القصيدة: للسيد صالح الحسيني الحلي
ت: 1359هـ
لـو كـان يـنفع لـلعليل غليل فـاض الـفرات بمدمعي والنيل
كيف السلو وليس بعد مصيبة اب ن عـقيل لـي جـلدُ ولا معقول
خـطب أصـاب محمدا ووصيَّه لـله خـطبٌ قـد أطـل جـليل
أفـديه مـن فـاد شـريعة أحمدٍ بـالنفس حـيث الناصرون قليل
حـكم الإلـه بما جرى في مسلم والله لـيـس لـحـكمه تـبديل
خـذلوه وانـقلبوا إلى ابن سميةٍ وعـن ابـن فـاطمةٍ يزيدُ بديل
آوتـه طـوعة مذ أتاها والعدى مـن حـوله عـدواً عليه تجول
فـأحسسَّ مـنها ابـنها بدخولها فـي الـبيت إن البيت فيه دخيل
فمضى إلى ابن زياد يسرع قائلا بـشرى الأمـير فتىً بماه عقيل
فـدعى الدعيُّ جيوشه فتحزبت يـقفوا عـلى أثـر القبيل قبيل
وأتـت إليه فغاص في أوساطها حـتى تـفلت عرضها والطول
يـسطو بـصارمه الصقيل كأنه بـطلى الأعـادي حدَّه مصقول
حـتى هـوى بحفيرة صنعت له أهـوت عـليه أسـنةٌ ونصول
فـاستخروجوه مـثخنا بجراحه والـجسم من نزف الدماء نحيل
سل ما جرى جملا ودع تفصيله فـقليله لـم يُـحصِه التفصيل
قـتلوه ثـم رموه من أعلا البنا وعلى الثرى سحبوه وهو قتيل
ربـطوا برجليه الحبال ومثلوا فـيه فـليت أصـابني التمثيل(1)
(مجردات)
اويلي اعلى ابو طاهر اويلاه يـوم الـذي خـانت رعاياه
واصـبح غريب ابولية اعداه او مـن اخوته ما واحد اوياه
يـجر صارمه او يمنع اليدناه مـن ضـعف والطاغي تلگاه
وبـمـرهـفه وگع ثـنـاياه او كـتفوا ايساره فوگ يمناه
او ظـل يـلتفت ويدير عيناه او لـحـسين ذيچ الـساتمناه
يـويلي او لـبن زياد من جاه فـرحـان مـتـشمت الگاه
او من فوگ عالي الگصر ذباه وانـوخذ مـا واحـد تـرجاه
آن الـرجـس لـمن تـولاه گص راسـه والـجسمه رماه
او للأرض صار النفل مهواه او بـحبال سحبوا عالي الجاه
كان مسلم (ع) في بيت طوعة، وقبيل الفر جاءت إليه بماء ليتوضأ به قائلة يا مولاي ما رأيتك رقدت البارحة (لأنه قضى تلك الليلة قائما وقاعدا، راكعا وساجدا يصلي) فقال لها: اعلمي أني رقدت رقدة فرأيت في منامي عمي أمير المؤمنين (ع) وهو يقول: الوحى، العجل العجل، وما أظن إلا أنه آخر أيامي من الدنيا. فتوضأ وصلى صلاة الفجر، وكان مشغولا بدعائه إذ سمع وقع حوافر الخيول، وأصوات الرجال فعرف أنه قد أتي إليه فعجل في دعائه ثم لبس لامة حربه وقال: يا نفس اخرجي إلى الموت الذي ليس له محيص، فقالت المرأة: سيدي أراك تتأهب للموت! قال: نعم لابد لي من الموت, وأنت قد أديت ما عليك من البر والإحسان وأخذت نصيبك من شفاعة رسول الله (ص). فاقتمحوا عليه الدار وهم ثلاثمائة، وقيل سبعون فارسا وراجلا، فخاف أن يحرقوا عليه الدار، فخرج وشد عليهم حتى أخرجهم من الدار، ثم عادوا عليه، فحمل عليهم وهو يقاتلهم ويقول:
هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانعُ فـأنت بـكأس الموت لا شكَّ جارع
فـصـبراً لأمـر الله جـل جـلاله فـحكم قـضاء الله فـي الخلق ذائع
