1 ـ حدَّثني أبو عبدالرَّحمن محمّد بن أحمدَ بن الحسين العَسكريُّ بالعسكر ، عن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار ، عن أبيه عليٍّ بن مهزيار ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن محمّد بن مَروانَ ، عن أبي حمزة الثّماليِّ «قال : قال الصّادق عليه السلام : إذا أردت زيارة قبر العبّاس بن عليِّ عليهما السلام ـ وهو على شطِّ الفُرات بحَذاء الحائِر ـ فقف على باب السَّقيفة وقل :
«سَلامُ الله وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ ، وَأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ ، وَعِبادِهِ الصّالِحينَ وَجَميع الشُّهَداءِ وَالصِّدِّيقِينَ ، وَالزَّاكياتُ الطَّيِّباتُ فيما تَغْتَدي وَتَروحُ عَلَيْكَ يا ابْنَ أمِيرِ المؤْمِنينَ ، أشْهَدُ لَكَ بالتَّسْليمِ وَالتَّصدِيقِ وَالوَفاءِ وَالنَّصِيحَةِ لِخَلَفِ النَّبيِّ المرْسَل ، وَالسِّبْطِ المنْتَجبِ ، وَالدَّليلِ العالِمِ ، وَالْوَصِيِّ المُبَلِّغِ ، وَالمظْلُومِ المهْتَضَمِ ، فَجَزاكَ اللهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ أميرِ المؤمنين وَعَنِ الحَسَنِ والحُسين صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أفْضَلَ الجَزاءِ بِما صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ ، وَأعَنْتَ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ جَهِلَ
حَقَّكَ ، وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ حالَ بَيْنَكَ وَبَين ماءِ الْفُراتِ ، أَشْهَدُ أنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً ، وَأنَّ اللهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ ما وَعَدَكُمْ ، جِئتُكَ يا ابْنَ أمير المؤْمِنينَ وافِداً إلَيْكُمْ ، وَقَلْبي مُسَلّمٌ لَكُمْ ، وَأنا لَكُمْ تابِعٌ ، وَنُصْرَني لَكُمْ مُعدَّة حَتّى يحكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ ، إنّي بِكُم وَبإيابِكُمْ مِنَ المؤمِنينَ ، وَبِمَنْ خالَفَكُمْ وَقَتَلَكُم مِنَ الكافِرينَ ، قَتَلَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالأيْدِي وَالألْسنِ» .
ثمَّ ادخل وانكبّ على القبر وقل :
«السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الْعَبْدُ الصّالِحُ ، المُطِيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأمِيرِ المؤمِنينَ ، وَالحَسَنِ وَالحُسَين عَلَيهمُ السَّلامُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَرِضْوانُهُ ، وَعَلىُ رُوحِكَ وَبَدَنِكَ ، وَاُشْهِدُ اللهَ أنَّكَ مَضَيْتَ عَلىُ ما مَضىُ عَلَيهِ الْبَدْرِيُّونَ ، المُجاهِدُونَ في سَبِيل اللهِ ، المُناصِحُونَ لَهُ في جِهادِ أعدائِهِ ، المُبالِغُونَ في نُصْرَةِ أولِيائِهِ ، الذَّابُّونَ عَنْ أحِبّائِهِ ، فَجزاكَ اللهُ أفْضَلَ الجَزاءِ ، وَأكْثَر الجَزاءِ ، وَأوْفَرَ الجَزاءِ ، وَأوْفىُ جَزاءِ أحَدٍ مِمَّنْ وَفى بِبَيْعَتِه ، وَاسْتَجابَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، وَأطاعَ وُلاةَ أمْرِهِ ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بالَغْتَ في النَّصيحَةِ ، وَأعْطَيْتَ غايَةَ المَجْهُودِ ، فَبَعَثَكَ اللهُ في الشُّهَداءِ ، وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أرْواحِ الشُّهَداءِ(1) ، وَأعْطاكَ مِنْ جِنانِهِ افْسَحَها مَنْزِلاً ، وَأفْضَلَها غُرَفاً ، وَرَفَعَ ذِكْرَكَ في عِلِّيِّينَ ، وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيِّينَ ، والصِّديقِينَ وَالشُّهَدآءِ وَالصّالِحينَ ، وَحَسُنَ أولئِكَ رَفيقاً ، أشْهَدُ أنَّكَ لَمْ تَهنْ وَلَمْ تَنْكُلِ ، وَأنَّكَ مَضَيْتَ عَلى بَصيرةٍ مِنْ أمْرِكَ ، مُقْتَديّاً بِالصّالِحينَ وَمُتَّبِعاً لِلنَّبيِّينَ ، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ ، وَبَينَ رَسُولِهِ وَأوْلِيائِهِ في مَنازِلِ المُخْبِتينَ ، فَإنَّهُ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ»»(2) .
____________
1 ـ في البحار : «مع أرواح السّعداء».
2 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : ذكر الأصحاب في زيارته عليه السلام الصّلاة ، والخبر خال عنها ، ولذا بعض المعاصرين يمنع من الصّلاة لغير المعصوم لعدم التَّصريح في النُّصوص بالصَّلاة لهم عند زيارتهم ، لكن لو أتى الإنسان بها لا على قصد أنّها مأثورة على الخصوص بل للعمومات الّتي في إهداء الصّلاة والصّدقة والصّوم وسائر الاُفعال الخير للأنبياء والأئمّة والمؤمنين والمؤمنات ، وأنّها تدخل على المؤمنين في قبورهم وتنفعهم لم يكن به بأس وكان حسناً ، مع أنّ المفيد و غيره ـ رحمهم الله ـ ذكروها في كتبهم ، فلعلّهم وصل إليهم خبرٌ آخر لم يصلْ إلينا .
ثمّ اعلم أنّ ظاهر تلك الرّواية جواز الوقوف على قبره ـ رضي الله عنه ـ على أيِّ وجهٍ كان ، ولو كانت السّقيفة في الزّمن السّابق على نحو بناء زَماننا ، لكان ظاهر الخبر مواجهته عند الزّيارة ، لكن ظاهر كلام الأصحاب وعملهم أنّ في زيارة غير المعصوم لا ينبغي مواجهته ، بل ينبغي استقبال القبلة فيها والوقوف خلفه ، ولم أر تصريحاً في أكثر الزّيارات المنقولة بذلك .
نعم ورد في زيارة المؤمنين مطلقاً استحباب استقبال القبلة ، لكن لايبعد أن يقال كما أنّهم امتازوا عن سائر المؤمنين بهذه الزيارات المشتملة على المخاطبات ، فلعلّهم امتازوا عنهم باستقبالهم كما هو عادة المكالمات والمحاورات . لكن ورد في بعض الرّوايات المنقول الأمر باستقبال القبلة عند زيارة بعضهم كزيارة عليِّ بن الحسين عليه السلام فيما ورد عن النّاحية المقدّسة ، والتّخير فيما لم يرد فيه شيء على الخصوص أظهر ، والله يعلم ـ انتهى .