قيل تقرأ و الصافات فإنها لم تقرأ عند مكروب إلا عجل الله عز و جل راحته و إذا قضى فقل إنا لله و إنا إليه راجعون اللهم اكتبه عندك في المحسنين و ارفع درجته في عليين و اخلف على عقبه في الغابرين و نحتسبه عندك يا رب العالمين.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أبغض الناس فقراءهم و أظهروا عمارة أسواقهم و تباركوا على جمع الدراهم رماهم الله بأربع خصال بالقحط من الزمان و الجور من السلطان و الخيانة من ولاة الحكام و الشوكة من العدوان.
أبو الدرداء : التمسوا الخير دهركم و توسموا به ما استطعتم و تعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله ذخائر يصيب بها من يشاء من عباده و أسأل الله أن يستر العورة و يؤمن الروعة .
إبراهيم بن أدهم قال لصاحبه : أ لك عيال قال نعم فقال روعة تروعك من عيالك أفضل مما أنا فيه .
قال بعضهم : كان الناس في الصدر الأول لا يقول أحد لأحد كيف أصبحت و كيف أمسيت إلا و قد عزم إن رأى به مكروها غيره .
في تفسير قوله وَ أَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ فهو أجل موتهم فيدعوهم ذلك إلى أن يحتاطوا لدينهم و لأنفسهم فيما يصيرون إليه بعد الموت من أمور الآخرة فيزهدهم في الدنيا و فيما يطلبونه من فخرها و شرفها و عزها .
و في التفسير أيضا في قوله تعالى وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً عن الحسن و السدي و مجاهد و ابن عباس رضي الله عنهم نزلت هذه الآية في أهل الجمل و قال قتادة و قال الزبير نزلت و ما يرى أحد منا يقع فيها ثم خلفنا حتى أصابتنا خاصة .
و روي ذلك عن الزبير من جهات : روت أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال إنما أنا بشر مثلكم و إنكم تختصمون إلي و لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار.
و روي عنه (عليه السلام) أنه قال : ليأتين على الناس زمان لا يبالي الرجل بم يأخذ مال أخيه بحلال أو حرام .
و قال (عليه السلام) : لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا و لا لاعبا من أخذ عصا أخيه فليردها إليه .
و قال (عليه السلام) : حرمة مال المسلم كحرمة دمه.
روى أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف أنعم و قد التقم صاحب القرن القرن و جثى جثيته و أصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ قالوا كيف نقول يا رسول الله قال قولوا حسبنا الله و نعم الوكيل.
من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن الله يسألكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم و الكبيرة الظاهرة و المستورة فإن يعذبكم فأنتم أظلم و إن يعف فهو أكرم و اعلموا عباد الله أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا و آجل الآخرة فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت و أكلوها بأفضل ما أكلت فحظوا من الدنيا بما حظي بها المترفون و أخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ و المتجر الرابح أصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم و تيقنوا أنهم جيران الله غدا في آخرتهم لا ترد لهم دعوة و لا ينقص لهم نصيب من لذة فاحذروا عباد الله الموت و قربه و أعدوا له عدته فإنه يأتي بأمر عظيم و خطب جليل بخير لا يكون معه شر أبدا و شر لا يكون معه خير أبدا فمن أقرب من الجنة من عاملها و من أقرب من النار من عاملها و أنتم طرداء للموت فإن أقمتم له أخذكم و إن فررتم منه أدرككم و هو ألزم لكم من ظلكم الموت معقود بنواصيكم و الدنيا تطوى من خلفكم فاحذروا نارا قعرها بعيد و حرها شديد و عذابها جديد دار ليس فيها رحمة و لا تسمع فيها دعوة و لا يفرج فيها كربة فإن استطعتم أن يشتد خوفكم من الله و أن يحسن ظنكم به فاجمعوا ما بينهما فإن العبد إنما يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه و إن أحسن الناس ظنا بالله أشدهم خوفا له .
قوله تعالى وَ أَرِنا مَناسِكَنا قيل فيه وجهان أحدهما يكون من رؤية البصر و الآخر من رؤية القلب بمعنى أعلمنا .
