بسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا محمد بن الحسن القصباني عن إبراهيم بن محمد بن مسلم الثقفي قال حدثنا عبد الله بن بلخ المنقري عن شريك عن جابر عن أبي حمزة اليشكري عن قدامة الأودي عن إسماعيل بن عبد الله الصلعي و كانت له صحبة قال لما كثر الاختلاف بين أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قتل عثمان بن عفان تخوفت على نفسي الفتنة فاعتزمت على اعتزال الناس فتنحيت إلى ساحل البحر فأقمت فيه حينا لا أدري ما فيه الناس معتزلا لأهل الهجر و الإرجاف فخرجت من بيتي لبعض حوائجي و قد هدأ الليل و نام الناس فإذا أنا برجل على ساحل البحر يناجي ربه و يتضرع إليه بصوت شجي و قلب حزين فنضت إليه و أصغيت إليه من حيث لا يراني فسمعته يقول يا حسن الصحبة يا خليفة النبيين يا أرحم الراحمين البديء البديع الذي ليس مثلك شيء و الدائم غير الغافل و الحي الذي لا يموت أنت كل يوم في شأن أنت خليفة محمد و ناصر محمد و مفضل محمد أنت الذي أسألك أن تنصر وصي محمد و خليفة محمد و القائم بالقسط بعد محمد اعطف عليه بنصر أو توفاه برحمة قال ثم رفع رأسه و قعد مقدار التشهد ثم إنه سلم فيما أحسب تلقاء وجهه ثم مضى فمشى على الماء فناديته من خلفه كلمني يرحمك الله فلم يلتفت و قال الهادي خلفك فاسأله عن أمر دينك فقلت من هو يرحمك الله فقال وصي محمد من بعده فخرجت متوجها إلى الكوفة فأمسيت دونها فبت قريبا من الحيرة فلما أجنني الليل إذا أنا برجل قد أقبل حتى استتر برابية ثم صف قدميه فأطال المناجاة و كان فيما قال اللهم إني سرت فيهم ما أمرني رسولك و صفيك فظلموني فقتلت المنافقين كما أمرتني فجهلوني و قد مللتهم و ملوني و أبغضتهم و أبغضوني و لم تبق خلة أنتظرها إلا المرادي اللهم فعجل له الشقاوة و تغمدني بالسعادة اللهم قد وعدني نبيك أن تتوفاني إليك إذا سألتك اللهم و قد رغبت إليك في ذلك ثم مضى فقفوته فدخل منزله فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال فلم ألبث إذ نادى المنادي بالصلاة فخرج و اتبعته حتى دخل المسجد فعممه ابن ملجم لعنه الله بالسيف .
قال أعرابي لصاحب له لست أقتضي الوفاء بكثرة الإلحاح فأثقل عليك و لا أقابل الجفاء بترك العتاب فاغتنم القطيعة منك .
بعضهم : لا تقطع صلة القريب و إن أساء فإن المرء لا يأكل لحمه و لو جاع .
و العرب يقول إذا أعطيت فأجزل و إذا منعت فأجمل .
فيلسوف نصحك من أسخطك بالحق و غشك من أرضاك بالباطل .
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من طلب العلم لله عز و جل لم يصب منه بابا إلا ازداد في نفسه ذلا و للناس تواضعا و لله خوفا و في الدين اجتهادا فذلك الذي ينتفع بالعلم فليتعلمه و من طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس و الحظوة عند السلطان لم يصب منه بابا إلا ازداد في نفسه عظمة و على الناس استطالة و بالله اغترارا و في الدين جفاء فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكف و ليمسك عن الحجة على نفسه و الندامة و الخزي يوم القيامة .
ابن محبوب يرفعه عن علي بن أبي رافع قال : كنت على بيت مال علي بن أبي طالب (عليه السلام) و كاتبه و كان في بيته عقد لؤلؤ كان أصابه يوم البصرة قال فأرسلت إلى بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقالت لي بلغني أن في بيت مال أمير المؤمنين (عليه السلام) عقد لؤلؤ و هو في يدك و أنا أحب أن تعيرنيه أتجمل به في أيام عيد الأضحى فأرسلت إليها و قلت عارية مضمونة يا ابنة أمير المؤمنين فقالت نعم عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة أيام فدفعته إليها و إن أمير المؤمنين (عليه السلام) رآه عليها فعرفه فقال لها من أين صار إليك هذا العقد فقالت استعرته من علي بن أبي رافع خازن بيت مال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأتزين به في العيد ثم أرده قال فبعث إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فجئته فقال أ تخون المسلمين يا ابن أبي رافع فقلت له معاذ الله أن أخون المسلمين فقال كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد الذي في بيت مال المسلمين بغير إذني و رضاهم فقلت يا أمير المؤمنين إنها ابنتك و سألتني أن أعيرها إياه تتزين به فأعرتها إياه عارية مضمونة مردودة و ضمنته في مالي و على أن أرده مسلما إلى موضعه فقال رده من يومك و إياك أن تعود لمثل هذا فتنالك عقوبتي ثم أولى لابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مضمونة مردودة لكانت إذا أول هاشمية قطعت يدها في سرقة قال فبلغ مقالته ابنته فقالت يا أمير المؤمنين أنا ابنتك و بضعة منك فمن أحق بلبسه مني فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام) يا بنت علي بن أبي طالب لا تذهبي بنفسك عن الحق أ كل نساء المهاجرين يتزين في هذا العيد بمثل هذا فقبضته منها و رددته إلى موضعه .
هشام بن سالم و ابن بكير عن غير واحد قال : كان علي بن الحسين (عليه السلام) في الطواف فنظر في ناحية المسجد إلى جماعة فقال ما هذه الجماعة فقالوا هذا محمد بن شهاب الزهري اختلط عقله فليس يتكلم فأخرجه أهله لعله إذا رأى الناس أن يتكلم فلما قضى (عليه السلام) طوافه خرج حتى دنا منه فلما رآه محمد بن شهاب عرفه فقال له علي بن الحسين ما لك قال وليت ولاية فأصبت دما فدخلني ما ترى فقال له علي بن الحسين لأنا عليك من يأسك من رحمة الله أشد خوفا مني عليك مما أتيت ثم قال له أعطهم الدية فقال قد فعلت فأبوا قال اجعلها صررا ثم انظر مواقيت الصلاة فألقها في دارهم .
فأجهشت للتوبال حين رأيته *** و كبر للرحمن حين رآني
فقلت له أين الذين رأيتهم *** بجنبك في خفض و طيب زمان
فقال مضوا و استودعوني ديارهم *** و من ذا الذي يبقى على الحدثان
روي عن ابن عباس رضي الله عنه : أنه حضر في مجلس عمر بن الخطاب يوما و عنده كعب الأحبار إذ قال عمر يا كعب أ حافظ أنت للتوراة فقال كعب إني لأحفظ منها كثيرا فقال رجل من جنبه في المجلس يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل جلاله قبل أن يخلق عرشه و مم خلق الماء الذي جعل عرشه عليه فقال عمر يا كعب هل عندك من هذا علم فقال كعب نعم يا أمير المؤمنين نجد في الأصل الحكيم إن الله تبارك و تعالى كان قديما قبل خلق العرش و كان على صخرة بيت المقدس في الهواء فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة و اللجج الدائرة فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته و آخر ما بقي منها لمسجد قدسه قال ابن عباس رضي الله عنه و كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) حاضرا فعظم على ربه و قام على قدميه و نفض ثيابه فأقسم عمر عليه لما عاد إلى مجلسه ففعله قال عمر غص عليها يا غواص ما يقول أبو الحسن فما علمتك إلا مفرجا للغم فالتفت علي (عليه السلام) إلى كعب فقال غلط أصحابك و حرفوا كتب الله و فتحوا الفرية عليه يا كعب ويحك إن الصخرة التي زعمت لا تحوى جلاله و لا تسع عظمته و الهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره و لو كانت الصخرة و الهواء قديمين معه لكانت لهما قدمته و عز الله و جل أن يقال له مكان يومئ إليه و الله ليس كما يقول الملحدون و لا كما يظن الجاهلون و لكن كان و لا مكان بحيث لا تبلغه الأذهان و قولي كان محدث كونه و هو مما علم من البيان يقول الله خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ فقولي له كان مما علمني من البيان لأنطق بحجة عظمة المنان و لم يزل ربنا مقتدرا على ما يشاء محيطا بكل الأشياء ثم كون ما أراد بلا فكرة حادثة أصاب و لا شبهة دخلت عليه فيما أراد و إنه عز و جل خلق نورا ابتدعه من غير شيء ثم خلق منه ظلمة و كان قديرا أن يخلق الظلمة لا من شيء كما خلق النور من غير شيء ثم خلق من الظلمة نورا و خلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات و سبع أرضين ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماء مرتعدا و لا يزال مرتعدا إلى يوم القيامة ثم خلق عرشه من نوره و جعله على الماء و للعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الأخرى و كان العرش على الماء و من دونه حجب الضباب و ذلك قوله وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ يا كعب ويحك إن من كانت البحار تفلته على قولك كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس أو تحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه فضحك عمر بن الخطاب و قال هذا هو الأمر و هكذا يكون العلم لا يكون كعلمك يا كعب لا عشت إلى زمان لا أرى فيه أبا حسن .
و كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ودع المؤمنين قال : زودكم الله التقوى و وجهكم إلى كل خير و قضى لكم كل حاجة و سلم لكم دينكم و دنياكم و ردكم إلي سالمين .
عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : من خرج وحده في سفر فليقل ما شاء الله لا حول و لا قوة إلا بالله اللهم آنس وحشتي و أعني على وحدتي و أد غيبتي .
نعى نفسي إلى أبي , و خبر أين منقلبي لموعظة رآها في أبيه كما رأيت أبي .
أبو نواس :
فإذا نزعت عن الغواية فليكن *** لله ذاك النزع لا للناس .
******
إذا شئت أن تستقرض المال منفقا *** على شهوات النفس في زمن العسر
فسل نفسك الإقراض من كنز صبرها *** عليك و إنظارا إلى زمن اليسر
فإن فعلت كنت الغني و إن أبت *** فكل منوع بعدها واسع العذر .
قيل في تفسير قوله تعالى وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ كان خلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما تضمنه العشر الأول من سورة المؤمنين و الخلق المرور في الفعل على عادة و الخلق الكريم الصبر على الحق و سعة البذل و تدبير الأمور على مقتضى العقل و من ذلك الرفق و الإنابة و الحلم و المداراة و قيل إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ تحكم بالقرآن .
ليس بعاقل من انزعج بقول الزور فيه و لا بلبيب من رضي بثناء الجاهل عليه .
روي : أن شابا وعظ عمر بن عبد العزيز فقال يا أمير المؤمنين إن من الناس أناسا غرهم الأمل و أفسدهم المهل و شوشهم كثرة رياء الناس فإياك يا أمير المؤمنين بامرئ غر بالله فيك فيمدحك بمدحة فتزهو بك نفسك و أنت تجد خلافها من نفسك فإن الناس ما مدحوا رجلا بمدحة إلا في حال رضاهم عنه ألا و في حال سخطهم عنه يذمونه أكثر مما مدحوه فبكى عمر حتى استعبر .
عن أبي هاشم الجعفري رحمه الله قال : سمعت أبا محمد (عليه السلام) يقول الذنوب التي لا تغفر قول الرجل ليتني لا أؤاخذ إلا بهذا فقلت في نفسي إن هذا لهو الدقيق و قد ينبغي للرجل أن يتفقد من نفسه كل شيء فأقبل علي أبو محمد فقال صدقت يا أبا هاشم ألزم ما حدثتك به نفسك فإن الإشراك في الناس أخفى من دبيب الذر على الصفاء في الليلة الظلماء و من دبيب الذر على المسح الأسود .
و روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : من سئل عن علم يعلمه ثم كتمه ألجمه الله تعالى يوم القيامة بلجام من نار .
و روي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : إن ملك الموت إذا نزل بقبض روح الفاجر نزل معه سفود من نار قال علي يا رسول الله فهل يصيب ذلك أحدا من أمتك قال نعم حاكما جائرا و آكل مال اليتيم و شاهد الزور .
