: سماه نهرا فقال {إن الله مبتليكم بنهر} كما ابتلى بني إسرائيل إذ خرجوا إلى قتال جالوت فابتلاهم بنهر, فابتلاكم بولاية علي × العارف فيها ناج, والمقصر فيها مذنب, والتارك لها هالك.

 

{فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} (251)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله × قال: إن الله ليدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الصلاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي ولو أجمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج ولو أجمعوا على ترك الحج لهلكوا, وهو قول الله عز وجل: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} فوالله ما نزلت إلا فيكم ولا عنى بها غيركم. 

 

* ابن شعبة الحراني في تحف العقول, عن عبد العزيز بن مسلم, عن الإمام الرضا × في حديث طويل: ... وقال في قصة داود ×: {وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء}. وقال لنبيه |: {وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما}... 

 

{تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} (253)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن الأصبغ بن نباته قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × يوم الجمل. فجاءه رجل حتى وقف بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين كبر القوم وكبرنا, وهلل القوم وهللنا, وصلى القوم وصلينا, فعلام نقاتلهم؟ فقال: على هذه الآية {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم} فنحن الذين من بعدهم {من بعد ما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} فنحن الذين آمنا وهم الذين كفروا، فقال الرجل: كفر القوم ورب الكعبة, ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى, عن أحمد بن محمد, وعدة من أصحابنا, عن سهل بن زياد جميعا, عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر ×: إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله جل ذكره وما كان الله ليفتن أمة محمد | من بعده؟ فقال أبو جعفر ×: أو ما يقرؤون كتاب الله أ و ليس الله يقول: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} قال: فقلت له: إنهم يفسرون على وجه آخر، فقال: أوليس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعدما جاءتهم البينات حيث قال: {وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد} وفي هذا ما يستدل له على أن أصحاب محمد | قد اختلفوا من بعده, فمنهم من آمن ومنهم من كفر. 

 

* الشيخ المفيد في الأمالي, حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي يوم الجمعة لليلتين بقيتا من شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري قال: حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن علي ابن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × بالبصرة فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم، الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحدة، والحج واحد، فبم نسميهم؟ فقال له أمير المؤمنين ×: سمهم بما سماهم الله عز وجل به في كتابه، أما سمعته تعالى يقول: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا، فمنهم من آمن ومنهم من كفر}. فلما وقع الاختلاف كنا أولى بالله، وبدينه، وبالنبي |، وبالكتاب، وبالحق. فنحن الذين آمنوا، وهم الذين كفروا، وشاء الله منا قتالهم فقاتلناهم بمشيئته وأمره و إرادته. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال رسول الله |: معاشر الناس! قد بلغني ما خضتم فيه وما قال قائلكم، وإني أقسم بالله العظيم إني لم أقل على الله الكذب ولا كذبت فيما قلت، ولا أنا سددت أبوابكم، ولا أنا فتحت باب علي بن أبي طالب ×، ولا أمرني في ذلك إلا الله عز وجل الذي خلقني وخلقكم أجمعين، فلا تحاسدوا فتهلكوا، ولا تحسدوا الناس على ما آتاهم الله من فضله، فإنه يقول في محكم كتابه: { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} فاتقوا الله وكونوا من الصابرين. 

 

بمصادر العامة:

 

عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × بالبصرة فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم، الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحدة، والحج واحد، فبم نسميهم؟ فقال له أمير المؤمنين ×: سمهم بما سماهم الله عز وجل به في كتابه، أما سمعته تعالى يقول: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا، فمنهم من آمن ومنهم من كفر}. فلما وقع الاختلاف كنا أولى بالله، وبدينه، وبالنبي |، وبالكتاب، وبالحق. فنحن الذين آمنوا، وهم الذين كفروا، وشاء الله منا قتالهم فقاتلناهم بمشيئته وأمره و إرادته. 

 

{الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشي‏ء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات و الأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم} (255)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن معاوية بن عمار, عن أبي عبد الله × قال: قلت: {من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه} قال: نحن أولئك الشافعون. 

 

* السيد ابن طاوس في إقبال الأعمال, زيارة في يوم عاشوراء من كتاب المختصر من المنتخب: ...فأسألك يا سيدي أن تسأل الله جل ذكره في ذنوبي، وأن يلحقني بكم وبشيعتكم، وأن يأذن لكم في الشفاعة وأن يشفعكم في ذنوبي، فإنه قال جل ذكره: {من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه}... 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني, قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد العرزمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، عن المفضل بن عمر, قال: سألت أبا عبد الله × عن العرش والكرسي, ما هما؟ فقال: العرش في وجه هو جملة الخلق والكرسي وعاؤه، وفي وجه آخر العرش هو العلم الذي اطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع الله عليه أحدا من أنبيائه ورسوله و حججه . 

 

{لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم} (256)

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثني أبي, عن الحسين بن خالد, انه قره أبو الحسن الرضا ×: ...وقوله {لا إكراه في الدين} اي لا يكره أحد على دينه الا بعد ان قد تبين له الرشد من الغي {فمن يكفر بالطاغوت} وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم {فقد استمسك بالعروة الوثقى} يعني الولاية {لا انفصام لها} اي حبل لا انقطاع له يعني أمير المؤمنين والأئمة بعده ... 

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال محمد بن العباس: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن أبي الحسن موسى بن جعفر, عن أبيه، عن آبائه في قوله عز وجل: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} قال: مودتنا أهل البيت. 

 

* ابن عقدة الكوفي في فضائل أمير المؤمنين ×, أخبرنا أحمد بن الحسين بن سعيد المديني، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حصين بن مخارق السلولي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه، وأبي حمزة، عن علي بن الحسين ×: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} قال: مودتنا أهل البيت. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, موسى بن جعفر عن آبائه ، وأبو الجارود عن الباقر ×, وزيد بن علي × في قوله تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} قال: مودتنا أهل البيت. 

 

* الخزاز القمي في كفاية الأثر, حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش الجوهري، قال حدثنا محمد بن أحمد الصفواني قال حدثنا محمد بن الحسين، قال حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا محمد بن عبد الله الحمصي، قال حدثنا بن حماد، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: صلى بنا رسول الله | صلاة الفجر، ثم أقبل علينا فقال: معاشر أصحابي, من أحب أهل بيتي حشر معنا، ومن استمسك بأوصيائي من بعدي {فقد استمسك بالعروة الوثقى}. فقام إليه أبو ذر الغفاري فقال: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل فقال كلهم من أهل بيتك؟ قال: كلهم من أهل بيتي، تسعة من صلب الحسين ×، والمهدي منهم.

