عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : كان من زهد يحيى بن زكريا أنه أتى بيت المقدس فنظر إلى المتهجدين من الأحبار و الرهبان عليهم مدارع الشعور و برانس الصوف و إذا هم قد خرقوا تراقيهم و سلكوا فيها السلاسل و شدوها إلى سواري المسجد ; فلما نظر إلى ذلك , أتى أمه فقال : ياأماه انسجي لي مدرعة من شعر و برنسا من صوف حتى آتي بيت المقدس فاعبد الله تعالى مع الأحبار و الرهبان .
فقالت له أمه : حتى يأتي نبي الله أبوك و أؤامره في ذلك .
فلما دخل زكريا (عليه السلام) أخبرته بمقالة يحيى (عليه السلام) فقال له : زكريا يا بني ما يدعوك إلى هذا و إنما أنت صبي صغير .
فقال : يا أبت أ ما رأيت من هو أصغر مني سنا قد ذاق الموت ?
قال : بلى .
ثم قال لأمه : انسجي له مدرعة من شعر و برنسا من صوف .
ففعلت ; فتدرع المدرعة على بدنه و وضع البرنس على رأسه ثم أتى بيت المقدس فأقبل يعبد الله عز و جل مع الأحبار حتى أنحلت مدرعة الشعر لحمه .
فنظر ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه , فبكى .
فأوحى الله إليه : يا يحيى أ تبكي على ما قد نحل من جسمك و عزتي و جلالي لو اطلعت إلى النار اطلاعة لتدرعت مدرعة من حديد فضلا عن المسوح .
فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه ثم بدت للناظرين أضراسه ; فبلغ ذلك أمه فدخلت عليه و أقبل زكريا فاجتمع إليه الأحبار و الرهبان و يخبرونه بذهاب لحم خديه .
فقال : ما شعرت بذلك .
فقال زكريا : يا بني ما دعاك إلى هذا ; و إنما سألت ربي أن يهبك لي لتقر عيني .
قال أنت أمرتني بذلك يا أبت .
فقال ومتى ذلك ?
قال : أ لست القائل أن بين الجنة و النار عقبة لا يجوزها إلا البكاءون من خشية الله تعالى ?
قال : بلى ; فجد و اجتهد فشأنك غير شأني .
فقام يحيى فنفض مدرعته و أخذته أمه , فقالت : أ تأذن لي يا بني أن أتخذ لك قطعتين من لبد يواري أضراسك و ينشفان دموعك ?
فقال لها : شأنك .
فاتخذت له قطعتي لبد تواريان أضراسه و تنشفان دموعه حتى إذا ابتلتا من دموع عينيه فحسر عن ذراعيه ثم أخذهما فعصرهما فتحدر الدموع من بين أصابعه فنظر زكريا إلى ابنه و إلى دموع عينيه فرفع رأسه إلى السماء فقال : اللهم إن هذا ابني و هذه دموع عينيه و أنت أرحم الراحمين .
و كان زكريا (عليه السلام) إذا أراد أن يعظ بني إسرائيل يلتفت يمينا و شمالا فإن رأى يحيى لم يذكر جنة و لا نارا .
فجلس زكريا (عليه السلام) ذات يوم يعظ بني إسرائيل فأقبل يحيى و قد لف رأسه بعبائه و قعد في غمار الناس لئلا يعرفه زكريا فالتفت زكريا (عليه السلام) يمينا و شمالا فلم ير يحيى فأنشأ يقول : حدثني حبيبي جبرئيل (عليه السلام) عن الله تعالى إن في جهنم جبلا يقال له السكران في أصل ذلك الجبل واد يقال له الغضبان لغضب الرحمن في ذلك الوادي جب قامته مائة عام في ذلك الجب توابيت من نار في تلك التوابيت صناديق من نار و سلاسل من نار و أغلال من نار .
فرفع يحيى (عليه السلام) رأسه فقال : وا غفلتاه عن السكران من غضب الرحمن ; ثم أقبل هائما على وجهه فقام زكريا (عليه السلام) من مجلسه و دخل على أم يحيى فقال لها يا أم يحيى قومي فاطلبي يحيى فإني قد تخوفت أن لا نراه إلا و قد ذاق الموت.
فقامت فخرجت فمرت بفتية من بني إسرائيل فقالوا لها يا أم يحيى إلى أين تريدين قالت أريد أن أطلب ابني يحيى ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه فمضت أم يحيى و الفتية معها فمرت براع يرعى غنما فقالت له يا راعي هل رأيت شابا من صفته كذا و كذا .
فقال لها : لعلك تطلبين يحيى بن زكريا .
قالت : نعم , ذلك ولدي ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه .
فقال : إني تركته الساعة على عقبه ثنية كذا و كذا ناقعا قدميه في الماء رافعا بصره إلى السماء و هو يقول : و عزتك يا مولاي لا ذقت بارد الشراب حتى أنظر إلى منزلتي منك .
فمضت فوجدته كما ذكر .
فلما رأته أقبلت إليه و أخذت برأسه و وضعته بين ثدييها و هي تناشده بالله أن ينطلق معها إلى المنزل فانطلق معها حتى أتى المنزل .
فقالت له أمه هل لك يا ولدي أن تخلع مدرعة الشعر و تلبس مدرعة الصوف فإنها ألين ففعل ذلك ثم طبخت له عدسا فأكل و نام فذهب به النوم فلم يقم لصلاته فنودي في منامه يا يحيى أردت دارا خيرا من داري و جوارا خيرا من جواري فاستيقظ فزعا فقال يا رب أقلني عثرتي إلهي فو عزتك لا أستظل بظل سوى بيت المقدس و قال لأمه ناوليني مدرعة الشعر فقد عرفت أنكما تورداني المهالك فدفعت إليه مدرعة الشعر و تعلقت به فقال لها زكريا (عليه السلام) يا أم يحيى دعيه فإن ابني قد كشف له عن قناع قلبه فلن ينتفع بالعيش أبدا فقام يحيى (عليه السلام) فلبس مدرعته و وضع البرنس على رأسه ثم أتى بيت المقدس فجعل يعبد الله تعالى فيه مع الأحبار و الرهبان حتى كان من أمره ما كان مع اليهود لعنهم الله .
عن أبي العباس البقباق قال : قال أبو عبد الله قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة و كم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا و الموت فضح الدنيا فلم يترك لذي لب فيها فرحا .
عن سفيان بن السمط قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا تبعه بنقمة و يذكره الاستغفار و إذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا تبعه بنعمة لينسيه الاستغفار و يتمادى بها و هو قول الله تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ بالنعم عند المعاصي .
محمد بن مادر قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) حديث مروي لنا عندك إنك قلت إذا عرفت فاعمل ما شئت قال قد قلت ذلك قلت و إن زنوا و إن شربوا الخمر فقال لي إنا لله و إنا إليه راجعون و الله ما أنصفونا أن نكون أخذنا بالعمل و وضع عنهم إنما قلت إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير و كثيره فإنه يقبل منك .
و عنه (عليه السلام) : قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما يقول في خطبته أيها الناس دينكم دينكم فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره السيئة فيه تغفر و الحسنة في غيره لا تقبل .
و عنه (عليه السلام) : قال قال موسى للخضر (عليه السلام) قد تحرمت بصحبتك فأوصني قال ألزم ما لا يضرك معه شيء كما لا ينفعك مع غيره شيء .
عن الحكم بن سالم قال : دخل على الإمام (عليه السلام) قوم فوعظهم ثم قال ما منكم من أحد إلا قد عاين الجنة و ما فيها و عاين النار و ما فيها إن كنتم تصدقون بالكتاب.
و عنه (عليه السلام) : اقصر نفسك عما يضرها من قبل أن تفارقك و اسع في فكاكها كما تسعى في معيشتك فإن نفسك رهينة بعملك .
قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا أمير المؤمنين أوصني بوجه من وجوه البر أنجو به فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) أيها الإنسان اسمع ثم استفهم ثم استيقن ثم استعمل و اعلم أن الناس ثلاثة زاهد و صابر و راغب أما الزاهد فقد خرجت الأحزان و الأفراح من قلبه فلا يفرح بشيء من الدنيا و لا يأسف على شيء منها فاته فهو مستريح و أما الصابر فإنه يتمناها بقلبه فإذا نال عنها ألجم نفسه منها لسوء عاقبتها و شنآنها لو اطلعت على قلبه لعجبت من عفته و تواضعه و حزمه و أما الراغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلها أو من حرامها و لا يبالي ما دنس فيه عرضه و أهلك نفسه و أذهب مروته فهم في غمرة يضطربون .
و عنه (عليه السلام) : من بعض كلامه لا تصغر ما ينفع يوم القيامة و لا تصغر ما يضر يوم القيامة .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله يحب العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم و يبغض العبد أن يستخف بالجرم اليسير .
و عنه (عليه السلام) : عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الندم على الشر يدعو إلى تركه .
و عنه (عليه السلام) : قال إنا نحدث قوما نجد الرجل لا يخطأ بلام و لا واو خطيبا مصقعا و لقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم و نجد الرجل لا يستطيع يعبر عما في قلبه بلسانه و قلبه يزهر كما يزهر المصباح .
عن الجعفري قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب قال إنه خالي قال فإنه يقول في الله قولا عظيما يصف الله و لا يوصف فإما جلست معه و تركتنا و إما جلست معنا و تركته فقال هو يقول ما شاء أي شيء علي منه إذا لم أقل ما يقول قال أبو الحسن أ ما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا أ ما علمت بالذي كان من أصحاب موسى (عليه السلام) و كان أبوه من أصحاب فرعون فلما لحقت خيل فرعون موسى تخلف عنه ليعطف أباه ليلحقه بموسى فمضى أبوه و هو يراغمه حتى بلغا طرفي البحر فغرقا جميعا فأتى موسى الخبر فقال هو في رحمة الله و لكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لا تصاحبوا أهل البدع و لا تجالسوهم فتصيروا عند الله كواحد منهم .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : المرء على دين خليله و قرينه.
و عنه (عليه السلام) : قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم و أكثروا من سبهم و القول فيهم و الوقيعة و ناهبوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام و تحذرهم الناس و لا يتعلموا من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات و ترفع لكم بها الدرجات في الآخرة .
محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر يقول يحشر العبد و ما هو بذي دم فيرفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له هذا سهمك من دم فلان فيقول يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني و ما سفكت دما فيقول بل سمعت من فلان رواية كذا و كذا فرويتها عنه فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها و هذا سهمك من دمه .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطأ و لكن قتل عمد .
عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أرضى سلطانا بسخط الله خرج من دين الله .
و عنه (عليه السلام) : قال من روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النار و من روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون و آل فرعون في النار .
و عنه (عليه السلام) : من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز و جل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي .
عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت جعلت فداك ما تقول في مسلم أتى مسلما و هو في منزله فاستأذن عليه فلم يأذن له و لم يخرج إليه قال يا أبا حمزة أيما مسلم أتى مسلما زائرا له أو في طلب حاجة و هو في منزله فلم يأذن له و لم يخرج إليه لم يزل في لعنة الله حتى يلتقيا قلت جعلت فداك في لعنة الله حتى يلتقيا قال نعم يا أبا حمزة .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أيما مؤمن كان بينه و بين مؤمن حجاب ضرب الله بينه و بين الجنة سبعين ألف سور ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام.
عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : كانت الفقهاء و الحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلاث كلمات ليس معهن رابعة من كانت الآخرة همه من الدنيا كانت الجنة مأواه و من أصلح سريرته أصلح الله علانيته و من أصلح فيما بينه و بين الله أصلح الله فيما بينه و بين الناس.
و سئل الصادق (عليه السلام) عن قول الله تعالى أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ قال : توبيخ لابن ثمانية عشر سنة .
عن الصادق قال : بينما موسى (عليه السلام) يناجي ربه عز اسمه إذا رأى رجلا تحت ظل عرش الله عز و جل فقال يا رب من هذا الفتى الذي قد أظله عرشك فقال يا موسى كان هذا بارا بوالديه و لم يمش يوما بالنميمة .
عن محمد بن علي (عليه السلام) قال : لما حضرت علي بن الحسين (عليه السلام) الوفاة ضمني إلى صدره ثم قال يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي (عليه السلام) حين حضرته الوفاة و بما ذكر أن أباه أوصاه به فقال يا بني إياك و ظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله عز و جل .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قراء القرآن ثلاثة رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة فاستجر به الملوك و استطال به على الناس و رجل قرأ القرآن فحفظ حروفه و ضيع حدوده و رجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه فأسهر به ليله و أظمأ به نهاره و قام به في مساجده و تجافى به عن فراشه فأولئك يدافع الله بهم البلاء و بأولئك يديل الله من الأعداء و بأولئك ينزل الله الغيث من السماء و الله لهؤلاء في قراء القرآن أعز من الكبريت الأحمر .
عن نوف البكالي قال : أتيت أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو في رحبة مسجد الكوفة فقلت السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته فقال و عليك السلام يا نوف و رحمة الله و بركاته فقلت يا أمير المؤمنين عظني فقال يا نوف أحسن يحسن الله إليك فقلت زدني يا أمير المؤمنين فقال يا نوف ارحم ترحم فقلت زدني يا أمير المؤمنين فقال قل خيرا تذكر بخير فقلت زدني يا أمير المؤمنين فقال يا نوف اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار ثم قال يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة و كذب من زعم أنه ولد من حلال و هو يبغضني و يبغض الأئمة من ولدي و كذب من زعم أنه يعرف الله عز و جل و هو يجتري على معاصي الله كل يوم و ليلة يا نوف اقبل وصيتي لا تكونن نقيبا و لا عريفا و لا عشارا و لا بريدا يا نوف صل رحمك كل يوم و ليلة يزد الله في عمرك و حسن خلقك يخفف الله حسابك يا نوف إن سرك أن تكون معي يوم القيامة فلا تكن للظالمين معينا يا نوف من أحبنا كان معنا و لو أن رجلا أحب حجرا لحشره الله معه يا نوف إياك أن تتزين للناس و تبارز الله بالمعاصي فتلقى الله يوم يلقاك و هو عليك غضبان يا نوف احفظ عني ما أقول لك تنل خير الدنيا و الآخرة .
عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال حدثني أبي عن جده عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قول الله وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا قال : لا تنس صحتك و قوتك و فراغك و شبابك و نشاطك أن تطلب بها الآخرة .
عنبسة بن بجاد العابد قال : لما مات إسماعيل بن جعفر بن محمد (عليه السلام) و فرغنا من جنازته جلس الإمام الصادق (عليه السلام) و جلسنا حوله و هو مطرق ثم رفع رأسه إلينا و قال أيها الناس هذه الدنيا دار فراق و دار التواء لا دار استواء على أن لفراق المألوف حرقة لا تدفع و لوعة لا تقلع و إنما يتفاضل بحسن العزاء و صحة الفكر فمن لم يثكل أخاه ثكلة أخوه و من لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد ثم تمثل بقول أبي خراش الهذلي يرثي أخاه .
فلا تحسبي أني تناسيت عهده *** و لكن صبري يا أميم جميل
الحسن بن جهم قال : سألت الرضا (عليه السلام) فقلت له جعلت فداك ما حد التوكل فقال لي أن لا تخاف مع الله أحدا قال فقلت فما حد التواضع قال أن تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثله قال قلت جعلت فداك أشتهي أعلم كيف أنا عندك قال انظر كيف أنا عندك .
عن الصادق (عليه السلام) قال : من تولى أمرا من أمور الناس فعدل و فتح بابه و رفع ستره و نظر في أمور الناس كان حقا على الله أن يؤمن روعته يوم القيامة و يدخله الجنة .
محمد بن مسلم قال : سمعت محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول ما أحسن الحسنات بعد السيئات و ما أقبح السيئات بعد الحسنات .
عن الباقر (عليه السلام) قال : في التوراة مكتوب فيما ناجى الله عز و جل به موسى (عليه السلام) يا موسى خفني في سر أمرك أحفظك من وراء عورتك و اذكرني في خلواتك و عند سرور لذاتك أذكرك عند غفلاتك و أملك غضبك عمن ملكتك عليه أكف عنك غضبي.
ابن أبي يعفور قال : قال الصادق (عليه السلام) إذا صليت صلاة فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لا يعود إليها أبدا ثم اصرف بصرك إلى موضع سجودك فلو تعلم من عن يمينك و شمالك لأحسنت صلاتك و اعلم أنك بين يدي من يراك و لا تراه.
و عنه (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال : كان علي (عليه السلام) يقول ما من أحد ابتلي و إن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء .
و عنه (عليه السلام) قال : من قطع ثوبا جديدا و قرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ستا و ثلاثين مرة فإذا بلغ إلى قوله تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ أخذ شيئا من الماء فرش به الثوب رشا خفيفا ثم صلى فيه ركعتين و دعا ربه تعالى و قال في دعائه الحمد لله الذي رزقني ما أتجمل به في الناس و أواري به عورتي و أصلي فيه لربي و حمد الله تعالى لم يزل يأكل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب .
و عنه (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأى يهوديا أو نصرانيا أو صابئا أو مجوسيا أو واحدا على غير ملة الإسلام قال الحمد لله الذي فضلني عليك بالإسلام دينا و بالقرآن كتابا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبيا و بعلي إماما و بالمؤمنين إخوانا و بالكعبة قبلة و قال من قال ذلك لم يجمع الله بينه و بينه في النار أبدا .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل المظلم و ناجاه أثبت الله النور في قلبه فإذا قال يا رب يا رب ناداه الجليل جل جلاله لبيك عبدي سلني أعطك و توكل علي أكفك ثم يقول جل جلاله ملائكتي انظروا إلي عبدي قد تخلى في الليل المظلم و البطالون لأهون و الغافلون نيام اشهدوا أني قد غفرت له ثم قال (عليه السلام) عليكم بالورع و الاجتهاد و العبادة .
عنبسة العابد قال : قلت للصادق (عليه السلام) أوصني فقال أعد جهازك و قدم زادك لطول سفرك و كن وصي نفسك و لا تأمن غيرك أن يبعث إليك بما يصلحك .
و عنه (عليه السلام) : من قال سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم و بحمده ثلاثين مرة استقبله الغني و استدبره الفقر و قرع باب الجنة.
سمع رجل من التابعين أنس بن مالك يقول : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) أَمَّنْ هُوَ قانِت آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ .
قال الرجل فأتيت عليا (عليه السلام) لأنظر عبادته فأشهد الله لقد أتيته وقت المغرب فوجدته يصلي بأصحابه المغرب فلما فرغ جلس للتعقيب إلى أن قام إلى العشاء الآخرة ثم دخل منزله فدخلت معه فوجدته طول الليل يصلي و يقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر ثم جدد وضوئه و خرج إلى المسجد فصلى بالناس صلاة الفجر ثم جلس في التعقيب إلى أن طلعت الشمس ثم قصده الناس فجعل يختصم إليه رجلان فإذا فرغا قام آخران إلى أن قام إلى صلاة الظهر فجدد لصلاة الظهر وضوءه ثم صلى بأصحابه الظهر ثم قعد في التعقيب إلى أن صلى بهم العصر ثم أتاه الناس فجعل يقوم إليه رجلان و يقعد رجلان و هو يقضي بينهم و يفتيهم إلى أن غربت الشمس فخرجت و أنا أقول أشهد بالله سبحانه أن هذه الآية نزلت فيه.
عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رحم الله امرأ أعان والده على بره رحم الله والدا أعان ولده على بره رحم الله جارا أعان جاره على بره رحم الله رفيقا أعان رفيقه على بره رحم الله خليطا أعان خليطه على بره رحم الله رجلا أعان سلطانه على بره .
أحمد بن عمر الحلبي قال : قلت للصادق (عليه السلام) أي الخصال بالمرء أجمل قال وقار بلا مهابة و سماح بلا طلب مكافاة و تشاغل بغير متاع الدنيا .
و عنه (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بات كالا من طلب الحلال بات مغفورا له .
و سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) ما ثبات الإيمان ? قال : الورع فقيل و ما زواله قال الطمع .
و عنه (عليه السلام) : أنه قال إذا مات المؤمن شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك و إذا دخل قبره أتاه ناكر و نكير فيقعدانه و يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيقول الله ربي و الإسلام ديني و محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبيي فيفسحان له في قبره مد بصره و يأتيان له بالطعام من الجنة و يدخلان عليه الروح و الريحان و ذلك قوله تعالى فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة ثم قال (عليه السلام) فإذا مات الكافر شيعه سبعون ألفا من الزبانية إلى قبره و إنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شيء إلا الثقلان و يقول لو أن لي كرة فأكون من المؤمنين و يقول ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ فتجيبه الزبانية كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها و يناديهم ملك لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فإذا دخل في قبره و فارقه الناس أتاه ناكر و نكير في أهول صورة فيقيمانه ثم يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيتلجلج لسانه و لا يقدر على الجواب فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شيء ثم يقولان من ربك و ما دينك و من نبيك فيقول لا أدري فيقولان له لا دريت و لا هديت و لا فلحت ثم يفتحان له بابا إلى النار و ينزلان إليه من حميم و ذلك قوله تعالى وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني في الآخرة.
عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله تعالى أنه قال : يا عبادي الصديقين تنعموا بعبادتي في الدنيا فإنكم بها تتنعمون في الآخرة .
من كلام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنما الدنيا فناء و عناء و بلاء و غير و عبر فمن فنائها أن الدهر مؤتر قوسه مفوق نبله يرمي الصحيح بالسقم و الحي بالموت و من عنائها أن المرء يجمع ما لا يأكل و يبني ما لا يسكن و من غيرها أنك ترى المغبوط مرحوما و المرحوم مغبوطا ليس فيها إلا نعيم زل أو بؤس نزل و من عبرها أن المرء يشرف على أمله فيختطفه من دونه أجله .
و من كلامه (عليه السلام) : كم من مستدرج بالإحسان إليه مغرور بالستر عليه مفتون بحسن القول فيه و ما أبلى الله عبدا بمثل الإبلاء له .
علي بن محمد الهادي عن أبيه عن جده عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو يقول من أدى لله مكتوبة فله في أثرها دعوة مستجابة قال ابن الفحام رأيت و الله أمير المؤمنين (عليه السلام) في النوم فسألته عن هذا الخبر فقال صحيح إذا فرغت من المكتوبة فقل و أنت ساجد اللهم بحق من رواه و بحق من روي عنه صل على جماعتهم و افعل بي كيت و كيت .
صفوان بن يحيى : كان يصلي كل يوم خمسين و مائة ركعة و يصوم في السنة ثلاثة أشهر و يخرج زكاة ماله كل سنة ثلاث مرات و ذلك أنه اشترط هو و عبد الله بن جندب و علي بن المنعم في بيت الله الحرام فتعاقدوا جميعا إن مات واحد منهم يصلي من بقي صلاته و يصوم عنه و يزكي عنه ما دام حيا فماتا صاحباه و بقي صفوان بعدهما و كان يفي لهما بذلك يصلي عنهما و يزكي عنهما و يصوم عنهما و يحج عنهما و كل شيء من البر و الصلاح يفعله لنفسه كذلك يفعله عن صاحبيه و قال له بعض جيرانه من أهل الكوفة و هو بمكة يا أبا محمد احمل لي إلى المنزل دينارين فقال له إن جمالي بكراء يعني استأذن جمالي .
دعاء : اللهم ارزقني عمل الخائفين و خوف العاملين حتى أتنعم بترك النعيم رغبة فيما وعدت و خوفا مما أوعدت .
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال لا تعجل و أنظره سبع ساعات فإن مضى سبع ساعات و لم يستغفر قال اكتب فما أقل حياء هذا .
حفص بن غياث قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول قال عيسى ابن مريم (عليه السلام) لأصحابه تعملون للدنيا و أنتم ترزقون فيها بغير عمل و لا تعملون للآخرة و لا ترزقون فيها إلا بالعمل ويلكم علماء السوء الأجرة تأخذون و العمل لا تصنعون يوشك رب العمل يطلب عمله و يوشك أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته و هو مقبل على دنياه و ما يضره أشهى إليه مما ينفعه .