قال حطايط :
أريني جوادا مات هزلا لعلني *** أرى ما تراه أو بخيلا مخلدا
ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كونوا دعاة للناس إلى الخير بغير ألسنتكم ليروا منكم الاجتهاد و الصدق و الورع .
عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) أنه قال لرجل من أصحابه : يا فلان اتق الله و قل الحق و لو كان فيه هلاكك فإن فيه نجاتك يا فلان اتق الله و دع الباطل و إن كان فيه نجاتك فإن فيه هلاكك .
موسى بن بكر الواسطي عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال : إن أهل الأرض لمرحومون ما تحابوا و أدوا الأمانة و عملوا الحق.
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال الأمانة غنى.
و قال (عليه السلام) : اتقوا الله و أدوا الأمانات إلى الأبيض و الأسود و إن كان حروريا أو كان شاميا .
و عنه : (عليه السلام) قال أدوا الأمانة فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يؤدي الخيط و المخيط .
و قال (عليه السلام) : إن ضارب علي بالسيف و قاتله لو ائتمنني و استنصحني و استشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت إليه الأمانة.
و عنه (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إياكم و دعوة الوالد فإنها ترفع فوق السحاب يقول الله عز و جل ارفعوها إلي حتى استجيب له و إياكم و دعوة الوالدة فإنها أحد من السيف.
سدير قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) هل يجزي الولد والده فقال ليس له جزاء إلا في خصلتين يكون الوالد مملوكا فيشتريه فيعتقه أو يكون عليه دين فيقضيه عنه .
عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اتقوا الله و أجملوا في الطلب و لا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية الله .
ابن فضال عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال : ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيع و دون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن إليها و لكن انزل نفسك من ذلك بمنزلة المنصف المتعفف ترفع نفسك عن منزلة الواهي الضعيف و تكتسب ما لا بد للمؤمن منه إن الذين أعطوا المال ثم لم يشكروا لا مال لهم .
ابن جمهور عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما يقول اعلموا علما يقينا أن الله تعالى لم يجعل للعبد و إن اشتد جهده و عظمت حيلته و كثرت مكايدته أن يسبق ما سمي في الذكر الحكيم أيها الناس إنه لن يزداد امرؤ نقيرا بحذقه و لن ينقص امرؤ نقيرا لحمقه فالعالم بهذا العامل به أعظم راحة في منفعة و العالم بهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرة و رب منعم عليه مستدرج بالإحسان إليه و رب مغرور في الناس مصنوع له فارفق أيها الساعي من سعيك و أقصر من عجلتك و انتبه من سنة غفلتك و تفكر فيما جاء عن الله عز و جل على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) و احتفظوا بهذه الحروف السبعة فإنها من قول أهل الحجى و من عزائم الله في الذكر الحكيم إنه ليس لأحد أن يلقى الله عز و جل بخلة من هذا لخلال الشرك بالله فيما افترض عليه أو شفاء غيظ بهلاك نفسه أو أمر بأمر يعمل بغيره أو استنجح إلى مخلوق بإظهار بدعة في دينه أو سره أن يحمده الناس بما لم يفعل و المتجبر المختال و صاحب الأبهة.
عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إن الله وسع أرزاق الحمقى ليعتبر العقلاء و يعلموا أن الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل و لا حيلة.
سلمة بن كهيل قال : سمعت عليا (عليه السلام) يقول لشريح سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول مطل المسلم الموسر ظلم للمسلمين .
و اعلم أنه لا يحمل الناس على الحق إلا من ردعهم عن الباطل .
بعضهم لقد أتعبك من أكرمك إن كنت كريما و لقد أراحك من أهانك إن كنت عاقلا.
لبعضهم .
يلقى الأمان على حياض محمد *** ثولاء مخرفة و ذئب أطلس
لا ذي تخاف و لا لذاك جرامة *** تهدى الرعية ما استقام الريس
في قوله سبحانه و تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ قيل إذا استوت السريرة و العلانية فذلك العدل و إن كانت السريرة أحسن من العلانية فذلك الإحسان و إن كانت العلانية أحسن من السريرة فذلك العدوان .
و قيل من راقب الله في خطرات قلبه عصمه الله في حركات جوارحه .
