فمن ذلك أنه يستحب أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الإثنين في الركعة الأولى بعد سورة الحمد سورة هل أتى على الإنسان و من ذلك أن يوم الإثنين مختار للأسفار ذكر صاحب الصحيفة الكاملة في أحاديث مولانا علي بن موسى الرضا (ع) بإسناد مؤلفها إلى مولانا الرضا (ع) فيما رواه عن آبائه (ع) قال كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) يسافر يوم الإثنين و يوم الخميس و يقول فيهما يرفع الأعمال إلى الله و تعقد الألوية أقول و من الأحاديث في اختيار يوم الإثنين للأسفار ما رويته بإسنادي المتقدم ذكره عن جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه مما يرويه بإسناده إلى الشيخ محمد بن عبد الله الحميري رحمه الله و رأيت أنا الحديث في كتاب محمد بن عبد الله الحميري الذي سماه كتاب قرب الإسناد يرويه عن الباقر (ع) قال كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) يسافر يوم الإثنين و يوم الخميس و يعقد فيهما الألوية أقول و لعلك تجد في بعض الكتب كراهية السفر يوم الإثنين و أن الحسين(صلى الله عليه وآله وسلّم) قتل فيه و اعلم أن الروايات جاءت عن الأئمة (ص) أنه (ع) قتل يوم الجمعة و قد حقق أبو الفرج الأصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين هذه الرواية و جعلها أن قتله (ص) كان يوم الجمعة كما أشرنا إليه و من مهمات يوم الإثنين أنه يوم عرض الأعمال على الله و على رسوله و خاصته (ص) فمن ذلك بإسنادي المقدم ذكره إلى أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني عن رجاله الذين سميتهم فيما تقدم عن الشيخ أبي علي الفضل الطبرسي رضوان الله عليه قال في تفسير قوله جل جلاله وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ قال ما هذا لفظه روى أصحابنا أن أعمال الأمة تعرض على النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) في كل يوم إثنين و خميس فيعرفها و كذلك تعرض على الأئمة القائمين مقامه و هم المعنيون بقوله وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ و سترجعون إلى الله الذي يعلم السر و العلانية فَيُنَبِّئُكُمْ بأعمالكم و يجازيكم عليها أقول و رويت في عدة روايات أن الأعمال يعرض على الله جل جلاله فيه و على رسوله و على الأئمة (ع) و رأيت فيما صنفه مسلم من طريق الجمهور في كتابه الذي سماه الصحيح و لي به عدة روايات أن يوم الإثنين و الخميس يوم عرض أعمال العباد فيكون العبد على قدم التأهب فيه و الاستعداد و روى مسلم في صحيحه في النصف الثاني من المجلد عدة أحاديث في تفضيل يوم الإثنين و يوم الخميس و قال فيها قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلّم) تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين يوم الإثنين و يوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبد بينه و بين أخيه شحناء فيقول اتركوا أو أرجئوا هذين حتى يفيئا ومن ذلك في كتاب مسلم المذكور فيما رواه عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه يفتح أبواب الجنة يوم الإثنين و يوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن لا يشرك بالله شيئا ثم ساق الحديث أقول و روي من طريق الخاصة أن وقت عرض الأعمال في هذين اليومين عند انقضاء نهارهما فينبغي للعبد العارف بحرمة من تعرض أعماله عليه أن يتفقدها و يصلحها بغاية ما ينتهي جهده إليه و يتذكر أنها تعرض على الله جل جلاله أولا العالم بالسرائر ثم على خواصه أهل المقام الباهر و تحضر تلك الصحف بين يدي الله جل جلاله و بين أيديهم و فيها فضائح الذنوب الكبائر و الصغائر فكيف يهون هذا عند عبد مصدق بالله الملك الأعظم العزيز القاهر و باليوم الآخر أقول و قد أشرنا إلى تدبير الصحائف عند انفصال الملائكة الحفظة عن الإنسان في آخر كل يوم و آخر كل ليلة في الجزء الأول و الثاني من هذا الكتاب فانظر ما هناك و جبن نفسك ويحك عن مواقف الهوان بالعقاب أو العتاب و لا تهون بنفسك فإنك إن هونت بها في هذه الدار فكأنك قد فصلت لها ثيابا من نار و بنيت لها دارا من نار و حبسا من نار و هيأت لنفسك ما لا قوة لك عليه من الهلاك و الأخطار و قنعت لها المقامات الفضيحة و العار و ما أعرفك أيها العبد إلا كما قال الله تعالى وَ خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً فكيف صرت عند وعيد الله جل جلاله و تهديده قويا لا تقبل تحذيرا و لا تخويفا و كأني بك أنت تقول إنك تتكل على رحمة الله وجوده و هذا منك بهتان و استخفاف بوعيده ويحك أنت تعلم من نفسك أنك عند الذنوب ما يخطر بقلبك إنك تفعلها لأجل رحمة علام الغيوب ثم و لو كنت أيها العبد بين يدي ملك من ملوك الدنيا محسن إليك و أنت تعلم أنه رحيم كريم لا يعاقبك أو لا يجتري عليك أ كان يسهل عندك مع معرفتك بإحسانه و أنت في حضرة دولته و سلطانه أن تقول له لأعصينك و لأخالفنك في إرادتك و كراهتك اتكالا على رحمتك لكن ما كان يخطر ببالك التعرض لعصيانه و كنت تستحيي من كثرة إحسانه و تذل أن تواجهه بالمعصية في حضرة ملكه و سلطانه و لكنك بعيد من صفات العارفين بمالك الدين فاندب على نفسك و ابك عليها فإنك إن بقيت على ذلك الإهمال خفت عليك أن تكون من الهالكين أبد الآبدين