شفاء العين
نقل أحد أساتذة الاخلاق والوعاظ المشهورين في مدينة قم المقدسة الحكاية التالية: ظهرت قبل سنين في عين ابنتي الصغيره بقعة بيضاء، فراجعنا طبيب العين المشهور في المدينة، وأوصى انه يحب اجراء عملية
جراحية لعينها، وعيّن لها موعداً خاصاً بحسب النوبة.
وكان علينا ان نخفف من تأثير الخبر على نفسية البنت ونعزّز عندها الثقة بالنفس، الاّ انها وحالما سمعت بذلك بدأت بالبكاء و أحسّت بالخوف والاضطراب، الامر الذي
جعلنا نعيش الحالة نفسها.
ولّما حان موعد العملية الجراحية توجهنا بالبنت نحو عيادة الطبيب المعالج، وأثناء مرورنا في الطريق حانت التفاتة من البنت نحو القبة المنورة والمرقد المطهر للسيدة
المعصومة فقالت: ابتاه! لنذهب الى الحرم وسأنال الشفاء لعيني من هذه السيدة! فأحسست بشعور غريب آنذاك واخذتها الى داخل الحرم، وما إن دخلنا حتى توجهت البنت على عجل نحو الضريح المطهر واخذت تمسح عينها
به، وكانت تقول ـ وهي باكية :
يا سيدتي يا معصومة! أنا خائفة، يريدون اجراء عملية جراحية لعيني وربما يصيبني العمى!
وتعرفون ماذا يعني مثل هذا الموقف من بنت أمام أبيها، وعلى كل حال فبعد الزيارة احتضنتها وهي باكية واخذتها الى الصحن الكبير بجانب قبر القطب الراوندي (رضي الله عنه)،
ووضعتها على الارض لأُلبسها حذائها وبينما كنت امسح دموعها واذا بي لا ارى تلك البقعة البيضاء فيها! أخذتها على عجل الى الطبيب، فنظر اليها وصدّق ماحصل وقال: لا حاجة لإجراء العملية الجراحية فقد شفيت
عينها والحمد لله.
شفاء المشلول
يذكر المرحوم آية الله الحاج الشيخ مرتضى الحائري انه كان شخص اسمه السيد جمال يعرف بـ: «هژبر» مصاباً بألم شديد في رجليه بحيث كان اذا قصد الحضور في المجالس العامة
فانه يحتاج الى شخص يستند اليه ويساعده على المشي. وفي يوم تاسوعاء من احدى السنوات حضر السيد هژبر الى مجلس عزاء في المدرسة الفيضية، كان المرحوم آية الله الحاج الشيخ عبدالكريم الحائري (رضي الله
عنه)قد أقامه بهذه المناسبة.
ولما نظر اليه سيد علي سيف (خادم المرحوم الحائري) صاح به: ما هذه الحالة التي انت عليها وقد زاحمت الناس بجلوسك، لو كنت سيداً حقاً اذهب الى جدتك واطلب الشفاء منها.
تأثر السيد هژبر كثيراً من هذا الكلام، وفي ختام المجلس قال لمرافقه: خذني الى الحرم المطهر.
ولما وصل الى الحرم المطهر قام بآداب الزيارة وتوسّل وطلب الشفاء بقلب منكسر فأخذه النوم، ورأى في المنام شخصاً يقول له: انهض. يقول هژبر: فقلت له: لا استطيع النهوض.
فقال ثانية: تستطيع، انهض. ثم أشار الى بناية وقال: هذه البناية للحاج السيد حسين الذي يقيم مراسم العزاء لنا، اذهب هناك واعطه هذه الرسالة.
وفجأة رأى السيد هژبر نفسه واقفاً وهو يقدّم الرسالة الى صاحبها قائلاً: خفت ان لم اوصل الرسالة فانّ ألم رجلي سيعود اليّ. وبالطبع فلم يعرف احدٌ مضمون الرسالة حتى آية
الله الحائري نفسه. ثم قال آية الله الحائري: لقد تغيّرت حال السيد هژبر منذ ذلك الحين فكأنما كان يعيش في عالم آخر، وغالباً ماكان صامتاً او ذاكراً لله تعالى.
صيانة وحفظ الحوزة
يقول المرحوم آية العظمى الحاج السيد صدر الدين(رضي الله عنه):
تحمّلت بعد المرحوم آية الله العظمى الحائري (رضي الله عنه) مسؤولية امور الحوزة العلمية لمدة، وكنت مسؤولاً عن توزيع الرواتب الشهرية لطلاب العلم، حتى كان أحد الشهور
حيث لم يصل الينا شيء من المال، فاضطررت الى الاستقراض وصرفت الراتب الشهري، و هكذا حصل في الشهر الثاني، ولمّا حان موعد دفع الرواتب في الشهر الثالث صرت في موقف صعب فلم تطاوعني نفسي على
الاستقراض.