 

* الشيخ الصدوق فب الأمالي, حدثنا أحمد بن محمد الصائغ العدل، قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن بزيع الخزاز، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، عن سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن معروف بن خربوذ المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: قال رسول الله |: يا حذيفة، إن حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب، الكفر به كفر بالله، والشرك به شرك بالله، والشك فيه شك في الله، والالحاد فيه إلحاد في الله، والانكار له إنكار لله، والايمان به إيمان بالله، لأنه أخو رسول الله، ووصيه، وإمام أمته ومولاهم، وهو حبل الله المتين، وعروته الوثقى التي {لا انفصام لها}، وسيهلك فيه اثنان ولا ذنب له: محب غال، ومقصر. يا حذيفة: لا تفارقن عليا فتفارقني، ولا تخالفن عليا فتخالفني، إن عليا مني وأنا منه، من أسخطه فقد أسخطني، ومن أرضاه فقد أرضاني.

 

* كتاب سليم بن قيس, أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس, قال: ثم سألت المقداد فقلت: حدثني رحمك الله بأفضل ما سمعت من رسول الله | يقول في علي بن أبي طالب ×, - الى ان قال -: نعم, سمعت رسول الله | يقول: علي ديان هذه الأمة والشاهد عليها والمتولي لحسابها, وهو صاحب السنام الأعظم وطريق الحق الأبهج السبيل, وصراط الله المستقيم, به يهتدى بعدي من الضلالة ويبصر به من العمى, به ينجو الناجون ويجار من الموت ويؤمن من الخوف, ويمحى به السيئات ويدفع الضيم وينزل الرحمة, وهو عين الله الناظرة, وأذنه السامعة, ولسانه الناطق في خلقه, ويده المبسوطة على عباده بالرحمة, ووجهه في السماوات والأرض وجنبه الظاهر اليمين, وحبله القوي المتين, وعروته الوثقى التي {لا انفصام لها}, وبابه الذي يؤتى منه, وبيته الذي من دخله كان آمناً, وعلمه على الصراط في بعثه, من عرفه نجا إلى الجنة ومن أنكره هوى إلى النار. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وغيرهم,ا عن ابن محبوب, عن إسحاق بن غالب, عن أبي عبد الله × قال: مضى رسول الله | وخلف في أمته كتاب الله ووصيه علي بن أبي طالب × أمير المؤمنين وإمام المتقين وحبل الله المتين وعروته الوثقى التي {لا انفصام لها} وعهده المؤكد صاحبان مؤتلفان يشهد كل واحد لصاحبه بتصديق, ينطق الامام عن الله عز وجل في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد من طاعة الله وطاعة الامام وولايته, وأوجب حقه الذي أراه الله عز وجل من استكمال دينه وإظهار أمره والاحتجاج بحجته، والاستضاء بنوره في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل خيرته. فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل مناهجه وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من أمة محمد | واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه، وعلم فضل طلاوة إسلامه، لان الله نصب الامام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، ألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله تبارك وتعالى إلا بجهة أسباب سبيله، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته. فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي ومعميات السنن ومشتبهات الفتن ولم يكن الله {ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}, وتكون الحجة من الله على العباد بالغة. 

 

* كتاب سليم بن قيس, عن أبان بن أبي عياش, عن سليم ين قيس, قال: حدثني علي بن أبي طالب × وسلمان وأبو ذر والمقداد، عن رسول الله | في حديث طويل عن الأئمة : ... وهم حبل الله المتين، وهم عروة الله الوثقى التي {لا انفصام لها}، وهم حجج الله في أرضه وشهداؤه على خلقه ومعادن حكمته... 

 

* العلامة المجلسي في البحار, قال أمير المؤمنين ×: أنا صراط الله المستقيم, وعروته الوثقى التي {لا انفصام لها}. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, في زيارة الإمام الرضا ×: ...أشهد أنه من والاك فقد والى الله، ومن عاداك فقد عادى الله، ومن استمسك بك وبالأئمة من آبائك وولدك، {فقد استمسك بالعروة الوثقى}... 

 

* الشيخ الصدوق في معاني الأخبار, حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله |: من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك بولاية أخي ووصيي علي بن أبي طالب ×, فإنه لا يهلك من أحبه وتولاه, ولا ينجو من أبغضه وعاداه. 

 

* الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا ×, باسناد التميمي عن الرضا, عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله |: من أحب ان يتمسك بالعروة الوثقى فليتمسك بحب علي وأهل بيتي (ع). 

 

* الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع), باسناد التميمي عن الرضا, عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله |: الأئمة من ولد الحسين (ع)، من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى الله. 

 

* محمد بن أحمد القمي في مائة منقبة, حدثني قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي، قال: حدثني أحمد بن محمد، قال: حدثني علي بن الحسن، عن أبيه، قال: حدثني علي بن موسى، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين عن أبيه ×، قال: قال رسول الله |: ستكون بعدي فتنة مظلمة, الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى، فقيل: يا رسول الله, وما العروة الوثقى؟ قال: ولاية سيد الوصيين. قيل: يا رسول الله, ومن سيد الوصيين؟ قال: أمير المؤمنين. قيل: يا رسول الله, ومن أمير المؤمنين؟ قال: مولى المسلمين وإمامهم بعدي. قيل: يا رسول الله, ومن مولى المسلمين وإمامهم بعدك؟ قال: أخي علي بن أبي طالب ×. 

 

* محمد بن أحمد القمي في المائة منقبة, حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد رحمه الله، قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني إبراهيم بن هاشم قال: حدثني محمد بن سنان، قال: حدثني زياد بن منذر، قال: حدثني سعيد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله | يقول: معاشر الناس إعلموا أن الله تعالى جعل لكم بابا من دخله أمن من النار ومن الفزع الأكبر. فقام إليه أبو سعيد الخدري، فقال: يا رسول الله اهدنا إلى هذا الباب حتى نعرفه. قال: هو علي بن أبي طالب، سيد الوصيين، وأمير المؤمنين، وأخو رسول رب العالمين. وخليفة الله على الناس أجمعين. معاشر الناس من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك بولاية علي بن أبي طالب × فان ولايته ولايتي، وطاعته طاعتي. 

 

بمصادر العامة:

 

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قال رسول الله | لعلي ×: أنت العروة الوثقى, وقال | له: أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي. 

 

عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله | يقول: معاشر الناس من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك بعلي بن أبي طالب ×، فإن ولايته ولايتي وطاعته طاعتي. 

 

قال علي بن أبي طالب ×: أنا أبو الأرامل واليتامى، انا مبير الجبارين, وكهف المتقين, وسيد الوصيين, وأمير المؤمنين, وحبل الله المتين, والكهف الحصين, والعروة الوثقى التي {لا انفصام لها}, والله سميع عليم. 

