القصيدة: للسيد صالح الحلي ت: 1359هـ
كـلـما تـعذلان زدتُ نـحيبا يـا خـليليَّ إن ذكـرت حبيبا
يـا حبيب القلوب رزئُك مهما ذكـرته الـراثون شق القلوب
يـا وحـيدا حاميت دون وحيدٍ حـيث لا ناصراً يرى أو مجيبا
بـعت نـفسا نـفيسةً فاشتراها بارئُ النفس منك والربح طوبا
إن نصرت الحسين غير عجيبٍ إن تـخلفت عـنه كان عجيبا
يـا وزير الحسين حُزتَ مقاما كـلُّ آنٍ يـزداد عـرفا وطيبا
كم عن السبط قد كشفت كروبا بعد ما قد لقيت يا حبيب كروبا
إن يـوما اصـبت فـيه ليومٌ فـيه طه والمرتضى قد اصيبا
يـا مصابا أصاب قلب حسينٍ أيُّ قـلبٍ لـذكره لـن يـذوبا(1)
ويقول الشيخ عبد الحسين الحويزي:
فيا ناصر الدين الحنيف وحاميا حمى حوزةٍ فيها الهدى حطَّ أثقالا
رأيـت حـسينا مـفردا فوقيته بنفسك مذ أقدمت للموت إرسالا
وودعت في تلك المضارب نسوةً كـساها إلهُ العرشِ عزا وإجلالا
وددت بماء العين مذ عزَّ ماؤها بيمنى الوفا تسقي نساءً وأطفالا
بفقدك أبدت أيها الندبُ حسرا بـنات رسول الله ندبا وأعوالا(2)
(نصاري)
أويـلي مـن گرب حتفه او تدانه او صـابوه الـعده ابگلبه ابزانه
هـوه وابـن النبي انهدت أركانه وطـاح البيرغ المنصور كل دور
شـبح عـينه او عج الخيل ثاير او دمـه يسفح اعله الأرض فاير
او گلبه امن العطش والطعن طاير لما فرفرت روحه او ظل معفور
يـوسفه ظـنوة امـظاهر يميمر تـخلي احسين ظل عگبك امحير
تـنام او بـيرغك يـمك امكسَّر وابـو الـيمه عليه العسكر ايدور
حبيب(3) بن مظاهر الأسدي (رضوان الله عليه)
عندما نزل الحسين (ع) في كربلاء أخذ يقسم الرايات على أصحابه وكانت اثنتي عشرة راية، فوزعها عليهم وأبقى راية، فقال له بعض أصحابه مُنَّ عليَّ بحملها. فقال له: يأتي إليها صاحبها وبينا الحسين (ع) وأصحابه في الكلام وإذا بغبرة ثائرة، فالتفت الإمام (ع) إلى أصحابه وقال: إن صاحب هذه الراية قد أقبل، فلما صار حبيب قريبا من الإمام المظلوم ترجل عن جواده، وجعل يقبل الأرض بين يديه وهو يبكي، فسلم على الإمام وأصحابه، فرد الحسين وأصحابه السلام عليه، فسمعت زينب بنت أمير المؤمنين (ع). فقالت: من هذا الذي أقبل؟ فقيل لها: حبيب بن مظاهر. فقالت: أقرئوه عني السلام.
