261- و قال (عليه السلام) : لمّا بلغه إِغارة أصْحابِ معاوِية على الْأنْبارِ فخرج بِنفْسِهِ ماشِيا حتّى أتى النّخيْلة و أدْركه النّاس و قالوا يا أمِير الْمؤْمِنِين نحْن نكْفِيكهمْ .
فقال : ما تكْفوننِي أنْفسكمْ فكيْف تكْفوننِي غيْركمْ إِنْ كانتِ الرّعايا قبْلِي لتشْكو حيْف رعاتِها و إِنّنِي الْيوْم لأشْكو حيْف رعِيّتِي كأنّنِي الْمقود و هم الْقادة أوِ الْموْزوع و هم الْوزعة .
فلما قال (عليه السلام) هذا القول في كلام طويل قد ذكرنا مختاره في جملة الخطب ، تقدم إليه رجلان من أصحابه ، فقال أحدهما إني لا أملك إلا نفسي و أخي ، فمر بأمرك يا أمير المؤمنين ننقد له ، فقال (عليه السلام) :
و أيْن تقعانِ مِمّا أرِيد .
262- و قِيل إِنّ الْحارِث بْن حوْط أتاه فقال أ ترانِي أظنّ أصْحاب الْجملِ كانوا على ضلالة .
فقال (عليه السلام) : يا حارِث إِنّك نظرْت تحْتك و لمْ تنْظرْ فوْقك فحِرْت إِنّك لمْ تعْرِفِ الْحقّ فتعْرِف منْ أتاه و لمْ تعْرِفِ الْباطِل فتعْرِف منْ أتاه .
فقال الْحارِث : فإِنِّي أعْتزِل مع سعِيدِ بْنِ مالِك و عبْدِ اللّهِ بْنِ عمر ، فقال (عليه السلام) :
إِنّ سعِيدا و عبْد اللّهِ بْن عمر لمْ ينْصرا الْحقّ و لمْ يخْذلا الْباطِل .
263- و قال (عليه السلام) : صاحِب السّلْطانِ كراكِبِ الْأسدِ يغْبط بِموْقِعِهِ و هو أعْلم بِموْضِعِهِ .
264- و قال (عليه السلام) : أحْسِنوا فِي عقِبِ غيْرِكمْ تحْفظوا فِي عقِبِكمْ .
265- و قال (عليه السلام) : إِنّ كلام الْحكماءِ إِذا كان صوابا كان دواء و إِذا كان خطأ كان داء .
266- و سأله رجل أنْ يعرِّفه الْإِيمان فقال (عليه السلام) : إِذا كان الْغد فأْتِنِي حتّى أخْبِرك على أسْماعِ النّاسِ فإِنْ نسِيت مقالتِي حفِظها عليْك غيْرك فإِنّ الْكلام كالشّارِدةِ ينْقفها هذا و يخْطِئها هذا .
و قد ذكرنا ما أجابه به فيما تقدم من هذا الباب و هو قوله الإيمان على أربع شعب .
267- و قال (عليه السلام) : يا ابْن آدم لا تحْمِلْ همّ يوْمِك الّذِي لمْ يأْتِك على يوْمِك الّذِي قدْ أتاك فإِنّه إِنْ يك مِنْ عمرِك يأْتِ اللّه فِيهِ بِرِزْقِك .
268- و قال (عليه السلام) : أحْبِبْ حبِيبك هوْنا ما عسى أنْ يكون بغِيضك يوْما ما و أبْغِضْ بغِيضك هوْنا ما عسى أنْ يكون حبِيبك يوْما ما .
269- و قال (عليه السلام) : النّاس فِي الدّنْيا عامِلانِ عامِل عمِل فِي الدّنْيا لِلدّنْيا قدْ شغلتْه دنْياه عنْ آخِرتِهِ يخْشى على منْ يخْلفه الْفقْر و يأْمنه على نفْسِهِ فيفْنِي عمره فِي منْفعةِ غيْرِهِ و عامِل عمِل فِي الدّنْيا لِما بعْدها فجاءه الّذِي له مِن الدّنْيا بِغيْرِ عمل فأحْرز الْحظّيْنِ معا و ملك الدّاريْنِ جمِيعا فأصْبح وجِيها عِنْد اللّهِ لا يسْأل اللّه حاجة فيمْنعه .
270- و روِي أنّه ذكِر عِنْد عمر بْنِ الْخطّابِ فِي أيّامِهِ حلْي الْكعْبةِ و كثْرته فقال قوْم
لوْ أخذْته فجهّزْت بِهِ جيوش الْمسْلِمِين كان أعْظم لِلْأجْرِ و ما تصْنع الْكعْبة بِالْحلْيِ فهمّ عمر بِذلِك و سأل عنْه أمِير الْمؤْمِنِين (عليه السلام) فقال (عليه السلام) :
إِنّ هذا الْقرْآن أنْزِل على النّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) و الْأمْوال أرْبعة أمْوال الْمسْلِمِين فقسّمها بيْن الْورثةِ فِي الْفرائِضِ و الْفيْء فقسّمه على مسْتحِقِّيهِ و الْخمس فوضعه اللّه حيْث وضعه و الصّدقات فجعلها اللّه حيْث جعلها و كان حلْي الْكعْبةِ فِيها يوْمئِذ فتركه اللّه على حالِهِ و لمْ يتْركْه نِسْيانا و لمْ يخْف عليْهِ مكانا فأقِرّه حيْث أقرّه اللّه و رسوله فقال له عمر لوْلاك لافْتضحْنا و ترك الْحلْي بِحالِهِ .
271- روِي أنّه (عليه السلام) رفِع إِليْهِ رجلانِ سرقا مِنْ مالِ اللّهِ أحدهما عبْد مِنْ مالِ اللّهِ و الْآخر مِنْ عروضِ النّاسِ .
فقال (عليه السلام) : أمّا هذا فهو مِنْ مالِ اللّهِ و لا حدّ عليْهِ مال اللّهِ أكل بعْضه بعْضا ، و أمّا الْآخر فعليْهِ الْحدّ الشّدِيد فقطع يده .
272- و قال (عليه السلام) : لوْ قدِ اسْتوتْ قدماي مِنْ هذِهِ الْمداحِضِ لغيّرْت أشْياء .
273- و قال (عليه السلام) : اعْلموا عِلْما يقِينا أنّ اللّه لمْ يجْعلْ لِلْعبْدِ و إِنْ عظمتْ حِيلته و اشْتدّتْ طلِبته و قوِيتْ مكِيدته أكْثر مِمّا سمِّي له فِي الذِّكْرِ الْحكِيمِ و لمْ يحلْ بيْن الْعبْدِ فِي ضعْفِهِ و قِلّةِ حِيلتِهِ و بيْن أنْ يبْلغ ما سمِّي له فِي الذِّكْرِ الْحكِيمِ و الْعارِف لِهذا الْعامِل بِهِ أعْظم النّاسِ راحة فِي منْفعة و التّارِك له الشّاكّ فِيهِ أعْظم النّاسِ شغلا فِي مضرّة و ربّ منْعم عليْهِ مسْتدْرج بِالنّعْمى و ربّ مبْتلى مصْنوع له بِالْبلْوى فزِدْ أيّها الْمسْتنْفِع فِي شكْرِك و قصِّرْ مِنْ عجلتِك و قِفْ عِنْد منْتهى رِزْقِك .
274- و قال (عليه السلام) : لا تجْعلوا عِلْمكمْ جهْلا و يقِينكمْ شكّا إِذا علِمْتمْ فاعْملوا و إِذا تيقّنْتمْ فأقْدِموا .
275- و قال (عليه السلام) : إِنّ الطّمع مورِد غيْر مصْدِر و ضامِن غيْر وفِيّ و ربّما شرِق شارِب الْماءِ قبْل رِيِّهِ و كلّما عظم قدْر الشّيْءِ الْمتنافسِ فِيهِ عظمتِ الرّزِيّة لِفقْدِهِ و الْأمانِيّ تعْمِي أعْين الْبصائِرِ و الْحظّ يأْتِي منْ لا يأْتِيهِ .
276- و قال (عليه السلام) : اللّهمّ إِنِّي أعوذ بِك مِنْ أنْ تحسِّن فِي لامِعةِ الْعيونِ علانِيتِي و تقبِّح فِيما أبْطِن لك سرِيرتِي محافِظا على رِثاءِ النّاسِ مِنْ نفْسِي بِجمِيعِ ما أنْت مطّلِع عليْهِ مِنِّي فأبْدِي لِلنّاسِ حسْن ظاهِرِي و أفْضِي إِليْك بِسوءِ عملِي تقرّبا إِلى عِبادِك و تباعدا مِنْ مرْضاتِك .
277- و قال (عليه السلام) : لا و الّذِي أمْسيْنا مِنْه فِي غبْرِ ليْلة دهْماء تكْشِر عنْ يوْم أغرّ ما كان كذا و كذا .
278- و قال (عليه السلام) : قلِيل تدوم عليْهِ أرْجى مِنْ كثِير ممْلول مِنْه .
279- و قال (عليه السلام) : إِذا أضرّتِ النّوافِل بِالْفرائِضِ فارْفضوها .