 

{الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (257)

 

* علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, ...{الله ولي الذين آمنوا} وهم الذين اتبعوا آل محمد {يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت} هم الظالمون آل محمد والذين اتبعوا من غصبهم... 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله ×: انى أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا لهم أمانة وصدق ووفاء و أقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء ولا الصدق؟ قال: فاستوى أبو عبد الله، × جالسا وأقبل على كالغضبان ثم قال: لا دين لمن دان بولاية امام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية امام عدل من الله، قال: قلت: لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء؟ فقال: نعم لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء، ثم قال: اما تسمع لقول الله {الله ولى لذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل امام عادل من الله، قال الله {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} قال: قلت أليس الله عني بها الكفار حين قال: {والذين كفروا} قال: فقال: وأي نور للكافر وهو كافر فأخرج منه إلى الظلمات؟ إنما عنى الله بهذا انهم كانوا على نور الاسلام، فلما ان تولوا كل امام جاير ليس من الله خرجوا بولايتهم إياهم من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب لهم النار مع الكفار، فقال: {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن مهزم الأسدي قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: قال الله تبارك وتعالى: لأعذبن كل رعية دانت بامام ليس من الله وان كانت الرعية في أعمالها برة تقية, ولأغفرن عن كل رعية دانت بكل امام من الله وان كانت الرعية في أعمالها سيئة, قلت: فيعفو عن هؤلاء ويعذب هؤلاء؟ قال: نعم ان الله يقول: {الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} - ثم ذكر الحديث الأول حديث ابن أبي يعفور، وزاد فيه -: فأعداء على أمير المؤمنين × هم الخالدون في النار، وان كانوا في أديانهم على غاية الورع والزهد والعبادة, والمؤمنون بعلي × هم الخالدون في الجنة وان كانوا في اعمالهم مسيئة على ضد ذلك. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن مسعدة بن صدقة قال: قص أبو عبد الله × قصة الفريقين جميعا في الميثاق حتى بلغ الاستثناء من الله في الفريقين، فقال: ان الخير والشر خلقان من خلق الله, فيهما المشية في تحويل ما يشاء فيما قدر فيها حال عن حال، والمشية فيما خلق لها من خلقه في منتهى ما قسم لهم من الخير والشر، وذلك أن الله قال في كتابه {الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} فالنور هم آل محمد والظلمات عدوهم. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله × قال: قال: إن الله لا يستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية, وإن الله ليستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة. 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الباقر × في قوله: {والذين كفروا} بولاية علي بن أبي طالب × {أولياؤهم الطاغوت} نزلت في أعدائه ومن تبعهم, أخرجوا الناس {من النور} والنور ولاية علي × فصاروا إلى الظلمة ولاية أعدائه. 

 

بمصادر العامة:

 

حديثا مسندا إلى الباقر × في تفسير قوله تعالى {والذين كفروا} يعني بولاية علي بن أبي طالب × {أولياؤهم الطاغوت} نزلت في أعدائه ومن تبعهم، أخرجوا الناس من النور، والنور ولاية علي ×، فصاروا إلى ظلمة ولاية أعدائه. 

 

{أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شي‏ء قدير} (259)

 

* الشيخ الطوسي في الغيب, عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر × يقول: مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته {الله مائة عام ثم بعثه}. 

 

* الشيخ الطوسي في الغيب, عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن القاسم بن الربيع، عن علي بن خطاب، عن مؤذن مسجد الأحمر قال: سألت أبا عبد الله × هل في كتاب الله مثل للقائم ×؟ فقال: نعم، آية صاحب الحمار أماته {الله مائة عام ثم بعثه}. 

 

{وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم} (260)

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, عن يونس بن ظبيان قال: كنت عند الصادق × مع جماعة فقلت: قول الله تعالى لإبراهيم × {خذ أربعة من الطير فصرهن} أو كانت أربعة من أجناس مختلفة؟ أو من جنس واحد؟ فقال ×: أتحبون أن أريكم مثله؟ قلنا: بلى. قال: يا طاووس. فإذا طاووس طار إلى حضرته، ثم قال: يا غراب. فإذا غراب بين يديه، ثم قال: يا بازي، فإذا بازي بين يديه، ثم قال: يا حمامة. فإذا حمامة بين يديه، ثم أمر بذبحها كلها وتقطيعها ونتف ريشها، وأن يخلط ذلك كله بعضه ببعض. ثم أخذ برأس الطاووس، فقال: يا طاووس. فرأينا لحمه وعظامه وريشه، يتميز من غيره حتى التزق ذلك كله برأسه، وقام الطاووس بين يديه حيا ثم صاح بالغراب كذلك، وبالبازي والحمامة مثل ذلك، فقامت كلها أحياء بين يديه. 

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, روي عن الحسين × أن عليا × كان ذات يوم بأرض قفر فرأى دراجا فقال: يا دراج منذ كم أنت في هذه البرية؟ ومن أين مطعمك ومشربك؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنا في هذه البرية منذ مائة سنة إذا جعت أصلي عليكم فأشبع، وإذا عطشت فأدعو على ظالميكم، فأروى.  فقال جابر بن عبد الله: ما أعطى منطق الطير إلا سليمان بن داود؟ فقال علي ×: لولا محمد | وآله لما خلق سليمان ولا أبوه آدم ثم قال: يا طاووس اهبط، يا صقر، يا باري، يا غراب. فهبطت، فأمر بذبحها. ثم قال: طيري بقدرة الله. فطارت الطيور كلها. 

 

* السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز, عن سلمان الفارسي قال: كنت يوما جالسا عند مولينا أمير المؤمنين × بأرض قفراء، فرأى دراجا فكلمه × فقال له: منذ كم أنت كنت في هذه البرية ومن أين مطعمك ومشربك؟ فقال: يا أمير المؤمنين! منذ أربعمائة سنة أنا في هذه البرية ومطعمي ومشربي إذا جعت فأصلي عليكم فأشبع وإذا عطشت فادعو على ظالميكم فأروى، قلت: يا أمير المؤمنين! هذا شئ عجيب، ما أعطي منطق الطير إلا لسليمان بن داود ×، فقال ×: يا سلمان! أما علمت أني أعطيت سليمان ذلك، يا سلمان! أتريد أن أريك شيئا أعجب من هذا؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين ويا خليفة رسول رب العالمين، قال: فرفع رأسه إلى الهواء وقال: يا طاووس اهبط, فهبط، ثم قال: يا صقر اهبط، فهبط، ثم قال: يا باز اهبط، فهبط، ثم قال: يا غراب اهبط، فهبط، ثم قال: يا سلمان! اذبحهم وانتف ريشهم وقطعهم إربا إربا واخلط لحومهم، ففعلت ما أمرني مولاي وتحيرت في أمره, ثم التفت إلي وقال: ما تقول؟ فقلت: يا مولاي! أطيار تطير في الهواء لم أعرف لهم ذنبا أمرتني بذبحهم؟ قال: يا سلمان! أتريد أن أحييها الساعة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنظر إليها شزرا وقال: طيري بقدرة الله، فطارت الطيور جميعا بإذن الله تعالى، فتعجبت من ذلك وقلت: يا مولاي! هذا أمر عظيم، قال: يا سلمان! لا تعجب من أمر الله فإنه قادر على ما يشاء فعال لما يريد، يا سلمان! إياك أن يحول بوهمك شئ، أنا عبد الله وخليفته، أمري أمره ونهيي نهيه وقدرتي قدرته وقوتي قوته. 

