القصيدة: للشيخ عبد الحسين الحويزي النجفي الكربلائي
أسـالمت دهـرا لا يـريك التهانيا رمـى مـسلما بـالحادثات وهـانيا
كـريمان كلٌّ ذبَّ عن حوزة الهدى وأصـبح بـالنفس الـنفيسة فـاديا
نـجيبان جـدا لـلخطوب فـارقلا وقـد حـملا مـنها حـبالا رواسيا
والـفـجر كـانا لـلرياسة رأسـها وحـلا مـقاما من ذرى المجد ساميا
هـما عـقدا لـلسبط أوثـق بـيعةٍ وقـد الـزماها لـلرجال الـهواديا
وقـد نـصبا لـلدين أرفـع رايـةٍ تُـناجي مـن الأفق النجوم الدراريا
فـلا سطعت نارٌ بكوفان في الدجى ولا أمَّ ركـب الـوفد مـنها المقاريا
ولا بـلَّ صـوب الغيث في هملاته أبـاطـح مـن أحـيائها وروابـيا
وفـت لابـن حربٍ عهدها ولمسلمٍ جرى غدرها بحرا من الحرب طاميا
وحـيدا يـقاسي غربة الدار لم يجد لـه فـي اللقا بعد ابن عروة حاميا
لـئن قـتلا فـالحقُّ أبـدى شهادةً بـأنهما فـي الـقتل نـالا المعاليا
وإن سـحبا في السوق حقداً فطالما بـكفهما سـاقا الـسحاب الـفواديا(1)
(موشح)
مـسلم او هـاني ابـحبل چتفوهم او گامـت الـعدوان تـسحل بيهم
سـحلوا الـجثتين مـنهم يا وسف بـالاسواق او هلخبر ما ينوصف
والـذكرهم دمـع عـيني ما يجب والـمحب كـل حين يبچي اعليهم
يـبچي لاجل الصار بيهم والجره اشـلون مـسلم ينذبح من منحره
اشـلون يبگه ابلا دفن فوگ الثره او هـاني يـمه او لا أحـد يلفيهم
النوب صلب اجسادهم فوگ العمود مـنكسه العدوان جازت كل حدود
او روسـهم ودوها للطاغي الحقود وبـدمشق الـشام هـم صـلبوهم
مقتل هاني بن عروة المذحجي (رضوان الله عليه)
لما علم عبيد الله بن زياد بوجود مسلم بن عقيل في بيت هاني بن عروة وأنه هو الذي كان يقوم بجمع الناس لمبايعته أرسل خلفه جماعة ليأتوه به فلما أدخل عليه فاجئه ابن زياد بقوله أتتك بخائن رجلاه ثم أردف يقول الشاعر:
أريـد حـبائه ويريد قتلي عذيرك من خليلك من مراد
ولما طلب من هاني أن يسلمه مسلما رفض طلبه أخذ ابن زياد يهدده فقال هاني إذن تكثر بيننا البارقة وكان يظن أن مذحجاً ستطالب به لو أراد ابن زياد به سوءا ولكن خاب ظنه بعشيرته فاستشاط ابن زياد غضباً وأخذ السوط وجعل يضرب هانيا حتى هشم وجهه وسالت الدماء على لحيته ثم قيده وأودعه السجن وهو في التسعين من عمره ولم تصنع عشيرته له شيئا.
فبعد مقتل مسلم بن عقيل (ع) قام محمد بن الأشعث إلى عبيد الله بن زياد فكلمه في هاني فقال إنك عرفت منزلة هاني في المصر وبيته في العشيرة وقد علم قومه إني أنا وصاحبي ـ أسماء بن خارجة ـ سقناه إليك فأنشدتك الله لما وهبته لي، فإني أكره عداوة المصر وأهله لي فوعده أن يفعل، ثم أمر بهاني في الحال فقال: أخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه فاخرج هاني حتى انتهي به إلى مكان من السوق، كان يباع فيه الغنم وهو مكتوف فجعل يقول: وا مذحجاه ولا مذحج لي اليوم يا مذحجاه يا مذحجاه وأين مذحج؟ فلما رأى أن أحدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال: أما من عصا او سكين او حجر او عظم يحاجز به رجل عن نفسه؟ ووثبوا إليه فشدوه وثاقا(2) .
فقيل له يا هاني: امدد عنقك فقال: والله ما أنا بها سخي وما كنت لاعينكم على نفسي، فضربه غلام لعبيد الله بالسيف وقتله في محلة يباع فيها الغنم، ثم أمر بسحب جثتيهما ـ جثتي مسلم وهاني ـ في أزقة الكوفة، وبعد سحبهما أمر بصلبهما منكوسين، أما الرأسان فقد سيرا إلى الشام وصلبا في درب من دروب دمشق
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري إلـى هـاني في السوق وابن عقيل
إلـى بـطلٍ قـد هشم السيف وجهه وآخـر يـهوي مـن طـمار قـتيل
***
الـمگدر گضـه او شـاعت اخباره او مسلم رموه الگوم من گصر الإماره
هـاني انچتـل ويـلي او بگت داره مـظلمه او لا بـعد واحـد يـصلها
(أبوذية)
عمل كوفان هد حيلي وهاني ولا شربي صفه طيب وهاني
يـا وسفه رجل مسلم وهاني ابحبل بالسوگ شدوهن سويه
(أبوذية)
حـييته البطل هاشم وهاني كـتلنه الظالم ابكتله وهاني
يجرونه البحبل مسلم وهاني واشوف ايسيل دمهم علوطيه
قال الراوي فبلغ خبر صلبهما إلى مذحج (عشيرة هاني) فركبوا خيولهم وقاتلوا القوم وأخذوا الجثتين (جثة مسلم وجثة هاني) فغسلوهما ودفنوهما حيث مثواهما اليوم:
عگب ذاك اطلعت مذحج امن الدور او شگت لعد هاني او مسلم اگبور
بـس جـثة احسين ابيوم عاشور ظـلت بـالشمس مـحد وصـلها
***
وإن نـسيتُ فـلا انـسى عقائله كرائم الوحي في سبي وفي سلب
عقائلٌ من بنات المصطفى برزت مـروعات من الأستار والحجب
مـسلباتٍ بـدت لـكنها بزغت أنـوارها فكستها عن أذى السلب
ــــــــــــــ
(1) ـ ديوان الحويزي ص195.
(2) ـ تظلم الزهراء.