القصيدة: للمرحوم قاسم الحلي ت: 1374هـ
وللسيد باقر الهندي ت: 1329هـ
رسـول حسينٍ ونعم الرسول إلـيهم مـن العترة الصالحه
لـقد بـايعوا رغـبةً مـنهم فـيا بـؤس لـلبيعة الكاشحه
وقـد خـذلوه وقـد أسـلموه وغـدرتُهم لـم تزل واضحه
فـيا ابن عقيل فدتك النفوس لـعـظم رزيـتك الـفادحه
لـنبك لـها بـمذاب القلوب فـما قـدر أدمـعنا الـمالحه
بـكتك دما يا ابن عم الحسين مـدامـع شـيعتك الـسافحه
ولا بـرحت هاطلات العيون تـحـييك غـاديـةً رائـحه
لأنـك لـم تـرو من شربةٍ ثـناياك فـيها غـدت طائحه
رموك من القصر إذ أوثقوك فـهل سلمت فيك من جارحه
وسـحـبا تُـجر بـأسواقهم ألـسـت أمـيرهم الـبارحه
أتـقضي ولـم تبكك الباكيات أمـا لك في المِصر من نائحه
لئن تقضي نحبا فكم في زرود عـليك الـعشية من صائحه
وكـم طـفلةٍ لـك قد أعولت وجـمرتها فـي الحشا قادحه
يعززها السبط في حجره لـتغدو في قربه فارحه
فـأوجعها قـلبُها لوعةً وحسّت بنكبتها القارحه(1)
(فائزي)
گلـبي كـسرته يـا غريب الغاضريه مـثل الـيتامه تـمسح ابـكفك عـليه
تـمسح على راسي او دمع العين همال جـني يـتيمه الـكافي الله من هلحوال
مـا عـودتني ابهلفعل من گبل يا خال خـليت عـبارتي عـلى خـدي جريه
ابمسحك على راسي تركت الگلب ذايب هـذا يـعمي مـن عـلامات المصايب
گلـبي تـروَّع حيث ابوي ابسفر غايب طـوَّل الـغيبه ايـعوِّده الله ابعجل ليه
ضـمها الـصدره والدمع يجري بلخدود او گلـها يـعمي والدچ ما ظنتي ايعود
شهگت او ظلَّت تنتحب وابروحها اتجود او نـادت يـعمي لا تـفاول بـالمنيه
سـافر عـساه ايـعود طـيب بـالسلامه واجلس ابحجره او ينشرع صدري ابكلامه
شـنهو اسـمعت عن والدي حلو الجهامه گلـهـا يـبـنتي غـيبته عـنچ بـطيه
جـاني الـخبر عـن حال مسلم يا حزينه ايگولـون مـن قـصر الإمـاره ذابينه
او بـالحبل بـالأسواق جـسمه ساحبينه او راس الـمشكر راح لـلطاغي هـديه
صـرخت الطفله والدمع بخدودها ايسيح واتگوم مذعوره او عله وجه الثره اتطيح
تلطم على الهامه ابعشرها او نوبه اتصيح گومـي يـيمه والـبسي اهـدوم الرزيه
(أبوذية)
گلـبي امن الحزن شايل علامه تـحط ايدك على راسي علامه
يـعمي لـليتم هـذي عـلامه وظن عودي انچتل وانگطع بيه
حميدة بنت مسلم (ع)
قال في البحار: دعا ابن زياد بكر بن حمران الذي قتل مسلما فقال: اقتلته قال: نعم قال: فما كان يقول وأنتم تصعدون به لتقتلوه؟ قال: كان يكبر ويسبح ويهلل وستغفر فلما أدنيناه لنضرب عنقه قال: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا قم خذلونا وقتلونا فقلت له الحمد لله الذي أقادني منك وضربته ضربة لم تعمل شيئا فقال لي: او ما يكفيك في خدش مني وفاء بدمك أيها العبد قال ابن زياد وفخرا عند الموت قال فضربته الثانية فقتلته(2).
نعم لقد قضى مسلم (ع) نحبه بعيدا عن أولاده وإخواته وأبناء عمومته وعشيرته ولا أدري ما حال يتيمته حميدة التي كان الحسين (ع) حملها معه إلى العراق لعلها تتمتع برؤية أبيها مسلم ولكن وبينما حط رحل الحسين في زرود، وإذا برجلين قدما من الكوفة فسألهما الحسين كيف خلفتما الكوفة؟ فقالا: ما خرجنا منها إلا وجثتا مسلم وهاني تسحبان بالحبال ي أزقة الكوفة.
