1 ـ حدّثني أبي ؛ وأخي ؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهم الله ـ جميعاً ، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليِّ بن الحكم ، عن صفوان الجمّال «قال : كنت وعامِرُ بنُ عبدالله بن جُذاعَةَ الاُزديّ عند أبي عبدالله عليه السلام فقال له عامر : إنّ النّاس يزعمون أنّ أمير المؤمنين عليه السلام دفن بالرُّحْبَة(1) فقال : لا ، قال : فأين دُفِنَ؟ قال : إنّه لمّا ماتَ حمله الحسن عليه السلام فأتى به ظَهرَ الكوفة قريباً من النَّجف يُسْرة عن الغَرِيّ ، يمنةً عن الحيرة ، فدفنه بين ذكوات بيض ، قال(2): فلمّا كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهّمت موضعاً منه ، ثُمَّ أتيته فأخبرته فقال : أصبتَ أصبتَ أصبتَ ـ ثلاث مرّات ـ رَحِمَكَ الله» .
2 ـ حدّثني محمّد بن الحسن(3) ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عُمَير ، عن الحسين [بن] الخلاّل(كذا) ، عن جدّه «قال : قلت للحسين بن عليٍّ ـ صلوات الله عليهما ـ : أين دفنتم أمير المؤمنين عليه السّلام؟ قال: خرجنا به ليلاً حتّى مررنا على مسجد الاُشعث ، حتى خرجنا إلى ظهر ناحية الغَريّ» .
3 ـ حدَّثني جماعة مشايخي ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عُمَير ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبدالله بن سِنان «قال : أتاني عُمَرْ بن يزيد فقال لي : اركب ، فركبتُ معه فمضينا حتّى نزلنا منزل حفص الكُناسيِّ فاستخرجه فركب معنا فمضينا حتّى أتينا الغَريّ فانتهينا إلى قبر فقال : انزلوا ؛ هذا القبر قبر أمير المؤمنين عليه السلام فقلنا له : مِن أين عَرَفت هذا؟ قال : أتيته مع أبي عبدالله عليه السلام حيث كان في الحيرة غير مرَّة وخبرني أنّه قبره» .
4 ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن يعقوب ؛ عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن يحيى بن زكريّا ، عن يزيد بن عُمَر بن طلْحَةَ «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام ـ وهو بالحَيرة ـ : أما تريد ما وعَدْتُكَ؟ قال : قلت : بلى ـ يعني الذّهاب إلى قبر أمير المؤمنين عليه السلام ـ ، قال : فركب ورَكب إسماعيل ابنه معه ورَكبت معهما حتّى إذا جاز الثّوِيَّة(4) وكان بين الحَيرة والنَّجف عند ذكوات بيض(5) نزل ونزل إسماعيل ونزلتُ معهم فصلّىس إسماعيل وصلّيتُ ، فقال لإسماعيل : قُمْ فسلّم على جَدّك الحسين بن علي عليهما السلام ، فقلت: جُعلت فداك أليس الحسين عليه السلام بكربلاء ، فقال : نَعَم؛ ولكن لمّا حُمل رأسه إلى الشّام سَرَقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين عليه السلام» .
5 ـ حدّثني أبي ؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً ، عن الحسن بن مِتّيل ، [و] عن سَهل بن زياد ، عن إبراهيمَ بنِ عقُبَةَ ، عن الحسن الخزّاز الوشّاء ، عن أبي الفَرَج ، عن أبان بن تَغلِب «قال : كنت مع أبي عبدالله عليه السلام فمرَّ بظهر الكوفة فنزل وصلّى ركعتين ثمَّ تقدَّم قليلاً فصلّى رَكعتين ، ثمَّ سار قليلاً فنزل فصلّى رَكعتين ، ثمَّ قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، قلت : جعلت فِداك فما الموضعين اللَّذين صلّيت فيهما؟ قال : موضع رأس الحسين عليه السلام ، وموضع منبر القائم عليه السلام» .
6 ـ حدِّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن عليِّ بن أسباط ـ رفعه ـ «قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : إنّك إذا أتيت الغَريَّ رأيت قبرين : قبراً كبيراً وقبراً صغيراً ، فأمّا الكبير فقبر أمير المؤمنين ، وأمّا الصّغير فرأس الحسين بن عليِّ عليهما السلام» .