280- و قال (عليه السلام) : منْ تذكّر بعْد السّفرِ اسْتعدّ .
281- و قال (عليه السلام) : ليْستِ الرّوِيّة كالْمعاينةِ مع الْإِبْصارِ فقدْ تكْذِب الْعيون أهْلها و لا يغشّ الْعقْل منِ اسْتنْصحه .
282- و قال (عليه السلام) : بيْنكمْ و بيْن الْموْعِظةِ حِجاب مِن الْغِرّةِ .
283- و قال (عليه السلام) : جاهِلكمْ مزْداد و عالِمكمْ مسوِّف .
284- و قال (عليه السلام) : قطع الْعِلْم عذْر الْمتعلِّلِين .
285- و قال (عليه السلام) : كلّ معاجل يسْأل الْإِنْظار و كلّ مؤجّل يتعلّل بِالتّسْوِيفِ .
286- و قال (عليه السلام) : ما قال النّاس لِشيْء طوبى له إِلّا و قدْ خبأ له الدّهْر يوْم سوْء .
287- و سئِل عنِ الْقدرِ فقال طرِيق مظْلِم فلا تسْلكوه و بحْر عمِيق فلا تلِجوه و سِرّ اللّهِ فلا تتكلّفوه .
288- و قال (عليه السلام) : إِذا أرْذل اللّه عبْدا حظر عليْهِ الْعِلْم .
289- و قال (عليه السلام) : كان لِي فِيما مضى أخ فِي اللّهِ و كان يعْظِمه فِي عيْنِي صِغر الدّنْيا فِي عيْنِهِ و كان خارِجا مِنْ سلْطانِ بطْنِهِ فلا يشْتهِي ما لا يجِد و لا يكْثِر إِذا وجد و كان أكْثر دهْرِهِ صامِتا فإِنْ قال بذّ الْقائِلِين و نقع غلِيل السّائِلِين و كان ضعِيفا مسْتضْعفا فإِنْ جاء الْجِدّ فهو ليْث غاب و صِلّ واد لا يدْلِي بِحجّة حتّى يأْتِي قاضِيا و كان لا يلوم أحدا على ما يجِد الْعذْر فِي مِثْلِهِ حتّى يسْمع اعْتِذاره و كان لا يشْكو وجعا إِلّا عِنْد برْئِهِ و كان يقول ما يفْعل و لا يقول ما لا يفْعل و كان إِذا غلِب على الْكلامِ لمْ يغْلبْ على السّكوتِ و كان على ما يسْمع أحْرص مِنْه على أنْ يتكلّم و كان إِذا بدهه أمْرانِ ينْظر أيّهما أقْرب إِلى الْهوى فيخالِفه فعليْكمْ بِهذِهِ الْخلائِقِ فالْزموها و تنافسوا فِيها فإِنْ لمْ تسْتطِيعوها فاعْلموا أنّ أخْذ الْقلِيلِ خيْر مِنْ ترْكِ الْكثِيرِ .
290- و قال (عليه السلام) : لوْ لمْ يتوعّدِ اللّه على معْصِيتِهِ لكان يجِب ألّا يعْصى شكْرا لِنِعمِهِ .
291- و قال (عليه السلام) : و قدْ عزّى الْأشْعث بْن قيْس عنِ ابْن له .
يا أشْعث إِنْ تحْزنْ على ابْنِك فقدِ اسْتحقّتْ مِنْك ذلِك الرّحِم و إِنْ تصْبِرْ ففِي اللّهِ مِنْ كلِّ مصِيبة خلف يا أشْعث إِنْ صبرْت جرى عليْك الْقدر و أنْت مأْجور و إِنْ جزِعْت جرى عليْك الْقدر و أنْت مأْزور يا أشْعث ابْنك سرّك و هو بلاء و فِتْنة و حزنك و هو ثواب و رحْمة .
292- و قال (عليه السلام) : على قبْرِ رسولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله) ساعة دفْنِهِ :
إِنّ الصّبْر لجمِيل إِلّا عنْك و إِنّ الْجزع لقبِيح إِلّا عليْك و إِنّ الْمصاب بِك لجلِيل و إِنّه قبْلك و بعْدك لجلل .
293- و قال (عليه السلام) : لا تصْحبِ الْمائِق فإِنّه يزيِّن لك فِعْله و يودّ أنْ تكون مِثْله .
294- و قدْ سئِل عنْ مسافةِ ما بيْن الْمشْرِقِ و الْمغْرِبِ فقال (عليه السلام) : مسِيرة يوْم لِلشّمْسِ .
295- و قال (عليه السلام) : أصْدِقاؤك ثلاثة و أعْداؤك ثلاثة فأصْدِقاؤك صدِيقك و صدِيق صدِيقِك و عدوّ عدوِّك و أعْداؤك عدوّك و عدوّ صدِيقِك و صدِيق عدوِّك .
296- و قال (عليه السلام) : لِرجل رآه يسْعى على عدوّ له بِما فِيهِ إِضْرار بِنفْسِهِ إِنّما أنْت كالطّاعِنِ نفْسه لِيقْتل رِدْفه .
297- و قال (عليه السلام) : ما أكْثر الْعِبر و أقلّ الِاعْتِبار .
298- و قال (عليه السلام) : منْ بالغ فِي الْخصومةِ أثِم و منْ قصّر فِيها ظلِم و لا يسْتطِيع أنْ يتّقِي اللّه منْ خاصم .
299- و قال (عليه السلام) : ما أهمّنِي ذنْب أمْهِلْت بعْده حتّى أصلِّي ركْعتيْنِ و أسْأل اللّه الْعافِية .
300- و سئِل (عليه السلام) كيْف يحاسِب اللّه الْخلْق على كثْرتِهِمْ فقال (عليه السلام) : كما يرْزقهمْ على كثْرتِهِمْ فقِيل كيْف يحاسِبهمْ و لا يروْنه فقال (عليه السلام) : كما يرْزقهمْ و لا يروْنه .
301- و قال (عليه السلام) : رسولك ترْجمان عقْلِك ، و كِتابك أبْلغ ما ينْطِق عنْك .
302- و قال (عليه السلام) : ما الْمبْتلى الّذِي قدِ اشْتدّ بِهِ الْبلاء بِأحْوج إِلى الدّعاءِ الّذِي لا يأْمن الْبلاء .
303- و قال (عليه السلام) : النّاس أبْناء الدّنْيا و لا يلام الرّجل على حبِّ أمِّهِ .
304- و قال (عليه السلام) : إِنّ الْمِسْكِين رسول اللّهِ فمنْ منعه فقدْ منع اللّه و منْ أعْطاه فقدْ أعْطى اللّه .
305- و قال (عليه السلام) : ما زنى غيور قطّ .
306- و قال (عليه السلام) : كفى بِالْأجلِ حارِسا .
307- و قال (عليه السلام) : ينام الرّجل على الثّكْلِ و لا ينام على الْحربِ .
قال الرضي : و معنى ذلك أنه يصبر على قتل الأولاد و لا يصبر على سلب الأموال .
308- و قال (عليه السلام) : مودّة الْآباءِ قرابة بيْن الْأبْناءِ و الْقرابة إِلى الْمودّةِ أحْوج مِن الْمودّةِ إِلى الْقرابةِ .
309- و قال (عليه السلام) : اتّقوا ظنون الْمؤْمِنِين فإِنّ اللّه تعالى جعل الْحقّ على ألْسِنتِهِمْ .
310- و قال (عليه السلام) : لا يصْدق إِيمان عبْد حتّى يكون بِما فِي يدِ اللّهِ أوْثق مِنْه بِما فِي يدِهِ .
311- و قال (عليه السلام) : لِأنسِ بْنِ مالِك و قدْ كان بعثه إِلى طلْحة و الزّبيْرِ لمّا جاء إِلى الْبصْرةِ يذكِّرهما شيْئا مِمّا سمِعه مِنْ رسولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله) فِي معْناهما فلوى عنْ ذلِك فرجع إِليْهِ فقال إِنِّي أنْسِيت ذلِك الْأمْر فقال (عليه السلام) : إِنْ كنْت كاذِبا فضربك اللّه بِها بيْضاء لامِعة لا توارِيها الْعِمامة .
قال الرضي : يعني البرص فأصاب أنسا هذا الداء فيما بعد في وجهه فكان لا يرى إلا مبرقعا .
312- و قال (عليه السلام) : إِنّ لِلْقلوبِ إِقْبالا و إِدْبارا فإِذا أقْبلتْ فاحْمِلوها على النّوافِلِ و إِذا أدْبرتْ فاقْتصِروا بِها على الْفرائِضِ .
313- و قال (عليه السلام) : و فِي الْقرْآنِ نبأ ما قبْلكمْ و خبر ما بعْدكمْ و حكْم ما بيْنكمْ .
314- و قال (عليه السلام) : ردّوا الْحجر مِنْ حيْث جاء فإِنّ الشّرّ لا يدْفعه إِلّا الشّرّ .
315- و قال (عليه السلام) : لِكاتِبِهِ عبيْدِ اللّهِ بْنِ أبِي رافِع ألِقْ دواتك و أطِلْ جِلْفة قلمِك و فرِّجْ بيْن السّطورِ و قرْمِطْ بيْن الْحروفِ فإِنّ ذلِك أجْدر بِصباحةِ الْخطِّ .