عندها استرجع الحسين وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله عليهما، فردد ذلك مرارا وبكى بكاء شديدا، ثن نظر إلى بني عقيل وقال: ما ترون؟ فوثبوا وقالوا: لا والله لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا مسلم، فقال الحسين: لا خير في العيش بعد هؤلاء. وأخذ يتخطى الأطفال طفلة، بعد طفلة حتى جاء إلى حميدة يتيمة مسلم بن عقيل، ولها من العمر ثمان سنوات، فمسح على رأسها ودموعه تجري. وإذا بتلك الطفلة قد أحست بيتمها قائلة: يا عم ما عهدتك تعمل بي هذا العمل أفهل أصيب أبي مسلم بشيء؟ فقال لها: بنية أنا أبوك، وبناتي أخواتك. قالت: نعم يا عم ولكن ما أحلى الأب حين يجلس الولد على ركبتيه وحين ينادي(3).
(نصاري)
أخـذ بـت مسلم امن الخيم بيده يـمسح راسـها ابحسره شديده
بـالشر حـست الـطفله حميده گالـتله يـعمي اوسـالت العين
يـعمي لاحـت ابوجهك علامه على راسي امسحت گلي علامه
يـعمي هـلسجيه اويـه اليتامه أظن عودي گضه او يتمني البين
فلما سمعت البنت هذا الكلام من الحسين، صرخت وأعولت، فسمع صراخها آل عقيل فارتفعت أصواتهم بالبكاء، وانتحبوا انتحابا عاليا، وساعدهم أهل بيت الحسين (ع) في النوح والبكاء، وعظم على أبي عبد الله المصاب واشتد به الحزن، قالوا: وارتج الموضع بالبكاء والعويل لقتل مسلم بن عقيل وسالت الدموع عليه كل مسيل. وأشدهم صراخا وعويلا أيتامه لاسيما حميده.
مسح الحسين برأسها فاستشعرت بـاليتم وهـي عـلامة تـكفيها
لـم يـبكها عـدم الوثوق بعمِّها كـلا ولا الـوجد الـمبرِّح فيها
لـكـنها تـبكي مـخافة أنـها تـسمي يـتيمة عـمِّها وأبـيها
(نصاري)
يـعمي اشـكثر بـيه حلوه الليالي عـزيز وفـرگته تـصعب الوالي
اعـله ابـوي انـلچم اوتـاه بالي ابـجيتك هـاي وابـنشدك عـليه
اعله ابوي انخمش گلي وهلت العين يـعمي وبـاليتم حـسيت حـسين
عـلايم بـينتلي بـوجهك اثـنين الـحزن ودمـوعك التجري سويه
غـده يـمسح دمعها ومحني ضلعه أبـوچ آنـه يگلـها او يهل دمعه
يـعمي الـنوح لگلـيبي يـصدعه اگطعي البچه او هودي اولا تنوحين
(أبوذية)
بنت مسلم گضه بوها وملها غـيرك وانته رادتها وملها
ذبـها الدهر يا عمها وملها ولا والي العليها ايدوم فيه
ثم قال الحسين (ع)، وأخذها إلى العلويات وأوصاهن بها خيرا. فدخلت حميدة الخيمة وبعد فترة سمع الحسين بكاء ونحيبا من جانب الخيمة فظنها حميدة تبكي أباها، فأتى الحسين مسرعا، ودخل الخيمة، وإذا به يرى سكينة جالسة إلى جنب حميدة وهي تبكي وعيناها تنظر إلى حميدة.
وكأني بالحسين يقول لها:
(مجردات)
بـويه يـسكنه لـيش تبكين وعـلى الـبكا تـالي تلحگين
واحـزان جـدامچ تـشوفين واهلچ تظل صرعى ومطاعين
وانـتي بـيسر للغرب تمشين وعـلى الهزل يسره الخواتين
***
هـذي يـتاماكم تلوذ ببعضها ولـكم نـساءٌ تـلتجي بنساءِ
ــــــــــــــ
(1) ـ الشهيد مسلم بن عقيل للمقرم ص210 (فائدة) من البيت الأول إلى البيت الخامس للمرحوم قاسم الملا الحلي، وما عدا ذلك فهو للسيد باقر الموسوي الهندي.
(2) ـ بحار الأنوار ج44 ص385.
(3) ـ ثمرات الأعواد ج1 ص117 علي الهاشمي.