7 ـ وحدَّثني محمّد بن عبدالله(6) ، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفيِّ ، عن موسى بن عِمرانَ النّخعيِّ ، عن الحسين بن يزيد قال : حدَّثنا صَفْوانُ بنُ مِهرانَ ، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام «قال : سار ـ وأنا معه ـ من القادسيّة حتّى أشرف على النّجف ، فقال : هو الجبل الَّذي اعتصم به ابن جَدِّي نوح عليه السلام ، فقال : «سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الماءِ(7)» فأوحى الله تبارَك وتعالى إليه : يا نجف أيعتصم بك منّي ؟! فغاب في الاُرض وتقطّع إلى قطر الشّام(8) ، ثمَّ قال : اعدل بنا؛ فعدلتُ فلم يزل سائراً حتّى اتى الغَريّ فوقف على القبر ، فساق السَّلامَ مِن آدم على نبيٍّ ونبيٍّ عليهم السلام ، وأن أسوق معه حتّى وصل السَّلام إلى النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثمَّ خَرَّ على القبر فسلّم عليه وعَلا نحيبَه(9) ، ثمّ قام فصلّى أربع رَكعات وصلّيت معه ، وقلت : ياابن رسول الله ما هذا القبر ، فقال : هذا قبر جدِّي عليِّ بن أبي طالب عليه السلام» .
8 ـ حدَّثني محمّد بن أحمد بن عليِّ بن يعقوب(10) ، عن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن فضّال ، عن أبيه(كذا) ، عن الحسن بن الجَهْم بن بُكَير «قال : ذكرت لاُبي الحسن عليه السلام يحيى بن موسى وتعرّضه لمن يأتي قبر أمير المؤمنين عليه السلام وأنّه كان ينزل موضعاً كان يقال به : الثّوية يتنزّه إليه ، ألا وقبر أمير المؤمنين عليه السلام فوق ذلك قليلاً ، وهو الموضع الَّذي روى صَفوانُ الجمّال أنَّ ابا عبدالله وصفه له ، قال له فيما ذكر : إذا انتهيت إلى الغَريّ ظهر الكوفة فاجعله خلف ظَهرك وتوجّه على نحو النَّجف ، وتيامن قليلاً ، فإذا انتهيت إلى الذَّكوات البيض والثّنيّة أمامه فذلك قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، وأنا أتيته كثيراً . ومِن أصحابنا مَن لا يرى ذلك ويقول: هو في المسجد ، وبعضهم يقول : هو في القَصر ، فأردّ عليهم أنّ اللهَ لَم يكن ليجعل قبر أمير المؤمنين عليه السلام في القَصر في مَنازل الظّالمين ، ولم يكن يُدْفَنُ في المسجد وهم يريدون سَتره ، فأيّنا أصوب(11)؟ قال : أنت أصوب منهم ، أخذتَ بقول جعفر بن محمّد عليهما السلام ، قال : ثمَّ قال لي : يا أبا محمّد ما أرى أحداً من أصحابنا يقول بقولِك ، ولا يذهب مَذهَبَك ، فقلت له : جعلت فِداك أما ذلك شيءٌ مِن الله؟ قال : أجل؛ إنّ الله يوفّق مَن يشاء ويؤمن عليه ، فقل ذلك بتوفيق الله وَاحْمَدُه عليه» . وحدّثني به محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه عليٍّ ، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال ، عن الحسن بن الجهم بن بُكَير قال : ذكرت لأبي الحسن عليه السلام ـ وذكر الحديث بطوله ـ .