قيل لا بد للخمسة من الخمسة و لا بد لتلك الخمسة من النار لا بد للتاجر من الكذب و لا بد للكاذب من النار و لا بد لمن داس بساط السلطان من الكلام بهواهم و لا بد لصاحب الهوى من النار و لا بد لمن مازح الجواري و الغلمان من الزنا و لا بد للزاني من النار و لا بد لمن لبس الثياب المرتفعة من الكبر و لا بد للمتكبر من النار و لا بد لمن شرب المثلث من السكر و لا بد لمن شرب المسكر من النار .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : الأيمان ثلاثة يمين ليس فيها كفارة و يمين فيها كفارة و يمين غموس توجب النار فاليمين التي ليس فيها كفارة الرجل يحلف على باب بر ألا يفعله فكفارته أن يفعله و اليمين التي تجب فيها الكفارة الرجل يحلف على باب معصية إلا يفعله ففعله فيجب عليه فيه الكفارة و اليمين الغموس التي توجب النار يحلف على حق امرئ مسلم على حبس ماله .
السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال : أوحى الله عز و جل إلى نبي من الأنبياء قل لقومك لا تلبسوا ملابس أعدائي و لا تطعموا مطاعم أعدائي و لا تسلكوا مسالك أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي .
شعر :
إن السلامة من سلمى و جارتها *** أن لا تمر على حال بواديها
قيل لو ترك العقل بغير هوى صاد و لا مألف معتاد و لا أنفة من انقياد ساق المرء إلى السداد و هجم به على الرشاد.
دخل طاوس اليماني على جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فقال له أنت طاوس قال نعم فقال طاوس طير مشئوم ما نزل بساحة قوم إلا آذنهم بالرحيل نشدتك بالله يا طاوس هل تعلم أن أحدا أقبل للعذر من الله قال اللهم لا قال (عليه السلام) فنشدتك بالله هل تعلم أن أحدا أصدق في القول ممن قال لا أقدر و لا قدرة له قال اللهم لا قال فلم لا تقبل ممن لا أقبل للعذر منه و ممن لا أصدق في القول منه قال فنفض أثوابه و قال ما بيني و بين الحق عداوة .
علي بن أعبد عون الأزدي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : السخا أن تسخو نفس العبد عن الحرام أن يطلبه فإذا ظفر بالحلال طابت نفسه أن ينفقه في طاعة الله.
و من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : البذاء من ضيق التصرف و فعل السوء من قلة الحياء .
و له (عليه السلام) و لا وجدت ذلا مثل اشتغال قلبي بفارغ القلب مني.
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : على كل مسلم صدقة قيل أ رأيت إن لم يجد قال يعمل بيديه فينفع به نفسه و يتصدق قيل أ رأيت إن لم يستطع قال يعين ذا الحاجة الملهوف قال له أ رأيت إن لم يستطع قال يأمر بالمعروف أو الخير قيل أ رأيت إن لم يفعل قال يمسك عن الشر فإنها صدقة .
قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال أشفقوا تؤجروا و يقضي الله على لسان نبيه ما أحب .
عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الجزع على المصيبة أن يعمل شيئا لم يكن يعمله أو يترك شيئا كان يعمله .
عزى رجل رجلا فقال إن كانت هذه المصيبة أحدثت لك في نفسك خيرا أو اكتسبتك أجرا و إلا فمصيبتك في نفسك أعظم من مصيبتك في ميتك .
سماعة بن مهران قال : كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول ليس بولي لي من أكل مال مؤمن حراما .
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : الصبر صبران صبر على البلاء حسن جميل أفضل الصبرين الورع عن المحارم .
و عنه عن ابن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن جميل و أحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عليك و الذكر ذكران ذكر الله عز و جل عند المصيبة و أفضل من ذلك ذكر الله عز و جل عند ما حرم الله عليك فيكون حاجزا .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : بعث الله نبيا إلى قوم فشكا إلى الله الضعف فأوحى الله عز و جل إليه أن النصر يأتيك بعد خمس عشر سنة فقال لأصحابه إن الله عز و جل أمرني بقتال بني فلان فشكوا إليه الضعف فقال لهم إن الله قد أوحى إلي أن النصر يأتيني بعد خمس عشر سنة فقالوا ما شاء الله لا حول و لا قوة إلا بالله قال فأتاهم الله بالنصر في سنتهم تلك لتفويضهم إلى الله لقولهم ما شاء الله لا حول و لا قوة إلا بالله.
عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) لما حضرت أبي علي بن الحسين (عليه السلام) الوفاة ضمني إلى صدره ثم قال لي أي بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة مما ذكر أن أباه (عليه السلام) أوصاه به أي بني اصبر على الحق و إن كان مرا .
ابن أبي سماك عن أبي عبد الله : إنه استفتاه رجل من أهل الجبل فأفتاه بخلاف ما يحب فرأى أبو عبد الله الكراهة فيه فقال يا هذا اصبر على الحق فإنه لم يصبر أحد قط على الحق إلا عوضه الله ما هو خير له .
ابن رباط قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إن أهل الحق لم يزالوا مذ كانوا في شدة أما إن ذلك في مدة قليلة و عافية طويلة.
علي بن رئاب و كرام بن عمرو الخثعمي كلاهما عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن لله عز و جل عبادا في الأرض من خالص عباده و ما تنزل من السماء تحفة إلى الأرض إلا صرفها الله عنهم و ما تنزل من السماء بلية إلا صرفها إليهم.
عن السكوني عن أبي عبد الله عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن العبد لتحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام و إنه لينظر إلى إخوانه و أزواجه في الجنة .
محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كان علي (عليه السلام) يقول إنما هو الرضا و السخط و إنما عقر الناقة رجل واحد فلما رضوا أصابهم العذاب فإذا ظهر إمام عدل فمن رضي بحكمه و أعانه على عدله فهو وليه و إذا ظهر إمام جور فمن رضي بحكمه و أعانه على جوره فهو وليه .
طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان علي (عليه السلام) يقول العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء فيه .
محمد بن عيسى قال : كتب أحمد بن حماد أبو محمود إلى أبي جعفر (عليه السلام) كتابا طويلا فأجابه في بعض كتابه أما الدنيا فنحن فيها مفترقون في البلاد و لكن من هوي هوى صاحبه و دان بدينه فهو معه و إن كان نائيا عنه و أما الآخرة فهي دار القرار .
النوفلي بإسناده : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مر على قوم و قد نصبوا دجاجة و هم يرمونها فقال من هؤلاء لعنهم الله .
جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ قال : الإصرار هو أن يذنب و لا يستغفر و لا يحدث نفسه بتوبة فذلك الإصرار.
سيف بن يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) : المقيم على الذنب و هو منه مستغفر كالمستهزئ .
ابن فضال عمن ذكره عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لا و الله ما أراد الله من الناس إلا خصلتين أن يقروا له بالنعم فيزيدهم و بالذنوب فيغفرها لهم .
و عنه : (عليه السلام) قال و الله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به.
عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أذنب ذنبا و هو ضاحك دخل النار و هو باك .
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنه قال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله و عقوق الوالدين و كان متكيا فجلس و قال ألا و قول الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه قال : أثنى رجل على رجل عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ويلك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك ثلاثا ثم قال من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل أحسب فلانا و الله حسيبه و لا أزكى على الله أحدا أحسب كذا و كذا إن كان يعلم ذلك منه .