جاء بعض الطلاب الى بيتي حيث اضطرتهم الحاجة ليطالبوا بالراتب، فقلت لهم: ليس عندي ايّ مال وأنا الآن مدين بمبلغ كبير. فسألني بعض الطلاب: اذاً مانعمل؟ فلا أمان في
المدرسة (حيث كانت حكومه رضاخان آنذاك تمارس ضغوطات كبيرة عليهم) ولايمكننا الرجوع الى أوطاننا، فاذا اجتمع مع كل هذا فقدان الراتب الشهري فان علماء وطلبة الحوزة العلمية سيصيبها الذل والهوان امام
الاعداء.
ثم تحدث آخرون بكلام طويل بكيت لسماعه، فقلت لهم: أيها السادة، تفضلّوا بالخروج وسأعمل غداً ان شاء الله على توفير الرواتب.
ذهب اولئك الطلاب واخذت افكر في الليل، الاّ انني لم اصل الى نتيجة. واخيراً استيقظت في السحر وتوضّأت وتوجهت نحو حرم السيدة معصومة (عليها السلام)، وكان الحرم خالياً
من الزائرين. فصلّيت الصبح وقرأت بعض التعقيبات ثم توجهت نحو الضريح المطهر بحالة من التوتر والغضب وتحدثت مع السيدة معصومة (عليها السلام) قائلاً: أيتها العــــمة! أهذا من تقاليد اكرام الضيف ان يموت
جوعاً بعض جيرانك من طلاب العـلم: فـاذا استطعت أن تدبـّري الامور فاعمـلي والاّ حوّلي الأمر الى أخيك الـمعظم علـي بن موسـى الرضـا (عليها السلام) أو جـدك اميــر الـمؤمنين (عليه السلام)(كناية عن نقل
الحــوزة من قـــم الى مشهــــد أو النـــجف الاشرف). تفوّهت بهذه الكــلمات بعصبـــية
وخرجت من الحرم المطــهر ودخلت بيت المرحوم آيــة الله الصدر و جلــست بين الغرفة والفناء، وفجأة سمعت طرقاً على الباب، فقلت للطارق: ادخل. ففتح الباب ودخل الخادم
العجوز محمد وقال ايها السيد! هناك شخص يلبس قبّعة خاصة بمأموري الدولة وفي يده حقيبة، وهو يريد لقاءك حالاً ويقول بأنه ليس عنده وقت ليراك ثانية. فقلت له: لا أعلم هل عاد السيد من الحرم ام لا فماذا
تقول الآن يا سيدي؟
قلت للخادم: أدخله عليّ لعلّه يريحني مما أنا فيه (وذلك لأنّ الوقت كان أول الصباح، وكان الخادم العجوز يظن ان هذا الرجل من جلاوزة الحكومة وجاء ليلقي القبض على
السيد).
وبعد لحظات عاد الخادم ومعه رجل وقور وهو يلبس تلك القبعة الخاصة ويحمل حقيبة بيده. وضع الحقيبة جانباً وخلع قبعته وسلّم عليّ. فرددت عليه السلام. تقدم نحوي وقبّل يدي
ثم اعتذر قائلاً: آسف لازعاجك في هذا الوقت. عند مرورنا بالطريق الجبلي المتعرج وقع بصري على قبة السيدة المعصومة واخذت افكر فجأة بأنني في هذه السيارة اسافر في هذا الطريق المحفوف بالمخاطر فقلت لنفسي:
اذا حصل لي حادث ومتّ وتلفت اموالي وبقي دين الله وسهم الإمام بذمّتي فماذا سأفعل؟ (يبدو انه في الوقت الذي كان المرحوم آية الله الصدر يعرض حاجته على السيدة معصومة (عليها السلام) مرّت هذه الافكار في
ذهن هذا الرجل المؤمن) ثم اضاف قائلاً: ولهذا فحينما وصلنا قم طلبت من السائق أن يتوقف قليلاً ليتمكن المسافرون من أداء الزيارة و أحضر أنا بخدمتك.
قال المرحوم السيد: فعدّ هذا الرجل أمواله وظهر انّ عليه أن يدفع مبلغاً كبيراً كحقوق شرعية، ففتح حقيبته ودفع ما بذمته.
وقد استطعت علاوة على أداء الديون السابقة ودفع الرواتب لذلك الشهر ان أدفع الرواتب الشهرية للطلاب على مدى سنة كاملة.
توجهت نحو حرم السيدة ودخلت الى ضريحها (عليها السلام) وقدّمت اليها آيات الشكر.