أمّا بعْد فإنّ اللّه لمْ يقْصمْ جبّاري دهْر قطّ إلّا بعْد تمْهيل و رخاء و لمْ يجْبرْ عظْم أحد من الْأمم إلّا بعْد أزْل و بلاء و في دون ما اسْتقْبلْتمْ منْ عتْب و ما اسْتدْبرْتمْ منْ خطْب معْتبر و ما كلّ ذي قلْب بلبيب و لا كلّ ذي سمْع بسميع و لا كلّ ناظر ببصير فيا عجبا و ما لي لا أعْجب منْ خطإ هذه الْفرق على اخْتلاف حججها في دينها لا يقْتصّون أثر نبيّ و لا يقْتدون بعمل وصيّ و لا يؤْمنون بغيْب و لا يعفّون عنْ عيْب يعْملون في الشّبهات و يسيرون في الشّهوات الْمعْروف فيهمْ ما عرفوا و الْمنْكر عنْدهمْ ما أنْكروا مفْزعهمْ في الْمعْضلات إلى أنْفسهمْ و تعْويلهمْ في الْمهمّات على آرائهمْ كأنّ كلّ امْرئ منْهمْ إمام نفْسه قدْ أخذ منْها فيما يرى بعرى ثقات و أسْباب محْكمات .