علي بن الحكم عمن رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن داود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يا رب أخبرني بقريني في الجنة و نظيري في منازلي فأوحى الله تبارك و تعالى إليه أن ذلك متى أبا يونس قال فاستأذن الله في زيارته فأذن له فخرج هو و سليمان ابنه (عليه السلام) حتى أتيا موضعه فإذا هما ببيت من سعف فقيل لهما هو في السوق فسألا عنه فقيل لهما اطلباه في الحطابين فسألا عنه فقال لهما جماعة من الناس ننتظره الآن حتى يجيء فجلسا ينتظرانه إذ أقبل و على رأسه وقر من حطب فقام إليه الناس فألقى عنه الحطب فحمد الله و قال من يشتري طيبا بطيب فساومه واحد و زاده آخر حتى باعه من بعضهم قال فسلما عليه فقال انطلقا بنا إلى المنزل و اشترى طعاما بما كان معه ثم طحنه و عجنه في نقير له ثم أجج نارا و أوقدها ثم جعل العجين في تلك النار و جلس معهما يتحدث ثم قال و قد نضجت خبيزته فوضعها في النقير فلفها و ذر عليها ملحا و وضع إلى جنبه مطهرة مليء ماء و جلس على ركبتيه فأخذ لقمه فلما رفعها إلى فيه قال بسم الله فلما ازدردها قال الحمد لله ثم فعل ذلك بأخرى و أخرى ثم أخذ الماء فشرب منه فذكر اسم الله فلما وضعه قال الحمد لله يا رب من ذا الذي أنعمت عليه و أوليته مثل ما أوليتني قد صححت بصري و سمعي و بدني و قويتني حتى ذهبت إلى شجر لم أغرسه و لم أهتم لحفظه جعلته لي رزقا و سقت لي من اشتراه مني فاشتريت بثمنه طعاما لم أزرعه و سخرت لي النار فأنضجته و جعلتني آكله بشهوة أقوى بها على طاعتك فلك الحمد قال ثم بكى فقال داود لسليمان يا بني قم فانصرف بنا فإني لم أر عبدا قط أشكر لله من هذا صلى الله عليه و عليهما .
وجدت في كتاب غريب الحديث لابن قتيبة الدينوري في حديث علي (عليه السلام) و قد ذكر المهدي من أولاد الحسن (عليه السلام) فقال : رجلا أجلى الجبين أقنى الأنف ضخم البطن أزيل الفخذين أفلج الثنايا بفخذه اليمنى شامة الزيل التباعدبين الفخذين.
روى بعض أصحابنا : أنه سمع بعض المحدثين ببغداد يروي الحديث أسنده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري في كتاب أعلام النبوة لابن شاهين في الجزء السادس عشر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لجابر بن عبد الله الأنصاري إنك تعيش إلى أن تدرك علي بن الحسين سيد العابدين (عليه السلام) و يولد له ولد اسمه كاسمي فأقرئه السلام مني إلا أنه أبو مهدي هذه الأمة .
في حديث معاوية : أنه رأى يزيد يضرب غلاما له فقال له سوءة لك تضرب من لا يستطيع أن يمتنع و الله لقد منعتني المقدرة من ذوي الجناة جمع جنة و هو لغة ردية و اللغة العالية أجنة .
وجدت في بعض تصانيف متكلمي المجبرة مما يتعجب منه فأحببت إثباته ليعلم ما يفضي إليه معتقدهم قال : إذا عرفت أن النظر الصحيح يفضي إلى العلم و الفاسد يفضي إلى الجهل على التفضيل الذي ذكره الإمام فاعلم أنه قد يجوز أن يفضي النظر الصحيح إلى الجهل و النظر الفاسد إلى العلم أما بيان إفضاء النظر الفاسد إلى العلم ما قال أصحابنا إن الألوان مرئية لا في مكان و كذلك يجوز أن يكون الباري تعالى مرئيا لا في جهة فهذا نظر فاسد أفضى إلى العلم بجواز الرؤية و بيان إفضاء النظر الصحيح إلى الجهل ما قالت المعتزلة فإنهم قالوا الله تعالى حكيم و الحكيم لا يفعل القبيح و الفساد و الكفر قبيح لا يكون مخلوقا لله تعالى و كذا سائر المعاصي فهذا نظر صحيح أفضى إلى الجهل .
و قالت المعتزلة : لما رأوا العادة في الحكيم هو الذي لا يفعل فعلا يتضرر به في الحال و لا في المال اعتقدوا أن هذا معنى تسمية الله تعالى حكيما و ليس كذلك إنما معنى كونه حكيما أن يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد بالله ما لهؤلاء نظر غير أن الهوى يعمي و يصم عن الحق إنما معنى يفعل ما يشاء أي هو القادر المتمكن الذي لا يعجزه شيء و لا يمتنع عليه شيء و يحكم ما يريد أي ما تدعو إليه الحكمة و الحكمة تدعو إلى فعل الحسن و ترك القبيح و هذا من شأن الحكيم أن لا يفعل إلا صوابا تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
من كتاب الغريبين للهروي في حديث علي ع : لنا حق إن نعطه نأخذه و إن نمنعه نركب أعجاز الإبل و إن طال السرى .