و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : يبعث شاهد الزور يوم القيامة يدلع لسانه في النار كما يدلع الكلب لسانه في الإناء .
و عنه (عليه السلام) أنه قال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : كفى بالسلامة داء .
إذا كانت الخمسون أمك لم يكن *** لدائك إلا أن تموت طبيب
حنان بن سدير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله إلا الدين لا كفارة له إلا الأداء أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحق .
و اعلم و أيقن أن ملكك زائل *** و اعلم بأن كما تدين تدان
يا رياض النعيم يا سعة الجنة *** يا برد مائها و الظلالا
حيث إن لم يكن إليك من الدنيا *** إلا ما ارتحلت عنها ارتحالا
هل أنت معتبر بميت قد خلت منه غدا ثواء دساكرهو بمن أذل الدهر مصرعه فتبرأت منه عشائرهو بمن خلت منه أسرته و تعطلت منه منابرهأين الملوك و أين عزهم صاروا مصيرا أنت صائرهيا مؤثر الدنيا للذته و المستعد لمن تفاخرهنل ما بدا لك أن تناوله يوما فإن الموت آخره .
من بعض كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا أيها الناس إنا قد أصبحنا في دهر عنود و زمن شديد يعد فيه المحسن مسيئا و يزداد الظالم فيه عتوا لا ننتفع بما علمنا و لا نسأل عما جهلنا و لا نتخوف قارعة حتى تحل بنا فلتكن الدنيا أصغر في أعينكم من حثالة القرص و قراضة الشلجم و اتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم و ارفضوها ذميمة فإنها قد رفضت من كان أشفق بها منكم تزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا إن من صرح له العبر عما بين يديه من المثلات حجزه التقوى عن تقحم الشبهات .
قال ابن عباس رضي الله عنه : دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) بذي قار و هو يخصف نعله فقال ما قيمة هذه النعل فقلت لا قيمة لها فقال و الله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا .
و من كلامه (عليه السلام) : في ذم الدنيا ما أصف من دار أولها عناء و آخرها فناء من أبصر بها بصرته و من أبصر إليها أعمته .
و من كلامه (عليه السلام) : و لئن أمهل الله الظالم فلن يفوت أخذه و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه و بموضع الشجا من مساغ ريقه .
و من هاب أسباب المنايا ينلنه *** و لو رام أن يلقى السماء بسلم .
بعضهم : قيل له على ما بنيت أمرك قال على أربع خصال علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنت نفسي و علمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا به مشغول و علمت أن أجلي لا أدري متى يأتيني فأنا أبادره و علمت أني لا أغيب عن عين الله فأنا منه مستحي .
قال الصادق (عليه السلام) : ود من في القبور لو أن له حجة بالدنيا و ما فيها .
و روي : أن الحاج و المعتمر يرجعان كمولودين مات أحدهما طفلا لا ذنب له و عاش الآخر معصوما .
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ألا و من تولى عرافة قوم أتى يوم القيامة و يداه مغلولتان إلى عنقه فإن قام فيهم بأمر الله عز و جل أطلقه الله عز و جل بإطلاقه و إن كان ظالما هوى به في نار جهنم و بئس المصير .
و عنه (عليه السلام) : ألا و من علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من نار طوله سبعون ذراعا يسلطه الله عليه في نار جهنم و بئس المصير .
هشام بن سالم عن جهم بن حميد قال : قال لي أبو عبد الله أ ما تغشى سلطان هؤلاء قال قلت لا قال فلم قلت فرارا بديني قال عزمت على ذلك قلت نعم فقال الآن يسلم لك دينك .
يقولون إن الشام يقتل أهله *** فمن لي إن لم آته بخلود
تغرب آبائي فهلا صراهم *** من الموت إن لم يذهبوا و جدودي
عن الصادق (عليه السلام) : أن رجلا جاء إلى عيسى ابن مريم (عليه السلام) فقال يا روح الله إني زنيت فطهرني فأمر عيسى (عليه السلام) أن ينادي في الناس أن لا يبقى أحد إلا خرج لتطهير فلان فلما اجتمع و اجتمعوا و صار الرجل في الحفرة نادى الرجل لا يحدني من لله في جنبه حد فانصرف الناس كلهم إلا يحيى و عيسى فدنا منه يحيى فقال له يا مذنب عظني قال له لا تخلين بين نفسك و بين هواها فترديك فقال له زدني قال لا تعيرن خاطئا بخطيئة قال زدني قال لا تغضب قال حسبي .
عن الباقر محمد بن علي (عليه السلام) : من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه .
عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنه قال : إن لله تبارك و تعالى بقاعا تسمى المنتقمة فإذا أعطى الله عبدا مالا ثم لم يخرج حق الله عز و جل منه سلط الله عليه بقعة من تلك البقاع فأتلف ذلك المال فيها ثم مات و تركها .
عن الحسن إذا كان يوم القيامة نادى مناد يا أيها الناس من كان له على الله أجر فليقم فلا يقوم إلا أهل العفو .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أن الشديد ليس من غلب الناس و لكن الشديد من غلب على نفسه .
قيل : مر رسول الله بقوم فيهم رجل يرفع حجرا يقال له حجر الأشداء و هم يعجبون منه فقال ما هذا قالوا رجل يرفع حجرا يقال له حجر الأشداء قال أ فلا أخبركم بما هو أشد منه رجل سبه رجل فحلم عنه فغلب نفسه و غلب شيطانه و شيطان صاحبه.
و عنه (عليه السلام) : أنه قال و الذي نفسي بيده لا يضع الله رحمته إلا على رحيم قالوا يا رسول الله كلنا نرحم قال ليس بالذي يرحم نفسه خاصة و لكن الذي يرحم المسلمين عامة .
و قيل : في التوراة مكتوب كما ترحمون ترحمون .
قيل : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه فقال يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر قال و بلغت ذلك قال أرجو قال إن لم تخش أن تفتضح بثلاث آيات في كتاب الله فافعل قال و ما هن قال قوله تعالى أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ أحكمت هذه الآية قال لا قال فالحرف الثاني قال و قوله لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ أحكمت هذه الآية قال لا قال فالحرف الثالث قال قول العبد الصالح شعيب (عليه السلام) ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ أحكمت هذه الآية قال لا قال فابدأ بنفسك .
عمران بن خالد قال شهدت حسان بن سنان و حوشب و قد التقيا فقال حوشب لحسان كيف أنت يا أبا عبد الله و كيف حالك قال ما حال من يموت ثم يبعث ثم يحاسب .
عبد الرزاق قال : سمعت الثوري يقول في قول الله عز و جل يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ قال الذنب العظيم وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ قال على الذنب الصغير .
بعضهم : من يأتي الخطيئة و هو يضحك يدخل النار و هو يبكي .
عبد الله بن عمر قال : من حمل القرآن فقد حمل أمرا عظيما و قد أدرجت النبوة بين كتفيه غير أنه لا يوحى إليه فلا ينبغي لحامل القرآن أن يحسد فيمن يحسد و لا يجهل فيمن يجهل لأن في جوفه كلام الله عز و جل .
بعضهم : قال لأن أعافي فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر .
و سمع رجلا يتمنى الموت فقال لا تتمن الموت فإنك ميت و لكن اسأل الله العافية .
قيل : كان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تسع نسوة و كان بينهن ملحفة مصبوغة إما بورس أو بزعفران فإذا كانت ليلة امرأة منهن بعثن بها إليها و يرش عليها شيء من ماء حتى يوجد ريحها .
و قال : علي (عليه السلام ) : لقد تزوجت فاطمة (عليه السلام) و ما لي و لها فراش غير جلد كبش كنا ننام عليه بالليل و نعلف عليه الناقة بالنهار و ما لي خادم غيرها .
قيل : قال سليمان بن داود (عليه السلام) لابنه يا بني إياك و المراء فإنه ليست فيه منفعة و هو يهيج بين الإخوان العداوة .
و قال بعضهم : إن أعظم الناس خطيئة عند الله المثلث قيل و ما المثلث قال الذي يسعى بأخيه إلى سلطانه فيهلك نفسه و يهلك أخاه و يهلك سلطانه.
و قال آخر : لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه .
قيل : في الإنجيل اتق ربك و نم حيث شئت .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنه قال أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر .
تفسير قوله سبحانه فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَ هِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ معنى الآية أ فلم يسيروا في الأرض فينظروا آثار قوم أهلكهم الله بكفرهم و أبادهم بمعصيتهم ليروا من تلك الآثار بيوتا خاوية و قد سقطت على عروشها و بئر الشرب قد باد أهلها و عطلت رشاؤها و غار معينها و قصرا مشيدا مزينا بالجص قد خلا من السكن و تداعى بالخراب فيتعظوا بذلك و يخافوا من عقوبة الله و بأسه الذي نزل بهم .
بعضهم : فقر يحجزك عن الظلم خير من غنى يحملك على الإثم .
قال آخر : كل عمل تكره لأجله الموت فاترك و لا يضرك متى مت .
بعضهم : .
نعم المعين على احتمالك أيها الرجل الجهول *** علمي بأني ميت و محاسب عما أقول .
و قيل : لن لمن عصاك يوشك أن يلين لك .
قيل لرجل كيف حالك فقال كيف حال من يفنى ببقائه و يسقم بسلامته و يؤتى في منامه .
قيل : من كان غناه في كسبه لم يزل فقيرا و من كان غناه في قلبه لم يزل غنيا و من علامة ذكر الله للعبد ذكر العبد لله .
قيل : في بعض الكتب المنزلة يا ابن آدم إذا ظلمت فارض بنصرتي لك نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك .
عن أبي الدرداء أنه قال : قيامي بالحق ما ترك لي صديقا و إن خوفي من يوم الحساب ما ترك على ظهري لحما و إن يقيني بثواب الله ما ترك في بيتي شيئا .
بعضهم : إذا رأيت قساوة في قلبك و وهنا في بدنك و حرمانا في رزقك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك .
بعضهم : .
ذنوبي كثير لا أطيق احتمالها *** و عفوك عن ذنبي أجل و أكبر
و قد وسعتني رحمة منك هاهنا *** و إني إليها في القيامة أفقر
بعضهم : من لم يسلم لك صدره فلا يغرنك بشره .
بعضهم : باشر ما عناك و لا تكله إلى سواك استعن فيما دهاك بمن يعنيه ما عناك
و قال بعضهم : لا تكون كاملا حتى يأمنك عدوك و كيف يكون فيك خير و أنت لا يأمنك صديقك لسانك ترجمان عقلك و وجهك مرآة قلبك يبين على الوجه يضمره القلب
و قيل : ينبغي أن لا يطلب الورع بتضييع الواجب
و قيل : من دار حول العلو و المرتبة فإنما يدور حول جهنم
و قيل : إذا رأيت في قلبك قساوة فجالس الذاكرين و اصحب الزاهدين .
قيل : لكل عبد مع الله وقفة و له معه خلوة فيود حينئذ أن لو استكثر من مثقال ذرة من خير و استقل من مثقال ذرة من شر .
و قيل : جميع ما في الدنيا لا يساوي غم ساعة فكيف تغم عمرك فيها مع قليل يصيبك منها و قيل نجح كل حاجة من الدنيا تركها
و قيل : التاجر برأس مال غيره مفلس
و قيل : ليس الفوز هناك بكثرة الأعمال و لكن الفوز هناك بإخلاص الأعمال و تحسينها .
قيل : لبعضهم ما الذي نفى عنك الغفلة و حبب إليك الخلوة قال وثب الأكياس من فخ الدنيا .
بعضهم : البلاء صحبة من لا يوافقك و لا تستطيع تركه .
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : جاملوا الناس بأخلاقكم تسلموا من غوائلهم و زايلوهم بأعمالكم لئلا تكونوا منهم .
كان المأمون بن مكرمة الحارثي يقول , و كان نصرانيا : نهار يحول و ليل يزول و شمس تجري و قمر يسري و سحاب يكفهر و بحر مسيطر و جبال غبر و سماء خضراء و خلق يمور بعض في بعض بين السماء و الأرض و والد يتلف و ولد يخلف ما خلق الله هذا باطلا و أن بعد ما ترون لثوابا أو عقابا و حشرا و نشرا و وقوفا بين يدي الجبار فقالوا و ما الجبار فقال الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد .
الأحنف بن قيس لما سأله معاوية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : كان آخذا بثلاث تاركا لثلاث آخذا بقلوب الرجال إذا حدث حسن الاستماع إذا حدث أيسر الأمرين عليه إذا خولف تاركا للمراء تاركا لمقارنة اللئيم تاركا لما يعتذر منه .
قيل : لعابد كيف أصبحت فقال بين نعمتين رزق موفور و ذنب مستور .
قيل ينبغي للعاقل أن يتخذ مرآتين فينظر في إحداهما مساوي نفسه فيتصاغر منها و يصلح ما استطاع منها و ينظر في الأخرى محاسن الناس فيتحلى بها و يكتسب منها ما استطاع .
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنه قال طلب العلم فريضة على كل مسلم و عمل قليل في علم خير من كثير في جهل .
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) العلم أكثر من أن تحصى فخذوا من كل شيء أحسنه .
و قيل لبعض الحكماء إن أبا ذر رحمه الله كان يقول الفقر أحب إلي من الغنى و السقم أحب إلي من الصحة و الموت أحب إلي من الحياة فقال رحم الله أبا ذر و لكني أقول من توكل على الله لم يحب أن يكون في حاله سوى حاله .
قال بعضهم : إذا أراد الله بعبد خيرا آنسه بالوحدة .
و قال الربيع بن خثيم تعلموا العلم فإذا تعلمتم فاعملوا به .
و قال بعض الملوك لرجل زاهد مجتهد ما رأيت أزهد منك و لا أصبر فقال أما زهدي فرغبة كله و أما صبري فجزع كله فقال فسر لي ما قتله قال أما زهدي فللرغبة فيما هو أعظم مما أنت فيه و أما صبري فلجزعي من النار .
قال بعض الحكماء لا تصحب الشرير فإن طبعك يسرق من طبعه و أنت لا تدري .
و قال السفل يرون إحسانهم دينا لهم ; و الأحرار يرون دينا عليهم يقتضيهم أبدا الزيادة .
بعضهم : من عدم القناعة لم يزده المال إلا عناء لا غنى لا يكونن تصديقك لشيء إلا ببرهان لسان العلم الصدق الكذب أكبر ما أنت سامع بذات فمه يفتضح الكذاب الكاذب أبدا مستشهد بالحلف أقوى القوة على عدوك أن تحصي عيوب نفسك و تصلحها صانع الطبيب قبل أن تمرض .
قال حذيفة بن اليمان لو صعدت فوق مسجدكم هذا فألقيت صخرة لم أخش أن أقتل مؤمنا يعني الجامع .
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا .
قيل : بنى أردشير بناء فأعجبه فقال للمؤبد هل ترى فيه عيبا قال نعم عيبا واحدا قال و ما هو قال خرجه منه لا تعود إليه أو دخله إليه لا تخرج منه .
قيل : لبعض الصالحين فلان ليشتمك و كان صديقا له فقال هو في حل فقيل له و لم ذاك قال ما أحب أن يثقل الله ميزاني بأوزار إخواني .
و كان يحيى بن خالد يساير صديقا له فعارضه بعض وكلائه يخاطبه في ضيعة له و ما فيها من العمارة فقال له صديقه هذه ضيعة تبقى على الأعقاب فالتفت إليه يحيى و قال له و الله ما ترك جلد النمر على النمر فكيف يبقى على صاحب السرج .
و حكي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال : وحشة الانفراد أبقى للعز من أنس التلاقي .
قيل : مكتوب في بعض الكتب المنزلة الأماني تخلق العقل .
قال الرشيد لابن السماك عظني قال احذر أن تقدم على جنة عرضها السماوات و الأرض ليس لك فيها موضع قدم .
و قال آخر : الويل لمن ضاقت عليه رحمه الله التي وسعت كل شيء .
و قال آخر : لو رأيتم مسير الأجل لأعرضتم عن غرور الأمل .
قيل : لعلي بن الحسين (عليه السلام) أن يزيد يقول فيك و في أبيك و في أخيك و في جدك فلما أحفظه قال (عليه السلام) كفاك من الله عونا أن ترى عدوك يعمل بمعاصيه .
و سب رجل آخر فأعرض عنه فقال لك أقول قال و عنك أعرض .
كلم رجل بعض السلاطين فأغلظ له فقال لقد أقدمت علي بكلامك فقال لأني أكلمك بعز اليأس لا بذل الطمع .
قال بعضهم : عجب المرء بنفسه أحد أعداء عقله .
قال عيسى (عليه السلام) : أنا الذي أكببت الدنيا لوجهها و جلست على ظهرها ليس لي ولد يموت و لا بيت يخرب .
قيل لبعض الحكماء : هل تعرف شيئا أفضل من الذهب قال نعم المستغني عنه .
قيل : لبعض الحكماء كيف حالك قال كيف حال من يفنى ببقائه و يسقم بسلامته و يؤتى من مأمنه .
قال داود (عليه السلام) : يا رب كيف أشكرك و الشكر نعمة منك علي فأوحى الله تعالى إليه الآن شكرتني .
و قال بعضهم : أفضل الناس من تواضع عن رفعة و زهد عن ثروة و أنصف عن قوة .
قال رجل لعمر بن عبد العزيز نحن بخير ما أبقاك الله قال أنت بخير ما اتقيت الله .
تزوج بعض الناس امرأة صالحة فقال لها إني سيئ الخلق فقالت أسوأ منك خلقا من يلجئك إلى سوء الخلق .
و قال رجل لرجل و هو يعظه لم تسيء إلى من تحب قال أ و يسيء الرجل إلى من يحب قال نعم أنت تسيء إلى نفسك بالذنوب و تحبها .
قال بعض الحكماء : العمى خير من الجهل لأن أكثر ما يخاف من العمى التردي في بئر و أقل ما يخاف من الجهل التردي في الذنوب .
نظر بعض الملوك إلى ملكه فأعجبه فقال إنه لملك لو لا أن بعده هلك و أنه لسرور لو لا أنه غرور و أنه ليوم لو كان يوثق له بغد .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : احذر من يطربك بما ليس فيك فيوشك أن تنهتك بما ليس فيك .
و قال : الجبن و البخل و الحرص من أصل واحد يجمعهن سوء الظن بالله .
و في الحديث : أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله ما بدء العلم قال الإنصات له قال ثم ما ذا قال ثم جمعه قال ثم ما ذا قال العمل به قال ثم ما ذا قال نشره .
قال أمير المؤمنين ع : نعمة الجاهل كروضة على مزبلة .
قال بعضهم : لأن يطلب الرجل الدنيا بأقبح ما يطالب به الدنيا أحسن من أن يطلبها بأحسن ما يطلب به الآخرة .
أجمع العلماء على أن :
من طلب الراحة بالراحة عدم الراحة .
الحرص ينقص قدر المرء و لا يزيد في حظه .
إصلاح المال خير من طلبه .
الكذب و الحسد و النفاق أثافي الذل .
الجزع أتعب من الصبر .
عود الحياة كل يوم يعتصر .
من أرخى عنان أمله عثر بأجله .
المقتصد أطول أكلا و أدوم فضلا .
الأمل سلطان الشيطان على قلوب الغافلين .
كان أبو الدرداء يقول العالم و المتعلم شريكان و القارئ و المستمع شريكان و الدال على الخير و فاعله شريكان .
قيل مكتوب في التوراة : أطعني فيما أمرتك فما أعلمني بما يصلحك .
و قال بعضهم : لا تسأل من يفر منك أن تسأله و سل الذي أمرك أن تسأله .
و قال إني أجد الصبر عن الشيء أهون من الصبر على طلبه .
مكتوب في بعض الكتب المنزلة : يقول الله عز و جل ; يا ابن آدم لو أن لك الدنيا كلها لم يكن لك منها إلا القوت فإذا أعطيتك القوت منها و جعلت حسابها على غيرك فأنا إليك محسن .
قال عمر بن عبد العزيز أصلح المال ما فرق في حقه و إلا فما بقاؤه مع نزغ الشيطان و دواعي الهوى و نكبات الزمان .
دعاء لمن أراد الخروج من بيته إلى سفر : بسم الله خرجت و بإذنه خرجت فقد علم الله قبل خروجي خروجي و أحصى بعلمه في خروجي رجعتي توكلت على الإله الأكبر توكل مفوض إليه أمره مستعين به على شئونه مستزيد من فضله مبرئ نفسه من كل حول و قوة إلا به خرج بفقره إلى من يسده خروج عائل بعيلته إلى من يعينها خروج من ربه أكبر ثقته و أعظم رجائه و أفضل أمنيته الله ثقتي في جميع أموري به فيها أستعين و لا شيء إلا أن يشاء الله في علمه أسأل الله خير المدخل و المخرج .
من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : اعلم أن لكل عمل نباتا و لا نبات إلا و لا غنى به عن الماء و المياه مختلفة فما طاب سقيه طاب غرسه و حلت ثمرته و ما خبث سقيه خبث غرسه و مرت ثمرته .
محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الأول قال : قلت له الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسأله عن ذلك فينكره و قد أخبرني عنه قوم ثقات فقال لي يا محمد كذب سمعك و بصرك عن أخيك و إن شهد عندك خمسون قسامة و قال لك قولا فصدقه و كذبهم و لا تذيعن عنه شيئا يشينه .
قيل : إن عثمان أرسل إلى أبي ذر موليين له و معهما مائتا دينار فقال لهما انطلقا بها إلى أبي ذر و قولا له عثمان يقرئك السلام و يقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك فقال أبو ذر هل أعطى أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني قالا لا قال إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين قالا له إنه يقول هذا من مالي و بالذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام و لا أبعث بها إليك إلا من حلال فقال لا حاجة لي فيها و قد أصبحت يومي هذا من أغنى الناس فقالا له عافاك الله و أصلحك ما نرى في بيتك قليلا و لا كثيرا مما يستمتع به فقال بلى تحت هذا الإكاف الذي ترون رغيفان شعيرا قد أتى عليهما أيام فما أصنع بهذه الدنانير لا و الله حتى يعلم الله أني لا أقدر على قليل و لا كثير و لقد أصبحت غنيا بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) و عترته الهادين المهديين الراضين الذين يهدون بالحق و به يعدلون و كذلك سمعت رسول الله يقول فإنه يقبح بالشيخ أن يكون كذابا فرداها عليه و أعلماه أن لا حاجة لي فيها و لا فيما عنده حتى ألقى الله ربي فيكون هو الحاكم فيما بيني و بينه .
و قيل : قال أبو ذر رحمه الله من جزى الله عنه الدنيا خيرا فجزاها عني مذمة بعد رغيفي شعير أتغدى بأحدهما و أتعشى بالآخر و بعد شملتي صوف أتزر بأحدهما و أرتدي بالأخرى .
قيل : و إن أبا ذر بكى من خشية الله حتى اشتكى عينيه فخافوا عليهما فقيل له يا أبا ذر لو دعوت الله في عينيك فقال إني عنهما لمشغول و ما عناني أكثر فقيل له و ما شغلك عنهما قال العظيمان الجنة و النار .
قال : و قيل له عند الموت .
يا أبا ذر : ما لك قال عملي قالوا إنما نسألك عن الذهب و الفضة قال ما أصبح فلا أمسى و ما أمسى فلا أصبح إن لنا كندوجا نضع فيه خير متاعنا سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول كندوج المرء قبره .