عن علي بن الحسين قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا و إن كان محسنا و لا يمسي إلا خائفا و إن كان محسنا لأنه بين أمرين بين وقت قد مضى ما يدري ما الله صانع به و بين أجل قد اقترب ما يدري ما يصيبه من الهلكات ألا فقولوا خيرا و اعملوا به تكونوا من أهله صلوا أرحامكم و إن قطعوكم و عودوا بالفضل على من حرمكم و أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم و أوفوا بعهد من عاهدتم و إذا حكمتم فاعدلوا .
سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ما من عبد إلا و لله عليه حجة إما في ذنب اقترفه و إما في نعمة قصر في شكرها .
رفاعة بن موسى قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول أربع في التوراة إلى جنبهن أربع من أصبح على الدنيا حزينا فقد أصبح على ربه ساخطا و من أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه و من أتى غنيا فتضعضع له ليصيب من دنياه ذهب ثلثا دينه و من دخل النار ممن كان يقرأ القرآن فإنما هو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا و الأربع التي إلى جنبهن كما تدين تدان و من ملك استأثر و من لم يستشر ندم و الفقر هو الموت الأكبر.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من رد عن عرض أخيه المسلم كتبت له الجنة البتة و من أتى إليه معروف فليكاف و إن عجز فليثن به و إن لم يفعل فقد كفر النعمة .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : فيما أوحى الله عز و جل إلى موسى بن عمران يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن و إني إنما ابتليته لما هو خير له و أعافيه لما هو خير له و أنا أعلم بما يصلح عليه عبدي فليصبر على بلائي و ليشكر نعمائي و ليرض بقضائي أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي و أطاع أمري .
عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً قال : القنوع .
عن علي (عليه السلام) قال : كلما ألهى عن ذكر الله فهو من إبليس .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من بدا جفا و من تبع الصيد غفل و من لزم السلطان افتتن و ما يزداد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا .
و عنه (عليه السلام) قال : لا يؤمر رجل على عشرة فما فوقهم إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه فإن كان محسنا فك عنه غلة و إن كان مسيئا زيد غلا إلى غله .
عن الصادق (عليه السلام) قال : ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله دعاء الوالد لولده إذا بره و دعوته عليه إذا عقه و دعاء المظلوم على ظالمه و دعاؤه لمن انتصر له منه و رجل مؤمن دعا لأخيه المؤمن إذا واساه فينا و دعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه و اضطرار أخيه إليه .
عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : كنت عند سيدنا الصادق (عليه السلام) إذ دخل عليه أشجع السلمي فجلس ثم قال يا سيدي أنا كثير الأسفار و أحصل في المواضع المفزعة فعلمني ما آمن به على نفسي قال فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على أم رأسك و اقرأ برفيع صوتك أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ.
عن الصادق (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الله عز و جل لو لا أني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت عليه خرقة يواري بها و إذا أكملت له الإيمان ابتليته بضعف في قوته و قلة في رزقه فإن هو جزع أعدت عليه و إن صبر باهيت به ملائكتي ألا و قد جعلت عليا (عليه السلام) علما للناس فمن تبعه كان هاديا و من تركه كان ضالا ألا لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق .
عن الإمام علي بن موسى عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا قول إلا بعمل و لا عمل إلا بنية و لا قول و لا عمل و لا نية إلا بإصابة السنة .
عدي بن عدي عن أبيه قال : اختصم إمرؤ القيس و رجل من حضرموت إلى رسول الله في أرض قال أ لك بينة قال لا قال فيمنه قال إذن و الله يذهب بأرضي قال إن ذهب بأرضك بيمينه كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة و لا يزكيه و له عذاب أليم قال ففزع الرجل و ردها إليه .
قال الصادق (عليه السلام) : من اهتم لرزقه كتبت عليه خطيئة إن دانيال (عليه السلام) كان في زمن ملك جبار عاتي أخذه فطرحه في جب و طرح معه السباع فلم تدن منه و لم تجرحه فأوحى الله إلى نبي من أنبياء الله أن ائت دانيال بطعام قال يا رب و أين دانيال قال تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فإنه يدلك عليه قال فأتى به الضبع إلى ذلك الجب و إذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام فقال دانيال (عليه السلام) الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه و الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره و الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا و بالسيئات غفرانا و بالصبر نجاة ثم قال الصادق (عليه السلام) إن الله أبى أن يجعل أرزاق المتقين إلا من حيث لا يحتسبون و أن لا يقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين.
عن أبي ذر : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال .
يا أبا ذر : إني أحب لك ما أحب لنفسي إني أراك ضعيفا فلا تأمرن على اثنين و لا تولين مال يتيم .
عن أم الفضل قالت : دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على رجل يعوده و هو شاك فتمنى الموت فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تتمن الموت فإنك إن كنت محسنا تزداد إحسانا و إن كنت مسيئا فتؤخر تستعتب فلا تمنوا الموت .
عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المؤمن هين سمح له خلق حسن و الكافر فظ غليظ له خلق سيئ و فيه جبرية .
مصعب بن شيبة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه فأوسع له في مجلسه فليأته فإنما هي كرامة أكرمه بها أخوه و إن لم يوسع له أحد فلينظر أوسع مكان يجده فليجلس فيه .
و عنه (عليه السلام) : قال كم من عاقل عقل عن الله أمره و هو حقير عند الناس ذميم المنظر ينجو غدا و كم من ظريف جميل المنظر عند الناس يهلك يوم القيامة.
يعلى بن الوليد قال : إني لآخذ بيد أبي الدرداء فقلت له يا أبا الدرداء ما تحب لمن تحب قال إن يموت قلت فإن لم يمت قال يقل ماله و ولده.
هلال بن مسلم الجحدري قال : سمعت جدي جرة أو قال جوة قال شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام) و قد أتي بمال عند المساء فقال (عليه السلام) أقسموا هذا المال فقالوا قد أمسينا يا أمير المؤمنين فأخره إلى غد فقال لهم تقبلون إلى أن أعيش إلى غد قالوا و ما ذلك بأيدينا قال فلا تؤخروه حتى تقسموه فأتي بشمع فقسموا ذلك المال من تحت ليلتهم.
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا يا ابن خثعم يكفيك فيها ما سد جوعك و وارى عورتك و إن يكن بيت يكنك فذاك و إن يكن دابة تركبها فبخ بخ و إلا فالخبز و ما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب .
عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال : بينما أمير المؤمنين ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذا أتاه شيخ عليه شحبة السفر فقال أين أمير المؤمنين (عليه السلام) فقيل هو ذا فسلم عليه ثم قال يا أمير المؤمنين (عليه السلام) إني أتيتك من ناحية الشام و أنا شيخ كبير و قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصيه و إني أظنك ستغتال فعلمني مما علمك الله قال نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون من كانت الدنيا همته كثرت حسرته عند فراقها و من كان غده شر يوميه فمحروم و من لم يبال ما رزئ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك و من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى و من كان في نقص فالموت خير له يا شيخ إن الدنيا خضرة حلوة و لها أهل و إن الآخرة لها أهل ظلفت أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا لا يتنافسون في الدنيا و لا يفرحون بغضارتها و لا يحزنون لبؤسها.
يا شيخ من خاف البيات يقل نومه ما أسرع الليالي و الأيام في عمر العبد فاخزن لسانك و عد كلامك لا تقل إلا بخير .
يا شيخ ارض للناس ما ترضى لنفسك و ائت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك فقال له زيد بن صوحان العبدي يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب و أقوى قال الهوى قال فأي ذل أذل قال الحرص على الدنيا قال فأي عمل أفضل قال التقوى قال فأي عمل أنجح قال طلب ما عند الله قال فأي صاحب أشر قال المزين لك معصية الله قال فأي الخلق أشقى قال من باع آخرته بدنيا غيره قال فأي الناس أكيس قال من أبصر رشده قال فمن أحلم الناس قال الذي لا يغضب قال فأي الناس أثبت رأيا قال من لم تغره الناس من نفسه و لم تغره الدنيا بتشوفها قال فأي الناس أحمق قال المغتر بالدنيا و هو يرى ما فيها من تقلب أحوالها قال فأي الناس أعمى قال الذي عمل لغير الله يطلب بعمله الثواب من عند الله عز و جل قال فأي المصائب أشد قال المصيبة بالدين قال فأي الناس خير عند الله قال أخوفهم لله و أعملهم بالتقوى و أزهدهم في الدنيا قال فأي الكلام أفضل عند الله عز و جل قال كثرة ذكره و التضرع إليه و دعاؤه قال فأي الأعمال أفضل عند الله عز و جل قال التسليم و الورع قال ثم أقبل (عليه السلام) على الشيخ فقال يا شيخ إن الله عز و جل خلق خلقا ضيق عليهم الدنيا نظرا لهم و زهدهم فيها و في حطامها فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم و صبروا على ضيق المعيشة و صبروا على المكروه و اشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة و بذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله و كانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله و هو عنهم راض علموا أن الموت سبيل لمن مضى و بقي فتزودوا لآخرتهم غير الذهب و الفضة و لبسوا الخشن و صبروا على القوت و قدموا الفضل و أحبوا في الله و أبغضوا في الله أولئك المصابيح و أهل النعيم في الآخرة فقال الشيخ و أين أذهب و أدع الجنة و أنا أراها و أرى أهلها معك جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك فأعطاه سلاحا و حمله و كان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى استشهد .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان أبي يقول ما من شيء أفسد للقلب من الخطيئة إن القلب ليواقع الخطيئة فما يزال به حتى تغلب عليه فيصير أسفله أعلاه و أعلاه أسفله .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أسرع الذنوب عقوبة كفران النعم .
عن علي (عليه السلام) قال : جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله عندي دينار فما تأمرني به قال أنفقه على أمك قال عندي آخر فما تأمرني به قال أنفقه على أخيك قال عندي آخر فما تأمرني به لا و الله ما عندي غيره قال أنفقه في سبيل الله و هو أدناها أجرا .
و عنه (عليه السلام) : قال النظر إلى العالم عبادة و النظر إلى الإمام المقسط عبادة و النظر إلى الوالدين برأفة و رحمة عبادة و النظر إلى الأخ يوده في الله عز و جل عبادة .
الحارث الهمداني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا علي ما من عبد إلا و له جواني و براني يعني سريرة و علانية فمن أصلح جوانيه أصلح الله عز و جل برانيه و من أفسد جوانيه أفسد الله برانيه و ما من أحد إلا و له صيت في أهل السماء و صيت في أهل الأرض فإذا حسن صيته في أهل السماء وضع له ذلك في أهل الأرض و إذا ساء صيته في أهل السماء وضع له ذلك في أهل الأرض قال فسئل عن صيته ما هو قال ذكره .
و عنه (عليه السلام) : قال عليكم بمكارم الأخلاق فإن الله عز و جل بعثني بها و إن من مكارم الأخلاق أن يعفو الرجل عمن ظلمه و يعطي من حرمه و يصل من قطعه و أن يعود من لا يعوده .
و عنه (عليه السلام) : قال إن للمسلم على أخيه المسلم من المعروف ستا يسلم عليه إذا لقيه و إذا مرض يعوده و يسمته إذا عطس و يشهده إذا مات و يجيبه إذا دعاه و يحب له ما يحب لنفسه و يكره له ما يكره لنفسه .
عن أبي هارون العبدي قال : كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري قال مرحبا بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول سيأتيكم قوم من أقطار الأرض يتفقهون فإذا رأيتموهم فاستوصوا بهم خيرا و يقول أنتم وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
و عنه (عليه السلام) : قال أوحى الله إلى نجية موسى يا موسى أحبني و حببني إلى خلقي فقال يا رب أنا أحبك فكيف أحببك إلى خلقك قال اذكر لهم نعمائي عليهم و بلائي عندهم فإنهم لا يذكرون إذ لا يعرفون مني إلا كل خير .
و عنه (عليه السلام) : طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة فاطلبوه في مظانه و اقتبسوه من أهله فإن تعليمه لله حسنة و طلبه عبادة و المذاكرة به تسبيح و العمل به جهاد و تعليمه من لا يعلمه صدقة و بذله لأهله قربة إلى الله تعالى .
و عنه (عليه السلام) : من كثر همه سقم بدنه و من ساء خلقه عذب نفسه و من لاحى الرجال سقطت مروته و ذهبت كرامته ثم قال لم يزل جبرئيل ينهاني عن ملاحات الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر و عبادة الأوثان .
و عنه (عليه السلام) : قال الله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ قال و من شأنه أن يغفر ذنبا و يفرج كربه و يرفع قوما و يضع آخرين .
و عنه (عليه السلام) : ما عمل امرؤ عملا بعد إقامة الفرائض خيرا من إصلاح بين الناس يقول خيرا و يثني خيرا .
عن حماد اللحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن أباه (عليه السلام) قال : يا بني إنك إن خالفتني في العمل لم تنزل غدا معي في المنزل ثم قال إن الله عز و جل ليولين قوما قوما يخالفونهم في أعمالهم ينزلون معهم يوم القيامة كلا و رب الكعبة .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقسم لحظاته بين أصحابه ينظر إلى ذا و ينظر إلى ذا بالسوية .
سنان بن ظريف قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه مشرف على النار و يرجو رجاء كأنه من أهل الجنة ثم قال إن الله عز و جل عند ظن عبده إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان رجل بالمدينة فدخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال اللهم آنس وحشتي و صل وحدتي و ارزقني جليسا صالحا فإذا هو برجل في أقصى المسجد فسلم عليه و قال له من أنت يا عبد الله قال أنا أبو ذر قال الرجل الله أكبر الله أكبر فقال له أبو ذر لم تكبر يا عبد الله فقال إني دخلت المسجد فدعوت الله تبارك و تعالى إن يونس وحشتي و أن يصل وحدتي و أن يرزقني جليسا صالحا فقال له أبو ذر أنا أحق بالتكبير منك إذ كنت ذاك أجلس فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول أنا و أمتي على ترعة يوم القيامة حتى يفرغ الناس من الحساب قم يا عبد الله فقد نهى السلطان عن مجالستي .
أبو حمزة الثمالي قال : سمعت أبا عبد الله يقول إذا قال المؤمن لأخيه أف خرج من ولايته و إذا قال أنت عدوي كفر أحدهما لأنه لا يقبل الله من أحد عملا في تثريب على مؤمن يصحبه و لا يقبل من مؤمن عملا و هو يضمر في قلبه على المؤمن سوءا و لو كشف الغطاء عن الناس فنظروا إلى وصل ما بين الله و بين المؤمن خضعت للمؤمن رقابهم و تسهلت لهم أمورهم و لانت لهم قلوبهم و لو نظروا إلى مردود الأعمال من الله عز و جل لقالوا ما يتقبل الله من أحد عملا .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لجعفر حين قدم من الحبشة أي شيء أعجب ما رأيت قال رأيت حبشية مرت و على رأسها مكتل فمر رجل فزحمها و طرحها و وقع المكتل عن رأسها فجلست ثم قالت ويل لك من ديان يوم الدين إذا جلس على الكرسي و أخذ من الظالم للمظلوم فعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
يونس بن ظبيان قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أ لا تنهى هذين الرجلين عن هذا الرجل فقال من هذا الرجل و من هذان الرجلان قال أ لا تنهى حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة عن المفضل بن عمر قال يا يونس قد سألتهما أن يكفا عنه فلم يفعلا و دعوتهما و كتبت إليهما و جعلته حاجتي إليهما فلم يكفا عنه فلا غفر الله لهما فو الله لكثير عزة في مودتها أصدق منهما فيما ينتحلان من مودتي حيث يقول .
لقد علمت بالغيب أن لا أحبها *** إذا أنا لم يكرم على كريمها
أما و الله لو أحباني لأحبا من أحب .
من وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن : يا بني قصر الأمل و اذكر الموت و ازهد في الدنيا فإنك رهين موت و غرض بلاء و طريح سقم و أوصيك بخشية الله في سر أمرك و علانيتك و أنهاك عن التسرع بالقول و الفعل و إذا عرض شيء من أمر الآخرة فابدأ به و إذا عرض شيء من أمر الدنيا فلا تأته حتى تصيب رشدك فيه .
مسعدة بن زياد قال : سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) و قد سئل عن قول الله تعالى قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فقال إن الله يقول للعبد يوم القيامة أ كنت عالما فإن قال نعم قال له أ فلا عملت بما علمت و إن قال كنت جاهلا قال أ فلا تعلمت حتى تعمل فتلك الحجة البالغة .
من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا أيها الناس اسمعوا مقالتي و عوا كلامي إن الخيلاء من التجبر و النخوة من التكبر و إن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل ألا إن المسلم أخو المسلم فلا تنابزوا و لا تخاذلوا فإن شرائع الدين واحدة و سبله قاصدة من أخذ بها لحق و من تركها مرق و من فارقها محق ليس المسلم بالخائن إذا اؤتمن و لا بالمخلف إذا وعد و لا بالكذاب إذا نطق .
و من كلامه : أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسئولون و إليه تصيرون فإن الله تعالى يقول كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ و يقول وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ و يقول فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ و اعلموا عباد الله أن الله جل و عز سائلكم عن الصغير من عملكم و الكبير فإن يعذب فنحن أظلم و إن يعف فهو أرحم الراحمين يا عباد الله أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة و الرحمة حين يعمل لله بطاعته و ينصحه في التوبة عليكم بتقوى الله فإنها تجمع الخير و لا خير غيرها .
و منها : احذروا يا عباد الله الموت و سكرته و أعدوا له عدته فإنه يفجؤكم بأمر عظيم لخير لا يكون معه شر أبدا و لشر لا يكون معه خير أبدا فمن أقرب إلى الجنة من عاملها و من أقرب إلى النار من عاملها .
و منها : فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم و أنفسكم مما لا طاقة لكم به و لا صبر لكم عليه فاعملوا بما أحب الله و اتركوا ما كره الله يا عباد الله إن بعد البعث ما هو أشد من القبر يوم يشيب فيه الصغير و يسكر فيه الكبير و يسقط فيه الجنين و تذهل كل مرضعة عما أرضعت يوم عبوس قمطرير يوم كان شره مستطيرا إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم و ترعد منه السبع الشداد و الجبال الأوتاد و الأرض المهاد و تنشق السماء فهي يومئذ واهية .
عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخ يستفيده في الله ثم قال يا فضل لا تزهدوا في فقراء شيعتنا فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة و مضر ثم قال يا فضل إنما سمي المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه ثم قال أ ما سمعت الله تعالى يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ .
و عنه (عليه السلام) : من تعلم لله و عمل لله و علم لله دعي في ملكوت السموات عظيما .
أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال حدثني الحسين بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال : كان يقال لا تحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى يغيره .
شعيب العقرقوفي قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول لأصحابه و أنا حاضر اتقوا الله و كونوا إخوة بررة متحابين في الله متواصلين متواضعين متراحمين تزاوروا و تلاقوا و تذاكروا و أحيوا أمرنا .
عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : إذا كذب الولاة حبس المطر و إذا جار السلطان هانت الدولة و إذا حبست الزكاة ماتت المواشي .
محمد بن علي عن أبي لبابة بن عبد المنذر : إنه جاء يتقاضى أبا البشر دينا له عليه فسمعه يقول قولوا له ليس هو فصاح أبو لبابة يا أبا البشر اخرج إلي فخرج إليه فقال ما حملك على هذا الكلام فقال العسر يا أبا لبابة ثم قال الله قال أبو لبابة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول من أحب أن يستظل من فور جهنم فقلنا كلنا نحب ذلك قال فلينظر غريما أو ليدع معسرا .
عن الشعبي قال : سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول عجبت لمن يقنط و معه الممحاة فقيل و ما الممحاة قال الاستغفار .
أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الخلائق في صعيد واحد و نادى مناد من عند الله يسمع آخرهم كما يسمع أولهم و يقول أين أهل الصبر قال فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم ما كان صبركم هذا الذي صبرتم فيقولون صبرنا أنفسنا على طاعة الله و صبرناها عن معصية الله قال فينادي مناد من عند الله صدق عبادي خلوا سبيلهم فيدخلوا الجنة بغير حساب قال ثم ينادي مناد آخر يسمع آخرهم كما يسمع أولهم فيقول أين أهل الفضل فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم الملائكة فيقولون ما فضلكم هذا الذي نوديتم به فيقولون كنا يجهل علينا في الدنيا فنتحمل و يساء إلينا فنعفو قال فينادي مناد من عند الله صدق عبادي خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب قال ثم ينادي مناد من عند الله عز و جل يسمع آخرهم كما يسمع أولهم أين جيران الله جل جلاله في داره فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون ما ذا كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران الله في داره فيقولون كنا نتحاب في الله عز و جل و نتباذل في الله و نتزاور في الله تعالى قال فينادي مناد من عند الله تعالى صدق عبادي خلوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار الله في الجنة بغير حساب قال فينطلقون إلى الجنة بغير حساب ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) فهؤلاء جيران الله في داره يخاف الناس و لا يخافون و يحاسب الناس و لا يحاسبون .
عن أبي عبيد الحذاء قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أسرع الخير ثوابا البر و أسرع الشر عقابا البغي و كفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس ما يعمى عنه من نفسه و أن يعير الناس بما لا يستطيع تركه و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه .
عكرمة قال : سمعت عبد الله بن العباس يقول لابنه علي بن عبد الله ليكن كنزك الذي تدخره العلم كن به أشد اغتباطا منك بكثرة الذهب الأحمر فإني مودعك كلاما إن أنت وعيته اجتمع لك خير الدنيا و الآخرة لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل و يؤخر التوبة لطول الأمل و يقول في الدنيا قول الزاهدين و يعمل فيها عمل الراغبين إن أعطي منها لم يشبع و إن منع منها لم يقنع يعجز عن شكر ما أوتي و يبتغي الزيادة فيما بقي يأمر بما لا يأتي يحب الصالحين و لا يعمل عملهم و يبغض الفجار و هو أحدهم و يقول لم أعمل فأتعنى ألا أجلس فأتمنى و هو يتمنى المغفرة و قد دأب في المعصية و قد عمر ما يتذكر فيه من تذكر .
عن أبي حمزة الثمالي قال : كان علي بن الحسين يقول ابن آدم لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك و ما كانت المحاسبة من همك و ما كان الخوف لك شعارا و الحزن لك دثارا ابن آدم إنك ميت و مبعوث و موقوف بين يدي الله عز و جل و مسئول فأعد جوابا .
عن أبي الدرداء عن أبيه قال : نال رجل من عرض رجل عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرد رجل من القوم عليه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار .
المفضل بن عمر الجعفي قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول لا يكمل إيمان العبد حتى يكون فيه أربع خصال يحسن خلقه و تسخو نفسه و يمسك الفضل من قوله و يخرج الفضل من ماله .
محمد بن إسماعيل بن الحكم عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال : كان في بني إسرائيل قاض و كان يقضي بينهم فلما حضره الموت قال لامرأته إذا مت فاغسليني و كفنيني و ضعيني على سريري و غطي وجهي فإنك لا ترين سوءا قال فلما أن مات فعلت به ذلك ثم مكثت حينا و كشفت عن وجهه لتنظر إليه فإذا هي بدودة تقرض منخره ففزعت لذلك فلما كان الليل أتاها في منامها فقال لها أ فزعك ما رأيت فقالت أجل لقد فزعت فقال أما إنك إن كنت فزعت فما كان ما رأيت إلا من هواي في أخيك فلان أتاني و معه خصم له فلما جلسا إلي قلت اللهم اجعل الحق له و وجه القضاء له على صاحبه فلما اختصما إلي كان الحق له فرأيت ذلك بينا في القضاء له فوجهت القضاء له على صاحبه فأصابني ما رأيت لموضع هواي كان معه و إن وافقه الحق .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : اللهم من أحبني فارزقه الكفاف و العفاف و من أبغضني فأكثر ماله و ولده .