قال القتيبي : أعجاز الإبل مأخرها جمع عجز و هو مركب شاق و معناه إن منعنا حقنا ركبنا مركب المشقة صابرين عليه .
قال الأزهري : لم يرد علي (عليه السلام) ركوب المشقة و لكنه ضرب أعجاز الإبل مثلا لتقدم غيره عليه و تأخيره عن الحق الذي كان يراه فيقول (عليه السلام) إن قدمنا للإمامة تقدمنا و إن أخرنا عنها صبرنا على الأثرة و إن طالت الأيام .
و في حديث : أن رجلا جاء عمر بخصمه مكتوفا فقال عمر أ تعترسه و يقول أ تقهره من غير حكم أوجب ما يفعله و العترسة الغضب و المحدثون يصحفون فيقولون أ بغير بينة. و قوله تعالى عَلى شَفا جُرُفٍ أي على حرف جرف و مثله قوله عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ يقال أشفى على الهلال إذا أشرف عليه و شفا كل شيء حرفه و شفوان اثنان و الجمع ممدود في حديث ابن رمل فاشفوا على المرح أي أشرفوا عليه قال القتيبي و لا يكاد يأتي أشفى إلا في الشر .
و في حديث آخر : و قد أشفى على الموت .
يقال أشفى على الشيء و أشاف عليه إذا قاربه .
و في حديث ابن عباس رضي الله عنه : ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و لو لا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شفا أي إلا خطبة من الناس لا يجدون شيئا قليلا يستحلون به الفرج.
و في حديث عمر : إذا اؤتمن أذي و إذا أشفى ورع يقول إذا أشفى و أشرف على مال يأخذه كف أو إلى معصية ورع .
و منه الحديث : لا تنظروا إلى صوم الرجل و صلاته و لكن انظروا إلى ورعه إذا أشفى يريد إذا أشرف على الدنيا .
و في حديث عمر نهى عن متعة الحج و قال : قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد فعله و لكن كرهت أن يضلوا بهن معرسين أي ملمين بنسائهم و هذا مخفف و أما التعريس فهو نومة المسافر بعد إدلاج الليل .
و في حديث ابن مسيب : رحم الله عمر لو لم ينه عن المتعة لاتخذها الناس دلسا أي ذريعة إلى الزنا مدلسته و التدليس إخفاء العيب .
في حديث : أنه كان يسجد على الخمرة يعني هذه السجادة و هي مقدار ما يقع عليه الرجل وجهه في سجوده من حصير أو نسجة من خوص .
و في الحديث أنه كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لنسائه : ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ينبحها كلاب الحوأب .
قيل أراد الأدب فأظهر التضعيف و الأدب الكثير الوبر يقال جمل أدب إذا كان كثير الدبب و الدبب كثرة شعر الوجه و زغبه .
قيل عسى من الله واجب و وجه ذلك أن إطماع الكريم إنجاز و إنما الإطماع تقوية أحد الأمرين على الآخر دون قيام الدليل على التكافي في الجواز و خروج عسى في هذا من معنى الشك كخروجها في قول القائل أطع ربك في كل ما أمرك به و نهاك عنه عسى أن تفلح بطاعتك .
من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : شتان بين عملين عمل تفنى لذته و تبقى تبعته و عمل تذهب مئونته و يبقى أجره.
لبعضهم.
إذا مت كان الناس صنفان شامت *** و آخر مثن بالذي كنت أصنع
حدثني الشيخ المقري محمد بن محمد بن هارون المعروف بابن الكيال قال أخبرنا أبو المعالي الفضل بن سهل بن بشر الأسفرائني قراءة عليه و أنا حاضر أسمع قال أخبرنا الخطيب أبو بكر التبريزي قال أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين أخو أبي محمد الخلال قال حدثني أبو صادق أحمد بن محمد بن عمر الرياشي بأسترآباد قال أخبرنا أبو نعيم بن عبد الملك بن محمد بن عدي قال حدثنا أحمد بن يحيى الأودي قال حدثنا إسماعيل بن أبان عن عمرو بن حريث و كان ثقة عن داود بن سليمان عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ثم التفت إلى علي (عليه السلام) فقال هم شيعتك و أنت إمامهم .
