قدْ علم السّرائر و خبر الضّمائر له الْإحاطة بكلّ شيْء و الْغلبة لكلّ شيْء و الْقوّة على كلّ شيْء
عظة الناس فلْيعْمل الْعامل منْكمْ في أيّام مهله قبْل إرْهاق أجله و في فراغه قبْل أوان شغله و في متنفّسه قبْل أنْ يؤْخذ بكظمه و لْيمهّدْ لنفْسه و قدمه و لْيتزوّدْ منْ دار ظعْنه لدار إقامته فاللّه اللّه أيّها النّاس فيما اسْتحْفظكمْ منْ كتابه و اسْتوْدعكمْ منْ حقوقه فإنّ اللّه سبْحانه لمْ يخْلقْكمْ عبثا و لمْ يتْركْكمْ سدى و لمْ يدعْكمْ في جهالة و لا عمى قدْ سمّى آثاركمْ و علم أعْمالكمْ و كتب آجالكمْ و أنْزل عليْكم الْكتاب تبْيانا لكلّ شيْء و عمّر فيكمْ نبيّه أزْمانا حتّى أكْمل له و لكمْ فيما أنْزل منْ كتابه دينه الّذي رضي لنفْسه و أنْهى إليْكمْ على لسانه محابّه من الْأعْمال و مكارهه و نواهيه و أوامره و ألْقى إليْكم الْمعْذرة و اتّخذ عليْكم الْحجّة و قدّم إليْكمْ بالْوعيد و أنْذركمْ بيْن يديْ عذاب شديد فاسْتدْركوا بقيّة أيّامكمْ و اصْبروا لها أنْفسكمْ فإنّها قليل في كثير الْأيّام الّتي تكون منْكمْ فيها الْغفْلة و التّشاغل عن الْموْعظة و لا ترخّصوا لأنْفسكمْ فتذْهب بكم الرّخص مذاهب الظّلمة و لا تداهنوا فيهْجم بكم الْإدْهان على الْمعْصية عباد اللّه إنّ أنْصح النّاس لنفْسه أطْوعهمْ لربّه و إنّ أغشّهمْ لنفْسه أعْصاهمْ لربّه و الْمغْبون منْ غبن نفْسه و الْمغْبوط منْ سلم له دينه و السّعيد منْ وعظ بغيْره و الشّقيّ من انْخدع لهواه و غروره و اعْلموا أنّ يسير الرّياء شرْك و مجالسة أهْل الْهوى منْساة للْإيمان و محْضرة للشّيْطان جانبوا الْكذب فإنّه مجانب للْإيمان الصّادق على شفا منْجاة و كرامة و الْكاذب على شرف مهْواة و مهانة و لا حاسدوا فإنّ الْحسد يأْكل الْإيمان كما تأْكل النّار الْحطب و لا تباغضوا فإنّها الْحالقة و اعْلموا أنّ الْأمل يسْهي الْعقْل و ينْسي الذّكْر فأكْذبوا الْأمل فإنّه غرور و صاحبه مغْرور .