و كان من اقْتدار جبروته و بديع لطائف صنْعته أنْ جعل منْ ماء الْبحْر الزّاخر الْمتراكم الْمتقاصف يبسا جامدا ثمّ فطر منْه أطْباقا ففتقها سبْع سماوات بعْد ارْتتاقها فاسْتمْسكتْ بأمْره و قامتْ على حدّه و أرْسى أرْضا يحْملها الْأخْضر الْمثْعنْجر و الْقمْقام الْمسخّر قدْ ذلّ لأمْره و أذْعن لهيْبته و وقف الْجاري منْه لخشْيته و جبل جلاميدها و نشوز متونها و أطْوادها فأرْساها في مراسيها و ألْزمها قراراتها فمضتْ رءوسها في الْهواء و رستْ أصولها في الْماء فأنْهد جبالها عنْ سهولها و أساخ قواعدها في متون أقْطارها و مواضع أنْصابها فأشْهق قلالها و أطال أنْشازها و جعلها للْأرْض عمادا و أرّزها فيها أوْتادا فسكنتْ على حركتها منْ أنْ تميد بأهْلها أوْ تسيخ بحمْلها أوْ تزول عنْ مواضعها فسبْحان منْ أمْسكها بعْد موجان مياهها و أجْمدها بعْد رطوبة أكْنافها فجعلها لخلْقه مهادا و بسطها لهمْ فراشا فوْق بحْر لجّيّ راكد لا يجْري و قائم لا يسْري تكرْكره الرّياح الْعواصف و تمْخضه الْغمام الذّوارف إنّ في ذلك لعبْرة لمنْ يخْشى .