و حدثني المقري محمد بن محمد الكيال قال أخبرنا الفضل بن سهل قال أخبرنا الخطيب أبو بكر التبريزي إجازة قال أخبرنا محمد بن أحمد بن رزقويه قال أخبرنا إسماعيل بن علي الحبطي قال حدثنا عبد الرحمن بن علي بن خشرم قال حدثني أبي قال حدثنا الفضل بن موسى قال حدثنا عمران بن مسلم عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي في قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال : جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا و فاطمة و الحسن و الحسين (عليه السلام) ثم أدار عليهم الكساء فقال هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و أم سلمة على الباب فقالت يا رسول الله أ لست منهم فقال إنك لعلى خير أو إلى خير .
و بهذا الإسناد عن الخطيب قال أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحذاء قال أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثني جدي قال حدثنا علي بن صالح بياع الأكسية عمن حدثه قال : رأيت عليا (عليه السلام) اشترى تمرا بدرهم فحمله في ملحفته فقيل له يا أمير المؤمنين أ لا نحمله عنك فقال أبو العيال أحق بحمله .
قيل : سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الخير ما هو فقال ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك و لكن الخير أن يكثر عملك و أن يعظم حلمك و أن يباهي بعبادتك ربك فإن أحسنت حمدت الله و إن أسأت استغفرت الله و لا خير في الدنيا إلا لرجلين رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة و رجل يسارع في الخيرات و لا يقل عمل مع تقوى و كيف يقل ما يتقبل .
و قال (عليه السلام) : إن أولى الناس بالأنبياء أعملهم بما جاءوا به ثم تلا (عليه السلام) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ .
و قال (عليه السلام) : إن ولي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من أطاع الله و إن بعدت لحمته و إن عدو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من عصى الله و إن قربت قرابته .
و قال (عليه السلام) : و قد سمع حروريا يتهجد و يقرأ نوم على يقين خير من صلاة في شك .
الظن و الشك و التجويز نظائر إلا أن الظن فيه قوة على أحد الأمرين دون الآخر و حده ما قوي عند الظان كون المظنون على ما ظنه تجويزه أن يكون على خلافه فبالتجويز ينفصل من العلم و بالقوة ينفصل من الشك و التقليد و غير ذلك في قوله تعالى وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ فسمي الشك مرضا لأنه فساد يحتاج إلى علاج كالفساد في البدن الذي يحتاج إلى مداواة و مرض القلب أعضل و علاجه أعسر و دواؤه أعز و أطباؤه أقل و الرجس و النجس واحد و سمي الكفر رجسا على وجه الذم له و إنه يجب تجنيبه كما يجب تجنيب الأنجاس و إنما أضاف الزيادة إلى السورة لأنهم يزدادون عندها و مثله كفى بالسلامة داء كما قال الشاعر :
أرى بصري قد رابني بعد صحة *** و حسبك داء أن تصح و تسلما
في قوله سبحانه و تعالى وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ و هذه استعارة و المراد بها و لو كان الحق موافقا لأهوائهم لفسدت السماوات و الأرض و من فيهن و لقاد إلى كل ضلة و أوقع في كل مظلمة لأن الحق يدعو إلى المصالح و المحاسن و الهوى يدعو إلى المفاسد و المقابح فلو اتبع الحق قائد الهوى لشمل الفساد و عم الاختلاط و خفضت أعلام الهداية و رفعت منارات الغواية .
في قوله تعالى أيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ و هذه استعارة و مبناها على أصل معروف في كلام العرب و هو تسميتهم المغتاب بأكل لحوم الناس حتى قال شاعرهم :
و إن أكلوا لحمي وفرت لحومهم *** و إن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
و قال حسان بن ثابت في مرثية ابنه له :
حصان رزان لا ترن بريبة *** و تصبح غرثى من لحوم الغوافل
أي تمسك عن غيبة النساء الغافلات عن غيبتها فيكون بإمساكها عن الغيبة التي يسمى صاحبها آكل لحم صاحبه كأنها غرثى أي جائعة لم تطعم شيئا و قوله تعالى فَكَرِهْتُمُوهُ أي عافته نفوسكم .
