القصيدة: للسيد صالح القزويني
أيا صفوة الهادي ويا محيي الهدى ومُحكمَ دين المصطفى وهو دارسُ
ولما مضى الهادي أريت معاجزا بها ارغمت من شانئيك المعاطس
بـنفسي ما نالت به سُرَّا من رأى فـخارا له تعنوا النجومُ الكوانس
بـنفسي مـن أبكى النبيَّ مصابُه وأظـلم فـيه ديـنُه وهو شامس
بـنفسي محبوسا على حبس حقّه مـضى وعليه المكرماتُ حبائس
بـنفسي من في كل يومٍ تسومُه هوانا بنو العباس وهي عوابس
بنفسي مسموما تشفَّت به العدى قضى وبها لم تُشف منه النسائس
بـنفسي مكروبا قضى بعد سمه بـكاه الموالي والعدوُّ المشاكس
فـلا كـان يـوم العسكريِّ فإنه لـيومٌ على الدين الحنيفي ناحس
حـكى جدَّه عمرا وسُمَّا وغربةً ومـارس من أعدائه ما يمارَس(1)
(نصاري)
اعـلى ابو محمد يويلي اتراكم الهم عگب مـا كـبده أبوه انمرد بالسم
عـليه الـمعتمد كـل يـوم يـشتد يويلي او ظل يجور اعلى ابو امحمد
سگاه الـسـم لـمن كـبده تـمرَّد اولا راقــب الـباري اولا تـندَّم
يـهل بـيت المجد والجود والباس شـلها اعـليكم إمن اديون هالناس
ولـوكم آل امـيه او بـني العباس او حـته الـبلمهد شـرهم عليه عم
يـبو صـالح جـزاك العتب واللوم تـظل صـابر على أخذ الثار لليوم
يـاهو الـلي هـلك ما راح مظلوم يـو مـذبوح يـو مچتـول بالسم
عـجب كـل العجب منك يمحجوب مـا تـنهض تجيم اعليها الحروب
نسيت اللي سبوها او گطعت ادروب يـو نـاسي الـضلع لـمن تهشم
الإمام أبو محمد الحسن العسكري (ع) وطغاة زمانه
عاصر الإمام الحسن العسكري (ع) ـ بعد وفاة أبيه ـ ثلاثة من الخلفاء المعتز، المهتدي، المعتمد. وعاش (ع) فترة قاسية ومحنة شديدة بحيث كان يوصى أصحابه: إذا رأيتموني في الطريق فلا يسلم عليّ أحد ولا يشير إليّ بيده ولا يومي إليّ ببنانه فإنكم لا تأمنون على أنفسكم. ويقول لبعض غلمانه: إذا سمعت لا شاتما فامض لسبيلك التي أمرت بها وإياك أن تجاوب من يشتمنا أو تعرفه من أنت فإنا ببلد سوء ومصر سوء وامض في طريقك.
وكل واحد من ملوك عصره كان يريد الفتك به فهذا المعتز يأمر سعيد الحاجب بقتل أبي محمد العسكري (ع) بعيدا عن أعين الناس قال لسعيد: أخرج أبا محمد إلى الكوفة ثم اضرب عنقه في الطريق من حيث لا يراك أحد. ولكن الله تعالى منع كيد الظالمين حيث قتل المعتز بعد ثلاثة أيام.
أما المهتدي فكان يقول كلما رأى الإمام العسكري (ع) والله لأجلونكم العلويين وعزم على قتل الإمام العسكري ولكن قبل أن ينفذ وعيده ثار عليه الأتراك وقتلوه.
