ثم انظر كيف يساقون بعد البعث و النشور و هم حفاة عراة إلى أرض المحشر أرض بيضاء صفصف لا ترى فيها عوجا و لا أمتا و لا ترى عليها ربوة يختفي الإنسان تحتها و لا وهدة ينخفض عن العين فيها بل هو صعيد واحد بسيط لا تفاوت فيها يساقون إليه زمرا فسبحان من جمع الخلائق على اختلاف أصنافهم من أقطار الأرض إذ ساقهم بالراجفة تتبعها الرادفة و الراجفة هي النفخة الأولى و الرادفة هي الثانية و حقيق لتلك القلوب أن تكون يومئذ واجفة و لتلك الأبصار أن تكون خاشعة .
قال رسول الله يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد و السماء تذهب شمسها و قمرها و نجومها .
فانظر يا مسكين في هول يوم القيامة و شدته فإذا اجتمع الخلائق على هذا الصعيد تناثرت من فوقهم نجوم السماء و طمس الشمس و القمر و أظلمت الأرض لخمود سراجها فبينما أنت كذلك إذ دارت السماء من فوق رءوسهم و انشقت مع غلظها و شدتها خمسمائة عام و الملائكة قيام على حافاتها و أرجائها فيا هول صوت انشقاقها في سمعك و يا هيبة يوم تنشق فيه السماء مع صلابتها و شدتها ثم تنهار و تسيل كالفضة المذابة يخالطها صفرة فصارت وردة كالدهان و صارت السماء كالمهل و صارت الجبال كالعهن و اشتبك الناس كالفراش المبثوث و هم حفاة عراة مشاة .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة عزلا قد ألجمهم العرق و بلغ شحوم الآذان .
قالت سودة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) راوية الحديث قلت يا رسول الله صلى الله عليك وا سوأتاه ينظر بعضنا بعضا فقال شغل الناس عن ذلك لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه فيا عظم يوم تنكشف فيه العورات و يؤمن فيه النظر و الالتفات كيف و بعضهم يمشي على بطونهم و وجوههم فلا قدرة لهم على الالتفات إلى غيرهم .