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, أن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد الله × إذ دخل شاب يبكي قال: نذرت على أن أحج بأهلي، فلما أن دخلت المدينة ماتت زوجتي. قال: اذهب فإنها لم تمت. قال: ماتت وسجيتها! قال: فهي حية. فخرج ثم رجع ضاحكا. قال: دخلت عليها وهي جالسة. قال: يا داود {أولم تؤمن} قال: {بلى ولكن ليطمئن قلبي}. فلما كان يوم التروية قال لي أبو عبد الله ×: يا داود قد اشتقت إلى بيت ربي. قلت: يا سيدي غدا عرفات. قال: إذا صليت العشاء الآخرة فارحل ناقتي وشد زمامها. ففعلت، فخرج وقرأ {قل هو الله أحد}، {ويس} ثم استوى عليها وأردفني خلفه، فسرنا هويا من الليل، وفعل في مواضع ما كان ينبغي، ثم قال: هذا بيت الله. ففعل ما كان ينبغي. فلما طلع الفجر، قام فأذن وأقام، وأقامني عن يمينه، وقرأ في أول الركعة الحمد والضحى, وفي الثانية ب‍الحمد, {وقل هو الله أحد} ثم قنت، ثم سلم وجلس. فلما طلعت الشمس، مر الشاب ومعه المرأة، فقالت لزوجها: هذا الذي شفع إلى الله في إحيائي. 

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة, حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا محمد ابن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير، قال: دخلت أبي عبد الله × وأنا أريد أن يعطيني دلالة مثل ما أعطاني أبو جعفر ×. فلما دخلت عليه قال: يا أبا محمد، ما كان لك فيما كنت فيه شغل؟! تدخل على إمامك وأنت جنب؟! قال: قلت: جعلت فداك، ما فعلت إلا على عمد. قال: {أولم تؤمن} قال: قلت: {بلى ولكن ليطمئن قلبي}. قال: قم يا أبا محمد فاغتسل. فاغتسلت وعدت إلى مجلسي، فعلمت عند ذلك أنه الإمام. 

 

* العلامة المجلسي في البحار, خبر مما روي عن جماعة ثقات، أنه لما وردت حرة بنت حليمة السعدية ( رض ) على الحجاج بن يوسف الثقفي وأنها مثلت بين يديه. فقال لها: يا حرة ابنة حليمة السعدية، قالت له: فراسة من غير مؤمن فقال لها: الله جاء بك، وقد قيل لي عنك: إنك تفضلين عليا على أبي بكر وعمر وعثمان؟ قالت: لقد كذب الذي قال إني أفضله على هؤلاء خاصة، قال وعلى غير هؤلاء؟ قالت أفضله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى بن مريم. فقال لها: يا ويلك! أقول لك إنك تفضلينه على الصحابة، وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم، من الرسل وإذا لم تأتي ببيان ما قلت وإلا لأضربن عنقك. - الى ان قال -: فبما تفضلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله؟ فقالت: الله عز وجل فضله بقوله {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} ومولاي أمير المؤمنين × قال قولا, لا يختلف فيه أحد من المسلمين: "لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا" وهذه كلمة ما قالها أحد قبله ولا بعده, فقال: أحسنت يا حرة. 

 

* الشيخ الصدوق في الخصال, حدثنا علي بن أحمد بن موسى قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل ابن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد × قال: استجابة الله دعوته (إبراهيم) حين قال: {رب أرني كيف تحيى الموتى} وهذه آية متشابهة معناها أنه سأل عن الكيفية والكيفية من فعل الله عز وجل متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب، ولا عرض في توحيده نقص، فقال الله عز وجل: {أو لم تؤمن قال بلى} هذا شرط عامة من آمن به متى سئل واحد منهم {أو لم تؤمن} وجب أن يقول: بلى، كما قال إبراهيم، ولما قال الله عز وجل لجميع أرواح بني آدم: {ألست بربكم قالوا بلى} قال: أول من قال بلى محمد | فصار بسبقه إلى {بلى} سيد الأولين والآخرين، وأفضل النبيين والمرسلين. فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته، قال الله عز وجل: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه}. 

 

{الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم و لا هم يحزنون} (262)

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الضحاك عن ابن عباس: نزلت في علي × {ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى}. 

 

{يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شي‏ء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين} (264)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن المفضل بن صالح, عن بعض أصحابه, عن جعفر بن محمد وأبى جعفر × في قول الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} إلى آخر الآية قال: نزلت في عثمان وجرت في معاوية وأتباعهما. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن سلام بن المستنير, عن أبي جعفر × في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} لمحمد وآل محمد | هذا تأويل قال: أنزلت في عثمان. 

 

* تفسير الإمام العسكري ×, قال الإمام العسكري ×: ودخل رجل على محمد بن علي بن موسى الرضا × وهو مسرور، فقال ×: ما لي أراك مسرورا؟ قال: يا بن رسول الله، سمعت أباك يقول: أحق يوم بأن يسر العبد فيه يوم يرزقه الله صدقات ومبرات وسد خلات من إخوان له مؤمنين، وإنه قصدني اليوم عشرة من إخواني المؤمنين الفقراء لهم عيالات، قصدوني من بلد كذا وكذا، فأعطيت كل واحد منهم فلهذا سروري. فقال محمد بن علي ×: لعمري إنك حقيق بأن تسر إن لم تكن أحبطته أو لم تحبطه فيما بعد. فقال الرجل: وكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص؟ قال: هاه قد أبطلت برك باخوانك وصدقاتك. قال: وكيف ذاك يا بن رسول الله؟ قال له محمد بن علي ×: اقرأ قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}. قال الرجل: يا بن رسول الله ما مننت على القوم الذين تصدقت عليهم ولا آذيتهم! قال له محمد بن علي ×: إن الله عز وجل إنما قال: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} ولم يقل لا تبطلوا بالمن على من تتصدقون عليه، وبالأذى لمن تتصدقون عليه وهو كل أذى، أفترى أذاك للقوم الذين تصدقت عليهم أعظم، أم أذاك لحفظتك وملائكة الله المقربين حواليك، أم أذاك لنا؟ فقال الرجل: بل هذا يا بن رسول الله. فقال: فقد آذيتني وآذيتهم وأبطلت صدقتك. قال: لماذا؟ قال: لقولك "وكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص" ويحك، أتدري من شيعتنا الخلص؟ قال: لا. قال: شيعتنا الخلص حزقيل المؤمن، مؤمن آل فرعون، وصاحب يس الذي قال الله تعالى فيه: {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى} وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار, أسويت نفسك بهؤلاء؟ أما آذيت بهذا الملائكة، وآذيتنا. فقال الرجل: أستغفر الله وأتوب إليه، فكيف أقول؟ قال: قل: أنا من مواليكم ومحبيكم، ومعادي أعدائكم، وموالي أوليائكم. فقال: كذلك أقول، وكذلك أنا يا بن رسول الله، وقد تبت من القول الذي أنكرته، وأنكرته الملائكة، فما أنكرتم ذلك إلا لانكار الله عز وجل. فقال محمد بن علي بن موسى الرضا ×: الآن قد عادت إليك مثوبات صدقاتك وزال عنها الاحباط. 