ولما تولى المعتمد كرسي الملك جعل القضاء على الإمام هدفا من أهدافه فحبس الإمام (ع) مرة عند علي ابن واتامش وكان شديدا على آل أبي طالب ولكن الإمام (ع) وعظه وحذره غضب الجبار فما مضى على وجود الإمام عنده إلا أيام حتى وضع خده لأبي محمد وكان لا يرفع بصره إليه إجلالا وإعظاما له. وخرج الإمام من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحسنهم قولا فيه ثم سلموا الإمام (ع) إلى شخص آخر شديد العداوة لآل محمد وكان يضيق على الإمام ويؤذيه فقالت له امرأته: ويلك اتق الله فإنك لا تدري من في منزلك وإني أخاف عليك منه وذكرت له صلاحه وعبادته فاشتد عداوة وقال: والله لأرمينه بين السباع ثم استأذن في ذلك المعتمد فأن له فرمى الإمام بين السباع والأسود ولم يشكوا في أكلها إياه فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال فوجدوا الإمام قائما يصلي والسباع حوله تلوذ به ولم يزل ثلاثة أيام بين الأسود وهو يصلي فأخرج بعد ذلك ولكن إلى سجن آخر فما زال ينقل من سجن إلى آخر حتى دس إليه المعتمد سما قاتلا وضعه له في الطعام فوقع الإمام مريضا وطال مرضه عشرة أيام وجسمه يزداد ضعفا والآلام تشتد عليه يُغشى عليه ساعة بعد ساعة.
وفي ليلة وفاته لم يكن عنده إلا صقيل الجارية وعقيد الخادم وولده الحجة (عج) وهو ابن خمسة سنين وفي تلك الليلة كتب بيده الشريفة كتبا كثيرة إلى المدينة هذا وقد اعتراه ضعف شديد في بدنه حتى أضحى عاجزا عن تهيئة مقدمات الصلاة بنفسه، قال عقيد: فدعا (ع) بماء قد أغلى بالمصطكي فجئنا به إليه فقال (ع): ابدأ بالصلاة جيؤني بماء لأتوضأ فجئنا به وبسط في حجره المنديل فأقبل القدح يضرب ثناياه ويده ترتعد فشرب منه جرعة وأخذت صقيل القدح من يده ثم أخذ ولده الحجة (عج) وضمه إلى صدره الشريف وجعل يقبله ويودعه ويبكي ويوصيه بوصاياه وسلمه ودائع الإمامة ثم سكن أنينه وعرق جبينه وغمض عينيه وأسبل يديه ومدّ رجليه ومضى إلى ربه شهيدا مسموما مظلوما، أي وا إماماه، وا سيداهِ، وا مظلوماه.
(نصاري)
تراده بالمرض حاله او تلاشه ظل الحسن واگع على افراشه
والله مــا بگت عـنده حـشاشه ضـعفت ونـته والگلـب نصين
بـعد ما ودع ابنه ابگلب مجروح تشاهد ويلي گلبي او فاضت الروح
ثار اصياح اهل بيته او عِلَه النوح اثاري مات اويلي او فرَّگ البين
قال الراوي: فلما ذاع خبر وفاته صارت سر من رأى ضجة واحدة ثم أخذوا في تجهيزه وعُطلت الأسواق وركب بنو هاشم والقواد والكتاب والقضاة وسائر الناس إلى جنازته وكانت سر من رأى يومئذ شبيهة بالقيامة (2).
(نصاري)
اجت الناس تتراكض ابدهشه لگوا دار العلوم اشلون وحشه
بچوا عالباب لمن طلع نعشه تـلگوه ابـلطم يدمي الخدين
أقول: وإن قتل الإمام الحسن العسكري (ع) مسموما ولكنه جهز على أحسن ما يرام وشُيِّع على أطراف الأنامل من قبل كافة الناس في سرّ من رأى.
(نصاري)
سـارت بالنعش تبچي حواليه لـما دفـنوه ردوا للعزه اعليه
بس احسين ما واحد وصل ليه ثـلث تيام عاري ابغير تكفين
(أبوذية)
مـصيبتكم يـشبل الحسن ياليت او على جدّك اخيول الگوم ياليت
ودتـك حـاضر ابكربله ياليت او تـنظر عـمتك بين آل اميه
***
فانهض ولا تبق عليهم إنهم والله ما أبقوا لكم عيشاً مَري
آلت بأن لا تُبقي منكم سيداً بالتاج يعلو فوقَ هام المنبر
(1)ـ المجالس السنية ج2.
(2) ـ سيرة الأئمة الاثني عشر للسيد الحسني. أئمتنا للشيخ علي محمد علي الدخيل. نور الأبصار للحائري. المطالب المهمة للسيد علي الهاشمي.