القصيدة: للسيد صالح الحلي
إن جـئت أرض الـطفِّ فانزل فيها واعـقر نـياق الـصبر يـا حاديها
واسـقي مـضاجع صـفوةٍ بمدامعٍ مــا ذاق طـعم فـراتها ظـاميها
يـروي عُطاشى السمر بيض دمائها وفـؤادهـا مـا بُـلَّ مـن جـاريا
يــا راكـبـا زيـافـةٌ شـملانة صـرفـاً جـسوراً لـلفلا تـطويها
قـف وارو عـنِّي نـادبا أشـياخها وكـهـولـها وشـبـابها وبـنـيها
إيــن الـغطارفة الـذين تـسنَّوا مــن ذروة الـعليا عـلى عـاليها
أتـسـاق نـسوتُكم يُـرى أشـكالها فـي الـسبي حـاضرها إلى باديها
كــادت تـذيب قـلبوها زفـراتها لـكـنـما عـبـراتـها تـطـفيها
عـجبا لـها تـهدى لـشرِّ مجالسٍ دانـيـه يـقـذفها إلـى قـاصيها
فـيـعجُّ بـاكـياً لـحال نـعاتعها ويـعـجُّ نـاعـيها إلــى بـاكيها
يا صاحب الأمر استمع من ذي جوىً شـكوى يـذوب الـقلب من راويها
أخـليفة الـرحمان قـد طال النوى فـمـتى لـظـلمة غـيِّهم تـجليها
أفـلا يُـهيجك والـعقائل مـن بني الـهادي غـدت تـهدى إلى طاغيها
أفـلا يـهيجك أن تُـرى أيـتامُكم مـحـمولُها يـبكي عـلى مـاشيها
أفـلا يـهيجك أنَّ آل أمـيةٍ هندا تصون وزينبا تسبيها(1)
(مجردات)
يـبن الـحسين يا طالب الثار انهض او شوف ابكربله اشصار
ذبـحوا احسين او كل الانصار او ضـلت جثثهم فوگ الأوعار
والـحرم طـبت مـجلس العار تـبچي او تنوح اصغار واكبار
والـدمع مـنها صـار تـيار
(أبوذية)
مـتى نسمع دوي الخيلك وبلها الـذبح نحره اليبس گلبه وبلها
او سخط سيفك على الظالم وبلها الـذبح جدَّك تذبحه اعله الوطيه
(أبوذية)
يـمهدي ليش ما تسمع دونّه او غيرك لا تظن يرهم دونّه
كـلها الـطلعتك تنظر دونّه طـالت غيبتك يابن الزچيه
هند زوجة يزيد تزور الخربة
قال في معال السبطين: روي ان هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز (ابن خال عثمان) لما قتل أبوها بقيت عند أمير المؤمنين (ع) ولما قبض أمير المؤمنين (ع) بقيت في دار الحسن (ع) فسمع بها معاوية فأخذها من الحسن وزوجها من ولده يزيد، فبقيت عند يزيد إلى أن قتل الحسين (ع)، ولم يكن لها علم بأن الحسين قد قتل، ولما قتل وأتوا بنسائه وبناته وأخواته إلى الشام. دخلت امرأة على هند وقالت:
يا هند الساعة أقبلوا بسبايا ولم أعلم من أين هم، فلعلك تمضين إليهم وتتفرجين عليهم، فقامت هند، ولبست أفخر ثيابها وأمرت خادمة لها أن تحمل الكرسي، فلما رأتها الطاهرة زينب التفتت إلى إختها أم كلثوم وقالت لها: أخيه أتعرفين هذه الجارية؟ قالت: لا والله، قالت: هذه هند بنت عبد الله خادتنا، فسكتت أم كلثوم ونكست رأسها.
(فائزي)
لـلشام زيـنب تـنسبي ما خطر عالبال او تـتفرج اعـليها هند ياهو الذي گال
جابوا الكرسي امن الذهب وامرصع ابدر زيـنب افـتهمت والإشـاره تكفي الحر
فـوَّضت لله الأمر صبرت والصبر مر وصاها صاحب كربلا تصبر ابكل حال
سـاعه وجـتهن والـوصايف يـحفنها دنّگن لـلگاع الـحراير خـجل مـنها
گامـت تـناشهدهن او هـنّ ايجاوبنها مـتغيرات امـن الـهظم والهظم چتال
فقالت هند: أراك طأطأت رأسك؟ فسكتت زينب ولم ترد عليها جوابا.