 

{ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير} (265)

 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الحسن بن جعفر بن إسماعيل الأفطس قال: حدثنا أبو موسى المسرقاني عمران بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن عبيد الفارسي قال: حدثنا محمد بن علي, عن أبي عبد الله ×: قوله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله} قال: نزلت في علي بن أبي طالب ×. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن سلام بن المستنير, عن أبي جعفر × في قوله: {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله} قال: أنزلت في علي ×. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله × قال: {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله} قال: علي × أمير المؤمنين أفضلهم، وهو ممن ينفق ماله ابتغاء مرضات الله. 

 

بمصادر العامة:

 

عن أبي بصير: عن أبي عبد الله × قال: {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله} قال: علي × أفضلهم وهو كان ممن ينفق ماله ابتغاء مرضاة الله. 

 

عن سلام بن المستنير, عن أبي جعفر × قال: قوله: {ومثل الذين ينفقون أموالهم} قال: نزلت في علي ×. 

 

{يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب} (269)

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن محمد بن عيسى, عن يونس, عن أيوب بن الحر, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله × في قول الله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} فقال: طاعة الله ومعرفة الإمام ×. 

 

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله × قال: سمعته يقول: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} قال: معرفة الامام, واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار. 

 

* الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إعلام الدين, سأل أبو بصير الإمام الباقر × عن قول الله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} ما عنى بذلك؟ فقال ×: معرفة الإمام، واجتناب الكبائر، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام مات ميتة جاهلية، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم، فمن مات وهو عارف بالإمامة لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، وكان كمن هو مع القائم × في فسطاطه. قال: ثم مكث هنيئة، ثم قال: لا، بل كمن قاتل معه. ثم: قال: لا، بل كمن استشهد مع رسول الله |. 

 

* محمد بن أحمد القمي في مائة منقبة, حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بالمحمدية قال: حدثني الحسين بن جعفر، قال: حدثني محمد بن يعقوب, عن محمد بن عيسى, عن نصر بن حماد، عن شعبة بن الحجاج قال: حدثني أيوب السختياني, عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله |: من أراد الحكمة فليحب أهل بيتي. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا عبد الله بن محمد, عن الحسن بن موسى الخشاب قال: حدثنا بعض أصحابنا, عن خيثمة الجعفي قال: قال لي أبو عبد الله ×: يا خيثمة, نحن شجرة النبوة, وبيت الرحمة, ومفاتيح الحكمة. 

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى, عن أبيه, عن عبد الله بن المغيرة, عن ابن مسكان, عن أبي حمزة الثمالي قال: خطب أمير المؤمنين × فحمد الله وأثنى عليه, ثم قال: إن الله اصطفى محمدا | بالرسالة وأنبأه بالوحي, وأنال في الناس وأنال, وفينا أهل البيت معاقل العلم, وأبواب الحكمة, وضياء الأمر, فمن يحبنا منكم نفعه إيمانه ويقبل عمله, ومن لم يحبنا منكم لم ينفعه إيمانه ولا يقبل عمله. 

 

* القاضي النعمان المغربي في شرح الأخبار, إسماعيل بن عياش باسناده, أن عليا ×, قضى على عهد رسول الله | بقضية, فأعجب رسول الله فقال: الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت. 

 

بمصادر العامة:

 

عن حكام عن سفيان قال: قال الربيع بن خثيم: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} يعني عليا ×. 

 

عن عامر بن مفضل التغلبي قال: حضرت حسن بن صالح غير مرة أسأله عن المسألة فيقول: قال فيه حكيم الحكماء علي بن أبي طالب ×. 

 

عن منذر، عن الربيع بن خثيم, أنهم ذكروا عنده عليا × فقال: لم أرهم يجدون عليه في حكمه والله تعالى يقول: {ومن يؤت الحكمة فقد أوقي خيرا كثيرا}. 

 

عن عامر قال: ذكر عند الربيع بن خثيم علي × فقال: ما رأيت أحدا محبه أشد حبا له منه، ولا مبغضه أشد بغضا له منه، وما رأيت أحدا من الناس يجد عليه في الحكم ثم قرأ: {ومن يؤتى الحكمة فقد أوقي خيرا كثيرا} الآية. فقال الناس: ربيع بن خثيم ترابي. ولم يكونوا يدرون ما هو.

 

عن منذر، عن الربيع بن خثيم قال: إن عليا × رجل إذا وجدت من يحبه يحبه الحب كله، وإذا وجدت من يبغضه يبغضه البغض كله، ثم صرف وجهه إلي فقال: والله إن كان لعالما بالقضاء، وقال الله: {ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} وذكر عليا ×. 

 

عن طارق بن شهاب قال: كنت عند عبد الله بن عباس فجاء أناس من أبناء المهاجرين فقالوا له: يا ابن عباس, أي رجل كان علي بن أبي طالب ×؟ قال: ملئ جوفه حكما وعلما وبأسا ونجدة وقرابة من رسول الله |.

 

 

عن منذر الثوري, عن الربيع بن خثيم قال: قال علي × العالم بالقضاء ثم قال: قال الله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة} الآية. 

 

قال رسول الله |: قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي علي × تسعة أجزاء, والناس جزأ واحدا. 

 

قال رسول الله |: من أراد الحكمة فليحب أهل بيتي. 

 

عن حميد بن عبد الله قال: إنه ذكر عند النبي | قضاء فضى به عن علي بن أبي طالب ×, فأعجب النبي | وقال: الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت. 

 

{للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم (273) الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (274)}

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, الضحاك, عن ابن عباس قال: لما انزل الله {للفقراء الذين احضروا في سبيل الله} الآية، بعث عبد الرحمن بن عوف بدنانير كثيرة إلى أصحاب الصفة حتى أغناهم، وبعث علي بن أبي طالب × في جوف الليل بوسق من تمر، فكان أحب الصدقتين إلى الله صدقة علي × وأنزلت الآية، وسئل النبي |: أي الصدقة أفضل في سبيل الله؟ فقال جهد من مقل. 

