يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه الفاضل العلامة رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين ملك العلماء أفضل السادة أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس كبت الله أعداءه اعلم
أننا إنما أخرنا ذكر الغسل عن أوائل عمل يوم الجمعة لما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) لا تدع الغسل يوم الجمعة
فإنه سنة و شم الطيب و البس ]و لبوس[ صالح ثيابك و ليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت الشمس فقم و عليك السكينة و الوقار و قال الغسل واجب يوم الجمعة أقول فلما كان الغسل مما يراد الدخول بعده في
صلاة الجمعة كان تأخيره أقرب إلى ما رويناه و لأننا عرفنا أن العبد متى بدأ في أوائل نهار يوم الجمعة بدخول الحمام و غسل رأسه كما نشير إليه ضاع النهار منه أو ضاق عما يريد الإقبال عليه فإذا قضى أشغاله
مما ذكرناه من العبادات و الدعوات و تهيأ الآن للجمعة بهذه المرادات من قص الأظافير و الطيب و الحمام و الغسل و ما يذكره في الروايات كان ذلك أقرب إلى تحصيل كمال السعادات و إن كان قد روى جواز تقديمه
فاعمل أنت بما يكون أقوى و أرجح فنحن ذكرنا كما رأيناه أصلح فمن الرواية بتقديم الغسل أيضا ما رويناه بإسنادنا عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن
حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة و الفضيل قالا قلنا يجزي إذا اغتسل بعد الفجر للجمعة قال نعم ذكر ما نورده في فضل الأخذ من الشارب و قص الأظفار و غسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا
إلى محمد بن جمهور القمي فيما رواه في كتاب الواحدة عن الباقر (ع) قال من أخذ أظفاره و شاربه كل جمعة و قال حين يأخذه بسم الله و بالله و على سنة محمد و آل محمد لم يسقط منه قلامة و لا جزازة إلا كتب له
بها عتق نسمة و لم يمرض إلا المرضة التي يموت فيها و رويناه أيضا عن محمد بن يعقوب الكليني فيما رواه في كتابه الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن عبد الخالق عن محمد بن طلحة عن أبي عبد
الله (ع) قال أخذ الشارب و الأظفار و غسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة ينفي الفقر و يزيد في الرزق و من ذلك ما رويناه أيضا عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله
بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال من أخذ من شاربه و قلم أظفاره و غسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمة و من ذلك ما رويناه عن محمد بن يعقوب قال عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن
ابن بكر عن أبي عبد الله (ع) قال غسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة أمان من البرص و الجنون أقول و قد روينا ما يقوله عند أخذ شاربه و أظفاره و روي أنه يبدأ عند قص أظفار يديه بالخنصر من اليد اليسرى و يختم
بالخنصر من اليد اليمنى و كذلك يفعل في أظفار رجليه أقول و حيث قد ذكرنا ما يقول عند أخذ شاربه و أظفاره فليقل أيضا ما نريد ذكره مما يعمله عند دخول الحمام من روايات الأئمة (ع) فمن آداب دخول الحمام
أنه لا يدخله إلا بمئزر فإذا شرعت في نزع ثيابك فقل اللهم انزع عني ربقة النفاق و ثبتني على الإيمان فإذا كان الحمام عدة بيوت فإذا دخلت البيت الأول فقل اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي و أستعيذ بك من
أذاه فإذا دخلت البيت الثاني فقل اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي اللهم اذهب عني الرجس النجس و طهر نفسي و قلبي و خذ من الماء الحار فضعه على هامتك و صب منه على قدميك فإنه ينقي المثانة و فيه رواية و قيل
إنه يشرب منه و روي يجعل على رأسه سبع أكف فإذا لبثت في البيت الثاني ساعة فأت في البيت الثالث و قل نعوذ بالله من النار و نسأله الجنة ترددها إلى وقت خروجك منه أقول فإذا أردت تسريح شعرك فخذ المشط
باليد اليمنى و قل بسم الله و ابدأ بأم رأسك ثم سرح مقدم رأسك و قل اللهم حسن شعري و بشري و طيبهما و اصرف عني كيد الشيطان و لا تمكنه من قيادي فيردني على عقبي ثم سرح حاجبيك من فوق و قل اللهم زيني