316- و قال (عليه السلام) : أنا يعْسوب الْمؤْمِنِين و الْمال يعْسوب الْفجّارِ .
قال الرضي : و معنى ذلك أن المؤمنين يتبعونني و الفجار يتبعون المال كما تتبع النحل يعسوبها و هو رئيسها .
317- و قال له بعْض الْيهودِ ما دفنْتمْ نبِيّكمْ حتّى اخْتلفْتمْ فِيهِ فقال (عليه السلام) : له إِنّما اخْتلفْنا عنْه لا فِيهِ و لكِنّكمْ ما جفّتْ أرْجلكمْ مِن الْبحْرِ حتّى قلْتمْ لِنبِيِّكمْ اجْعلْ لنا إِلها كما لهمْ آلِهة قال إِنّكمْ قوْم تجْهلون .
318- و قِيل له بِأيِّ شيْء غلبْت الْأقْران ، فقال (عليه السلام) : ما لقِيت رجلا إِلّا أعاننِي على نفْسِهِ .
قال الرضي : يومئ بذلك إلى تمكن هيبته في القلوب .
319- و قال (عليه السلام) : لِابْنِهِ محمّدِ ابْنِ الْحنفِيّةِ يا بنيّ إِنِّي أخاف عليْك الْفقْر فاسْتعِذْ بِاللّهِ مِنْه فإِنّ الْفقْر منْقصة لِلدِّينِ مدْهشة لِلْعقْلِ داعِية لِلْمقْتِ .
320- و قال (عليه السلام) : لِسائِل سأله عنْ معْضِلة سلْ تفقّها و لا تسْألْ تعنّتا فإِنّ الْجاهِل الْمتعلِّم شبِيه بِالْعالِمِ و إِنّ الْعالِم الْمتعسِّف شبِيه بِالْجاهِلِ الْمتعنِّتِ .
321- و قال (عليه السلام) : لِعبْدِ اللّهِ بْنِ الْعبّاسِ و قدْ أشار إِليْهِ فِي شيْء لمْ يوافِقْ رأْيه لك أنْ تشِير عليّ و أرى فإِنْ عصيْتك فأطِعْنِي .
322- و روِي أنّه (عليه السلام) لمّا ورد الْكوفة قادِما مِنْ صِفِّين مرّ بِالشِّبامِيِّين فسمِع بكاء النِّساءِ على قتْلى صِفِّين و خرج إِليْهِ حرْب بْن شرحْبِيل الشِّبامِيِّ و كان مِنْ وجوهِ قوْمِهِ ، فقال (عليه السلام) : له أ تغْلِبكمْ نِساؤكمْ على ما أسْمع أ لا تنْهوْنهنّ عنْ هذا الرّنِينِ ، و أقْبل حرْب يمْشِي معه و هو (عليه السلام) راكِب ، فقال (عليه السلام) : ارْجِعْ فإِنّ مشْي مِثْلِك مع مِثْلِي فِتْنة لِلْوالِي و مذلّة لِلْمؤْمِنِ .
323- و قال (عليه السلام) : و قدْ مرّ بِقتْلى الْخوارِجِ يوْم النّهْروانِ بؤْسا لكمْ لقدْ ضرّكمْ منْ غرّكمْ فقِيل له منْ غرّهمْ يا أمِير الْمؤْمِنِين فقال الشّيْطان الْمضِلّ و الْأنْفس الْأمّارة بِالسّوءِ غرّتْهمْ بِالْأمانِيِّ و فسحتْ لهمْ بِالْمعاصِي و وعدتْهم الْإِظْهار فاقْتحمتْ بِهِم النّار .
324- و قال (عليه السلام) : اتّقوا معاصِي اللّهِ فِي الْخلواتِ فإِنّ الشّاهِد هو الْحاكِم .
325- و قال (عليه السلام) : لمّا بلغه قتْل محمّدِ بْنِ أبِي بكْر :
إِنّ حزْننا عليْهِ على قدْرِ سرورِهِمْ بِهِ ، إِلّا أنّهمْ نقصوا بغِيضا و نقصْنا حبِيبا .
326- و قال (عليه السلام) : الْعمر الّذِي أعْذر اللّه فِيهِ إِلى ابْنِ آدم سِتّون سنة .
327- و قال (عليه السلام) : ما ظفِر منْ ظفِر الْإِثْم بِهِ ، و الْغالِب بِالشّرِّ مغْلوب .
328- و قال (عليه السلام) : إِنّ اللّه سبْحانه فرض فِي أمْوالِ الْأغْنِياءِ أقْوات الْفقراءِ فما جاع فقِير إِلّا بِما متِّع بِهِ غنِيّ و اللّه تعالى سائِلهمْ عنْ ذلِك .
329- و قال (عليه السلام) : الِاسْتِغْناء عنِ الْعذْرِ أعزّ مِن الصِّدْقِ بِهِ .
330- و قال (عليه السلام) : أقلّ ما يلْزمكمْ لِلّهِ ألّا تسْتعِينوا بِنِعمِهِ على معاصِيهِ .
331- و قال (عليه السلام) : إِنّ اللّه سبْحانه جعل الطّاعة غنِيمة الْأكْياسِ عِنْد تفْرِيطِ الْعجزةِ .
332- و قال (عليه السلام) : السّلْطان وزعة اللّهِ فِي أرْضِهِ .
333- و قال (عليه السلام) : فِي صِفةِ الْمؤْمِنِ الْمؤْمِن بِشْره فِي وجْهِهِ و حزْنه فِي قلْبِهِ أوْسع شيْء صدْرا و أذلّ شيْء نفْسا يكْره الرِّفْعة و يشْنأ السّمْعة طوِيل غمّه بعِيد همّه كثِير صمْته مشْغول وقْته شكور صبور مغْمور بِفِكْرتِهِ ضنِين بِخلّتِهِ سهْل الْخلِيقةِ ليِّن الْعرِيكةِ نفْسه أصْلب مِن الصّلْدِ و هو أذلّ مِن الْعبْدِ .
334- و قال (عليه السلام) : لوْ رأى الْعبْد الْأجل و مصِيره ، لأبْغض الْأمل و غروره .
335- و قال (عليه السلام) : لِكلِّ امْرِئ فِي مالِهِ شرِيكانِ ، الْوارِث و الْحوادِث .
336- و قال (عليه السلام) : الْمسْئول حرّ حتّى يعِد .
337- و قال (عليه السلام) : الدّاعِي بِلا عمل كالرّامِي بِلا وتر .
338- و قال (عليه السلام) : الْعِلْم عِلْمانِ مطْبوع و مسْموع و لا ينْفع الْمسْموع إِذا لمْ يكنِ الْمطْبوع .
339- و قال (عليه السلام) : صواب الرّأْيِ بِالدّولِ يقْبِل بِإِقْبالِها و يذْهب بِذهابِها.
340- و قال (عليه السلام) : الْعفاف زِينة الْفقْرِ و الشّكْر زِينة الْغِنى .
341- و قال (عليه السلام) : يوْم الْعدْلِ على الظّالِمِ أشدّ مِنْ يوْمِ الْجوْرِ على الْمظْلومِ .
342- و قال (عليه السلام) : الْغِنى الْأكْبر الْيأْس عمّا فِي أيْدِي النّاسِ .
343- و قال (عليه السلام) : الْأقاوِيل محْفوظة و السّرائِر مبْلوّة و كلّ نفْس بِما كسبتْ رهِينة و النّاس منْقوصون مدْخولون إِلّا منْ عصم اللّه سائِلهمْ متعنِّت و مجِيبهمْ متكلِّف يكاد أفْضلهمْ رأْيا يردّه عنْ فضْلِ رأْيِهِ الرِّضى و السّخْط و يكاد أصْلبهمْ عودا تنْكؤه اللّحْظة و تسْتحِيله الْكلِمة الْواحِدة .
344- و قال (عليه السلام) : معاشِر النّاسِ اتّقوا اللّه فكمْ مِنْ مؤمِّل ما لا يبْلغه و بان ما لا يسْكنه و جامِع ما سوْف يتْركه و لعلّه مِنْ باطِل جمعه و مِنْ حقّ منعه أصابه حراما و احْتمل بِهِ آثاما فباء بِوِزْرِهِ و قدِم على ربِّهِ آسِفا لاهِفا قدْ خسِر الدّنْيا و الْآخِرة ذلِك هو الْخسْران الْمبِين .
345- و قال (عليه السلام) : مِن الْعِصْمةِ تعذّر الْمعاصِي .
346- و قال (عليه السلام) : ماء وجْهِك جامِد يقْطِره السّؤال فانْظرْ عِنْد منْ تقْطِره .
347- و قال (عليه السلام) : الثّناء بِأكْثر مِن الِاسْتِحْقاقِ ملق و التّقْصِير عنِ الِاسْتِحْقاقِ عِيّ أوْ حسد .
348- و قال (عليه السلام) : أشدّ الذّنوبِ ما اسْتهان بِهِ صاحِبه .
