فإنّ تقْوى اللّه مفْتاح سداد و ذخيرة معاد و عتْق منْ كلّ ملكة و نجاة منْ كلّ هلكة بها ينْجح الطّالب و ينْجو الْهارب و تنال الرّغائب .
فضل العمل
فاعْملوا و الْعمل يرْفع و التّوْبة تنْفع و الدّعاء يسْمع و الْحال هادئة و الْأقْلام جارية و بادروا بالْأعْمال عمرا ناكسا أوْ مرضا حابسا أوْ موْتا خالسا فإنّ الْموْت هادم لذّاتكمْ و مكدّر شهواتكمْ و مباعد طيّاتكمْ زائر غيْر محْبوب و قرْن غيْر مغْلوب و واتر غيْر مطْلوب قدْ أعْلقتْكمْ حبائله و تكنّفتْكمْ غوائله و أقْصدتْكمْ معابله و عظمتْ فيكمْ سطْوته و تتابعتْ عليْكمْ عدْوته و قلّتْ عنْكمْ نبْوته فيوشك أنْ تغْشاكمْ دواجي ظلله و احْتدام علله و حنادس غمراته و غواشي سكراته و أليم إرْهاقه و دجوّ أطْباقه و جشوبة مذاقه فكأنْ قدْ أتاكمْ بغْتة فأسْكت نجيّكمْ و فرّق نديّكمْ و عفّى آثاركمْ و عطّل دياركمْ و بعث ورّاثكمْ يقْتسمون تراثكمْ بيْن حميم خاصّ لمْ ينْفعْ و قريب محْزون لمْ يمْنعْ و آخر شامت لمْ يجْزعْ .
فضل الجد
فعليْكمْ بالْجدّ و الاجْتهاد و التّأهّب و الاسْتعْداد و التّزوّد في منْزل الزّاد و لا تغرّنّكم الْحياة الدّنْيا كما غرّتْ منْ كان قبْلكمْ من الْأمم الْماضية و الْقرون الْخالية الّذين احْتلبوا درّتها و أصابوا غرّتها و أفْنوْا عدّتها و أخْلقوا جدّتها و أصْبحتْ مساكنهمْ أجْداثا و أمْوالهمْ ميراثا لا يعْرفون منْ أتاهمْ و لا يحْفلون منْ بكاهمْ و لا يجيبون منْ دعاهمْ فاحْذروا الدّنْيا فإنّها غدّارة غرّارة خدوع معْطية منوع ملْبسة نزوع لا يدوم رخاؤها و لا ينْقضي عناؤها و لا يرْكد بلاؤها .
و منها في صفة الزهاد
كانوا قوْما منْ أهْل الدّنْيا و ليْسوا منْ أهْلها فكانوافيها كمنْ ليْس منْها عملوا فيها بما يبْصرون و بادروا فيها ما يحْذرون تقلّب أبْدانهمْ بيْن ظهْرانيْ أهْل الْآخرة و يروْن أهْل الدّنْيا يعظّمون موْت أجْسادهمْ و همْ أشدّ إعْظاما لموْت قلوب أحْيائهمْ .