قال :قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك و معه محمد بن عروة فدخل محمد دار الدواب فضربته دابة فخر ميتا و وقعت في رجل عروة الآكلة و لم يدع ورده تلك الليلة فقال له الوليد اقطعها فقال لا فترقت إلى ساقه فقال اقطعها و إلا أفسدت عليك جسدك فقطعها بالمنشار و هو شيخ كبير لم يمسكه أحد و قال لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا و قدم على الوليد من تلك السنة قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير فسأله الوليد عن عينه و سبب ذهابها فقال يا أمير المؤمنين كنت ليلة في بطن واد و لا أعلم عبسيا تزيد حاله على حالي فطرقنا سيل فذهب بما كان لي من أهل و ولد و مال غير بعير و صبي مولود و كان البعير صعبا فند فوضعت الصبي و اتبعت البعير فلم أجاوز إلا قليلا حتى سمعت صيحة الصبي فرجعت إليه فوجدت رأس الذئب في بطنه يأكله و لحقت البعير لأحبسه فنفحني برجله في وجهي فحطمه و ذهبت عيني فأصبحت لا مال و لا أهل و لا ولد و لا بصر فقال الوليد انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء و شخص عروة إلى المدينة فأتته قريش و الأنصار فقال له عيسى بن طلحة بن عبيد الله بن عبد الله أبشر يا أبا عبد الله فقد صنع الله بك خيرا و الله ما بك حاجة إلى المشي فقال ما أحسن ما صنع الله لي وهب لي سبع بنين فمتعني بهم ما شاء ثم أخذ واحدا منهم و ترك لي ستة و وهب لي ستة جوارح فمتعني بهن ما شاء ثم أخذ واحدة و ترك لي خمسا يدين و رجلين و سمعا و بصرا ثم قال إلهي إن كنت قد أخذت فقد أبقيت و إن كنت ابتليت فقد عافيت .
عن الرضا (عليه السلام) : خير مال المرء ذخائر الصدقة .
عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) كان يقول : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون كامل العقل و لن يكون كامل العقل حتى يكون فيه عشر خصال الخير منه مأمول و الشر منه مأمون يستقل كثير الخير من نفسه و يستكثر قليل الخير من غيره و يستكثر قليل الشر من نفسه و يستقل كثير الشر من غيره و لا يتبرم بطلب الحوائج قلبه و لا يسأم من طلب العلم عمره الذل أحب إليه من العز و الفقر أحب إليه من الغنى حسبه من الدنيا القوت و العاشرة و ما العاشرة لا يلقى أحدا إلا قال هو خير مني و أتقى إنما الناس رجلان رجل خير منه و أتقى و آخر شر منه و أدنى فإذا لقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به و إذا لقي من هو شر منه و أدنى قال لعل شر هذا ظاهر و خيره باطن فإذا فعل ذلك فقد علا و ساد أهل زمانه .
قال أبو عبد الله (عليه السلام) : اعملوا قليلا تنعموا كثيرا .
الأصبغ بن نباتة أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : لأصحابه اعلموا يقينا أن الله تعالى لم يجعل للعبد و إن عظمت حيلته و اشتد طلبه و قويت مكايده أكثر مما سمي له في الذكر الحكيم و العارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته و التارك له أعظم الناس شغلا في مضرته و الحمد لله رب العالمين و رب منعم عليه مستدرج و رب مبتلى عند الناس مصنوع له فأبق أيها المستمع من سعيك و قصر من عجلتك و اذكر قبرك و معادك فإن إلى الله مصيرك و كما تدين تدان .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : رب صائم حظه من صيامه الجوع و العطش و رب قائم حظه من قيامه السهر .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين يقول نبه بالتفكر قلبك و جاف عن النوم جنبك و اتق الله ربك .
الحسن الصيقل قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس تفكر ساعة خير من قيام ليلة قلت كيف يتفكر قال يمر بالخربة أو بالدار فيقول أين ساكنوك أين بانوك ما لك لا تتكلمين .
معمر بن خلاد قال : سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول ليس العبادة كثرة الصلاة و الصوم و إنما العبادة التفكر في أمر الله عز و جل .
و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : التفكر يدعو إلى البر و العمل به .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله عز و جل ارتضى لكم الإسلام دينا فأحسنوا صحبته بالسخاء و حسن الخلق .
و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : الإيمان أربعة أركان الرضا بقضاء الله و التوكل على الله عز و جل و تفويض الأمر إلى الله و التسليم لأمر الله .
أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ليس شيء إلا و له حد قال قلت جعلت فداك فما حد التوكل قال اليقين قلت فما حد اليقين قال أن لا تخاف مع الله شيئا .
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من صحة يقين المرء المسلم أن لا يرضي الناس بسخط الله و لا يلومهم على ما لم يؤته الله فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص و لا يرده كراهة كاره .
صفوان الجمال قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز و جل وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما قال : أما إنه ما كان ذهبا و لا فضة إنما كان أربع كلمات لا إله إلا أنا فمن أيقن بالموت لم يضحك سنه و من أيقن بالحساب لم يفرح قلبه و من أيقن بالقدر لم يخش إلا الله .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنبر لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه و أن الضار النافع هو الله عز و جل .
علي بن أسباط قال : سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول كان الكنز الذي قال الله وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما كان فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن قلبه و عجبت لمن رأى الدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن إليها و ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه و لا يستبطئه في رزقه .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله عز و جل .
و عنه (عليه السلام) : عجبت للمرء المسلم لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له إن قرض لحمه بالمقاريض كان خيرا له و إن ملك مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له .
عن أبي جعفر (عليه السلام) : أحق خلق الله أن يسلم لما قضى الله عز و جل من عرف الله عز و جل و من رضي بالقضاء أتى عليه القضاء و عظم الله أجره و من سخط القضاء مضى عليه القضاء و أحبط الله أجره .
ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لشيء قد مضى لو كان غيره .
عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الغنى و العز يجولان فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا .
أبو حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : من عرف الله خاف الله و من خاف الله سخت نفسه عن الدنيا .
علي بن محمد رفعه قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي و يقولون نرجو فقال كذبوا أولئك ليسوا لنا بموالي أولئك قوم ترجحت بهم الأماني من رجا شيئا عمل له و من خاف من شيء هرب منه .
و عنه (عليه السلام) قال : لا يكون العبد مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا و لا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف و يرجو .
و عنه (عليه السلام) : حسن الظن بالله أن لا ترجو إلا الله و لا تخاف إلا ذنبك .
محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لا تذهب بكم المذاهب فو الله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز و جل .
جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال لي يا جابر أ يكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله و أطاعه و ما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع و التخشع و الأمانة و كثرة ذكر الله و الصوم و الصلاة و البر بالوالدين و التعهد للخيرات من الفقراء و أهل المسكنة و الغارمين و الأيتام و صدق الحديث و تلاوة القرآن و كف الألسن عن الناس إلا من خير و كانوا أمناء عشائرهم في الأشياء .
قال جابر فقلت يا ابن رسول الله ما نعرف أحدا اليوم بهذه الصفة فقال يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول أحب عليا و أتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا فلو قال إني أحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و رسول الله خير من علي (عليه السلام) ثم لا يتبع سيرته و لا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا فاتقوا الله و اعملوا لما عند الله ليس بين الله و بين أحد قرابة أحب العباد إلى الله أتقاهم و أعملهم بطاعة الله يا جابر و الله ما يتقرب إلى الله عز و جل إلا بالطاعة ما معنا براءة من النار و لا على الله لأحد من حجة و من كان لله مطيعا فهو لنا ولي و من كان لله عاصيا فهو لنا عدو ما ينال ولايتنا إلا بالعمل و الورع .
كان علي (عليه السلام) يقول : لا يقل عمل مع تقوى و كيف يقل ما يتقبل .
عن مفضل بن عمر قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكرنا الأعمال فقلت أنا ما أضعف عملي فقال مه استغفر الله ثم قال إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير بلا تقوى قلت كيف يكون كثير بلا تقوى قال نعم مثل الرجل يطعم طعامه و يرفق جيرانه و يوطأ رحله فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه و يكون الآخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه .
عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له إني لا ألقاك إلا في السنين فأخبرني بشيء آخذ به فقال أوصيك بتقوى الله و الورع و الاجتهاد و اعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه .
حنان بن سدير قال : قال أبو الصباح الكناني لأبي عبد الله ما نلقى من الناس فيك فقال أبو عبد الله (عليه السلام) و ما تلقى من الناس في فقال لا يزال يكون بيننا و بين الرجل الكلام فيقول جعفري خبيث فقال يعيركم الناس بي فقال له أبو الصباح نعم قال فما أقل و الله من يتبع جعفرا منكم إنما أصحابي من اشتد ورعه و عمل لخالقه و رجا ثوابه هؤلاء أصحابي .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : : قال الله عز و جل ابن آدم اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع الناس .
عبد الله بن علي عن أبي الحسن الأول قال : كثيرا ما كنت أسمع أبي يقول ليس من شيعتنا من لا تتحدث المخدرات بورعه في خدورهن و ليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم خلق لله أورع منه .
عن أبي بصير قال : قال رجل لأبي جعفر (عليه السلام) إني ضعيف العمل قليل الصيام و لكني أرجو أن لا آكل إلا حلالا قال فقال لي أي الاجتهاد أفضل من عفة بطن و فرج .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من أشد ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا ثم قال لا أعني سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و إن كان منه و لكن ذكر الله عند ما أحل و حرم فإن كان طاعة عمل بها و إن كان معصية تركها .
و عنه (عليه السلام) : قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ترك معصية الله مخافة الله تعالى أرضاه الله عز و جل يوم القيامة .
السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أقبح الفقر بعد الغنى و أقبح الخطيئة بعد المسكنة و أقبح من ذلك العابد لله ثم يدع عبادته .
عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : مر بي أبي و أنا في الطواف و أنا حدث و قد اجتهدت في العبادة فرآني و أنا أنصاب عرقا فقال لي يا جعفر يا بني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة و رضي عنه باليسير .
و عنه (عليه السلام) : قال اجتهدت في العبادة و أنا شاب فقال لي أبي يا بني دون ما أراك تصنع فإن الله عز و جل إذا أحب عبدا رضي منه باليسير الصبر على المصائب من كنوز الإيمان .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له و إن لم يكن على ما بلغه .
سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة .
و عنه (عليه السلام) : قال إذا رأيت الرجل قد ابتلي و أنعم عليك فقل اللهم إني لا أسخر و لا أفخر و لكن أحمدك على عظيم نعمائك علي .
و عن أبي عبد الله قال : ما يقدم المؤمن على الله عز و جل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله من أن يسع الناس بخلقه .
و عنه (عليه السلام) : إذا خالطك الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا من الناس إلا كانت يدك العليا عليه فافعل فإن العبد يكون فيه بعض التقصير من العبادة و يكون له خلق حسن فيبلغه الله بخلقه درجة الصائم القائم .
و عنه (عليه السلام) قال : ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة الإنفاق من إقتار و البشر لجميع العالم و الإنصاف من نفسه .
ابن محبوب عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له ما حد حسن الخلق قال تلين جناحك و تطيب كلامك و تلقى أخاك ببشر حسن .
بعض الحكماء : إنما العلم أن تبتغي إلى ما قد علمته من العلم زيادة أن تركك ابتغاء الزيادة تنقص فيما قد علمت و إنما يحمل المقصر على ترك الزيادة في علمه قلة انتفاعه بما قد علم و لو استعمل ما يعلم لرغب فيما لا يعلم .
الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله عز و جل لم يبعث نبيا إلا بصدق الحديث و أداء الأمانة إلى البر و الفاجر .
عمرو بن أبي المقدام قال : قال لي أبو جعفر (عليه السلام) في أول دخلة دخلت عليه تعلموا الصدق قبل الحديث .
حسن الصيقل قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) الحياء و العفاف و العي أعني عي اللسان لا عي القلب من الإيمان .
و عن أحدهما (عليهما السلام) : الحياء و الإيمان مقرونان فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : الندامة على العفو أيسر من الندامة على العقوبة .
عن مغيث قال : كان أبو الحسن موسى (عليه السلام) في حائط له يصرم فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة من تمر فرمى بها وراء الحائط فأتيته فأخذته و ذهبت به إليه فقلت له جعلت فداك إني وجدت هذا و هذه الكارة فقال للغلام فلان فقال لبيك قال أ تجوع قال لا يا سيدي قال فتعرى فقال لا يا سيدي قال فلأي شيء أخذت هذا قال اشتهيت ذلك قال اذهب فهي لك و خلوا عنه.
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها فإن عظيم الأجر لمن عظيم البلاء و ما أحب الله قوما إلا ابتلاهم .
عن أبي الحسن الأول أنه قال : اصبروا على أعداء النعم فإنك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل ممن أن تطيع الله فيه .
كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول : إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه .
سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان فيقولان للسفيه منهما قلت و قلت فأنت أهل لما قلت فتجزي بما قلت و يقولان للحليم منهما صبرت و حملت سيغفر لك إن أتممت ذلك فإن رد الحليم ارتفع الملكان .
هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل أتاه أ لا أدلك على أمر يدخلك الله به الجنة قال بلى يا رسول الله قال أنل مما أنالك الله قال فإن كنت أحوج ممن أنيله قال فانصر المظلوم قال فإن كنت أضعف ممن أنصره قال فاصنع الأخرق يعني أشر عليه قال فإن كنت أخرق ممن أصنع له قال فأصمت لسانك إلا من خير أ ما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان المسيح يقول لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فإن الذين يكثرون الكلام قاسية قلوبهم و لكن لا يعلمون .
و عنه (عليه السلام) قال : ما من يوم إلا و كل عضو من أعضاء الجسد يكفر للسان يقول نشدتك الله أن أعذب فيك .
و عنه (عليه السلام) : قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه و حضر عذابه .
و عنه (عليه السلام) : قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعذب اللسان بعذاب لا يعذب به شيء من الجوارح فيقول أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا فيقال له خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض و مغاربها فسفك بها الدم الحرام و انتهب بها المال الحرام و انتهك بها الفرج الحرام و عزتي و جلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئا من الجوارح .
هشام بن أحمد عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : قال لي و جرى بيني و بين رجل من القوم كلام فقال لي ارفق بهم فإن كفر أحدهم في غضبه و لا خير فيمن كان كفره في غضبه .
السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا و أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه .
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سمعته يقول إن في السماء ملكين موكلين بالعباد فمن تواضع رفعاه و من تكبر وضعاه .
عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أفطر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشية خميس في مسجد قبا فقال هل من شراب فأتاه أوس بن خولي الأنصاري بعس مخلط بعسل فلما وضعه على فيه نحاه ثم قال شرابان يكتفى بأحدهما عن صاحبه ثم قال لا أشربه و لا أحرمه و لكن أتواضع لله فمن تواضع لله رفعه و من تكبر خفضه الله و من اقتصد في معيشته رزقه الله و من بذر حرمه الله و من أكثر من ذكر الموت أحبه الله و من أكثر ذكر الله أظله الله في جنته .
و عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس و أن تسلم على من تلقى و أن تترك المراء و إن كنت محقا و لا تحب أن تحمد على التقوى .
و عنه (عليه السلام) : قال أوحى الله عز و جل إلى موسى (عليه السلام) أن يا موسى (عليه السلام) أ تدري لم اصطفيتك بكلامي دون الخلق قال يا رب و لم ذاك فأوحى الله إليه يا موسى إني قلبت عبادي ظهر البطن فلم أجد فيهم أحدا أذل لي نفسا منك يا موسى إنك إذا صليت وضعت خدك على التراب أو قال على الأرض .
و عنه (عليه السلام) : قال مر علي بن الحسين (عليه السلام) على المجذومين و هو راكب حمار و هم يتغدون فدعوه إلى الغداء فقال أما لو لا أني صائم لفعلت فلما صار إلى منزله أمر بطعام فصنع و أمر أن يتنوقوا فيه ثم دعاهم فتغدوا عنده و تغدى معهم .
أبو عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من أحب لله و أبغض لله و أعطى لله فهو ممن كمل إيمانه .
جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظر إلى قلبك فإن كان تحب أهل طاعة الله و تبغض أهل معصيته ففيك خير و الله يحبك و إن كان تبغض أهل طاعته و تحب أهل معصيته فليس فيك خير و الله يبغضك و المرء مع من أحب .
و عنه (عليه السلام) : قال إن المسلمين يلتقيان فأفضلهما أشدهما حبا لصاحبه .
و عنه (عليه السلام) : ما التقى مؤمنان قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لأخيه .
و عنه (عليه السلام) : أنه قال حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدنيا .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا .
علي بن هاشم البريد عن أبيه أن رجلا سأل علي بن الحسين (عليه السلام) عن الزهد فقال : عشرة أشياء فأعلى درجة الزهد الورع و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا ألا فإن الزهد في آية من كتاب الله عز و جل لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ .
سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) و هو يقول كل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط و إنما أرادوا بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة .
محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين إن من علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه مما قسم الله عز و جل له فيها و إن زهد و إن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها و إن حرص و المغبون من حرم حظه من الآخرة .
عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إذا أراد الله بعبد خيرا زهده في الدنيا و فقهه في الدين و بصره بعيوبها و من أوتيهن فقد أوتي خير الدنيا و الآخرة .
و قال : لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد في الدنيا و هو ضد لما طلب أعداء الحق قلت جعلت فداك مما ذا قال من الرغبة فيها.
و قال : ألا من صبار كريم و إنما هي أيام قلائل إلا أنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا .
و سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما و وجد حلاوة حب الله و كان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط و إنما خالط القوم حلاوة حب الله فلم يشغلوه بغيره .
و قال : سمعته يقول : إن القلب إذا صفا ضاقت به الأرض حتى يسمو .
و عنه (عليه السلام) : قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن في طلب الدنيا إضرارا بالآخرة و في طلب الآخرة إضرارا بالدنيا فأضروا بالدنيا فإنها أحق بالإضرار .
أبو عبيدة الحذاء قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) حدثني بما أنتفع به فقال يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت فإنه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا .
عن علي بن الحسين : ألا إن لله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين و أهل النار في النار معذبين شرورهم مأمونة و قلوبهم محزونة و أنفسهم عفيفة و حوائجهم خفيفة صبروا أياما قليله فصاروا بعقبي راحة طويلة أما الليل فصافوا أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم و هم يخرون إلى ربهم يسعون في فكاك رقابهم و أما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء كأنهم القداح قد برأهم الخوف من العبادة يراهم الناظر فيقول مرضى و ما بالقوم من مرض أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر النار و ما فيها .
عن جابر قال : دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال يا جابر إني لمحزون و إني لمشغول القلب قلت جعلت فداك و ما شغلك و ما حزن قلبك فقال يا جابر من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغل قلبه عما سواه يا جابر ما الدنيا و ما عسى أن يكون الدنيا هل هي إلا طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا ببقائهم فيها و لم يأمنوا الآخرة يا جابر الآخرة دار القرار و الدنيا دار فناء و زوال و لكن أهل الدنيا أهل غفلة و كان المؤمنون هم الفقهاء أهل فكرة و عبرة لم يصمهم عن ذكر الله جل اسمه ما يسمعوا بآذانهم و لم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا من الزينة بأعينهم ففازوا بثواب الآخرة كما فاز بذلك أهل العلم و اعلم يا جابر أن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مئونة و أكثرهم لك معونة تذكر فيعينونك و إن نسيت ذكروك قوالون بأمر الله قوامون على أمر الله قطعوا محبتهم بمحبة ربهم و وحشوا الدنيا لطاعة مليكهم نظروا إلى الله عز و جل و إلى محبته بقلوبهم و علموا أن ذلك هو المطلوب إليه لعظيم شأنه فانزل الدنيا كمنزل نزلته ثم ارتحلت عنه أو كمال وجدته في منامك ثم استيقظت و ليس معك فيه شيء إني إنما ضربت لك مثلا لأنها عند أهل اللب و العلم بالله كفيء الظلال يا جابر فاحفظ ما استرعاك الله عز و جل من دينه و حكمته و لا تسألن عن ما لك عنده إلا ما له عند نفسك فإن تكن الدنيا على غير ما وصفت لك فتحول إلى دار المستعتب فلعمري لرب حريص على أمر قد شقي به حين أتاه و لرب كاره لأمر قد سعد به حين أتاه ذلك قول الله عز و جل لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ .
الأزدي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز كلما ازدادت على نفسها لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما .
قال ,و قال أبو عبد الله (عليه السلام) : كان فيما وعظ به لقمان ابنه يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا لهم و إنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل و وعدت عليه أجرا فاعمل و استوف أجرك و لا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها و لكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها و تركتها و لم ترجع إليها آخر الدهر أخربها و لا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها و اعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز و جل من أربع عن شبابك فيما أبليته و عن عمرك فيما أفنيته و مالك مما اكتسبته و فيما أنفقته فتأهب لذلك و أعد له جوابا و لا تأس على ما فاتك من الدنيا فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه و كثيرها لا يؤمن بلاؤه فخذ حذرك و جد في أمرك و اكشف الغطاء عن وجهك تعرض لمعروف ربك و جدد التوبة في قلبك و اكمش في فراغك قبل أن يقصد قصدك و يقضى قضاؤك و يحال بينك و بين ما تريد .
و عنه (عليه السلام) : قال إن في كتاب علي (عليه السلام) إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها و في جوفها السم الناقع يحذرها العاقل و يهوي إليها الصبي الجاهل .
و عنه (عليه السلام) قال : كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى بعض أصحابه يعظه أوصيك و نفسي بتقوى من لا يحل لك معصيته و لا يرجى غيره و لا الغنى إلا إليه فإن من اتقى الله عز و قوي و شبع و روي و رفع عقله عن أهل الدنيا فبدنه مع أهل الدنيا و قلبه و عقله معاين الآخرة فأطفى بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا فقذر حرامها و جانب شبهاتها و أصر لله بالحلال الصافي إلا ما لا بد له من كسرة يشد بها صلبه و ثوب يوارى به عورته من أغلظ ما يجد و أخشنه و لم يكن له فيما لا بد له منه ثقة و لا رجاء فوقعت ثقته و رجاؤه على خالق الأشياء فجد و اجتهد و أتعب بدنه حتى بدت الأضلاع و غارت العينان و أبدل له من ذلك قوة في بدنه و شدة في عقله و ما ذخر له في الآخرة أكثر فارفض الدنيا فإن حب الدنيا يعمي و يصم و يبكم و يذل الرقاب فتدارك ما بقي من عمرك و لا تقل غدا و بعد غد فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني و التسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة و هم غافلون فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة و قد أسلمهم الأولاد و الأهلون فانقطع إلى الله بقلب منيب من رفض الدنيا و عزم ليس فيه انكسار و لا انخذال أعاننا الله و إياك على طاعته و وفقنا و إياك لمرضاته .
و عنه (عليه السلام) : مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله .
و عنه (عليه السلام) : قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول ابن آدم إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فأيسر ما فيها يكفيك و إن كنت تريد ما لا يكفيك فإن كل ما فيها لا يكفيك .
و عنه (عليه السلام) : من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس .
و عنه (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طوبى لمن أسلم و كان عيشه كفافا .
و عنه (عليه السلام) : قال قال الله عز و جل إن من أغبط أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظ من صلاح أحسن عبادة ربه و عبد الله في السريرة و كان غامضا في الناس فلم يشر إليه بالأصابع و كان رزقه كفافا فصبر عليه فعجلت به المنية فقل تراثه و قلت بواكيه .
حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إذا هم أحدكم بخير فلا يؤخره فإن العبد ربما صلى الصلاة أو صام الصيام فيقال له اعمل ما شئت بغيرها فقد غفر لك .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان أبي يقول إذا هممت بخير فبادر فإنك لا تدري ما يحدث .
و عنه (عليه السلام) : قال إذا أردت شيئا من الخير فلا تؤخره فإن العبد يصوم اليوم الحار يريد ما عند الله فيعتقه الله من النار و لا تستقل ما يتقرب به إلى الله عز و جل و لو بشق تمرة .
و عنه (عليه السلام) : قال إذا هم أحدكم بخير أو صلة فإن عن يمينه و شماله شيطانين فليبادر لا يكفانه عن ذلك .
و عنه (عليه السلام) : قال من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره .
و عنه (عليه السلام) : قال ما تدارأ اثنان في أمر قط فأعطى أحدهما النصف على صاحبه فلم يقبل منه إلا أديل منه .
عن محمد بن أبي نصر قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) جعلت فداك اكتب لي إلى إسماعيل بن داود الكاتب لعلي أصيب منه قال أنا أضن بك أن تطلب مثل هذا أو شبهه و لكن عول على مالي .
و عنه (عليه السلام) : قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس و الاستغناء عنهم فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك و حسن بشرك و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزك .
سدير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال أبو ذر رضي الله عنه سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول حافتا الصراط يوم القيامة الرحم و الأمانة فإذا مر الوصول للرحم المؤدي للأمانة يفد إلى الجنة و إذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه عمل و تكفأ به الصراط في النار .
داود بن فرقد قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) إني أحب أن يعلم الله أني قد أذللت رقبتي في رحمي و أني لأبادر أهل بيتي أصلهم قبل أن يستغنوا عني .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن صلة الرحم تزكي الأعمال و تنمي الأموال و تيسر الحساب و تدفع البلوى و تزيد في الرزق .
عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن لي ابن عم أصله فيقطعني حتى هممت لقطيعته إياي أن أقطعه قال إنك إن وصلته و قطعك وصلكما الله جميعا و إن قطعته و قطعك قطعكما الله .
و عنه (عليه السلام) : قال أتى رجل النبي فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إني راغب في الجهاد نشيط قال فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق و إن تمت فقد وقع أجرك على الله و إن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت قال يا رسول الله إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي و يكرهان خروجي فقال رسول الله فقر مع والديك فو الذي نفسي بيده لأنسهما بك يوم و ليلة خير من جهاد سنة .
عن أبي جعفر في قول الله عز و جل وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً قال : تقولون للناس أحسن ما تحبون أن يقال فيكم .
عن أبي عبد الله ع أنه قال : ليس منا من لم يوقر كبيرا و يرحم صغيرا .
الحارث بن المغيرة قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) المسلم أخو المسلم هو عينه و مرآته و دليله لا يخونه و لا يخدعه و لا يظلمه و لا يكذبه و لا يغتابه .
قيل : لأعرابي يطيل الصمت ما لك لا تخوض مع القوم في حديثهم فقال الحظ للمرء في أذنه و الحظ في لسانه لغيره .
قيل تكلم الناس في مجلس معاوية و الأحنف بن قيس ساكت فقيل له ما لك لا تتكلم يا أبا بحر فقال أخاف الله إن كذبت و أخافكم إن صدقت .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما من قوم يكون بين أظهرهم رجل يعمل بالمعاصي هم أعز منه و أمنع لا يعيرون عليه إلا أصابهم الله عز و جل بعقاب .
قال زيد بن علي رضي الله عنه : ميراث الأدب خير من ميراث الذهب و النفس الصالحة خير من اللؤلؤ و لا يستطاع العلم براحة الجسم .
عن أبي إسماعيل قال : قلت لأبي جعفر جعلت فداك إن الشيعة عندنا لكثيرة فقال هل يعطف الغني على الفقير و يتجاوز المحسن عن المسيء و يتواسون فقلت لا فقال ليس هؤلاء شيعة الشيعة من يفعل هذا .
عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن لله عز و جل جنة لا يدخلها إلا ثلاثة رجل حكم على نفسه بالحق و رجل زار أخاه المؤمن في الله و رجل آثر أخاه المؤمن في الله .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) : أيما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم يأمنون بوائقه و لا يخافون غوائله و يرجون ما عنده إن دعوا الله أجابهم و إن سألوا أعطاهم و إن استزادوا زادهم و إن سكتوا ابتدأهم .
أبو خالد القماط عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن المؤمنين إذا التقيا و تصافحا أدخل الله يده بين أيديهما فصافح أشدهما حبا لصاحبه.
جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم و التصافح و إذا تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار .
إسحاق بن عمار قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فنظر إلي بوجه قطب بل قال قاطب قلت ما الذي غيرك لي قال الذي غيرك لإخوانك بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك بوابا يرد عنك فقراء الشيعة فقلت جعلت فداك إني خفت الشهرة قال أ فلا خفت البلية أ ما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عز و جل الرحمة عليهما فكانت تسعة و تسعين لأشدهما حبا لصاحبه فإذا توافقا غمرتهما الرحمة فإذا قعدا يتحدثان قالت الحفظة بعضهما لبعض اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا و قد ستر الله عليهما فقلت أ ليس الله عز و جل يقول ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ فقال يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم السر يسمع و يرى .
قال بعضهم : لساني سبع أخاف أن أخليه فيأكلني .
و قال آخر : الإكثار يسقط الحق كخابط الليل لا يأمن أن يقع على حية فتنهشه .
و قال آخر : المكثار كخابط الليل يلسع و لا يعلم .
و قال : إسكندر لرسول أرسطاطاليس ما فعل الحكيم قال : فكر في الامتناع من الدنيا لئلا يمتنع منه الآخرة و ترك هذه ليأخذ تلك .
سئل جواد مرة فقيل له هل من الجود شيء يستطيع المرء أن يعم به الخلق قال نعم ينوي لكل أحد الخير .
في قوله تعالى وَ ما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ قال من يقبل إلى أمر الله .
عن الحسن قال : جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله عظني فقال تفقه بالقرآن و احذر يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء و أهل الأرض .
قال الحسن بن علي (عليه السلام) : ما دخلت على أبي قط إلا وجدته باكيا .
قيل : سأل بعضهم يوما أصحابه فقال كيف أصبحتم قالوا أصبحنا نرجو و نخاف فقال و الله ما أدري ما رجاء قوم لا يحتملون ما يكرهون لما يرجون و ما أدري ما خوف قوم لا يدعون ما يشتهون لما يحبون .
و قال : لقمان (عليه السلام) : اللهم ارحم الفقراء لقلة صبرهم و ارحم الأغنياء لقلة شكرهم و ارحم الجميع لطول غفلتهم .
و كان الحسن يقول : اللهم لا تجعلني ممن إذا مرض ندم و إذا استغنى فتن و إذا افتقر حزن .
بعضهم : من بلغ أقصى ما يحب فليتوقع غاية ما يكره و من بلغ أقصى أمله فليتوقع دنو أجله .
قيل المزاح لقاح الضغائن .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله عز و جل يطلع على الدنيا في كل يوم مرة أو مرتين فيقول يا دنيا أنت دنية فتكدري على عبدي المؤمن و لا تحلي له فيفتتن من خدمك فاستخدميه و من خدمني فاخدميه .
روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : من أصبح حزينا على الدنيا أصبح ساخطا على ربه و من شكا مصيبة نزلت به فقد شكا ربه و أيما فقير تضعضع لغني لدنياه ذهب ثلثا دينه و من أصبح و همه لغير الله فليس من الله و من لم يتق الله فليس من الله و من لم يهتم للمسلمين فليس منهم و من دخل النار بعد ما قرأ القرآن فقد انسلخ من آيات الله .
جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال : لا يقطع امرؤ حق رجل مسلم بيمينه إلا حرم الله عليه الجنة و أوجب له النار قلت و إن كان شيئا يسيرا قال و إن كان مسواكا من أراك .
و عنه (عليه السلام) : أنه قال إذا ظلم العبد في الدنيا فلم ينتصر و لم يجد أحدا ينتصره فرفع طرفه إلى السماء فشكا إلى الله تعالى فقال يا رب قال يقول الله تعالى لبيك عبدي أنا أنصرك عاجلا و آجلا .
و روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : يؤتى يوم القيامة بالقاتل و المقتول و الأمر فيقول الله تعالى للقاتل لم قتلت عبدي هذا فيقول أمرني هذا فيقول الله تعالى تعست أمرك هذا فأطعته و أمرتك فعصيتني .
و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : قلت له أي الجهاد أفضل قال كلمة حق عند إمام ظالم .
و روي عنه (عليه السلام) أنه قال : إن الله ليصرف العذاب عن الأمة بصدقة رجل منهم .
عن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن أبيه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما حسن الله خلق عبد و خلقه و جعله في منصب غير شائن إلا استحى أن يطعم النار لحمه .
يروى عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : اللهم لا تجعل لكافر عندي يدا فيكون له شعبة من قلبي فإني قرأت فيما أنزلت علي لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ .
قيل لمحمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) ما أقل ولد أبيك قال : العجب لي كيف ولدت كان أبي يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة فأي وقت يفرغ للدنيا .
قال علي بن يقطين : عزم المهدي على الاصطباح في إيوان علي بستان و قد أعد له فيه ما يحتاج فلما فرغ من غدائه قال كأني قد كسلت عن الشرب و قد عزمت على النوم فأرخيت الستور عليه و قعدنا بالقرب منه فما راعنا إلا صوت بكائه فبادرنا إليه فقال ما رأيتم الشيخ الذي دخل علي فقلنا ما رأينا و الله أحدا فقال بلى و الله لقد رأيته واقفا على باب الإيوان و هو يقول انتبه أيها المغرور فقد دنا منك الرحيل ثم أنشأ يقول .
كأني بهذا القصر قد باد أهله *** و أقفر منه ركنه و منازله
و صار مليك القصر من بعد *** بهجة و ملك إلى قبر عليه جنادله
فلم يبق إلا ذكره و حديثه *** تنادي بليل معولات حلائله
فجعلنا نسكن منه و نطيب نفسه و هو مقيم على بكائه و لم ينتفع ذلك اليوم بنفسه و كان بين موته و رؤياه بضع عشرة ليلة .
أبو العباس محمد بن يزيد قال : قال رجل لأبيه و قد حمل عليه يا أبت إن عظيم حقك علي لا يبطل صغير حقي عليك و الذي تمت به إلى أمت بمثله إليك و لست أقول أنا سواء و لكن لا يحل لك الاعتداء .
يكره لذي المروءة أن يكثر المزاح و لكن فكاهة يخرج من حد العبوس .
كان بعضهم يقول : إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من الله .
روي عن سيدنا الباقر (عليه السلام) أنه قال : ما من عبد يعمل عملا لا يرضاه الله إلا ستره الله عز و جل عليه أولا فإذا ثنى ستر الله عليه ثانيا فإذا ثلث أهبط الله عز و جل ملكا في صورة آدمي يقول للناس إن فلانا يعمل كذا و كذا .
و روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال في قول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ قال : يهم بالذنب ثم يتذكر فيمتنع .
و عنه (عليه السلام) : ما من شيء إلا و له كيل أو وزن إلا الدموع فإن القطرة منها تطفئ بحارا من نار فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر و لا ذلة فإذا أفاضت حرمها الله على النار و لو أن باكيا بكا في أمة لرحموا .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : : يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة .
ابن سنان عن أبي حنيفة سائق الحاج قال : مر بنا المفضل و أنا و أخي نتشاجر في ميراث فوقف علينا ساعة ثم قال تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال أما إنها ليست من مالي و لكن أبو عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما و أفتديهما من ماله فهذا مال أبي عبد الله (عليه السلام) .
و عنه (عليه السلام) : إذا أراد الله بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع لمعروف إلا عرفه و لا منكرا إلا أنكره ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجتمع بها أمره .
عن أبي جميلة قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) كان في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) اعلموا أن القرآن هدى الليل و النهار و نور الليل المظلم على ما كان من جهد و فاقة فإذا حضرت بلية فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم و إذا نزلت نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم و اعلموا أن الهالك من هلك دينه و الخرب من خرب دينه ألا و إنه لا فقر بعد الجنة ألا و إنه لا غنى بعد النار لا يفك أسيرها و لا يبرأ ضريرها .
عن أبي عبد الله قال : المؤمن حليم لا يجهل و إن جهل عليه يحلم و لا يظلم و إن ظلم غفر و لا يبخل و إن بخل عليه صبر .
جابر قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) إنما شيعة علي الحلماء العلماء الذبل الشفاه تعرف الرهبانية على وجوههم .
معروف بن خربوذ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالناس الصبح بالعراق فلما انصرف وعظهم فبكى و أبكاهم من خوف الله ثم قال أما و الله لقد عهدت أقواما على عهد رسول الله و إنهم ليصبحون و يمسون شعثا غبرا خمصا بين أعينهم كركب المعزى يبيتون لربهم سجدا و قياما يراوحون بين أقدامهم و جباههم يناجون ربهم و يسألونه فكاك رقابهم من النار و الله لقد رأيتهم مع هذا و هم خائفون مشفقون .
من بعض كلام الصادق (عليه السلام) في وصف الشيعة أنه قال : شيعتنا من لا يهر هرير الكلب و لا يطمع طمع الغراب و لا يسأل عدونا و إن مات جوعا قلت جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء قال في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم المنقلة ديارهم إن شهدوا لم يعرفوا و إن غابوا لم يفقدوا و من الموت لا يجزعون و في القبور يتزاورون و إن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه لن تختلف قلوبهم و إن اختلفت بهم الدار .
عن أبي البختري رفعه قال : سمعته يقول المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إن قيد انقاد و إن أنيخ على صخرة استناخ .
يحيى بن عمران الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أي الخصال بالمرء أجمل فقال وقار بلا مهابة و سماح بلا طلب مكافاة و تشاغل بغير متاع الدنيا .
عبد الواحد الأنصاري قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) يا عبد الواحد ما يضر رجلا إذا كان على ذا الرأي ما قال له الناس و لو قالوا مجنون و ما يضره و لو كان على رأس جبل يعبد الله حتى يجيئه الموت .
و عنه (عليه السلام) : قال ما يبالي من عرفه الله هذا الأمر أن يكون على قلة جبل يأكل من نبات الأرض حتى يأتيه الموت .
و عنه (عليه السلام) : إن الله ليدفع بالمؤمن الواحد عن القرية العناء .
محمد بن عجلان قال : كنت عند أبي عبد الله فشكا إليه رجل الحاجة فقال اصبر فإن الله سيجعل لكم فرجا ثم سكت ساعة ثم أقبل على الرجل فقال أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو فقال أصلحك الله ضيق منتن و أهله بأسوإ حال قال فإنما أنت في السجن فتريد أن تكون في سعة أ ما علمت أن الدنيا سجن المؤمن .
و عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن لله عبادا في الأرض من خالص عباده ما ينزل من السماء تحفة إلى الأرض إلا صرفها عنهم إلى غيرهم و لا بلية إلا صرفها إليهم .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : : إنما يبتلى المؤمن في الدنيا على قدر دينه .
محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لا يمضي على المؤمن أربعون ليلة إلا عرض له أمر يحزنه و يذكر به .
عن معاوية بن عمار عن أخيه قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إن المغيرة يقول إن المؤمن لا يبتلى بالجذام و لا بالبرص و لا بكذا و كذا فقال إن كان لغافلا عن صاحب ياسين إنه كان مكنعا أصابعه فقال كأني أنظر إلى تكنعه أتاهم فأنذرهم ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه ثم قال إن المؤمن يبتلى بكل بلية و يموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه .
و عنه (عليه السلام) : إن المؤمن من الله عز و جل لبأفضل مكان إن المؤمن من الله لبأفضل مكان ثلاثا إنه لمبتليه بالبلاء ثم ينزع نفسه عضوا عضوا من جسده و هو يحمد الله على ذلك .
عن ابن أبي يعفور قال : شكوت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ما ألقى من الأوجاع و كان مسقاما فقال لي يا عبد الله لو علم المؤمن ما له من الأجر في المصائب لتمنى أنه لو قرض بالمقاريض .
و عنه (عليه السلام) : إن أهل الحق لم يزالوا منذ كانوا في شدة أما إن ذلك إلى مدة قليلة و عافية طويلة .
عن أبي جعفر (عليه السلام) : إن الله ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة و يحميه من الدنيا كما يحمي الطبيب المريض .
عن محمد بن بهلول قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لم يؤمن الله المؤمن من هزاهز الدنيا و لكن أمنه من العمى فيها و الشقاء في الآخرة .
و كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول : إني لأكره للرجل أن يعافى في الدنيا فلا يصيبه شيء من المصائب .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلا القوت شرقوا أو غربوا لن ترزقوا إلا القوت .
عن أبي عبد الله قال : جاء رجل موسر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نقي الثوب فجلس إلى جنب رسول الله فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى جنب الموسر فجر ثيابه من تحت فخذيه فقال له رسول الله أ خفت أن يمسك من فقره شيء فقال لا فقال أ خفت أن يناله من غناك شيء قال لا قال فخفت أن يوسخ ثيابك قال لا قال فما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح و يقبح لي كل حسن و قد جعلت له نصف مالي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للمعسر أ تقبل قال لا فقال له الرجل و لم قال خوفا من أن يدخلني ما دخلك .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أول ما عصى الله به ستة أشياء حب الدنيا و حب الرئاسة و حب الطعام و حب النوم و حب الراحة و حب النساء .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من أراد الله عز و جل بالقليل من عمله أظهر الله له أكثر مما أراد و من أراد الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه و سهر من ليلة أبى الله عز و جل إلا أن يقلله في أعين من سمعه.
و عنه (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم و تحسن فيه علانيتهم طمعا في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم فيكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم .
ابن مسكان قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إياكم و هؤلاء الرؤساء الذين يتراءسون فو الله ما خفقت النعال خلف رجل إلا هلك و أهلك .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه .
و عنه (عليه السلام) : عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال من كان في قلبه مثقال حبة من خردل عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية .
إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أتى عالم عابدا فقال له كيف صلاتك فقال له مثلي يسأل عن صلاته و أنا أعبد الله منذ كذا و كذا قال فكيف بكاؤك قال أبكي حتى تجري دموعي قال له العالم فإن ضحكك و أنت خائف أفضل من بكائك و أنت مدل إن المدل لا يصعد من عمله شيء .
و قيل : دخل رجلان المسجد أحدهما عابد و الآخر فاسق فخرجا من المسجد و الفاسق صديق و العابد فاسق و ذلك أنه دخل العابد المسجد مدلا بعبادته يدل بها فيكون فكرته في ذلك و يكون فكرة الفاسق في التندم على فسقه و يستغفر الله عز و جل مما صنع من الذنوب .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إن الشيطان يدير ابن آدم في كل شيء فإذا أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته .
و عنه (عليه السلام) : أغنى الغنى من لم يكن للحرص أسيرا و قال لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت .
و عنه (عليه السلام) : ما أقبح بالمؤمن أن يكون له رغبة تذله .
و عنه (عليه السلام) : لا تسفهوا فإن أئمتكم ليسوا بسفهاء.
عمرو بن نعمان الجعفي قال : كان لأبي عبد الله (عليه السلام) صديق لا يكاد يفارقه أين يذهب فبينا هو يمشي معه في الحذاءين و معه غلام له سندي يمشي خلفهما إذا التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره فلما نظر في الرابعة قال يا ابن الفاعلة أين كنت قال فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده فصك بها جبهة نفسه ثم قال سبحان الله تقذف أمه قد كنت أرى أن لك ورعا فإذا ليس لك ورع فقال جعلت فداك إن أمة سندية مشركة فقال أ ما علمت أن لكل أمة نكاحا تنح عني فما رأيته يمشي معه حتى فرق الموت بينهما .
و عنه (عليه السلام) : قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن من شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه .
سماعة قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي مبتديا يا سماعة ما هذا الذي كان بينك و بين جمالك إياك أن تكون فحاشا أو سخابا أو لعانا فقلت و الله لقد كان ذلك إنه ظلمني فقال إن كان ظلمك لقد أربيت عليه إن هذا ليس من فعالي و لا آمر به شيعتي استغفر ربك و لا تعد قلت أستغفر الله و لا أعود .
و عنه (عليه السلام) : قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شر الناس يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم .
و عنه (عليه السلام) : من خاف الناس لسانه فهو في النار .
عن شيخ من النخع قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) لم أزل واليا للمنذر بن الحجاج إلى يومي هذا فهل من توبة قال فسكت ثم أعدت عليه فقال لا حتى تؤدي إلى كل ذي حق حقه .
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : من خاف القصاص كف عن ظلم الناس .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : : كان علي بن الحسين يقول لولده اتقوا الكذب الصغير منه و الكبير في كل جد و هزل فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير أ ما علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لا يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله صديقا و ما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذابا .
المفضل قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لا يفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة و اللعنة و ربما استحق ذلك كلاهما فقال له معتب جعلني الله فداك هذا للظالم فما بال المظلوم قال لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته و لا يتعامس له عن كلامه سمعت أبي يقول إذا تنازع اثنان فعاب أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه أي أخي أنا الظالم حتى ينقطع الهجران بينه و بين صاحبه فإن الله تبارك و تعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم .
عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو الحسن (عليه السلام) اتق المرتقى السهل إذا كان المنحدر وعرا .
سيف بن عميرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من نظر إلى أبويه نظر ماقت و هما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : : نظر أبي إلى رجل و معه ابنه يمشي و الابن متكئ على ذراع الأب قال فما كلمه أبي مقتا له حتى فارق الدنيا.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كفر بالله من تبرأ من نسب و إن دق .
هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول قال الله عز و جل ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن و ليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن و لو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق و المغرب إلا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع خلقي ما خلقت في أرضي و لقامت سبع سماوات و أرضين بهما و لجعلت لهما من إيمانهما أنسا لا يحتاجان إلى أنس سواهما .
و عنه (عليه السلام) : قال من استذل مؤمنا و احتقره لقلة ذات يده و لفقره شهره الله على رءوس الخلائق .
زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) و أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته و زلاته ليعنفه يوما ما .
إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا معشر من أسلم بلسانه و لم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم فمن يتبع عورة مؤمن تتبع الله عورته و من تتبع الله عورته يفضحه و لو في بيته .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كفارة الاغتياب قال تستغفر الله لمن اغتبته كلما ذكرته .
عن مفضل بن عمر قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط عن أعين الناس أخرجه الله عن ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان .
عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه معصية و حرمة ماله كحرمة دمه .
جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ما شهد رجل على رجل بكفر قط إلا باء به أحدهما فإن كان شهد على كافر صدق و إن كان مؤمنا رجع الكفر عليه و إياكم و الطعن على المؤمنين .
أبو حمزة قال : سمعت أبا عبد الله يقول إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت فإن وجدت مساغا و إلا رجعت على صاحبها .
الحسين بن المختار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين في كلام له ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه و لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عز و جل يوم لا ظل إلا ظله .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون و آل فرعون في النار .
و عنه (عليه السلام) : قال من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : : الجنة محرمة على الفتانين المشاءين بالنميمة .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من أرضى سلطانا بسخط الله خرج من دين الله .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى الله فيه و لا يقدر على تغييره .
عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقعدن في مجلس يغتاب فيه إمام أو ينتقص فيه مؤمن .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : تجد الرجل لا يخطي بلام و لا واو خطيبا مصقعا و لقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم و تجد الرجل لا يستطيع يعبر ما في قلبه بلسانه و قلبه يزهر كما يزهر المصباح .