349- و قال (عليه السلام) : منْ نظر فِي عيْبِ نفْسِهِ اشْتغل عنْ عيْبِ غيْرِهِ و منْ رضِي بِرِزْقِ اللّهِ لمْ يحْزنْ على ما فاته و منْ سلّ سيْف الْبغْيِ قتِل بِهِ و منْ كابد الْأمور عطِب و منِ اقْتحم اللّجج غرِق و منْ دخل مداخِل السّوءِ اتّهِم و منْ كثر كلامه كثر خطؤه و منْ كثر خطؤه قلّ حياؤه و منْ قلّ حياؤه قلّ ورعه و منْ قلّ ورعه مات قلْبه و منْ مات قلْبه دخل النّار و منْ نظر فِي عيوبِ النّاسِ فأنْكرها ثمّ رضِيها لِنفْسِهِ فذلِك الْأحْمق بِعيْنِهِ و الْقناعة مال لا ينْفد و منْ أكْثر مِنْ ذِكْرِ الْموْتِ رضِي مِن الدّنْيا بِالْيسِيرِ و منْ علِم أنّ كلامه مِنْ عملِهِ قلّ كلامه إِلّا فِيما يعْنِيهِ .
350- و قال (عليه السلام) : لِلظّالِمِ مِن الرِّجالِ ثلاث علامات يظْلِم منْ فوْقه بِالْمعْصِيةِ و منْ دونه بِالْغلبةِ و يظاهِر الْقوْم الظّلمة .
351- و قال (عليه السلام) : عِنْد تناهِي الشِّدّةِ تكون الْفرْجة و عِنْد تضايقِ حلقِ الْبلاءِ يكون الرّخاء .
352- و قال (عليه السلام) : لِبعْضِ أصْحابِهِ لا تجْعلنّ أكْثر شغلِك بِأهْلِك و ولدِك فإِنْ يكنْ أهْلك و ولدك أوْلِياء اللّهِ فإِنّ اللّه لا يضِيع أوْلِياءه و إِنْ يكونوا أعْداء اللّهِ فما همّك و شغلك بِأعْداءِ اللّهِ .
353- و قال (عليه السلام) : أكْبر الْعيْبِ أنْ تعِيب ما فِيك مِثْله .
354- و هنّأ بِحضْرتِهِ رجل رجلا بِغلام ولِد له فقال له لِيهْنِئْك الْفارِس فقال (عليه السلام) : لا تقلْ ذلِك و لكِنْ قلْ شكرْت الْواهِب و بورِك لك فِي الْموْهوبِ و بلغ أشدّه و رزِقْت بِرّه .
355- و بنى رجل مِنْ عمّالِهِ بِناء فخْما فقال (عليه السلام) : أطْلعتِ الْورِق رءوسها إِنّ الْبِناء يصِف لك الْغِنى .
356- و قِيل له (عليه السلام) لوْ سدّ على رجل باب بيْتِهِ و ترِك فِيهِ مِنْ أيْن كان يأْتِيهِ رِزْقه فقال (عليه السلام) : مِنْ حيْث يأْتِيهِ أجله
357- و عزّى قوْما عنْ ميِّت مات لهمْ فقال (عليه السلام) : إِنّ هذا الْأمْر ليْس لكمْ بدأ و لا إِليْكم انْتهى و قدْ كان صاحِبكمْ هذا يسافِر فعدّوه فِي بعْضِ أسْفارِهِ فإِنْ قدِم عليْكمْ و إِلّا قدِمْتمْ عليْهِ .
358- و قال (عليه السلام) : أيّها النّاس لِيركم اللّه مِن النِّعْمةِ وجِلِين كما يراكمْ مِن النِّقْمةِ فرِقِين إِنّه منْ وسِّع عليْهِ فِي ذاتِ يدِهِ فلمْ ير ذلِك اسْتِدْراجا فقدْ أمِن مخوفا و منْ ضيِّق عليْهِ فِي ذاتِ يدِهِ فلمْ ير ذلِك اخْتِبارا فقدْ ضيّع مأْمولا
359- و قال (عليه السلام) : يا أسْرى الرّغْبةِ أقْصِروا
فإِنّ الْمعرِّج على الدّنْيا لا يروعه مِنْها إِلّا صرِيف أنْيابِ الْحِدْثانِ أيّها النّاس تولّوْا مِنْ أنْفسِكمْ تأْدِيبها و اعْدِلوا بِها عنْ ضراوةِ عاداتِها .
360- و قال (عليه السلام) : لا تظنّنّ بِكلِمة خرجتْ مِنْ أحد سوءا و أنْت تجِد لها فِي الْخيْرِ محْتملا .
361- و قال (عليه السلام) : إِذا كانتْ لك إِلى اللّهِ سبْحانه حاجة فابْدأْ بِمسْألةِ الصّلاةِ على رسولِهِ (صلى الله عليه وآله) ثمّ سلْ حاجتك فإِنّ اللّه أكْرم مِنْ أنْ يسْأل حاجتيْنِ فيقْضِي إِحْداهما و يمْنع الْأخْرى .
362- و قال (عليه السلام) : منْ ضنّ بِعِرْضِهِ فلْيدعِ الْمِراء .
363- و قال (عليه السلام) : مِن الْخرْقِ الْمعاجلة قبْل الْإِمْكانِ ، و الْأناة بعْد الْفرْصةِ .
364- و قال (عليه السلام) : لا تسْألْ عمّا لا يكون ففِي الّذِي قدْ كان لك شغل .
365- و قال (عليه السلام) : الْفِكْر مِرْآة صافِية و الِاعْتِبار منْذِر ناصِح و كفى أدبا لِنفْسِك تجنّبك ما كرِهْته لِغيْرِك .
366- و قال (عليه السلام) : الْعِلْم مقْرون بِالْعملِ فمنْ علِم عمِل و الْعِلْم يهْتِف بِالْعملِ فإِنْ أجابه و إِلّا ارْتحل عنْه .
367- و قال (عليه السلام) : يا أيّها النّاس متاع الدّنْيا حطام موبِئ فتجنّبوا مرْعاه قلْعتها أحْظى مِنْ طمأْنِينتِها و بلْغتها أزْكى مِنْ ثرْوتِها حكِم على مكْثِر مِنْها بِالْفاقةِ و أعِين منْ غنِي عنْها بِالرّاحةِ منْ راقه زِبْرِجها أعْقبتْ ناظِريْهِ كمها و منِ اسْتشْعر الشّغف بِها ملأتْ ضمِيره أشْجانا لهنّ رقْص على سويْداءِ قلْبِهِ همّ يشْغله و غمّ يحْزنه كذلِك حتّى يؤْخذ بِكظمِهِ فيلْقى بِالْفضاءِ منْقطِعا أبْهراه هيِّنا على اللّهِ فناؤه و على الْإِخْوانِ إِلْقاؤه و إِنّما ينْظر الْمؤْمِن إِلى الدّنْيا بِعيْنِ الِاعْتِبارِ و يقْتات مِنْها بِبطْنِ الِاضْطِرارِ و يسْمع فِيها بِأذنِ الْمقْتِ و الْإِبْغاضِ إِنْ قِيل أثْرى قِيل أكْدى و إِنْ فرِح له بِالْبقاءِ حزِن له بِالْفناءِ هذا و لمْ يأْتِهِمْ يوْم فِيهِ يبْلِسون .
368- و قال (عليه السلام) : إِنّ اللّه سبْحانه وضع الثّواب على طاعتِهِ و الْعِقاب على معْصِيتِهِ ذِيادة لِعِبادِهِ عنْ نِقْمتِهِ و حِياشة لهمْ إِلى جنّتِهِ .
369- و قال (عليه السلام) : يأْتِي على النّاسِ زمان لا يبْقى فِيهِمْ مِن الْقرْآنِ إِلّا رسْمه و مِن الْإِسْلامِ إِلّا اسْمه و مساجِدهمْ يوْمئِذ عامِرة مِن الْبِناءِ خراب مِن الْهدى سكّانها و عمّارها شرّ أهْلِ الْأرْضِ مِنْهمْ تخْرج الْفِتْنة و إِليْهِمْ تأْوِي الْخطِيئة يردّون منْ شذّ عنْها فِيها و يسوقون منْ تأخّر عنْها إِليْها يقول اللّه سبْحانه فبِي حلفْت لأبْعثنّ على أولئِك فِتْنة تتْرك الْحلِيم فِيها حيْران و قدْ فعل و نحْن نسْتقِيل اللّه عثْرة الْغفْلةِ .
370- و روِي أنّه (عليه السلام) قلّما اعْتدل بِهِ الْمِنْبر إِلّا قال أمام الْخطْبةِ أيّها النّاس اتّقوا اللّه فما خلِق امْرؤ عبثا فيلْهو و لا ترِك سدى فيلْغو و ما دنْياه الّتِي تحسّنتْ له بِخلف مِن الْآخِرةِ الّتِي قبّحها سوء النّظرِ عِنْده و ما الْمغْرور الّذِي ظفِر مِن الدّنْيا بِأعْلى هِمّتِهِ كالْآخرِ الّذِي ظفِر مِن الْآخِرةِ بِأدْنى سهْمتِهِ .
