قال الشريف : و إنما ذكرنا هنا جملا ليعلم بها أنه عليه السلام كان يقيم عماد الحق، و يشرع أمثلة العدل، في صغير الأمور و كبيرها و دقيقها و جليلها.
انْطلقْ على تقْوى اللّه وحْده لا شريك له و لا تروّعنّ مسْلما و لا تجْتازنّ عليْه كارها و لا تأْخذنّ منْه أكْثر منْ حقّ اللّه في ماله فإذا قدمْت على الْحيّ فانْزلْ بمائهمْ منْ غيْر أنْ تخالط أبْياتهمْ ثمّ امْض إليْهمْ بالسّكينة و الْوقار حتّى تقوم بيْنهمْ فتسلّم عليْهمْ و لا تخْدجْ بالتّحيّة لهمْ ثمّ تقول عباد اللّه أرْسلني إليْكمْ وليّ اللّه و خليفته لآخذ منْكمْ حقّ اللّه في أمْوالكمْ فهلْ للّه في أمْوالكمْ منْ حقّ فتؤدّوه إلى وليّه فإنْ قال قائل لا فلا تراجعْه و إنْ أنْعم لك منْعم فانْطلقْ معه منْ غيْر أنْ تخيفه أوْ توعده أوْ تعْسفه أوْ ترْهقه فخذْ ما أعْطاك منْ ذهب أوْ فضّة فإنْ كان له ماشية أوْ إبل فلا تدْخلْها إلّا بإذْنه فإنّ أكْثرها له فإذا أتيْتها فلا تدْخلْ عليْها دخول متسلّط عليْه و لا عنيف به و لا تنفّرنّ بهيمة و لا تفْزعنّها و لا تسوأنّ صاحبها فيها و اصْدع الْمال صدْعيْن ثمّ خيّرْه فإذا اخْتار فلا تعْرضنّ لما اخْتاره ثمّ اصْدع الْباقي صدْعيْن ثمّ خيّرْه فإذا اخْتار فلا تعْرضنّ لما اخْتاره فلا تزال كذلك حتّى يبْقى ما فيه وفاء لحقّ اللّه في ماله فاقْبضْ حقّ اللّه منْه فإن اسْتقالك فأقلْه ثمّ اخْلطْهما ثمّ اصْنعْ مثْل الّذي صنعْت أوّلا حتّى تأْخذ حقّ اللّه في ماله و لا تأْخذنّ عوْدا و لا هرمة و لا مكْسورة و لا مهْلوسة و لا ذات عوار و لا تأْمننّ عليْها إلّا منْ تثق بدينه رافقا بمال الْمسْلمين حتّى يوصّله إلى وليّهمْ فيقْسمه بيْنهمْ و لا توكّلْ بها إلّا ناصحا شفيقا و أمينا حفيظا غيْر معْنف و لا مجْحف و لا ملْغب و لا متْعب ثمّ احْدرْ إليْنا ما اجْتمع عنْدك نصيّرْه حيْث أمر اللّه به فإذا أخذها أمينك فأوْعزْ إليْه ألّا يحول بيْن ناقة و بيْن فصيلها و لا يمْصر لبنها فيضرّ [فيضرّ] ذلك بولدها و لا يجْهدنّها ركوبا و لْيعْدلْ بيْن صواحباتها في ذلك و بيْنها و لْيرفّهْ على اللّاغب و لْيسْتأْن بالنّقب و الظّالع و لْيوردْها ما تمرّ به من الْغدر و لا يعْدلْ بها عنْ نبْت الْأرْض إلى جوادّ الطّرق و لْيروّحْها في السّاعات و لْيمْهلْها عنْد النّطاف و الْأعْشاب حتّى تأْتينا بإذْن اللّه بدّنا منْقيات غيْر متْعبات و لا مجْهودات لنقْسمها على كتاب اللّه و سنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله) فإنّ ذلك أعْظم لأجْرك و أقْرب لرشْدك إنْ شاء اللّه .