1 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ ، عن محمّد البَصريّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : سمعت أبي يقول لرجل من مواليه ـ وسأله عن الزّيارة ـ فقال له : مَن تزور ومَن تريد به؟ قال : الله تبارك وتعالى ، فقال : مَن صَلّى خَلفَه صلاةً واحدة(1) يريد بها الله(2) لقي الله يوم يلقاه وعليه من النّور ما يغشى له كلَّ شيءٍ يَراه ، والله يكرم زُوَّاره ويمنع النّار أن تنال منهم شيئاً ، وإنَّ الزَّائر له لا يتناهى له دون الحوض وأمير المؤمنين عليه السلام قائمٌ على الحوض يصافحه ويروّيه من الماء ، وما يسبقه أحدٌ إلى وروده الحوض حتّى يروى ، ثمَّ ينصرف إلى منزله من الجنّة ومعه ملك من قبل أمير المؤمنين عليه السلام قائم على الحوض يصافحه ويروّيه من الماء ، وما يسبقه أحدٌ إلى وروده الحوض حتّى يروي ، ثمَّ ينصرف إلى منزله من الجنّة ومعه ملك من قبل أمير المؤمنين يأمر الصّراط أن يذلَّ له ، ويأمر النّار أن لا تصيبه من لَفْحها(3) شيء حتّى يجوزها ، ومعه رسوله الّذي بعثه أمير المؤمنين عليه السلام»
2 ـ وبإسناده عن الأصمّ(4) قال : حدَّثنا هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام ـ في حديث طويل ـ «قال : أتاه رَجل فقال له : ياابن رسول الله هل يُزار والدُك؟ قال : فقال : نَعَم ويصلّى عنده ، وقال : يصلّى خلفَه ولا يتقدَّم عليه ، قال : فما لمن أتاه؟ قال : الجنّة إن كان يأتمُّ به ، قال : فما لمن تركه رَغبةً عنه؟ قال: الحَسرة يوم الحسرة ، قال : فما لمن أقام عنده؟ قال : كلُّ يوم بألف شهر ، قال: فما للمُنفق في خروجه إليه والمنُفق عندَه؟ قال : درهم بألف درهم؛ قال : فما لِمَن مات في سَفره إليه؟ قال: تُشيّعه الملائكة ، وتأتيه بالحنوط والكسوة مِن الجنّة ، وتصلّي عليه إذ كفّن وتكفّنه فوق أكفانه ، وتفرش له الرّيحان تحته ، وتدفع الأرض حتّى تصوّر من بين يديه(5) مسيرة ثلاثة أميال ، ومِن خَلفِه مثل ذلك ، وعند رَأسه مثل ذلك ، وعند رِجليه مثل ذلك ، ويفتح له باب من الجنّة إلى قبره ، ويدخل عليه رَوحها ورَيحانها حتّى تقوم السّاعة؛ قلتُ : فما لِمَن صلّى عنده؟ قال : مَن صلّى عنده رَكعتين لم يسألِ الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه إيّاه ، قلت : فما لِمَن اغتسل مِن ماءِ الفُرات ، ثمّ أتاه؟ قال : إذا اغتسل مِن ماءِ الفرات وهو يريده تساقَطَتْ عنه خطاياه كيوم ولَدَتْه اُمّه ، قال : قلت : فما لِمَن يجهز إليه ولم يخرج لعلّه تُصيبه؟ قال : يعطيه الله بكلِّ دِرْهم أنفقه مثل اُحُد مِن الحَسَنات ، ويخلف عليه أضعاف ما أنفقـ]ـه ، ويصرف عنه من البلاء ممّا قد نزل ليصيبها ، ويدفع عنه ، ويحفظ في ماله؛ قال : قلت : فما لَمَن قُتل عنده ، جار عليه سلطانٌ فقتَله؟ قال: أوّل قطرة مِن دَمِه يُغفَر له بها كلُّ خطيئة ، وتَغسلُ طِينتَه الّتي خُلق منها الملائكةُ حتّى تخلص كما خلصتِ الأنبياء المخلصين ، ويذهب عنها ما كان خالطها مِن أجناس طين أهل الكفر ، ويغسل قلبه ويشرح صدره ويملأ إيماناً فيلقى الله وهو مخلَص مِن كلِّ ما تخالطه الأبدان والقلوب ، ويكتب له شفاعة في أهل بيته وألف مِن إخوانه ، وتولّى الصّلاة عليه الملائكة مع جَبرئيل وملك الموت ، ويؤتى بكفنه وحنوطه مِن الجَنّة ، ويوسّع قبره عليه ويوضع له مصابيح في قبره