371- و قال (عليه السلام) : لا شرف أعْلى مِن الْإِسْلامِ و لا عِزّ أعزّ مِن التّقْوى و لا معْقِل أحْسن مِن الْورعِ و لا شفِيع أنْجح مِن التّوْبةِ و لا كنْز أغْنى مِن الْقناعةِ و لا مال أذْهب لِلْفاقةِ مِن الرِّضى بِالْقوتِ و منِ اقْتصر على بلْغةِ الْكفافِ فقدِ انْتظم الرّاحة و تبوّأ خفْض الدّعةِ و الرّغْبة مِفْتاح النّصبِ
و مطِيّة التّعبِ و الْحِرْص و الْكِبْر و الْحسد دواع إِلى التّقحّمِ فِي الذّنوبِ و الشّرّ جامِع مساوِئِ الْعيوبِ .
372- و قال (عليه السلام) : لِجابِرِ بْنِ عبْدِ اللّهِ الْأنْصارِيِّ يا جابِر قِوام الدِّينِ و الدّنْيا بِأرْبعة عالِم مسْتعْمِل عِلْمه و جاهِل لا يسْتنْكِف أنْ يتعلّم و جواد لا يبْخل بِمعْروفِهِ و فقِير لا يبِيع آخِرته بِدنْياه فإِذا ضيّع الْعالِم عِلْمه اسْتنْكف الْجاهِل أنْ يتعلّم و إِذا بخِل الْغنِيّ بِمعْروفِهِ باع الْفقِير آخِرته بِدنْياه يا جابِر منْ كثرتْ نِعم اللّهِ عليْهِ كثرتْ حوائِج النّاسِ إِليْهِ فمنْ قام لِلّهِ فِيها بِما يجِب فِيها عرّضها لِلدّوامِ و الْبقاءِ و منْ لمْ يقمْ فِيها بِما يجِب عرّضها لِلزّوالِ و الْفناءِ .
373- و روى ابْن جرِير الطّبرِيّ فِي تارِيخِهِ عنْ عبْدِ الرّحْمنِ بْنِ أبِي ليْلى الْفقِيهِ و كان مِمّنْ خرج لِقِتالِ الْحجّاجِ مع ابْنِ الْأشْعثِ أنّه قال فِيما كان يحضّ بِهِ النّاس على الْجِهادِ إِنِّي سمِعْت علِيّا رفع اللّه درجته فِي الصّالِحِين و أثابه ثواب الشّهداءِ و الصِّدِّيقِين يقول يوْم لقِينا أهْل الشّامِ :
أيّها الْمؤْمِنون إِنّه منْ رأى عدْوانا يعْمل بِهِ و منْكرا يدْعى إِليْهِ فأنْكره بِقلْبِهِ فقدْ سلِم و برِئ و منْ أنْكره بِلِسانِهِ فقدْ أجِر و هو أفْضل مِنْ صاحِبِهِ و منْ أنْكره بِالسّيْفِ لِتكون كلِمة اللّهِ هِي الْعلْيا و كلِمة الظّالِمِين هِي السّفْلى فذلِك الّذِي أصاب سبِيل الْهدى و قام على الطّرِيقِ و نوّر فِي قلْبِهِ الْيقِين .
374- و فِي كلام آخر له يجْرِي هذا الْمجْرى فمِنْهم الْمنْكِر لِلْمنْكرِ بِيدِهِ و لِسانِهِ و قلْبِهِ فذلِك الْمسْتكْمِل لِخِصالِ الْخيْرِ و مِنْهم الْمنْكِر بِلِسانِهِ و قلْبِهِ و التّارِك بِيدِهِ فذلِك متمسِّك بِخصْلتيْنِ مِنْ خِصالِ الْخيْرِ و مضيِّع خصْلة و مِنْهم الْمنْكِر بِقلْبِهِ و التّارِك بِيدِهِ و لِسانِهِ فذلِك الّذِي ضيّع أشْرف الْخصْلتيْنِ مِن الثّلاثِ و تمسّك بِواحِدة و مِنْهمْ تارِك لِإِنْكارِ الْمنْكرِ بِلِسانِهِ و قلْبِهِ و يدِهِ فذلِك ميِّت الْأحْياءِ و ما أعْمال الْبِرِّ كلّها و الْجِهاد فِي سبِيلِ اللّهِ عِنْد الْأمْرِ بِالْمعْروفِ و النّهْيِ عنْ الْمنْكرِ إِلّا كنفْثة فِي بحْر لجِّيّ و إِنّ الْأمْر بِالْمعْروفِ و النّهْي عنِ الْمنْكرِ لا يقرِّبانِ مِنْ أجل و لا ينْقصانِ مِنْ رِزْق و أفْضل مِنْ ذلِك كلِّهِ كلِمة عدْل عِنْد إِمام جائِر .
375- و عنْ أبِي جحيْفة قال سمِعْت أمِير الْمؤْمِنِين (عليه السلام) يقول أوّل ما تغْلبون عليْهِ مِن الْجِهادِ الْجِهاد بِأيْدِيكمْ ثمّ بِألْسِنتِكمْ ثمّ بِقلوبِكمْ فمنْ لمْ يعْرِفْ بِقلْبِهِ معْروفا و لمْ ينْكِرْ منْكرا قلِب فجعِل أعْلاه أسْفله و أسْفله أعْلاه .
376- و قال (عليه السلام) : إِنّ الْحقّ ثقِيل مرِيء و إِنّ الْباطِل خفِيف وبِيء .
377- و قال (عليه السلام) : لا تأْمننّ على خيْرِ هذِهِ الْأمّةِ عذاب اللّهِ
لِقوْلِهِ تعالى فلا يأْمن مكْر اللّهِ إِلّا الْقوْم الْخاسِرون و لا تيْأسنّ لِشرِّ هذِهِ الْأمّةِ مِنْ روْحِ اللّهِ لِقوْلِهِ تعالى إِنّه لا ييْأس مِنْ روْحِ اللّهِ إِلّا الْقوْم الْكافِرون .
378- و قال (عليه السلام) : الْبخْل جامِع لِمساوِئِ الْعيوبِ و هو زِمام يقاد بِهِ إِلى كلِّ سوء .
379- و قال (عليه السلام) : يا ابْن آدم الرِّزْق رِزْقانِ رِزْق تطْلبه و رِزْق يطْلبك فإِنْ لمْ تأْتِهِ أتاك فلا تحْمِلْ همّ سنتِك على همِّ يوْمِك كفاك كلّ يوْم على ما فِيهِ فإِنْ تكنِ السّنة مِنْ عمرِك فإِنّ اللّه تعالى سيؤْتِيك فِي كلِّ غد جدِيد ما قسم لك و إِنْ لمْ تكنِ السّنة مِنْ عمرِك فما تصْنع بِالْهمِّ فِيما ليْس لك و لنْ يسْبِقك إِلى رِزْقِك طالِب و لنْ يغْلِبك عليْهِ غالِب و لنْ يبْطِئ عنْك ما قدْ قدِّر لك .
قال الرضي : و قد مضى هذا الكلام فيما تقدم من هذا الباب إلا أنه هاهنا أوضح و أشرح فلذلك كررناه على القاعدة المقررة في أول الكتاب .
380- و قال (عليه السلام) : ربّ مسْتقْبِل يوْما ليْس بِمسْتدْبِرِهِ و مغْبوط فِي أوّلِ ليْلِهِ قامتْ بواكِيهِ فِي آخِرِهِ .
381- و قال (عليه السلام) : الْكلام فِي وثاقِك ما لمْ تتكلّمْ بِهِ فإِذا تكلّمْت بِهِ صِرْت فِي وثاقِهِ فاخْزنْ لِسانك كما تخْزن ذهبك و ورِقك فربّ كلِمة سلبتْ نِعْمة و جلبتْ نِقْمة .
382- و قال (عليه السلام) : لا تقلْ ما لا تعْلم بلْ لا تقلْ كلّ ما تعْلم فإِنّ اللّه فرض على جوارِحِك كلِّها فرائِض يحْتجّ بِها عليْك يوْم الْقِيامةِ .
383- و قال (عليه السلام) : احْذرْ أنْ يراك اللّه عِنْد معْصِيتِهِ و يفْقِدك عِنْد طاعتِهِ فتكون مِن الْخاسِرِين ، و إِذا قوِيت فاقْو على طاعةِ اللّهِ ، و إِذا ضعفْت فاضْعفْ عنْ معْصِيةِ اللّهِ .
384- و قال (عليه السلام) : الرّكون إِلى الدّنْيا مع ما تعايِن مِنْها جهْل و التّقْصِير فِي حسْنِ الْعملِ إِذا وثِقْت بِالثّوابِ عليْهِ غبْن و الطّمأْنِينة إِلى كلِّ أحد قبْل الِاخْتِبارِ له عجْز .
385- و قال (عليه السلام) : مِنْ هوانِ الدّنْيا على اللّهِ أنّه لا يعْصى إِلّا فِيها و لا ينال ما عِنْده إِلّا بِترْكِها .
386- و قال (عليه السلام) : منْ طلب شيْئا ناله أوْ بعْضه .
387- و قال (عليه السلام) : ما خيْر بِخيْر بعْده النّار و ما شرّ بِشرّ بعْده الْجنّة و كلّ نعِيم دون الْجنّةِ فهو محْقور و كلّ بلاء دون النّارِ عافِية .
