دار بالْبلاء محْفوفة و بالْغدْر معْروفة لا تدوم أحْوالها و لا يسْلم نزّالها أحْوال مخْتلفة و تارات متصرّفة الْعيْش فيها مذْموم و الْأمان منْها معْدوم و إنّما أهْلها فيها أغْراض مسْتهْدفة ترْميهمْ بسهامها و تفْنيهمْ بحمامها و اعْلموا عباد اللّه أنّكمْ و ما أنْتمْ فيه منْ هذه الدّنْيا على سبيل منْ قدْ مضى قبْلكمْ ممّنْ كان أطْول منْكمْ أعْمارا و أعْمر ديارا و أبْعد آثارا أصْبحتْ أصْواتهمْ هامدة و رياحهمْ راكدة و أجْسادهمْ بالية و ديارهمْ خالية و آثارهمْ عافية فاسْتبْدلوا بالْقصور الْمشيّدة و النّمارق الْممهّدة الصّخور و الْأحْجار الْمسنّدة و الْقبور اللّاطئة الْملْحدة الّتي قدْ بني على الْخراب فناؤها و شيّد بالتّراب بناؤها فمحلّها مقْترب و ساكنها مغْترب بيْن أهْل محلّة موحشين و أهْل فراغ متشاغلين لا يسْتأْنسون بالْأوْطان و لا يتواصلون تواصل الْجيران على ما بيْنهمْ منْ قرْب الْجوار و دنوّ الدّار و كيْف يكون بيْنهمْ تزاور و قدْ طحنهمْ بكلْكله الْبلى و أكلتْهم الْجنادل و الثّرى و كأنْ قدْ صرْتمْ إلى ما صاروا إليْه و ارْتهنكمْ ذلك الْمضْجع و ضمّكمْ ذلك الْمسْتوْدع فكيْف بكمْ لوْ تناهتْ بكم الْأمور و بعْثرت الْقبور هنالك تبْلوا كلّ نفْس ما أسْلفتْ و ردّوا إلى اللّه موْلاهم الْحقّ و ضلّ عنْهمْ ما كانوا يفْترون .