روي عن أبي جعفر ع : قال قام أبو ذر رضي الله عنه بباب الكعبة فقال أنا جندب بن جنادة الغفاري هلموا إلى أخ ناصح شفيق فاكتنفه الناس فقالوا قد دعوتنا فانصح لنا فقال لو أن أحدكم أراد سفرا لأعد فيه من الزاد ما يصلحه فما لكم لا تزودون لطريق القيامة و ما يصلحكم فيه قالوا كيف نتزود لذلك فقال يحج الرجل حجة لعظام الأمور و يصوم يوما شديد الحر ليوم النشور و يصلي ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور و يتصدق بصدقة على مسكين لنجاة من يوم عسير و يتكلم بكلمة حق فيجيره الله بها يوم يستجير و يسكت عن كلمة باطل فينجو بذلك من عذاب السعير يا ابن آدم اجعل الدنيا مجلسين مجلسا في طلب الحلال و مجلسا للآخرة و لا تزد الثالث فإنه لا ينفعك و اجعل الكلام كلمتين كلمة للآخرة و كلمة في التماس الحلال و الثالثة تزرك و اجعل مالك درهمين درهم تنفقه على عيالك و درهما لآخرتك و الثالث لا ينفعك و اجعل الدنيا ساعة من ساعتين ساعة مضت بما فيها فلست قادرا على ردها و ساعة آتية لست على ثقة من إدراكها و الساعة التي أنت فيها ساعة عملك فاجتهد فيها لنفسك و اصبر فيها عن معاصي ربك فإن لم تفعل فقد هلكت ثم قال قتلني هم يوم لا أدركه .
روي : أن ذا النون المصري قال مررت ببعض الأطباء و حوله جماعة من الرجال و النساء بأيديهم قوارير الماء و هو يصف لكل واحد منهم ما يوافقه فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت له صف دواء الذنوب يرحمك الله فأطرق إلى الأرض ساعة و كان الطبيب ذا عقل ثم رفع رأسه و قال يا فتى إن أنا وصفت لك تفهم فقلت نعم إن شاء الله تعالى فقال لي خذ عروق الفقر و ورق الصبر و إهليلج الخشوع و بليلج التواضع ثم ألق الجميع في هاون التوبة ثم أسحقه بدستج التقوى ثم ألقه في طنجير التوفيق و صب عليه من ماء الخوف و أوقد تحته نار المحبة و حركه بإصطام العصمة حتى يرغي ثم أفرغه في جام الرضا و روحه بمروحة الحمد حتى يبرد ثم أفرغه في قدح المناجاة ثم أمزجه بماء التوكل و حركه بملعقة الاستغفار ثم اشربه و تمضمض بماء الورع فإن أنت فعلت هذا فإنك لا تعود إلى معصية أبدا .
المفضل بن عمر الجعفي قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي من صحبك فقلت رجل من إخواني قال فما فعل فقلت منذ دخلت المدينة لم أعرف مكانه فقال لي أ ما علمت أن من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله الله عنه يوم القيامة .
و عنه (عليه السلام) : قال من صحب أخاه المؤمن في طريق فتقدمه فيه بقدر ما يغيب عن بصره فقد أشاط دمه و أعان عليه .
و عنه عن أبي جعفر ع قال : سمعته يقول ; إذا بلغ الغلام له ثلاث سنين يقال له سبع مرات قل لا إله إلا الله و يترك ثم يقال له حين يتم له ثلاث سنين و سبعة أشهر و عشرين يوما قل محمد رسول الله سبع مرات و يترك حتى يتم له أربع سنين ثم يقال له سبع مرات قل صلى الله على محمد و آله ثم يترك حتى يتم له خمس سنين ثم يقال له أيما يمينك و أيما شمالك فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القبلة و قيل له اسجد ثم يترك حتى يتم له ست سنين فإذا تمت له ست سنين صلى و علم الركوع و السجود حتى يتم له سبع سنين فإذا تمت له قيل له اغسل وجهك و كفيك فإذا غسلهما قيل له صل ثم يترك حتى يصير له تسع سنين فإذا تمت علم الصوم و ضرب عليه و أمر بالصلاة و ضرب عليها فإذا علم الوضوء و الصلاة غفر الله لوالديه .
و عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من ازداد علما و لم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدا .
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : خمس لا جناح على من قتلهن في حل أو حرم الحية و العقرب و الفأرة و الحدأة و الكلب العقور .
سويد بن غفلة قال : دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجدته جالسا على بساط لم أجد في الدار غيره فقلت له يا أمير المؤمنين ما أرى في الدار غير هذا البساط و بيدك الخلافة فقال لي يا ابن غفلة إنا لا نتأثث لدار النقلة و لنا دار قد حملنا إليها خير المتاع و نحن منتقلون إليها .
عن وهب بن منبه قال : وجدت في بعض كتب الله عز و جل أن يوسف (عليه السلام) مر في موكبه على امرأة العزيز و هي جالسة على مزبلة فقالت الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا و جعل العبيد بطاعتهم ملوكا أصابتنا فاقة فتصدق علينا فقال يوسف (عليه السلام) غموص النعمة سقم دوامها فراجعي ما يمحص عنك دنس الخطيئة فإن محل الاستجابة قدس القلوب و طهارة الأعمال فقال ما اشتملت علي بعد هيئة النمائم و إني لأستحي أن يرى الله لي موقف استعطاف و لما تهرق العين عبرتها و يؤدى الجسد ندامته فقال لها يوسف جدي فالسبيل هدف الأملاك قبل مزاحمة العدة و نفاد المدة فقالت هو عقيدتي و سيبلغك إن بقيت بعدي فأمر لها بقنطار من ذهب فقالت القوت بتة ما كنت لأرجع إلى الخفض و أنا مأسورة في السخط فقال بعض ولد يوسف ليوسف يا أبة من هذه التي قد تفتت لها كبدي و رق لها قلبي فقال له هذه ذات الترح في حبال الانتقام فتزوجها يوسف (عليه السلام) فوجدها بكرا فقال أنى بهذا و قد كان لك بعل فقالت كان محصورا بفقد الحركة و صرد المجاري .
الحسن بن أبي الحسن البصري قال : و الله لقد أدركت أقواما لهم كانوا أزهد فيما أحله الله لهم منكم فيما حرم عليكم و لهم كانوا أبصر لدينهم بقلوبهم منكم بأبصاركم و لهم كانوا أنظر بحسناتهم أن ترد عليهم منكم بسيئاتكم أن تعذبوا عليها فما زالوا كذلك و على ذلك فو الله ما سلموا من الذنوب و لا نجوا إلا بالمغفرة .
مكتوب في حكمة آل داود : على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات فساعة فيها يناجي ربه و ساعة فيها يحاسب نفسه و ساعة يفضي إلى إخوانه الذين يصدفونه عن عيوب نفسه و ساعة يخلي بين نفسه و بين لذتها فيما يحل و يجمل فإن هذه الساعة عون لتلك الساعات .
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه : أنا أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي .
الحسن : يا ابن آدم إياك و التسويف فإنك ليومك و لست لغدك فإن يكن غد لك فكن في غدك كما كنت في يومك و إن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في يومك لقد أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره من أحدكم على ديناره و درهمه .
شعر .
و لا ترج فعل الصالحات إلى غد *** فرب غد يأتي و أنت فقيد .
فرعون التميمي : قل من اختلف خلف الزمان إلا رمح بقدم الحدثان .
نزل نعمان بن منذر تحت شجرة فقال له عدي أيها الملك أ تدري ما تقول هذه الشجرة ثم أنشأ يقول :
رب ركب قد أناخوا حولنا *** يمزجون الخمر بالماء الزلال
ثم أضحوا عصف الدهر بهم *** و كذاك الدهر حالا بعد حال
فتنغص على النعمان نومه .
و ذكر عن عدي أنه أنشده أيضا للنعمان و قد أشرف على مقبرة :
أيها الركب المحثون على الأرض تدبون *** كما أنتم كنا و كما نحن تصيرون .
الخليل : الأيام ثلاثة معهود و مشهود و موعود أراد أمس و اليوم و الغد .
أعرابي : من أفاده الدهر أفاد منه .
ابن السماك : الدنيا من نالها مات فيها و من لم ينلها مات عليها .
حكيم : الدنيا تطلب لثلاثة أشياء للغني و العز و الراحة فمن زهد فيها عز و من قنع استغنى و من قل سعيه استراح .
علي (عليه السلام) : الدنيا و الآخرة كالمشرق و المغرب إذا قربت من أحدهما بعدت عن الآخر .
بكر بن عبد الله المزني : المستغني عن الدنيا بالدنيا كالمطفئ النار بالتبن .
إبراهيم بن إسماعيل : العجب لمن يغتر بالدنيا و إنما هي عقوبة ذنب .
قال الحسن لرجل : كيف طلبك للدنيا قال شديد قال فهل أدركت منها ما تريد قال لا قال فهذه التي تطلبها لم تدرك منها ما تريد فكيف بالتي لم تطلبها .
علي بن عبيدة : عين الدهر تطرف بالمكاره و الخلائق بين أجفانه .
قيل لراهب : متى عيدكم ?
قال :كل يوم لا أعصي الله فيه فهو عيد .
قيل : لزاهد أي خلق الله أصغر ?
قال الدنيا إذ كانت لا تعدل عند الله جناح بعوضة .
فقال السائل : و من عظم هذا الجناح كان أصغر منه .
عن أبي زيد الأنصاري قال : دخلت على أبي الدقيس و هو مريض فقلت كيف تجدك قال أجد ما لا أشتهي و أشتهي ما لا أجد .
وهب بن منبه الدنيا غنيمة الأكياس و حسرة الحمقى .
بعضهم : الدنيا دار خراب و أخرب منها قلب من يعمرها و الآخرة دار عمران و أعمر منها قلب من يطلبها .
علي بن الحسين ع : الدنيا سنة و الآخرة يقظة و نحن بينهما أضغاث أحلام .
كان الحسن يتمثل كثيرا بقول نهشل بن جرى .
و ما الدنيا بباقية لحي *** و لا حي على الحدثان باق
قيل لمحمد بن واسع : إنك ترضى بالدون قال إنما رضي بالدون من رضي بالدنيا .
من تطاول على جاره حرم بركة داره .
الحسن : ليس حسن الجوار كف الأذى و لكن حسن الجوار الصبر على الأذى .
وجاءته امرأة محتاجة فقالت أنا جارتك قال كم بيني و بينك قالت سبع أدور فنظر الحسن فإذا تحت مصلاه سبعة دراهم فأعطاها و قال كدنا نهلك .
و قال آخر : أدنى حق الجوار أن لا يؤذي جارك بقتار قدرك إلا أن يقتدح له فيها .
عيسى (عليه السلام) : تحببوا إلى الله تعالى ببغض أهل المعاصي و تقربوا إليه بالتباعد منهم و التمسوا رضاه بسخطهم .
أنس يرفعه : ما تحاب رجلان في الله قط إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه .
رأى أمير المؤمنين ع قوما حول داره فمال عنهم فقيل له هؤلاء شيعتك فقال ما لي لا أرى عليهم سيماء الشيعة قيل و ما سيماء شيعتك قال خمص البطون من الطوى يبس الشفاه من الظماء عمش العيون من البكاء .
من كان يريد رضاء ربه يسخط نفسه و من لم يسخط نفسه لم يرض ربه .
أخوك الذي يعظك برؤيته قبل أن يعظك بكلامه .
التقى إخوان في الله فقال أحدهما لصاحبه و الله يا أخي إني أحبك في الله قال لو علمت مني ما أعلم من نفسي لأبغضتني في الله فقال و الله يا أخي لو علمت منك ما تعلمه من نفسك لمنعني من بغضك ما أعلمه من نفسي .
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : المؤمن مألوف و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف .
قال بنو إسرائيل لموسى (عليه السلام) إن التوراة كثيرة فاختر لنا ما يمكن حفظه فقال : ما تحبون أن يصحبكم به الناس فاصحبوهم به .
يعني أن هذه الكلمة هي الاختيار من التوراة .
عمر بن عبد العزيز : أعوذ بالله أن يكون لي محبة في شيء من الأمور يخالف محبة الله .
كان بعضهم يقول لأصحابه لو كنت راضيا عن نفسي لقليتكم لكني لست عنها براض .
عائشة : ما ضرب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مملوكا قط و لا غيره إلا في سبيل الله و لا انتصر قط لنفسه إلا أن يقيم حدا من حدود الله .
فضيل : رب ضربة لليتيم أنفع له من الخبيص تلقمه إياه .
عن لقمان : لأن يضربك الحكيم فيؤذيك خير من أن يدهنك الجاهل بدهن طيب .