388- و قال (عليه السلام) : ألا و إِنّ مِن الْبلاءِ الْفاقة و أشدّ
مِن الْفاقةِ مرض الْبدنِ و أشدّ مِنْ مرضِ الْبدنِ مرض الْقلْبِ ألا و إِنّ مِنْ صِحّةِ الْبدنِ تقْوى الْقلْبِ .
389- و قال (عليه السلام) : منْ أبْطأ بِهِ عمله لمْ يسْرِعْ بِهِ نسبه .
و فِي رِواية أخْرى : منْ فاته حسب نفْسِهِ لمْ ينْفعْه حسب آبائِهِ .
390- و قال (عليه السلام) : لِلْمؤْمِنِ ثلاث ساعات فساعة يناجِي فِيها ربّه و ساعة يرمّ معاشه و ساعة يخلِّي بيْن نفْسِهِ و بيْن لذّتِها فِيما يحِلّ و يجْمل و ليْس لِلْعاقِلِ أنْ يكون شاخِصا إِلّا فِي ثلاث مرمّة لِمعاش أوْ خطْوة فِي معاد أوْ لذّة فِي غيْرِ محرّم .
391- و قال (عليه السلام) : ازْهدْ فِي الدّنْيا يبصِّرْك اللّه عوْراتِها و لا تغْفلْ فلسْت بِمغْفول عنْك .
392- و قال (عليه السلام) : تكلّموا تعْرفوا فإِنّ الْمرْء مخْبوء تحْت لِسانِهِ .
393- و قال (عليه السلام) : خذْ مِن الدّنْيا ما أتاك و تولّ عمّا تولّى عنْك فإِنْ أنْت لمْ تفْعلْ فأجْمِلْ فِي الطّلبِ .
394- و قال (عليه السلام) : ربّ قوْل أنْفذ مِنْ صوْل .
395- و قال (عليه السلام) : كلّ مقْتصر عليْهِ كاف .
396- و قال (عليه السلام) : الْمنِيّة و لا الدّنِيّة و التّقلّل و لا التّوسّل و منْ لمْ يعْط قاعِدا لمْ يعْط قائِما و الدّهْر يوْمانِ يوْم لك و يوْم عليْك فإِذا كان لك فلا تبْطرْ و إِذا كان عليْك فاصْبِرْ .
397- و قال (عليه السلام) : نِعْم الطِّيب الْمِسْك خفِيف محْمِله عطِر رِيحه .
398- و قال (عليه السلام) : ضعْ فخْرك و احْططْ كِبْرك و اذْكرْ قبْرك .
399- و قال (عليه السلام) : إِنّ لِلْولدِ على الْوالِدِ حقّا و إِنّ لِلْوالِدِ على الْولدِ حقّا فحقّ الْوالِدِ على الْولدِ أنْ يطِيعه فِي كلِّ شيْء إِلّا فِي معْصِيةِ اللّهِ سبْحانه و حقّ الْولدِ على الْوالِدِ أنْ يحسِّن اسْمه و يحسِّن أدبه و يعلِّمه الْقرْآن .
400- و قال (عليه السلام) : الْعيْن حقّ و الرّقى حقّ و السِّحْر حقّ و الْفأْل حقّ و الطِّيرة ليْستْ بِحقّ و الْعدْوى ليْستْ بِحقّ و الطِّيب نشْرة و الْعسل نشْرة و الرّكوب نشْرة و النّظر إِلى الْخضْرةِ نشْرة .
401- و قال (عليه السلام) : مقاربة النّاسِ فِي أخْلاقِهِمْ أمْن مِنْ غوائِلِهِمْ .
402- و قال (عليه السلام) : لِبعْضِ مخاطِبِيهِ و قدْ تكلّم بِكلِمة يسْتصْغر مِثْله عنْ قوْلِ مِثْلِها لقدْ طِرْت شكِيرا و هدرْت سقْبا .
قال الرضي : و الشكير هاهنا أول ما ينبت من ريش الطائر قبل أن يقوى و يستحصف و السقب الصغير من الإبل و لا يهدر إلا بعد أن يستفحل .
403- و قال (عليه السلام) : منْ أوْمأ إِلى متفاوِت خذلتْه الْحِيل .
404- و قال (عليه السلام) : و قدْ سئِل عنْ معْنى قوْلِهِمْ لا حوْل و لا قوّة إِلّا بِاللّهِ إِنّا لا نمْلِك مع اللّهِ شيْئا و لا نمْلِك إِلّا ما ملّكنا فمتى ملّكنا ما هو أمْلك بِهِ مِنّا كلّفنا و متى أخذه مِنّا وضع تكْلِيفه عنّا .
405- و قال (عليه السلام) : لِعمّارِ بْنِ ياسِر و قدْ سمِعه يراجِع الْمغِيرة بْن شعْبة كلاما دعْه يا عمّار فإِنّه لمْ يأْخذْ مِن الدِّينِ إِلّا ما قاربه مِن الدّنْيا و على عمْد لبس على نفْسِهِ لِيجْعل الشّبهاتِ عاذِرا لِسقطاتِهِ .
406- و قال (عليه السلام) : ما أحْسن تواضع الْأغْنِياءِ لِلْفقراءِ طلبا لِما عِنْد اللّهِ و أحْسن مِنْه تِيه الْفقراءِ على الْأغْنِياءِ اتِّكالا على اللّهِ .
407- و قال (عليه السلام) : ما اسْتوْدع اللّه امْرأ عقْلا إِلّا اسْتنْقذه بِهِ يوْما ما .
408- و قال (عليه السلام) : منْ صارع الْحقّ صرعه .
409- و قال (عليه السلام) : الْقلْب مصْحف الْبصرِ .
410- و قال (عليه السلام) : التّقى رئِيس الْأخْلاقِ .
411- و قال (عليه السلام) : لا تجْعلنّ ذرب لِسانِك على منْ أنْطقك و بلاغة قوْلِك على منْ سدّدك .
412- و قال (عليه السلام) : كفاك أدبا لِنفْسِك اجْتِناب ما تكْرهه مِنْ غيْرِك .
413- و قال (عليه السلام) : منْ صبر صبْر الْأحْرارِ و إِلّا سلا سلوّ الْأغْمارِ .
414- و فِي خبر آخر أنّه (عليه السلام) قال لِلْأشْعثِ بْنِ قيْس معزِّيا عنِ ابْن له
إِنْ صبرْت صبْر الْأكارِمِ و إِلّا سلوْت سلوّ الْبهائِمِ .
415- و قال (عليه السلام) : فِي صِفةِ الدّنْيا تغرّ و تضرّ و تمرّ إِنّ اللّه تعالى لمْ يرْضها ثوابا لِأوْلِيائِهِ و لا عِقابا لِأعْدائِهِ و إِنّ أهْل الدّنْيا كركْب بيْنا همْ حلّوا إِذْ صاح بِهِمْ سائِقهمْ فارْتحلوا .
416- و قال لِابْنِهِ الْحسنِ (عليه السلام) لا تخلِّفنّ وراءك شيْئا مِن الدّنْيا فإِنّك تخلِّفه لِأحدِ رجليْنِ إِمّا رجل عمِل فِيهِ بِطاعةِ اللّهِ فسعِد بِما شقِيت بِهِ و إِمّا رجل عمِل فِيهِ بِمعْصِيةِ اللّهِ فشقِي بِما جمعْت له فكنْت عوْنا له على معْصِيتِهِ و ليْس أحد هذيْنِ حقِيقا أنْ تؤْثِره على نفْسِك .
قال الرضي : و يرْوى هذا الْكلام على وجْه آخر و هو :
أمّا بعْد فإِنّ الّذِي فِي يدِك مِن الدّنْيا قدْ كان له أهْل قبْلك و هو صائِر إِلى أهْل بعْدك و إِنّما أنْت جامِع لِأحدِ رجليْنِ رجل عمِل فِيما جمعْته بِطاعةِ اللّهِ فسعِد بِما شقِيت بِهِ أوْ رجل عمِل فِيهِ بِمعْصِيةِ اللّهِ فشقِيت بِما جمعْت له و ليْس أحد هذيْنِ أهْلا أنْ تؤْثِره على نفْسِك و لا أنْ تحْمِل له على ظهْرِك فارْج لِمنْ مضى رحْمة اللّهِ و لِمنْ بقِي رِزْق اللّهِ .
417- و قال (عليه السلام) : لِقائِل قال بِحضْرتِهِ أسْتغْفِر اللّه ، ثكِلتْك أمّك ، أ تدْرِي ما الِاسْتِغْفار ، الِاسْتِغْفار درجة الْعِلِّيِّين ، و هو اسْم واقِع على سِتّةِ معان ، أوّلها النّدم على ما مضى ، و الثّانِي الْعزْم على ترْكِ الْعوْدِ إِليْهِ أبدا ، و الثّالِث أنْ تؤدِّي إِلى الْمخْلوقِين حقوقهمْ حتّى تلْقى اللّه أمْلس ليْس عليْك تبِعة ، و الرّابِع أنْ تعْمِد إِلى كلِّ فرِيضة عليْك ضيّعْتها فتؤدِّي حقّها ، و الْخامِس أنْ تعْمِد إِلى اللّحْمِ الّذِي نبت على السّحْتِ فتذِيبه بِالْأحْزانِ حتّى تلْصِق الْجِلْد بِالْعظْمِ و ينْشأ بيْنهما لحْم جدِيد ، و السّادِس أنْ تذِيق الْجِسْم ألم الطّاعةِ كما أذقْته حلاوة الْمعْصِيةِ ، فعِنْد ذلِك تقول أسْتغْفِر اللّه .