بزينة الهدى و ألبسني لباس التقوى ثم سرح لحيتك من فوق ثم أمر المشط على صدرك و قل في الحالين معا اللهم سرح عني الهموم و الغموم و وسوسة الصدور و وسوسة الشيطان ثم اشتغل بتسريح لحيتك من أسفلها و اقرأ
إنا أنزلناه و روي يقرأ العاديات أيضا أقول و لا تهون بهذه الآداب و أمثالها من أسباب الصواب فإنها شفاء أسقام دنياك و دينك و زيادة في يقينك و أنت تعرف من نفسك أن لو قال لك جالينوس أو مثله من الأطباء
استعمل كذا و كذا ففيه شفاء لك من بعض الأدواء في دار الفناء سارعت إلى القبول منه و لعلك تلوم من يترك التداوي بقول جالينوس و تعرض عنه فلأي حال قول الله تعالى على لسان محمد (ص) وَ ما يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى و إبلاغ محمد (ص) و إبلاغ الخواص من عترته و أطباء القلوب و نواب علامة الغيوب أهون عندك من قول طبيب تعتقد فيه أنه عدو لله جل جلاله و مخذول من جانب الله جل
جلاله و أقواله و أفعاله منقطعة عن إقبال الله جل جلاله عليه لكفره و سقم دينه و عقله و سره بل ينبغي أن يكون أمر الله جل جلاله عندك أهم من أمره و إلا فأنت سقيم الدين دميم اليقين ذكر ما نقوله من فضل
غسل يوم الجمعة و ما يتعلق به قد ذكرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب عند ذكر الأغسال ما ينبغي اعتماده لمن يريد صواب الأعمال فانظره من ذلك و ما نقوله الآن إن المهم تطهير قلبك بماء الدموع و نزع كل
ثوب صورة أو معنى لا يرضاه مولاك و لبس ثوب معنى الخضوع و تيجان معنى الخشوع و أن تبتدئ عند كل غسل في نيتك بالتوبة ثم بغسل التوبة من جميع الذنوب مما تعلمه أو تجهله و قد يكون قد أحصاه عليك علام
الغيوب فمن الروايات في فضل غسل يوم الجمعة زيادة على ما قدمناه ما نقلناه عن خط أبي الفرج بن أبي قرة قال عن أحمد بن محمد بن الجندي قال حدثنا عثمان بن أحمد بن السماك قال حدثنا أبو نصر السمرقندي قال
حدثنا حسين بن حميد بمصر قال حدثنا زهير بن عباد قال حدثنا محمد بن عباد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن جده (ع) عن النبي (ص) أنه قال لعلي في وصيته له يا علي على الناس في كل يوم من سبعة أيام الغسل
فاغتسل في كل جمعة و لو أنك تشتري الماء بقوت يومك و تطويه فإنه ليس شيء من التطوع أعظم منه و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه فيما رواه في تهذيب الأحكام عن محمد بن
يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم قال قال أبو عبد الله (ع) ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل و يتطيب و يسرح لحيته و يلبس أنظف ثيابه و ليتهيأ للجمعة و ليكن
عليه في ذلك اليوم السكينة و الوقار و ليحسن عبادة ربه و ليفعل الخير ما استطاع فإن الله يطلع على الأرض ليضاعف الحسنات و رويناه عن محمد بن يعقوب ره بغير هذا الطريق و قد ذكره في باب التزين ليوم
الجمعة من كتاب الكافي ذكر ما يفعل و يقول عند غسل يوم الجمعة قد ذكرنا أنه يبدأ في سائر أغساله بالتوبة ثم يليه غسل التوبة و كلما يتهيأ أن يجتمع له من الأغسال في تلك الحال مثل غسل الجمعة و غسل
الحاجة و غسل الزيارة و غسل الاستخارة و غسل الصلوات و غسل الدعوات ففي كل ذلك وجدنا روايات و يجزي عن الأغسال الكثيرة الغسل الواحد و يكون قصده بالغسل أنه يعبد الله جل جلاله بذلك لأنه جل جلاله أهل
للعبادة فإن كان يغتسل مرتمسا أجزأه ارتماسة واحدة و إن كان غير مرتمس فيبدأ كما قلناه في غسل الجنابة برأسه إلى أصل عنقه ثم بجانبه الأيمن من أعلى منكبه الأيمن إلى باطن قدمه الأيمن ثم بجانبه الأيسر
من أعلى منكبه الأيسر إلى باطن قدمه الأيسر و يقول عند غسل يوم الجمعة ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي ره مما رواه في تهذيب الأحكام عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن دويل بن هارون عن أبي
ولاد الحناط عن أبي عبد الله (ع) قال من اغتسل يوم الجمعة فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل على محمد و آل محمد و اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين
كان طهرا من الجمعة إلى الجمعة أقول أ فلا تراه (ع) قال أولا و اجعلني من التوابين فهذا ينبئك أن التوبة أهم في نيتك إن كنت من العارفين