 

* القاضي النعمان المغربي في دعائم الإسلام, عن محمد بن علي × أنه قال لما غسل أباه عليا ×, نظروا إلى مواضع المساجد منه من ركبتيه وظاهر قدميه كأنهما مبارك البعير، ونظروا عاتقه وفيه شبيه بذلك، فقالوا لمحمد |: يا بن رسول الله، قد علمنا أن هذا من إدمان الصلاة وطول السجود، فما هذا الذي نرى على عاتقه؟ قال: أما إنه لو كان حيا ما حدثتكم عنه، كان لا يمر به يوم من الأيام إلا أشبع فيه مسكينا فصاعدا ما أمكنه، فإذا كان الليل نظر إلى ما فضل عن قوت عياله يومهم ذلك فجعله في جراب، فإذا هدأ الناس وضعه على عاتقه، وتخلل المدينة وقصد قوما {لا يسئلون الناس إلحافا} ففرقه فيهم من حيث لا يعلمون من هو، ولا يعلم بذلك أحد من أهله غيري، فإني كنت اطلعت على ذلك منه، يرجو بذلك فضل إعطاء الصدقة بيده ودفعها سرا، وكان يقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب. 

 

* الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا ×, حدثنا محمد بن عمر بن محمد الجعابي، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ×، قال : قال رسول الله |: نزلت هذه الآية {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} في علي ×. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثنا جعفر بن محمد الفزاري قال: حدثنا عباد, عن نصر, عن محمد بن مروان, عن الكلبي, عن أبي صالح: عن ابن عباس في قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} قال: نزلت في علي بن أبي طالب ×, وكان له أربع دراهم, فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية, فنزلت فيه هذه الآية. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن أبي إسحاق قال: كان لعلي بن أبي طالب × أربعة دراهم لم يملك غيرها، فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا وبدرهم علانية، فبلغ ذلك النبي | فقال: يا علي ما حملك على ما صنعت؟ قال: إنجاز موعود الله، فأنزل الله {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} الآية. 

 

* الشيخ المفيد في الإختصاص, حدثنا عبد الله قال: حدثنا أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان قال: روى لنا أبو الحسين محمد بن علي بن الفضل بن عامر الكوفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الفرزدق فزاري البزاز قراءة عليه قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن علي بن عمرويه الطحان وهو الوراق قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن موسى قال: حدثنا علي بن أسباط، عن غير واحد من أصحاب ابن دأب قال: قال رسول الله |: يا علي ما عملت في ليلتك؟ قال: ولم يا رسول الله؟ قال: نزلت فيك أربعة معان. قال: «بأبي أنت وأمي، كانت معي أربعة دراهم، فتصدقت بدرهم ليلا، وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا ، وبدرهم علانية, قال: فإن الله أنزل فيك: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.

 

بمصاجر العامة:

 

عن الضحاك, عن ابن عباس قال: لما أنزل الله تعالى قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} بعث عبد الرحمان بن عوف بدنانير كثيرة إلى أصحاب الصفة، وبعث علي بن أبي طالب × في جوف الليل بوسق من تمر، فكان أحب الصدقتين إلى الله عز وجل صدقة علي بن أبي طالب × فأنزل الله فيهما: {الذين ينفقون أموالهم} الآية، يعني بالنهار علانية صدقة عبد الرحمن بن عوف, وبالليل سرا صدقة علي بن أبي طالب ×.

 

عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه قال: كان لعلي × أربعة دراهم, فأنفق درهما بالليل ودرهما بالنهار، ودرهما سرا ودرهما علانية, فنزلت فيه {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية}. 

 

عن ابن عباس في قوله عز وجل: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} قال: نزلت في علي بن أبي طالب ×, لم يكن عنده غير أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا، وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا وبدرهم علانية. 

 

عن ابن عباس في قوله عز وجل: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} قال: نزلت في علي بن أبي طالب ×, لم يكن عنده غير أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا، وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا وبدرهم علانية، فقال له رسول الله |: ما حملك على هذا؟ قال: حملني عليها رجاء أن أستوجب على الله الذي وعدني. فقال رسول الله : ألا إن ذلك لك. فأنزل الله الآية في ذلك. 

 

عن ابن عباس في قول الله: {الذين ينفقون أموالهم} الآية قال: نزلت في علي × كان عنده أربعة دراهم فتصدق بالليل منها درهما وبدرهم نهارا، وبدرهم سرا وبدرهم علانية، كل ذلك لله، فأنزل الله الآية، فقال علي ×: والله ما تصدقت إلا بأربعة دراهم وأسمع الله يقول: {أموالهم}. فقال رسول الله |: إن الدرهم الواحد من المقل أفضل من مائة ألف درهم من الموسر عند الله عز وجل. 

 

عن محمد بن مروان به سواء وساقه إلى قوله تعالى: {وعلانية} الآية قال: نزلت في علي بن أبي طالب × كان لم يملك من المال غير أربعة دراهم, فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية فنزلت هذه الآية. 

 

قال الكلبي: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب × لم بكن يملك غير أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية، فقال له رسول الله |: ما حملك على هذا؟ قال: حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني. فقال له رسول الله |: ألا إن ذلك لك. فأنزل الله تعالى هذه الآية. 

 

{لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شي‏ء قدير} (284)

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن سعدان, عن رجل, عن أبي عبد الله × في قوله {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} قال: حقيق على الله أن لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من حبهما. 

 

{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير (285) لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين (286)}

 

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن عبد الصمد بن بشير قال: ذكر عند أبي عبد الله × بدء الاذان وقصة الاذان في إسراء النبي | حتى انتهى إلى السدرة المنتهى، قال فقالت السدرة المنتهى: ما جازني مخلوق قبلك، قال: {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، قال: وأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه ففتحه فنظر إليه فإذا فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، قال: فقال له: {آمن الرسول بما انزل إليه من ربه} قال: فقال رسول الله |: {والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه و رسله} قال: فقال رسول الله |: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال: فقال الله: قد فعلت، قال: {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا} إلى آخر السورة, وكل ذلك يقول الله: قد فعلت، قال: ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه وفتح صحيفة أصحاب الشمال فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، قال: فقال رسول الله |: رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، قال: فقال الله: {فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون} قال: فلما فرغ من مناجاة ربه رد إلى البيت المعمور، ثم قص قصة البيت والصلاة فيه، ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما إلى علي بن أبي طالب ×. 