418- و قال (عليه السلام) : الْحِلْم عشِيرة .
419- و قال (عليه السلام) : مِسْكِين ابْن آدم مكْتوم الْأجلِ مكْنون الْعِللِ محْفوظ الْعملِ تؤْلِمه الْبقّة و تقْتله الشّرْقة و تنْتِنه الْعرْقة .
420- و روِي أنّه (عليه السلام) كان جالِسا فِي أصْحابِهِ فمرّتْ بِهِم امْرأة جمِيلة فرمقها الْقوْم بِأبْصارِهِمْ فقال (عليه السلام) :
إِنّ أبْصار هذِهِ الْفحولِ طوامِح و إِنّ ذلِك سبب هِبابِها فإِذا نظر أحدكمْ إِلى امْرأة تعْجِبه فلْيلامِسْ أهْله فإِنّما هِي امْرأة كامْرأتِهِ .
فقال رجل مِن الْخوارِجِ : قاتله اللّه ، كافِرا ما أفْقهه ، فوثب الْقوْم لِيقْتلوه ، فقال (عليه السلام) : رويْدا إِنّما هو سبّ بِسبّ ، أوْ عفْو عنْ ذنْب .
421- و قال (عليه السلام) :
كفاك مِنْ عقْلِك ما أوْضح لك سبل غيِّك مِنْ رشْدِك .
422- و قال (عليه السلام) :
افْعلوا الْخيْر و لا تحْقِروا مِنْه شيْئا .
فإِنّ صغِيره كبِير و قلِيله كثِير و لا يقولنّ أحدكمْ إِنّ أحدا أوْلى بِفِعْلِ الْخيْرِ مِنِّي فيكون و اللّهِ كذلِك إِنّ لِلْخيْرِ و الشّرِّ أهْلا فمهْما تركْتموه مِنْهما كفاكموه أهْله .
423- و قال (عليه السلام) :
منْ أصْلح سرِيرته أصْلح اللّه علانِيته ، و منْ عمِل لِدِينِهِ كفاه اللّه أمْر دنْياه ، و منْ أحْسن فِيما بيْنه و بيْن اللّهِ ، أحْسن اللّه ما بيْنه و بيْن النّاسِ .
424- و قال (عليه السلام) :
الْحِلْم غِطاء ساتِر و الْعقْل حسام قاطِع فاسْترْ خلل خلقِك بِحِلْمِك و قاتِلْ هواك بِعقْلِك .
425- و قال (عليه السلام) :
إِنّ لِلّهِ عِبادا يخْتصّهم اللّه بِالنِّعمِ لِمنافِعِ الْعِبادِ فيقِرّها فِي أيْدِيهِمْ ما بذلوها فإِذا منعوها نزعها مِنْهمْ ثمّ حوّلها إِلى غيْرِهِمْ .
426- و قال (عليه السلام) :
لا ينْبغِي لِلْعبْدِ أنْ يثِق بِخصْلتيْنِ الْعافِيةِ و الْغِنى بيْنا تراه معافى إِذْ سقِم و بيْنا تراه غنِيّا إِذِ افْتقر .
427- و قال (عليه السلام) :
منْ شكا الْحاجة إِلى مؤْمِن فكأنّه شكاها إِلى اللّهِ و منْ شكاها إِلى كافِر فكأنّما شكا اللّه .
428- و قال (عليه السلام) فِي بعْضِ الْأعْيادِ :
إِنّما هو عِيد لِمنْ قبِل اللّه صِيامه و شكر قِيامه ، و كلّ يوْم لا يعْصى اللّه فِيهِ فهو عِيد.
429- و قال (عليه السلام) :
إِنّ أعْظم الْحسراتِ يوْم الْقِيامةِ حسْرة رجل كسب مالا فِي غيْرِ طاعةِ اللّهِ فورِثه رجل فأنْفقه فِي طاعةِ اللّهِ سبْحانه فدخل بِهِ الْجنّة و دخل الْأوّل بِهِ النّار .
430- و قال (عليه السلام) :
إِنّ أخْسر النّاسِ صفْقة و أخْيبهمْ سعْيا رجل أخْلق بدنه فِي طلبِ مالِهِ و لمْ تساعِدْه الْمقادِير على إِرادتِهِ فخرج مِن الدّنْيا بِحسْرتِهِ و قدِم على الْآخِرةِ بِتبِعتِهِ .
431- و قال (عليه السلام) :
الرِّزْق رِزْقانِ طالِب و مطْلوب فمنْ طلب الدّنْيا طلبه الْموْت حتّى يخْرِجه عنْها و منْ طلب الْآخِرة طلبتْه الدّنْيا حتّى يسْتوْفِي رِزْقه مِنْها .
432- و قال (عليه السلام) :
إِنّ أوْلِياء اللّهِ هم الّذِين نظروا إِلى باطِنِ الدّنْيا إِذا نظر النّاس إِلى ظاهِرِها و اشْتغلوا بِآجِلِها إِذا اشْتغل النّاس بِعاجِلِها فأماتوا مِنْها ما خشوا أنْ يمِيتهمْ و تركوا مِنْها ما علِموا أنّه سيتْركهمْ و رأوا اسْتِكْثار غيْرِهِمْ مِنْها اسْتِقْلالا و دركهمْ لها فوْتا أعْداء ما سالم النّاس و سلْم ما عادى النّاس بِهِمْ علِم الْكِتاب و بِهِ علِموا و بِهِمْ قام الْكِتاب و بِهِ قاموا لا يروْن مرْجوّا فوْق ما يرْجون و لا مخوفا فوْق ما يخافون .
433- و قال (عليه السلام) :
اذْكروا انْقِطاع اللّذّاتِ و بقاء التّبِعاتِ .
434- و قال (عليه السلام) :
اخْبرْ تقْلِهِ .
قال الرضي : و من الناس من يروي هذا للرسول (صلى الله عليه وآله) و مما يقوي أنه من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي قال المأمون لو لا أن عليا (عليه السلام) قال اخبر تقله لقلت اقله تخبر .
435- و قال (عليه السلام) :
ما كان اللّه لِيفْتح على عبْد باب الشّكْرِ و يغْلِق عنْه باب الزِّيادةِ و لا لِيفْتح على عبْد باب الدّعاءِ و يغْلِق عنْه باب الْإِجابةِ و لا لِيفْتح لِعبْد باب التّوْبةِ و يغْلِق عنْه باب الْمغْفِرةِ .
436- و قال (عليه السلام) :
أوْلى النّاسِ بِالْكرمِ منْ عرِفتْ بِهِ الْكِرام .
437- و سئِل (عليه السلام) أيّهما أفْضل الْعدْل أوِ الْجود ، فقال ( عليه السلام) :
الْعدْل يضع الْأمور مواضِعها و الْجود يخْرِجها مِنْ جِهتِها و الْعدْل سائِس عامّ و الْجود عارِض خاصّ فالْعدْل أشْرفهما و أفْضلهما .
438- و قال (عليه السلام) :
النّاس أعْداء ما جهِلوا .
439- و قال (عليه السلام) :
الزّهْد كلّه بيْن كلِمتيْنِ مِن الْقرْآنِ ، قال اللّه سبْحانه : { لِكيْلا تأْسوْا على ما فاتكمْ و لا تفْرحوا بِما آتاكمْ } و منْ لمْ يأْس على الْماضِي و لمْ يفْرحْ بِالْآتِي فقدْ أخذ الزّهْد بِطرفيْهِ .
440- و قال (عليه السلام) :
ما أنْقض النّوْم لِعزائِمِ الْيوْمِ .
441- و قال (عليه السلام) :
الْوِلايات مضامِير الرِّجالِ .
442- و قال (عليه السلام) :
ليْس بلد بِأحقّ بِك مِنْ بلد خيْر الْبِلادِ ما حملك .
443- و قال (عليه السلام) : و قدْ جاءه نعْي الْأشْترِ رحِمه اللّه :
مالِك و ما مالِك و اللّهِ لوْ كان جبلا لكان فِنْدا و لوْ كان حجرا لكان صلْدا لا يرْتقِيهِ الْحافِر و لا يوفِي عليْهِ الطّائِر .
قال الرضي : و الفند المنفرد من الجبال .
444- و قال (عليه السلام) :
قلِيل مدوم عليْهِ خيْر مِنْ كثِير ممْلول مِنْه .
445- و قال (عليه السلام) :
إِذا كان فِي رجل خلّة رائِقة فانْتظِروا أخواتِها .
446- و قال (عليه السلام) : لِغالِبِ بْنِ صعْصعة أبِي الْفرزْدقِ فِي كلام دار بيْنهما :
ما فعلتْ إِبِلك الْكثِيرة قال دغْدغتْها الْحقوق يا أمِير الْمؤْمِنِين فقال (عليه السلام) : ذلِك أحْمد سبلِها .