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنه كان يقول ما من عبد إلا و به ملك يلوي عنقه حتى ينظر إلى حدثه ثم يقول له الملك يا ابن آدم هذا رزقك فانظر من أين أخذته و إلى ما صار فعند ذلك ينبغي للعبد أن يقول اللهم ارزقني الحلال و جنبني الحرام .
و روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) : كان إذا أراد الحاجة وقف على باب المذهب ثم التفت عن يمينه و عن يساره إلى ملكيه فيقول أميطا عني فلكما الله على أن لا أحدث بلساني شيئا حتى أخرج إليكما .
و كان (عليه السلام) : إذا دخل الخلاء يقول الحمد لله الحافظ المؤدي فإذا خرج مسح بطنه و قال الحمد لله الذي أخرج عني أذاه و أبقى في قوته يا لها نعمة لا يقدر القادرون قدرها .
روي عن النبي : أنه قال قسم العقل على ثلاثة أجزاء فمن كن فيه كمل عقله و من لم يكن فيه فلا عقل له و هي حسن المعرفة بالله تعالى و حسن الطاعة لله تعالى و حسن الصبر على ما أمر الله .
عن الباقر (عليه السلام) قال : إذا كان يوم القيامة أقبل قوم على الله عز و جل فلا يجدون لأنفسهم حسنات فيقولون إلهنا و سيدنا ما فعلت حسناتنا فيقول الله عز و جل أكلتها
الغيبة فإن الغيبة لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .
و من جملة كلام الباقر (عليه السلام) لبعض أصحابه : اتقوا الله و اعملوا لما عند الله ليس بين الله و بين أحد قرابة و أحب العباد إلى الله و أكرمهم عليه أتقاهم له و الله ما يتقرب إلى الله تعالى إلا بالعمل و ما معنا براءة من النار و ما لنا على الله من حجة من كان مطيعا لله فهو لنا ولي و من كان عاصيا لله فهو لنا عدو و الله لا تنال ولايتنا إلا بالعمل .
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنه قال ; من ازداد علما و لم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدا .
و قال بعضهم : من ساء خلقه عذب نفسه .
عيسى (عليه السلام) قال : لرجل من الحواريين تباعدك من غضب الله أن لا تغضب .
قال المهلب لبعض ولده : إذا سمع أحدكم العوراء فليتطأطأ لها يحطه .
قال عيسى (عليه السلام) : يا معشر الحواريين إنكم لا تدركون ما تأملون إلا بالصبر و لا تبلغون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون .
كان يقال من حسن الأدب أن لا تنازع من فوقك و لا تقول إلا بالعلم و لا تتعاطى ما لم تنل و لا يخالف لسانك ما في قلبك و لا قولك فعلك و لا تدع الأمر إذا أقبل و لا تطلبه إذا أدبر .
يقال الستر لما عاينت أحسن من إذاعة ما ظننت .
أفضل العلماء الممسك عند الشبهة .
عن بعض أولاد الأئمة (عليهم السلام) قال : إن الله تعالى أدب نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فأحسن أدبه فقال خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ فلما علم أنه قد قبل أدبه قال وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فلما استحكم له من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أحب قال ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.
و قال بعض الحكماء : إذا عرض لك أمران و لم يحضرك من تثق بمشورته فاجتنب أقربهما إلى هواك و ذلك أن الهوى عند أهل الحكمة عدو العقل .
قال بعض الملوك لعابدين في زمانه : ما يمنعكما من إتياني و أنتما عبدان لي قالا إن صدقتنا علمت أنا لسنا بعبدين لك و لكنك أنت عبد لعبيدنا قال و كيف هذا قالا هل تعلم أنا نعمل شيئا لغضب أو هوى قال لا قالا فهل تفعل أنت ذلك قال نعم قالا فقد ملكتاك و قد ملكناهما و أنت إذا عبد لعبيدنا .
لبعضهم :
إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى *** إلى بعض ما فيه عليك مقال .
قيل : شيئان لا يعرف فضلهما إلا من قد فقدهما العافية و الشباب .
من كلام أمير المؤمنين ع : ما الجزع مما لا بد منه و ما الطمع فيما لا يرجى و ما الحيلة فيما سيزول و ما الشيء إلا بأصله و قد مضت أصول نحن فروعها فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله و ما الناس في هذه الدنيا إلا أغراض تنتصل فيها المنايا و هم فيها نهب المصائب مع كل جرعة شرق و في كل أكلة غصص لا ينالون نعمة إلا بفراق أخرى و لا يعمر معمر يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله و أنتم أعوان الخوف على أنفسكم فأين المهرب مما هو كائن و إنما ينقلب في قدره الطالب فما أصغر المصيبة اليوم مع عظم الفائدة غدا و أكبر خيبة الخائب فيه و السلم .
قال بعضهم لآخر : و الله إني لأعرف أقواما لو علموا أن سف التراب يقيم مراود أصلابهم لجعلوه مسدة لأرماقهم إيثارا للتنزه عن عيش رقيق الحواشي و الله لأن أكون مقلا مقربا أحب إلي من أن أكون مكثرا مبعدا و اعلم أن هذا الأمر الذي صار في يدك قد كان في يد غيرك فامسوا و الله حديثا خيرا أو شرا فتحبب إلى عباد الله بحسن البشر و لين الحجاب فإن حب عباد الله موصول بحب الله و هم شهداء الله على خلقه و رقباؤه على من أعوج عن سبيله .
أثنى رجل على آخر فقال الحمد لله الذي سترني منك
و قيل : علامة العقل ثلاث تقوى الله و صدق الحديث و ترك ما لا يعني .
يقال : من دخل على الأغنياء و هو خال من علم خرج و هو مسخط على الرزق .
و قال الحسن البصري : الحريص الجاهل و القانع الزاهد كلاهما مستوف لرزقه غير منقص شيئا قد قدر له فعلام التهافت في النار .
و يقال الغني من لم يكن للطمع أسيرا .
و قيل للحسين بن علي (عليه السلام) من أعظم الناس قدرا ? قال : من لم يبال الدنيا في يدي من كانت .
أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا يكون الرجل قيم أهله حتى لا يبالي أي ثوبيه ابتذل و لا ما سد به فورة الجوع .
و يقال : صن عفتك بالحلم و مروتك بالعفاف و نجدتك بمجانبة الخيلاء و جهدك بإجمال الطلب
و قال بعضهم : إن الغنى و العز خرجا يجولان فلقيا القناعة فاستقرا .
قال أبو أيوب السجستاني : لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان الغنى عما في أيدي الناس و التجاوز عما يكون منهم .
و يقال : من حزن على الدنيا فقد سخط على الله .
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من اعتدل يوماه فهو مغبون و من كان غده شرا من يومه فهو ملعون و من لم يتفقد النقصان من نفسه فهو في نقصان و من كان في نقصان فالموت خير له .
عمر بن ذر : الدنيا لا ينفع إلا من حذرها و لا تضر إلا من أمنها .
و قال الحسن : يومك ضيفك و هو مرتحل يحمدك أو يذمك .
قال جابر الجعفي لجعفر بن محمد (عليه السلام) : جعلت فداك عظني قال يا جابر اجعل الدنيا مالا أصبته في منامك ثم انتبهت و ليس معك منه شيء هل هو إلا ثوب تلبسه فتبليه أو طعام يعود بعد إلى ما تعلم فالعجب لقوم حبس أولهم عن آخرهم ثم نودي فيهم بالرحيل و هم في غفلة يلعبون .
قال الفضيل بن عياض : إذا قيل لك تخاف الله فاسكت فإنك إن قلت لا جئت بأمر عظيم و إن قلت نعم فالخائف لا يكون على ما أنت عليه .
قال بعض الحكماء العزلة عن الناس توفر العرض و تبقى الجلالة و تستر الفاقة و ترفع مئونة المكافاة في الحقوق اللازمة .
كتب حكيم إلى حكيم : من حاسب نفسه ربح و من غفل عنها خسر .
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أحب العفاف إلى الله تعالى عفاف البطن و الفرج .
قيل :إياك أن تكون عدوا لإبليس في العلانية صديقا له في السر .
كان ابن السماك يقول : لا تسأل من يفر أن تسأله و لكن سل الذي أمرك أن تسأله .
و قال آخر : من أراد أن يستغني بالدنيا عن الدنيا فهو كمن يطفئ النار بالحلفاء .
كتب بعض الصالحين إلى أخ له أما بعد فعظ الناس بفعلك و لا تعظهم بقولك و أنت مصر على غضبك و استحي من الله بقدر قربه منك و خف الله بقدر قوته عليك
و قيل : من ساءته سيئة لم تضره .
قدم سفيان الثوري البصرة فأتى رابعة العدوية و كانت رثة الحال فسمع كلامها ثم قال أرى حالا رثة فلو كلمت فلانا جارك فغير ما أرى من حالك فقالت يا سفيان ما ترى من حال من تباعد الأمنية قال فما حال أهلها قالت من ظفر بها تعب و من فاتته نصب قال فما الغنى و الدعة قالت قطع الرجاء منها قال فأي الأصحاب أبر و أوفى قالت العمل الصالح و التقوى قال فأيها أضر و أردى قالت اتباع النفس الهوى قال فأين المخرج قالت في سلوك المنهج قال فما هو قالت ترك الراحة و بذل المجهود .
يقال : تقول الحكمة من التمسني فلم يجدني فليعمل أحسن ما يعلم و ليترك أقبح ما يعلم فإذا فعل ذلك فأنا معه و إن لم يعرفني .
سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بم يعرف المؤمن ?
قال : بوقاره , و لين كلامه , و صدق حديثه .
قيل : إن ذا القرنين لقي ملكا من الملائكة فقال ; علمني علما ازداد به يقينا و إيمانا .
قال : إنك لا تطيق ذلك .
قال : لعل الله أن يطيقني ذلك .
قال له الملك : لا تهتم لغد , و إن آتاك الله مالا و سلطانا فلا تفرح به , و إن صرفه فلا تأس عليه , و كن حسن الظن بالله , و ضع يدك على قلبك فما أحببت أن تصنعه بنفسك فاصنعه بأخيك , و لا تغضب فإن الشيطان أقدر ما يكون على المؤمن حين يغضب و إياك و العجلة فإنك إذا عجلت أخطأت حظك و كن سهلا لينا للقريب و البعيد و لا تكن جبارا عنيدا .
و روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : أقربكم مني غدا في الموقف أصدقكم للحديث و أداكم للأمانة و أحسنكم خلقا .
و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع .
و يقال : و عليك بطريق الهداية و لا يوحشك قلة الرفيق فيه فليس مع الله فيه وحشة و لا بغيره أنس .
النعمان بن بشير قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح و إذا فسدت فسد و هي القلب .
بعضهم من آمن بالآخرة لم يحرص على الدنيا .
سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله خير الذكر الخفي و خير الرزق ما يكفي .
عقبة بن عامر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) استرشدوا العاقل ترشدوا و لا تعصوه فتندموا .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مثله .
و عنه (عليه السلام) : الحسب المال و الكرم التقوى .
و روي : أن رجلا قال يا رسول الله إن لي أقرباء أصل و يقطعون و أحسن و يسيئون و أعفو و يظلمون أ فأكافي على ما يصنعون قال إذن يرفضكم الله جميعا و لكن إذا أساءوا فأحسن فإنه لن يزال عليك من الله حافظ و لك عليهم من الله ظهير .
قيل : لبعضهم : من السعيد ?
قال : من اعتبر بأمسه , و استظهر لنفسه .
قيل : فمن الشقي ?
قال : من جمع لغيره , و بخل على نفسه .
قيل : فما الغني ?
قال : قلة تمنيك و الرضا بما يكفيك .
عقبة بن عامر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خير العلم ما نفع و خير الهدى ما اتبع .
و قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه .
و عنه (عليه السلام) : لا يدخل الجنة قتات يعني النمام .
و عنه (عليه السلام) : تحرم النار على كل سهل لين قريب .
و عنه (عليه السلام) : إياكم و مجالسة الموتى قيل يا رسول الله من الموتى قال كل غني أطغاه غناه .
و عنه (عليه السلام) : ليس للمرء أن يذل نفسه قيل يا رسول الله و كيف يذل نفسه قال يتعرض لما لا يطيق .