 

* أحمد بن عياش الجوهري في مقتضب الأثر, حدثنا أبو الحسن علي بن سنان الموصلي المعدل، قال: أخبرني أحمد بن محمد الخليلي الآملي، قال: حدثنا محمد بن صالح الهمداني، قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: اخبرني الريان بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: سمعت سلام بن أبي عمرة قال: سمعت أبا سلمى راعى رسول الله | يقول: سمعت رسول الله | يقول: ليلة اسرى بي إلى السماء قال العزيز جل ثناؤه: {آمن الرسول بما انزل إليه من ربه} قلت: {والمؤمنون}، قال: صدقت يا محمد! من خلفت لامتك؟ قلت: خيرها، قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم، قال: يا محمد! انى اطلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا أذكر في موضع الا وذكرت معي، فانا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت فاخترت منها عليا ×، وشققت له اسما من أسمائي، فانا الاعلى وهو على، يا محمد أني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين من سن نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرضين، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين، يا محمد! لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع أو بصير كالشن البالي، ثم اتانى جاحدا لولايتكم، ما غفرت له أو يقر بولايتكم, يا محمد! تحب ان تراهم؟ قلت: نعم يا رب فقال لي: التفت عن يمين العرض فالتفت وإذا بعلى وفاطمة والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدى في ضحضحا من نور قياما يصلون، وهو في وسطهم - يعنى المهدى - كأنه كوكب درى فقال: يا محمد! هؤلاء الحجج وهو الثائر من عزتك، وعزتي وجلالي انه الحجة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي.

 

* العلامة المجلسي في البحار, مما رواه من كتاب المعراج, عن الصدوق, عن أحمد بن محمد الصقر, عن محمد بن العباس بن بسام, عن عبد الله بن محمد المهلبي, عن أحمد بن صبيح, عن الحسن بن جعفر, عن أبيه, عن منصور, عن موسى بن جعفر, عن أبيه عن جده, قال: لما عرج بالنبي | إلى السماء قال العزيز عز وجل: {آمن الرسول بما انزل إليه من ربه} قال |: قلت: {والمؤمنون}. قال: صدقت يا محمد ,من خلفت لامتك؟ وهو أعلم قلت: خيرها لأهلها قال: صدقت يا محمد، إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها ثم شققت لك اسما من أسمائي، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي، وأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت إليها اطلاعة أخرى فاخترت منها عليا فجعلته وصيك, فأنت سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء. إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين من شبح نور، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة وسائر خلقي وهم أرواح, فمن قبلها كان عندي من المقربين, ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمد وعزتي وجلالي لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتهم لم أدخله جنتي ولا أظللته تحت عرشي. 

 

* الشيخ الطبرسي في الإحتجاج, عن النبي | حديث في خطبة الغدير: ومن بايع فإنما يبايع الله, {يد الله فوق أيديهم}, معاشر الناس, فاتقوا الله وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة كلمة طيبة باقية, يهلك الله من غدر ويرحم الله من وفى, {وفمن نكث فإنما ينكث على نفسه} الآية. معاشر الناس, قولوا الذي قلت لكم, وسلموا على علي × بإمرة المؤمنين, قولوا {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}, وقولوا {الحمد لهل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله} الآية. معاشر الناس, إن فضائل علي بن أبي طالب × عند الله عز جل وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد. 

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, قال محمد بن العباس: حدثنا محمد بن همام, عن محمد بن إسماعيل, عن عيسى ابن داود، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي × في قوله عز وجل {إذ يغشى السدرة ما يغشى} فإن النبي | لما أسري به إلى ربه قال: وقف بي جبرئيل عند شجرة عظيمة لم أر مثلها، على كل غصن منها ملك، وعلى كل ورقة منها ملك، وعلى كل ثمرة منها ملك، وقد تجللها نور من نور الله عز وجل. فقال جبرئيل ×: هذه سدرة المنتهى، كان ينتهي الأنبياء قبلك إليها، ثم لم يتجاوزوها وأنت تجوزها إن شاء الله ليريك من آياته الكبرى، فاطمئن أيدك الله بالثبات حتى تستكمل كرامات الله وتصير إلى جواره. ثم صعد بي إلى تحت العرش فدلي إلي رفرف أخضر ما أحسن أصفه فرفعني الرفرف بإذن الله إلى ربي فصرت عنده وانقطع عني أصوات الملائكة ودويهم، وذهبت المخاوف والروعات وهدأت نفسي واستبشرت وجعلت أمتد وأنقبض، ووقع علي السرور والاستبشار، وظننت أن جميع الخلق قد ماتوا ولم أر غيري أحدا من خلقه، فتركني ما شاء الله. ثم رد علي روحي فأفقت، وكان توفيقا من ربي أن غمضت عيني وكل بصري وغشي عن النظر فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني بل أبعد وأبلغ، وذلك قوله {ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى} وإنما كنت أبصر مثل خيط الإبرة نورا بيني وبين ربي ونور ربي لا تطيقه الابصار. فناداني ربي فقال تبارك وتعالى: يا محمد قلت: لبيك ربي وسيدي وإلهي لبيك. قال: هل عرفت قدرك عندي وموضعك ومنزلتك. قلت: نعم يا سيدي. قال: يا محمد هل عرفت موقعك مني وموقع ذريتك؟ قلت: نعم يا سيدي. قال: فهل تعلم يا محمد فيم اختصم الملا الأعلى؟ قلت: يا رب أنت أعلم وأحكم وأنت علام الغيوب. قال: اختصموا في الدرجات والحسنات، فهل تدري ما الدرجات والحسنات؟ قلت: أنت أعلم سيدي وأحكم. قال: إسباغ الوضوء في المفروضات، والمشي على الاقدام إلى الجماعات معك ومع الأئمة من ولدك، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والتهجد بالليل والناس نيام. ثم قال {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} قلت {والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} قال: صدقت يا محمد {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} فقلت {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} قال: ذلك لك ولذريتك، يا محمد. قلت: لبيك ربي وسعديك سيدي وإلهي. قال: أسالك عما أنا أعلم به منك، من خلفت في الأرض بعدك؟ قلت: خير أهلها لها أخي وابن عمي وناصر دينك والغاضب لمحارمك إذا استحلت، ولنبيك غضب النمر إذا أغضب علي بن أبي طالب ×. قال: صدقت يا محمد إني اصطفيتك بالنبوة، وبعثتك بالرسالة وامتحنت عليا × بالبلاغ والشهادة على أمتك، وجعلته حجة في الأرض معك وبعدك، وهو نور أوليائي وولي من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين. يا محمد وزوجته فاطمة ÷، فإنه وصيك ووارثك ووزيرك، وغاسل عورتك وناصر دينك، والمقتول على سنتي وسنتك، يقتله شقي هذه الأمة. قال رسول الله |: ثم إن ربي أمرني بأمور وأشياء، وأمرني أن أكتمها ولم يؤذن لي في إخبار أصحابي بها، ثم هوى بي الرفرف. فإذا أنا بجبرئيل × فتناولني منه حتى صرت إلى سدرة المنتهى، فوقف بي تحتها ثم أدخلني جنة المأوى فرأيت مسكني ومسكنك يا علي فيها، فبينما جبرئيل يكلمني إذ علاني نور من نور الله، فنظرت إلى مثل مخيط الإبرة إلى ما كنت نظرت إليه في المرة الأولى. فناداني ربي جل جلاله: يا محمد. قلت: لبيك ربي وإلهي وسيدي. قال: سبقت رحمتي غضبي لك ولذريتك، أنت صفوتي من خلقي، وأنت أميني وحبيبي ورسولي، وعزتي وجلالي لو لقيني جميع خلقي يشكون فيك طرفة عين أو ينقصوك أو ينتقصوا صفوتي من ذريتك، لأدخلنهم ناري ولا أبالي. يا محمد علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم، أبو السبطين سيدي شباب جنتي المقتولين بي ظلما. ثم فرض علي الصلاة وما أراد تبارك وتعالى، وقد كنت قريبا منه في المرة الأولى مثل ما بين كبد القوس إلى سيته، فذلك قوله تعالى {قاب قوسين أو أدنى} من ذلك. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن عبد الصمد بن بشير قال: سمعت أبا عبد الله × يقول: أتى جبرئيل رسول الله | وهو بالأبطح بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار عليه ألف ألف محفة من نور فشمس حين أدناه منه ليركبه فلطمه جبرئيل × لطمة عرق البراق منها، ثم قال: أسكن فإنه محمد, ثم زف به من بيت المقدس إلى السماء فتطايرت الملائكة من أبواب السماء، فقال جبرئيل ×: الله أكبر الله أكبر فقالت الملائكة: عبد مخلوق، قال: ثم لقوا جبرئيل فقالوا: يا جبرئيل من هذا؟ قال: هذا محمد | فسلموا عليه ثم زف به إلى السماء الثانية، فتطايرت الملائكة فقال جبرئيل: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد ان لا إله إلا الله. فقالت الملائكة: عبد مخلوق, فلقوا جبرئيل × فقالوا: من هذا؟ فقال: محمد |، فسلموا عليه, فلم يزل كذلك في سماء سماء ثم أتم الاذان, ثم صلى بهم رسول الله | في السماء السابعة وأمهم رسول الله |، ثم مضى به جبرئيل × حتى انتهى به إلى موضع فوضع إصبعه على منكبه ثم رفعه فقال له: امض يا محمد، فقال له: يا جبرئيل تدعني في هذا الموضع؟ قال: فقال له: يا محمد ليس لي ان أجوز هذا المقام، ولقد وطئت موضعا ما وطئه أحد قبلك ولا يطأه أحد بعدك، قال: ففتح الله له من العظيم ما شاء الله، قال: فكلمه الله {آمن الرسول بما انزل إليه من ربه} قال: نعم يا رب {والمؤمنون كل آمن بالله وملئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير} قال الله تبارك وتعالى {لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} قال محمد | {ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} قال: قال الله: يا محمد من لامتك من بعدك؟ فقال: الله أعلم، قال على أمير المؤمنين × قال: قال أبو عبد الله ×: والله ما كانت ولايته الا من الله مشافهة لمحمد |. 