9 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمدَ بن الحسين جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار ، عن أبيه عليّ بن مَهزيار قال : حدّثني عليُّ بن أحمدَ بن أشْيَم [عن رجل] عن يونسَ بن ظَبْيان «قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام بالحيرة أيّام مَقْدَمِه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مُقمرة ، قال : فنظر إلى السّماء فقال : يا يونس أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها ، أما إنّها أمانٌ لأهل السَّماء ونحن أمانٌ لأهل الاُرض ، ثمَّ قال : يا يونس فمرّ بإسراج البَغل والحِمار ، فلمّا أُسرجا قال : يا يونس أيّهما أحبُّ إليك ؛ البَغل أو الحِمار ؟ قال : فظننت أنَّ البغل أحبُّ إليه لقوَّته ، فقلت : الحِمار ، فقال : اُحبّ أن تؤثرني به ، قلت : قد فعلتُ ، فركب ورَكبت ، ولمّا خرجنا مِنَ الحِيرة قال : تقدَّم يا يونس ، قال : فأقبل يقول : تَيامَن تَياسَر ، فلمّا انتهينا إلى الذّكوات الحمر قال : هو المكان ، قلت : نَعَم فتيامن ثمَّ قصد إلى موضع فيه ماءٌ وعَينٌ فتوضّأ ثمَّ دنا من أكَمَة فصلّى عندها ، ثمَّ مالَ عليها وبكىُ ، ثمَّ مال إلى أكمَةٍ دونها ففعل مثل ذلك ، ثمَّ قال : يا يونس افعل مثلَ ما فعلتُ ، ففَعَلْتُ ذلك فلمّا تفرّغت قال لي : يا يونس تعرف هذا المكان؟ فقلت : لا ، فقال : الموضع الّذي صلّيت عنده أوّلاً هو قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، والأكَمَة الاُخرى رأس الحسين بن عليِّ بن أبي طالب عليهما السلام ، إنّ الملعون عبيدالله بن زياد ـ لعنه الله ـ لمّا بعث رأس الحسين عليه السلام إلى الشّام رُدّ إلى الكوفة ، فقال : أخرجوه عنها لا يُفتننّ به أهلها ، فصيّره الله عند أمير المؤمنين عليه السلام ، فالرَّأس مع الجسد(12) والجسد مع الرَّاس» .
10 ـ حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن جَرير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّي لمّا كنتُ بالحيرة عند أبي العبّاس كنتُ أتي قبر أمير المؤمنين عليه السلام ليلاً وهو بناحية النّجف إلى جانب الغَريّ النّعمان ، فاُصلّي عنده صلاة اللّيل وانصرف قبل الفجر» .
11 ـ وعنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحَجّال(13) ، عن صفوانَ بن مِهرانَ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : سألته عن موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : فوصف لي موضعه حيث دكادك الميل(14) قال : فأتيته فصلّيت عنده ثمَّ عُدْتُ إلى أبي عبدالله عليه السلام مِن قابل فأخبرته بذهابي وصَلاتي عنده ، فقال : أصبت ، فمكثتُ عشرين سنة اُصلّي عنده» .
12 ـ حدَّثني أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نصر «قال : سألت الرّضا عليه السلام فقلت : أين موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: الغَريّ ، فقلت له : جعلت فداك إنّ بعض الناس يقولون : دفن في الرُّحْبَة ، قال : لا ، ولكن بعض النّاس يقول : دفن بالمسجد» .
____________
1 ـ الرّحبة ـ بضمّ أوّله ، وسكون ثانيه ، وباء موحّدة ـ : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحُجّاج إذا أرادوا مكّة (معجم البلدان) .
2 ـ القائل هو صفوان بن مِهران الجمّال
3 ـ يعني ابن الوليد ، وهو من مشائخ ابن قولويه ـ رحمهما الله ـ .
4ـ موضع بقرب الكوفة .
5 ـ هي الحصيات الّتي يقال لها : درّ النّجف تشبيهاً لها بالحمرة المتوقّدة .
6 ـ الظّاهر هو الحميريّ .
7 ـ هود : 43.
8 ـ في بعض النسخ : «تقطّع إلى قبل الشّام» ، وفي المتن مثل ما في البحار . وفي اللغة : قُطر الشّام ونحوها : الاُقليم الواقعة فيه .
9 ـ النَّحيب : رفع الصّوت بالبكاء . (الصّحاح).
10 ـ هو أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار ، الّذي هو مذكور من مشايخ المؤلّف . كما يأتي في ص199 تحت رقم 10 .
11 ـ إلى هنا قول الحسن بن الجهم . والمسؤول مشترك بين الكاظم والرّضا عليهما السلام .
12 ـ أي بعد ما دفن الرّاس هنا ألحقه الله بالجسد ، وإنما يزار ويصلّى الله عليه وآله وسلّم ههنا لكونه محلاً للرّأس المقدّس . (البحار) .
13 ـ يعني عبدالله بن محمّد الكوفيّ ، ثقة ثبت ، وهو من أصحاب الرّضا عليه السلام .
14 ـ الدَّكْدَك ـ ويكسر ـ من الرّمل : ما تَكَبَّس واسْتَوى ، أو ما الْتَبد منه بالأرض ، أو هي أرض فيه غِلَظٌ ، والجمع دكادك ودكاديك. (القاموس) وقال في البحار : ولا يبعد أن يكون الميل تصحيف الرّمل وهذا يؤيّد كون «الذّكوات» في نسخة مصحّف «الدّكاوات» .