القصيدة: للسيد حيدر الحلي
مـا خـلت تـقعُدُ حـتى تُستثار لهم وأنـت أنـت وهـم فـيما جنوه هم
فـلا وصـفحك إن القوم ما صفحوا ولا وحـلمك إن الـقوم مـا حـلموا
لا صـبر أو تضع الهيجاء ما حملت بـطـلقةٍ مـعها مـاء الـمخاض دم
هـذا الـمحرَّمُ قـد وافـتك صارخةً مـما اسـتُحلت بـه أيـامه الـحرم
يـملأن سـمعك مـن أصوات ناعيةٍ فـي مـسمع الدهر من إعوالها صمم
تـنعى إلـيك دمـاءً غاب ناصرُها حـتى اريـقت ولـم يُرفع لكم علم
حـنت وبـين يـديها فـتية شربت من نحرهم نصب عينيها الظبى الخذم
ولا غـضاضة يـوم الطفِّ إن قتلوا صـبرا بـهيجاء لـم تـثبت لها قدم
فـالحرب تـعلم إن مـاتوا بها فلقد مـاتت بـها منهم الأسياف لا الهمم
أبـكيهم بـعوادي الـخيل إن ركبت رؤوسـها لـم تُـكفكف عزمها اللجم
وحـائـراتٍ أطـار الـقوم أعـينها رعـبا غـداة عـلها خدرها هجموا
كـانت بـحيث عليها قومُها ضربت سُـرادُقا أرضـه مـن عـزِّهم حرم
فـغودرت بـين أيـدي القوم حاسرةً تـسبى ولـيس لـها من فيه تعتصم
نـعم لـوت جـيدها بـالتعب هاتفةً بـقومها وحـشاها مـلؤهُ ضرم(1)
(مجردات)
بس ما وگع والخيل اجتنه او شفت البيارغ گاربتنه
نخيت او صحت يالدللتنه عگبـك بـني اميه ولتنه
(أبوذية)
وين الركب سابج والسره الهه ويگصد ديرة أهلي والسره الهه
الـعدو چتل زلمها والسره الهه حـرم وامچتـفه بـحبال هيه
(أبوذية)
اصياحي ما تسمعونه ونخواي هظمي ماسده اعله احد ونخواي
الـشمر صبَّح يباريلي ونخواي گضـوا كلهم چتل بالغاضريه
ابن زياد يأمر بقتل زين العابدين (ع)
قال المفيد: وأدخل عيال الحسين على ابن زياد فدخلت زينب أخت الحسين منتكرة وعليها أرذل ثيابها ـ وفي بعض المقاتل كانت زينب تستر وجهها بكمها ـ فمضت (ع) حتى جلست ناحية من القصر وحفَّت بها إماؤها فقال ابن زياد: من هذه التي انحازت ناحية فلم تجبه زينب فأعاد ثانية وثالثة يسأل عنها فقيل له هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (ص).
هذه زينبٌ ومن قبل كانت بـفنا دارها تُحطُ الرحال
أمست اليوم واليتامى عليها بـالقومي تـصدقُ الأنذال
(أبوذية)
دليلي ابسيف جور الدهر ينشاف ولـي ناظر يكت ما بعد ينشاف
زيـنب طـولها الماچان ينشاف سـبيه اتـروح لـولاد الدعيه
فأقبل عليها ابن زياد وقال لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب احدوثتكم. فقالت زينب: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (ص) وطهرنا من الرجس تطهيرا إنما يتفضح الفاسق ويكذَّب الفاجر وهو غيرنا. فقال ابن زياد: لقد شفى الله قلبي من الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك. فقالت: لعمري لقد قتلت كهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي فإن كان هذا شفاك فقد اشتفيت.
ثم التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين فقال: من هذا؟ فقيل: علي بن الحسين، فقال: أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟ فقال علي: قد كان لي أخ يقال له علي بن الحسين قتله الناس، فقال: بل الله قتله فقال الإمام زين العابدين (ع): (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) (2).
فقال ابن زياد: ألك جرأة على جوابي، اذهبوا به فاضربوا عنقه، فسمعت عمته زينب فقالت: يابن زياد حسبك من دمائنا إنك لم تبق منا أحدا فإن كنت عزمت على قتله فاقتلني معه ثم تعلقت به وقالت والله لن أفارقه.
(نصاري)
صاحت زينب او لزمت اذياله يـابن ازياد درحم سُگم حاله
عـدل خـليه واذبحني ابداله غـيره الـها لودايع بعد ماتم
هناك موقف أصعب من هذا على قلب الحوراء زينب وذلك عندما نادى ابن زياد على عبد الله ابن عفيف الأزدي: عليّ به، فتبادرت إليه الجلاوزة ليأخذوه فقامت أشراف من بني عمه فخلصوه من أيدي الجلاوزة وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به إلى منزله (3).
وزين العابدين لم يقم له أحد يدافع عنه سوى عمته زينب.
(مجردات)
شوف العشيره اشلون حلوه فكوه امن ايد الرجس گوَّه
الـسجاد چي لن ماله اخوه ظـل يـلتفت للبيه امروَّه
يـفكه او يكف عنه عدوه
(نصاري)
اجـت غـلمانها بـالعد چثيره او عمامه احضور شالتهم الغيره
گامـت لـيه تـتناخه العشيره او حـفت بيه والنادوب يندب
بـس الـعابد الـسجاد مـاله عشيره اتساعده او تطلج اغلاله
هـله غـياب كل بيت الرساله اغراب البين ظل بالدار ينعب
***
أمست وأمسى لا يرى بربوعها مـنهم إذا مـا زارهـا ديـارُ
وكـأنني بـلسان حالِ الدارِ قد أبـدى الـجواب وكله استعبار
إنـي بـقيت من الكرام خيلةً فـعلى محاريب الصلاة غبار
(1) ـ ديوان السيد حيدر الحلي ص103/107.
(2) ـ سورة الزمر الأية: 42.
(3) ـ مقتل المقرم. إرشاد المفيد. معالي السبطين.