فلما بلغوه سلامها، لطم حبيب على وجهه، وحثا التراب على رأسه، وهو يقول: ومن أكون حتى تسلم عليّ بنت أمير المؤمنين؟
(نصاري)
انــه امـنين وتـسلم عـليه بـنت الـمرتضى حامي الحميه
هــاي امـدللة عـباس هـيه وبـحگهم نـزل وينص الكتاب
عـليَّ انـت يبت حيدر تسلمين ولـكم خـادم آنه او عبد لحسين
گام او لـطم وجهه وهلَّت العين حبيب او فوگ راسه ذب التراب
وفي خبر: ثم استأذن حبيب من الحسين (ع) قائلا: سيدي ائذن لي ان أسلم على عقيلة آل أبي طالب، فأذن له فأقبل حبيب حتى وقف أمام خيمة زينب ونادى: السلام عليكن يا بنات رسول الله، ثم جلس عند باب الخيمة مطأطأ برأسه إلى الأرض يتأوه ويتحسر ثم قال: أهٍ لوجدك يا زينب يوم تحملين على بعير ضالع، ورأس أخيك الحسين على رمح طويل تحف به رؤوس أهل بيته وأصحابه، وكأني برأسي هذا معلق في عنق الفرس يضربه بركبتيه، قالوا: لما سمعت زينب، قالت: يا حبيب لقد أخبرني بهذا أخيالحسين ولوددت اني كنت عمياء حتى لا أرى هذه المصائب وكأني بها:
وصوا بنا گبلٍ ترحلون وگبلٍ على الغبره تنامون
آنـه چفيلة حرم تدرون
كان حبيب صلبا في الولاء لسيده أبي عبد الله الحسين (ع)، فلم يزل يدافع عن بنات رسول الله يوم عاشوراء حتى قضى نحبه، وتقديرا لهذا الموقف: مشي إليه الحسين (ع)، وحين وصوله إليه استعبر باكيا وقال: لله درك يا حبيب، لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة. وينقل بعضهم انه لما قتل حبيب بان الانكسار في وجه الحسين (ع) وقال: عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي:
إن يهدَّ الحسينَ قتل حبيبٍ فـلقد هـدَّ قتله كلَّ ركن
قـتلوا منه للحسين حبيبا جامعا في فعاله كلَّ حُسنِ
(نصاري)
اجـاه احـسين شافه او دمه مسفوح وعاين بيرغه اعلى الأرض مطروح
جـذب ونَّـه او مـنَّه غابت الروح سـدر عـنَّه او دمـع العين منثور
وتعريفا بمقام حبيب عند الله وأهل بيت رسول أفرد له الإمام زين العابدين عند مواراته أجساد الشهداء قبرا منفردا من بينهم.
(موشح)
والأصحاب اهناه من عنده جريب خـلوا دفنتهم سوه شاب او شيب
خلوا مفرد بس ابن ظاهر حبيب الطلگ الدنيه او حضه بجنانها
***
أحبيبُ أنت إلى الحسينِ حبيبُ إن لم يَنط نسبٌ فأنت له نسيبُ
ــــــــــــــ
(1) ـ ديوان شعراء الحسين (ع) ص118.
(2) ـ ديوان الحويزي.
(3) ـ حبيب بن مظاهر (أو مظهر) الأسدي الكوفي حامل راية الحسين (ع) في كربلاء وأحد قادة جيشه وأبرز أصحابه الذين قل نظيرهم في المسلمين لقد أجمع مترجموه على أنه صحب رسول الله وكان من خواص أمير المؤمنين (ع) وشهد حوربه الثلاث وله رتبة علمية سامية ومواقف عظيمة في سوح الجهاد والعمل في سبيل الدعوة لأهل البيت (ع) فقد قام بدور فعال في هذا الصدد وكان من السباقين لمكاتبة الحسين (ع) في الثورة وكانت الاجتماعات الشيعية تعقد في بيته وعندما قدم مسلم إلى الكوفة لازمه حبيب وكان يأخذ البيعة من الناس للحسين وفي كربلاء شهد له الحسين (ع) بالفقاهة والمعرفة وملازمة القرآن وإذا عدنا إلى كلمات العلماء فيه نجلت لنا حقيقة عظمته ففيه يقول المفيد (ره): من أصفياء أصحابه أي أصحاب أمير المؤمنين وقال القمي: كان من أصحاب أمير المؤمنين (ع) وأنه من خاصة وحملة علمه، إلى بقية أقوال العلماء فيه، يذكر انه استشهد في يوم الطف وقد تجاوز عمره الثمانين عاما.