ثم قالت لها: أخية من أي البلاد أنتم؟ فقالت لها زينب: من بلاد المدينة، فلما سمعت هند ذكر المدينة نزلت من الكرسي وقالت: على ساكنها أفضل السلام، ثم التفتت إليها زينب وقالت: أراك نزلت من الكرسي؟ قالت عند: إجلالا لمن سكن في أرض المدينة. ثم قالت لها: أخية أريد أن أسألك عن بين في أرض المدينة، قالت لها الطارهة زينب: اسأتلي ما بدا لك، قالت: أسألك عن دار علي بن أبي طالب (ع)، قالت لها زينب، وأنى لك معرفة بدار علي؟ فبكت وقالت: إني كنت خادمة عندهم؟ قالت لها زينب: وعن أيما تسألين؟ قالت أسألك عن الحسين وأخوته وأولاده وعن بقية أولاد علي، وأسألك عن سيدتي زينب، وعن أختها أم كلثوم، وعن بقية مخدرات فاطمة الزهراء؟
فبكت زينب بكاء شديدا، وقالت هند: أما إن سألت عن دار علي (ع) فقد خلفناها تنعى أهلها، وأما إن سألت عن الحسين (ع) فهذا رأسه بين يدي يزيد وأما إن سألت عن العباس وعن بقية أولاد علي، فقد خلفناهم على الأرض مجزرين كالأضاحي بلا رؤوس، وإن سألت عن زين العابدين (ع) فها هو عليل نحيل لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام، وهذه أم كلثوم، وهذه بقية مخدرات فاطمة الزهراء، وإن سألت عن زينب فأنا زينب بنت علي.
(مجردات)
أنـه زينب اليحچون عني سـليت المصايب ما سلني
مـصايب احسين الدوهنني نزلن على اعيوني او عمني
(فائزي)
زيـنب تـجاوبها او گلـبها فـسره الهم يـالتناشدين احـسين جـسمه ابكربله تم
والـراس جـابوه الـيزيد او هـاي كلثم وانـه الذي ابخدري الوادم تضرب امثال
يا هند خلصت كل عمامي برض الطفوف وعباس ظل جسمه بلا راس ولا اچفوف
ما چنت أظن من بلد لآخر بلسبي انطوف او تتفرج اعلينه الخلگ ما خطر عالبال
فلما سمعت هند كلام زينب، رقّت وبكت ونادت: وا إماماه، وا سيداه، وا حسيناه، ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء ولا أنظر بنات فاطمة الزهراء على هذه الحالة.
ثم تناولت حجرا وضربت به رأسها فسال الدم على وجهها ومقنعتها وغشي عليها، فلما أفاقت من غشيتها قيل: فقامت وحسَّرت رأسها وشققت الثياب وهتكت وخرجت حافية إلى يزيد وهو في مجلس عام وقالت: يا يزيد أنت أمرت برأس الحسين يشال على الرمح عند باب الدار؟ رأس ابن فاطمة بنت رسول الله (ص) مصلوب على فناء داري. فوثب إليها يزيد فغطاها. فقالت: يا يزيد أخذتك الحمية عليَّ فلم لا أخذتك الحمية على بنات رسول الله (ص)؟ هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، وأنزلتهن في دار خربة؟ والله لا أدخل حرمك حتى أدخلهن معي.
وفعلا أدخلتهن دارها بموافقة من يزيد، فأقمن المآتم ثلاثة أيام (2).
(أبوذية)
سهر بالعين يوم احسين ورث على امصابه دليلي ابنار ورث
هـند تلبس جديد الهدم والرث على سكنه او تطب ديوان اميه
***
فلو أنَّ موتا يُشتري لاشتريتُه وعـيشي بعد الظاعنين منكَّدُ
(1) ـ ديوان شعراء الحسين (ع).
(2) ـ معالي السبطين ج2 ص164/165 الطبعة الجديدة. ملاحظة: أخذت من الرواية موضع الحاجة.