ويفتح له بابٌ من الجَنَّة ، وتأتيه الملائكة بالطُّرَف مِن الجَنّة ، ويرفع بعد ثمانية عشر يوماً إلى حَظيرة القُدْس ، فلا يزال فيها مع أولياء الله حتّى تصيبه النّفخة الّتي لا تبقى شيئاً؛ فإذا كانت النّفخة الثانية وخرج من قبره كان أوَّل مَن يصافحه رَسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأمير المؤمنين والأوصياء عليهم السلام ويُبشّرونه ويقولون له : ألزمنا ، ويقيمونه على الحوض فيشرب منه ويسقي مَن أحبّ . قلت : فما لمن حُبس في إتيانه؟ قال : له بكلِّ يوم يحبس ويغتمّ فَرْحَةٌ إلى يوم القيامة ، فإن ضُرِب بعدَ الحَبْس في إتيانه كان له بكلِّ ضربةٍ حَوراء وبكلِّ وَجَع يدخل على بَدَنه ألفُ ألف حَسَنةٍ ، ويُمحا بها عنه ألفُ ألف سيئةٍ ، ويرفع له بها ألفُ ألف دَرَجةٍ ، ويكون مِن محدّثي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى يفرغ مِن الحساب ، فيصافحه حملة العرشِ ويقال له : سَلْ ما أحببتَ؛ ويؤتى ضاربه للحساب فلا يسأل عن شيء ولا يحتسب بشيء ويؤخذ بضَبْعَيه حتّى ينتهي به إلى ملك يَحبوه ويتحفه(6) بشربةٍ مِن الحميم ، وشربةٍ مِن الغِسلين ، ويوضع على مقال في النّار ، فيقال له : ذُقْ ما قَدَّمَتْ يداك فيما أتيتَ إلى هذا الَّذي ضربته ، وهو وَفدُ الله ووَفدُ رسوله ويأتي بالمضروب إلى باب جهنّم فيقال له: انظر إلى ضاربك وإلى ما قد لقي فهل شَفيت صَدرك ، وقَدِ اقتُصَّ لك منه؟ فيقول : الحمد لله الَّذي انتصر لي ولولد رَسوله منه» .
3 ـ وبهذا الإسناد عن الاُصَمّ ، عن عبدالله بن بُكَير ـ في حديث طويل ـ «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : يا ابن بُكير إنَّ الله اختار مِن بقاع الأرض سِتّةً : البيت الحرام ، والحَرَم ، ومقابر الأنبياء ، ومقابر الأوصياء ، ومقاتل الشُّهداء(7) ، والمساجد الَّتي يذكر فيها اسم الله ، ياابن بُكير هل تَدري ما لِمَن زارَ قبرَ أبي عبدالله الحسين عليه السلام إن جهله الجاهلون ، ما مِن صباح إلاّ وعلى قبره هاتفٌ من الملائكة يُنادي : يا طالب الخير(8) أقبل إلى خالِصة الله تَرحل بالكرامة وتأمن النَّدامة ، يسمعُ أهل المَشرِق وأهلُ المغرب إلاّ الثّقَلَين ، ولا يبقى في الأرض مَلكٌ مِن الحفظة إلاّ عطف عليه عند رُقاد(9) العبد حتّى يسبّح اللهَ عنده ، ويسألُ اللهَ الرّضا عنه ، ولا يبقى ملكٌ في الهوا يسمع الصّوت إلاّ أجاب بالتّقديس لله تعالى ، فتشتد أصوات الملائكة ، فيجيبهم أهل السّماء الدُّنيا ، فتشتدُّ أصوات الملائكة وأهل السَّماء الدُّنيا حتّى تبلغ أهل السّماء السّابعة فيَسْمَعُ أصواتَهم النَّبيّون(10) فيترحَّمون ويُصلّون على الحسين عليه السلام ويدعون لمن زارَه»(11) .
____________
1 ـ في بعض النّسخ : «صلاة واجبة» وفي البحار كما في المتن.
2 ـ أي التّقرّب إلى الله تعالى.
3 ـ أي حرّها واحتراقها .
4 ـ يعنى عبدالله بن عبدالرّحمن المسمعيّ.
5 ـ على بناء التّفعّل بحذف إحدى التّاءين أي تسقط وتنهدم .
6 ـ «يحبوه» من الحبوة بمعنى العطيّة ، وذلك على سبيل التّهكّم ، وفي بعض النّسخ : «فيحيّزه» .
7 ـ في بعض النّسخ : «ومقابر الشّهداء».
8 ـ في بعض النّسخ : «يا باغي الخير».
9 ـ رَقَدَ الرّجل رَقْداً ورُقاداً : نام.
10 ـ في بعض النّسخ : «فيُسمع الله أصواتهم النَّبيِّين».
11ـ في بعض النّسخ «لمن أتاه».