و قال بعضهم : تلخيص هذا المعنى أن من دعي إلى أكل لحم أخيه ميتا فعافته نفسه و كرهته من جهة الطبع فإنه ينبغي إذا دعي إلى غيبة أحد أن تعاف ذلك نفسه من جهة عقله فيجب أن يكره هذا عقلا كما كره الأول طبعا لأن داعي العقل بالاتباع أولى من داعي الطبع إذ كان الطبع أعمى جاهلا و داعي العقل بصيرا عالما و كلاهما في صفة الناصح إلا أن نصح العقل سليم مأمون و نصح الطبع ظنين مدخول .
قوله تعالى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ استعارة و الوريد هو العرق الذي يسمى حبل العاتق و هما وريدان عن يمين العاتق و عن شمالها و أراد الله سبحانه أن يعلم غيب الإنسان و وساوس إضماره و مخفي أسراره و كأنه باستبطانه ذلك منه أقرب إليه من وريده لأن العالم بخفايا قلبه أقرب إليه من عروقه و عصبه و ليس القرب هاهنا من جهة المسافة و المساحة و لكن من جهة العلم و الإحاطة .
و قوله تعالى وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ و هذه استعارة و المراد بسكرة الموت هاهنا الكرب الذي يتغشى المحتضر عند الموت فيفقد له تمييزه و يفارق معه معقولة فشبه تعالى ذلك بالسكرة من الشراب إلا أن تلك السكرة منعمة و هذه السكرة مولمة و قوله تعالى بِالْحَقِّ يحتمل معنيين أحدهما أن يكون و جاءت بالحق من أمر الآخرة حتى عرفه الإنسان إما اضطرارا أو رآه جهارا و الآخر أن يكون المراد بالحق هاهنا أي بالموت الذي هو الحق .
و قوله تعالى لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ و هذه استعارة و المراد بها ما يراه الإنسان عند زوال التكليف من أعلام الساعة و أشراط القيامة فيزول عنه اعتراضات الشكوك و شبهات الأمور فيصدق بما كذب و يقر بما جحد و يكون كأنه قد نفذ بصره بعد وقوف و أحد بعد كلال و نبو فهذا معنى قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ فيكون المعنى لمن كان له قلب ينتفع به لأن من القلوب ما لا ينتفع به إذا كان مائلا إلى الغي و منصرفا عن الرشد باتباع الهوى و معنى أَلْقَى السَّمْعَ أنه بالغ في الإصغاء إلى الذكرى و أشهدها قلبه فكان كالملقي إليها سمعه دنوا من سماعها و ميلا إلى قائلها .
قوله تعالى وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ التي تلوم النفوس في يوم القيامة على تقصيرهن في التقوى أو التي لا تزال تلوم نفسها و إن اجتهدت في الإحسان.
و عن الحسن البصري : أن المؤمن لا تراه إلا لائما نفسه و أن الفاجر يمضي قدما لا يعاتب نفسه .
بعضهم :
رجائي ظمآن ببابك فاسقه *** فإني نبت قد توليت زرعه
و قد كان جدي عاثرا فنعشته *** فلا تدع الأيام تقصد صرعة
و لعمر بن عبد العزيز :
من كان حين تصيب الشمس جبهته *** أو الغبار يخاف الشين و الشعثا
و يألف الظل كي تبقى بشاشته *** فسوف يسكن يوما راغما جدثا
في قعر مقفرة غبراء مظلمة *** يطيل تحت الثرى في غمها اللبثا
تجهزي بجهاز تبلغين به *** يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا
للأعشى و هو ميمون بن قيس من قصيدة يمدح بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى *** و لاقيت بعد اليوم من قد تزودا
ندمت على أن تكون كمثله *** و إنك لم ترصد بما كان أرصدا
قال أبو زيد الكلابي لم ترصد يعني لم تقدم خيرا فترقبه .
لبعضهم :
أدر الكأس علينا أيها الساقي لنطرب *** ما ترى الليل تولى و ضياء الصبح ترقب
بعض الصوفية قال : يا فتى تعود ذكره حتى لو تغيرت الحال و العياذ بالله يوما لا يجري على لسانك غيره .
شعر .
و تشتميني إذا ما عثرت *** فإذا ما قنطوا قالت تعس