 

* ابن أبي الفتح الإربلي في كشف الغمة, عن حذيفة بن اليمان قال: دخلت عائشة على النبي | وهو يقبل فاطمة ÷، فقالت : يا رسول الله أتقبلها وهي ذات بعل؟ فقال لها: أما والله لو علمت ودي لها إذا لازددت لها ودا، وأنه لما عرج بي إلى السماء فصرت إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل، ثم قال لي: ادن، فقلت: أدنو وأنت بحضرتي؟ فقال لي: نعم إن الله فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلك أنت خاصة، فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة، فلما صليت وصرت إلى السماء السادسة إذا أنا بملك من نور على سرير من نور، عن يمينه صف من الملائكة وعن يساره صف من الملائكة، فسلمت فرد علي السلام وهو متكئ، فأوحى الله عز وجل إليه: أيها الملك سلم عليك حبيبي وخيرتي من خلقي فرددت السلام عليه وأنت متكئ؟ وعزتي وجلالي لتقومن ولتسلمن عليه ولا تقعد إلى يوم القيامة، فوثب الملك وهو يعانقني ويقول: ما أكرمك على رب العالمين يا محمد! فلما صرت إلى الحجب نوديت {آمن الرسول بما انزل إليه} فالهمت فقلت: {والمؤمنون كل آمن بالله وكتبه ورسله} ثم أخذ جبرئيل × بيدي وأدخلني الجنة وأنا مسرور، فإذا أنا بشجرة من نور مكللة بالنور، وفي أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بقصر من لؤلؤة بيضاء لا صدع فيها ولا وصل، فقلت: حبيبي لمن هذا القصر؟ قال: لابنك الحسن ×، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أر تفاحا أعظم منه، فأخذت تفاحة ففلقتها، فإذا أنا بحوراء كأن أجفانها مقاديم أجنحة النسور، فقلت لها: لمن أنت؟ فبكت ثم قالت: أنا لابنك المقتول ظلما الحسين بن علي ×، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد الزلال وأحلى من العسل، فأكلت رطبة منها وأنا أشتهيها، فتحولت الرطبة نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ÷، ففاطمة حوراء إنسية، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة ÷. 

 

بمصادر العامة:

 

عن النبي | حديث في خطبة الغدير: ومن بايع فإنما يبايع الله, {يد الله فوق أيديهم}, معاشر الناس, فاتقوا الله وبايعوا عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة كلمة طيبة باقية, يهلك الله من غدر ويرحم الله من وفى, {وفمن نكث فإنما ينكث على نفسه} الآية. معاشر الناس, قولوا الذي قلت لكم, وسلموا على علي × بإمرة المؤمنين, قولوا {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}, وقولوا {الحمد لهل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله} الآية. معاشر الناس, إن فضائل علي بن أبي طالب × عند الله عز جل وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد. 

 

عن أبي سليمان راعي رسول الله قال: سمعت رسول الله | يقول: ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه}. فقلت: {والمؤمنون}. قال: صدقت. قال: يا محمد إني اطلعت إلى أهل الأرض اطلاعة فاخترتك منهم فشققت لك اسما من أسمائي، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منهم عليا × فسميته باسمي. يا محمد خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين × من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن يجحدها كان عندي من الكافرين. يا محمد لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع، أو يصير كالشن البالي، ثم جاءني جاحدا لولايتكم ما غفرت له. يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب. قال لي: أنظر إلى يمين العرش. فنظرت، فإذا علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد ابن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، ومحمد المهدي بن الحسن كأنه كوكب دري بينهم. وقال: يا محمد هؤلاء حججي على عبادي وهم أوصياؤك، والمهدي منهم، الثائر من قاتل عترتك، وعزتي وجلالي إنه المنتقم من أعدائي والممد لأوليائي.