و عنه (عليه السلام) : يأتي زمان يذوب فيه قلب المؤمن كما يذوب الملح في الماء قيل بم ذلك قال مما يرى من المنكر لا يستطيع تغييره .
و عنه (عليه السلام) : إذا اقشعر جسد العبد من خشية الله تحاتت ذنوبه كما تتحاتت عن الشجرة اليابسة ورقها .
و عنه (عليه السلام) : من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه و مشربه فقد قصر في علمه و دنا عذابه .
و عنه (عليه السلام) : إذا أحب الله عبدا حماه الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه من الماء .
و عنه (عليه السلام) : سوء الخلق شؤم و طاعة المرأة ندامة و حسن الملكة نماء و الصدقة تمنع ميتة السوء .
و عنه (عليه السلام) : الحرام بين و الحلال بين و بين ذلك شبهات فمن ترك الشبهات فهو للحرام أترك و محارم الله حماه فمن رتع حول الحمى كان قمينا أن يرتع فيه .
و عنه (عليه السلام) : الحياء شعبة من الإيمان و لا إيمان لمن لا حياء له .
عن أنس قال : قيل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متى يترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قال إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل قبلكم قال و ما ذاك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال الإدهان في خياركم و الفاحشة في شراركم و يحول الملك في صغاركم و الفقه في أراذلكم .
و عنه (عليه السلام) : المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد .
و عنه (عليه السلام) : إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا الرزق و اتقوا الله و أجملوا في الطلب خذوا ما حل و اتركوا ما حرم .
و عنه (عليه السلام) : أوثق العرى كلمة التقوى و شر المعذرة عند حضور الموت .
كان بعضهم يقول من أكثر الرقاد عدم المراد و من أطال الأمل أساء العمل من نصح أخاه جنبه هواه و من غش أخاه ألهجه و أغراه .
قيل : للحسن البصري ما عقوبة العالم قال موت القلب قيل و ما موت القلب قال طلب الدنيا بعمل الآخرة .
و قال : المؤمن لا يحيف على من يبغض و لا يأثم فيمن يحب .
و أنكر على الحسن الإفراط في تخويف الناس فقال من خوفك حتى تأمن خير لك ممن أمنك حتى تبلغ الخوف .
قال بعضهم : لا يغرنك صحة جسمك و سلامة نفسك فمدة العمر قليلة و صحة الجسم مستحيلة .
قال بعضهم : لا يكون الرجل عالما حتى لا يحسد من فوقه و لا يحقر من دونه و لا يأخذ على عمله أجرا .
و قال آخر : المؤمن إذا وعظ لم يعنف و إذا وعظ لم يأنف .
قال بعضهم ما نصحت أحدا قط إلا وجدته يفتش عن عيوبي .
و قال آخر : من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة .
عن بلال بن سعد رفعه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربع خصال جاريات عليكم من الرحمن مع ظلمكم أنفسكم و خطاياكم أما رزقه فدار عليكم و أما رحمته فغير محجوبة عنكم و أما ستره فشائع عليكم و أما عقابه فلم يعجل عليكم و أنتم مع ذلك تجترون على إلهكم أنتم اليوم تتكلمون و الله ساكت عنكم فيوشك أن يتكلم و تسكتون ثم يثور من أعمالكم دخان تسود منه الوجوه ثم تلا وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ .
و سئل ابن المبارك من الناس قال العلماء و من الملوك قال الزهاد و من السفلة قال الذي يأكل بدينه .
قال لقمان لابنه : يا بني تواضع للحق تكن أعقل الناس فإن الكيس لدى الحق أسير .
هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) : يا هشام : من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله من أظلم نور تفكره بطول أمله و محا طرائف حكمته بفضول كلامه و أطفى نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله و من هدم عقله فسد عليه دينه و دنياه يا هشام كيف يزكو عند الله عملك و أنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك و أطعت هواك على غلبة عقلك يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها و رغب فيما عند الله و كان الله أنيسه في الوحشة و صاحبه في الوحدة و غناه في العيلة و معزه من غير عشيرة يا هشام قليل العمل من العالمين مقبول مضاعف و كثير العمل من الجاهلين مردود .
يا هشام : إن العاقل قد رضي من الدنيا مع الحكمة بالدون و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا فلذلك ربحت تجارتهم .
يا هشام : إن العقلاء تركوا فضول الكلام فكيف الذنوب و ترك الدنيا من العقل و ترك الذنوب من الفرض .
يا هشام : إن العاقل نظر إلى الدنيا و إلى أهلها فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة و نظر إلى الآخرة فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة فطلب بالمشقة أبقاهما يا هشام من أراد الغنى بلا مال و راحة القلب مع الجسد و السلامة في الدين فليتضرع إلى الله في مسألته بأن يكمل عقله فمت عقل بما يكفيه قنع و من قنع بما يكفيه استغنى و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى .
يا هشام : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول ما عبد الله بشيء أفضل من العقل و ما تم عقل امرئ حتى يكون فيه خصال شتى الكفر و الشر منه مأمونان و الرشد و الخير منه مأمولان و فضل ماله مبذول و فضل قوله مكفوف نصيبه من الدنيا القوت لا يشبع من العلم دهره الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره و التواضع أحب إليه من الشرف يستكثر قليل المعروف من غيره و يستقل كثير المعروف من نفسه و يرى الناس كلهم خيرا منه و أنه شرهم في نفسه و هو تمام الأمر .
يا هشام : إن العاقل لا يكذب و إن كان فيه هواه .
و كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول : مجالس الصالحين داعية إلى الصلاح .
يا هشام : إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة و حجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل و الأئمة (عليهم السلام) و أما الباطنة فالعقول .
و من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : و اعلم أن ما قربك من الله يباعدك من النار و ما باعدك من الله يقربك من النار .
و قال (عليه السلام) : البخل و الجبن و الحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله .
و قال : أما بعد فإن الدنيا مشغلة من غيرها و لم يصب صاحبها منها شيئا إلا فتحت له حرصا عليها و لهجا بها و لم يستغن صاحبها بما نال فيها عما لم يبلغه منها و من وراء ذلك فراق ما جمع و نقض ما أبرم و لو اعتبرت بما مضى حفظت ما بقي .
و من كلامه (عليه السلام) : في ذم الدنيا هيهات من وطيء دحضتك زلق و من ركب لججك غرق و من أزور عن حبائلك وفق و السالم منك لا يبالي أن ضاق به مناخه و الدنيا عنده كيوم حان منه انسلاخه اغربي عني فو الله لا أذل لك فتستذليني و لا أساس لك فتقوديني و ايم الله يمينا استثنى فيها بمشية الله لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى قرص الشعير إذا قدرت عليه مطعوما و تقنع بالملح أدما و لأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها أ تمتلي السائمة من رعيها فتبرك و تشبع الربيطة من عشبها فتربض و يأكل علي من زاده فيهتجع قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة و السائمة المرعية طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها و عركت بجنبها بؤسا و هجرت في الليل غمضها حتى إذا الكرى غلبها افترشت أرضها و توسدت كفها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم و تجافت عن مضاجعهم جنوبهم و همهمت بذكر ربهم شفاههم و تقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم .
قال حفص بن غياث : سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا رأيتم العالم محبا لدنياه فاتهموه على دينه فإن كل محب ليس يحوط إلا ما أحب .
سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن العلم فقال (عليه السلام) : أربع كلمات أن تعبد الله بقدر حاجتك إليه و أن تعصيه بقدر صبرك على النار و أن تعمل لدنياك بقدر عمرك فيها و أن تعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها بنفسه و باشرها بجسده و تفرغ لها فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا على عسر أو يسر .
أبو حمزة قال : قرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين (عليه السلام) فكتبت ما فيها ثم أتيت علي بن الحسين ع فعرضت ما فيها عليه فعرفه و صححه فكان فيها بسم الله الرحمن الرحيم كفانا الله و إياكم كيد الظالمين و بغي الحاسدين و بطش الجبارين أيها المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت و أتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا المائلون إليها المفتنون بها المقتتلون عليها و على حطامها الهامد و هشيمها البائد غدا و احذروا ما حذركم الله و ازهدوا فيما زهدكم الله عز و جل فيه منها و لا تركنوا إلى ما في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار و منزل استيطان و تالله إن لكم مما فيما عليها لدليلا و تنبيها من تصريف أيامها و تغيير انقلابها و مثلاتها و تلاعبها بأهلها إنها لترفع الخميل و تضع الشريف و تورد أقواما النار غدا فهل من معتبر و مختبر و زاجر لنيته إن الأمور الواردة عليكم في كل يوم و ليلة من مسلمات الفتن و حوادث البدع و سنن الجور و بوائق الزمان و هيبة السلطان و وسوسة الشيطان لتثبط القلوب عن تنبهها و تذهلها عن موجود الهدى و معرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصمه الله فليس يعرف تصرف أيامها و تقلب حالاتها و عاقبة ضرر فتنتها إلا من عصمه الله و نهج سبيل الرشد و سلك طريق القصد ثم استعان على ذلك بالزهد فكرر الفكر و اتعظ بالعبر و ازدجر فزهد في عاجل بهجة زينة الدنيا و تجافى عن لذاتها و رغب في نعيم دائم الآخرة و سعى لها سعيها و راقب الموت و شنأ الحياة مع القوم الظالمين نظر إلى ما في الدنيا بعين نيرة حديدة أبصر حوادث الفتنة و ضلال البدع و جور الملوك الظلمة فقد لعمري استدبرتم الأمور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة و الانهماك فيما يستدلون به على تجنب الغواة و أهل البدع و البغي و الفساد في الأرض بغير الحق فاستعينوا بالله و ارجعوا إلى طاعة الله و طاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع فأطيع فالحذر الحذر من قبل الندامة و الحسرة و القدوم على الله عز و جل و الوقوف بين يديه و بالله ما صدر قوم عن معصية الله إلا إلى عذابه و ما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم و ساء مصيرهم و ما العلم بالله و العمل إلا إلفان مؤتلفان فمن عرف الله عز و جل خافه و حثه الخوف على العمل بطاعة الله و إن أرباب العلم الذين عرفوا الله فعملوا له و رغبوا إليه و قد قال الله إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله و اشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله و اغتنموا أيامها و اسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله فإن ذلك أقل للتبعة و أدنى من العذر و أرجى للنجاة و قدموا أمر الله و طاعته و طاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الأمور كلها و لا تقدموا الأمور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت من زهرة الدنيا بين يدي أمر الله و طاعته و طاعة أولي الأمر منكم و اعلموا أنكم عبيد الله و نحن معكم يحكم علينا و عليكم سيد حاكم غدا و هو موقفكم و سائلكم فأعدوا الجواب قبل الوقوف و المسألة و العرض على رب العالمين يومئذ لا تكلم نفس إلا بإذنه و اعلموا أن الله لا يصدق يومئذ كذابا و لا يكذب صادقا و لا يرد عذر مستحق و لا يعذر غير معذور له الحجة على خلقه بالرسل و بالأوصياء فاتقوا الله عباد الله و استقبلوا من إصلاح أنفسكم بطاعة الله و طاعة من تولونه فيها فلعل نادما قد ندم فيما فرط بالأمس في جنب الله و ضيع من حقوق الله عز و جل فاستغفروا الله و توبوا إليه فإنه يقبل التوبة عن عباده و يعفو عن السيئات و يعلم ما تفعلون و إياكم و صحبة العاصين و معونة الظالمين و مجاورة الفاسقين احذروا فتنتهم و تباعدوا من ساحتهم و اعلموا أنه من خالف أولياء الله و دان بغير دين الله و استبد بأمره دون أمر ولي الله كان في نار تلهب تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها و غلبت عليها شقوتها فهم موتى لا يجدون حر النار و لو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار فاعتبروا يا أولي الأبصار .
و احمدوا الله على ما هداكم و اعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته و سيرى الله عملكم ثم إليه تحشرون فانتفعوا بالعظة فتأدبوا بآداب الصالحين .