447- و قال (عليه السلام) :
منِ اتّجر بِغيْرِ فِقْه فقدِ ارْتطم فِي الرِّبا .
448- و قال (عليه السلام) :
منْ عظّم صِغار الْمصائِبِ ابْتلاه اللّه بِكِبارِها .
449- و قال (عليه السلام) :
منْ كرمتْ عليْهِ نفْسه هانتْ عليْهِ شهواته .
450- و قال (عليه السلام) :
ما مزح امْرؤ مزْحة إِلّا مجّ مِنْ عقْلِهِ مجّة .
451- و قال (عليه السلام) :
زهْدك فِي راغِب فِيك نقْصان حظّ و رغْبتك فِي زاهِد فِيك ذلّ نفْس .
452- و قال (عليه السلام) :
الْغِنى و الْفقْر بعْد الْعرْضِ على اللّهِ .
453- و قال (عليه السلام) :
ما زال الزّبيْر رجلا مِنّا أهْل الْبيْتِ حتّى نشأ ابْنه الْمشْئوم عبْد اللّهِ .
454- و قال (عليه السلام) :
ما لِابْنِ آدم و الْفخْرِ أوّله نطْفة و آخِره جِيفة و لا يرْزق نفْسه و لا يدْفع حتْفه .
455- و سئِل منْ أشْعر الشّعراءِ فقال (عليه السلام) : إِنّ الْقوْم لمْ يجْروا فِي حلْبة تعْرف الْغاية عِنْد قصبتِها فإِنْ كان و لا بدّ فالْملِك الضِّلِّيل.
يريد إمرأ القيس .
456- و قال (عليه السلام) :
ألا حرّ يدع هذِهِ اللّماظة لِأهْلِها إِنّه ليْس لِأنْفسِكمْ ثمن إِلّا الْجنّة فلا تبِيعوها إِلّا بِها .
457- و قال (عليه السلام) :
منْهومانِ لا يشْبعانِ طالِب عِلْم و طالِب دنْيا .
458- و قال (عليه السلام) :
الْإِيمان أنْ تؤْثِر الصِّدْق حيْث يضرّك على الْكذِبِ حيْث ينْفعك و ألّا يكون فِي حدِيثِك فضْل عنْ عملِك و أنْ تتّقِي اللّه فِي حدِيثِ غيْرِك .
459- و قال (عليه السلام) :
يغْلِب الْمِقْدار على التّقْدِيرِ حتّى تكون الْآفة فِي التّدْبِيرِ .
قال الرضي : و قد مضى هذا المعنى فيما تقدم برواية تخالف هذه الألفاظ .
460- و قال (عليه السلام) :
الْحِلْم و الْأناة توْأمانِ ينْتِجهما علوّ الْهِمّةِ .
461- و قال (عليه السلام) :
الْغِيبة جهْد الْعاجِزِ .
462- و قال (عليه السلام) :
ربّ مفْتون بِحسْنِ الْقوْلِ فِيهِ .
463- و قال (عليه السلام) :
الدّنْيا خلِقتْ لِغيْرِها و لمْ تخْلقْ لِنفْسِها .
464- و قال (عليه السلام) :
إِنّ لِبنِي أميّة مِرْودا يجْرون فِيهِ و لوْ قدِ اخْتلفوا فِيما بيْنهمْ ثمّ كادتْهم الضِّباع لغلبتْهمْ.
قال الرضي : و المرود هنا مفعل من الإرواد و هو الإمهال و الإظهار و هذا من أفصح الكلام و أغربه فكأنه (عليه السلام) شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها .
465- و قال (عليه السلام) فِي مدْحِ الْأنْصارِ :
همْ و اللّهِ ربّوا الْإِسْلام كما يربّى الْفِلْو مع غنائِهِمْ بِأيْدِيهِم السِّباطِ و ألْسِنتِهِم السِّلاطِ .
466- و قال (عليه السلام) :
الْعيْن وِكاء السّهِ .
قال الرضي : و هذه من الاستعارات العجيبة كأنه يشبه السه بالوعاء و العين بالوكاء فإذا أطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء و هذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبي (صلى الله عليه وآله) و قد رواه قوم لأمير المؤمنين (عليه السلام) و ذكر ذلك المبرد في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف و قد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية .
467- و قال (عليه السلام) فِي كلام له :
و ولِيهمْ وال فأقام و اسْتقام حتّى ضرب الدِّين بِجِرانِهِ .
468- و قال (عليه السلام) :
يأْتِي على النّاسِ زمان عضوض يعضّ الْموسِر فِيهِ على ما فِي يديْهِ و لمْ يؤْمرْ بِذلِك قال اللّه سبْحانه و لا تنْسوا الْفضْل بيْنكمْ تنْهد فِيهِ الْأشْرار و تسْتذلّ الْأخْيار و يبايِع الْمضْطرّون و قدْ نهى رسول اللّهِ (صلى الله عليه وآله) عنْ بيْعِ الْمضْطرِّين .
469- و قال (عليه السلام) :
يهْلِك فِيّ رجلانِ محِبّ مفْرِط و باهِت مفْتر .
قال الرضي : و هذا مثل قوله (عليه السلام) :
هلك فِيّ رجلانِ محِبّ غال و مبْغِض قال .
470- و سئِل عنِ التّوْحِيدِ و الْعدْلِ فقال (عليه السلام) :
التّوْحِيد ألّا تتوهّمه و الْعدْل ألّا تتّهِمه .
471- و قال (عليه السلام) :
لا خيْر فِي الصّمْتِ عنِ الْحكْمِ كما أنّه لا خيْر فِي الْقوْلِ بِالْجهْلِ .
472- و قال (عليه السلام) فِي دعاء اسْتسْقى بِهِ :
اللّهمّ اسْقِنا ذلل السّحابِ دون صِعابِها .
قال الرضي : و هذا من الكلام العجيب الفصاحة و ذلك أنه (عليه السلام) شبه السحاب ذوات الرعود و البوارق و الرياح و الصواعق بالإبل الصعاب التي تقمص برحالها و تقص بركبانها و شبه السحاب خالية من تلك الروائع بالإبل الذلل التي تحتلب طيعة و تقتعد مسمحة .
473- و قِيل له (عليه السلام) لوْ غيّرْت شيْبك يا أمِير الْمؤْمِنِين فقال (عليه السلام) :
الْخِضاب زِينة و نحْن قوْم فِي مصِيبة يرِيد وفاة رسولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله) .
474- و قال (عليه السلام) :
ما الْمجاهِد الشّهِيد فِي سبِيلِ اللّهِ بِأعْظم أجْرا مِمّنْ قدر فعفّ لكاد الْعفِيف أنْ يكون ملكا مِن الْملائِكةِ .
475- و قال (عليه السلام) :
الْقناعة مال لا ينْفد .
قال الرضي : و قد روى بعضهم هذا الكلام لرسول الله (صلى الله عليه وآله) .
476- و قال (عليه السلام) لِزِيادِ ابْنِ أبِيهِ و قدِ اسْتخْلفه لِعبْدِ اللّهِ بْنِ الْعبّاسِ على فارِس و أعْمالِها فِي كلام طوِيل كان بيْنهما نهاه فِيهِ عنْ تقدّمِ الْخراجِ :
اسْتعْمِلِ الْعدْل و احْذرِ الْعسْف و الْحيْف فإِنّ الْعسْف يعود بِالْجلاءِ و الْحيْف يدْعو إِلى السّيْفِ .
477- و قال (عليه السلام) :
أشدّ الذّنوبِ ما اسْتخفّ بِها صاحِبه .
478- و قال (عليه السلام) :
ما أخذ اللّه على أهْلِ الْجهْلِ أنْ يتعلّموا حتّى أخذ على أهْلِ الْعِلْمِ أنْ يعلِّموا .
479- و قال (عليه السلام) :
شرّ الْإِخْوانِ منْ تكلِّف له .
قال الرضي : لأن التكليف مستلزم للمشقة و هو شر لازم عن الأخ المتكلف له فهو شر الإخوان .
480- و قال (عليه السلام) :
إِذا احْتشم الْمؤْمِن أخاه فقدْ فارقه .
قال الرضي : يقال حشمه و أحشمه إذا أغضبه و قيل أخجله أو احتشمه طلب ذلك له و هو مظنة مفارقته .
و هذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، حامدين للّه سبحانه على ما منّ به من توفيقنا لضم ما انتشر من أطرافه ، و تقريب ما بعد من أقطاره .
و تقرر العزم كما شرطنا أولا على تفضيل أوراق من البياض في آخر كل باب من الأبواب ، ليكون لاقتناص الشارد ، و استلحاق الوارد ، و ما عسى أن يظهر لنا بعد الغموض ، و يقع إلينا بعد الشذوذ ، و ما توفيقنا إلا باللّه عليه توكلنا، و هو حسبنا و نعم الوكيل .
و ذلك في رجب سنة أربع مائة من الهجرة ، و صلى اللّه على سيدنا محمد خاتم الرسل ، و الهادي إلى خير السبل ، و آله الطاهرين ، و أصحابه نجوم اليقين .