نحْمده على ما كان و نسْتعينه منْ أمْرنا على ما يكون و نسْأله الْمعافاة في الْأدْيان كما نسْأله الْمعافاة في الْأبْدان عباد اللّه أوصيكمْ بالرّفْض لهذه الدّنْيا التّاركة لكمْ و إنْ لمْ تحبّوا ترْكها و الْمبْلية لأجْسامكمْ و إنْ كنْتمْ تحبّون تجْديدها فإنّما مثلكمْ و مثلها كسفْر سلكوا سبيلا فكأنّهمْ قدْ قطعوه و أمّوا علما فكأنّهمْ قدْ بلغوه و كمْ عسى الْمجْري إلى الْغاية أنْ يجْري إليْها حتّى يبْلغها و ما عسى أنْ يكون بقاء منْ له يوْم لا يعْدوه و طالب حثيث من الْموْت يحْدوه و مزْعج في الدّنْيا حتّى يفارقها رغْما فلا تنافسوا في عزّ الدّنْيا و فخْرها و لا تعْجبوا بزينتها و نعيمها و لا تجْزعوا منْ ضرّائها و بؤْسها فإنّ عزّها و فخْرها إلى انْقطاع و إنّ زينتها و نعيمها إلى زوال و ضرّاءها و بؤْسها إلى نفاد و كلّ مدّة فيها إلى انْتهاء و كلّ حيّ فيها إلى فناء أ و ليْس لكمْ في آثار الْأوّلين مزْدجر و في آبائكم الْماضين تبْصرة و معْتبر إنْ كنْتمْ تعْقلون أ و لمْ تروْا إلى الْماضين منْكمْ لا يرْجعون و إلى الْخلف الْباقين لا يبْقوْن أ و لسْتمْ تروْن أهْل الدّنْيا يصْبحون و يمْسون على أحْوال شتّى فميّت يبْكى و آخر يعزّى و صريع مبْتلى و عائد يعود و آخر بنفْسه يجود و طالب للدّنْيا و الْموْت يطْلبه و غافل و ليْس بمغْفول عنْه و على أثر الْماضي ما يمْضي الْباقي ألا فاذْكروا هاذم اللّذّات و منغّص الشّهوات و قاطع الْأمْنيات عنْد الْمساورة للْأعْمال الْقبيحة و اسْتعينوا اللّه على أداء واجب حقّه و ما لا يحْصى منْ أعْداد نعمه و إحْسانه .