أحمد بن عمر قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) و قد أتاه رجل فقال له إنكم أهل بيت رحمة اختصكم الله عز و جل بها فقال (عليه السلام) نحن كذلك و الحمد لله لا ندخل أحدا في ضلالة و لا نخرجه من هدى لأن الدنيا لا تذهب حتى يبعث الله عز و جل رجلا منا أهل البيت يعمل بكتاب الله و لا يرى منكرا إلا أنكره .
قال أحمد بن نصر : قدم إلي مجوسي لأضربه فقال يا هذا اضرب بقدر ما تقوى عليه يريد القصاص في الآخرة فتركته و تركت عمل السلطان أدبه يزجرك و هديه يهجرك .
التقى ملكان فتساءلا فقال أحدهما أمرت بسوق حوت اشتهاه فلان اليهودي و قال الآخر أمرت بإهراق زيت اشتهاه فلان العابد .
محمد بن إسماعيل الهمداني عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين يوصي أصحابه و يقول أوصيكم بتقوى الله فإنها غبطة للطالب الراجي و استشعروا التقوى شعارا باطنا و اذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة و تسلكوا به طريق النجاة انظروا في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها فإنها تزيل الثاوي الساكن و تفجع المترف الآمن لا يرجى منها ما تولى و أدبر و لا يدرى ما هو آت فينتظر وصل الرخاء منها بالبلاء و البقاء منها إلى فناء فسرورها مشوب بالحزن فيها إلى الضعف و الوهن فهي كروضة اعتم مرعاها فأعجبت من يراها عذب شربها طيبة تربتها يبهج عروقها الثرى و ينظف فروعها الندى حتى إذا بلغ العشب إبانه و استوى نباته هاجت ريح تحت الورق و تفرق ما اتسق فأصبحت كما قال الله عز و جل هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً انظروا في الدنيا في كثرة ما يعجبكم و قلة ما ينفعكم .
و من كلامه (عليه السلام) : أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الإسلام و لا كرم أعز من التقوى و لا معقل أحرز من الورع و لا شفيع أنجح من التوبة و لا لباس أجمل من العافية و لا وقاية أمنع من السلامة و لا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة و لا كنز أغنى من القنوع و من اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة و تبوأ خفض الدعة و الرغبة مفتاح التعب و الاحتكار مطية النصب و الحسد آفة الدين و الحرص داع إلى التقحم في الذنوب و هو داعي الحرمان و البغي سائق إلى الجبن و الشره جامع لمساوي العيوب رب طمع خائب و أمل كاذب يؤدي إلى الحرمان و تجارة تئول إلى الخسران لا جمال أزين من العقل و لا سوأة أسوء من الكذب و لا حافظ أحفظ من الصمت و لا غائب أقرب من الموت أيها الناس من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره و من رضي برزق الله عز و جل لم يأسف على ما في يد غيره و من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته و من نسي زلله استعظم زلل غيره و من أعجب برأيه ضل و من استغنى بعقله زل و من تكبر عن الناس ذل و من حمل ما لا يطيق عجز يا أيها الناس إنه لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل و اعلموا أيها الناس أنه من لم يملك لسانه يندم و من لم يعلم يجهل و من يكسب مالا من غير حله يصرفه في غير حقه و من لم يدع و هو محمود يدع و هو مذموم و من لم يعط قاعدا منع قائما و من عاند الحق لزمه الوهن و من تفقه وقر و في التجارب علم مستأنف و الاعتبار يقود إلى الرشاد و كفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك و عليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه و من استقبل في وجوه الآراء عرف مواقع الخطإ و من حصن شهوته فقد صان قدره و في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال و الأيام توضح لك السرائر الكامنة و ليس في البرق الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة و من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار و الهيبة و أشرف الغنى ترك المنى و الصبر جنة من الفاقة وصول معدم خير من جاف مكثر الموعظة كهف لمن وعاها و من ضاق خلقه ملة أهله و قل ما تصدقك الأمنية و التواضع يكسوك المهابة و في خلاف النفس رشدك و من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد إلا و أن مع كل جرعة شرقا و في كل أكلة غصصا و لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى و لكل رمق قوت و لكل حبة آكل و أنت قوت الموت و اعلموا أيها الناس أنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها و الليل و النهار يسارعان في هدم الأعمار إياك و الخديعة فإنها من خلق اللئام ليس كل طالب يصيب و لا كل غائب يئوب من أسرع في المسير أدرك المقيل استر عورة أخيك لما يعلمها فيك من غضب على من لا يقدر على ضره طال حزنه و عذب نفسه من خاف ربه كف ظلمه من لم يعرف الخير من الشر فهو كمنزلة البهيمة إن من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا هيهات هيهات ما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي و الذنوب فما أقرب الراحة من التعب و البؤس من النعيم و ما شر بشر بعده الجنة و ما خير بخير بعده النار و كل نعيم دون الجنة محقور و كل بلاء دون النار عافية و تصفية العمل أشد من العمل و تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد هيهات لو لا التقى لكنت أدهى العرب .
و من كلامه أيضا (عليه السلام) : ألا و إني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون و كباب حطة في بني إسرائيل و كسفينة نوح (عليه السلام) في قوم نوح و إني النبأ الأعظم و الصديق الأكبر و عن قليل ستعلمون ما توعدون و هل هي إلا كلعقة الآكل و مذقة الشارب و خفقة الوسنان .
و من كلام أبي عبد الله جعفر بن محمد ع لبعض أصحابه : إذا رأيت السلطان يحتكر الطعام و رأيت أموال ذي القربى يقسم في الزور و يتقامر بها و يشرب بها الخمور و رأيت الخمر يتداوى بها و توصف للمريض يستشفي بها و رأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و ترك التدين به و رأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى و لا يعمل القائل بما يأمر و رأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها و رأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله عز و جل تعطى لطلب الناس و رأيت الناس همتهم بطونهم و فروجهم لا يبالون بما أكلوا و ما نكحوا و رأيت الدنيا مقبلة عليهم و رأيت أعلام الحق قد درست فكن على حذر و اطلب إلى الله عز و جل النجاة و اعلم أن الناس في سخط الله عز و جل و إنما يمهل لهم لأمر يراد بهم فكن متوقيا و اجتهد ليراك الله عز و جل في خلاف ما هم عليه فإن نزل بهم العذاب فكنت فيهم عجلت إلى رحمة الله عز و جل و إن أخرت ابتلوا و كنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله عز و جل و اعلم أن الله تبارك و تعالى لا يضيع أجر المحسنين و أن رحمة الله قريب من المحسنين .
علي بن عيسى رفعه قال : إن موسى (عليه السلام) ناجى الله تبارك و تعالى فقال له في مناجاته يا موسى لا تطول في الدنيا أملك فيقسو قلبك و قاسي القلب مني بعيد و أمت قلبك بالخشية و كن خلق الثياب جديد القلب تخفى على أهل الأرض و تعرف في أهل السماء حلس البيوت مصباح الظلم و اقنت بين يدي قنوت الصابرين و صح إلي من كثرة الذنوب صياح الهارب من عدوه و استعن بي على ذلك فإني نعم العون و نعم المستعان يا موسى إني أنا الله فوق العباد و العباد دوني و كل لي داخرون فاتهم نفسك على نفسك و لا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين يا موسى اغسل و اغتسل و اقترب من عبادي الصالحين أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى ابن مريم صاحب الأتان و البرنس و الزيت و الزيتون و المحراب و من بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر فمثله في كتابك أنه مؤمن و مهيمن على الكتب كلها و أنه راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين و أنصاره قوم آخرون يكون في زمانه أزل و زلزال و قتل و قلة من المال و كذلك اسمه أحمد و محمد الأمين من الباقين من ثلة الأولين الماضين يؤمن بالكتب كلها و يصدق جميع المرسلين و يشهد بالإخلاص لجميع النبيين أمته مرحومة مباركة ما بقوا في الدين على حقائقه لهم ساعات موقتات يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى سيده نافلته فبه و صدق و منهاجه فاتبع فإنه أخوك يا موسى فإنه أمي و هو عبد صدق مبارك له فيما وضع يده عليه و يبارك عليه كذلك كان في علمي و كذلك خلقته به أفتح الساعة و بأمته أختم مفاتيح الدنيا فمر بني إسرائيل أن لا يدرسوا اسمه و أن لا يخذلوه و إنهم الفاعلون و حبه لي حسنة فأنا معه و أنا من حزبه و هو من حزبي و حزبي هم الغالبون فتمت كلماتي لأظهرن دينه على الأديان و لأعبدن بكل مكان و لأنزلن عليه فرقانا شفاء لما في الصدور من نفث الشيطان فصل عليه يا ابن عمران فأني أصلي عليه و ملائكتي يا موسى أنت عبدي و أنا إلهك لا تستذل الحقير الفقير و لا تغبط الغني بشيء يسير و كن عند ذكري خاشعا و عند تلاوته برحمتي طامعا و أسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين اطمأن عند ذكري و ذكر بي من يطمئن إلي و اعبدني و لا تشرك بي شيئا و تحر مسرتي إني أنا السيد الكبير إني خلقتك من نطفة من ماء مهين من طين أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة فكانت بشرا فأنا صانعها بشرا فتبارك وجهي و تقدس صنعي ليس كمثلي شيء و أنا الحي الدائم لا أزول يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا و عفر وجهك في التراب و اسجد لي بمكارم بدنك و اقنت بين يدي في القيام و ناجني حين تناجيني بخشية من قلب و أحي بتوراتي أيام الحياة و علم الجهال محامدي و ذكرهم آلائي و نعمتي و قل لهم لا يتمادون في غي ما هم فيه فإن أخذي أليم شديد يا موسى إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري و اعبدني و قم بين يدي مقام العبد الحقير ذم نفسك فهي أولى بالذم و لا تتطاول بكتابي على بني إسرائيل و كفى بهذا واعظا لقلبك و منيرا و هو كلام رب العالمين جل و تعالى يا موسى متى دعوتني و رجوتني فإني سأغفر لك ما كان منك السماء تسبح لي وجلا و الأرض تسبح لي طمعا و كل الخلق يسبحون لي داخرين ثم عليك بالصلاة الصلاة فإنها مني بمكان عظيم و لها عندي عهد وثيق و ألحق بها ما هو منها زكاة القربان من طيب المال و الطعام فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي و أقرن مع ذلك صلة الأرحام فإني أنا الرحمن الرحيم و الرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد و لها عندي سلطان في معاد الآخرة و أنا قاطع من قطعها واصل من وصلها و كذلك أفعل بمن ضيع أمري يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو عطاء يسير فإنه يأتيك من ليس بإنس و لا جان ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما وليتك و كيف مواساتك فيما خولتك فاخشع لي بالتضرع و اهتف لي بولولة الكتاب و اعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه المبلغ به شرف المنازل و ذلك من فضلي عليك و على آبائك الأولين يا موسى لا تنسني على كل حال و لا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلب و مع كثرة المال كثرة الذنوب الأرض مطيعة و السماء مطيعة و البحار مطيعة و عصياني شقاء الثقلين و أنا الرحمن الرحيم رحمان كل زمان آت بالشدة بعد الرخاء و الرخاء بعد الشدة و بالملوك بعد الملوك و ملكي قائم دائم لا يزول و لا يخفى علي شيء في الأرض و لا في السماء و كيف يخفى علي ما مني مبدؤه و كيف لا يكون همك فيما عندي و إلي ترجع لا محالة يا موسى اجعلني حرزك و ضع عندي كنزك من الصالحات و خفني و لا تخف غيري و إلي المصير يا موسى ارحم من هو أسفل منك في الخلق و لا تحسد من هو فوقك فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب يا موسى ضع الكبر و دع الفخر و اذكر إنك ساكن القبور فليمنعك ذلك من الشهوات يا موسى عجل التوبة و أخر الذنب و تأن في المكث بين يدي في الصلاة و لا ترج غيري اتخذني جنة للشدائد و حصنا لملمات الأمور يا موسى نافس في الخير أهله فإن الخير كاسمه و دع الشر لكل مفتون يا موسى اجعل لسانك وراء قلبك تسلم و أكثر ذكري بالليل و النهار تغنم و لا تتبع الخطايا فتندم فإن الخطايا موعدها النار يا موسى أطب الكلام لأهل الترك للذنوب و كن لهم جليسا و اتخذهم لغيبك إخوانا و جد معهم يجدون معك يا موسى الموت لاقيك لا محالة فتزود زاد من هو على أن يتزود قادر يا موسى ما أريد به وجهي فكثير قليله و ما أريد به غيري فقليل كثيره و إن أصلح يومك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو فأعد له الجواب فإنك موقوف و مسئول