حمران قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أخبرني أطال الله بقاك لنا و أمتعنا بك أنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا و تسلو أنفسنا عن الدنيا و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال ثم نخرج من عندك فإذا صرنا من الناس و التجار أحببنا الدنيا قال فقال أبو جعفر إنما هي القلوب مرة تصعب و مرة تسهل ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) أما أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا يا رسول الله نخاف علينا النفاق قال و لم تخافون ذلك قالوا إذا كنا عندك فذكرتنا و رغبتنا وجلنا و نسينا و زهدنا حتى كأنا نعاين الآخرة و الجنة و النار و نحن عندك فإذا خرجنا من عندك و دخلنا في هذه البيوت و شممنا الأولاد و رأينا العيال و الأهل نكال أن نحول عن الحال التي كنا عليها و حتى كأنا لم نكن على شيء أ فتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلا إن هذه خطرات من الشيطان فيرغبكم في الدنيا و الله لو تدومون على الحال التي وصفتم بها أنفسكم لصافحتكم الملائكة و لمشيتم على الماء و لو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا فيستغفروا الله فيغفر لهم إن المؤمن مفتن تواب أ ما سمعت قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ و قال اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ .
الحسن البصري قال : وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج فقيل له و أي كلام للحجاج يقذك قال سمعته يقول أيما امرئ ذهبت من عمره ساعة في غير ما خلق له لحري أن يطول عليها حسرته
و قال بعضهم : أسأل الله أن يوفقنا للانتفاع بما علمنا و لا يعود وبالا و حجة علينا بسوء اختيارنا و ظلمنا أنفسنا و ما أقصد بذلك إلا نفسي و لم أرد المباهاة بما جمعت بل أردت عائدة نفعه علي و على من نظر فيه بعين قلبه و تمثل أحوال الخلائق من فناء عمره و قرب أجله و قيام الحجة عليه و لم يعتذر بالتسويف و التعليل و لم يحتج إلى الأباطيل و بادر التبعات و حاذر آفات الغفلات و هجوم الموت بغير استيمار و لا استئذان و يرغب إلى الله تعالى في العون على حسن الاستعداد و التوفيق لإصلاح ما جنته الغرة و لبسته الجهالة و تجعلنا ممن ذكر فذكر و اعتبر بغيره و اتعظ .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) السعيد من وعظ بغيره .
و قال بعض الحكماء : كونوا معتبرين و لا معتبرا بكم و متأهبين قبل أن يصاح بكم و قد أمر الله تعالى أنبياءه بالموعظة و ندب إليها فقال عز و جل ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ و قال وَ عِظْهُمْ وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً و قال وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ و معناه ذكرهم بأيام الله و عذابه و عقابه و رحمته و قال فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى قيل أي قولا حقا إن لك ربا و إن لك معادا و إنك محاسب و إن بين يديك جنة و نارا لعله عند ذلك يتذكر أو يخشى و هو عبدي لا يتذكر و لا يخشى و لا تقل أنت و أخوك أهلكه قبل أن تعذرا إليه اذهبا فاعذرا إليه .
و قد حث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : ما أهدى مسلم هدية لأخيه أفضل من كلمة حكمة يزيده الله بها هدى و يرده بها عن ردي .
و قال (عليه السلام) : نعم العطية و نعم الهدية كلمة حكمة تسمعها .
و قال (عليه السلام) : رحم الله من تعلم فريضة أو فريضتين فيعمل بها أو يعلمها من يعمل بها فينطوي عليها ثم يحملها إلى أخ له مسلم يعلمه إياها و إنها لتعدل عبادة سنة .
و قال (عليه السلام) : ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق ذو شيبة في الإسلام و إمام مقسط و معلم الخير .
و أوحى الله تعالى إلى موسى : يا موسى تعلم الخير و علمه الناس فإني منور لمعلمي الخير و متعلميه قبورهم حتى لا يستوحشوا بمكانهم .
ذكر عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) رجلان من بني إسرائيل كان أحدهما يصلي المكتوبة ثم يجلس فيعلم الناس الخير و كان الآخر يصوم النهار و يقوم الليل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : فضل الأول على الثاني كفضلي على أدناكم .
و قيل : سئل ابن عباس عن الجهاد فقال أ لا أدلك على ما هو خير لك من الجهاد تبنى مسجدا تعلم فيه القرآن و سنن الرسول و الفقه في الدين .
و قال الحسن : رحم الله امرأ وعظ نفسه و وعظ أخاه و أهل بيته فقال يا أهلاه صلاتكم صلاتكم زكاتكم زكاتكم مسكينكم مسكينكم جيرانكم جيرانكم لعل الله تعالى يرحمه فيجمع له أهله يوم القيامة فإن الله تعالى أثنى على نبي من أنبيائه فقال و كان يأمر أهله بالصلاة و الزكاة و كان عند ربه مرضيا .
و قال : الحسن : إن الرجل العاقل يوعظ بالكلمة الواحدة فيتعظ بها و ينتفع بها حتى ينجو بها يا ابن آدم لا تضرب بالذكر صفحا و غالب هواك فإنك إذا غلبته عصمت بالله فرغ قلبك لما خلق له فإنما جعل لك السمع لتسمع به كتابه و البصر لتبصر به آياته و اللسان لتشكر به نعمه و تديم ذكره و القلب لتحفظ به وصيته و اجعل شغلك لآخرتك و اصرف إليها همك فإنه سيأتي عليك نصيبك من الدنيا و الآخرة .
و عن أبي الدرداء أنه قال : ما تصدق مؤمن بصدقة أحب إلى الله تعالى من موعظة يعظ بها قوما يتفرقون و قد نفعهم الله بها و هي أفضل من عبادة سنة .
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : لقد سبق إلى جنات عدن أقوام ما كانوا أكثر الناس لا صوما و لا صلاة و لا حجا و لا اعتمارا و لكنهم عقلوا عن الله مواعظه .
و عن النبي أنه قال : أحب المؤمنين إلى الله من نصب نفسه في طاعة الله و نصح لأمة نبيه و تفكر في عيوبه و أبصر و عقل و عمل .
و قال : أمير المؤمنين (عليه السلام) : الزاهدون في الدنيا قوم وعظوا فاتعظوا و أخيفوا فحذروا و علموا فتعلموا و إن أصابهم يسر شكروا و إن أصابهم عسر صبروا .
و قال الحسن : لو كان الرجل لا يعظ أخاه حتى يحكم أمر نفسه لتواكل أهل الخير و ارتفع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .
و قال : غيره : إني أعظكم و إني لأستحي من ربي لما أعلم من نفسي و لكن لعل كلمة يوافق قلبا تقيا فتثبت به .
و قال بعضهم لآخر : عظ الناس قال إني أخاف أن أقول ما لا أفعل قال فأينا يفعل ما يقول فإن الشيطان يود لو ظفر بهذا منكم فلم يأمر أحد بمعروف و لم ينه عن منكر .
و قيل : يا رسول الله لا نأمر بالمعروف حتى لا يبقى منه شيء إلا عملنا به و لا ننهى عن المنكر حتى لا يبقى منه شيء إلا انتهينا عنه قال لا بل مروا بالمعروف و إن لم تعملوا به كله و انهوا عن المنكر و إن لم تنتهوا عنه كله .
و قال (عليه السلام) : أشد الناس عذابا عالم لا ينتفع من علمه بشيء .
و قال (عليه السلام) : تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا به إن العلماء همتهم الرعاية و السفهاء همتهم الرواية.
و قال (عليه السلام) : أوحى الله إلى بعض أنبيائه قل للذين يتفقهون لغير الدين و يتعلمون لغير العمل و يطلبون الدنيا لغير الآخرة يلبسون للناس مسوك الكباش و قلوبهم كقلوب الذئاب ألسنتهم أحلى من العسل و أعمالهم أمر من الصبر إياي يخادعون و بي يستهزءون لأتيحن لكم فتنة تذر الحكيم فيها حيران .
و قال (عليه السلام) : مثل الذي يعلم الخير و لا يعمل به مثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه .
و قال بعضهم إنما أنت متلذذ تسمع و تحكي إنما يراد من العلم العمل فاستمع و تعلم و اعمل و علم إنما بذل العلم على الهرب من الدنيا ليس على طلبها .
و قال (عليه السلام) : إن لله خواصا من خلقه يسكنهم الرفيع الأعلى من الجنان لأنهم كانوا أعقلهم في الدنيا قيل و كيف كانوا قال كانت همتهم المسارعة إلى ربهم فيما يرضيه فهانت الدنيا عليهم و لم يرغبوا في فضولها فصبروا قليلا و استراحوا طويلا .
و قال بعضهم : ما يغني عنك ما جمعت من علم العلماء و أنت تجري في العمل مجرى السفهاء
و قيل : أكثركم علما أشدكم خوفا .
و قال : النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) : العلم علمان علم باللسان و هو الحجة عليك و علم بالقلب و هو النافع لك و ليس بالتحلي و لا بالتمني و لكنه ما وقر في القلب و صدقه العمل .
و قيل في قوله تعالى فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ قال تركوا العمل به .
و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : مثل ما بعثت به من الهدى و الرحمة كمثل غيث أصاب الأرض فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت العشب و الكلاء الكثير و كانت منها أخاديد أمسك الماء فانتفع به الناس شربوا منها و زرعوا و سقوا و كانت منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك الماء و لا تنبت الكلاء .
و قال (عليه السلام) : لا تكون مسلما حتى يسلم الناس من يدك و لسانك و لا تكون عالما حتى تكون بالعلم عاملا و لا تكون عابدا حتى تكون ورعا و لا تكون ورعا حتى تكون زاهدا أطل الصمت و أكثر الفكر و أقل الضحك .
و قيل : أشد الناس حسرة يوم القيامة رجلان رجل نظر إلى ماله في ميزان غيره سعد هو به و شقي ذلك به و رجل نظر إلى علمه في ميزان غيره سعد هو بالعمل و شقي ذلك بجمعه .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : رأيت ليلة أسري بي قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت ردت فقلت يا جبرئيل من هؤلاء فقال خطباء أمتك كانوا يأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم و هم يتلون الكتاب أ فلا يعقلون .
و قال بعضهم : العالم طبيب هذه الأمة و المال الداء فإذا كان الطبيب يجر الداء إلى نفسه فكيف يقع الثقة به .
و قال (عليه السلام) : لا تطلبوا العلم لتباهوا به العلماء و لا لتماروا به السفهاء و لا لتصرفوا به وجوه الناس إليكم فمن فعل ذلك فهو في النار و لكن تعلموه لله و للدار الآخرة .
و قال بعضهم : المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها و لا ينافس في عزها لأهلها حال و له حال قد أهمته نفسه الناس منه في راحة و نفسه منه في شغل .
و قيل : جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له إن فلانا جاري يؤذيني فقال اصبر على أذاه و كف أذاك عنه فما لبث يسيرا أن جاء فقال له يا نبي الله إن جاري ذاك مات فقال كفى بالدهر واعظا و بالموت مفرقا إنك لو رأيته في قبره لبكيت عليه طول عمرك .
و قيل : إن سلمان الفارسي رضي الله عنه لما مرض مرضه الذي مات فيه أتاه سعد يعوده فقال كيف تجدك يا أبا عبد الله فبكى فقال ما يبكيك فقال و الله ما أبكي حرصا على الدنيا و لا حبا لها و لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد إلينا عهدا فقال ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب فأخشى أن يكون قد جاوزنا أمره و هذه الأساود حولي و ليس حوله إلا مطهرة و إجانة و جفنة .
و قال : ثوبان : قلت يا نبي الله ما يكفيني من الدنيا قال ما سد جوعتك و وارى عورتك و إن كان لك بيت يظلك فبخ بخ و إن كان لك دابة تركبها فذاك و أنت مسئول عما سوى ذلك .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما فوق الإزار و خف الحر و ظل الحائط و جرة الماء فضل يحاسب عليه يوم القيامة .
عن عائشة قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن سرك اللحوق بي فإياك و مخالطة الأغنياء و لا تجمعي طعاما لشهر و لا تستبدلي ثوبا حتى ترقعيه .
قال بعضهم : المؤمن يتزود و الكافر يتمتع .
و قال : يا ابن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا و ارض بما قسم الله لك تكن غنيا و أحسن جوار من جاورك تكن مسلما و صاحب الناس بما تحب أن يصاحبوك تكن منصفا إنه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيرا و يبنون مشيدا و يأملون بعيدا أصبح جمعهم بورا و مساكنهم قبورا يا ابن آدم إنك مرتهن بعملك المعروض على ربك فخذ مما في يديك لما بين يديك فإن الموت يأتيك يا ابن آدم طأ الأرض بقدميك فإنها عن قليل قبرك إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك .
و ذكر الفقهاء لبعضهم فقال : إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة البصير بالدين المتمسك بالإسلام
و قال بعضهم : أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما و عند الله صغيرا .
من كلام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : ألا رب نفس جائعة عارية في الدنيا طاعمة ناعمة يوم القيامة ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية في الآخرة ألا رب مكرم لنفسه و هو لها مهين و رب مهين لنفسه و هو لها مكرم ألا رب شهوة ساعة قد أورثت حزنا طويلا .
و قال الحسن البصري : لقد أدركت أقواما كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم الله عليكم و إنهم كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أخوف منكم على سيئاتكم أن توبقكم كانوا إذا جنهم الليل قياما على أطرافهم يفترشون وجوههم تجري دموعهم على خدودهم يناجون الذي خلقهم في فكاك رقابهم إذا عملوا السيئة أحزنتهم و سألوا الله أن يغفرها لهم و إذا عملوا الحسنة دأبوا في شكرها و سألوا الله أن يقبلها و الله ما سلموا مع ذلك من الذنوب و لا نجوا إلا بالمغفرة .
و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ليجيئن أقوام يوم القيامة لهم من الحسنات كأمثال الجبال جبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار فقيل يا نبي الله أ مصلون قال كانوا يصلون و يصومون و يأخذون وهنا من الليل لكنهم كانوا إذا لاح لهم شيء من الدنيا وثبوا عليه .
و قال : أشد ما أخاف على أمتي ثلاث زلة العالم و جدال منافق أو ذنب يقطع رقابهم إن هذين الحجرين قد أهلكا من كان قبلكم و إنهما مهلكاكم فانظروا كيف تعملون .
سمع بعضهم حازم بن حزيمة يقول في خطبته : إن يوما أسكر الكبار و شيب الصغار ليوم عسير شره مستطير فقال بعضهم كلمة حق من جوف خرب ثم أخرج رقعة فكتبها .
و قال : الحسن : بع دنياك بآخرتك تربحهما و لا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما اللبث هاهنا قليل و البقاء هناك طويل و قد أسرع خياركم فما ينتظرون إلا المعاينة فكان قد هيهات هيهات قد ذهبت الأعمار و بقيت الأعمال قلائد في أعناق الرجال فيا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة إنه و الله ما من أمة بعد أمتكم و لا نبي بعد نبيكم و لا كتاب بعد كتابكم أنتم تسوقون الأمم و الساعة تسوقكم و إنما ينتظر أولكم أنه يلحق به آخركم إنه من رأى محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد رآه غاديا و رائحا لم يضع لبنة على لبنة و لا قصبة على قصبة إنما نصب له علما فشمر إليه فالنجا النجا على ما تفرحون إي و رب الكعبة إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) برسالته و أنزل عليه كتابه و وضعه من الأرض في وسطها ثم آتاه منها قوتا و بلغة ثم قال عز و جل لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ فرغب أقوام عن عيشه و سخطوا ما رضي له ربه فأبعدهم الله و أسحقهم فرحم الله عبدا نظر فتفكر و اعتبر فأبصر و صبر إنه لن يكره لقاء الله إلا مقيم على عصيانه .
و كان إذا قرأ ألهاكم التكاثر قال : عمن ألهاكم عن دار الخلود و جنة لا تبيد هذا و الله فضح القوم و هتك الستر و أبدى العورات تنفق مثل دينك في شهوتك و تمنع في حق الله درهما ستعلم يا لكع .
قال أبو الدرداء : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إن لله من ورائكم عقبة كئودا لا يجوزها المثقلون .
قيل : دخل رجل على سلمان فلم يجد في بيته إلا سيفا و مصحفا فقال له ما في بيتك إلا ما أرى قال إن أمامنا عقبة كئودا فإنا قد قدمنا متاعنا إلى المنزل أولا فأولا .
و قال : وقع حريق بالمدائن فأخذ سلمان سيفه و مصحفه و خرج من البلد و قال هكذا ينجو المخفون .
روى عطا : أن رجلا دخل على ابن عباس رضي الله عنه و بين يديه المصحف و هو يبكي و قد أتى على قوله سبحانه و تعالى فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ فقال ابن عباس قد علمت أن الله أهلك الذين أخذوا الحيتان و أنجى الذين نهوهم و لا أدري ما صنع بالذين لم ينهوهم و لم يوافقوا المعصية و هي حالنا .
و من كلام أمير المؤمنين : أيها الناس إنما الدنيا دار ممر و الآخرة دار مقر فخذوا من ممركم لمقركم و لا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم فإنه لن يستقبل أحدكم يوما من عمره إلا بفراق آخر من أجله و إن أمس موعظة و اليوم غنيمة و غدا لا يدرى من أهله فاستصلحوا ما تقدمون عليه و راقبوا ما ترجعون إليه أخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم ففيها خلقتم و إلى غيرها ندبتم إنه لا قوي أقوى من الخالق و لا ضعيف أضعف من المخلوق و لا مهرب من الله إلا إليه فكيف يهرب من يتقلب في يدي طالبه و كل نفس ذائقة الموت .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تغتروا بالله فإن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة و الخردلة و البعوضة .
قال بعضهم : من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه و من ازداد على الدنيا حرصا لم تزدد الدنيا منه إلا بعدا و من الله إلا بغضا .
و قال : الحريص الجاهد و القانع الزاهد كلاهما مستوف أكله غير منقوص ما قدر له و لا زائد على رزقه فعلام التهافت في النار .
و قال : يا ابن آدم ما يضرك ما فاتك من الدنيا و أصابك من شدائدها إذا رزقت خير الآخرة و ما ينفعك ما أصبت من الدنيا و نالك من لذاتها إذا حرمت خير الآخرة .
و قال : من عرف ربه أحبه و من عرف الدنيا زهد فيها إن المؤمن ليس بصاحب لهو و لا غفلة إنما دينه التفكر فيما له و عليه و في ذلك ما يشغله عما فيه الناس من خوضهم
و قيل : في قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ قال هو الذي يستر النعمة و يشكو البلية .
و قال : ضرب ابن آدم بالمرض و الحاجة و الموت و هو مع ذلك كله وثاب .
داود بن سرحان قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الغيبة قال هو أن تقول في أخيك في دينه ما لم يفعل و تثبت عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد .
و عنه (عليه السلام) : قال من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا و لهم عذاب أليم.
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : إياك و ما يسوء الأذن.
عن علي (عليه السلام) في قوله تعالى وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا قال : لا تنس صحتك و قوتك و نشاطك و شبابك و غناك أن تطلب به الآخرة .
و قال الحسن في قوله تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ قال : يكابد مضايق الدنيا و شدائد الآخرة .
أبو العتاهية .
تدر في المحلب ثم ترمحه *** تعتق بالفارس ثم تطرحه
مفسدة لكل شيء تصلحه
بعضهم .
ما عذر من نعم أثوابه *** و جسمه مستهدم يخرب
يبكي على الذاهب من ماله *** و إنما يبقى الذي يذهب
بعضهم : إن عمرا قصيرا يستوجب به صاحبه النار لعمر مشوم على صاحبه .
و كان عيسى (عليه السلام) يقول : إذا مر بدار قد مات أهلها و خلف فيها غيرهم يقول ويحا لأربابك الذي ورثوك كيف لم يعتبروا بإخوانهم الماضين .
و كان يقول : يا دار تخربين و يفنى سكانك و يا نفس اعملي ترزقي و يا جسد انصب تسترح .
من بعض كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن مع كل أكلة غصص و مع كل شربة شرق و لن تنال نعمة إلا بفراق أخرى .
قال بعضهم : مررت بخرابة و معي صاحب فقال ناد أين أهلك فناديت فقالت ذهبوا و بقيت الأعمال .
قال بعضهم : مررت بسويقة عبد الوهاب و قد خربت و إذا على حائط منها مكتوب هذه الأبيات :
هذي منازل أقوام عهدتهم *** في خفض عيش و عز ما له خطر
صاحت بهم نائبات الدهر فانقلبوا *** إلى القبور فلا عين و لا أثر
قال بعضهم : اجتزت بفناء خربة كانت دار الفقهاء فأدخلت رأسي في الخراب و قلت شعرا :
ناد رب الدار ذا المال الذي *** جمع الدنيا بحرص ما فعل
فأجابني هاتف من الخربة :
كان في دار سواها داره *** عللته بالمنى حتى انتقل
مر بعضهم برجل عليه أطمار رثة قد جمع عظاما و هي بين يديه يقلبها فقال له ما قصتك أيها الرجل و ما بلغ بك ما أرى من سوء الحال و شفوف الجسم في هذه الفلاة و شحوب اللون و الانفراد فقال الرجل : أما ما ترى من تغير حالي و نحول جسمي فإني على جناح سفر و بي موكلان مزعجان يحدوان بي إلى منزل ضنك المحل مظلم القعر كريه المقر ثم يسلماني إلى مصاحبة البلى و مجاورة الهلكى بين أطباق الثرى فلو تركت بذلك مع خفائه و ضيقه و وحشته و تقطع أحشائي فيه و ارتعاء خشاش الأرض في لحمي و عصبي و عظامي حتى أعود رفاتا و كان للبلاء انقضاء و للشقاء نهاية لنسيت لكنني ادفع بعد ذلك إلى صيحة الحشر و أرد إلى أهوال مواقف الجزاء ثم لا أدري إلى أي دار يؤمر بي فبأي عيش يلتذ من يكون إلى هذا مصيره و عاقبته .
أنشد الشعبي عبد الملك بن مروان :
إذا الرجال كبرت أولادها *** و جعلت أوصابها تعتادها
و اضطربت من كبر أعضادها *** فهي زروع قد دنا حصادها
قيل دخل أبو الهذيل على المأمون فقال : يا أمير المؤمنين إن أرض دارك هذه كانت مسكونة قبلك من ملوك و سوقة دارسة آثارهم عافية ديارهم فالسعيد من وعظ بغيره .
قيل : خطب المأمون في بعض الجهات فوقعت ذبابة على موق عينه فطردها ثم عادت فطردها حتى قطعت عليه خطبته فلما فرغ من الصلاة بعث إلى بعض العلماء فقال لم خلق الله الذباب قال ليذل به الجبابرة قال صدقت .
بعضهم : .
يا ذوي الأوجه الحسان المصونات *** و أجسامها الغضاض الرطاب
أكثروا من نعيمها أو أقلوا *** سوف تهدونها لقعر التراب
قد نعتك الأيام نعيا صحيحا *** بفراق الإخوان و الأصحاب
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : مهلا عن معصية الله فإن الله شديد العقاب لو لا عباد ركع و رجال خشع و بهائم رتع و أطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا .
و قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : أكرموا الضعفاء فإنما ترزقون بضعفائكم .
و قال (عليه السلام) : لا يغرنكم من الله طول النسية و حسن التقاضي فإن أخذه أليم شديد إن لله في كل نعمة حقا من أداه زاده الله فيها و من قصر فيه سلبه الله إياها فليراكم الله من النقمة وجلين كما يراكم بالنعمة فرحين .
بعضهم : ليس أحد من العباد إلا و لله الحجة عليه إما مهمل لطاعته أو مرتكب لمعصيته أو مقصر في شكره .
قال رجل لبعضهم كيف أصبحت قال : أصبحت و الله في غفلة من الموت مع ذنوب قد أحاطت بي و أجل يسرع كل يوم في عمري و قادم على هول لا أدري على ما أقتحم منه ثم بكى .
عن بعضهم .
