القصيدة: للشيخ محمد بن الشيخ صادق الخليلي
ت: 1388هـ
إن كـنت تـحزن لادِّكار قتيل فـاحزن لذكرى مسلم بن عقيل
هو ليث غالب مسلمٌ من أسلمت مـهج العدى لفرنده المصقول
أمّ الـعـراق مـبلغا بـرسالة أكـرم بـمرسله وبـالمرسول
وأتـى إلـى كـوفان ينقذ أمةً طـلبت إغـاثتهم على تعجيل
فـاكتظَّ مسجدها بهم وعلت به أصـواتهم بـالحمد والـتهليل
لـكنهم مـا أصبحوا حتى غدا فـي مصرهم لا يهتدي لسبيل
وأتـوه مـنفردا بمنزل طوعةٍ وقـلوبهم تـغلي بـنار ذحول
فغدى يفرِّق جمعهم ويجندل ال أ بـطال فـي عزمٍ له مسلول
حـتى إذا كض الظما أحشاءه وغـدت دماه تسيل أيَّ مسيل
وافـوه غـدرا بالأمان وخدعةً مـنهم فلم يخضع خضوع ذليل
وأتـوا به قصر الإمارة مثخنا بـجـراحه ومـقيدا بـكبول
فـغدا يـقارعه الـزنيم عداوةً ويـغيضه سـباً بـأقبح قـيل
ودعـا ابـن حمرانٍ به ولسانه لـهـجٌ بـذكر الله والـتهليل
مـا بان رأسا كان يرفعه الإبا عـن جسم خير مزمَّل مقتول
فقضى شهيدا في مواطن غربة مـتضرجا بـنجيعه المطلول(1)
(نصاري)
وحـيد اولا سـكن بالگلب روعه غريب او حيف بات ابدار طوعه
عـليه من صكَّت العسكر اجموعه اهـي تـهلهل او سيفه ايهلهل الها
تـهلهله او جـذب بـيده المذهَّب او نـيران الگصـب بالدار تلهب
كـل حـيد اليشوفه الروح تذهب مـنه او مـهجته ابـسيفه ايسلها
مـثل طـحن الرحه ابسيفه طحنها او سـبه الكوفه او نواحيها رجنها
او ظـلت كل فرس تسحت رسنها او تـرض خـيالها ابحافر رجلها
يـبن عـم الـحسين الكل ينادون يـمسلم بـالبخت لـتخاف مأمون
بچه او ما تهل لجله ادموع العيون لچن يـبچي اعـله ابن سيد رسلها
والـمگدر گضه او شاعت اخباره رمـوه الگوم مـن گصر الإماره
او هاني انچتل عگبه او بگت داره مـظلمه او لا بـعد واحـد يصلها
مـصيبتهم مصيبه اتصدع الاجبال او من گبل المشيب تشيب الأطفال
شـفت مـيت يـجرونه بالاحبال يـصاحب لا تـظن صـاير مثلها
(أبوذية)
مـسلم مـن وگع والسيف طرفاه على احسين ابو اليمه ايدير طرفاه
ينظر يمنته او يسراه طرفاه او ينادي لا تجي يبن الزكيه
مسلم يرمى من أعلى القصر
قال المفيد (ره): فأتى ببغله فحمل عليها ـ مسلم بن عقيل ـ ثم أقبل ـ مسلم ـ على محمد بن الأشعث فقال يا عبد اله إني أراك والله ستعجز عن أماني فهل عنك حيز تستطيع أن تبعث رجلا من عندك على لساني أن يبلغ حسينا ما جرى فإني لا أراه إلا وقد خرج إليكم اليوم أو خارج غدا وأهل بيته ويقول له: إن ابن عقيل بعثني إليك وهو أسير في أدي القوم لا يرى أنه يمسي حتى يقتل وهو يقول لك ارجع فداك أبي وأمي بأهل بيتك.