و خذ موعظتك من الدهر و أهله فإن الدهر طويله قصير و قصيره طويل و كل شيء فان فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة فإن ما بقي من الدنيا كما ولي منها و كل عامل يعمل على بصيرة و مثال فكن مرتادا لنفسك يا ابن عمران لعلك تفوز غدا يوم السؤال فهنالك يخسر المبطلون يا موسى ألق كفيك ذلا بين يدي كفعل العبد المستصرخ إلى سيده فإنك إذا فعلت ذلك رحمت و أنا أكرم القادرين للعائذين يا موسى سلني من فضلي و رحمتي فإنهما بيدي لا يملكهما غيري و انظر حين تسألني كيف رغبتك فيما عندي لكل عامل جزاء و قد يجزى الكفور بما سعى يا موسى طب نفسا عن الدنيا و انطو عنها فإنها ليست لك و لست لها ما لك و لدار الظالمين إلا العامل فيها بالخير فإنها له نعمت الدار يا موسى ما آمرك به فاسمع و مهما أراه فاصنع خذ حقائق التوراة إلى صدرك و تيقظ بها في ساعات الليل و النهار و لا تمكن أبناء الدنيا من صدرك فيجعلونه وكرا كوكر الطير يا موسى الدنيا و أهلها فتن بعضهم لبعض فكل مزين له ما هو فيه و المؤمن زينت له الآخرة فهو ينظر إليها فما يفتر قد حالت شهوتها بينه و بين لذة العيش فأدلجته بالأسحار كفعل الراكب السابق إلى غايته يظل كئيبا و يمسي حزينا فطوبى له لو قد كشف الغطاء ما ذا يعاين من السرور يا موسى الدنيا نطفة ليست بثواب المؤمن و لا نقمة من فاجر فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم يبق و بلعبة لم تدم و كذلك فكن كما أمرتك فكل أمري رشاد يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت لي عقوبته و إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين و لا تكن جبارا ظلوما و لا تكن للظالمين قرينا يا موسى صرخ الكتاب إليك صراخا بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هدء العيون أم كيف يجد قوم لذة العيش و لو لا التمادي في الغفلة و التتابع في الشهوة و من دون هذا يجزع الصديقون فادعني بالقلب التقي و اللسان الصادق كن كما أمرتك أطع أمري و لا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدأه و تقرب إلي فإني منك قريب فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله و لا حمله إنما سألتك أن تدعوني فإني أجيبك و أن تسألني فأعطيك و أن تقرب إلي بما مني أخذت تأويله و علي تمام تنزيله يا موسى انظر إلى الأرض فإنها عن قريب قبرك و ارفع رأسك إلى السماء فإن فوقك ملكا عظيما و ابك على نفسك ما دمت في الدنيا و تخوف العطف و المهالك و لا يغرنك زينة الدنيا و زهرتها و لا ترض بالظلم و لا تكن ظالما فإني للظالمين رصيد حتى آخذ منهم للمظلومين يا موسى إن الحسنة عشرة أضعاف و من السيئة الواحدة الهلاك لا تشرك بي لا يحل لك أن تشرك بي قارب و سدد و ادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي النادم على ما قدمت يداه فإن سواد الليل يمحوه النهار و كذلك السيئة تمحوها الحسنة و غشوة الليل تأتي على ضوء النهار و كذلك السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسودها .
أحمد بن الحسن الميثمي عن رجل من أصحابه قال : قرأت جوابا عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى رجل من أصحابه أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز و جل فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب و يرزقه من حيث لا يحتسب فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم و يأمن العقوبة من ذنبه فإن الله عز و جل لا يخدع عن جنته و لا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله .
عن أبي حمزة عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال : كان يقول إن أحبكم إلى الله عز و جل أحسنكم عملا و إن أعظمكم عند الله عملا أعظمكم فيما عنده رغبة و إن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله و إن أقربكم إلى الله أوسعكم خلقا و إن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله و إن أكرمكم عند الله جل و عز أتقاكم لله .
عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله جعفر (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ليأتين على الناس زمان يظرف فيه الفاجر و يقرب فيه الماحل و يضعف فيه المنصف قال فقيل له متى ذلك يا أمير المؤمنين قال إذا اتخذت الأمانة مغنما و الزكاة مغرما و العبادة استطالة و الصلة منا فقيل متى ذلك يا أمير المؤمنين فقال إذا تسلطن النساء و سلطن الإماء و أمر الصبيان .
عن سعيد بن المسيب قال : كان علي بن الحسين يعظ الناس و يزهدهم في الدنيا و يرغبهم في الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) و حفظ عنه و كتب كان يقول أيها الناس اتقوا الله و اعلموا أنكم إليه ترجعون فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا ثم قال : قال الله وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ .
ويحك يا ابن آدم الغافل و ليس بمغفول عنه ; ابن آدم , إن أجلك أسرع شيء إليك قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك و يوشك أن يدركك و كان قد أوفيت أجلك و قبض الملك روحك و صرت إلى قبرك وحيدا فريدا فردت إليك روحك و اقتحم عليك فيه ملكان منكر و نكير لمسائلتك و شديد امتحانك ألا و إن أول ما يسائلانك عن ربك الذي كنت تعبده و عن نبيك الذي أرسل إليك و عن دينك الذي كنت تدين به و عن كتابك الذي كنت تتلوه و عن إمامك الذي كنت تتولاه ثم عن عمرك فيما أفنيته و مالك من أين اكتسبته و فيما أنفقته فخذ حذرك و انظر لنفسك و أعد الجواب قبل الامتحان و المساءلة و الاختبار فإن تك مؤمنا عارفا بدينك متبعا للصادقين مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك و أنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب و بشرت بالجنة و الرضوان من الله جل و عز و استقبلتك الملائكة بالروح و الريحان و إن لم تكن كذلك تلجلج لسانك و دحضت حجتك و عييت عن الجواب و بشرت بالنار و استقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم و تصلية جحيم و اعلم ابن آدم أن من وراء هذا أعظم و أفظع و أوجع للقلوب يوم القيامة و ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود يجمع الله عز و جل فيه الأولين و الآخرين ذلك يوم ينفخ في الصور و تبعثر فيه القبور و ذلك يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ذلك يوم لا يقال فيه عثرة و لا يؤخذ من أحد فدية و لا يقبل من أحد معذرة و لا لأحد فيه مستقبل توبة ليس إلا الجزاء بالحسنات و الجزاء بالسيئات فمن كان من المؤمنين و عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده و من كان من المؤمنين و عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده و احذروا أيها الناس من الذنوب و المعاصي ما قد نهاكم الله عز و جل عنها و حذركموها في كتابه الصادق و البيان الناطق و لا تأمنوا مكر الله و تحذيره عند ما يدعوكم الشيطان اللعين إليه من عاجل الشهوات و اللذات في هذه الدنيا فإن الله عز و جل يقول إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ فأشعروا قلوبكم خوف الله عز و جل و تذكروا بما قد وعدكم الله عز و جل في مرجعكم إليه من حسن ثوابه كما قد خوفكم من شديد العقاب فإنه من خاف شيئا حذره و من حذر شيئا تركه و لا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الحياة الدنيا الذين مكروا السيئات فإن الله عز و جل يقول في محكم كتابه أفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ و احذروا ما حذركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه و لا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في الكتاب تالله لقد وعظكم الله بغيركم فإن السعيد من وعظ بغيره و لقد أسمعكم الله جل و عز في كتابه بما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال تبارك و تعالى وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً و إنما عنى بالقرية أهلها حيث قال وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ و قال عز و جل فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يعني يهربون قال لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ فلما أتاهم العذاب قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ و ايم الله إن هذه موعظة لكم و تخويف إن اتعظتم و خفتم ثم رجع القول من الله عز و جل في الكتاب على أهل المعاصي و الذنوب فقال وَ لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فإن قلتم أيها الناس إن الله عز و جل إنما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذلك و هو يقول وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ .
و اعلموا عباد الله أن أهل الشرك لا ينصب لهم الموازين و لا ينشر لهم الدواوين و إنما يحشرون إلى جهنم زمرا و أنما ينصب الموازين و ينشر الدواوين لأهل الإسلام فاتقوا الله عباد الله و اعلموا أن الله عز و جل لم يحب زهرة الدنيا و عاجلها لأحد من أوليائه و لم يرغبهم فيها و في عاجل زهرتها و ظاهر بهجتها و إنما خلق الله الدنيا و خلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرتهم و ايم الله لقد ضرب لكم فيه الأمثال و صرف الآيات لقوم يعقلون و لا قوة إلا بالله فازهدوا بما زهدكم الله عز و جل فيه من عاجل الحياة الدنيا فإن الله تبارك و تعالى يقول و قوله الحق إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكرون و لا تركنوا إلى الدنيا فإن الله جل و عز قال لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ و لا تركنوا إلى زهرة الدنيا و ما فيها ركون من اتخذها دار قرار و منزل استيطان فإنها دار بلغة و منزل قلعة و دار عمل فتزودوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها و قبل الإذن من الله عز و جل في خرابها فكان قد أخربها الذي عمرها أول مرة و ابتدأها و هو ولي ميراثها فاسأل الله لي و لكم العون على تزود التقوى و الزهد فيها جعلنا الله و إياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا الراغبين لأجل ثواب الآخرة فإنما نحن به و له و صلى الله على النبي و على أهل بيته و سلم تسليما و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول كان في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني ثم قال اللهم أعنه أما الأولى فالصدق لا تخرجن من فيك كذبة أبدا و الثانية الورع لا تجتر على خيانة أبدا و الثالثة الخوف من الله عز و جل كأنك تراه و الرابعة كثرة البكاء من خشية الله عز و جل يبنى لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة و الخامسة بذلك مالك و دمك دون دينك و السادسة الأخذ بسنتي في صلاتي و صومي و صدقتي أما الصلاة فالخمسون ركعة و أما الصيام فثلاثة أيام في الشهر الخميس في أوله و الأربعاء في وسطه و الخميس في آخره و أما الصدقة فجهدك حتى تقول قد أسرفت و لم تسرف و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الليل و عليك بصلاة الزوال و عليك بصلاة الزوال و عليك بصلاة الزوال و عليك بتلاوة القرآن على كل حال و عليك برفع يديك في صلواتك و تقلبهما و عليك بالسواك عند كل وضوء و عليك بمحاسن الأخلاق فارتكبها و مساوي الأخلاق فاجتنبها فإن لم تفعل فلا تلومن إلا نفسك .
بريد بن معاوية قال : كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) في فسطاطه بمنى فنظر إلى زياد الأسود منقلع الرجلين فرثى له و قال ما لرجليك هكذا قال جئت على بكر لي نضو و كنت أمشي عنه عامة الطريق فرثا له فقال عند ذلك زياد إني ألم بالذنوب فقال أبو جعفر (عليه السلام) و هل الدين إلا الحب قال الله تعالى حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ و قال إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ و قال يحبون من هاجر إليكم إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله أحب المصلين و لا أصلي و أحب الصوامين و لا أصوم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنت مع من أحببت و لك ما اكتسبت ثم قال (عليه السلام) ما تبتغون و ما تريدون أما إنها لو كانت فزعة من السماء فزع كل قوم إلى مأمنهم و فزعنا إلى نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) و فزعتم إلينا .
قال أمير المؤمنين : إن من الغرة بالله أن يصر العبد على المعصية و يتمنى على الله المغفرة .
ابن السكيت النحوي : قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) يقول قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إياكم و الألظاظ بالمني فإنها بضائع الفجرة .