الْحمْد للّه الْمعْروف منْ غيْر رؤْية و الْخالق منْ غيْر رويّة الّذي لمْ يزلْ قائما دائما إذْ لا سماء ذات أبْراج و لا حجب ذات إرْتاج و لا ليْل داج و لا بحْر ساج و لا جبل ذو فجاج و لا فجّ ذو اعْوجاج و لا أرْض ذات مهاد و لا خلْق ذو اعْتماد ذلك مبْتدع الْخلْق و وارثه و إله الْخلْق و رازقه و الشّمْس و الْقمر دائبان في مرْضاته يبْليان كلّ جديد و يقرّبان كلّ بعيد قسم أرْزاقهمْ و أحْصى آثارهمْ و أعْمالهمْ و عدد أنْفسهمْ و خائنة أعْينهمْ و ما تخْفي صدورهمْ من الضّمير و مسْتقرّهمْ و مسْتوْدعهمْ من الْأرْحام و الظّهور إلى أنْ تتناهى بهم الْغايات هو الّذي اشْتدّتْ نقْمته على أعْدائه في سعة رحْمته و اتّسعتْ رحْمته لأوْليائه في شدّة نقْمته قاهر منْ عازّه و مدمّر منْ شاقّه و مذلّ منْ ناواه و غالب منْ عاداه منْ توكّل عليْه كفاه و منْ سأله أعْطاه و منْ أقْرضه قضاه و منْ شكره جزاه عباد اللّه زنوا أنْفسكمْ منْ قبْل أنْ توزنوا و حاسبوها منْ قبْل أنْ تحاسبوا و تنفّسوا قبْل ضيق الْخناق و انْقادوا قبْل عنْف السّياق و اعْلموا أنّه منْ لمْ يعنْ على نفْسه حتّى يكون له منْها واعظ و زاجر لمْ يكنْ له منْ غيْرها لا زاجر و لا واعظ .