حتى قتل منهم واحدا وأربعين رجلا، وكان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده فيري به فوق البيوت، فلما أكثر القتل فيهم طلب قائد الجيش محمد بن الأشعث النجدة من عبيد الله بن زياد قائلا: أدركني بالخيل والرجال، فأنفذ ابن زياد يقول: ثكلتك أمك، وعدموك قومك. رجل واحد يقتل هذه المقتلة العظيمة! فكيف لو أرسلتك إلى من هو أشد بأسا؟ (يعني الحسين (ع)) فأرسل إليه ابن الأشعث يقول: تظن أنك أرسلتني إلى بقال من بقالة الكوفة؟ أو إلى جرمقان من جرامقة الحيرة؟ وإنما وجهتني إلى بطل همام وشجاع ضرغام من آل خير الأنام، فأرسل إليه بالعسكر وقال: أعطه الأمان فإنك لا تقدر عليه إلا به. وقد أثخن مسلم بالجراح لأنهم احتوشوه من كل جانب ومكان: ففرقة ترميه من أعالي السطوح بالنار والحجارة، وأخرى بالسيوف، وأخرى بالرماح، وأخرى بالهسام. وكانن (ع) اشتبك مع بكر بن حمران فقد ضربه بكر على فمه الطاهر فقطع شفته العليا, وأسرع السيف في السفلى وضرب مسلم رأس بكر ضربة منكرة وثناه بأخرى على حبل العاتق وكادت تطلع روحه فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيوت وأخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب ثم يرمونها عليه من فوق البيت فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا سيفه في السكة فقال له ابن الأشعث: لك الأمان يا مسلم لا تقتل نفسك. فقال: أي أمان للغدرة الفجرة؟ وأقبل يقاتلهم وهو يقول:
أقـسمت لا اقـتل إلا حرّا وإن رأيتُ الموت شيئا نُكرا
كـل امرئ يوما ملاقٍ شرّا أخـاف أن أخـدع أو أغرا
وكان أثخن بالجراح حتى عجز عن القتال، فأسند ظهره إلى جنب جدار فضربوه بالسهام والأحجار فقال: مالكم ترمونني بالأحجار كما تُرمى الكفار؟ وأنا من أهل بيت النبي الأبرار! ألا ترعون رسول الله في عترته؟ قال ابن طاووس في اللهوف: عند ذلك ضربه رجل من خلفه فخر إلى الأرض فتكاثروا عليه واعطوه الأمان، فأمكنهم من نفسه وقيل حفروا له حفيرة. عميقة وأخفوا رأسها بالدخل والتراب ثم انطردوا بين يديه فوقع فيها وأحاطوا به فضربه محمد بن الأشعث على محاسن وجهه فأوثقوه أسيرا(2).
(فائزي)
ظـلت تـناديهم يـهل كـوفان ارحـموه هـذا ابـن أخـو الكرار حيدر لا تسحبوه
خـلوه يـمشي ابـراحته گلـبه شـعبتوه خـافوا مـن الله مـا لكم مذهب ولا دين
صـاحت يـمسلم يـا عظمها خجلتي بيك اشبيدي وانه حرمه ضعيفه او مگدر احميك
لـو يـتركونك چان افـت گلـبي وداويك انچان اسـلمت من كيدهم سلم على احسين
گلـها يـطوعه الـيوم مـا تحصل سلامه اوصـيچ چان ابـهل بـلد نـزلوا يـتامه
گولــي تــره مـسلم يـبلغكم سـلامه وأجـرچ عـلى الله والـنبي سيد الكونين
قال المفيد فاتي ببغلة فحمل عليها واجتمعوا حوله ونزعوا سيفه فكان عند ذلك يئس من نفسه فدمعت عيناه ثم قال: هذا أول الغدر، فقال له عبيد الله بن العباس: إن من يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل ما نزل بك لم يبك. قال: والله ما لنفسي بكيت وإن كنت لا أحب لها طرفة عين تلفا ولكن أبكي لأهلي المقبلين، أبكي للحسين وآل الحسين.
(مجردات)
ويـن الذي يوصل ابهل حين لرض المدينة او يخبر احسين
مـسلم وحـيد او ماله امعين ودارت عـليه الگوم صوبين
كـتفوه او ظـل ايدير بالعين
(نصاري)
يـمسلم ريـت لـن هاشم زلمها تجي او يخفج على راسك علمها
لاچن حـيف مـا واحـد علمها وحيد انت او غريب ادير العيون
***
قـليلٌ بـكائي عـلى ابن عقيل وإن سـال دمـعي كـلَّ مسيل
سـأبكيك مـا عـشت في أدمع بـطرفٍ على الدمع غير بخيل
ــــــــــــــ
(1) ـ ديوان شعراء الحسين ص113.
(2) ـ تظلم الزهراء ص176. المنتخب للطريحي الدمعة الساكبة ج4 ص219/220.