القصيدة: للسيد جعفر الحلي
نـفسي الـفداء لـثائرٍ في حقِّه كـالليث ذي الوثبات حين يثور
أضـحى يُقيم العدل وهو مهدم ويُـجبر الإسـلام وهـو كسير
ويـذكر الأعـداء بطشةَ ربِّهم لـو كـان ثـمنة ينفع التذكير
وعـلى قـلوبهم قد انطبع الشقا لا الـوعظ يـبلغها ولا التحذير
فنضا ابن حيدر صارما ما سلّه إلا وسـلن مـن الـدماء بحور
فهوى عليهم مثل صاعقة السما فالرووس تسقط والنفوس تطير
بـأبي أبـيَّ الضيم صال وماله إلا الـمثقَّف والـحسام نصير
حـتى إذا نفذ القضاء وقُدّر ال مـحتوم فـيه وحُـتم المقدور
زجـت لـه الأقـداء سهم منيةٍ فـهوى لقىً واندك ذاك الطور
وهـوَين الـويةُ الشريعة نُكَّصا وتـعـطَّل الـتهليل والـتكبير
والـشمس ناشرةُ الذوائب ثاكلٌ والأرض ترجف والسماء تمور
بـأبي القتيل وغُسلُله عَلَقُ الدما وعـليه مـن أرج الثنا كافور
ظـمآن يـعتلج الغليل بصدره وتـبل لـلخطيِّ مـنه صدور
وغدت تدوس الخيل منه أضالعا سـرُّ الـنبيِّ بـطيِّها مـستور
وثـواكل يُـشجي الـغيور حنينها لـو كـان مـا بـين العداة غيورِ
مـا لاحـظت عين الهلال خيالها والـشهب تـخطُبُ دونـها وتفور
فـبدا بـيوم الـغاضرية وجـهها كـالشمس يـستُرها الـسنا والنور
فـغدت تـودُّ لـو انـها نعيت ولم يـنـظر إلـيها شـامتٌ وكـفور
وسـرت بـهنَّ إلـى يزيد نجائبٌ بـالـبيد تـنـجُدُ تـارةً وتـعور
حـنت طلاح العيس(1) مسعدةً لها وبكى الغبيط(2) لها وناح الكور(3)
(مجردات)
لـو تـدري الـنوگ اشـعليها چا حـنَّت الـحنها او بچيـها
اولا جـدِّمت خـطوه ابمشيها لـمـصابها او ذبـحت ولـيها
هـاي الـذي ايـحلفون بـيها
تـالي الـعدو يـحدي ابسبيها وامــن الـبـراگع سـالبيها
او صار الحجاب اچفوف اليديها اشـلون امـه الـفجعت نبيها
(أبوذية)
تـمهَّل يـمن بـالركبان ضاعن نـدور اطـفال بالوديان ضاعن
او نودع اجساد علتربان ضاعن ابنشر نفح الدمه او طيب السجيه
دخول السبايا إلى دمشق
قال المجلسي في البحار عن سهل بن سعد الساعدي قال: خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار كثيرة الأشجار، وقد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول، فقلت في نفسي لا نرى لأهل الشام عيدا لا نعرفه نحن، فرأيت قوما يتحدثون، فقلت: أنا سهل بن سعد قد رأيت محمد (ص). قالوا: يا سهل أما أعجبك السماء لا تمطر دما والأرض لا تخسف بأهلها. قلت: ولم ذلك؟ قالوا: هذا راس الحسين عترة محمد (ص) يهدى من أرض العراق. فقلت: وا عجباه يهدى رأس الحسين والناس يفرحون، قلت: من أي باب يدخلون؟ فأشاروا إلى باب يقال له: باب الساعات.
قال: فبينما أنا كذلك إذ الرايات يتلو بعضها بعضا، فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان، عليه رأس أشبه الناس وجها برسول الله (ص)، ورأيت من ورائه نسوة على جمال بغير وطاء فدنوت من أولاهن: فقلت: يا جارية من أنت؟ فقالت: أنا سكينة بنت الحسين (ع). فقلت لها: ألك حاجة إليَّ؟ أنا سهل بن سعد، ممن رأى جدك وسمع حديثه، قالت: يا سهل قل لصاحب هذا الرأس أن يقدم الرأس أمامنا حتى يشتغل الناس إليه، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله، وكأني بها تلتفت إلى رأس أبيها:
(مجردات)
يـبويه احـسين مـا تلتفت لينه او تشوف اللي جره اخلافك علينه
عگب الـخـدر والله انـسـبينه او عـلي الـسجاد ويـانه ولينه
عـليل او عـلى الناگه امگيدينه او تفت حتى الصخر جرَّت ونينه
قال سهل: فدنوت من صاحب الراس فقلت له: هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ مني أربعمائة دينار؟ قال: وما هي؟ قلت تقدم الرأس أمام الحرم، ففعل، فدفعت إليه ما وعدته.
وقال سهل: وأقبلت جارية على بعير مهزول بغير وطاء ولا غطاء وهي تنادي: وا محمداه، وا جداه، وا علياه، وا أبتاه، وا حسناه، وا حسيناه، وا عقيلاه، وا عباساه، وا بعد سفراه، وا سوء صباحاه (4).
(مجردات)
بـالشام مـسبيه الـنساوين لاعـدها والي اولالها امعين
ايصدع الصخر منها الاونين او تنخه بسم عباس واحسين
الظلوا على الغبره مطاعين
(أبوذية)
عـظيم امصاب غربتنه مهانه اشكثر عگب الأهل نحمل مهانه
مـهانه امـخدرة حـيدر مهانه هـظيمه وانـهدي لابن الدعيه
***
فـمن الـمعزِّ لـلوصي بفادحٍ أوهى القلوب وفتَّ في الأعضاء
إن الـحـسين رمـيةٌ تـنتاشُه أيـدي الـضغون بأسهم الأحقاد
وكـرائم الـسادات سبيٌ للعدى تـعدو عـليها لـلزمان عوادي
(1) ـ طلاح العيس: النياق المهزولة.
(2) ـ الغبيط: الرحل يشد عليه الهودج.
(3) ـ الكور: رحل البعير، الدر النضيد ص176.
(4) ـ البحار ج45. مقتل الكعبي.