ذهبت جدتي بطاعة نفسي *** فتذكرت طاعة الله نضوا
البختري :
لا تأسفن من الدنيا على أمل *** فليس باقيه إلا مثل ماضيه
و افرح إذا لم تنل شيئا تحاسبه *** و احزن على صالح لم تجتهد فيه
قال وهب : لله ملك ينادي في كل ليلة يا أبناء الستين عدوا أنفسكم في الموتى .
قال بعضهم : يوشك من صار إلى منزل ستين سنة أن يبلغ مقصده فيحط رحله و يريح راحلته و أنشد :
تزود من الدنيا فإنك راحل *** و بادر فإن الموت لا شك نازل
و إن امرأ قد عاش خمسين حجة *** و لم يتزود للمعاد لجاهل
قيل في قوله تعالى إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا قال : الأنفاس فخسر حياته من أنفقها في غير حقها .
بعضهم :
لهفي على عمر ضيعت أوله *** و غال آخره الأسقام و الهرم
كم أقرع السن عند الموت من ندم *** و أين يبلغ قرع السن و الندم
هلا انتهيت و وجه العمر مقتبل *** و النفس في جدة و العزم معتزم
و قيل لشيخ من العباد ما بقي منك مما تحب له الحياة فقال : البكاء على الذنوب قيل مرض الربيع بن خثيم فقيل له أ لا تداوي فقال إن عادا و ثمود و أصحاب الرس و قرونا بين ذلك كثيرا كانت فيهم أدواء و أوجاع و أطباء فلا الناعت بقي و لا المنعوت له .
قيل : جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله إني أذنبت ذنبا فقال استغفر الله قال إني أتوب ثم أعود قال كلما أذنبت فتب حتى يكون الشيطان هو الخسير .
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ما من عبد أذنب ذنبا فقام و توضأ و صلى و استغفر الله من ذنبه إلا كان حقيقا على الله أن يغفر له لأنه يقول وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً .
بعضهم لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضر الموت فاستقال ربه فأقاله فليعمل بطاعته .
قيل : أوحى الله تعالى إلى داود اتق أن آخذك على غرة و تلقاني بلا حجة .
دخل بعضهم على عبد الملك فقال عظني فقال : هل أنت على استعداد لحلول الموت إن أتاك قال لا قال فهل أنت مجمع على التحول عن هذه الحالة إلى حالة ترضاها قال لا قال فهل بعد الموت دار فيها مستعتب إن استقلت تقال قال لا قال فهل تأمن الموت أن يأتيك على غرة قال لا قال ما رأيت مثل هذه الخصال رضي بها عاقل .
و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ترك الخطيئة أهون من طلب التوبة فاغتنم غفلة المنية .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : التائب من الذنب كمن لا ذنب له و المستغفر من الذنب و هو مقيم عليه كالمستهزئ بربه و إن الرجل إذا قال أستغفرك و أتوب إليك ثم عاد فقالها ثم عاد ثلاث مرات كتب في الرابعة من الكذابين .
و قال بعضهم : كن وصي نفسك و لا تجعل الرجال أوصيائك كيف تلومهم أن ضيعوا وصيتك و قد ضيعتها في حياتك .
بعضهم :
تمتع إنما الدنيا متاع *** و إن دوامها لا يستطاع
و قدم ما ملكت و أنت حي *** أمير فيه متبع مطاع
و لا يغررك من توصي إليه *** فقصر وصية المرء الضياع
و ما لي لم أملك ذاك غيري *** و أوصيه به لو لا الخداع
بعضهم : انتبه أيها الإنسان من رقدتك و أفق من سكرتك و اعمل في مهلك قبل شغلك و قبل نزول الموت بك خذ مما في يديك لما بين يديك فإن بين يديك عقبة كئودا لا يجاوزها إلا كل مخف قد أحسن الاستعداد لها و هنالك يوجل كل مثقل مفرط .
في قوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قال : أن يطاع فلا يعصى و يذكر فلا ينسى و يشكر فلا يكفر .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل يوصيه : أقلل من الشهوات يسهل عليك الفقر و أقلل من الذنوب يسهل عليك الموت و انظر العمل الذي يسرك أن يأتيك الموت و أنت عليه فخذه الساعة .
قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : أضحكني ثلاث و أبكاني ثلاث أضحكني غافل و ليس بمغفول عنه و مؤمل الدنيا و الموت في طلبه و ضاحك ملأ فيه و لا يدري متى يومه و أبكاني فراق الأحبة و هول المطلع و الوقوف بين يدي الله لا أدري أ ساخط أم راض .
قال بلال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) ماتت فلانة فاستراحت فغضب و قال : إنما استراح من غفر له .
قال الأعمش : كنا نشيع الجنائز فما ندري من نعزي من حزن القوم و إقبالهم على أنفسهم .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا حمل عدو الله إلى قبره نادى من تبعه يا إخوتاه احذروا مثل ما وقعت فيه إني لأشكو إليكم دنيا غرتني حتى إذا اطمأننت إليها صرعتني و أشكو إليكم أخلاء الهوى سروني حتى إذا ساعدتهم تبرءوا مني و خذلوني و أشكو إليكم أولادا آثرتهم على نفسي فأسلموني و أشكو إليكم مالا منعت منه حق الله تعالى فعاد وبالا و نفعه لغيري و أشكو إليكم طول الثواء في قبر ينادي أنا بيت الوحشة و بيت الظلمة يا إخوتاه فاجتنبوا مثل ما حل بي و احذروا مثل ما لقيت يا طول ثبوراه ما لي من شفيع يطاع و لا صديق حميم يا عظيم حسرتاه لو أن لي كرة فأكون من المؤمنين .
و أنشد بعضهم شعرا :
وصف الطبيب دوائه *** فهم بذاك يعالجونه
يرجون صحة جسمه *** هيهات مما يرتجونه
كان بعضهم يقول : محلة الأموات أعظم العظات فزوروا القبور و اعتبروا بالنشور .
البراء بن عازب : بينما نحن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ بصر بجماعة على قبر يحفرونه فبدر إليهم مسرعا حتى وفد عليهم ثم بكى حتى بل ثوبه و الثرى ثم التفت إلينا و قال يا إخوتاه لمثل هذا اليوم أعدوا .
كان يقال : لا شيء أوعظ من قبر و لا صاحب آنس من كتاب .
وجد على قبر مكتوب : يا من أبطره الغنى و أسكرته شهوات الدنيا استعدوا للسفرة العظمى فقد دنا نزولكم على أهل البلى .
كتب بعضهم إلى ملك يعظه : أيها العبد لا تتجبر و لا تتعد قدرك إن الموت آتيك و إن طال عمرك و إن الحساب أمامك و إنك متروك مدته مأخوذ بغتة أحب ما كانت الدنيا إليك فقدم لنفسك خيرا تجده محضرا و تزود من متاع الغرور ليوم فاقتك يوم النشور و اعتبر بمن كان قبلك ممن ادخر الأموال و أعد الرجال فلا يستطيع أن يفتدي به الموت لما نزل به .
قيل : مر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) بقبر دفن فيه بالأمس إنسان و أهله يبكون فقال لركعتان خفيفتان مما تحتقرون أحب إلى صاحب هذا القبر من دنياكم كلها .
في قوله تعالى يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ فقال هما نفختا الصور الأولى تميت الأحياء و الأخرى تحيي الموتى و أما الثالثة فتشخصهم من أجداثهم فإذا هم قيام ينظرون يخرجون من قبورهم و هم ينفضون التراب عن رءوسهم و يقولون سبحانك ما لبثنا إلا قليلا .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : أنا آخذ بحجزكم أقول اتقوا الله اتقوا الحدود اتقوا النار فإذا مت تركتكم و أنا فرطكم على الحوض فمن تزود فقد أفلح .
و قال (عليه السلام) : يقول الله تعالى و عزتي لا يبكي عبدي من خوف عقابي في الدنيا إلا أضحكت سنه بعفوي في الآخرة .
و قال (عليه السلام) : نعوذ بالله من وادي الحزن قيل و ما هو يا رسول الله قال واد في جهنم إذا فتح استجارت منه جهنم سبعين مرة أعده الله للقراء المراءين .
و قال (عليه السلام) : يقال للكافر يوم القيامة لو كان لك ملء الأرض ذهبا أ كنت تفتدي به فيقول نعم فيقال له كذبت قد سئلت ما هو أهون عليك من هذا فأبيت .
و قال (عليه السلام) : يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار فيغمس في النار غمسة فيقال له هل رأيت نعمة قط فيقول لا فيؤتى بأشد المؤمنين بؤسا في الدنيا فيقال اغمسوه في الجنة غمسة فيقال له هل رأيت بؤسا قط فيقول لا .
قال بعضهم : أخفوا لله عملا و أخفى لهم ثوابا فلما قدموا عليه قرت تلك الأعين .
و قال : النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) : لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا و ما فيها .
و عنه (عليه السلام) : قال لا إيمان لمن لا أمانة له و لا دين لمن لا عهد له و الذي نفسي بيده لا يستقيم دين رجل حتى يستقيم قلبه و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه و لا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه .
و قال (عليه السلام) : ثلاث من كانت فيه واحدة منها زوجه الله من الحور العين رجل اؤتمن على أمانة خفية شهية فأداها مخافة من الله عز و جل و رجل عفا عن قاتله و رجل قرأ قل هو الله أحد عشر مرات في دبر كل صلاة .
و قال : أمير المؤمنين (عليه السلام) : لقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهله الغدر كسبا و الخيانة حسن حيلة و المكر لطف عقل و قد يرى الحول القلب وجه الحيلة و دونها مانع من الله فيدعها من بعد قدرة و ينتهزها من لا بصيرة له في الدين .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما منع مال من حقه إلا ذهب في الباطل أضعافه .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : قال الله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ إن أحدهم يرفع يديه إلى السماء و يقول يا رب يا رب و مطعمه من حرام و مكسبه من حرام و غذي من حرام فأنى يستجاب لهذا و أي عمل يقبل لهذا و هو ينفق فيه من غير حل .
أبصر أبو هريرة رجلا يعظ رجلا و آخر يقول دعه فإنه لا يضر إلا نفسه فقال أبو هريرة : كذبت و الذي نفسي بيده إنه ليضر غيره حتى أن الحيات لتموت في وكرها بظلم الظالم هكذا أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ليس منا من غش مسلما أو غره أو ماكره .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : من تزوج بصداق ينوي أن لا يؤديه فهو زان و من استدان دينا ينوي أن لا يقضيه فهو سارق .
و قال الأحنف : إذا دعتك نفسك إلى ظلم الناس فاذكر قدرة الله على عقوبتك و انتقامه منك و ذهاب ما ظلمتهم فيه من يدك و بقاء وزره .
و كان بعضهم يقول : ما أنعم الله على عبد نعمة فظلم بها إلا كان حقا على الله أن يزيلها عنه و أنشد :
أعارك ماله لتقوم فيه *** بواجبه و تقضي بعض حقه
فلم تقصد لطاعته و لكن *** قويت على معاصيه برزقه
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أول ثلاثة يدخلون الجنة الشهيد و عبد مملوك لم يشغله رق الدنيا عن طاعة ربه و فقير مستعفف و أول ثلاثة يدخلون النار أمير متسلط و ذو ثروة من مال لا يؤدي حق الله فيه و فقير فجور .
و قال : من استرعى رعية فغشها حرم الله عليه الجنة .
و قال : أخوف ما أخاف على أمتي زلات العلماء و ميل الحكماء و سوء التأويل .
و قال : ابن عباس : نحدث بكل ما نسمع منك قال نعم إلا أن تحدث قوما حديثا لا تضبطه عقولهم فيكون على بعضهم فتنة .
و قال الحسن و قد اكتنفه قوم من أصحابه و هو يبكي : لو أن رجلا من المهاجرين اطلع من باب مسجدكم ما عرف شيئا مما كانوا عليه إلا قبلتكم هذه هلك الناس لا قول و لا فعل هلك الناس لا قول و لا صبر أرى أجساما و لا أرى عقولا أسمع حسيسا و لا أرى أنيسا إن سألت أحدهم هل تؤمن بيوم الحساب قال نعم كذب و مالك يوم الدين إن من أخلاق المؤمن إيمانا في يقين و علما في عمل و قصدا في عبادة و إعطاء السائل في الزلازل وقور في الرخاء شكور لا يجمح به الغضب و لا يغلبه الشح .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : كيف تكون مسلما و لا يسلم الناس منك و كيف تكون مؤمنا و لا تأمنك الناس و كيف تكون متقيا و الناس يتقون أذاك .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : يكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا يفعلون فمن صدقهم بكذبهم و أعانهم على ظلمهم و غشي أبوابهم فليس مني و لست منه و لم يرد علي الحوض .
و قال : (عليه السلام) لحذيفة : يا حذيفة كيف أنت إذا كانت أمراء إن أطعتهم أكفروك و إن عصيتهم أهلكوك فقال كيف أصنع يا رسول الله قال جاهدهم إن قويت و اهرب منهم إن ضعفت .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت الأمة و إذا فسدا فسدت الأمة الأمراء و الفقهاء .
و قال بعضهم : خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح ما سواهما ترك الركون إلى الظلمة و الطغيان في النعمة ثم تلا قوله تعالى وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي .
قال بعضهم : عالجت العبادة فلم أر شيئا أشد من الصمت .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم و إنه ليكتب جبارا و لا يملك إلا أهله .
قيل : جلس الأحنف مع مصعب بن الزبير فمد مصعب رجليه فنحاهما الأحنف فقال العجب لمن يتكبر و قد خرج من مخرج البول مرتين .
و قال : النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : كرم الرجل دينه و شرفه عقله و حسبه خلقه إن الله يسألكم يوم القيامة عن أعمالكم و ما كسبتم لا عن أحسابكم و أنسابكم .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله لا ينظر إلى صوركم و أموالكم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم .
و قال بعضهم : لا يبلغ عبد ذرى الإسلام حتى يكون التواضع أحب إليه من التماس الشرف و ما قل من الدنيا أحب إليه مما كثر و يكون من أحب و أبغض عنده في الحق سواء و يحكم للناس بما يحكم لنفسه .
و عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : ليس شيء يباعدكم من النار و يقربكم من الجنة إلا و قد ذكرته لكم إن روح القدس نفث في روعي أنه لن يموت عبد حتى يستكمل رزقه ألا فأجملوا في الطلب و لا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئا من فضل الله بمعصيته فإنه لن ينال ما عند الله إلا بطاعته .
لقي كعب عبد الله بن سلام فقال من أرباب العلم قال الذين يعملون به قال فما أذهب العلم من قلوب العلماء قال الطمع و الشره يقول الله في التوراة إن القلوب المتعلقة بحب الدنيا محجوبة العقول عني .
و قال : النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن من السرف أن تأكل كلما اشتهيت .
قال عمران بن حصين : نهانا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن إجابة طعام الفاسقين .
قال أنس : لم يكن شخص أكرم على الله من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كنا إذا رأيناه لم نقم له لما نعلم من كراهته ذلك .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : لئن يحتطب الرجل على ظهره فيبيعه و يستغني به و يتصدق بفضله خير من أن يسأل رجلا آتاه الله من فضله فيعطيه أو يمنعه إن اليد العليا خير من اليد السفلى .
و قال : بعضهم : أهدى لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شاة فرددتها فقال لم رددتها فقلت سمعتك تقول خيركم من لم يقبل من الناس شيئا فقال إنما ذلك فيما يكون عن مسألة و أما ما آتاك الله من غير مسألة فإنما هو رزق ساق الله إليك .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : من قل طعمه صح بدنه و صفا قلبه و من كثر طعمه سقم بدنه و قسا قلبه .
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما زين الله رجلا بزينة خير من عفاف بطنه .
و كان عيسى (عليه السلام) يقول : يا ابن آدم الضعيف اتق ربك و اتق طمعك و كن في الدنيا ضعيفا و عن شهواتك عفيفا عود جسمك الصبر و قلبك الفكر و لا تحبس لغد رزقا فإنها خطيئة عليك و أكثر حمد الله على الفقر فإن من العصمة أن لا تقدر على ما تريد .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعائشة : أحسني جوار النعم فإنها ما نفرت عن قوم فكادت ترجع إليهم .
و قالت : ما اجتمع عنده إدامان إلا أكل أحدهما و تصدق بالآخرة .
قيل : خطب الناس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما و عليه عباءة شامية فقال ما قل و كفى خير مما كثر و ألهى و إن صاحب الدرهمين أطول حسابا من صاحب الدرهم .
و قال (عليه السلام) : ما عال من اقتصد و القناعة مال لا تنفد .
و عن بعضهم في قوله تعالى فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً رزقه القناعة و لا أحوجه إلى أحد .
و قال : عيسى (عليه السلام) : النوم على الحصير و أكل خبز الشعير في طلب الفردوس يسير .
دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) على فاطمة و هي تبكي و تطحن بالرحى و عليها كساء من أجلة الإبل فلما رآها بكى و قال : يا فاطمة تجرعي مرارة الدنيا اليوم لنعيم الآخرة غدا فأنزل الله تعالى وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى .
قيل : بينما النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) و الناس في المسجد ينتظرون بلالا أن يأتي فيؤذن إذ أتي بلال فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما حبسك يا بلال فقال إني اجتزت بفاطمة و هي تطحن واضعة ابنها الحسن عندها و هو يبكي فقلت لها أيما أحب إليك إن شئت كفيتك ابنك و إن شئت كفيتك الرحى فقالت أنا أرفق بابني فأخذت الرحى فطحنت فذاك الذي حبسني فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمتها رحمك الله .
و قيل : دخل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) على فاطمة و هي تطحن مع علي (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأيكما أعقب فقال علي (عليه السلام) لفاطمة فإنها قد أعيت فقامت فاطمة فطحن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع علي لفاطمة .
قيل : كان عبد الله بن الحسن يقول لبنيه إذا قحطوا يا بني اصبروا فإنما هي غدوة أو روحة حتى يأتي الله بالفرج .
قيل للقمان (عليه السلام) : أ لست عبد آل فلان قال بلى قيل فما بلغ بك ما نرى قال صدق الحديث و أداء الأمانة و ترك ما لا يعنيني و غض بصري و كف لساني و عفة طعمتي فمن نقص عن هذا فهو دوني و من زاد عليه فهو فوقي و من عمله فهو مثلي .
و قال : يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة .
و قال : يا بني الشر لا يطفى بالشر كالنار لا تطفى بالنار و لكنه يطفى بالخير كالنار تطفى بالماء يا بني لا تشمت بالموت و لا تسخر بالمبتلى و لا تمنع المعروف يا بني كن أمينا تعش غنيا يا بني إنك سقطت من بطن أمك استدبرت الدنيا و استقبلت الآخرة و أنت كل يوم إلى ما استقبلت أسرع منك و أدنى إلى ما استدبرت يا بني اتخذ تقوى الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة فإذا أخطأت خطيئة فابعث في أثرها صدقة تطفيها يا بني إن الموعظة تشق على السفيه كما يشق الصعود على الشيخ الكبير يا بني لا ترث لمن ظلمته و لكن ارث لسوء ما جنيته على نفسك و إذا دعتك القدرة إلى ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك يا بني تعلم من العلماء ما جهلت و علم الناس ما علمت .
قال موسى (عليه السلام) أي رب أي خلقك أعظم ذنبا ?
قال : الذي يتهمني .
قال : يا رب , و هل يتهمك أحد ?
قال : نعم يا موسى الذي يستخيرني و لا يرضى بقضائي و لا يشكر نعمائي و لا يصبر على بلائي .
و كان من دعائه (عليه السلام) : اللهم خر لي و اختر لي.
و مما أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معاذ بن جبل : أوصيك بتقوى الله و صدق الحديث و التفقه في القرآن و حب الآخرة و الجزع من الحساب و خفض الجناح و أنهاك أن تسب مسلما أو تكذب صادقا أو تطيع آثما أو تعصي إماما عالما.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بسبع خصال حب المساكين و الدنو منهم و هجر الأغنياء و أن أصل رحمي و إن جفاني و أن لا أتكلم بغير الحق و أن لا أخاف في الله لومة لائم و أن لا أنظر إلى من هو فوقي و أنظر إلى ما هو دوني و أن أكثر من قول لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
بعضهم : فإن الذي أرسل الحيا أنبت الكلاء ثم قسم لكل فم بقلة و من الماء جرعة و إن لكل مرعى راعيا و لو أمات الناس الداء لأحياهم الدواء .
و قال أكثم بن صيفي لما حضرته الوفاة : يا بني تميم لا يفوتكم وعظي إن فاتكم الدهر بنفسي إن بين حيزومى بحرا من الكلام مغيضه أسماعكم و مغاره قلوبكم فتلقوه بأسماع مصغية و قلوب واعية تحمدوا عواقبه إن الهوى يقظان و العقل راقد و الشهوات مطلقة و الحزم معقول و النفس مهملة و الروية مقيدة و من جهة التواني و ترك الروية يتلف الحزم و لن يعدم المشاور رشدا و المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل و مصارع الألباب تحت ظلال الطمع و على الاعتبار طريق الرشاد و من سلك الجدد أمن العثار و من صبر على ما يكره أدرك ما يحب .
كتب رجل إلى ولده بوصية : يا بني استعد لسفرك و تأهب لرحلتك و حول متاعك إلى المنزل الذي تقيم فيه و لا تغتر بما اغتر به البطالون من طول آمالهم فقصروا عن معادهم فندموا عند الموت شر الندم و أسفوا على تضييع العمر أشد الأسف فلا الندامة عند الموت تنفعهم و لا الأسف على التقصير أبعدهم من شر ما وافى به المغترون بطول الأمل .
و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب و هو مقيم على معصيته فإنما ذلك استدراج ثم تلا فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ .
و قال : لا يزال يد الله على هذه الأمة ما لم تمل قراؤهم إلى أمرائهم و ما لم يوقر خيارهم شرارهم و ما لم يعظم أبرارهم فجارهم فإذا فعلوا ذلك رفعها الله عنهم و قذف في قلوبهم الرعب .
و سئل ابن عباس عن صفة الذين صدقوا الله المخافة فقال : هم قوم قلوبهم من الخوف قرحة و أعينهم على أنفسهم باكية و دموعهم على خدودهم جارية يقولون لم نفرح و الموت من ورائنا و القبور أمامنا و القيامة موعدنا و على الله عرضنا ثم قال يا سبحان الله عجبا لألسن واصفة في قلوب عارفة و أعمال مخالفة .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من مشى مع ظالم ليعينه فقد خرج من الإسلام و من أعان ظالما ليبطل حقا فقد برئ من ذمة الله و ذمة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
قال بعضهم : من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله .
قال هشام بن بشر لعمرو بن عبيد صف لي الحسن فقال : كان إذا أقبل فكأنه قد جاء من دفن أمه و كان زفير جهنم في أذنه و كأنه قد قعد قعود الأسير لضرب عنقه و كأنه رجع من الآخرة فهو يخبر عما رأى و كان النار لم تخلق إلا له و ما رأيته يتبسم إلا أتبعه بعبرة .
و قال بعضهم : العلم يوجب العمل و المعرفة توجب الخوف و الرجاء ثمرة اليقين و الخوف ثمرة المعرفة و من طمع في الجنة اجتهد في الوصول إليها و من خاف من النار اجتهد في الهرب منها
و قال بعضهم : العمل دليل الاعتقاد لو وجدنا رجلا يستدبر مكة ذاهبا ثم زعم أنه يريد الحج لم نصدقه و لو وجدناه يؤمها ثم زعم أنه لا يريدها لم نصدقه .
قال شداد بن أوس : دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فرأيت في وجهه ما ساءني فقلت ما الذي أرى بك فقال أخاف على أمتي الشرك فقلت أ يشركون من بعدك فقال أما إنهم لا يعبدون شمسا و لا قمرا و لا وثنا و لا حجرا و لكنهم يراءون بأعمالهم و الرياء هو الشرك كلا فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً .
و قال (عليه السلام) : يجاء يوم القيامة بصحف مختومة فتنصب فيقول الله للملائكة ألقوا هذا و أقبلوا هذا فيقولون و عزتك و جلالك ما علمنا إلا خيرا فيقول نعم و لكن هذا عمل لغيري و لا أقبل إلا ما ابتغى به وجهي .
و قال (عليه السلام) : لا تقعدوا إلا إلى عالم يدعوكم من ثلاث إلى ثلاث من الكبر إلى التواضع و من المداهنة إلى المناصحة و من الجهل إلى العلم .
و قال (عليه السلام) : يقول الله تعالى أنا خير شريك و من أشرك معي شريكا في عمله فهو لشريكي دوني إني لا أقبل إلا ما أخلص لي .
و قال (عليه السلام) : يؤتى بناس يوم القيامة في أعظم نكال فيقول الله تعالى إنكم كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظائم و إذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين .
و قال (عليه السلام) : إذا مدح الفاسق اهتز لذلك العرش و غضب الرب .
و قال بعضهم : بئس العبد عبد يسأل المغفرة و هو يعمل بالمعصية يتخشع لتحسب عنده أمانة و إنما يتخشع للخيانة ينهى و لا ينتهي يأمر و لا يفعل إن أعطى قتر و إن منع لم يعذر .
و كان بعضهم إذا سمع بالرجل حسن حال قال هل يحترف فإن قيل لا سقط من عينه .
و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .
و قال بعضهم : احترفوا حتى لا تحتاجوا إلى الناس .
و قال ابن عباس : ما يأتي على الناس زمان إلا أماتوا فيه سنة و أحيوا فيه بدعة حتى تموت السنن و تحيا البدع .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما من قوم جلسوا يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة و غشيهم الرحمة و ذكرهم الله عنده في الملإ الأعلى .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا فيها قالوا و ما رياض الجنة قال مجالس الذكر .
و سئل ابن عباس رضي الله عنه أي الأعمال أفضل قال وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ إنه : ما جلست عصابة في بيت من بيوت الله يذكرون ربهم و يعظمونه إلا كانوا أضياف الله أظلتهم الملائكة و تغشاهم الرحمة .
و قال (عليه السلام) : من أحب أن يعلم كيف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده فإن الله ينزل العبد حيث أنزله من نفسه .
و قيل لبعضهم تركت أسواق الناس و مجالس الإخوان و تخليت فقال : رأيت أسواقهم لاغية و مجالسهم لاهية فوجدت الاعتزال فيما هناك عافية .
و قال آخر : خالطت الناس خمسين سنة فما وجدت رجلا غفر لي زلة و لا ستر لي عورة و لا أمنته إذا غضب و ما وجدت فيهم إلا من يركب هواه .
و قال : النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليكم بالعزلة فإنها عبادة .
قال بعضهم حمل بعض الجبارين إلى رجل صالح مالا فلم يقبله منه قال أكره أن يقع لهم في قلبي مودة إني لألقى الرجل فأبغضه فيقول لي مرحبا فيلين له قلبي فكيف و آكل ثريدهم و أطأ بساطهم .
و قيل إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) قال : اللهم لا تجعل لفاسق و لا فاجر عندي بر و لا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ .
قال بعض الحكماء : العبادة عشرة أجزاء تسعة في الصمت و واحدة في العزلة فأردت الصمت فلم أقدر عليه فصرت إلى العزلة فجمعت لي التسعة .
و قال آخر : لا شيء أوعظ من القبر و لا آنس من الكتاب و لا أسلم من الوحدة .
و قال آخر : إنما تطلب العلم لتهرب به من الدنيا لا لتطلب به الدنيا .
و قال آخر : إن أكرم الناس من لم تذله المطامع و لم يرغب في الصنائع
و قيل : لآخر ما هذه الكئابة و الحزن الذي بك قال رحمة للخلق من طول غفلتهم .
و كان عيسى (عليه السلام) يقول : يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي و تقربوا إلى الله بالتباعد عنهم و التمسوا رضاه بسخطهم .
و قال النبي (عليه السلام) : أحب البلاد إلى الله مساجدها و أبغض البلاد إلى الله أسواقها .
و قال بعضهم : يا ابن آدم من مثلك خلي بينك و بين الماء و المحراب متى ما شئت أن تدخل على ربك دخلت ليس بينك و بينه حاجب و لا بواب تقف بين يديه فتشكو فاقتك و تعرض عليه حاجتك .
و قال بعضهم : كنت أبيت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فآتيه بوضوئه و حاجته فقال لي سل فقلت أسألك مرافقتك في الجنة فقال أو غير ذلك فقلت ذلك مرارا فقال فأعني على نفسك بكثرة السجود و الزهد في الدنيا .
و قال : إن الرجلين ليكونان في صلاة واحدة و بينهما من الفضل كما بين السماء و الأرض و ذلك أن يكون أحدهما مقبلا على الله و الآخر ساه غافل .
و قال بعضهم في قوله تعالى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ قال طول الركوع و كثرة الخشوع و خفض الجناح و غض البصر و حسن التضرع و لطف المسألة و سكون الجوارح .
و قال (عليه السلام) : استعينوا بطعام السحر على صوم النهار و بقيلولة النهار على قيام الليل و إن صاحب النوم يجيء يوم القيامة مفلسا و ما نام أحد طول ليله إلا بال الشيطان في أذنه .
و قال عبد الله بن مسعود : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون و بنهاره إذا الناس مفطرون و ببكائه إذا الناس يضحكون و بورعه إذا الناس يخلطون و بخشوعه إذا الناس يختالون و بحزنه إذا الناس يفرحون و بصمته إذا الناس يخوضون .
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ قال : يرتلون آياته و يتفهمون معانيه و يعملون بأحكامه و يرجون وعده و يخشون عذابه و يتمثلون قصصه و يعتبرون أمثاله و يأتون أوامره و يجتنبون نواهيه ما هو و الله بحفظ آياته و سرد حروفه و تلاوة سورة و درس أعشاره و أخماسه حفظوا حروفه و أضاعوا حدوده و إنما هو تدبر آياته يقول الله تعالى كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ .
و قال بعضهم : ذهبت المعرفة و بقيت الجهالة ما أرى إلا مترفا صاحب دنيا لها يغضب و بها يرضى و لها يسخط و عليها يقاتل ذهب الصالحون أسلافا و بقيت خشارة كخشارة الشعير و حشف التمر .
قيل : إن أحق الناس بالقرآن من عمل به و إن كان لا يقرؤه و أبعدهم منه من لم يعمل به و إن قرأه .
و قال : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) أ لا أدلكم على أكسل الناس و أسرق الناس و أبخل الناس و أجفى الناس و أعجز الناس قالوا بلى يا رسول الله قال أما أبخل الناس فرجل يمر بمسلم فلا يسلم عليه و أما أكسل الناس عبد صحيح فارغ لا يذكر الله بشفه و لا بلسان و أما أسرق الناس فالذي يسرق من صلاته تلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجهه و أما أجفى الناس فرجل ذكرت بين يديه فلم يصل علي و أما أعجز الناس من عجز عن الدعاء .
و قال : النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل العبادة الدعاء فإذا أذن الله للعبد في الدعاء فتح له باب الرحمة إنه لن يهلك مع الدعاء أحد .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله ليبتلي العبد و هو يحبه ليستمع تضرعه .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما كان الله ليفتح باب الدعاء و يغلق باب الإجابة لأنه يقول ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و ما كان ليفتح باب التوبة و يغلق باب المغفرة و هو يقول وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً .
و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : ادعوا الله و أنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب دعاء لاه .
و قال (عليه السلام) : أربع من كن فيه أمن يوم الفزع الأكبر إذا أعطي شيئا قال الحمد لله و إذا أذنب ذنبا قال أستغفر الله و إذا أصابته مصيبة قال إنا لله و إنا إليه راجعون و إذا كانت له حاجة سأل ربه و إذا خاف شيئا لجأ إلى ربه .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : سادة الناس في الدنيا الأسخياء و في الآخرة الأتقياء .
و سئل علي بن الحسين (عليه السلام) عن الزاهد فقال : من يتبلغ بدون قوته و يستعد ليوم موته .
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) كان بعضهم يقول : أيها الناس اعلموا أن الأمان غدا لمن وحد الله و خافه و باع نافذا بباق و قليلا بكثير و خوفا بأمان أ لا ترون أنكم في أسلاب الهالكين و سيلحقها الباقون حتى يرث ذلك خير الوارثين في كل يوم تجهزون غاديا و رائحا قد قضى نحبه و انقضى أجله فتغيبونه في صدع من الأرض ثم تتركونه غير موسد و لا ممهد فارق الأحباب و خلع الأسلاب و سكن التراب و واجه الحساب فقيرا إلى ما قدم غنيا عما ترك .
قيل : اجتاز عمر بن عبد العزيز يوما بالمقابر فلما نظر إلى القبور بكى ثم قال هذه قبور آبائنا و أمهاتنا و أهلنا و جيراننا و حشدنا شاركوا أهل الدنيا في عيشهم و لذاتهم أ ما تراهم صرعى قد حلت بهم المثلات و استحكم فيهم البلاء فأصابت الهوام في أبدانهم مقبلا ثم بكى حتى غشي عليه ثم أفاق و قال و الله ما أعلم أحدا أسعد ممن صار إلى هذه الحفرة ممن قد أمن عذاب الله ثم قال أ لا أدلكم على أكفان لا تبلى و زاد لا ينقص قيل و ما هما قال العمل الصالح و تقوى الله .
و كان يقول :إن الدنيا بقاؤها قليل و عزيزها ذليل و غنيها فقير و حيها يموت فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة زوالها و إدبارها فالمغرور من اغتر بها أين سكانها الذين بنوا مدائنها و شققوا أنهارها و أقاموا فيها أياما يسيرة فاغتروا بصحتهم فركبوا المعاصي كانوا و الله في الدنيا مغبوطين بالأموال على كثرة المنع محسودين على جمعه كانوا في الدنيا على سرر ممهدة و فرش منضدة و من خدم يخدمون و أهل يكرمون و جيران يقصدون فنادهم إن كنت مناديا و ادعهم إن كنت داعيا فاسأل غنيهم ما بقي من غناه و اسأل فقيرهم ما بقي من فقره و أسألهم عن الجلود الرقيقة و الوجوه الحسنة و الألوان الناعمة ما صنع بها البلى و أثر فيها الثرى فكم من ناعم و ناعمة أضحوا و وجوههم بالية و أجسادهم متباينة يا ساكن القبر غدا ما يغرك اليوم من الدنيا هل تظن أنك تستصحب دارك الفيحاء و نهرك المطرد و ثمارك اليانعة و أطعمتك الحاضرة أو يحمل معك رقاق ثيابك و فاخر طيبك هيهات هيهات كان قد نزل بك ما كنت عنه تحيد و كان يقول تعلموا العلم فإنه زين الغني و عون الفقير ليس بأن يجتذب به الدنيا و لكن يدعوه إلى القنوع و قيل له يوما لو اتخذت حرسيا و احترست في طعامك و شرابك كما فعل من كان قبلك فقال اللهم إن كنت تعلم أني أخاف شيئا دون القيامة فلا تؤمن خوفي .
و كان بعضهم يقول : العجب لمن عرف الله كيف يعصيه و لمن عرف الشيطان كيف يطيعه و لمن أيقن بالموت كيف يهنأه العيش و لمن يحقق البعث و الحساب كيف يترك الطاعة .
قيل الأمور ثلاثة : أمر تبين رشده فاتبعوه و أمر تبين غيه فاجتنبوه و أمر اختلف فيه فردوه إلى الل .
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه قال : مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم و قبل أن تستغفروا فلا يغفر لكم إلا أن الأمر بالمعروف لا يدفع رزقا و لا يقرب أجلا إن الأحبار من اليهود و الرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم ثم عمهم الله بالبلاء .
قيل لبعضهم : ما مالك قال مالان لي لا أخشى الفقر معهما الثقة بالله و اليأس عما في أيدي الناس
و قال بعضهم : كل عمل يكره الموت من أجله فدعه لا يضرك متى أتاك الموت .
قال بعضهم : لا خير فيمن يصف الطريق للمرتحلين و هو مقيم في محلة المتحيرين .
و قال لو لا حمق ابن آدم ما هنأه العيش .
و قال مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير قوس .
و قال : مكتوب في التوراة خفني إذا غضبت أرحمك إذا غضبت .
و قال : إذا مدحك الرجل بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك
و قال بعضهم : نعم الله أكثر من أن يشكرها ابن آدم إلا ما أعان الله عليه و ذنوب ابن آدم أكثر من أن يسلم منها إلا ما عفا الله عنه .
الحسن البصري : ضرب الله ابن آدم بالمرض و الحاجة و الموت و هو مع ذلك وثاب .
و قال في قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ هو الذي يستر النعمة و يشكو البلية .
و قال : إنما هان الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا و حق سوء العذاب يوم القيامة على قوم ركبوا الهوى و تركوا المحاسبة .
و كان يقول : صاحب الدنيا بجسمك و فارقها بقلبك و لينفعك ما قد رأيت من الغير مما قد رأيت بين يديك و خل بين أهلها و بين ما هم فيه فإنه قليل بقاؤه و مخوف وباله و ليزدك إعجاب أهلها بها كراهية لها و طمأنينة أهلها إليها حذرا منها و اكدح لما خلقت له يا ابن آدم إن لك عاجلة و عاقبة فبع عاجلتك بعاقبتك يجتمع لك كلاهما .
و قال : إن قوما يعدون هذه المطارف العتاق و العمائم الرقاق يجددون ثيابهم و يخلقون ثوابهم وسعوا دورهم و ضيقوا قبورهم و أسمنوا دوابهم و أهزلوا دينهم طعام أحدهم غصب و خادمهم سخرة يتكئ على شماله و يأكل من غير ماله يدعو بحلو بعد حامض و رطب بعد يابس حتى إذا ثقلته البطنة و بلغت منه الكظة دعا بالهاضوم يا فقير يا مسكين تهضم دينك و تحطم مروتك أين مساكينك أين فقراؤك أين ذو رحمك رحم الله أقواما كسبوا طيبا و أنفقوا قصدا و قدموا ليوم فقرهم و فاقتهم .
و قال : ينبغي لمن علم أن الموت مورده و الساعة مشهده و الوقوف بين يدي الله مصدره أن تطول في الدنيا حسرته .
و قال : يا أيها المتصدق على من رحمت أرحم من ظلمت .
و أنشد بعضهم :
أهملت نفسك في هواك و لمتني *** لو كنت تنصف لمت نفسك دوني
ما بال عينك لا ترى أقذاؤها *** و ترى الخفي من القذى بجفوني
و قال : صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار .
بعضهم : قال مررت مع الحسن في طريق فسمع قوما يبكون فقال لي أ وجدوا هؤلاء ما فقدوا أم يئسوا فسكتوا .
و قال : أصل الشر ثلاثة و فرعه ستة فالثلاثة الحرص و الحسد و الفجور و الست حب الدنيا و الرئاسة و النوم و الشبع و الراحة و الغنى .
قيل : كان بعضهم يصير الليل نهارا بالقيام و النهار ليلا بالصيام و قيل له لم لا تتزوج فقال و الله ما عندي مال و لا نشاط ففيم أغر امرأة مسلمة فقيل له إنك لترضى بالقليل فقال و الله و أنتم أرضى بالقليل
و قال بعضهم : صحبت شيخا فقلت يا عبد الله قف علي أسألك فقال لو لا أني مبادر لوقفت عليك قلت ما مبادرتك قال أبادر خروج نفسي .
و كان بعضهم إذا أصبح قال : غدا الناس إلى حوائجهم و أسواقهم و أصبح لكل امرئ منهم حاجة و إن حاجتي إليك يا رب أن تغفر لي .
و قال له بعضهم : استغفر لي فقال إنك تسأل من قد عجز عن نفسه و لكن أطع الله ثم ادعه يستجب لك .
و كان إذا جاءه الليل قال : من خاف البيات أدلج فإذا انفجر الصبح قال عند الصباح يحمد القوم السرى
و قال بعضهم : لا أبالي بما فاتني من الدنيا بعد ثلاث آيات من كتاب الله قوله تعالى وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها و قوله ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها و قوله إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ .
نظر بعضهم إلى عبد الله بن الحسن و هو يرحل إلى السفر و معه الأثقال و الآلة فقال لكل شيء من هذا في قلبك شعبة هم قال نعم و الله لأجعلن الهم هما واحدا .
أويس القرني قال : إن ذكر الموت لم يدع لمؤمن في الدنيا فرحا و إن علم المؤمن بحقوق الله لم يدع له من ماله فضة و لا ذهبا و إن قيام المؤمن في الناس بالحق لم يدع له صديقا .
قال بعضهم : من استراح من هموم الدنيا أراحه الله من هموم الآخرة .
قال المنصور لعمرو بن عبيد و هو في مجلسه : ناولني الدواة فلم يفعل فقال و ما في أن يناول المسلم شيئا قال كرهت أن يجري قلمك بشيء يؤثم فأكون معينا فيه و قال له السلطان سوق و إنما يجلب إلى كل سوق ما ينفق فيه إن الله آتاك الدنيا فاشتر نفسك منه ببعضها .
و قال له خالد بن صفوان : لم لا تأخذ شيئا فتقضي دينا إن كان عليك فقال لم يأخذ أحد من أحد شيئا إلا ذل له و أنا أكره أن أذل لغير الله .
و كان الحسن يقول : لقيت جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلهم يقول من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح و العابد بغير علم كالسالك على غير طريق فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة و اطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم .
و كان يقول : علامة الجزع على المصيبة أن يعمل شيئا لم يكن يعمله أو يترك شيئا كان يعمله .
و عزى رجلا فقال : إن كانت هذه المصيبة أحدثت لك موعظة و كسبتك أجرا و إلا فمصيبتك في نفسك أعظم من مصيبتك في ميتك .
و كان إذا مات في جواره ميت سمعت من داره النحيب كما تسمع من دار الميت و إذا حضر الجنازة وجد عليه السكينة أياما .
كان بعضهم يقول أربع من علامات الشقاء : قسوة القلب و جمود العين و كثرة المنع و طول الأمل .
و قال : يدخل النار قوم فيقول لهم أهلها ما لكم ابتليتم حتى صرنا نرحمكم مع ما نحن فيه فقالوا يا قوم جعل الله في أجوافنا علما فلم ننتفع به نحن و لا نفعنا به غيرنا .
قيل : لبعضهم كيف أصبحت قال قريبا أجلي بعيدا أملي سيئا عملي
و قال بعضهم : ما قلت في الغضب شيئا ندمت عليه في الرضا .
قال المنصور لمطر الوراق : خذوه فقال إن بعد أخذتك هذه أخذة فانظر لمن تكن العاقبة .
و كان بعضهم يقول لأصحابه : إنا لم نعلمكم ما تجهلون لكنا نذكركم ما تعلمون .
قيل : المؤمن لا يحيف على من يبغض و لا يأثم في من يحب .
مر بعضهم بالمقابر فقال ما رأيت كاليوم قط مصرع هؤلاء و غفلة هؤلاء أ فلا يعتبر الآخر بالأول أ لا يتعظ أخ بأخيه و ولد بأبيه أ لا ينتبه عاقل من رقدته و جاهل من سكرته ما لهذا خلقنا و لا بهذا أمرنا .
كان بعضهم يقول : كفى بنا ذنبا أن الله يزهدنا في الدنيا و نحن نرغب فيها زاهدكم راغب و عالمكم جاهل و عابدكم مقصر يا أهل الخلود يا أهل البقاء لم تخلقوا للفناء و إنما تنقلون من دار إلى دار .
و قال : آخر المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها و إذا أعلنت و لم تغير ضرت بالعامة .
و كان بعضهم يقول : انظر إلى عمل الرجل و قلبه و لا تنظر إلى ثوبه و لفظه .
و قال : العجب ممن يحتمي من الطعام الطيب مخافة الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار .
قيل : أوحى الله تعالى إلى موسى أ تدري لم كلمتك تكليما قال لا يا رب قال لأني فتشت قلوب عبادي فلم أر أشد ذلا من قلبك .
و كان بعضهم يقول : أصبنا في كلامنا فما نلحن و لحنا في أعمالنا فما نعرب .
و قال آخر : من خاف الله لم يشف غيظه و من اتقى الله لم يصنع ما يريد و من حذر المحاسبة لم يطعم كلما يشتهي
و قال بعضهم : من كان له مال فليصلحه فإنكم في زمان من احتاج فيه إلى الناس كان أول ما يبذل دينه .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إذا عظمت أمتي أمر الدنيا نزع منها هيبة الإسلام و إذا تركت الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لحقها ذلة المعاصي .
حمل بعض الأمراء إلى رجل زاهد مالا فرده عليه فقالت له بنته يا أبت لو اتخذت هذه الدنانير عدة على زمانك فقال لها يا بنية إن مثلي و مثلكم مثل قوم كان لهم بعير فلم يزالوا يكدونه و يأكلون من كده فلما كبر و سقط عن الحمل نحروه و أكلوا لحمه
و قال بعضهم : من التواضع التكبر على الأغنياء قال و سخاء النفس عما في أيدي الناس أفضل من سخاء النفس بما في يدك على الناس .
و مرض بعضهم فقيل له أ لا تتداوى قال إنه كان في عاد و ثمود و الأمم الخالية أدواء و أدوية و أطباء فلا الناعت بقي و لا المنعوت له .
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال لنوف البكالي : يا نوف إن الله أوحى إلى المسيح (عليه السلام) قل لبني إسرائيل لا تدخلوا بيتا من بيوتي إلا بأبصار كاشفة و قلوب خاشعة و أخبرهم أني لا أستجيب لأحد منهم دعوة و لأحد من خلقي قبله مظلمة .
قيل : لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال له ما تقول في قال ظهر منك جور في حكم الله و جرأة على معاصي الله و قتل لأولياء الله قال و الله لأقطعنك عضوا عضوا قال إذا تفسد علي دنياي و أفسد عليك آخرتك قال فما تقول في هذه الأموال التي نجمعها لأمير المؤمنين قال إن كنت جمعتها لتشتري بها نفسه يوم القيامة فقد أحسنت إليه و إلا فقد أوقرت ظهره و ثقلت حسابه فقال الويل لك قال الويل لمن أخرج من الجنة و أدخل النار
و قال بعضهم : للفضل بن يحيى و قد سأله رجل عن حاجة إن هذا لم يصن وجهه عن مسألته إياك فأكرم وجهك عن ردك إياه فقضى حاجته .
و قال : قبوركم من فوقكم تبنى و أجسادكم تحتها تبلى .
و قال : أعقل الناس محسن خائف و أحمقهم مسيء آمن .
و قال : إذا وضع المسيء في قبره و حلت به العقوبة ناداه جيرانه من الموتى أيها المخلف في الدنيا بعد إخوانه و جيرانه أ ما كان لك فينا معتبر أ ما كان لك في تقديمك إيانا فكرة و نظر أ ما رأيت انقطاع مدتنا و أنت في المهلة فهلا استدركت ما فات إخوانك في تلك المدة و تناديه بقاع الأرض أيها المغتر بظاهر الدنيا هلا اعتبرت بمن غيب من أهلك في بطن الأرض ممن غرته الدنيا قبلك ثم رأيته محمولا تهاداه أحبته إلى المنزل الذي لا بد منه فيا لها من حسرة ما أطولها و يا لها من ندامة ما أعظمها ألا يا إخوتاه فبادروا آجالكم بأعمالكم قبل انقطاع أعماركم
و قيل : إذا أفنى المحارب عمره في جمع الآلة فمتى يحارب و إذا جمع المرء العلم في مدة عمره فمتى يعمل .
و قال : الورع من لم يقبل من السلطان عطية و لا من الإخوان هدية و لم يعد ما فاته من الدنيا رزية .
قال : دخل عابد على عابد يعوده فبكى و قال أما ذنوبي فأرجو الله لها و إنما اهتمامي بعيالي فقال الذي ترجوه لذنوبك ارجه لعيالك .