فقال ابن الأشعث والله لافعلن ولاعلمن إني قد أمنتك وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر فاستأذن فأذن له فدخل على عبيد الله بن زياد فاخبره خبر ابن عقيل وضرب بكر إياه وما كان من أمانه له فقال له عبيد الله وما أنت والأمان كأنا أرسلناك لتؤمنه إنما أرسلناك لتأتينا به فسكت ابن الأشعث وانتهى بابن عقيل إلى باب القصر وقد اشتد به العطش وعلى باب القصر ناس جلوس ينتظرون الإذن فإذا بقلة باردة موضوعة على الباب فقال مسلم: اسقوني من هذا الماء. فقال مسلم الباهلي أتراها ما أبردها، لا واله لا تذوق منها قطرة أبدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم. فقال له (ع) لأمك الثكل ما أجافك وأفضَّك وأقسى قلبك، أنت يا ابن الباهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني. ثم جلس متساندا إلى الحائظ فبعث عمرو بن حريث غلاما له فجاء بقلة عليها منديل وقدح، فصب فيه ماء باردا ليشرب مسلم، فأخذ يشرب فامتلأ القدح دما فلم يقدر أن يشرب ففعل ذلك ثلاثا فلما أراد في الثالثة أن يشرب سقطت ثناياه في القدح فقال: الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم لشربت:
كـأنما نـفسك اختارت لها عطشا لما درت أن سيقضي السبطُ عطشانا
فـلم تُطق أن تسيغ الماء عن ظمأ مـن ضـربة ساقها بكرُ بنُ حمرانا
(نصاري)
صـعد لـلگصر والگوم وياه طلب ماي اليطفي جمرة احشاه
سگوه وبـالگدح سگطن ثناياه وما سلم على ابن زياد بالحين
بعد ذلك أمر ابن زياد بإدخاله، عليه فأدخل فلم يسلم عليه بالإمرة! فقال غلام لابن زياد لم لا تسلم على الأمير؟ قال: اسكت ويحك الله ما هو لي بأمير. فقال ابن زياد: لا عليك سلمت أم لم تسلم فإنك مقتول. فقال له مسلم: إن قتلتني فلقد قتل من هو شر منك وهو خير مني. فقال له ابن زياد قتلني الله إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الإسلام، فقال له مسلم: أما إنك أحق أن تحدث في الإسلام ما لم يكن، وإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة ولؤم الغلبة، وأنا أرجو الله أن يرزقني الشهادة على يدي شر بريته، فقال ابن زياد لعمري لتقتلن.
هذا والناس قد اجمعوا حول القصر فمنهم من يقول إن مسلم مقتول لا محالة، ومنهم من يقول بأنه يساق إلى الشام، ومنهم من يقول بأنه يحبس حتى يأتي الخبر من يزيد فبينما هم كذلك وإذا بمسلم قد صعدوا به إلى أعلى القصر وهو مثخن بالجراح قد نزف دمه والعطش قد أمض به وبكر بن حمران شاهر سيفه لكي يحتز رأسه فلما رأى ذلك مسلم طلب من بكر أن يصلي ركعتين فقال له: صل ما شئت. فصلى ركعتين، وقيل انه اتجه نحو المدينة صاح: السلام عليك با أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، فقدمه اللعين إلى القتل فضربه بالسيف على عنقه حتى قطعها ثم ألقى بجثته من أعلى القصر بلا رأس ثم أتبعها بالرأس الشريف(2). وا مسلماه، وا مظلوماه، وا سيداه.
(فائزي)
صعدوا ابمسلم والدمع يجري من العين تـوجه بوجهه للحجاز يخاطب احسين
يـحسين أنـا مقتول ردوا لا تجوني خـانت بـي الكوفة عگب ما بايعوني
ولـلفاجر ابـن زيـاد كـلهم سلموني مـفرود وانـتوا يا هلي عني بعيدين
يـا ليت هالدم الذي يجري على الگاع مسفوح بين ايديك يا مكسور الأضلاع
يا حيف منك محتضيت ابساعة اوداع بـيني او بـينك يا حبيي فرّگ البين
صاح الدعي ابن الزياد فيهم لا تمهلوه بالعجل من فوگ الگصر للأرض ذبوه
گطعوا كريمه والجسد بالسوگ سحبوه بـالحبل مـا بين الملا وافجعة الدين
***
فــواهٍ عـلـيك وأنــت قـتـيلٌ ومـجدك فـي الـدهر غـيرُ قـتيل
ــــــــــــــ
(1) ـ الشهيد مسلم بن عقيل (ع) ص218 عبد الرزاق المقرم.
(2) ـ تظلم الزهراء (ع) ص178. إرشاد المفيد.