أمّا بعْد فإنّ اللّه سبْحانه بعث محمّدا (صلى الله عليه وآله) نذيرا للْعالمين و مهيْمنا على الْمرْسلين فلمّا مضى (عليه السلام) تنازع الْمسْلمون الْأمْر منْ بعْده فواللّه ما كان يلْقى في روعي و لا يخْطر ببالي أنّ الْعرب تزْعج هذا الْأمْر منْ بعْده (صلى الله عليه وآله) عنْ أهْل بيْته و لا أنّهمْ منحّوه عنّي منْ بعْده فما راعني إلّا انْثيال النّاس على فلان يبايعونه فأمْسكْت يدي حتّى رأيْت راجعة النّاس قدْ رجعتْ عن الْإسْلام يدْعون إلى محْق ديْن محمّد (صلى الله عليه وآله) فخشيت إنْ لمْ أنْصر الْإسْلام و أهْله أنْ أرى فيه ثلْما أوْ هدْما تكون الْمصيبة به عليّ أعْظم منْ فوْت ولايتكم الّتي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منْها ما كان كما يزول السّراب أوْ كما يتقشّع السّحاب فنهضْت في تلْك الْأحْداث حتّى زاح الْباطل و زهق و اطْمأنّ الدّين و تنهْنه و منْه : إنّي و اللّه لوْ لقيتهمْ واحدا و همْ طلاع الْأرْض كلّها ما باليْت و لا اسْتوْحشْت و إنّي منْ ضلالهم الّذي همْ فيه و الْهدى الّذي أنا عليْه لعلى بصيرة منْ نفْسي و يقين منْ ربّي و إنّي إلى لقاء اللّه لمشْتاق و حسْن ثوابه لمنْتظر راج و لكنّني آسى أنْ يلي أمْر هذه الْأمّة سفهاؤها و فجّارها فيتّخذوا مال اللّه دولا و عباده خولا و الصّالحين حرْبا و الْفاسقين حزْبا فإنّ منْهم الّذي قدْ شرب فيكم الْحرام و جلد حدّا في الْإسْلام و إنّ منْهمْ منْ لمْ يسْلمْ حتّى رضختْ له على الْإسْلام الرّضائخ فلوْ لا ذلك ما أكْثرْت تأْليبكمْ و تأْنيبكمْ و جمْعكمْ و تحْريضكمْ و لتركْتكمْ إذْ أبيْتمْ و ونيْتمْ أ لا تروْن إلى أطْرافكمْ قد انْتقصتْ و إلى أمْصاركمْ قد افْتتحتْ و إلى ممالككمْ تزْوى و إلى بلادكمْ تغْزى انْفروا رحمكم اللّه إلى قتال عدوّكمْ و لا تثّاقلوا إلى الْأرْض فتقرّوا بالْخسْف و تبوءوا بالذّلّ و يكون نصيبكم الْأخسّ و إنّ أخا الْحرْب الْأرق و منْ نام لمْ ينمْ عنْه و السّلام .