و أراد بعض العباد بيع ضيعة ليتصدق بثمنها فقيل لو اتخذت بها لعيالك فقال بل أدخرها لنفسي عند الله و ادخر الله لعيالي .
و قال آخر : يقدر المقدرون و القضاء يضحك .
و قال آخر : وجدت في بيت المقدس صخرة عليها مكتوب كل عاص مستوحش و كل طائع مستأنس و كل خائف هارب و كل راج طالب و كل قانع عزيز و كل حريص ذليل فنظرت فإذا هو أصل لجميع ما تعبد الله به عباده .
بعض الصالحين : يا وارث أيام الغافلين الذي طوت الغفلة أعمارهم و أوبقت أوزارهم أ ما تراهم صرعى تحت أطباق الثرى قد حيل بينهم و بين ما يشتهون و هجم عليهم ما كانوا يحذرون فهاتيك ديارهم منهم خالية و القلوب لهم ناسية أما لو قيل لهم تمنوا لم يتمنوا مالا يجمعونه و لا بناء يرفعونه بل تمنوا عملا صالحا يقدمونه و أنت الآن قد ورثت أيامهم تمسي و تصبح في سعة المهلة و فسحة الأجل فخذ لنفسك قبل أن تؤخذ لها فإنك لست بذي نفسين إن تلفت واحدة منها سعت الأخرى في فكاكها فإنما هي نفس واحدة .
جعفر بن محمد (عليه السلام) : تعلم و اكتم و ابذل و لا تشتهر .
و قال (عليه السلام) : العلم حياة القلوب و مصابيح الأبصار يوصل به الأرحام و يعرف به الحلال و الحرام يعطيه الله السعداء و يحرمه الأشقياء .
قيل لبعض حكماء العرب : أي الكنوز أجل قال العلم الذي خف محمله فهو في الملإ جمال و في الوحدة أنس يرأس به صاحبه و ينبل به طالبه و المال محمله ثقيل و الهم به طويل إن كان صاحبه في الملإ شغله الفكر فيه و إن كان وحيدا أرقته حراسته .
قيل : لبعض الحكماء إن فلانا يرق وجهه عن طلب العلم فقال من رق وجهه عن طلب العلم رق عمله و من رق عمله رق دينه .
قال آخر : لسنا نطلب العلم لنحيط بكله و لكن لنستكثر به من الصواب و نقل من الخطإ .
قال آخر : لئن يموت الإنسان و هو طالب العلم و إن لم يدرك البغية منه فهو أزين به من أن يعيش قانعا بالجهل مع طول الحياة
و قيل : لآخر من أعلم الناس فقال أعملهم بما علم من الخير
و قيل : لآخر من العالم فقال الخاشي لله
و قيل : لآخر من العالم فقال المجتنب لموبقات الذنوب
و قيل : لآخر من العالم فقال الطائع لمولاه العاصي لهواه .
و قال رجل للصادق (عليه السلام) أوصني فقال له : لا يراك الله حيث نهاك و لا يفقدك حيث أمرك فقال الرجل زدني فقال ما أجد لك مزيدا .
و كتب بعضهم إلى رجل ظهرت له رئاسة من جهة العلم : أما بعد فقد أصبت بما ظهر من علمك عند الناس منزلة و شرفا فالتمس الآن بما بطن من علمك عند الله رفعة و زلفى و اعلم أن إحدى المنزلتين أولى بك من الأخرى غدا .
و قال أمير المؤمنين : أفضل ما تخلق به متخلق الحياء .
قيل لبعضهم من العاقل ?: فقال الحريص على الخير الساعي في الصالحات .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : للعاقل خصال يعرف بها يحلم عمن ظلمه و يتواضع لمن هو دونه و يسارع إلى بر من هو فوقه إن رأى فضيلة انتهزها لا يفارقه الخوف و لا يغتر بلعل و سوف يدبر قبل أن يتكلم فإن تكلم غنم و إن سكت سلم و إن عرضت له فتنة اعتصم بالله فسكنها .
و قال بعضهم : من علامات العاقل أنه لا يتكلف ما لا يطيق و لا يسعى لما لا يدرك و لا يتكلم فيما لا يعنيه
و قيل : لبعض العرب إن فلانا يخطب إلينا و هو معدم من المال قال هو موسر من عقل و دين قالوا نعم قال فزوجوه .
قال بعضهم : الناس ثلاثة عاقل و أحمق و فاجر فأما العاقل فالدين شريعته و الحلم طبيعته و العلم سجيته إن سئل أجاب و إن نطق أصاب و إن حدث استمع و إن حدث أمتع و أما الأحمق فإن تكلم عجل و إن حدث ذهل و إن حدث جهل و أما الفاجر فإن ائتمنته خانك و إن جالسته شانك و إن ائتمنك اتهمك و إن وثقت به خذلك .
و قال آخر : سواء عليك اصطنعت إلى أحمق معروفا أو أشعلت سراجا في الشمس .
بعضهم : أول ما يجب على طالب الأدب أن يستشعر الوقار و أن يحسن السؤال باللطف من المقال و أن لا يكثر المقال فيمله أهل الأفهام و إن سئل عما لا يعلم أمسك عن الجواب و ما لم يسأل عنه فليصمت للاستماع .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن المؤمن ليدرك بالحلم و اللين درجة العابد المجتهد .
قيل : ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن لا يعرف الجواد إلا في الجدب و لا الشجاع إلا في الحرب و لا الحليم إلا عند الغضب .
و قال الأحنف إنكم لترون الحلم ذلا و نراه غنما .
قيل : إن في الإنجيل مكتوب عن الله جل اسمه لا ينبغي للإمام أن يكون جائرا و من عنده يلتمس العدل و لا ينبغي للعالم أن يكون سفيها و من عنده يقتبس الحلم .
قيل : لبعضهم : من الحليم ? قال من لم يوبخ خليله عند زلته .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أرشدهم للرفق و التأني .
قال عيسى (عليه السلام) : يا معشر الحواريين إنكم لا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون و لا تبلغون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : خصلتان من رزقهما قد أعطي خير الدنيا و الآخرة من إذا ابتلي صبر و إذا أعطي شكر .
و قال بعض الحكماء : من أحسن تزهد الزهاد و أجمل تعبد العباد التمسك بالصبر عند البلاء و القناعة في الدنيا .
و قال آخر : من قنع كان غنيا و إن كان فقيرا و من تجاوز حد القناعة فهو فقير و إن كان غنيا موسرا .
و قال آخر : ما آسى من الدنيا إلا على ثلاثة أخ في الله يصرفني عن معايبي و عالم إن اعوججت قومني و إن جهلت فهمني و قوت ليس لمخلوق علي فيه منة و لا لله علي فيه تبعة
و قال بعضهم : الطمع حبل في القلب و الحرص قيد في الرجل فمن حل الحبل من قلبه انفك القيد من رجله .
قيل : لبعضهم من الحريص قال الذي يتمنى من الدنيا فوق قوته
و قيل : لآخر من الحريص فقال من كانت الدنيا همته .
من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : اسمعوا آذانكم مواعظ الحق و زواجر الصدق فإن كلام الحكماء دواء و كلام الله شفاء ما لكم لا تتحابون و لا تتناصحون و لا تتبارون فإنما أنتم إخوان على دين الله و الله ما يفرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم و لو تحاببتم و تناصحتم لتعاونتم على البر و التقوى فما لكم تفرحون باليسير من الدنيا حين تأتيكم و يحزنكم اليسير منها حين يفوتكم و يفوتكم الكثير من دينكم فلا يحزنكم و لا يخطر ببالكم إذا شرب القلب حب الدنيا لم تنجع فيه كثرة المواعظ كالجسد الذي إذا استحكم فيه الداء لم ينجع فيه كثرة الدواء .
قيل لبعضهم : من الراضي ? فقال من لم يحزنه المنع و لم يسره العطاء .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : كل سؤال ذل و منقصة إلا ما كان سؤال الرجل لإمامه أو عالمه أو والده فإنه لا ذل عليه في ذلك و لا منقصة اكفوا إخوانكم مئونة الطلب فإن الرجل إذا طلب الحاجة ارتعدت فرائصه مخافة أن يرد عنها .
و قال بعضهم : : ما رأيت رجلا لي عنده يد معروف إلا أضاء ما بيني و بينه و لا رأيت رجلا قد بخلت عليه بحاجته إلا أظلم ما بيني و بينه .
و قال آخر : ليس بإنسان من أسدي إليه معروف فينساه دون الموت .
قال رجل لعيسى ابن مريم (عليه السلام) : يا معلم الخير دلني على عمل أنال به الجنة فقال اتق الله في سرك و علانيتك و بر والديك .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : اختبروا الناس بأخدانهم فإنما يخادن الرجل من يعجبه نحوه .
و قال بعض الحكماء : الناس أربعة جواد و بخيل و مقتصد و مسرف فالجواد الذي يجعل نصيب دنياه منه لآخرته و البخيل الذي لا يعطي كل واحدة منهما نصيبهما منه و المقتصد هو الذي يلحق كل واحدة منهما نصيبهما منه و المسرف هو الذي يجعل نصيب آخرته منه لدنياه .
قيل : لبعضهم من الزاهد فقال التارك لما حرم الله الآخذ بما أحله الله .
قيل : لآخر من الزاهد فقال الراغب في الآخرة التارك للحرص على الدنيا اختيارا
و قيل : لآخر من الزاهد فقال من ليس له في الدنيا همة
و قيل : لآخر من الزاهد فقال من اعتصم بالحلال عن الحرام .
قيل : لبعضهم من الراضي فقال من لم يحزنه المنع و لم يسره العطاء .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : المعروف و المنكر خلقان منصوبان للناس يوم القيامة و المعروف يقود صاحبه أو يسوقه إلى الجنة و المنكر يقود صاحبه أو يسوقه إلى النار .
و قال عيسى (عليه السلام) لأصحابه : استكثروا من الشيء الذي لا تأكله النار قالوا و ما هو قال المعروف .
عن الصادق (عليه السلام) : اخدم أخاك المؤمن فإن استخدمك هو فلا .
و قال بعضهم : : إن أنت أحببت أخا في الله دينا أو دنيا فاعلم أن كل واحد منكما سيحسن و يسيء و يحفظ و يضيع و يصيب و يخطي فالتزم له الشكر إذا حفظ و الصبر إذا ضيع و المكافاة إذا أحسن و الاحتمال إذا أساء و المعاونة إذا أصاب و المعاتبة إذا أخطأ فإن معاتبة الأخ لأخيه مما تدوم به الإخوة و يبقى معه صفاء المودة فإن المعاتبة عند الحكماء أحب من القطيعة في حال الزلة .
الإخوان ثلاث طبقات طبقة كالغذاء الذي لا يستغنى عنه و هم إخوان الدين و طبقة كالدواء الذي يحتاج إليه في وقت و يستغنى عنه في أوقات كثيرة و هم إخوان المعاشرة على أحوال الدنيا و طبقة كالداء الذي لا يراد و لا يحتاج إليه و هم إخوان الطمع .
الصادق (عليه السلام) : التمسوا لإخوانكم العذر في زلاتهم و هفوات تقصيراتهم فإن لم تجدوا لهم العذر في ذلك فاعتقدوا أن ذلك عنكم لقصوركم عن معرفة وجوه العذر .
و قال بعضهم : : لا تعجل على أخيك باللائمة قبل استعتابه على زلته و معرفة عذره قبل هفوته .
بعضهم :
تأن و لا تعجل بلومك صاحبا *** لعل له عذرا و أنت تلوم
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل : أوصيك بتقوى الله و العفو عن الناس .
قال بعضهم : ليس حسن الجوار أن تكف أذاك عن جارك بل حسن الجوار أن تحتمل أذى جارك .
و قال لقمان (عليه السلام) : قد حملت الجندل و كل حمل ثقيل فلم أجد حملا هو أثقل من جار السوء .
بعض الحكماء : ثلاثة لا ينبغي لشريف أن يأنف منها و إن كان ملكا قيامه من مجلسه لوالده و لعالم يستفيد منه لآخرته و خدمته للضيف .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما اصطحب قوم في وجه لله فيه رضا إلا كان أعظمهم أجرا أحسنهم خلقا و إن كان فيهم من هو أشد اجتهادا منه.
و قال (عليه السلام) : من سعادة المرء حسن الخلق و من شقاوته سوء الخلق .
و قيل لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) إن الناس يروون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال أشرفكم في الجاهلية أشرفكم في الإسلام فقال : صدقوا و ليس حيث تذهبون كان أشرفهم في الجاهلية أسخاهم نفسا و أحسنهم خلقا و أحفظهم جوارا و أكفهم أذى فأولئك الذين لما أسلموا لم يزدهم الإسلام إلا خيرا.
و قال (عليه السلام) : أقربكم غدا مني مجلسا و أوجبكم علي شفاعة أصدقكم لسانا و أحسنكم خلقا .
و قال بعضهم : من لم ير أن كلامه من عمله و خلقه من دينه هلك
و قيل : ثلاث خصال من السعادة حلم يردع من الجهل و ورع يحجز من الحرام و خلق يداري به الناس .
قال بعضهم : ثلاث خصال من أحسن خصال الخير جود بغير ثواب و نصب لغير دنيا و تؤدة في غير ذل
و قيل : خمس خصال من أقبح خصال الناس العشق من الشيخ و الحدة من السلطان و الكذب من ذوي الأحساب و البخل من الغني و الحرص من العلماء .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أيها الناس من علم من أخيه مروة جميلة فلا يسمعن فيه الأقاويل ما لم ير و لم يشاهد فإن من حسنت علانيته لم يجز الشك في سريرته فلا تقطعوا على ما تسمعون كما تقطعون على ما ترون حتى تكونوا على يقين مما تسمعون كيقينكم على ما ترون .
قيل لبعضهم : ما المروءة فقال أسرارك ما تحب أن تعلن من فعلك حتى يعلنه غيرك و موافقة عقدك بقلبك لما تظهره بلسانك
و قيل : لآخر ما المروءة فقال اجتناب الريب فإنه لا ينبل مريب و إصلاح المال فإن الجود لا يمكن إلا بالموجود و القيام بحوائج الأهل فإنه لا قدر لمن يحتاج أهله إلى غيره .
قال رسول الله : من فقه الرجل قلة كلامه .
و قال بعضهم : : حسن السمت و طول الصمت و مشى القصد من أخلاق الأنبياء و سوء السمت و قلة الصمت و مشى الخيلاء من أخلاق الأشقياء .
و قال : يعجبني أن أرى عقل الرجل زائدا على لسانه و لا يعجبني أن أرى لسانه زائدا على عقله .
و قال آخر : إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول و تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول فإن غلبت على حسن القول و حسن الاستماع فلا تغلبن علي حسن السمت و طول الصمت .
بعضهم : من سكت فسلم كان كمن قال فغنم.
و قال بعضهم : كن حذرا كأنك غر و كن فطنا كأنك غافل و كن ذاكرا كأنك ناس و الزم الصمت إلى أن يجب الكلام فما أكثر من يندم إذا نطق و أقل من يندم إذا سكت .
و قال أبو العتاهية :
إذا كنت عن أن تحسن الصمت عاجزا *** فأنت عن الإبلاغ في القول أعجز
و قال إمرؤ القيس :
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه *** فليس علي شيء سواه بخزان
و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا خير في الصمت عن الحكمة كما أنه لا خير بالقول في الجهل .
و قيل يا رسول الله بم يعرف المؤمن فقال : بوقاره و لينه و صدق حديثه .
و قيل : دخل بعض الأدباء على ملك فاستأذنه في الكلام فقال له على شرط فقال و ما هو فقال على أن لا تمدحني في وجهي فإني أعرف منك بنفسي فإن قلت في حقا فقد تقدمت فيه معرفتي فإن قلت في كذبا كنت ساخرا مني و على أن لا تكذبني على ضميرك فإنه لا رأى لكذوب و على أن لا تغتاب عندي أحدا فإن الاغتياب لا يرضى به لنفسه إلا ذو النقص و الامتهان فقال الرجل للملك أ فأنصرف قال إذا شئت .
قال بعضهم : الصدق عز و الكذب ذل .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : ثلاثة ليس عليهم غيبة من جهر بفسقه و من جار في حكمه و من خالف قوله فعله .
سمع أعرابي قوما يغتابون رجلا من وجوه الناس فقال لهم : كفوا عن غيبة من لو حضر لأسرعتم في مدحة و رب مغتاب لغيره بما ليس فيه و رب مادح لسواه بما ليس يعرفه و كفى بالكذب لصاحبه عيبا
و قال بعضهم : الحسود عدو الله فإنه غير راض بقسمته في خلقه و تدبيره لعباده .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أيها الناس لا يصغر ما ضر يوم القيامة و لا يصغر ما نفع يوم القيامة فكونوا فيما أخبركم الله به كمن عاينه .
بعضهم : من تعرض لسلطان جائر فأصابته نكبة أو بلية لم يؤجر عليها .
قال بعضهم : : الكريم يلين إذا استعطف و اللئيم يقسو إذا ألطف .
و قال آخر : من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد .
و يروى في الأخبار : أن الله تعالى أوحى إلى عيسى ابن مريم (عليه السلام) قل لقومك لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب تقية و أبصار خاشعة فإني إنما أتقبل ممن تواضع لعظمتي و كف عن معصيتي .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : عليك بالصبر فبه يأخذ العاقل و إليه يرجع الجاهل .
وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) على قوم قد أصيبوا بموت رجل منهم فقال لهم : إن تجزعوا فحق الرحم بلغتم و حق الله ضيعتم و إن تصبروا فحق الله أديتم و حق الرحم بلغتم .
لما حضرت إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) الوفاة نظر الناس إلى الصادق (عليه السلام) جزعا يدخل مرة و يخرج أخرى و يقوم مرة و يقعد أخرى فلما توفي إسماعيل دخل الصادق (عليه السلام) إلى بيته و لبس أنظف ثيابه و سرح شعره و جاء إلى مجلسه فجلس ساكتا عن المصيبة كأن لم يصب بمصيبة فقيل له في ذلك فقال : إنا أهل البيت نطيع الله فيما أحب و نسأله ما نحب و إذا فعل بنا ما نحب شكرنا و إذا فعل بنا ما نكره رضينا .
و كان أسماء بن خارجة رجلا يذكر بالعلم و حسن الصبر فامتحنه قوم في ذلك فكتبوا عن أهله كتابا إليه بموت ولده فقرأ الكتاب و وضعه و لم يظهر عليه تغير لذلك فقيل له ما في هذا الكتاب قال : ذكروا فيه أن ولدي نزل منزلا سبقني إليه و أنا نازلة بعده فقيل له ليس من هذا شيء و إنما أردنا أن ننظر صبرك فقال فإن لم يكن فسوف يكون قبلي أو بعدي .
قال بعضهم : : ما أقل كثير الدنيا مع فنائها و أكثر قليل الآخرة مع بقائها .
قال بعضهم : : ليكن أول أمرك في الصبر آخر أمرك في الجزع .
من كلام أمير المؤمنين : أوصيكم عباد الله بتقوى الله و اغتنام طاعته ما استطعتم في هذه الأيام الخالية الفانية و إعداد العمل الصالح الجليل ما يشفي به عليكم الموت و آمركم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم الزائلة عنكم و إن لم تكونوا تحبون تركها و المبلية لأجسادكم و إن أحببتم تجديدها فإنما مثلكم و مثلها كركب سلكوا سبيلا فكأنهم قد قطعوه فأموا علما فكأنهم قد بلغوه و كم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتى يبلغها و ما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه و طالب حثيث يحدوه فلا تنافسوا في عز الدنيا و فخرها و لا تعجبوا بزينتها و نعيمها و لا تجزعوا من ضرائها و بؤسها فإن عز الدنيا و فخرها إلى انقطاع و زينتها و نعيمها إلى زوال و إن ضرائها و بؤسها إلى نفاذ و كل مدة فيها إلى انتهاء و كل حي فيها إلى فناء أ و ليس لكم في آثار الأولين مزدجر و في آبائكم الماضين تبصرة و معتبر إن كنتم تعقلون أ و لم تروا إلى الأموات لا يرجعون و إلى الأخلاف منهم لا يخلدون قال الله تعالى وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ و كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ... الآية أ و لستم ترون إلى أهل الدنيا و هم يصبحون على أحوال شتى فميت يبكى و مفجوع يعزى و صريع مبتلى و آخر يبشر و يهنأ و عائد يعود و آخر بنفسه يجود و طالب للدنيا و الموت يطلبه و غافل و ليس بمغفول عنه و على أثر الماضي ما يمضي الباقي و الحمد لله رب العالمين .
و في الحديث : لا غمة في فرائض الله تعالى أي لا تستتر و لكن يجاهر بها .
و قيل : الغمة ضيق الأمر الذي يوجب الحزن و قيل الغمة و الشدة و الضغطة و الكربة نظائر و نقيضه الفرجة .
لبعضهم :
إذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه *** فكل رداء يرتديه جميل
و إن هو لم يحمل على النفس ضيمها *** فليس إلى حسن الثناء سبيل
تعيرنا أنا قليل عدادنا *** فقلت لها إن الكرام قليل
و ما ضرنا أنا قليل و جارنا *** عزيز و جار الأكثرين ذليل
و إنما ذكرت هذه الأبيات الأربعة هاهنا لأن فيها معاني حسنة لمن يتأملها .
قال بعضهم : : ينبغي لمن جعله الله سائسا للناس عامتهم و خاصتهم و ضعيفهم و قويهم أن لا يضجر مما يبلغه عنهم أو عن واحد منهم لأسباب كثيرة منها أن عقله فوق عقولهم و حلمه أفضل من حلمهم و صبره أتم من صبرهم و منها أنهم جعلوا تحت قدرته و سطوا بتدبيره و اختبروا بتصريفه على أمره و نهيه ليقوم بحق الله تعالى فيهم و يحمل بفضل قوته كلهم و يصبر على جهل جاهلهم و يكون عمود حاله معهم الرفق بهم و القيام بمصالحهم و منها أن العلاقة التي بين السلطان و الرعية قوية لأنها إلهية و هو أوشج من الرحم التي بين الوالد و الولد و الملك والد كبير كما أن الوالد ملك صغير و ما يجب على الوالد في سياسة ولده من الرفق به و الحنة عليه و الرقة له و اجتلاب المنفعة إليه أكثر مما يجب على الولد في طاعة والده و ذلك أن الولد غر قريب العهد بالكون و جاهل بالحال و عار من التجربة كذلك الرعية شبيهة بالولد و كذلك الملك شبيه بالوالد و مما يزيد هذا كشفا أن الملك لا يكون ملكا إلا بالرعية كما أن الرعية لا تكون رعية إلا بالملك و هذا من الأحوال المتضايفة و سبب هذه العلاقة المحضة و الوصلة الوشيجة ما لهجت به العامة و الخاصة لتعرف حال سائسها الناظر في أمرها و المالك لزمامها حتى يكون في رفاهية من عيشها و طيب حياتها و درور مرادها بالأمن الفاشي بينها و العدل الفائض عليها و الخير المجلوب إليها و هذا أمر جار على نظام الطبيعة و مندوب إليه أيضا في أحكام الشريعة و لو قالت الرعية لسلطانها لم لا تخوض في حديثك و لا تبحث عن أمرك و لم لا تسأل عن دينك و نحلتك و سيرتك و لم لا تقف على حقيقة أمرك من ليلك و نهارك و مصالحنا متعلقة بك و خيراتنا متوقعة من جهتك و مسرتنا ملحوفة بتدبيرك و مساءتنا مصروفة باهتمامك و تظالمنا مدفوع بعزك و رفاهيتنا حاصلة بحسن نظرك و جميل افتقادك و سابغ رحمتك و بليغ اجتهادك ما كان يكون جواب سلطانها و سائسها أ ما كان عليه أن يعلم أن الرعية صادقة فيما قالت مصيبة في دعواها التي بها استطالت و الله الحق معترف بهذه و إن شغب الشاغب و عتب العاتب .